خصائص الفاطمیه جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

خصائص الفاطمیه - جلد 1

محمد باقر کجوری؛ مترجم: السید علی جمال اشرف

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

النبى صلى الله عليه و آله و سلم إلى مقام قاب قوسين أو أدنى

[الاسراء هو سير النبى صلى الله عليه و آله و سلم من المسجد الاقصى فى بيت المقدس فى جزء من الليل كما هو الظاهر من سوره الاسراء.

قال البوصيرى:

سريت من حرم ليلا الى حرم- كما سرى البدر فى داج من الظلم

و آيه الاسراء ليس فيها دلاله واضحه على المعراج ما يستدل به من آيات سوره النجم، و على الخبير البصير ان يتامل. (من المتن).]

فالمعراج السير من الأرض إلى السماء، والمعراج آلة العروج والصعود، والثابت في الأخبار أنه عرج عدة مرات، و كان أحدها عروجا في ليلة من الليالي إلى ما دون السماء السابعة، حيث دخل الجنات و أكل من فاكهتها لتنعقد منها النطفة المباركة، و كانت هذه المرة عروجا خاصا لإنجاز هذا العمل، و كان مقارنا طبوط الروح الأمين عليه السلام بالفوا كه من الجنة ليقدمها إلى النبى، فكان شرفا فوق شرف.

فنقول: إن الغرض- في هذه الدفعة الصراجية- دخول الجنة والتناول من فاكهتها من أجل إنعقاد النطفة الفاطمية، و لما كان هذا الأمر من الأمور المهمة و فيه غاية الآمال و تحقق المقصود في المآل، كلف النبى صلى الله عليه و آله و سلم مباشرة و بدون واسطة للقيام بهذه المهمة إكراما و إعظاما لفاطمة الزهراء عليهاالسلام، فعرج إلى السماء، و لا ينافيه نزول الطبق، حيث أن النبى صلى الله عليه و آله و سلم أظهر إشتياقا لفاكهة الجنة، فنزل جبرئيل بالعنب والرطب والتفاح. و لا تعارض في تعدد الفاكهة- أيضا- فنور فاطمة تجلى في الجنة و ظهر فى كل تلك الأنواع، و كل نوع كان ظرفا و قالبا و مظهرا و- مجلى لنورها، و قد جعل الله في كل ثمرة- كما مر بيانه- أثرا، بحيث تكون بمجموعها مكملات و متممات لتلك النطفة الزكية. و كان عليه صلى الله عليه و آله و سلم أن يأكل كل واحدة

حسب الأمور المقرر والحكمة الكاملة ليترتب أثرها.

و في المقام أخبار عديدة بمضامين مختلفة

[لم يرد فى انعقاد نطفه البرره الا «قطره الماء» و ما شاكلها، و لا اعرف تفصيلا آخر فى الروايات عن طريق تكون نطفهم عليهم السلام. (من المتن)] يشكل طرحها و يسهل جمعها بالنحو المذكور فيسقط التعارض.

في أن نطفتها لم تستقر إلا في صلب النبي و رحم خديجة


أما أنا فلي قول آخر يثبت خصيصة خاصة لفاطمة الطاهرة: بمعنى أن النور الأنور الفاطمة لما خلق فقد كان له تجليات عديدة في عالم الأنوار، و تجليات خاصة في عالم الجسمانيات، حيث تجلت مرة في ساق العرش، و مرة في السماوات بنحو خاص، و تجلت مرة في الجنة لآدم و حواء عليهماالسلام في صورة جارية حسناء، و مرة في حقة النور، و مرة حجبت في القنديل، و مرة في التفاح والرطب والعنب، و هكذا حتى عرج رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم واسترد الوديعة بلا واسطة، و تناول الفاكهة المعهودة.

و بناء على هذه الأخبار، لم يستقر النور المطهر لأم الأنوار في صلب آبائها الكرام و أرحام أمهاتها المكرمات، و لم يمسها صلب أو رحم إلا ما كان من صلب أبيها الطاهر و رحم أمها خديجة المطهر، و هذه خصيصة من شرائف خصائص تلك المخدرة.

و قد تبين بالبيان السابق أن فواكه الجنة كانت ظروفا لنور فاطمة، و أنها تنورت بطريقين: أحدهما بالأصالة و بالذات، حيث أنها منسوبة لدار الحيوان، والآخر بالعرض باعتبارها ظرفا لذلك النور، فأصبح الظرف والمظروف مادة

لتلك النطفة الطيبة، و قد تناولهما النبى صلى الله عليه و آله و سلم معا و توأما.

انظروا أيها الأحبة إلى هذا الشرف الرفيع والفضل العظيم! و كيف أن الرب العطوف من على حبيبته فاطمة وجعلها في حجاب الحياء، و حفظها في ستار العصمة!

فإن قيل: إن الأخبار ذكرت أن جبرئيل اقتطف التفاحة و ناولها النبى صلى الله عليه و آله و سلم في الجنة، أو أنه حملها معه إلى الأرض وضمها إلى صدره ثم قدمها للنبي صلى الله عليه و آله و سلم، و على كلا الخبرين فقد مس جبرئيل تلك التفاحة، فكيف قلت: إن نطفتها المباركة لم يمسها أحد أليس، هذا تعارض و تناقص؟!

قلت: أولا: إن مس الظرف غير مس المظروف.

و ثانيا: إن المراد من عدم المس، نفي مس البشر و أصلاب الآباء و أرحام الأمهات، لا مس الملائكة.

و ثالثا: لا يمكن أن ينعقد هذا العقد بدون توسط جبرئيل، و هو الواسطة في إفاضة الحياة كما تقدم.

و رابعا: إن إيصال جبرئيل، الملك الجليل المقرب من الساحة الأحدية، المتعلق بالكال والتمام بالعرى الربانية، المنسوب إلى سيد الأنام بصفة الخدمة والأخوة، المحسوب في عداد هذه الأسرة الطيبة، المفتخر بالكون منها، خارج عن هذا العنوان و لا يدخل ضمن هذا الكلام، بل يعد شرفا لهذه الأسرة حيث صار بيتهم مهبطا لجبرئيل و محلا لنزوله.

قالت فاطمة عليهاالسلام في مرثيتها:




  • و كان جبريل روح القدس يؤنسنا
    فغاب عنا و كل الخير محتجب



  • فغاب عنا و كل الخير محتجب
    فغاب عنا و كل الخير محتجب



[البحار 43/ 196 ح 27 باب 7 عن المناقب و فيه «زائرنا» بدل «يونسنا».


فكان لأهل بيت الرسالة كرامتان من نزول جبرئيل: أحدهما نزوله بالوحي، والثانى نزوله بدون وحي، و نزوله مطلقا و إن كان بدون وحي دليل على نزول البركات و إفاضة الفيوضات، و من مفاخر الآل أن بيوتهم كانت مختلف الملائكة.

و إنى أعتقد: أن جبرئيل انقطع عن النزول لتبليغ الوحي حيث انقطع الوحي بموت النبي صلى الله عليه و آله و سلم ولكنه كان ينزل خمس مرات في اليوم على فاطمة بعد أداء الفرائض، و يزورها و يحدثها بما يشبه الوحي، و يخبرها بما هو كائن و ما يكون، و يسليها، و منه تجمع مصحف فاطمة عليهاالسلام، و بعد وفاة فاطمة انقطع جبرئيل عن النزول إلى الأرض، و مراد الزهراء عليهاالسلام من انقطاع روح القدس و غيابه- في مرثيتها- انقطاع الوحي بعد وفاة النبى صلى الله عليه و آله و سلم، و لجبرئيل خصوصية من بين مفردات السلسلة الملكوتية في حفظ الأسرار والمحرمية المعنوية مع السيد اشتار، فله موقع خاص من النبي صلى الله عليه و آله و سلم من بين سكان السماوات، و كما كان لأميرالمؤمنين عليه السلام موقع خاص منه في الأرض؟ و لذا لم إستأذن جبرئيل في الدخول تحت الكساء- في حديث الكساء «مع وجود فاطمة، ثم أذن له فدخل ونال ذاك الشرف العظيم. و في رواية أنه باهى بهذا الإذن ملائكة السماء

[انظر البحار 43/ 48 ح 46 باب 3.]

و على ما هو المعلوم أن الجهة المانعة من دخول جبرئيل كانت وجود فاطمة عليهاالسلام بينهم، والإستئذان كان رعاية للأدب معها عليهاالسلام، فلما أذن له افتخر

و تباهى لأنه صار محرما و موضعا لأسرارهم عليهم السلام، و علم اتصاله و انتسابه المعنوي إلى آل العصمة، و كأن الإستئذان كان اختبارا ليعرف ما إذا كان له قابلية الحضور في هذا الجمع. ثم عاد من بعد الإذن إلى سدرة المنتهى مسرورا محبورا مختبطا بما لا يصفه بيان، و لا يسعه التصور في جنان، و في ذلك قال ابن أبي الحديد المعتزلي شعرا:




  • يزاحمهم جبريل تحت كسائهم
    لها قيل: كل الصيد في جانب الفرا



  • لها قيل: كل الصيد في جانب الفرا
    لها قيل: كل الصيد في جانب الفرا



[فى ديوان «القصائد السبع العلويات» المخطوط: يزاحمه جبريل تحت عباءه- لها قيل: كل الصيد فى جانب الفرا.]


و قد جعلت في شرحي لحديث الكساء، هذه القضية دليلا على عصمة فاطمة الزهراء عليهاالسلام، حيث أن جماعة معصومة كهذه لا يمكن أن يحفرها و يدخل فيها إلا من كان معصوما، أما غير المعصوم فلا يؤذن له بالدخول كما فعل بأم سلمة حينما سألت الدخول معهم، فأجابها النبى صلى الله عليه و آله و سلم: «إنك على خير»

[البحار25/ 214 ح 6 باب 7. عن أم سلمة قالت: نزلت هذه الآية في بيتي و في البيت سبعة: جبرئيل و ميكائيل و رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و علي و فاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم، و قالت: و كنت على الباب فقلت: يا رسول الله! ألست من أهل البيت؟ قال: إنك على خير، إنك من أزواج النبى، و ما قال إنك من أهل البيت.]]، فلم يؤذن لما بالدخول لعدم عصمتها، أو لوجود أميرالمؤمنين عليهم السلام معهم.

و هذه الدقائق واللطائف لم يذكرها أحد من أهل الحديث، ولو ذكروها لم يقيدوها بالكتابة و يحصروها في كتاب، و إني ذ كرتها على سبيل الإختصار اضطرارا و أشرت إليها إجمالا لأطوي صفحات هذا الدفتر الفاطمي بسرعة، خوفا من أن تحول إطالة الحديث دون إتمامه لحلول الأجل، فالحديث طويل والعمر غايته في القصر.

تأييد فيه تسديد


إعلم؟ أن من المفاخر المشهورة لفاطمة الطاهرة المنصورة أن العلماء الأعلام قالوا: إنها أول وليدة في الإسلام

[يقصد انها اول من ولد فى الاسلام من بنات النبى صلى الله عليه و آله و سلم.]

والمحقق أنها أصغر أخواتها و كانت أكبرهن زينب و كانت في حبائل أبوالعاص بن الربيع.

قال محمد بن إسحاق

[ولد بالمدينه حوالى عام 85 ه و نشا بها؛ و توفى عام 151 ه.]- من علماء العامة-: ولدت زينب من خديجة بعد ثلاثين سنة من ولادة الرسول صلى الله عليه و آله و سلم، و قيل: تزوجها أبوالعاص قبل البعثة و نزول الوحي، و كان أبوالعاص من تجار مكة المكرمة المرموقين، فإن كان كذلك يكون عمرها يوم دخلت بيت أبى العاص تسع سنين، و لا يبعد أن تكون فاطمة الزهراء، عليهاالسلام في نفس هذا السن يوم دخلت بيت أميرالمؤمنين عليه السلام.

و ولدت رقية بعد زينب بثلاث سنين، و تزوجها عتبة ابن أبي لهب، و كانت ذات جمال رائع، ثم تزوجها عثمان.

و ولدت أم كلثوم بعد رقية، و هي أكبر سنا من فاطمة عليهاالسلام، و توفين جميعا إلا فاطمة عليهاالسلام قبل وفاة النبى صلى الله عليه و آله و سلم بفترة و جيزة

[سياتى الحديث عن كل واحده من بنات النبى صلى الله عليه و آله و سلم ضمن الكلام على احوال اخوات الزهراء عليهاالسلام، ولى- انا الحقير- راى خاص فيهن اعتمدت فيه على المصادر المعتبره و ساذكره ان شاء الله بادلته فى هذا الكتاب ليطلعه عليه القراء. (من المتن)]

والحاصل: أن لا تلد في الإسلام إلا فاطمة عليهاالسلام و ذلك لأن أداء التكليف

الإلهي ابتدأ بمجي ء الإسلام و بعثة النبي صلى الله عليه و آله و سلم ثم إعتزل النبى صلى الله عليه و آله و سلم ثلاث سنين بعد البعثة و لا يصدع بالأمر و لا يكن من أهل الإيمان يومها إلا نفران، رجل و امرأة، هما أميرالمؤمنين و خديجة الطاهرة و ثالثهما فاطمة حيث أن خديجة ولدت فاطمة عليهاالسلام لخمس سنين بعد النبوة، أي في بدو ظهور الإسلام، أما باقي بناتها فقد دخلن الإسلام بعد الهجرة أو مقارنا لها، بينما ولدت المعصومة الكبرى و نزلت من رحم أمها مسلمة مؤمنة إلى حين وفاتها، و كم يشابه قبول إسلام فاطمة عليهاالسلام و هي صغيرة إسلام أميرالمؤمنين عليه السلام واستكماله الخصال المحمودة منذ نعومة أظفاره، و هذا خير دليل على التأييد السبحاني والتسديد الرباني لهما.

و عادة المرتاضين أنهم يرتاضون أربعين سنة أو أربعين يوما، ثم لابد أن مجنوا ثمرة رياضتهم بالوصول إلى مطلوبهم و تحقيق مقصودهم، والنبي صلى الله عليه و آله و سلم تعبد بالعبادات الخاصة و صبر فظفر باشرة، و أفاد خير فائدة، و هي الوجود المقدس لسيدة النسوان و روح العالمين، حيث كانت دائما و أبدا تشاهد و هي في كنف الحضرة النبوية الإشراقات والإلهامات والإفاضات والإيحاءات التي كان ينزل بها روح القدس جبرئيل الروح الأمين عليه السلام، فتستفيض منها في كل آن و زمان.

نعم، لقد ولدت فاطمة فتجلى نور جديد، وانجلت نورانية خاصة، و صار لدعوة سيد الأنام قوام جديد من بزوغ ذاك النور و طلوع ذاك الوجود القدس، و دبت حياة جديدة في الكيان الإسلامي، و قد قيل: إن البنت بركة و قدومها ينزل الرحمة، فكانت بشارة خير و تفأل حسن صدق الخبر اليقين، حيث أضحت سوق الإسلام تزدهر بعد ولادتها يوما فيوما، و صارت حصون الشرك والكفر تندك رويدا رويدا، و أخذت الأصنام و عبادها والملل و أصحابها والديانات القديمة و أتباعها تتزلزل، فذهلوا و تخبطوا و حاولوا و تشبثوا بكل صغير و كبير، والتجؤا

إلى سلاطين الأرض لعلهم يكسروا شوكة الإسلام ويحدوا صولته وينجوا من سطوته.

قال أميرالمؤمنين عليه السلام: يا معشر العرب! أنتم في شر دار و في شر دين، بين حجارة خشن و حيات مم تشربون الكدر و تأكلون الجشب، تسفكون دماءكم و تقطعون أرحامكم، والآثام بكم معصوبة والأصنام فيكم منصوبة

[البحار 18/ 226 ح 68 باب 1 عن نهج البلاغه 68 الخطبه 26 و فيه: «و انتم معشر العرب على شر دين و فى شر دار...».].. إلى آخر ما قال عليه السلام.

فيمكن أن يقال: إن من معاني فاطمة أن وجودها الجواد فطم و قطع الإسلام عن الكفر «فطمت عن الشرك و عن الشر

[انظر البحار 43/ 10 ح 1 باب 2.]، و عن الدنيا و شهواتها

[انظر البحار 43/ 13 ح 9 باب 2.]

و هذا وجه وجيه و بيان مليح، فالشجرة إذا قطع منها مائة غصن و بقي فيها غصن واحد اشتدت و قوت و قامت بذاك الغصن، و شجرة النبوة الطيبة لا غصن لها في بدء الإسلام إلا ذاك الغصن الرفيع والفرع المنيع؟ و لذا ظهرت منها جميع قوى النبي صلى الله عليه و آله و سلم متدرجة من القوة إلى الفعل، و أميرالمؤمنين صنو تلك الشجرة و شبيها و عديلها، و هما من أصل واحد، فهما شقيق و زميل.

و يصح أيضا أن نقول: إن النبي صلى الله عليه و آله و سلم غصن منيع من الأغصان الباقية لشجرة إبراهيم الخليل المباركة، و ثمرته الوجود الأقدس لفاطمة الزهراء عليهاالسلام.

أو نقول: إن نبي الرحمة صلى الله عليه و آله و سلم ثمرة شجرة عالم الإمكان، و فاطمة الزهراء عليهاالسلام جوهر تلك الثمرة و حقيقتها، و كمال الشجرة أوان ظهور ثمرتها و زمان نضوج حملها.

و بالبداهة و شهادة الوجدان: إن الثمرة الواحدة من الشجرة تعطي أشجارا و ثمارا تنسب جميعها إلى تلك الثمرة، و تلك الثمرة هي خلاصة الشجرة..

و لذا صح أن يقال لفاطمة عليهاالسلام: أم أبيها، و أم العلوم، و أم الفضائل، و أم الأزهار، و أم الكتاب، و أم القرى، و في هذا دليل على صحة ما أسلفنا من أقوال في الخصائص السابقة.

و على أي حال؛ فإن وجود فاطمة كان برهانا قاطعا على حقيقة نبوة النبى صلى الله عليه و آله و سلم، و لربما عرف الأب بالولد، و إن كان بنتا، فكما كان لفاطمة شرف النبوة من النبي صلى الله عليه و آله و سلم، كان للنبي صلى الله عليه و آله و سلم فخر الأبوة لفاطمة، و قد جعلها الله مساوية لأميرالمؤمنين في آية المباهلة.

والخلاصة: لا يمكن أن يعذلني أحد أو يلومني على كلماتي المكررة و فقراتي المقررة المسطرة، فأنا العبد الذليل العليل، أرى نفسي تالي الغالي في تحرير و تقرير فضائل تلك المخدرة و فواضلها، و إني أعتقد بما يدل على علو قدرها و سمو مقامها بما هو فوق ما يتصور و يدور في الخلد، إلا ما كان من مرتبة النبوة والولاية المرتبطتين والمتحدتين ببعضهما، ولكل منهما مقامه و مزيته، فلا أجد مرتبة أعلى و أجلى من مرتبة الريحانة المصطفوية و شمس الفلك المحمدية.

و أملي أنى استطعت أن أخرج ما في كوامني، و أبدي ما في خلدي، و أكتب في هذه الصحيفة الفاطمية ليبقى ذكري، أودعها في هذه الأوراق لعلي أزرع في قلوب محبى فاطمة و ذريتها الطاهرة بذور الود والمحبة، فأجد بذلك طريقا إلى دعائهم، فقد تشملني دعواتهم و توجب لي الغفران والبعد عن الخذلان والخسران.

اللهم أنت ولي نعمتي، والقادر على طلبتي، و تعلم حاجتي، فأسألك بك و بحق فاطمة عليك؛ لا بل بحقك عليها، أن تجعلني من محبى محبيها، و لا تفرق بيني و بينهم طرفة عين أبدا.

الخصيصة الخامسة من الخصائص الخمسة


والان؛ و قبل الورود في صلب الموضوع، نتناول بنحو الإختصار ما قرأناه و رأيناه في الصحف السماوية والكتب المنزلة السالفة من أوصاف فاطمة الزهراء عليهاالسلام؟ لتعمر به قلوب أهل الإيمان والوداد، فإني و إن لم أجدها مبوبة في باب، أو مجموعة في كتاب؛ إلا أني استقصيتها ما استطعت، و ذكرتها في هذه الخصيصة؟ ليعلم محبي أهل البيت عليهم السلام أن محبتها كانت منذ الأعصار السالفة والقرون القديمة في كل قلب، و ذكرها جار على كل لسان، و مزين به كل محفل، و أن الله سبحانه علم أنبياءه و رسله أوصافها و أخلاقها الكريمة فردا و جمعا، و جعلها تالية لمرتبة خاتم الأنبياء والمرسلين منذ يوم الميثاق، «يوم السبت» في عالم الأنوار والأرواح، قبل إيجاد العرش والكرسي واللوح والقلم والجنة والنار والسماء والأرض.

والأفضل أن نفتتح الكلام بالحديث المروي في تفسير العياشي عن عبدالرحمن عن الصادق عليه السلام قال: إن الله تبارك و تعالى عرض على آدم في الميثاق ذريته، فمر به النبي صلى الله عليه و آله و سلم و هو متكئ على علي عليه السلام و فاطمة صلوات الله عليها تتلوهما، والحسن والحسين يتلوان فاطمة، فقال الله: يا آدم! إياك أن تنظر إليهم بحسد أهبطك من جواري، فلما أسكنه الله الجنة مثل له النبى صلى الله عليه و آله و سلم و علي

/ 58