خصائص الفاطمیه جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

خصائص الفاطمیه - جلد 1

محمد باقر کجوری؛ مترجم: السید علی جمال اشرف

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ب «القراء»، و بعض الأتراك ب«مرثيه خوان»، و يعرفهم الفرس باسم «روضه خوان»، و هم الذين كانوا مجملون كتاب «روضة الشهداء» و يقرأون ما فيه على مسامع الجالسين و يبكونهم.

و هذا النوع من المنبريين معروفون بحسن الصوت، و لهم معرفة و إلمام بالترجيع والتحرير و علم الموسيقى، و هم اليوم أكثر من الواعظين و يحظون باهتمام أهل الإسلام والمحبين، و هم يتواجدون في المجالس الخاصة والعامة للرجال والنساء أسبوعيا و شهريا على مدار السنة، يقرأون الأشعار والمراثي، و يذكرون المصائب، و هم بركة كل بيت و محفل و زينة كل تجمع، والناس يسمون ذلك ب«التعزية»، فبهم يستفيض الناس من حديث «من أحيا»

[البحار 71/ 351 ح 18 باب 21 من قرب الإسناد قال: عن أبى عبدالله عليه السلام قال: قال لفضيل: تجلسون و تحدثون؟ قال: نعم جعلت فداك. قال: إن تلك المجالس أحبها، فأحيوا أمرنا. يا فضيل فرحم الله من أحيا أمرنا. يا فضيل من ذكرنا أو ذكرنا عنده فخرج من عينه مثل جناح الذباب، غفر الله له ذنوبه و لو كانت أكثر من زبد البحر.] و حديث «من أبكى»

[البحار 1/ 200 ح 6 باب 4 قال: قال الرضا عليه السلام: من تذكر مصابنا فبكى و أبكى لا تبك عينه يوم تبكي العيون، و من جلس مجلسا يحيى فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب.] و حديث «من ذكر مصائبنا»

[البحار 44/ 278 ح 1 باب 34 عن الرضا عليه السلام قال: من تذكر مصابنا وبكى لما ارتكب منا، كان معنا في درجتنا يوم القيامة و من ذكر بمصابنا فبكى و أبكى لا تبك عينه يوم تبكي العيون...] و حديث «من أنشد بيتا»

[البحار 44/ 289 ح 29 باب 34 من ابى عبدالله عليه السلام قال: من انشد فى الحسين بيتا من شعر فبكى و ابكى عشره، فله و لهم الجنه؛ و من انشد فى الحسين بيتا فبكى
و اظنه قال: او تباكى
فله الجنه.

و عملهم من أعمال الخير الممدوحة المثمرة، و به يصلحون أمورهم الدنيوية والأخروية كما هو الملاحظ من السيرة الحالية.

و لهؤلاء خطئان فاحشان، فاحش و أفحش:

أما الخطأ الأول: فهو التجاوز عن الحد المشروع و قراءة الحديث الموضوع، إذ لا يصح منهم الإعتماد على أي كتاب، بل عليهم بالكتب العربية للمرحوم المجلسي طاب ثراه إن استطاعوا، و إلا فبكتبه الفارسية؟ و ذلك لأن أكثر هؤلاء القراء لا علم لهم بالأخبار و لا يعرفون الحديث، فالأفضل الإكتفاء بأخبار مصائب الإمام الحسين عليه السلام التي لخصها المرحوم المجلسي و دراستها جيدا ليفهمها و يفهمها بحيث يجعل ذلك المرحوم دليله و مرشده، و عليهم اجتناب نقل الأقوال.

أما الخطأ الثاني: و ما هو أفحش، فهو تحرير و ترجيع الصوت والتغني والتطويح بالصوت في الحلق حتى يعجب المستمع بصوته، و هذا النوع من المراءة يقول عنه أهل الشرع انه معنى «قول الزور» و «لهو الحديث» و انه لحن مطرب، فبعض أهل الهوى واللهو يثيرون الناس و ينشطونهم بالأصوات المطربة و ألحان أهل الفسوق، و هؤلاء الذين يرتقون المنبر هذه الصورة يشابهون هذه الجماعة، والويل ثم الويل لهم، لأنهم بعيدون عن قواعد السداد والرشاد. و قد ذهب المرحوم الشيخ نور الله مرقده و طيب مرقده الى أن الغناء في المصيبة و قراءة القرآن أشد عقوبة

[قال الشيخ مرتضى الأنصاري (1214- 1281 ه) في كتاب المكاسب- المكاسب المحرمة- في بحث الغناء: «... و ظهر مما ذكرنا أنه لا فرق بين استعمال هذه الكيفية في كلام حق أو باطل فقراءة القرآن والدعاء والمراثى بصوت يرجع فيه على سبيل اللهو لا اشكال في حرمتها و لا في تضاعف عقابها لكونها معصية في مقام الطاعة واستخفافا بالمقروء والمدعو والمرثي...» كتاب المكاسب 1/ 101 (مؤسسة الأعلمي للمطبوعات- بيروت).]

فإن كان الأمر كذلك و كانت القراءة بهذا الشكل فسوف لن يترتب على هذا

العمل المستحب ثواب، بل ستكون قراءته منهيا عنها و عمله محرما، سيما إذا اتفق العرف والشرع، واعتبرنا للعرف أثرا مؤكدا للمراد.

قال الله تعالى: (و من الناس من يشري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم و يتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين).

[لقمان: 6.]

فالقارئ الغافل يصدر منه عملان محرمان ضمن عمله المستحب:

أحدهما: اللامبالاة في ذكر الحديث النبوي و عدم رعايته.

والآخر: إشاعة الفعل الحرام.

والقارئ من يذكر الله و يذكر الناس به، و يشاركه في هذه الصفة الوعاظ و إلا فكلا الفريقين في العذاب خالدان، و سيكون شفعاؤهم خصماءهم.

و في هذا الزمان يقصد المنبر للأجرة والسمعة و غيرها من النتائج التي أعلم أن ذكرها يورث الملل و يؤدي إلى الإنزعاج.

و أما أولئك الذين يقيمون مجالس العزاء فيتجشمون العناء و يبذلون المال و يدعون القراء، فليس لوعظهم و قراءتهم من أثر إلا زيادة المعاصي والملاهي، سيما عند اجتماع النسوان و اختلاطهن بالرجال.

و منذ سنوات والحقير يتحدث للناس عن هذا الأمر، غير أن الأفضل عقد اللسان و كسر البنان والله العالم بالسرائر.

تعريض عريض (حول كتاب «زند و پازند» و بطلانه)


تذكرت في هذا المقام ما ذكره المسعودي في مروج الذهب عن كتاب زند و پازند و معنى الزنديق، و ذكره لا يخلو من فائدة: «زرادشت بن اسبيمان و كان من أهل أذربيجان و هو نبي المجوس الذي أتاهم بالكتاب المعروف ب«الزمزمة»

[انظر البحار 10/ 179- 193.]] عند عوام الناس و اسمه عند المجوس بستاه، و أتى زرادشت عندهم بالمعجزات الباهراة للعقول، و أخبر عن الكائنات من المغيبات قبل حدوثها من الكليات والجزئيات، والكليات: هي الأشياء العامة، والجزئيات هي الأشياء الخاصة، مثل زيد يموت يوم كذا، و فلان يمرض في وقت كذا و أشباه ذلك، و معجم هذا الكتاب يدور على ستين حرفا من أحرف المعجم، و ليس في سائر اللغاط أكثر حروفا من هذا، و قد أتى زرادشت بكتابهم هذا بلغة يعجزون عن ايراد مثلها و لا يدركون كنه مرادها، وجعل له تفسيرا و تفسير التفسير، و كتب هذا الكتاب في اثني عشر ألف مجلد بالذهب، فلم تزل الملوك تعمل بما في هذا الكتاب إلى عهد الإسكندر و ما كان من قتله لدارا بن دارا، فأحرقما الإسكندر بعض هذا الكتاب.

ثم صار الملك بعد الطوائف إلى أردشير بن بابك، فجمع الفرس على قراءة سورة منه يقال لما «استا»

[فى المروج «اسناد».].. فالمجوس إلى هذا الوقت لا يقرأون غيرها. ثم عمل زرادشت تفسيرا عند عجزهم عن فهمه و سموا التفسير زندا، ثم عمل للتفسير

تفسيرا و سماه «پازند» ثم عمل علماؤهم بعد وفاة زرادشت تفسيرا لتفسير التفسير و شرحا لسائر ما ذ كرنا، و سموا هذا التفسير «بارده»، فالمجوس إلى هذا الوقت يعجزون عن حفظ كتابهم المنزه... لعجز الواحد منهم عن حفظه على الكمال، و قد كانوا يقولون: إن رجلا منهم بسجستان بعد الثلاثمائة مستظهر بحفظ هذا الكتاب على الكمال»

[مروج الذهب 1/ 252- 253.]

ثم «إن بهرام بن هرمز أتاه ماني فعرض عليه مذهب الثنوية، فأجابه احتيالا منه عليه، إلى أن أحضر رعيته المتفرقين في البلاد من أصحابه الذين يدعون الناس إلى مذاهب الثنوية فقتله و قتل الرؤساء من أصحابه، و في أيام مانى ظهر اسم الزندقة الذي أضيف إلى الزنادقة؟ و ذلك أن الفرس حين أتاهم زرادشت بكتابهم المعروف بالبستاه باللغة الأولى من الفارسية و عمل له تفسيرا و هو« الزند»، و عمل هذا التفسير شرحا سماه «الپازند» و كان «الزند» بيانا لتأويل المتقدم المنزل، و كان من أورد في شريعتهم شيئا بخلاف المنزل الذي هو «البستاه» و عدل إلى التأويل الذي هو «الزند» قالوا: هذا زندي، فأضافوه إلى التأويل و أنه منحرف عن الظواهر من المنزل إلى تأويل هو بخلاف التنزيل، فلما أن جاءت العرب أخذت هذا المعنى من الفرس و قالوا: «زنديق» و عربوه، والثنوية هم الزنادقة...»

[مروج الذهب 1/ 275.] فكل من خرج عن ظاهر الشرع كي زنديقا.

و قد قرأت في كتاب أن الزنديق سمي زنديقا لأن إيمانه كإيمان النساء

[زن بالفارسيه تعنى المراه.] و جمعه زنادقة.

والخلاصة: أن هذا الكتاب قد أضل الناس و أخرجهم من طريق الحق، حيث انشعب من الثنوية والزندقة مذاهب فاسدة كثيرة، و لا زال المجوس ينظرون إليه و يعتقدون أنه من زرادشت النبى.

و عجيب ما قال أبوالهول الشاعر في هجاء الفضل بن بجيى البرمكي:




  • إذا ذكر الشرك في مجلس
    و إن تليت عندهم سورة
    أتوا بالأحاديث من مزدك



  • أضاءت وجوه بني برمك
    أتوا بالأحاديث من مزدك
    أتوا بالأحاديث من مزدك



واعلم أن المجوسية أسوأ المذاهب و أردأها و أخسها، و قانونهم و شريعتهم أقبح شريعة، و لا كلام في فساد أصولهم و فروعهم و قبح فعالهم و خصالهم، و قد ذكرهم علماء الإمامية- تغليبا- في عداد أهل الكتاب، و إن كان الكلام في كتابهم هو كلام المسعودي عليه الرحمة و غيره.

و إن- الحقير- يرى أغلب الكتب والدواوين الخارجية المطبوعة التي يؤلفها الأغيار مختلطة و مزخرفة و مشبوهة لم تؤخذ من مصادر صحيحة، و أن قراءة كل واحد منها كقراءة كتاب «الزند» يؤدي إلى الخذلان والبعد عن الرحمن والإعتياد تدريجيا على المطالب الغريبة والأقاصيص العجيبة المنمقة والمزخرفات الفعلية والقياسات النظرية والتصورات البدعية، و هذا يؤدي إلى خروج الإنسان من جادة الصواب والطريقة المستقيمة، و يجعله يرغب في الإقتداء بالأمم السالفة و يميل إلى العمل بأعمالهم، و حينئذ يرى أهل الشريعة لزاما عليهم أن يسموا هذا الشخص زنديقا و يعدونه في الزنادقة والثنوية. و على كل فرد فرض و حتم أن يرجع في كل وقت حسب المقدور إلى الأخبار النبوية والسنة المصطفوية السنية، و إن هي إلا إيحاءات غيبية ربانية.

فلاحظة تلك الكتب والتأمل فيها، بل مطالعة كتب المنحرفين يعد حراما غير جائز و سما مهلكا لبعض السذج. و نعم ما قيل:




  • إليكم و إلا لا تشد الركائب
    و عنكم و إلا فالحديث مزخرف
    و فيكم و إلا فالمحدث كاذب



  • و منكم و إلا لا تنال الرغائب
    و فيكم و إلا فالمحدث كاذب
    و فيكم و إلا فالمحدث كاذب



و بذلك ولدت و بذلك أموت و بذلك أبعث إن شاءالله.

تشويق رشيق (الإحتياط في رواية الحديث و درايته)


كثرت في هذه الأيام الكتب والمؤلفات طبعا و نشرا، واختلطت مؤلفات أهل الخلاف كتب الشيعة، مما أدى إلى ضياع آداب الرواية والدراية التي كانت متعارفة في السابق، فبعض احترف نقل الأحاديث والأخبار، فنقلها بالمعنى مترجمة إلى الفارسية لعجزه عن حفظ العبارات و ألفاظ المتون، و لسهولة النقل بالمعنى. و هذا الأسلوب و إن كان جائزا مرخصا فيه، إلا أن فهم معاني الأخبار و إدراك الأفكار يختلف من شخص إلى شخص، إلا أن يعتمد القائل في هذا الزمان على تراجم الأحاديث والأخبار الواردة في كتب العلامة المجلسي عليه الرحمة و غيره من العلماء ذوي المناهج المستقيمة في فهم الحديث والأنس بطرقه و نصوصه، غير أنه توجد جماعة لا تقنع بحفظ الأحاديث المترجمة من قبل العلماء السابقين، فينقل أحدهم ما يحلو له على المنبر و غيره، و لا يراعي صحة الحديث و لا ينقله كما ينبغي متنا و ترجمة، و لا يدقق في المضمون فقد يزيد و قد ينقص، و لهذا دأب العلماء الأعلام على أخذ الإجازة من المشايخ في رواية الحديث، و لا زالت

الإستجازة إلى يومنا هذا من باب التشريف والتيمن، حيت يجيز الأستاذ تلميذه أو من هو بمستواه بعد أن يطلع على حسن حاله، و يطمئن لاستنباطاته و استدراكاته، و لا تكون الإجازة إلا بعد الإمتحان والإختبار، فيمنحه مثلا إجازة الرواية لكتب الشيخ الصدوق أو الشيخ الطوسي- طاب ثراهما- و كتب الشيخ نفسه، و يشترط عليه تحري الدقة والإحتياط و عدم الخروج عن دائرتهما. ولكن هذا العمل صار في زماننا متروكا مهجورا باعتبار انتفاء السالبة الكلية، فلا تجد عينا و لا أثرا لعلم الدراية والرجال والتجريح والتعديل والتوثيق والتضعيف، بل حلت الرسوم والتقاليد الجديدة محل الرسوم القديمة، وانحصرت المحفوظات في شي ء من الفضائل والمواعظ و شئ من مصائب الأئمة المعصومين عليهم السلام و ما ينسب إليهم دونما اعتناء بالزيادة والنقصان، و أما أخبار الأحكام المنقولة في كتب الفقهاء العظام، فغائبة عن الأوساط و موكولة إلى عهدة الفقيه، مع أن فهمها و روايتها لا يختلف كثيرا عن سائر الأخبار و هي صادرة من عين واحدة. نعم في موارد الإختلاف على الفقيه استنباط المعنى من بين الخبرين و إختيار أحدهما بملكته القاهرة وفق الأخبار العلاجية الواردة.

فالمحدث الجامع الكامل هو من يعرف الحديث و يروي ما صدر عن المعصوم، و يميز- ما استطاع- بين الصحيح والسقيم. أو هو من إذا راجع فهم و علم و أفهم و علم.

و على أي حالى، فمنذ بداية التأليف في الحديث و شروع الحفظ والتقييد بالكتابة والرواية والنقل و بث الأخبار و نشر الحديث كان هناك شرط كلي عام، و هو العلم بالصحة والإحتراز عن الزيادة والنقصان والتحريف والتصحيف.

والأحاديث المخرجة في الأصول و كتب أصحاب الأئمة و علماء السلف و ما خرجه المتأخرون من المحدثين من الأحاديث التي فقدت بأجمعها محصورة و معينة، و هناك جماعة كانت تعرفها بأسانيدها بالحفظ الصحيح والضبط الدقيق والنظر الصائب.

فمثلا: حفظ ابن عقدة- و كان آية في الحفظ- ثلاثمائة ألف حديث عن أهل البيت بأسانيدها، و لم يخلط بين سندين، و كان يروي كل حديث بسنده الخاص دون تداخل، و له كتاب أسماء الرجال ذكر فيه أربعة آلاف رجل سمع الإمام الصادق و روى عنه و ذكر رواياتهم، و هذا لا يكون إلا بالممارسة الدائمة والشوق المفرط، فلا ينبغي للمرء أن يقصر همه على حفظ عدة أحاديث معدودة، بل الأفضل أن يتبع الحسنة بالحسنة، و ينمي السنة بالسنة، حتى يحصل له تتبع و تبحر واستئناس كامل بأقوال الأئمة الأطهار عليهم السلام و ينال بذلك الأجر الجميل والثناء الجزيل.. و بهذا التدريب والممارسة يتمكن- ممدودا من الغيب- من اقتناص الفروع من الأصول، واستخراج المنقول من المعقول.

و كانت كتب ابن عقدة- المذكور- المتوفى سنة 333 ه في الكوفة- ستمائة حمل بعير، و كان زيديا و جاروديا و ماتي على ذلك، ولكن ابنه محمد بن أحمد بن عقدة كان من أجلاء الشيعة الإمامية؛ المهم إنه عمل بما وعى

[لم يعمل بما وعى ان كان قد مات و هو زيدى المذهب و كيف يعى ثلاثمائه الف حديث من احاديث اهل البيت علهيم السلام و لم يهتد الى الحق؟!!] و لم يقصر في بلوغ الغاية من موهبته- الحفظ-.

أجل؛ يطلق لفظ الماء على القطرة و على البحر على حد سواء، كما يطلق المحدث على من حفظ عشر أحاديث و على من حفظ أربعين على حد سواء، غير

أنهم قالوا: «خبر تدريه خير من ألف ترويه»

[منيه المريد 370 المطلب الاول فى الخاتمه، و الحديث عن مولانا الصادق عليه السلام.] و معنى الدراية تصحيح الحديث و تحسين السند والعمل بالمضمون، و هو أحد المعاني المقصودة من «حفظ أربعين حديثا» أي العمل بها، و بعبارة أخرى العمل بقول المعصوم عليه السلام و إلا فلا يسمى حفظا واقعيا. و قد أشرت إلى ذلك في كتاب «جنة النعيم» و ذكرت فيه شروط المحدث.

في معنى الحافظ و حفاظ السلف


و قد سمي جماعة من المحدثين في السابق ب«الحفاظ» لحفظهم ما يربو على المائة ألف حديث، و لا يطلق هذا اللقب على كل محدث مهما كان، و كان النخبة منهم يهجرون أوطانهم سنين طويلة و يجوبون الحواضر الإسلامية طلبا للحديث واستماعه من المشايخ، فينتفعون بالأخبار والنوادر و يجمعون الشارد والوارد.

و كان اسم «الحافظ» يطلق في صدر الإسلام على من حفظ القرآن كاملا، و قد ألف أحد العلماء كتابا سماه «جامع الحفاظ في قراء الألفاظ»، ثم أطلق اسم الحافظ على من حفظ مائة ألف حديث مثل:

الحافظ أبى الفتوح،

الحافظ محمد بن موسى،

الحافظ الزرندي،

الحافظ أبي القاسم،

الحافظ أبي نعيم،

الحافظ أبى بكر صاحب تاريخ بغداد،

الحافظ ابن عقدة،

الحافظ أبى بكر زكريا،

الحافظ الدارقطني،

الحافظ محمد بن طلحة الشافعي صاحب كتاب «مطالب السؤول»،

الحافظ ابن عبدالبر صاحب «الإستيعاب»،

الحافظ أبى بكر البيهقي.

والخلاصة: إن الأطياب لا يقصرون في هذه المعاملة الرابحة.

في آداب الرواية و وظيفة الراوي


سبق أن ذكرنا أن في الإسلام ركنين هما كتاب الله والسنة النبوية السنية والأحاديث المروية عن الأئمة الهداة، وكلها تعود إلى مصدر واحد و تنتهي إلى الله و رسوله صلى الله عليه و آله و سلم، و لنعم ما قيل:




  • إذا شئت أن تختر لنفسك مذهبا
    فدع عنك قول الشافعي و مالك
    و وال أناسا قولهم و حديثهم++
    روى جدنا عن جبرئيل عن الباري



  • و تعلم أن الناس في نقل أخبار
    و أحمد والمروي عن كعب الأحبار
    روى جدنا عن جبرئيل عن الباري
    روى جدنا عن جبرئيل عن الباري



[في البحار105/ 117 قال:




  • إذا شئت أن ترضى لنفسك مذهبا++
    فدع عنك قول الشافعي و مالك++
    و وال أناسا قولهم و حديثهم++
    روى جدنا عن جبرئيل عن البارى



  • ينجيك يوم البعث من الم النار
    و أحمد و النعمان أو كعب الاحبار
    روى جدنا عن جبرئيل عن البارى
    روى جدنا عن جبرئيل عن البارى



غير أن الخلط والتحريف والإضافة والحذف وقعت في طرق الأحاديث

والروايات من قبل الرواة، حتى صار تمييزها بالكلية أمرا غير مقدور لأحد في هذه الزمان، واستحال فهم بعض الأخبار و جمعها، سواء كانت في الأصول والعقائد أو في الفروع والقواعد إذا أردنا استيعاب ذلك بعد الإحاطة التامة بكل الأخبار المأثورة. و لا أقصد في ذلك عمل الفقيه و رأيه، و إنما أردت من هذا التوضيح والبيان الإشارة إلى حال المحدث و أفعاله و وظيفته الشخصية و تكليفه اللازم و غيرها من الآداب التي هجرت في هذا الزمان، بل كأنها لم تكن شيئا مذكورا، و إن كان المحدث في لسان الشرع هو العالم الفقيه، إذ يعد العارف بالحديث في الفقهاء.

فعلينا أن نبذل الوسع و لا نغفل عن مقتضيات الرواية و نؤكد الهمة، ليتنور هذا العصر بوجود أمثال هؤلاء الكاملين والراشدين، و لا تندرس آثار النثريعة المطهرة، و يهتدي أهل الإيمان إلى الصراط المستقيم والدين القويم بشيوع الأخبار الصحيحة و نشر الأحاديث المعتبرة عن الأئمة البررة عليهم السلام، و يعالجوا آلامهم الخفية في هذا المشفى العظيم، و يجلو القلوب المكدرة و يضيئوا الأفئدة المظلمة لكي ينالوا الدرجات العليا و يفوزوا بالحظ الأوفى.

و إن هذا الحقير، و إن كان جاهلا- عالما بجهله- إلا أنني أعرف زملائى و أقرانى المحدثين المعاصرين، حتى لكأننا درسنا معا في مدرسة واحدة و شربنا معا من مشرب واحد.

إن سوء الزمان و تقلب القلوب و اختلاط الأفكار الفاسدة والآراء الكاسدة والغزو الفكري الخارجي والترهات والشبهات الداخلية سامت بأجمعها في رفع الوضع القديم و نشر الأسلوب الجديد «والناس أشبه بزمانههم من آبائهم».

فياله من زمان فاسد و أهله مفسدون حيث ابتعدوا عن هذين المصدرين

الأصيلين والأساسين النبيلين- أي علم التفسير و علم الحديث- فهم بهما جاهلون، و عن فهمهما غافلون، و مع علمهم بأن التوغل والتعمق في هذين المسلكين الشريفين والمصدرين المنيفين نجاة من الهلكات في الدنيا والآخرة، إلا أنهم هجروا النهج المبين لميل نفوس جماعة من المنحرفين، فتباهوا و تفاخروا بحفظ اللغات الغريبة و ضبط القوانين المنطقية والفلسفية والإستنباطات الخيالية والنظرات الوهمية؛ و لقد أجاد القائل:




  • كاف كفر اى دل بحق المعرفه
    خوشترم آيد زفاى فلسفه



  • خوشترم آيد زفاى فلسفه
    خوشترم آيد زفاى فلسفه



[يقول: اقسم بحق المعرفه]

ان الكتب الإسلامية هي مجموعة القوانين العامة الإلهية والذخيرة التي تتضمن آداب و رسوم الأمم الأخرى المنسوخة، لذا فالكتاب والسنة فيهما كل علم و حكمة و تبيان لكل شي ء، و إن الذين سلكوا هذا الطريق و حازوا مراتب الكمال في هذين العلمين الواسعين العظيمين ألفوا الكتب في التحريض والترغيب في اكتساب هذين العلمين المباركين، و أخبرونا عن مصدر الوحي الإلهي و لسان النبي الصادق صلى الله عليه و آله و سلم ليعلم الجاهل و يتنبه الغافل و يفهم العاقل، ولكن- وللأسف- لم نجد في هذا الزمان- مع وجود الإمكانات و كثرة الكتب- مميزا قادرا و متكلما ماهرا يمد الناس المستعدين للتقبل، و يشد قلوبهم ويقيم لهم عمودي التوحيد، و يشيد هذين الركنين، و يروج علوم آل محمد صلى الله عليه و آله و سلم المأخوذة من الكتاب الكريم والقرآن العظيم والوحي السماوي والإلهامات الرحمانية.

قال الصادق عليه السلام: «أحاديثنا يعطف بعضهم

[في البحار: «تعطف بعضكم على بعض».]] على بعض، فإن أخذتم بها

/ 58