علی فی القرآن جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

علی فی القرآن - جلد 1

سید صادق حسینی شیرازی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

سوره نساء


"وفيها تسع عشرة آية"

1- وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالأَرْحامَ / 1.

2- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً / 19.

3- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ / 29.

4- أَمْ يَحْسُدُونَ النّاس عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ / 54.

5- فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ / 54.

6- وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي / 57.

7- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ / 59.

8- فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ / 64.

9- وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً / 68.

10- وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ / 69-70.

11- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا / 71.

12- مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ / 80.

13- وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ / 83.

14- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا / 94.

15- وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى / 115.

16- وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي / 122.

17- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ / 135.

18- إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النّار / 145.

19- فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ / 173.

'وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَساءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحامَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً'.

النساء/ 1.

روى الحافظ الحاكم الحسكاني "الحنفي" قال: أخبرنا أبو محمد، الحسن بن علي الجوهري، "بإسناده المذكور" عن ابن عباس أنّه قال في قوله "تعالى":

'وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَساءلُونَ بِهِ وَالأَرْحامَ' نزلت في رسول الله، وأهل بيته، وذوي أرحامه، وذلك أنّ كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة، إلاّ ما كان من سببه ونسبه 'إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً' يعني حفيظاً

[شواهد التنزيل/ ج1/ ص135.]

"أقول" يعني: المقصود بكلمة "الأرحام" التي يُسأل النّاس عنها، هم رسول الله وأهل بيته، وذوو أرحامه "عليه وعليهم الصلاة والسلام"، وهذا ـ كما ذكرنا سابقاً تكراراً من التفسير وبيان المصداق الأكمل، والفرد الأتم وإلاّ فأرحام كل شخص مسؤول عنها يوم القيامة، لحرمة قطع الرحم، بل وجوب صلتها ـ كما قيل أيضاً ـ.

'يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً'.

النساء/ 19.

روى الحافظ الأصبهاني، أبو نعيم في حليته، عن ابن عباس، عن رسول الله "صلى الله عليه وسلّم" أنه قال:

ما أنزل الله آية فيها 'يا أيها الذين آمنوا' إلاّ وعليّ رأسها وأميرها"

[حلية الأولياء/ ج1/ ص64.]

"أقول" نزول هذه الآية ونظائرها، من آيات النواهي في المؤمنين، وكون علي هو المصداق الأتم للمؤمن، لا يعارض كونه "عليه السلام" معصوماً غير محتمل فيه ارتكاب المنهي لأمرين:

"الأول": أنه نظير آيات النواهي المتوجهة إلى شخص رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" فما يقال هناك يقال هنا أيضاً، مثل قوله تعالى: 'ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ' ونحو غيره أيضاً.

"الثاني": توجه النهي لا يلازم ـ لا عقلا، ولا شرعاً، ولا عرفاً ـ لاحتمال المخالفة، إذ أنّ النهي كالأمر لبيان الحكم عرفاً، وعقلاً، وشرعاً، فكما لا مانع من الأمر كذلك النهي، ولولا الأوامر والنواهي الواردة من الله تعالى لم تعرف أحكام الإسلام.

وذكر هذا الحديث ـ بهذا المعنى مع اختلاف في بعض التعبيرات ـ كثيرون من أعلام المذاهب في مختلف كتبهم.

"منهم" أخطب خطباء خوارزم، موفق بن أحمد "الحنفي" في مناقبه

[مناقب الخوارزمي/ ص189.]

"ومنهم" الحافظ الشبلنجي "الشافعي" في كفايته

[نور الأبصار/ ص70.]

"ومنهم" ابن الصبان المكي "الشافعي"، في إسعافه بهامش نور الأبصار

[اٍسعاف الراغبين/ ص149.]

"ومنهم" ابن مردويه في مناقبه

[الكتاب الصغير للسيد البحراني ص79 نقلاً عن ابن مردويه.]

وآخرون أيضاً.

'يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً'.

النساء/ 29.

روى الحافظ الحاكم الحسكاني "الحنفي" قال: أخبرونا عن القاضي أبي الحسن، محمد بن عثمان النصيبي "بإسناده المذكور" عن كامل، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله تعالى: 'ولا تقتلوا أنفسكم' قال:

لا تقتلوا أهل نبيِّكم، إنّ الله يقول: 'تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ'.

وكان "أبناءنا" الحسن والحسين.

وكان "نساءنا" فاطمة.

"وأنفسنا" النبي وعلي "عليهما السلام"

[شواهد التنزيل/ ج1/ ص143.]

وأخرج نحواً منه بسند آخر، ينتهي أيضاً إلى ابن عباس، الحافظ أبو الحسن بن المغازلي، في مناقبه

[المناقب لابن المغازلي/ ص318.]

"أقول" هذا أيضاً بيان للمصداق الأعظم، والفرد الأكمل لكلمة "أنفسكم". وحيث إنّ النبي وأهل بيته، أولى بالمؤمنين من أنفس المؤمنين، لذلك كان النهي المتوجه إلى قتل الأنفس ـ بحكم الأولوية ـ أقوى توجيهاً إلى أنفس النبي وأهل بيته، فكأنّه متوجه إليه وحده دون سواه.

'أَمْ يَحْسُدُونَ النّاس عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ'.

النساء/ 54.

روى العلاّمة السيّد هاشم البحراني "قده" عن ابن شهر آشوب، عن أبي الفتوح الرازي ـ بما ذكره عبد الله المرزباني ـ عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس ـ في قوله تعالى: 'أَمْ يَحْسُدُونَ النّاس عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ' ـ: نزلت في رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" وفي علي "عليه السلام".

قال أبو جعفر: الفضل فيه النبوة، وفي علي الإمامة

[غاية المرام/ ص325.]

وأخرج نحواً من ذلك علاّمة الشوافع، الحافظ أبو الحسن بن المغازلي في مناقبه

[المناقب لابن المغازلي/ ص267.]

ونقله عنه علماء الشافعية، ابن حجر الهيثمي في صواعقه

[الصواعق المحرقة/ ص150.]

وأبو بكر، شهاب الدين الحضرمي في الرشفة

[رشفة الصادي/ ص37.]

ونقله عنه أيضاً علاّمة الأحناف، الحافظ سليمان القندوزي في ينابيعه

[ينابيع الموّدة/ ص121.]

وآخرون... أيضاً.

'فَقَدْ آتَيْنا آلَ إبراهيم الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً'.

النساء/ 56.

روى الفقيه الشافعي "ابن حجر" في الصواعق ـ في باب الآيات النازلة في حق أهل البيت ـ بإسناده عن جعفر بن محمد، في قوله "تعالى" 'وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً' قال:

"جعل فيهم أئمّة من أطاعهم فقد أطاع الله، ومن عصاهم فقد عصى الله"

[الصواعق المحرقة/ ص93.]

"أقول" يعني: بالأئمّة، علياً وبنيه الأحد عشر، الذين ذكرهم رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" غير مرة، وذكر أسماءهم في حديث جابر بن عبد الله الأنصاري وغيره، وهم الذين جاء بشأنهم تفسير "أُولي الأمر" في القرآن الحكيم، وسيأتي ذكره بعد صفحتين.

"ويدلُّ" على إرادة هؤلاء الأئمّة "عليه السلام" ذيل الحديث "من أطاعهم فقد أطاع الله، ومن عصاهم فقد عصى الله" فإنَّ ذلك لا يصدق صدقاً تاماً كاملاً إلاّ في المعصوم، ولا معصوم سواهم، وإلاّ لتعارضت طاعة الله وطاعة غير المعصوم، حين يعصى الإمام غير المعصوم، ولتعارض عصيانهما، فلا تلازم بين الطاعتين، ولا بين المعصيتين.

'وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً'.

النساء/ 57.

روى العلاّمة البحراني "قده" عن ابن شهر آشوب ـ من طريق العامّة ـ بإسناده عن ابن عباس، وأبي برزة، وابن شراحيل:

قال النبي "صلى الله عليه وآله" لعلي مبتدياً:

'الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ' أنت وشيعتك، وميعادي وميعادكم الحوض

[غاية المرام.]

وأخرج الحافظ الحسكاني "الحنفي" بسنده المذكور عن ابن عباس قال: ما في القرآن آية 'الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ' إلاّ وعلي أميرها وشريفها

[شواهد التنزيل/ ج1/ ص21.]

'يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ'.

النساء/ 59.

أخرج العلاّمة البحراني عن ابن شهر آشوب ـ من طريق العامّة ـ عن تفسير "مجاهد":

إنّ هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين حين خلّفه رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" بالمدينة، فقال: يا رسول الله أتخلفني على النساء والصبيان؟

فقال "صلى الله عليه وآله وسلّم":

"يا علي أما ترضى أنْ تكون مني بمنزلة هارون من موسى حين قال "يعني: موسى بن عمران لأخيه هارون": 'أخلفني في قومي وأصلح'.

فقال الله: 'وأولي الأمر منكم'.

قال "يعني: مجاهد": "هو" علي بن أبي طالب، ولاّه الله أمر الأمّة بعد محمد، وحين خلّفه رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالمدينة، فأمر الله العباد بطاعته وترك خلافه"

[غاية المرام/ ص263-264.]

'فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً'.

النساء/ 64.

نقل الشيخ المحمودي عن علاّمة الشوافع ابن عساكر قال:

اخبرنا أبو البركات الأنماطي "بإسناده المذكور" عن جابر بن عبد الله "الأنصاري" عن رسول الله "صلى الله عليه وسلّم" قال ـ في حديث له ـ: "إنّ الله علّمني أسماء أمتي كلّها كما علّم آدم الأسماء كلّها، ومثل لي أمتي في الطين، فمرّ بي أصحاب الرايات، واستغفرتُ لعلي وشيعته"

[حاشية شواهد التنزيل/ ج1/ ص379 "نقلاً" عن تاريخ دمشق لابن عساكر/ ج20/ ص52.]

"أقول" قوله "صلى الله عليه وآله وسلّم": "مُثّل لي أمتي في الطين" لعلّ المراد به "وهم في الطين" يعني: أراني الله أُمتي كلّهم إلى يوم القيامة، وهم في الطينة التي يُخلَقون منها وقوله "صلى الله عليه وآله وسلّم": "أصحاب الرايات" إشارةً إلى عديد من الأحاديث الشريفة التي تقول بأنَّ كل رئيس ـ سواء أشرعياً كان أم شيطانياً ـ سيقدم يوم القيامة بيده راية خاصة واتباعه خلفها ليُعرفوا براياتهم، وإلى هذا يشير السيّد الحميري "رضوان الله عليه" في قصيدته العينية:

والنّاس يوم الحشر راياتهم++

خمـــــس فمنها هالك أربع

فرايـــــة العجل وفرعـــونها++

وسامري الأئـــــمة الأشنع

ورايــــة يقدمـــــها حبـــــتر++

عبد لئيم وكـــــــع لكـــــــع

ورايـــــة يقـــــدمها حـــيدر++

ووجهه كالشــمس إذ تطلع

[ديوان السيد الحميري/ حرف العين.]

وقوله "صلى الله عليه وآله وسلّم": "واستغفرت لعلي وشيعته" فيه عدّة تنبيهات:

1- يعني: حينما نظرت إلى الرايات ووقع بصري على راية علي وخلفها شيعته، استغفرت لصاحب هذه الرّاية "علي بن أبي طالب" "عليه السلام" واستغفرت لأتباع هذه الرّاية وهم شيعة علي.

وهذا ـ بظاهره ـ يدلُّ على أنَّ رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" لم يستغفر للذين أراهم الله تعالى له من أُمّته، إلاّ لعلي ولشيعة علي فقط.

2- لا مانع من استغفار النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" لعلي، وليس معنى ذلك أنّ علياً مذنب حتى يستغفر له الرسول "صلى الله عليهما وآلهما" فقد ورد عن النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" أنّه قال: "إنّي أستغفر كل يوم سبعين مرة من غير ذنب" فالاستغفار لا يلازم الذنب، وإنّما يكون للبعض مجرد رفع الدرجات.

3- يدل هذا على أنَّ شيعة علي مع الاستغفار مغفورٌ لهم لا محالة، لأنّ الله تعالى وعد في القرآن الحكيم بقوله 'لوجدوا الله تواباً رحيماً' بأنْ يتوب ويرحم من استغفر واستغَفر له الرسول "صلى الله عليه وآله وسلّم" ولا شك أنَّ الأهم استغفار الرسول "صلى الله عليه وآله" له، لا استغفار نفسه، لأنَّ الاستغفار طلب الغفران، ومن الممكن أنْ يرد طلب الغفران إذا كان الطالب شخصاً عادياً مذنباً، لكن من المحال ـ شرعاً ـ أنْ يرد لرسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" طلبته.

"فإذا" وعد الله المغفرة لمن استغفر له الرسول، والرسول قال استغفرت ـ سلفاً ـ لكل من شايع علياً "فالنتيجة" مغفرة الله له محتّمة.

"اللّهم" اكتبنا في شيعة علي، وأمِتنا على مشايعة علي، واحشُرنا شيعة لعلي بن أبي طالب "عليه السلام".

'وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً'.

النساء/ 68.

روى العلاّمة البحراني "قده" عن "الحمويني" الحنفي بإسناده المتصل "المذكور" إلى خيثمة الجعفي، عن أبي جعفر الباقر أنّه قال:

"نحن العلم المرفوع للخلق، من تمسّك بنا لحق، ومن تأخر عنّا غرق، ونحن قادة الغُرِّ المحجّلين.

ونحن خيرة الله.

ونحن الطريق الواضح، والصراط المستقيم"

[غاية المرام/ ص246.]

'وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً * ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ وَكَفى بِاللهِ عَلِيماً'.

النساء/ 69-70.

روى الحافظ الحاكم الحسكاني "الحنفي" قال: أخبرنا عقيل بن الحسين "بإسناده المذكور" عن عبد الله بن عباس في قوله تعالى:

'ومن يطع الله' يعني: في فرائضه.

'والرسول' في سننه.

'فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ' يعني: علي بن أبي طالب، وكان أول من صدّق برسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم".

"والشهداء" يعني: علي بن أبي طالب، وجعفر الطيار، وحمزة بن عبد المطلب، والحسن، والحسين، هؤلاء سادات الشهداء.

'والصالحين' يعني: سلمان، وأبو ذر، وصهيب، وخبّاب، وعمّار 'وحسن أولئك' أي الأئمّة الأحد عشر.

'رفيقاً' يعني في الجنّة.

'ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليماً' منزل علي وفاطمة والحسن والحسين ومنزل رسول الله، وهم في الجنّة واحد"

[شواهد التنزيل/ ج1/ ص153-154.]

"أقول" يعني: منازلهم في الجنّة في مقام واحد "ولا يخفى" أنّ إرجاع "أولئك" إلى الأئمّة الأحد عشر "عليهم السلام" من التأويل ولا مانع منه، وليس عزيزاً في القرآن الحكيم كما نبّهنا عليه غير مرة.

وأخرج علاّمة الهند، عبيد الله بسمل "امرتسري" في كتابه الكبير في مناقب أمير المؤمنين، عن ابن عباس قال: قال علي يا رسول الله هل نقدر على أنْ نزورك في الجنّة؟

قال "صلى الله عليه وآله وسلّم": يا علي إنّ لكل نبي رفيقاً، وهو أول من أسلم من أُمّته.

فنزلت هذه الآية:

'فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً'.

فدعا رسول الله "صلى الله عليه وسلّم" علياً فقال: إنّ الله تعالى قد أنزل بيان ما سألت: فجعلك رفيقي، لأنك أول من أسلمت، وأنت الصديق الأكبر"

[أرجح المطالب/ ص22.]

وأخرج أبو الخير، إسماعيل بن يوسف الطالقاني القزويني في كتاب "الأربعين المُنتقى" "بسنده المذكور" عن أبي ذر قال: سمعت النبي "صلى الله عليه وسلّم" يقول لعلي...

"... وأنت الصديق الأكبر، والفاروق الذي يفرق بين الحق والباطل..."

[كتاب الأربعين المنتقى مخطوط الحديث "28".]

'يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً'.

النساء/ 71.

روى الحافظ الحاكم الحسكاني "الحنفي" قال: أخبرنا أبو بكر الحارثي "بإسناده المذكور" عن العوّام، عن مجاهد قال:

"كلُّ شيء في القرآن 'يا أيها الذين آمنوا' فإنّ لعلي سبقه وفضله"

[شواهد التنزيل/ ج1/ ص54.]

"أقول" يعني: سبق الطاعة لله بالائتمار لأوامره، والترك لنواهيه، وفضل كونه أحسن المطيعين لله تعالى من جهة الطاعة المطلقة في جميع الحالات، ومختلف التقلّبات لعصمته، دون غيره من سائر المؤمنين، الذين قد يشذُّون عن الطاعة لعدم عصمتهم.

'مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً'.

النساء/ 80.

روى العلاّمة البحراني "قده" عن ابن شهر آشوب ـ من طريق العامّة ـ عن أبي طالب الهروي، بإسناده عن علقمة وأبي أيوب "قالا" إنّ النبي "صلى الله عليه وسلّم" قال لعمّار ـ في حديث ـ:

"يا عمار إنَّ علياً لا يَرُدّك عن هدى، ولا يرِدُكَ إلى ردى".

"يا عمار طاعة علي طاعتي، و طاعتي طاعة الله"

[غاية المرام/ ص403-404.]

وروى هو أيضاً عن مسند أحمد بن حنبل "إمام الحنابلة" "بإسناده المذكور" عن أبي ذر "رضي الله عنه" قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلّم" لعلي:

"إنّه من فارقني فقد فارق الله، ومن فارقك فارقني"

[غاية المرام/ ص542.]

"أقول" إذاً: المطيعُ لعلي بن أبي طالب مطيع لله، وهو بدوره مطيع لله تعالى، والمتولّي عن علي، والمفارق لعلي فهو المتولّي عن رسول الله والمفارق لرسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" "وبهذه" المناسبة لا مانع من ذكر هذه الآية في ما نزل في حق علي "عليه السلام" تبعاً للذين ذكروها في ذلك.

'وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ'.

النساء/ 83.

روى الحافظ القندوزي "الحنفي" في "ينابيع الموّدة" "بإسناده المذكور" عن معاوية، عن محمد الباقر "رضي الله عنه" أنّه قال ـ في حديث ـ:

"وقال عزّ وجلّ: 'وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ' فرد أمر النّاس إلى أولي الأمر منهم، الّذين أمر النّاس بطاعتهم، وبالردِّ إليهم

[ينابيع الموّدة/ ص512.]

وروى أيضاً عن الصادق "رضي الله عنه" في تفسير 'أولي الأمر' أنَّه قال ـ في حديث ـ:

"فكان علي، ثم صار من بعده حسن، ثم حسين، ثم من بعده علي بن الحسين، ثم من بعده محمد بن علي، وهكذا يكون الأمر، إنّ الأرض لا تصلح إلاّ بإمام".

وأخرج المسعودي في "مروجه" خطبة للإمام الحسن بن علي في أيام خلافته، بعد مقتل أبيه أمير المؤمنين وقال فيها:

"فأطيعونا فإنّ طاعتنا مفروضة، إذ كانت بطاعة الله والرسول وأولي الأمر مقرونة".

ثم قرأ قوله تعالى:

'وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ'

[مروج الذهب/ ج3/ ص9.]

'يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا'.

النساء/ 94.

أخرج الحافظ "الحنفي" أخطب خطباء خوارزم، موفّق بن أحمد الخوارزمي قال: أنبأني أبو العلاء الحافظ، الحسن بن أحمد العطار الهمداني إجازة "بسنده المذكور" عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس "رضي الله عنه" قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم".

"ما أنزل الله آية فيها 'يا أيها الذين آمنوا' إلاّ وعلي رأسها وأميرها"

[المناقب للخوارزمي/ ص188.]

"أقول" "أميرها" أي: أفضل من سائر المؤمنين، لأنّه إذا كانت الآية موجهة إلى المؤمنين، فإنّ علياً ـ وهو أفضل المؤمنين ـ يكون أميراً لهم فإنَّ الأمير أشرف القوم بحكم إمارته.

'وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً'.

النساء/ 115.

روى العلاّمة البحراني "قده" عن ابن مردويه في معنى هذه الآية قال: "من بعد ما تبين له الهدى في أمر علي"

[غاية المرام/ ص437.]

"أقول" يعني: بعدما ظهر له الأمر بخلافة علي بن أبي طالب في مثل يوم الدار، ويوم نزول الطير المشوي من السماء، وأكل النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" وعلي فقط منه، ويوم الغدير، وغيرها.

وقد أنكر عدد من الأصحاب على رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" إصراره على استخلاف علي، حتى لجأ النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" ـ وهو الصادق المصدّق، وهو الذي لا ينطق عن الهوى إنْ هو إلا وحيٌّ يُوحى ـ إلى اليمين على تصديق نفسه وصدق كلامه حيث قال "صلى الله عليه وآله وسلّم": "والله الذي لا إله إلاّ هو إنّه من عند الله" كما هو مشهود في كتب الحديث، والتفسير، والتاريخ.

'وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً وَعْدَ اللهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً'.

النساء/ 122.

روى العلاّمة البحراني "قده" عن إبراهيم الأصفهاني في "ما نزل من القرآن في علي" بالإسناد عن شريك بن عبد الله، عن أبي إسحاق، عن الحارث

[هو أبو زهير الحارث بن عبد الله الهمداني الكوفي، من أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السلام" وخاصته، لم يصحب النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" ولكن كان من كبار التابعين، له أحاديث كثيرة في التفسير، والفقه، والكلام وغيرها رواها عن عديد من الصحابة، وروى عنه جمع من التابعين وتابعيهم، نقل عدداً من الأحاديث في فضائل أهل البيت، وخاصة في فضائل أمير المؤمنين، علي بن أبي طالب "عليه السلام" مات عام "65" للهجرة ذكره وترجم له الكثير من أصحاب الرجال والسيرة، والتاريخ، نذكر جمعاً منهم ـ من العامّة ـ للملاحظة وهم: ـ

محمّد بن سعد كاتب الواقدي في "الطبقات الكبرى" ج6/ ص116.

ومحمّد بن إسماعيل البخاري صاحب الصحيح في "التاريخ الكبير" ج1/ ق2/ ص271.

وفي "التاريخ الصغير" ص78.

وفي "كتاب الضعفاء الصغير" ص8.

وأبو داود السجستاني في "الرسالة إلى أهل مكة" ص1.

ومحمّد بن أحمد الدولابي في "الكنى والأسماء" ج1/ ص183.

ومحمّد بن جرير الطبري في "الذيل المذيل" ص108.

وابن أبي حاتم الرازي في "الجرح والتعديل" ج1/ ق2/ ص78.

وعبد العظيم المنذري في "الترغيب والترهيب" ص698.

والعلاّمة الذهبي في "ميزان الاعتدال" ج1/ ص176.

وعبد الله بن أسعد اليافعي في "مرآة الجنان" ج1/ ص141.

وإسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي في تفسيره/ ج1/ ص459.

وعبد القادر القرشي في "الجواهر المضيئة" ج1/ ص30.

وابن حجر العسقلاني في "تهذيب التهذيب" ج2/ ص145.

وفي "تقريب التهذيب" ص74.

وأحمد بن عبد الله الخزرجي في "خلاصة تهذيب التهذيب" ص68.

وآخرون أيضاً.] قال علي ـ:

"نحن أهل بيت لا نُقاس بالنّاس".

فقام رجل فأتى ابن عباس فأخبره بذلك.

فقال: صدق علي، النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" لا يقاس بالنّاس، وقد نزل في علي 'الذين آمنوا وعملوا الصالحات'

[غاية المرام/ ص327.]

"أقول" هذا الحديث إشارةً إلى الأحاديث الكثيرة الواردة في أنَّ 'الذين آمنوا وعملوا الصالحات' هم علي وشيعته.

'يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ'.

النساء/ 135.

أخرج الحافظ أبو نعيم الأصبهاني "بسنده المذكور" في حليته عن ابن عباس، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلّم":

ما أنزل الله آية فيها 'يا أيها الذين آمنوا' إلاّ وعليّ رأسها وأميرها

[حلية الأولياء/ ج1/ ص64.]

'إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النّار'.

النساء/ 145.

هم مبغضُو علي "عليه السلام":

أخرج الحافظ "الشافعي" ابن عساكر في "تاريخ مدينة دمشق" قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم "بسنده المذكور" عن أحمد بن حنبل ـ في حديث ـ أنّه قال:

ولكن الحديث الذي ليس عليه لبس قوله النبي "صلى الله عليه وسلّم":

"يا علي لا يحبك إلاّ مؤمن، ولا يبغضك إلاّ منافق".

وقال الله عزّ وجلّ:

'إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النّار'

[تاريخ ابن عساكر، قسم ترجمة الإمام علي بن أبي طالب/ ج2/ ص253.]

وأخرج علاّمة واسط، الحافظ الشافعي أبو الحسن بن المغازلي في مناقبه، عن أبي إسحاق إبراهيم بن غسان البصري إجازة "بسنده المذكور" عن علي "كرّم الله وجهه" قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلّم":

"الويل لظالمي أهل بيتي، عذابهم مع المنافقين: في الدّرك الأسفل من النّار"

[المناقب لابن المغازلي/ ص66.]

'فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ'.

النساء/ 173.

أخرج عالم الأحناف الحافظ الحسكاني، قال: حدثني علي بن موسى بن إسحاق "بسنده المذكور" عن علي بن بذيمة، عن عكرمة، عن ابن عباس قال:

ما في القرآن آية 'الذين آمنوا وعملوا الصالحات' إلاّ وعلي أميرها وشريفها، وما من أصحاب محمد رجل إلاّ وقد عاتبه الله، وما ذكر علياً إلاّ بخير

[شواهد التنزيل/ ج1/ ص21.]

"أقول" قوله "وما من أصحاب محمد رجل إلاّ وقد عاتبه الله" هذا لا يعدو أنْ يكون عاماً، وقديماً قيل وقد اشتهر "ما من عام إلاّ وقد خص".

"ولا يخفى" أنّ هذه الآية باعتبار تكررها في القرآن الحكيم، يكون بعدد تكررها فضيلة علي متكررة، ولذا نكرّر ذكر هذا الحديث وأشباهه عند تكرر الآية.

سوره مائده


"وفيها اثنان وعشرون آية"

1- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ / 1.

2- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ / 2.

3- الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي / 3.

4- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا / 6.

5- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ للهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ / 8.

6- وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ / 9.

7- وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ / 10.

8- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ / 11.

9- وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ / 12.

10- وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ / 16.

11- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ / 35.

12- إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ / 44.

13- فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ / 52.

14- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ / 54.

15- إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ / 55.

16- وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا / 56.

17- قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللهِ / 60.

18- يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ / 67.

19- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ / 87.

20- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ / 95.

21- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ / 105.

22- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ / 106.

'يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ'.

المائدة/ 1.

أخرج العلاّمة "الشافعي" محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الدمشقي، المعروف بـ "الذهبي" بسنده عن علي بن بذيمة، عن عكرمة، عن ابن عباس قال:

"ما نزلت آية فيها 'يا أيها الذين آمنوا' إلاّ وعليٌّ رأسها وأميرها وشريفها، ولقد عاتب الله عزّ وجلّ أصحاب محمد "صلى الله عليه وآله" في غير آية من القرآن، وما ذكر علياً إلاّ بخير

[ميزان الاعتدال/ ج3/ ص311.]

'يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ'.

المائدة/ 2.

روى الحافظ القندوزي "الحنفي" في ينابيع الموّدة "بإسناده" عن علي بن أبي طالب أنّه قال ـ في خطبة له ـ:

"نحن الشعائر، والأصحاب، والخزنة، والأبواب"

[ينابيع الموّدة/ ص135.]

"أقول": كلمة الشعائر استعملت في القرآن تارةً مطلقة، وتارةً مقيدة بالبُدن التي تنحر في الحج، وليس معنى ذكر كلمة واحدة مرات عديدة أنّ المراد بمطلقها هو نفس معنى المقيّد ـ كما يذكر ذلك المحققون في علم الأصول ـ.

أضف إلى ذلك: إن مثل علي بن أبي طالب أعلم بمعاني القرآن من غيره، لنزول القرآن في بيته، "وأهل البيت أدرى بما فيه".

'... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً'.

المائدة/ 3.

أخرج العلاّمة "الحنفي" موفّق بن أحمد الخوارزمي في "مقتله" بسنده المذكور عن أبي سعيد الخدري قال: إنّ النبيّ "صلى الله عليه وسلّم" يوم دعا النّاس إلى علي في "غدير خم" أمر بما كانت تحت الشجرة من شوك فقمّ، وذلك يوم الخميس، ثم دعا النّاس إلى علي فأخذ بضبعه ثم رفعه حتى نظر النّاس إلى بياض إبطيهما، ثم لم يتفرقا حتى نزلت هذه الآية:

'الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً'.

فقال رسول الله "صلى الله عليه وسلّم":

"الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضا الرب برسالتي، والولاية لعلي، ثم قال: اللّهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، وأخذُل من خذله".

ثم قال الفقيه الخوارزمي:

وروى هذا الحديث من الصحابة: عمر، وعلي، والبراء بن عازب، وسعد بن أبي وقّاص، وطلحة بن عبيد الله، والحسين بن علي، وابن مسعود، وعمّار بن ياسر، وأبو ذر، وأبو أيوب، وابن عمر، وعمران بن حصين، وبريدة بن الحصيب، وأبو هريرة، وجابر بن عبد الله، وأبو رافع مولى رسول الله، واسمه أسلم، وحبشي بن جنادة، وزيد بن شراحيل، وجرير بن عبد الله، وأنس، وحذيفة بن أسيّد الغفاري، وزيد بن أرقم، وعبد الرحمن بن يعمر الدؤلي، وعمرو بن الحمق، وعمر بن شرحبيل، وناجية بن عمر، وجابر بن سمرة، ومالك بن الحويرث، وأبو ذؤيب الشاعر، وعبد الله بن ربيعة "رضي الله عنهم"

[مقتل الحسين "عليه السلام" للخوارزمي/ ج1/ ص47-48.]

وأخرج نحوه أيضاً في كتابه "مناقب علي بن أبي طالب"

[المناقب للخوارزمي/ ص80.]

'يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ'.

المائدة/ 6.

أخرج مُفتي العراقَينِ محمد بن يوسف بن محمد القرشي "الشافعي" في كتابه "كفاية الطالب" عن محمد بن عبد الواحد بن المتوكل، بإسناده المذكور عن ابن عباس قال:

"ما نزلت آية فيها 'يا أيها الذين آمنوا' إلاّ وعليٌّ رأسها، وأميرها وشريفها، ولقد عاتب الله عزّ وجلّ أصحاب محمد في غير آية من القرآن وما ذكر علياً إلاّ بخير"

[كفاية الطالب/ 140.]

'يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ للهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ'.

المائدة/ 8.

روى علاّمة الحنفية، محمد بن يوسف الزرندي في نظم درر السمطين، عن مجاهد "رضي الله عنه" قال:

"ما كان في القرآن 'يا أيها الذين آمنوا' فإنّ لعلي "رضي الله عنه" سابقة ذلك، لأنّه سبقهم إلى الإسلام"

[نظم درر السمطين/ ص89.]

'وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ'.

المائدة/ 9

روى علاّمة الحنفية أخطب الخطباء، موفّق بن أحمد في كتابه "المناقب" بإسناده المذكور عن يزيد بن شراحيل الأنصاري كاتب علي، قال: سمعت علياً "كرّم الله وجهه" يقول:

حدثني رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" وأنا مسنده إلى صدري فقال "صلى الله عليه وآله وسلّم":

أيْ علي ألم تسمع قول الله "تعالى" 'الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ' "هم" أنت وشيعتك، وموعدي وموعدكم الحوض، إذا جثت "جاءت ح ل" الأُمم للحساب تُدعون غراء محجّلين"

[المناقب للخوارزمي/ ص187.]

'وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ'.

المائدة/ 10.

آياتنا: علي بن أبي طالب

أخرج الحافظ "الشافعي" أبو الحسن بن المغازلي في مناقبه، عن الحسن بن أحمد بن موسى "بإسناده المذكور" عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" ـ في حديث ـ:

'وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ'.

يعني: بالولاية بحقّ علي، وحق علي الواجب على العالمين

[المناقب لابن المغازلي/ ص322-323.]

'يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ'.

المائدة/ 11.

روى الحافظ الحاكم الحسكاني "الحنفي" قال: أخبرنا أبو محمد، الحسن بن علي الجوهري "بإسناده المذكور" عن أبي صالح عن ابن عباس قال:

في قوله "تعالى": 'إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ' ـ:

نزلت في رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" وعلي وزيد حين أتاهم يستفتيهم في القبلتين

[شواهد التنزيل/ ج1/ ص135.]

"أقول" يعني: الضمائر الخطابية هي المُراد بها رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" وعلي "عليه السلام" وزيد، وهي "اذكروا" "عليكم" "إليكم" "وعنكم".

'وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً'.

المائدة/ 12.

روى أبو الحسن الفقيه، محمد بن علي بن شاذان ـ من طرق العامّة ـ بحذف الإسناد عن ابن عباس قال:

سمعت رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" يقول ـ في حديث طويل ـ حين قام جابر بن عبد الله الأنصاري فقال: يا رسول الله ماعدّة الأئمة؟

قال "صلى الله عليه وآله وسلّم": "يا جابر سألتني ـ رحمك الله ـ عن الإسلام بأجمعه "إلى أنْ قال "صلى الله عليه وآله وسلّم":

عدّتهم عدّة نقباء بني إسرائيل قال الله تعالى: 'وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً' فالأئمّة يا جابر اثنا عشر إماماً، أولهّم علي بن أبي طالب، وآخرهم القائم"

[المناقب المائة/ المنقبة الحادية والأربعون/ ص28-29.]

'وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ'.

المائدة/ 16.

روى الحافظ الحاكم الحسكاني "الحنفي" قال: أخبرنا أبو جعفر "بإسناده المذكور" عن اليمان مولى مصعب بن الزبير قال ـ في حديث ـ:

"علي بن أبي طالب يحملهم "أي النّاس" على الطريق المستقيم"

[شواهد التنزيل/ ج1/ ص65.]

'يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ'.

المائدة/ 35.

أخرج علاّمة الهند "بسمل" بسنده عن عائشة قالت في حديث: سمعت رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" يقول عن الخوارج: "هم شرّ الخلق والخليقة، يقتلهم خير الخلق والخليقة، وأقربهم عند الله وسيلة يوم القيامة"

[أرجح المطالب/ ص591-592.]

روى الحافظ الحنفي "سليمان القندوزي" عن كتاب مودّة القربى، للسيّد علي الهمداني، قال: وعن علي "كرّم الله وجهه" قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلّم": الأئمّة من ولدي فمن أطاعهم فقد أطاع الله، ومن عصاهم فقد عصى الله، وهم العروة الوثقى، والوسيلة إلى الله جلّ وعلا"

[ينابيع الموّدة/ ص446.]

وأخرج ابن شاذان في المناقب المائة، من طرق العامّة، بسنده عن حذيفة بن اليمان، عن النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" أنه قال لعلي: ـ في حديث ـ:

"وإنّ لك في الجنّة درجة الوسيلة، فطوبى لك ولشيعتك من بعدك"

[المناقب المائة/ المنقبة الثالثة والخمسون/ ص36.]

وأخرج علاّمة الشافعية، الحافظ الواسطي أبو الحسن بن المغازلي في مناقبه، عن أحمد بن محمد بن عبد الوهاب بن طاوان "بسنده المذكور" عن عائشة ـ في حديث ـ قالت: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلّم" في علي:

"خير الخلق والخليقة، وأقربهم عند الله وسيلة"

[المناقب لابن المغازلي/ ص56.]

ورواه عن الطبراني الحافظ الشافعي، ابن حجر الهيثمي في مجمع الزوائد

[مجمع الزوائد/ ج6/ ص239.]

ورواه أيضاً عبد الله بسمل، في أرجح المطالب في مناقب علي بن أبي طالب

[أرجح المطالب/ 599 طبع لاهور الهند.]

وآخرون أيضاً...

'إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ...'.

المائدة/ 44.

روى العالم الحنفي الحافظ سليمان القندوزي في ينابيعه، بالسند المذكور هناك، عن جعفر الصادق قال:

أوصى موسى إلى يوشع بن نون "عليه السلام"، وأوصى يوشع إلى ولد هارون، وبشّر موسى ويوشع بالمسيح "عليه السلام" ونبينا "صلى الله عليه وآله وسلّم" فلما بعث الله عزّ وجلّ المسيح قال المسيح لأُمّته: إنّه سوف يأتي من بعدي نبي اسمه أحمد من ولد إسماعيل، يجيئ بتصديقي وتصديقكم، وجرت الوصية من ولد هارون إلى المسيح بوسائط، ومن بعده في الحواريين وفي المستحفظين، وإنما سمّاهم الله عزّ وجلّ المستحفظين، لأنّهم استحفظوا الإسم الأكبر، وهو الكتاب الذي يعلم به كل شيء، وهو كان مع الأنبياء والأوصياء "إلى أنْ قال": فلم تزل الوصية في عالم بعد عالم حتى دفعوها إلى محمد "صلى الله عليه وآله وسلّم" وبعد بعثته سلم له العقب من المستحفظين، فلمّا استكملت أيام نبوّته، أمره الله تبارك وتعالى اجعل الاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوّة عند علي الخ

[ينابيع الموّدة/ ص78.]

'فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ'.

المائدة/ 52.

هذا الفتح هو فتح خبير، الذي تمَّ على يد أمير المؤمنين علي "عليه السلام" ـ كما في بعض التفاسير الإشارة إليه ـ انظر إلى ما ننقله فيما يلي:

قال الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره الكبير، عند هذه الآية الكريمة:

"والمعنى: فعسى الله أنْ يأتي بالفتح لرسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" على أعدائه وإظهار المسلمين على أعدائهم.

'أو أمر من عنده' يقطع أصل اليهود، أو يخرجهم من بلادهم، فيُصبح المنافقون نادمين على ما حدَّثوا به أنفسهم، وذلك لأنّهم كانوا يشكّون في أمر الرسول، ويقولون: لا نظن أنه يتم له أمره، والأظهر أن تعير الدولة والغلبة لأعدائه..."

[تفسير الفخر الرازي/ ج12/ ص17.]

ولا يخفى أنّ هذا الشك للمنافقين كان قبل فتح خيبر، الذي تمَّ على يد الكرّار غير الفرّار الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" وبعد الفتح ظهرت الغلبة لرسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" على المنطقة. فقوله "يقطع أصل اليهود" في تفسير 'أو أمر من عنده' إشارة إلى أنَّ الفتح هو ظهور الإسلام على اليهود وغلبته عليهم، وكان ذلك في خيبر.

ونقل المفسّر الكبير، الشيخ الطبرسي في تفسيره "مجمع البيان" عن السّدي قال:

"لمّا كانت وقعة أحد اشتدت على طائفة من النّاس، فقال رجل من المسلمين: أنا ألحق بفلان اليهودي وآخذ منه أماناً، وقال آخر: أنا ألحق بفلان النصراني ببعض أرض الشام، فآخذ منه أماناً، فنزلت الآية"

[مجمع البيان/ ج3/ ص206.]

"وظاهر" أنّ بعد فتح خيبر انتهى هذا الخوف في المسلمين، ولم يعد أحد منهم يخاف يهودياً أو نصرانياً.

وفي سبب نزول هذه الآية، وتفسير هذا الفتح خلافٌ بين العامّة من المفسّرين، لكن فتح خيبر إما مؤكد أو محتمل والله العالم.

'يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ'.

المائدة/ 54.

روى العلاّمة البحراني "قده" عن الثعلبي في تفسير:

'فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ' قال:

"هو علي بن أبي طالب".

وروى أيضاً عن الثعلبي "بإسناده المذكور" عن أبي هريرة، أنه كان يحدّث أنّ رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" قال:

"يرد عليَّ يوم القيامة رهط من أصحابي، فيُجلون عن الحوض فأقول: يا رب أصحابي؟ فيقال: إنّك لا علم لك بما أحدثوا، إنّهم ارتدوا على أدبارهم القهقري

[غاية المرام/ 374.]

"أقول" يُستفاد من الجمع بين هذين الحديثين، خاصة في تفسير هذه الآية التي جمعت في الذكر بين من يحبهم الله ويحبونه، وبين من يرتد عن دينه من أصحاب النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" ومن روايات أخر كثيرة، يستفاد: إن المرتدّين عن دينهم، هم الذين تركوا علي بن أبي طالب وارتدوا عنه..

وقال الفخر الرازي في تفسيره الكبير:

"وقال قوم: إنّها نزلت في علي "رضي الله عنه".

ثم قال: "ويدُّل عليه وجهان "الأول" إنّه "صلى الله عليه وآله وسلّم" لمّا دفع الراية إلى علي يوم خيبر قال: لأدفعن الراية غداً إلى رجل يحبُّ الله ورسوله ويحبُّه الله ورسوله، وهذه هي الصفة المذكورة في الآية "والوجه الثاني" أنّه تعالى ذكر بعد هذه الآية قوله: 'إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ'.

وهذه الآية في حقّ علي "رضي الله عنه" فكان الأولى جعلُ ما قبلها أيضاً في حقه

[مفاتيح الغيب/ ج12/ ص20.]

وأخرج علاّمة الشوافع، محمد بن محمد بن محمد الجزري في أسنى المطالب، بأسانيد عديدة وصحّحه وقال "متفق على صحته": ـ إنّ النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" قال في علي:

"يحبُّ الله ورسوله ويحبّه اللهُ ورسوله"

[مفاتيح الغيب/ ج12/ ص20.]

'إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ'.

المائدة/ 55.

أخرج علاّمة المفسّرين، الشيخ شهاب الدين السيويسي ثم الاياتلوغي في تفسيره المخطوط المزجي، عند ذكر هذه الآية قال:

'يؤون الزكاة' المفروضة أو الصدقة.

'وهم راكعون' أي: يفعلون الخيرات في حال ركوعهم.

لأنَّ علياً تصدّق بخاتمه وهو في الصلاة، فنزلت الآية في شأنه

[عيون التفاسير للفضلاء لسماسير/ الصفحة الأولى/ الورقة/ 126.]

وذكر المفسّر الهندي في تفسيره المخطوط المهمل الكلمات بلا نقطة قال: 'وهم راكعون'.

موردها أسد الله الكرار، حال ما سأله صعلوك وأعطاه وطرح له ما معه، وهو راكع مصلّ

[سواطع الإلهام المخطوط/ لا أرقام لصفحاته.]

وقال السّيوطي "الشافعي" في حاشية مخطوطة له على تفسير البيضاوي، عند تفسير هذه الآية الكريمة:

قوله: "نزلت في علي حين سأله سائل" الحديث.

قال: أخرجه ابن مردويه عن ابن عباس وعمّار بن ياسر وابن أبي حاتم، عن سلمة بن سهل، والثعلبي عن أبي ذر، والحاكم في علوم الحديث عن علي

[حاشية السّيوطي علي البيضاوي المخطوطة/ لا رقم لصفحاتها.]

وفي تفسير الصّوفي المعروف، محيي الدين بن عربي قال:

'وهم راكعون' خاضعون في البقاء لله بنسبة كمالاتهم وصفاتهم إلى الله، كأمير المؤمنين "عليه السلام" النازل في حقه هذا القائل

[تفسير محي الدين بن عربي/ ج1/ ص334.]

وأخرج علاّمة الأحناف، الموفّق بن أحمد، أخطب الخطباء الخوارزمي في مناقبه، بسنده المفصّل عن محمد بن السايب، عن أبي صالح عن ابن عباس حديث نزول آية 'إنّما وليكم الله' في شأن علي بن أبي طالب "عليه السلام" وخروج النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" إلى المسجد... إلى أنْ قال:

"فكبر النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" ثم قرأ: 'وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ'

[المناقب للخوارزمي/ ص186.]

وروي "البلاذري" قال: وحدثت عن حمّاد بن سلمة "بإسناده المذكور" عن ابن عباس قال: نزلت في علي:

'إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ'. الآية

[أنساب الأشراف/ ج2/ ص150.]

"أقول" الروايات في شأن نزول هذه الآية في علي بن أبي طالب "عليه السلام" كثيرة وكثيرة جداً تعدُّ بالعشرات، هذا كلّه من طرق غير الشيعة، وأمّا من طرقهم فكثيرة أيضاً، ويكفيك أنّ العلاّمة البحراني، والحاكم الحسكاني ذكرا من طُرق غير الشيعة في ذلك، أكثر من خمسين حديثاً "وعلى هذه فقس ما سواها" إلاّ أنّنا حيث قصدنا في هذا الكتاب الإشارة لا التفصيل، اكتفينا هنا بذكر حديثين يثبت بهما المطلوب، ومن أراد التفصيل فعليه بالمفصلات.

"وأخرج" محمد كرد علي في "خطط الشام" حديث أبي هارون العبدي قال:

كنت أرى رأي الخوارج، لا أتولّى غيرهم حتى جلست إلى أبي سعيد الخدري فسمتعه يقول: أمر النّاس بخمس فعملوا بأربع وتركوا واحدة.

فقال له رجل: يا أبا سعيد ما هذه الأربعة التي عملوا بها؟

قال: الصلاة، والزكاة، والحج، والصوم صوم شهر رمضان.

قال: فما الواحدة التي تركوها؟

قال: ولاية علي بن أبي طالب.

قال: وإنّها مفترضة معهن؟

قال: نعم.

قال: فقد كفر النّاس.

قال: فما ذنبي

[خطط الشام/ ج5/ ص251.]

والكثير الكثير من الحفّاظ والأثبات، رووا بأسانيد عديدة نزول هذه الآية الكريمة في شأن علي بن أبي طالب "عليه السلام" مضافاً إلى من أسلفنا ذكرهم:

"فمنهم" شيخ المفسّرين ابن جرير الطبري في تفسيره الكبير

[جامع البيان/ ج6/ ص165.]

"ومنهم" مفسّر الشوافع ابن كثير الدمشقي في تفسيره

[تفسير القرآن العظيم/ ج2/ ص71.]

"ومنهم" العلاّمة الواحدي، أبو الحسن علي بن أحمد في أسباب النزول

[أسباب النزول/ ص148.]

"ومنهم" المؤلف المكثر الشافعي، جلال الدين بن أبي بكر السّيوطي في تفسيره

[الدّر المنثور/ ج2/ ص295.] ولبابه

[لباب النقول/ ص90.] جميعاً.

"ومنهم" علاّمة الحنفية المتّقي الهندي في كنز العمال

[كنز العمّال/ ج6/ ص405.]

"ومنهم" العلاّمة الشوكاني في فتح القدير

[فتح القدير/ ج2/ ص50.]

"ومنهم" ابن الأثير في جامع الأصول

[جامع الأصول/ ج9/ ص478.]

"ومنهم" العلاّمة الكنجي "الشافعي" في كفاية الطالب

[كفاية الطالب/ ص250.]

"ومنهم" محمد بن أحمد بن أبي بكر الأنصاري "القرطبي" في تفسيره

[تفسير القرطبي/ ج9/ ص336.]

"ومنهم" الحافظ القندوزي الحنفي في ينابيع الموّدة

[ينابيع الموّدة/ ص202.]

وآخرون غيرهم كثيرون...

'وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ'.

المائدة/ 56.

روى الحافظ الحاكم الحسكاني قال: حدثني الجري "بإسناده المذكور" عن ابن عباس في قوله "تعالى": 'وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا':

إنّها نزلت في علي خاصة

[شواهد التنزيل/ ج1/ ص184.]

وروى هو أيضاً قال: أخبرنا أبو العباس المحمدي "بإسناده المذكور" عن ابن عباس قال: أتى عبد الله بن سلام ورهط معه من أهل الكتاب نبي الله "صلى الله عليه وسلّم" عند صلاة الظهر، فقالوا: يا رسول الله إنّ بيوتنا قاصية، ولا نجد مسجداً دون هذا المسجد، وإنّ قومنا لمّا رأونا صدقنا الله ورسوله وتركنا دينهم أظهروا لنا العداوة، وأقسموا أنْ لا يخالطونا ولا يجالسونا، ولا يكلّمونا، فشقّ ذلك علينا، فبينما هم يشكون إلى رسول الله "صلى الله عليه وسلّم" إذ نزلت هذه الآية:

'إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ "55" وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ'.

فلمّا قرأها عليهم قالوا: رضينا بالله، وبرسوله وبالمؤمنين، فأذّن بلال بالصلاة، وخرج رسول الله "صلى الله عليه وسلّم" إلى المسجد والنّاس يصلّون بين راكع وساجد، وقائم وقاعد ـ وإذا مسكين يسأل فدعاه رسول الله "صلى الله عليه وسلّم" فقال له: هل أعطاك أحد شيئاً؟ قال: نعم! قال "صلى الله عليه وآله وسلّم" ماذا؟ قال: خاتم من فضة! قال "صلى الله عليه وآله وسلّم": من أعطاكه؟ قال: ذلك الرجل القائم، فإذا هو علي بن أبي طالب. قال "صلى الله عليه وآله": على أي حال أعطاكه؟ قال: أعطانيه وهو راكع، فزعموا أنَّ رسول الله كبّر عند ذلك وقال: يقول الله تعالى: 'وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ'

[شواهد التنزيل/ ج1/ ص185-186.]

'قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللهِ مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ'.

المائدة/ 60.

من يلعن علياً يُقلب خنزيراً

روى العلاّمة البحراني عن صاحب "المناقب الناضرة في العترة الطاهرة" "بإسناده المذكور" عن محمد المسكوي، عن سليمان الأعمش

[هو أبو محمّد، سليمان بن مهران الكاهلي الأسدي الكوفي، الملقب بـ"الأعمش" من كبار التابعين، ومن الأعلام المشهدين بعلم الحديث والقراءة، روى عن عدد من الصحابة، وعن عدد من التابعين، وروى عنه العديد من التابعين وتابعيهم، نقل أحاديثه أصحاب الصحاح الستة وغيرهم في الصحاح والمسانيد والسنن وغيرها، نقل أيضاً ـ في نقل ـ العديد من الأحاديث الشريفة في فضائل أهل البيت، وخاصة في فضائل علي بن أبي طالب أمير المؤمنين "عليه السلام" في التفسير وفي غيره أيضاً، مات عام "148" للهجرة.

ترجم له العديد من الرجاليين، والمؤرخين، وأصحاب السير، نذكر جمعاً منهم ـ من العامّة ـ للمراجعة:

محمّد بن سعد في "الطبقات الكبرى" ج6 ص238.

ومحمّد بن إسماعيل البخاري في "التاريخ الكبير" ج2/ القسم2/ ص38.

وفي "التاريخ الصغير" ص172.

ومسلم بن الحجّاج القشيري في "المنفردات" ص15.

وعبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري في كتاب "المعارف" ص214و230.

وأبو علي بن رسته في "الأعلاق النفسية" ص217و219.

ومحمّد بن أحمد الدولابي في "الكنى والأسماء" ج2/ ص96.

والإمام الطبري في "الذيل المذيل" ص103و121.

وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" ج2/ قسم1/ ص146.

والحاكم النيسابوري في "معرفة علوم الحديث" ص107و304و245.

وأبو نعيم في "حلية الأولياء" ج5/ ص46.

والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" ج9/ ص3.

وفي "موضع أوهام الجمع التفريق" ج2/ ص122.

وابن القيران في "الجمع بين رجال الصحيحين" ص179.

وابن الجوزي في "تلقيح مفهوم أهل الأثر" ص248و268.

وفي "صفة الصّفوة" ج3/ ص65.

وابن الأثير في "الكامل في التاريخ" ج5/ ص237.

والخوارزمي في "جامع المسانيد" ج2/ ص466.

وابن خلّكان في "وفيات الأعيان" ج1/ قسم1/ ص30.

والذهبي في "تذكرة الحفّاظ" ج1/ ص145.

وفي "دول الإسلام" ج1/ ص72.

واليافعي في "مرآة الجنان" ج1/ ص305.

وابن كثير في "البداية والنهاية" ج10/ ص105.

وأبو الخير الجزري في "غاية النهاية" ج1/ ص315.

وابن حجر العسقلاني في "تهذيب التهذيب" ج4/ ص322.

وفي "تقريب التهذيب" ص160.

والعيني في "عمدة القاري" ج1/ ص249.

والسّيوطي في "تلخيص الطبقات" ص32.

وأحمد بن عبد الله الخزرجي في "خلاصة تهذيب الكمال" ص155.

وابن العماد في "شذرات الذّهب" ج1/ ص220.

والزّركلي في "الأعلام" ج3/ ص198.

وآخرون كثيرون....] قال:

بعث إليّ المنصور في جوف الليل، فجزعت وقلت في نفسي ما بعث إليّ في هذه الساعة إلاّ لخبر، ولا شك أنّه يسألني عن فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، فإنْ أخبرته يقتلني، فنهضتُ وتطهرتُ ولبستُ ثياباً نظيفة جعلتها أكفاني، وتحنطتُ وكتبت وصيتي، وسرتُ إليه، فوجدت عنده عمرو بن عبيد، فحمدتُ الله، وقلتُ وجدتُ رجلاً عون صدق، فلمّا صرتُ بين يديه قال لي: ادنُ مني يا سليمان، فدنوتُ منه، فلمّا قربت منه أقبلت إلى عمرو بن عبيد أسأله، ففاح له مني ريح الحنوط فقال لي المنصور:

يا سليمان ما هذه الرائحة والله لئن لم تصدقني لأقتلنك.

فقلت: يا أمير المؤمنين لمّا أتاني رسولك في جوف الليل قلت ما بعث إليّ في هذا الوقت إلاّ ليسألني عن فضائل أهل البيت فإنْ أخبرته قتلني، فكتبت وصيتي، ولبست ثياباً جعلتها أكفاني، وتحنطتُ، وكان "المنصور" متكئاً فاستوى جالساً، وقال: لا حول ولا قوة إلاّ بالله العليّ العظيم.

ثم قال: يا سليمان ما اسمي؟

قلت: أمير المؤمنين عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس.

قال: صدقت.

قال: فأخبرني كم حديثاً تروي عن رسول الله "صلى الله عليه وسلّم" في فضائل أهل البيت؟

فقلت: يسيراً.

قال: على كم ذلك؟

قلت: عشرة آلاف حديث، وما زاد.

قال: يا سليمان، لأحدثنك في فضائلهم حديثين يأكلان الأحاديث إنْ حلفت أنْ لا ترويهما لأحد من الشيعة.

فقلت: والله لا أخبر بهما أحداً، وحلفتُ له بنعمته.

فقال: اسمع يا سليمان، كنتُ هارباً من مروان، أدور في البلاد، وأتقرب إلى النّاس بفضائل علي بن أبي طالب، وكانوا يأتونني ويزورونني ويطعمونني حتى وردت بلاد الشام وأنا في خلق كساء ما عليّ غيره، فسمعت الأذان في مسجد فدخلت لأصلي وفي نفسي أنْ أكلّم النّاس في عشاء أتعشى به، فصلّيت وراء الإمام، فلمّا سلَّم اتكأ على الحائط وأهل المسجد حضور، ما رأيت أحداً يتكلم توقيراً لإمامهم، وأنا جالس، فإذا صبيان قد دخلا المسجد، فلمّا نظر إليهما الإمام قال: مرحباً بكما ومرحباً بمن سُميتما باسميهما.

فقلت في نفسي قد أصبتُ حاجتي، وكان إلى جنبي شاب فقلت له: من يكون ذان الصبيان، ومن الشيخ؟

فقال: هو جدّهما وليس في هذه المدينة من يحبُّ علياً سواه، فلذلك قد سماهمّا حسناً وحسيناً، فملتُ بوجهي إلى الشيخ وقلت له: هل لك في حديث أُقرُّ به عينيك؟

فقال: ما أحوجني إلى ذلك، فإنْ أقررت عيني أقررتُ عينك.

فقلتُ: حدّثني جدي، عن أبيه، قال: كنّا ذات يوم عند رسول الله، إذ أقبلت فاطمة وهي تبكي، فقال لها النبي "صلى الله عليه وسلّم": ما يبكيك يا قرة عيني؟

قال: يا أبتاه الحسن والحسين خرجا البارحة ولم أعلم أين باتا، وإنّ علياً يمسي على الدالية يسقي البستان منذ خمسة أيام.

فقال رسول الله "صلى الله عليه وسلّم": لا تبكي يا فاطمة فإن الذي خلقهما ألطف مني ومنك بهما، ورفع يده إلى السماء وقال "صلى الله عليه وآله وسلّم":

"اللّهم إنْ كانا أخذا براً وبحراً فاحفظهما وسلّمهما".

فهبط جبرائيل وقال: يا محمد لا تهتمْ ولا تحزنْ هما فاضلان في الدنيا والآخرة، وإنّهما في حديقة بني النّجار باتا، وقد وكّل الله بهما ملكاً يحفظهما.

فقام رسول الله، وجبرائيل عن يمينه، ومعه جماعة من أصحابه حتى أتوا إلى الحديقة وإذا الحسن معانق للحسين والملك الموكل بهما إحدى جناحيه تحتهما والأخرى فوقهما، فانكبّ الرسول "صلى الله عليه وسلّم" عليهما يقبلهما، فانتبها من نومهما، فحمل النبي "صلى الله عليه وسلّم" الحسن، وحمل جبرائيل الحسين، حتى خرجا من الحديقة والنبي "صلى الله عليه وسلّم" يقول: لأشرفهما اليوم كما أكرمهما الله تعالى.

فاستقبله أبو بكر وقال: يا رسول الله ناولني أحدهما لأحمله عنك.

فقال النبي "صلى الله عليه وسلّم": نِعْمَ الحمولة ونعم المطيةُ وأبوهما خير منهما، حتى أتى المسجد فقال لبلال: هلُم إلى النّاس، فاجتمعوا، فقام النبي "صلى الله عليه وسلّم" وقال:

"يا معاشر المسلمين ألا أدلكم على خير النّاس جداً وجدة"؟

قالوا: بلى يا رسول الله، قال "صلى الله عليه وآله وسلّم": هذان الحسن والحسين جدّهما رسول الله وجدتهما خديجة، ثم قال "صلى الله عليه وآله وسلّم": ألا أدلكم على خير النّاس أباً وأماً؟

قالوا: بلى يا رسول الله.

قال "صلى الله عليه وآله": هذان الحسن والحسين أبوهما علي بن أبي طالب، وأمهما فاطمة ابنة محمد، سيّدة نساء العالمين.

"ثم" قال "صلى الله عليه وآله وسلّم": ألا أدلكم على خير النّاس خالاً وخالة؟

قالوا: بلى يا رسول الله.

فقال "صلى الله عليه وآله وسلّم": هذا الحسن والحسين خالهما القاسم ابن رسول الله، وخالتهما زينب بنت رسول الله.

ثم قال "صلى الله عليه وآله وسلّم": ألا أدلكم على خير النّاس عماً وعمة؟

قالوا: بلى يا رسول الله.

قال: هذا الحسن والحسين عمُّهما جعفر الطيار، وعمتهما أم هانئ بنت أبي طالب.

ثم قال "صلى الله عليه وآله": اللّهم إنّك تعلم أنّ الحسن والحسين في الجنّة وجدهما وجدتهما في الجنّة، وأباهما وأمهما في الجنّة، وخالهما وخالتهما في الجنّة، وعمّهما وعمّتهما في الجنّة، اللهم وأنت تعلم أن من يحبهما في الجنّة، ومن يبغضهما في النّار.

قال المنصور: فلمّا جئت الشيخ بهذا الحديث قال: من أين أنت؟

فقلت: من الكوفة.

قال: عربي أو موالي؟

فقلت: عربي.

قال: وأنت تحدّث بمثل هذا الحديث وأنت على مثل هذه الحالة؟ ـ ورأى كسائي خلقاً ـ فخلع عليّ، وحملني على بغلته، وقال: قد أقررتَ عيني لأرشدنك إلى فتى تقرُّ به عينك.

ثم أرشدني إلى باب دار بقربه، فأتيتُ الدار التي وصفها لي، فإذا بشاب صبيح الوجه. فلمّا نظر إليَّ قال: والله إنّي لأعرف الكسوة والبغلة، أما كساك أبو فلان خلعته، وحملك على بغلته إلاّ وأنت تحب الله ورسوله، فأنزلني وحدّثته في فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وقلت له: أخبرني والدي عن جدّي عن أبيه، قال: كنّا مع رسول الله "صلى الله عليه وسلّم" ذات يوم، إذ أقبلت فاطمة والحسن والحسين على كتفيها وهي تبكي، فقال رسول الله "صلى الله عليه وسلّم": ما يبكيك يا فاطمة؟ قالت: يا رسول الله نساء قريش عيّرتني فقلن لي إنّ أباك زوّجك برجل معدم لا مال له ولا نعم، فقال لها رسول الله "صلى الله عليه وسلّم": ما أنا بالذي زوّجتك، بل الله عزّ وجلّ زوجك من فوق سماواته، وأشهد جبرائيل وميكائيل واسرافيل، فأوحى الله إليّ أنْ أزوجك في أرضه بعلي، وأنّ الله اطّلع على الأرض اطلاعة، فاختار فيها علياً بعلاً فزوّجك إياه، فعلي أشجع النّاس قلباً، وأعظم النّاس حلماً، وأعلم النّاس علماً، وأقدم النّاس إيماناً، وأمنح النّاس كفاً. "يا فاطمة" إنّي لآخذ مفاتيح الجنّة بيدي ولواء الحمد أيضاً، فارفعهما إلى علي، فيكون آدم ومن ولده تحت لوائه "يا فاطمة" إنّي غداً قيم على حوضي علياً يسقي من عرف من أمتي "يا فاطمة" يُكسى أبوك حليتين من حلل الجنّة، ويُكسى علي حليتين من حلل الجنّة، ولواء الحمد في يدي، وأمتي لمحت لوائي فأناوله لعلي إكراماً له من الله عزّ وجلّ، وينادي منادٍ: يا محمد نعم الجدّ جدّك إبراهيم، ونِعمَ الأخ أخوك علي، وإذا دعاني رب العالمين دعا علياً معي، وإذا جيء بي جيء به معي، وإذا شفعت شفع معي. وإذا أجبت أجاب معي، وإنّه يوم القيامة عوني على مفاتيح الجنّة، قومي يا فاطمة فإنّ علياً وشيعته الفائزون غداً في الجنّة.

قال المنصور: فلمّا حدثت الشاب هذا الحديث قال لي: ومن أين أنت؟

قلت: من الكوفة.

قال: عربي أو موالي؟

قلت: عربي.

وكساني عشرين ثوباً، وأعطاني عشرين ألف درهم، وقال: قد أقررتَ عيني بهذا الحديث، ولي إليك حاجة.

فقلت مقضية إنْ شاء الله تعالى.

قال: إذا كان غداً فآت مسجد بني فلان كيما ترى أخي الشقي، ثم فارقته، وطالت عليّ ليلتي، فلمّا أصبحت أتيت المسجد الذي وصفه لي، وقمت أصلي معه في الصف الأول وإذا أنا برجل شاب، وهو معتم على رأسه ووجهه، فلمّا ذهب كي يركع سقطت العمامة عن رأسه، فرأيت رأسه رأس خنزير، وجهه وجه خنزير، فما عقلت ما أقول في صلاتي حتى سلّم الإمام، فالتفتُّ إليه، وقلت له: ما هذا الذي أدى بك؟

فقال لي: لعلّك صاحب أخي بالأمس.

قلت: نعم.

فأخذ بيدي، وأقامني وهو يبكي، حتى أتينا إلى المنزل فقال: ادخل، فدخلتْ.

فقال لي: انظر إلى هذا الدكان، فنظرت إلى دكة فقال: كنت مؤدباً أؤدِّب الصبيان على هذه الدكّة، وكنت ألعن علياً بين كل أذان وإقامة ألف مرة، فخرجت يوماً من المسجد وأتيت الدار فانطرحت على هذه الدكّة نائماً، فرأيت في منامي كأنني في الجنّة متكئاً على هذا الدكان، وجماعة جلوس يحدثونني فرحين مسرورين بعضهم ببعض، وكان النبي "صلى الله عليه وسلّم" قد أقبل "ومعه علي بن أبي طالب"، وعن يمينه الحسن، ومعه إبريق، وعن يساره الحسين ومعه كأس، فقال للحسن: اسق أباك علياً، فسقاه فشرب، ثم قال "صلى الله عليه وآله وسلّم": اسق الجماعة فسقاهم، ثم قال "صلى الله عليه وآله وسلّم": اسق هذا النائم المتكئ على الدكان، فقال: يا جداه أتأمرني أنْ أسقيه وهو يلعن أبي في كل وقت أذان ألف مرة، وفي يومنا هذا قد لعنه أربعة آلاف مرة، فرأيت النبي "صلى الله عليه وسلّم" قد أقبل إليَّ، وقال لي: ما بالك تلعن أباه، وهو منّي وأنا منه، فعليك غضب الله، ثم ضربني برجله، وقال: غيّر الله ما بك من نعمة، فانتبهت ورأسي رأس خنزير، ووجهي وجه خنزير.

ثم قال المنصور: يا سليمان بالله هذان الحديثان عندك؟

فقلت: لا.

فقال: يا سليمان "حب علي إيمان، وبغضه نفاق".

فقال الأعمش: فقلت: يا أمير المؤمنين ما تقول في قاتل الحسين؟

قال: في النّار، وكذلك من قتل ولده.

فأطرق "المنصور" ثم رفع رأسه وقال: يا سليمان الملك عقيم، حدِّث في فضائل علي ما شئت

[غاية المرام/ ص656-657.]

'يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاس'.

المائدة/ 67.

روى الحافظ الحاكم الحسكاني قال: أخبرنا أبو عبد الله الدينوري "بإسناده المذكور" عن أبي إسحاق الحميدي قال:

نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب: 'يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ'

[شواهد التنزيل/ ج1/ ص188.]

وروى هو أيضاً، قال: أخبرنا أبو بكر السكري "بإسناده المذكور" عن عبد الله بن أبي أوفى، قال: سمعت رسول الله "صلى الله عليه وسلّم" يقول يوم غدير خم ـ وتلا هذه الآية ـ:

'يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ'.

ثم رفع يديه حتى "صار" يرى بياض إبطيه ثم قال "صلى الله عليه وآله وسلّم":

ألا من كنتُ مولاه فعليّ مولاه، اللّهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه.

ثم قال "صلى الله عليه وآله وسلّم": اللّهم اشهد

[شواهد التنزيل/ ج1/ ص190.]

وأخرج "ابن قتيبة" في "الإمامة والسياسة" قال: وذكروا أنّ رجلاً من همدان يقال له "برد" قدم على معاوية فسمع عمرو يقع في علي فقال له: يا عمرو إنّ أشياخنا سمعوا رسول الله يقول: "من كنت مولاه فعلي مولاه" فحقٌّ ذلك أم باطل؟ فقال عمرو: حق، وأنا أزيدك أنّه ليس لأحد من صحابة رسول الله مناقب مثل مناقب علي ففزع الفتى الخ

[الإمامة والسياسة.]

وروى العلاّمة النيسابوري "نظام الدين" أبو بكر محمد بن الحسن "الشافعي" في تفسيره قال: عن أبي سعيد الخدري: إنّ هذه الآية: 'يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ' الآية نزلت في فضل علي بن أبي طالب "كرّم الله وجهه" يوم "غدير خم" فأخذ رسول الله "صلى الله عليه وسلّم" بيده وقال: "من كنتُ مولاه فهذا عليّ مولاه، اللّهم وال من والاه، وعاد من عاداه، فلقيه عمر وقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي، ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة

[تفسير النيسابوري "غرائب القرآن ورغائب الفرقان" هامش تفسير الطبري"/ ج6/ ص194-195.]

"أقول" الروايات في نزول هذه الآية في قصة "الغدير"، وفي قصة الغدير نفسها كثيرة جداً، زادت على أعالي مراتب التواتر ـ كما لا يخفى ذلك على المتتبع ـ وكتب التفسير، والحديث، والتاريخ، مشحونة ومليئة بذلك "ويكفيك" أنّ العلاّمة الأميني "قده" في كتابه "الغدير" ذكر رواة "الغدير" فكانوا من الصحابة فقط "مائة وعشرة" من أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" ونادراً ما يوجد أنْ يصلنا شيء عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" برواية مائة وعشرة من أصحابه.

وأخرج الخوارزمي في "مقتل الحسين" عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، أنّ حسان بن ثابت أنشد عند ذلك هذه الأبيات:

يناديهم يوم الغدير نبيهم++

بخمٍّ وأسمـــع بالرسول مناديا

يقول فمن مولاكم ونبيكم++

فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا

إلهك مولانا وأنــت ولينا++

ولم تر منّا فـي الولاية عاصيا

فقال له قم يا علي فإنني++

رضيتك من بعدي إماماً وهادياً

[مقتل الإمام الحسين "عليه السلام"/ ج1/ ص47.]

"وأخرج" حديث الغدير ونزول هذه الآية الكريمة في شأن أمير المؤمنين، عز الدين، أبو الحسن، علي بن محمد بن عبد الكريم الشيباني الجزري "الشافعي" المعروف بابن الأثير

[أسد الغابة/ ج2/ ص28.]

وأخرجه أيضاً المحبّ الطبري "الشافعي"

[ذخائر العقبى/ ص67.]

وأخرجه أيضاً إمام الحنابلة، أحمد بن حنبل

[مسند أحمد بن حنبل/ ج4/ ص281.]

وأخرجه كذلك الحافظ البلخي، محمد بن يوسف "الشافعي" في مناقبه

[المناقب للبلخي/ ص28.]

وأخرجه أيضاً فقيه المالكية، ابن الصبّاغ

[الفصول المهمة/ الفصل الأول.]

وأخرجه أيضاً فقيه الشافعيةّ جلال الدين السيوطي

[الدّر المنثور/ ج2/ ص298.]

وأخرج الإمام الذهبي عن النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" قوله "من كنت مولاه فعلي مولاه"

[تذكرة الحفّاظ/ ج1/ ص10.]

وأخرج تفسير هذه الآية الكريمة في قصة الغدير، محمد بن علي بن شاذان في مناقبه المائة، من طرق العامّة أيضاً

[المناقب المائة/ المنقبة السادسة والخمسون/ ص37.]

وأخرج نقل هذه الجمل عن النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" في حديث المناشدة، عن زيد بن يثيع، عن علي "عليه السلام" جمع آخر من المحدِّثين والفطاحل:

"منهم" علاّمة الشافعية، ابن حجر العسقلاني في تهذيب تهذيب الكمال

[تهذيب التهذيب/ ج3/ ص327.]

"ومنهم" العلاّمة الذهبي في ميزان الاعتدال

[ميزان الاعتدال/ ج2/ ص107.]

"ومنهم" أحمد بن شعيب النسائي في خصائصه

[خصائص أمير المؤمنين/ ص89.]

"ومنهم" ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل "وفيه: زيد بن نفيع"

[الجرح والتعديل/ ج1/ قسم2/ ص573.]

وأخرج الحافظ أبو القاسم سليمان الطبراني في معجمه الصغير، بإسناده عن ابن طاووس، عن أبيه قال ـ في حديث ـ:

قال رسول الله "صلى الله عليه وسلّم":

"من كنت مولاه فإن علياً مولاه"

[المعجم الصغير/ ج1/ ص71.]

وهكذا نقله بنصه وبنفس السند، الحافظ أبو نعيم الأصبهاني في أخبار أصفهان

[أخبار أصفهان/ ج1/ ص126.]

وأخرج أستاذ الطبراني، أبو بشر الدولابي في "الكنى والأسماء" عن زيد بن أرقم قال ـ في حديث ـ قال رسول الله "صلى الله عليه وسلّم":

"... فمن كنتُ مولاه فإن علياً مولاه، اللَّهم عاد من عاداه، ووال من والاه"

[الكنى والأسماء/ ج2/ ص61.]

وآخرون ـ أيضاً...

'يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ'.

المائدة/ 87.

روى الحافظ الحاكم الحسكاني قال: أخبرنا أبو سعد الصفار "بإسناده المذكور" عن محمد بن إبراهيم بن الحرث التيمي "قال":

إنّ علياً، وعثمان بن مظعون، ونفراً من أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" تعاقدوا أنْ يصوموا النهار ويقوموا الليل ولا يأكلوا اللحم، فبلغ رسول الله، فأنزل الله تعالى:

'يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ'

[شواهد التنزيل/ ج1/ ص195.]

"أقول" قد يتوهم عدم كون ذلك فضيلة للإمام أمير المؤمنين، علي بن أبي طالب لكونه نهياً، لكنّه وهمٌ خاطئ، إذ النهي لا يكون دائماً للزجر، وإنّما قد يكون لمصالح أخرى، كالإشفاق وغيره، ممّا فصّله المحققون في كتب الأصول "كيف" وقد ورد في القرآن الحكيم النهي الموجه إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" نفسه، في مثل قوله تعالى: 'يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ' الخ.

سورة الأحزاب/ الآية: 1.

وقوله سبحانه: 'يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ'.

سورة التحريم/ آية: 1.

وقوله عزّ من قائل: 'وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ'.

سورة القلم/ آية: 48.

وقوله تعالى: 'لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ'.

سورة القيامة/ آية: 16.

وقوله تعالى: 'وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ ممّا يَمْكُرُونَ'.

سورة النمل/ آية: 70.

وغير ذلك.

'يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ'.

المائدة/ 95.

روى المفسّر المحدِّث، جلال الدين بن أبي بكر السّيوطي "الشافعي" في تفسيره "بإسناده المذكور" عن مجاهد، عن ابن عباس قال:

"ما أنزل الله آية فيها: 'يا أيها الذين آمنوا' إلاّ وعليٌّ رأسها وأميرها

[الدّر المنثور/ ج1/ ص104.]

'يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ'.

المائدة/ 105.

روى الحافظ الحاكم الحسكاني "الحنفي" قال: أخبرني أبو بكر الحافظ "بإسناده المذكور" عن مجاهد قال:

"ما كان في القرآن 'يا أيها الذين آمنوا' فإنّ لعلي سابقةَ ذلك وفضيلته"

[شواهد التنزيل/ ج1/ ص54.]

'يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ'.

المائدة/ 106.

أخرج العلاّمة المصري المعاصر، خريج الجامعة الأزهرية، الشيخ أحمد محمد داود في كتابه الذي أسماه بـ "مناقب علي بن أبي طالب "كرّم الله وجهه" قال: عن ابن عباس "رضي الله عنهما" قال: "ما أنزل الله 'يا أيها الذين آمنوا' إلاّ وعليٌّ أميرها وشريفها"

[المناقب للشيخ أحمد محمّد داود/ ص28.]

'... وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ شَهِيدٌ "117" إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم'.

المائدة/ 117-118.

أخرج علاّمة الشافعية، الكنجي القرشي قال: أخبرنا المشايخ الحفّاظ "منهم" محمد بن جعفر القرطبي ـ "إلى أنْ قال" والحافظ يوسف بن خليل

[هو الحافظ شمس الدين، أبو الحجّاج الدمشقي الأدمي، محدّث حلب المتوفى عام "648" وقد ترجم له:

"البغدادي" في هدية العارفين/ ج2/ ص554.

وشمس الدين "الذهبي" في كتابه "العِبر" ج5/ ص201.

و"تذكرة الحفّاظ" ج4/ ص، 1410، وآخرون....] بحلب، قالوا جميعاً "إلى أن قال" اخبرنا أبو سعيد، محمد بن عبد الرحمن الكنجرودي

[وقيل: أبو طالب النيسابوري، المتوفى عام "548" للهجرة، ذكره جماعة

"منهم" شمس الدين "الذهبي" في تذكرة الحفّاظ/ ج4/ ص1313.

"ومنهم" صلاح الدين الصفدي في "الوافي بالوفيات" ج3/ ص231.

"ومنهم" أبو بكر السّيوطي في "بغية الدعاة" ج1/ ص157.

وآخرون....] "بسنده المذكور" عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلّم" ـ "في حديث" ـ.

"ألا وإنّ ناساً من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: أصحابي أصحابي!

قال: فيقال: إنّهم لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ فارقتهم.

فأقول ـ كما قال العبد الصالح، عيسى ابن مريم ـ:

'وكنت شهيداً عليهم ما دمت فيهم.... "إلى قوله" العزيز الحكيم'

[كفاية الطالب/ ص87.]

"وأخرج" نحواً من ذلك بأسانيد متعددة، وألفاظ مختلفة أحياناً، ومعنى واحد متحد جماعة.

"منهم" الحافظ محمد بن إسماعيل البخاري، صاحب الجامع الصحيح

[صحيح البخاري/ ج4/ ص82، كتاب الرقاة/ باب كيف الحشر.]

"ومنهم" الحافظ عماد الدين بن كثير الدمشقي الشافعي في تفسيره

[تفسير القرآن العظيم لابن كثير/ ج2/ ص120.]

وآخرون...

"أقول" قراءة النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" هذه الآية الكريمة، المنقولة عن لسان عيسى ابن مريم "عليهما السلام" دليل واضح على التنظير الدقيق بين القصتين والتاريخين.. وقد دلّت الروايات الكثيرة في أبواب مختلفة على أنّ هذه الرّدة هي ما كان بعد النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" عن أمير المؤمنين علي "عليه السلام" وبذلك يتّضح الأمر ولله الحمد.

'قالَ اللهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ'.

المائدة/ 119.

أخرج علاّمة الهند "بسمل" في كتابه أرجح المطالب، بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلّم":

"علي سيّد الصادقين"

[أرجح المطالب/ ص19.]

"أقول" هذه الآية الكريمة نزلت في الصادقين، وعلي "عليه السلام" سيّدهم ـ كما يؤكد النبي الأعظم "صلى الله عليه وآله وسلّم" ـ فيكون علي "عليه السلام" أول وأفضل وأولى من نزلت فيه هذه الآية.

/ 13