علی والتدوین المبکر للسنة النبویة الشریفة ویلیه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

علی والتدوین المبکر للسنة النبویة الشریفة ویلیه - نسخه متنی

مصطفی قصیر العاملی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الائمة لا يحدثون إلاّ عن رسول اللّه


عقيدتنا في أئمة أهل البيت "عليهم السلام" أنهم معصومون، وهذه العقيدة مستقاة من الكتاب الكريم والسنّة القطعيّة ـ كما هو مبحوث في بابه ـ، وقد أمر الرسول "صلى الله عليه وآله" باتباعهم والاقتداء بهم والتمسك بعروتهم والأخذ عنهم، وجعلهم عِدلاً للقرآن الكريم، فقرنهم به، كما يدل عليه حديث الثقلين المتواتر عن رسول اللّه "صلى الله عليه وآله" أنه قال:

'اني تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا، وانهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض'

[من أشهر من نص على صحة الحديث من أهل السنة: محمد بن جرير الطبري "نقله كنز العمال 380/1"، ومحمد بن اسحاق "حكاه لسان العرب 5384"، والحافظ ابو عبداللّه المحاملي "راجع كنز العمال 140/13"، والحافظ الذهبي "هامش المستدرك 148/3"، والحافظ ابو بكر الهيثمي "مجمع الزوائد 163/9"، والحافظ ابن كثير "البداية والنهاية 228/5"، والحافظ جلال الدين السيوطي "الجامع الصغير/ 64"، والعلامة المناوي: "فيض القدير 15/3"، والمحدث ابن حجر الهيثمي "الصواعق المحرقة/ 25 و87" وغيرهم.]

وهذا يعني أنّ ما يبينونه للناس من الأحكام والمعارف الدينية هي أحكام الشريعة الاسلامية التي جاء بها الرسول "صلى الله عليه وآله" ونزل بها الوحي المبين، سواء أسندوا ذلك إلى رسول اللّه "صلى الله عليه وآله" أم لم يسندوه، وسواء استدلوا عليه بآيات من الكتاب الكريم أم لا، وهذا الأمر هو الذي دعانا ـ نحن الشيعة ـ لتوسيع دائرة السنة لتشمل قول الأئمة المعصومين من أهل البيت "عليهم السلام" وأفعالهم وتقريراتهم فضلاً عن سنة رسول اللّه "صلى الله عليه وآله"، رغم أننا نعتقد أنهم "عليهم السلام" لم يأتوا بجديد في الشريعة الإسلامية، وانما هم الأمناء عليها، وما يصدر عنهم فهو بيان لشريعة جدهم "صلى الله عليه وآله". فهذه التوسعة للسنّة هي في الحقيقة توسعة للطرق الموصلة إلى سنة الرسول "صلى الله عليه وآله".

والجدير بالملاحظة والاهتمام أن أئمة أهل البيت "عليهم السلام" لم يتتلمذوا على أحد من الناس ولم يأخذوا العلم عن أحد منهم، بل أخذوا عن رسول اللّه "صلى الله عليه وآله" علومهم التي كانوا يتوارثونها إمام عن إمام.

ومن راجع سيرة الرسول "صلى الله عليه وآله" ومحل علي بن أبي طالب "عليه السلام" منه، قطع بما لا يقبل الشك أن هذا الرجل كان أشد الناس لصوقاً به، واكثرهم قرباً منه وأخصهم عنده. يقول أمير المؤمنين "عليه السلام" في ذلك:

'ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل أثر أمه يرفع لي في كل يوم من أخلاقه عَلَماً ويأمرني بالاقتداء به'

[الشريف الرضي: نهج البلاغة/ الخطبة 192.]

وأخرج ابن سعد عن علي أنه قيل له: مالك اكثر أصحاب رسول اللّه "صلى الله عليه وآله" حديثاً؟ قال: إني كنت إذا سألته أنبأني واذا سكتّ ابتدأني

[السيوطي: تاريخ الخلفاء/ 170.]

وروى أبو رافع أن علياً "عليه السلام" كانت له من رسول اللّه "صلى الله عليه وآله" ساعة من الليل بعد العتمة لم تكن لأحد غيره

[ابن شهراشوب: مناقب آل أبي طالب 257/2، والمجلسي: بحار الأنوار 303/38.]

وروي عن علي "عليه السلام" في هذا المعنى أنه قال: كان لي من رسول اللّه "صلى الله عليه وآله" مدخلان، مدخل بالليل ومدخل بالنهار، وكنت إذا دخلت عليه وهو يصلّي تنحنح لي

[ابن شهراشوب: مناقب آل أبي طالب 257/2، والمجلسي: بحار الأنوار 304/38، وأحمد بن حنبل في مسنده 80/1 وقريب منه 107/1.]، "تعبيراً عن الاذن".

وروي عنه ايضاً قوله: كانت لي من رسول اللّه "صلى الله عليه وآله" ساعة من السحر آتية فيها، فكنت إذا أتيت استأذنت، فان وجدته يصلي سبّح، فقلت: أدخل؟

[ابن شهراشوب: مناقب آل أبي طالب 257/2، والمجلسي: بحار الانوار 304/38، والموصلي في مسنده 445/1.]

وعن أنس بن مالك قال: ما رأيت أحداً بمنزلة علي بن أبي طالب "عليه السلام"، ان كان يبعث إليه في جوف الليل فيستخلي به حتى يصبح، هكذا عنده إلى أن فارق الدنيا

[ابن شهراشوب: مناقب آل أبي طالب 257/2، والمجلسي: بحار الأنوار 304/38.]

وانه لمن فضول القول أن نتعرض لمكانة علي "صلى الله عليه وآله" من رسول اللّه "صلى الله عليه وآله"، وما اختص به من المنزلة عنده، ولا شك أن هذه العلاقة لم تكن محض علاقة عاطفية، وهذا القرب لم يكن قرباً قلبياً فحسب، بل كان "صلى الله عليه وآله" يدنيه ليلقي إليه ما عنده من علوم ومعارف وأحكام وأخلاق، فقد وجد فيه ضالته، ولمس منه ما لم يلمس من غيره مما جعله يختاره ليكون وعاءاً لما جاء به الوحي ومستودعاً لما عنده من أسرار.

وهكذا كان أئمة أهل البيت "عليهم السلام" الذين ورثوا ما ورثه علي بن أبي طالب "عليه السلام" فكان كل واحد منهم عيبة علم رسول اللّه "صلى الله عليه وآله" وموضع سره، لم يكن بينهم وبينه واسطة إلاّ منهم. فهم ينهلون من معين الوحي الصافي، بالاضافة إلى ما آتاهم اللّه سبحانه وتعالى من صفاء الروح وطهارة النفس، مما جعلهم يحلّقون في عالم العرفان والملكوت والإلهام الذي به صاروا حجة اللّه على العالمين، وأئمة الهدى والعروة الوثقى.

ولقد كان الشيعة في أواخر القرن الثاني وأوائل القرن الثالث ابان اشتداد المحنة على أئمتهم عندما يشتبه على بعضهم أمر النص بسبب الكتمان والتقية يلجأون إلى تمييز الامام والتعرف عليه من خلال العلوم التي يحملونها، كما حصل بعد وفاة الامام الصادق "عليه السلام"، حيث اجتمع بعض الناس على عبداللّه بن جعفر وتوهموا أنه صاحب الأمر بعد أبيه، لكن سرعان ما اكتشفوا خواءه وجهله في كثير من الأمور، وذلك من خلال الأسئلة التي كانت توجه إليه والمسائل التي تطرح عليه.

وقصة هشام بن سالم مع مؤمن الطاق محمد بن النعمان خير شاهد على ذلك

[المفيد: الارشاد 221/2 ـ 223.]

ولقد كان صغيرهم فقيهاً عالماً ينحدر عنه السيل ولا يرقى إليه الطير، وكم مرّة حاول حكام بني العباس أن يعجزوهم فأعدوا المجالس لهم وحشدوا لها أبرز فقهائهم وقضاتهم، فخاب سعيهم وضاعت أحلامهم أمام خزّان علم النبوة وحملة أسرار الوحي الرسالي.

فهذا جواد أهل البيت محمد بن علي "عليه السلام" وهو ابن سبع سنين يناظر يحيى بن أكثم في مجلس المأمون فيحيّره ويعجزه حتى بان في وجهه الانقطاع والتلجلج والفشل

[المفيد: الارشاد 283/2.]

انهم أهل بيت زقّوا العلم زقّا، ولقد غاب عن كثير ممن جهلهم، ولم يتشرف بمعرفتهم، ولم يرزق ولايتهم، غاب عنهم أن هؤلاء ورثة الرسول "صلى الله عليه وآله"، وأنهم أهل بيت لا يتلقّون علومهم بالطرق التي يعرفها الناس، والتي اعتادوا عليها.

أردنا من كل هذا أن نبيّن أن أئمة أهل البيت "عليهم السلام" باعتبار عصمتهم وباعتبار علومهم ومعارفهم التي لا تنضب، قول كل واحد منهم بنفسه حجّة وسنّة، ولا يحتاج إلى اسناد يسلسله لنا عن رسول اللّه "صلى الله عليه وآله"، لكنهم مع ذلك صرحوا في اكثر من موقع وفي اكثر من حادثة، أنهم لا يفتون الناس بآرائهم، وانما هو علم يتوارثونه كابراً عن كابر.

ففي الرواية عن جابر عن أبي جعفر "عليه السلام" قال: قال: يا جابر إنا لو كنا نحدثكم برأينا وهوانا لكنّا من الهالكين، ولكنّا نحدّثكم بأحاديث نكنزها عن رسول اللّه "صلى الله عليه وآله" كما يكنز هؤلاء ذهبهم وورقهم

[المجلسي: بحار الأنوار 28/26.]

وأصرح من ذلك ما روي عن الامام الصادق "عليه السلام" أنه كان يقول: 'حديثي حديث أبي وحديث أبي حديث جدي وحديث جدي حديث الحسين وحديث الحسين حديث الحسن وحديث الحسن حديث علي ابن أبي طالب أمير المؤمنين، وحديث علي أمير المؤمنين حديث رسول اللّه "صلى الله عليه وآله" وحديث رسول الله قول اللّه عزوجل'

[الكليني: الكافي 53/1، والمجلسي: بحار الانوار 178/2.]

وقريب من ذلك ما رواه جابر قال: قلت لأبي جعفر "عليه السلام": إذا حدثتني بحديث فاسنده لي، فقال: 'حدثني أبي عن جدي عن رسول اللّه "صلى الله عليه وآله" عن جبرئيل عن اللّه عزوجل. وكل ما أحدثك بهذا الاسناد. وقال: يا جابر، لحديث واحد تأخذه عن صادق خير لك من الدنيا وما فيها'

[المفيد: الأمالي/ 42، والمجلسي: بحار الأنوار 148/2 وفيه: عن جده، بدل: عن جدي.]

هذا الاسناد هو الذي قال عنه أحمد بن حنبل حينما أسند الإمام الرضا "عليه السلام" حديثه به في نيسابور 'لو قرأت هذا الاسناد على مجنون لبرئ من جنته'

[جعفر مرتضى: الحياة السياسية للامام الرضا/ 145، ابن حجر: الصواعق المحرقة/ 122 ط الميمنية.] وذكر أنه قرأه بالفعل على مصروع فأفاق

[جعفر مرتضى: الحياة السياسية للامام الرضا/ هامش 145، عن: نزهة المجالس 22/1.]

ولا نجد غيرهم "عليهم السلام" يتجرأ أن يدّعي سعة العلم وشموليته، بينما أمير المؤمنين "عليه السلام" يقول على منبر الكوفة 'سلوني قبل أن تفقدوني، فلأنا بطرق السماء أعلم مني بطرق الأرض'

[الشريف الرضي: نهج البلاغة/ الخطبة 189.]

ويروى عن زرارة قال: كنت عند أبي جعفر "عليه السلام" فقال له رجل من أهل الكوفة يسأله عن قول أمير المؤمنين "عليه السلام": 'سلوني عما شئتم،فلا تسألوني عن شيء إلاّ أنبأتكم به' قال: إنه ليس أحد عنده علم شيء إلا خرج من عند أمير المؤمنين "عليه السلام"، فليذهب الناس حيث شاؤوا، فواللّه ليس الأمر إلا من ههنا، وأشار بيده إلى بيته

[الكليني: الكافي 399/1.]

وروي أن أبا جعفر "عليه السلام" قال لسلمة بن كهيل والحكم بن عتيبة: شرّقا وغرّبا فلا تجدان علماً صحيحاً إلاّ شيئاً خرج من عندنا أهل البيت

[الكليني: الكافي 399/1.]

وفي رواية أخرى عنه "عليه السلام": فليذهب الحكم يميناً وشمالاً، فواللّه لا يؤخذ العلم إلاّ من أهل بيت نزل عليهم جبرئيل "عليه السلام"

[الكليني: الكافي 400/1.]

لكنهم "عليهم السلام" عاشوا في أقوامهم غرباء، لم تعرف منزلتهم، ولم يرع حقهم، فعوضاً عن الاقبال عليهم والتماس ما عندهم والاهتداء بهم تراهم يسبّون على المنابر ويقصون عن مراتبهم التي رتّبهم اللّه فيها، ويسامون أنواع القتل والتنكيل والسجن والتعذيب، هكذا كان دأب حكام الجور معهم ومع أتباعهم وأشياعهم.

ومن أبرز الشواهد التي نقلها التاريخ والتي تدل على أن علومهم "عليهم السلام" لدنيّة غير مستقاة من أحد من الناس، ما حصل مع الامام الهادي علي ابن محمد "عليه السلام"، بعد وفاة أبيه الجواد وكان يومئذ صبياً لم يتجاوز سبع سنين من العمر، فأمر المتوكل العباسي أن يختار له معلماً من أهل المدينة معروفاً بالعلم والأدب، منحرفاً عن أهل البيت "عليهم السلام"، معادياً لهم، فأشاروا عليه برجل يعرف "بالجنيدي" كان ظاهر النصب والعداوة لهم "عليهم السلام"، مقدماً عند أهل المدينة في الأدب والفهم، فأوكل إليه أمر تأديبه وتعليمه، ومنع الرافضة من الدخول عليه.

فكان الجنيدي يلازم أبا الحسن الهادي "عليه السلام" في القصر نهاراً، ويغلق الباب ليلاً ويأخذ المفاتيح، ومكث مدة على ذلك، حتى سئل عنه فقال: واللّه تعالى لهو خير أهل الأرض، وأفضل من برأ اللّه وانه حافظ القرآن من أوله إلى آخره، يعلم تأويله وتنزيله، واني واللّه لأذكر له الحرف في الأدب وأظن أني بالغت فيه، ثم انه يملي عليّ فيه أبواباً أستفيده منه، فيظن الناس أني أعلمه وأنا واللّه أتعلم منه.

ثم قال: هذا صبي صغير، نشأ بالمدينة بين الجدران السود، فمن أين علم هذا العلم الكثير؟! يا سبحان اللّه ما أعجب هذا؟!

[القرشي: حياة الامام علي الهادي/ 24 ـ 25 نقله عن مآثر الكبراء في تاريخ سامراء 95/3 ـ 96. ومحمد كاظم القزويني: الامام الهادي من المهد إلى اللحد/ 377 ـ 378 نقله عن شرح قصيدة أبي فراس/ 35.]

نعم هكذا كان أهل البيت "عليهم السلام"، وهكذا عاشوا تحت ظل الارهاب والجور الذي طالما مارسه السلاطين ضدهم، محاولين عزلهم، وابعاد الناس عنهم، وتشويه صورهم، وتحت ظل ذلك الارهاب، واستجابة لرغبات سلاطين الجور أعرض الناس عنهم وولوا وجوههم شطر أهل القياس وعلماء البلاط، وطال الزمن واستمر هذا الحال لقرون متمادية حتى محيت من ذاكرة الأمة آثارهم، ومن مدونات أهل الحديث علومهم وأخبارهم.

وان تعجب فتعجّب ممن جاء بعد الإمام الصادق "عليه السلام" أو قارب عصره، ودوّنوا المجاميع الحديثية التي وصفوها بالصحاح والمسانيد، ولم يرووا له إلاّ النزر اليسير، وهو الذي أحصي الرواة عنه من الثقات فكانوا ما يقرب من أربعة آلاف

[انظر: أسد حيدر: الامام الصادق والمذاهب الأربعة 67/1 وما بعدها.]، بينما تجدهم يروون عن الخوارج والمرجئة وامثالهم.

الكتب والصحائف الأخرى


علمنا مما تقدم أنّ كتاب علي "عليه السلام" الكبير والمهم هو الذي كان يشكل مصدراً مهماً من مصادر السنة يحتوي كل حلال وحرام، وقد اطلق عليه في أخبارهم إسم الصحيفة والجامعة أو الصحيفة الجامعة، وتقدم الوجه في هذه التسمية، وقد أطبقت النصوص على أن طول هذه الصحيفة سبعون ذراعاً، وأن عرضها في عرض الأديم، وهذا يعني أنه ربما بلغ ذراعين. ووصفت بأنها مثل فخذ البعير الضخم "الفالج" وأنها بحجم فخذ الرجل مطوياً، وكل ذلك يدلّ على ضخامة حجم الكتاب.

وهناك كتب وصحائف أخرى ورد ذكرها في النصوص والآثار نتعرض لها، ونقارنها بما تقدم.

/ 16