علی والتدوین المبکر للسنة النبویة الشریفة ویلیه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

علی والتدوین المبکر للسنة النبویة الشریفة ویلیه - نسخه متنی

مصطفی قصیر العاملی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

اسباب إخفاء الكتب


قد يتساءل البعض: لماذا لم يظهر أمير المؤمنين والأئمة من ولده "عليهم السلام" الكتب والصحائف التي دُوّنت فيها علوم رسول اللّه "صلى الله عليه وآله"؟ وأي فائدة تعود على الاسلام والمسلمين من خزنها واخفائها عن أعين الناس؟

ولعلّ بعض الأعداء قد اتخذ من هذه النقطة بالذات ذريعة لاثارة جوّ من الشكوك حول وجود مثل هذه الكتب، وحول اختصاص أهل البيت بشيء من العلم غير ما في أيدي الناس.

من أجل ذلك عقدنا هذا الفصل لنبحث في الأسباب التي منعتهم "عليهم السلام" من إظهارها ونشرها واضطرتهم للحرص على ابقائها طي الكتمان إلاّ عن بعض أصحابهم المقربين. ويتضح الأمر من خلال استعراض عدة نقاط:

النقطة الأولى:

ان العلوم التي ورثها أئمة أهل البيت "عليهم السلام" والتي تتضمنها تلك الكتب والصحائف متنوعة، والذي تردّد ذكره في مجمل النصوص المتقدمة التي نقلناها وغيرها مما لم ننقله للاختصار ما يلي:

1 ـ الحلال والحرام وما يحتاج إليه الناس من أحكام الشريعة الاسلامية كالفرائض والحدود وامثالها.

2 ـ علم التفسير والتأويل ومناسبات النزول وما يتعلق بالكتاب الكريم.

3 ـ علم الحوادث ما كان وما يكون إلى يوم القيامة.

4 ـ علم المنايا والرزايا والبلايا، وربما دخل هذا في سابقه.

5 ـ ديوان أسماء الملوك الذين يحكمون والدول، وربما كان هذا أيضاً ضمن الحوادث.

6 ـ ديوان أسماء الشيعة واسماء أعداء أهل البيت "عليهم السلام".

7 ـ الكتب المنزلة على الأنبياء السابقين كالتوراة والانجيل والزبور وغيرها من الألواح والصحف.

ومن الواضح أن هذه العلوم على قسمين:

الأول: ما لا بد من نشره وتبليغه إن أمكنهم ذلك.

الثاني: ما هو مختص بمنصب الامامة ولا يجب أن يعرفه كل الناس.

وواضح أن القسم الأول من قبيل أحكام الشريعة التي يحتاجها الناس ويقع الابتلاء بها، وبعض ما يتعلق بالقرآن الكريم من التفسير والتأويل. ولم يقع من أئمة أهل البيت "عليهم السلام" تقصير في إظهار هذا القسم من علومهم، طبعاً عندما كان يسمح لهم بذلك ويجدون الآذان الصاغية ومن يتقبّل منهم ويقبل عليهم، إلاّ أنهم "عليهم السلام" في الكثير من الأحيان وربما في أغلب الأحيان كانوا يعيشون حالة من الحصار والضغظ الشديد، الذي يحجب الناس عنهم ولم يسمح لهم بالتمادي في بيان أحكام الشريعة الاسلامية. ولم يكن يقبل منهم كل ما يبينون ولا يؤخذ بما يفتون.

ولا يجب أن يكون ذلك باظهار نفس الكتب وأعيانها فان ما بايدينا من النصوص والروايات التي نقلها أصحاب الأئمة وشيعة أهل البيت "عليهم السلام" ـ إن صحت ـ فهي من تلك الفيوضات وبعض ما في تلك الكتب.

وأما القسم الثاني فقد ظهر منه أشياء متفرقة حدّثوا بها بين الحين والآخر، لاظهار فضلهم ومنزلتهم وإقامة الحجة على الناس، وذلك من قبيل الاخبار بما يكون وبما في الكتب والصحف الأولى عند الاحتجاج على أهل الكتاب من اليهود والنصارى وأمثال ذلك.

النقطة الثانية:

أن العلوم على مستويات، مستوىً يناسب عامة الناس كأحكام المسائل التي يبتلون بها، ومستوىً آخر لا يناسب إلاّ العلماء كالعلوم والمعارف الدقيقة والقواعد الكلية التي يستنبط منها الفروع والمسائل، ومثل هذا المستوى لا يتحمله الا الخواص.

ونحن نجد أن سيرة العلماء في كل الأزمان أن يخاطبوا الناس على قدر عقولهم، ويوصي علماء الفلسفة بصون مسائلها عن عوام الناس لدقتها وامتناعها عن الأذهان والعقول التي لم تتعود العلوم الدقيقة، ومن ا لمعلوم أن طرح تلك المسائل على العوام يؤدي إلى ايقاعهم في الشبهات المستعصية وربما ساقتهم إلى الكفر والالحاد، ولا يكلف اللّه نفساً إلا وسعها.

ولا شك أن معارف الدين تتضمن من الأمور الدقيقة والأسرار الالهية ما يعجز عن ادراكها وتحملها اكثر الناس، ولا يكلف بالخوض فيها إلاّ أهلها، الذين رزقهم اللّه وعياً خاصاً وقلوباً يمكنها استيعابها.

ولا شك أن تلك الكتب والصحائف أغلبها لم تملى على عامة الناس، وانما أمليت على أخصهم، وأقربهم من رسول اللّه "صلى الله عليه وآله" ومن صنع على عين اللّه تعالى وربي في حجر رسوله "صلى الله عليه وآله"، فكان الوعاء القادر على تحمل ثقل الرسالة وأسرارها، فلا بد أن تكون تلك الكتب حاوية لمستويات من المعارف لا يمكن القاؤها على كل أحد، وكانت سيرتهم "عليهم السلام" على اعطاء كل شخص ما يناسبه من علومهم، ليس ضناً بها عن الآخرين وانما صوناً لها عن غير أهلها.

وهناك شواهد عديدة على ذلك:

1 ـ ما تقدم في قصة مطالبة محمد بن الحنفيّة بميراثه من علوم أبيه، فقد روي أن الحسن والحسين "عليهما السلام" دفعا إليه صحيفة لو أطلعاه على اكثر منها لهلك، فيها ذكر دولة بني العباس

[ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة 149/7.]

2 ـ قول أمير المؤمنين "عليه السلام" الذي يظهر منه التألم والتحسر لعدم توفر من يتحمل ما في صدره من العلوم ليلقيها إليه، يقول "عليه السلام":

'إن ههنا "ويشير إلى صدره" لعلماً جمّاً، لو أصبت له حَمَلَة'

[الشريف الرضي: نهج البلاغة/ قصار الحكم 147.]

3 ـ ما أشرنا إليه سابقاً مما روي عن الباقر "عليه السلام" أنه كان يقول:

'لو أجد ثلاثة رهط استودعهم العلم وهم أهل لذلك لحدّثت بما لا يُحتاج فيه إلى نظر في حلال ولا حرام، وما يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة..'

[الصفار: بصائر الدرجات/ 478.]

كل ذلك يدلّ على أن سبب احتفاظهم بذلك الميراث لانفسهم، هو عدم توفر المؤهلات الكافية لتحمل تمام ما فيه من دقيق المعارف.

ولعمري.. كيف لا يكون الأمر كذلك، والناس لم تتحمل منهم المقدار الذي ظهر، فصار سبباً لظلمهم ومحاصرتهم ورصدهم بالعيون وتعريضهم لشتّى البلاءات والمصائب.

النقطة الثالثة:

السيرة التي جرى عليها حكام وسلاطين الجور منذ منع الحديث عن رسول اللّه، وخاصة ما يرتبط بفضل أهل البيت "عليهم السلام" واظهار رفيع منزلتهم، هذه السيرة كانت ترتكز على قاعدة من العداء والحسد لهم "عليهم السلام"، والسعي الحثيث لاسقاطهم بين الناس، وكانت هذه الكتب وما تحويه من العلوم تشكل سنداً ووثيقة تثبت منزلتهم وعلوّ شأنهم، ولقد كان إظهار أمرها يشكل عنصر إثارة للحكام وداعياً لمصادرتها واتلافها أو اساءة الاستفادة منها، وبالتالي حرمان أهل البيت "عليهم السلام" وكافة المسلمين من هذا الكنز العظيم والأثر الباقي من رسول الله "صلى الله عليه وآله". الأمر الذي جعلهم "عليهم السلام" يحرصون كل الحرص على اخفائها وسترها وبالتالي ضمان سلامتها.

روي عن عنبسة بن مصعب عن أبي عبداللّه "عليه السلام" قال: لولا أن يقع عند غيركم كما وقع غيره لأعطيتكم كتاباً لا تحتاجون إلى أحد حتى يقوم القائم

[الصفار: بصائر الدرجات/ 478.]

وقد نقلنا فيما تقدم أنهم "عليهم السلام" كانوا يخفونها عند الخوف وتوقع المداهمة من قبل السلطات الحاكمة، وكانوا يودعونها عند أم سلمة أو فاطمة بنت الحسين ممّن لا تلتفت إليه أنظار الحكام وعيونهم.

وخلاصة القول أن اللّه سبحانه وتعالى لمّا اختار من أهل بيت نبيه "صلى الله عليه وآله" حججاً على خلقه وولاةً لأمره، أعطاهم ما يغنيهم عن البشر مما يحتاجون إلى معرفته، وأطلعهم على دقيق معارفه ولطيف حكمته، ولو ثنيت لهم الوسادة، وسلّموا زمام الأمور، وقيادة الأمة، لحكموا بما آتاهم اللّه سبحانه من العلوم والمعارف، ولكنهم "عليهم السلام" أُزيلوا عن مراتبهم التي رتّبهم اللّه فيها. ولم تعرف منزلتهم، فاضطروا لكتمان الكثير مما عندهم من العلم إذ لم يجدوا بدّاً من ذلك، لما قدّمناه وفصلناه.

وليس لأحد أن يستدلّ بجهله بالاشياء على عدمها، ولا أن ينكر ما يعجز عن ادراكه وفهمه.

الجفر حقيقته، وما قيل عنه


اقترن ذكر 'الجفر' بالحديث عن ودائع النبوة، وقد وقع لعدد من الباحثين خلط في بيان المقصود منه، فمنهم من اعتقد أنه نفس كتاب علي "عليه السلام" الذي تحدّثنا عنه فيما سبق، وقلنا أن فيه الحلال والحرام وأنه صحيفة طولها سبعون ذراعاً باملاء رسول اللّه "صلى الله عليه وآله" وخط علي "عليه السلام".

ومنهم من قال أنه كتاب يتضمن علم الحروف، وأنه كتب بشكل مرموز.

وزعم جماعة أن الجفر والجامعة عبارة عن العلم الاجمالي بلوح القضاء والقدر.

وادعى آخرون أن الجفر كتاب كتبه الامام جعفر الصادق "عليه السلام" لشيعته.

إلى ما هنالك من دعاوى وأوهام بعيدة كل البعد عن الواقع لم تصب وجه الصواب. وسنتعرض لجانب من هذه الأقوال التي تكشف عن الجهل والتخبّط وعدم الدقة، والاعتماد على خلفيّة معيّنة عند البحث بدلاً من التجرّد.

وفيما يلي نحاول القاء الضوء على 'الجفر' كما ورد في الآثار والنصوص الواردة عن الأئمة الأطهار "عليهم السلام".

/ 16