بحوث فی الملل والنحل جلد 6

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

بحوث فی الملل والنحل - جلد 6

جعفر سبحانی تبریزی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید





التفسير بصور متنوّعة:



وهناك لون آخر من التفسير، يندفع المفسّر إلى توضيح قسم من الآيات تجمعها صلة خاصة كالمحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ، وآيات الاحكام، وقصص الأنبياء، وأمثال القرآن، وأقسامه ،والآيات الواردة في مغازي النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ والنازلة في حق العترة الطاهرة ـ عليهم السلام ـ إلى غيرها من الموضوعات الّتي لا تعم جميع آيات القرآن، بل تختص بموضوع واحد.


فقد خدمت الشيعة كتاب اللّه العزيز بهذه الأنواع من التفاسير، ومن أراد أن يقف عليها فعليه أن يرجع إلى المعاجم، وأخص بالذكر: الذريعة إلى تصانيف الشيعة .


الشيعة والتفسير الموضوعي



إنّ نزول القرآن نجوماً وتوزّع الآيات الراجعة إلى موضوع واحد، في سور متعدّدة، يطلب لنفسه نمطاً آخر، غير النمط المعروف بالتفسير الترتيبي، فإنّ النمط الثاني، يتّجه إلى تفسير القرآن سورة بعد سورة، وآية بعد آية، وأمّا النمط الأوّل فيحاول فيه المفسّر إيراد الآيات الواردة في موضوع خاص، في مجال البحث، وتفسير الجميع جملة واحدة وفي محل واحد .


فيستمدّ المفسّر من المعاجم المؤلّفة حول القرآن، ومن غيرها في الوقوف على الآيات الواردة، مثلا في خلق السماء والأرض، أو الإنسان أو أفعاله وحياته الاُخروية، فيفسّر المجموع مرة واحدة، ويرفع ابهام آية، بآية اُخرى، ويخرج بنتيجة واحدة وهذا النوع من التفسير وإن لم يهتم به القدماء واكتفوا منه بتفسير بعض الموضوعات كآيات الاحكام، والناسخ والمنسوخ، إلاّ أنّ المتأخّرين منهم، بذلوا جهدهم في طريقه، ولعلّ العلاّمة المجلسي (1037 ـ 1110) أوّل من فتح



هذا الباب على مصراعيه في موسوعته «بحارالأنوار»، حيث يورد في أوّل كل باب الآيات الواردة حوله ثمّ يفسّرها اجمالا، وبعد الفراغ منها، ينتقل إلى الأحاديث الّتي لها صلة بالباب .


وقد قام كاتب هذه السطور بتفسير الآيات النازلة حول العقائد والمعارف وخرج منه حتّى الآن سبعة أجزاء وانتشر باسم «مفاهيم القرآن» ولقي اقبالا واسعا، أسأله سبحانه أن يوفّقني لا تمامه .


الشيعة والتفسير الترتيبي:



قد تعرّفت على أنّ المنهج الراسخ بين القدماء وأكثر المتأخّرين هو التفسير الترتيبي، وقد قام فضلاء الشيعة من صحابة الامام علي والتابعين له إلى العصر الحاضر، بهذا النمط من التفسير إمّا بتفسير جميع سوره، أو بعضها والغالب على التفاسير المعروفة في القرون الثلاثة الاُولى، هو التفسير بالأثر، ولكن انقلب النمط إلى التفسير العلمي والتحليلي من أواخر القرن الرابع. فأوّل من ألف من الشيعة على هذا المنهاج هو الشريف الرّضي (357 ـ 406) مؤلّف كتاب «حقائق التأويل» في عشرين جزءاً(1) ثمّ جاء بعده أخوه الشريف المرتضى فسلك مسلكه في أماليه المعروفة بالدرر والغرر. ثمّ توالى التأليف على هذا المنهاج من عصر الشيخ الأكبر الطوسي (385 ـ 460) مؤلّف «التبيان في تفسير القرآن» في عشرة أجزاء كبار، إلى عصر هذا .


فقد قامت الشيعة في كل قرن بتأليف عشرات التفاسير وفق أساليب متنوّعة،


1 . وللأسف لم توجد منه نسخة كاملة في عصرنا الحاضر إلاّ الجزء الخامس وهو يكشف عن عظمة هذا السفر ويدل على جلالة المؤلّف .



ولغات متعدّدة. لا يحصيها إلاّ المتوغّل في المعاجم ورفوف المكتبات.


ولقد فهرسنا على وجه موجز أسماء مشاهير المفسّرين من الشيعة وأعلامهم في 14 قرناً، وفصلنا كل قرن عن القرن الآخر واكتفينا بالمعروفين، لأنّ ذكر غيرهم عسير ومحوج إلى تأليف حافل. فبلغ عددهم 122 مفسّرا. ومن أراد الالمام بذلك فعليه الرجوع إلى المقدمة الّتي قدّمناها لتفسير التبيان للشيخ الطوسي ولأجل ذلك نطوي الكلام في المقام .


7- قدماء الشيعة وعلم الحديث:



إنّ السنّة هو المصدر الثاني للثقافة الإسلامية بجميع مجالاتها ولم يكن شيء أوجب بعد كتابة القرآن وتدوينه وصيانته من نقص وزيادة، من كتابة حديث الرسول وتدوينه وصيانته من الدس والدجل وقد أمر به الرسول غير مرة، روى الامام أحمد عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جدّه انّه قال للنبي: يا رسول اللّه أكتب كل ما أسمع منك؟ قال: نعم. قلت: في الرضا والسخط؟ قال ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : نعم فانّه لا ينبغي لي أن أقول في ذلك إلاّ حقّا(1) .


إنّ اللّه سبحانه أمر بكتابة الدَّين حفظاً له، واحتياطاً عليه واشفاقاً من دخول الريب فيه فالعلم الّذي حفظه أصعب من حفظ الدَّين أحرى بأن يكتب ويحفظ من دخول الريب والشك فيه(2) .


فإذا كان النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ لا ينطق عن الهوى وانّما ينطق عن


1 . مسند أحمد 2 / 207 .


2 . الخطيب البغدادي: تقييد العلم 70 .



الوحي الّذي يوحى إليه(1) فيجب حفظ كلمه وأفعاله وتقريره. حتّى تصدر الاُمة عنها ويستغني المسلم عن المقاييس الظنّية والاستنباطات الذوقية .


وبالرغم من وضوح الأمر وانّه كان من واجب ووظيفة المسلمين الاهتمام بدراسة سنّة النبىّ ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وتدوينها. حالت الخلافة دون ذلك فأصبحت كتابة السنّة جريمة لا تغتفر حتّى انّ الخليفة الثاني قال لأبي ذرّ وعبداللّه بن مسعود وأبي الدرداء: «ما هذا الحديث الّذي تفشون عن محمّد؟»(2) .


ولقد أضحى عمل الخليفة سنّة فاتّبعه عثمان ومشى على خطاه معاوية، فأصبح ترك كتابة الحديث سنّة إسلامية وعُدّت الكتابة شيئاً منكراً مخالفاً لها .


إنّ الرزيّة الكبرى هي المنع عن التحدّث بحديث رسول اللّه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وكتابته وتدوينه، وفسح المجال في نفس الوقت للرهبان والأحبار للتحدّث بما عندهم من صحيح وباطل، ولقد أذن عمر لتميم الداري النصراني الّذي استسلم في عام 9 من الهجرة أن يقص(3) .


ولمّا تسنّم عمر بن عبدالعزيز منصب الخلافة، أدرك ضرورة تدوين الحديث فكتب إلى أبي بكر بن حزم في المدينة، أن يقوم بتدوين الحديث قائلا: إنّ العلم لا يهلك حتّى يكون سرّا(4) .


ومع ذلك فلم يقدر ابن حزم على القيام بما أمر به الخليفة. لأنّ رواسب الحظر


1 . اقتباس عن قوله سبحانه: (ما ضَلَّ صاحبُكُم وما غوى * وما ينطقُ عن الهوى * إنً هو إلاّ وحيٌ يُوحى) ـ النجم / 2 ـ 4 .


2 . كنز العمال 10 / 293 برقم 29479. وفيه: ما هذه الأحاديث الّتي قد أفشيتم عن رسول اللّه الآفاق؟


3 . كنز العمال 10 / 281 .


4 . صحيح البخاري 1 / 27 .



السابق المؤكد من قبل الخلفاء، حالت دون اُمنيته إلى أن زالت دولة الاُمويين وجاءت دولة العباسيين. فقام المسلمون بتدوين الحديث في عصر أبي جعفر المنصور سنة 143. وأنت تعلم أنّ الخسارة الّتي لحقت بالتراث الاسلامي من منع تدوين السنّة لا تجبر بتدوينه بعد مضي قرن ونيّف، وبعد موت الصحابة وكثير من التابعين الذين رأوا النور وسمعوا منه الحديث. ولم يحدثوا ما سمعوه إلاّ سرّاً ومن ظهر القلب إلى مثله .


أضف إلى ذلك أنّ الأحبار والرهبان والمأجورين للبلاط الأموي نشروا كل كذب وافتراء بين المسلمين .


اهتمام الشيعة بتدوين الحديث:



قام الامام أميرالمؤمنين علي ـ عليه السلام ـ بتأليف عدة كتب في زمان النبي، فقد أملى رسول اللّه كثيراً من الأحكام عليه وكتبها الامام واشتهر بكتاب علي وقد روى عنه البخاري في صحيحه في باب «كتابة الحديث»(1) وباب «أثم من تبرّأ من مواليه»(2) وقد تبعه ثلّة من الصحابة الذين كانوا شيعة الامام وإليك أسماء من اهتمّ بتدوين الآثار وما له صلة بالدين وإن لم يكن حديث الرسول .


1- قام أبو رافع صحابي الرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ بتدوين كتاب السنن والأحكام والقضايا(3).


2- قام الصحابي الكبير سلمان الفارسي المتوفى سنة 34 بتأليف كتاب حديث


1 . صحيح البخاري 1 / 27 كتاب العلم .


2 . صحيح البخاري 8 كتاب الفرائص الباب 20 ص 154 .


3 . النجاشي: الرجال 64 برقم 1 .



الجاثليق الرومي الّذي بعثه ملك الروم بعد وفاة الرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قال الشيخ الطوسي: روى سلمان حديث الجاثليق الّذي بعثه ملك الروم بعد النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ (1) .


3- وألّف الصحابي الورع أبو ذر الغفاري المتوفّى سنة 32 كتاب الخطبة يشرح فيها الاُمور بعد رسول اللّه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ (2) .


هذا ما يرجع إلى الصحابة من الشيعة وأمّا الشيعة من غير الصحابة أعني التابعين وتابعي التابعين منهم، فقد قام لفيف منهم بتدوين السنّة إلى عصر الغيبة الكبرى، قد تكفّل بذكرهم وتآليفهم معاجم الرجال قديماً وحديثاً وإليك عرضاً موجزاً من محدّثي الشيعة وموّلّفيهم في القرن الأوّل وبداية الثاني .


الطبقة الاُولى:



1- الأصبغ بن نباتة المجاشعي، كان من خاصة أميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ روى عنه ـ عليه السلام ـ عهد الأشتر، ووصيته إلى ابنه محمّد(3) .


2- عبيداللّه بن أبي رافع، المدني، مولى النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ، كان كاتب أميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ ، له كتاب قضايا أميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ وتسمية من شهد مع أميرالمؤمنين الجمل وصفين والنهروان(4) .


3- ربيعة بن سميع، له كتاب في زكاة النعم عن أميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ (5).


1 . الطوسي: الفهرست 8 .


2 . الطوسي: الفهرست 54 .


3 . النجاشي: الرجال 1 / 70 برقم 4 .


4 . الطوسي: الفهرست 107 .


5 . النجاشي: الرجال 1 / 67 برقم 2 .



4- سليم بن قيس الهلالي: أبو صادق، له كتاب وهو مطبوع باسم كتاب سليم بن قيس .


5- علي بن أبي رافع، قال النجاشي: ولابن أبي رافع كتاب آخر، وهو علي بن أبي رافع، تابعي من خيار الشيعة، كانت له صحبة من أميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ ، وكان كاتباً له، حفظ كثيراً، وجمع كتاباً في فنون من الفقه: الوضوء، والصلاة، وسائر الأبواب(1) .


6- عبيداللّه بن الحر الجعفي، الفارس، الفاتك، الشاعر، له نسخة يرويها عن أميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ (2) .


7- زيد بن وهب الجهني، له كتاب خطب أميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ على المنابر في الجمع والأعياد وغيرها(3) .


الطبقة الثانية:



1- الامام السجاد زين العابدين ـ عليه السلام ـ ، له الصحيفة الكاملة، المشتهرة بزبور آل محمّد ـ عليهم السلام ـ .


2- جابر بن يزيد بن الحارث الجعفي، أبو عبداللّه، المتوفّى سنة 128، له كتب (4) .


3- زياد بن المنذر، الضعيف، كان مستقيماً ثم انحرف، له أصل ،


1 . النجاشي: الرجال 1 / 65 برقم 1 .


2 . النجاشي: الرجال 1 / 71 برقم 5 .


3 . الطوسي: الفهرست 72 .


4 . النجاشي: الرجال 1 / 313 برقم 330 .



وله كتاب التفسير(1) .


4- لوط بن يحيى بن سعيد، شيخ أصحاب الأخبار بالكوفة، له كتب كثيرة، أورده الشيخ في رجاله(2) في أصحاب الحسن والصادق ـ عليهما السلام ـ .


5- جارود بن منذر الثقة، أورده الشيخ في أصحاب الحسن والباقر والصادق ـ عليهم السلام ـ ، له كتب(3) .


الطبقة الثالثة:



وهم من أصحاب السجاد والباقر ـ عليهما السلام ـ :


1- برد الاسكاف، من أصحاب السجاد والصادقين ـ عليهم السلام ـ ، له كتاب(4) .


2- ثابت بن دينار، أبو حمزة الثمالي الأزدي، الثقة، المتوفّى سنة 150 روى عنهم ـ عليهم السلام ـ ، له كتاب، وله النوادر والزهد، وله تفسير القرآن(5) .


3- ثابت بن هرمز، الفارسي، أبو المقدم العجلي، مولاهم الكوفي، روى نسخة عن علي بن الحسين ـ عليهما السلام ـ (6) .


4- بسام بن عبداللّه، الصيرفي، مولى بني أسد، أبو عبداللّه، روى عن


1 . الطوسي: الفهرست 72 .


2 . الطوسي: الرجال 279 من أصحاب الصادق ـ عليه السلام ـ ولاحظ تعليقة المحقق .


3 . الطوسي: الرجال 112 في أصحاب الباقر ـ عليه السلام ـ .


4 . النجاشي: الرجال 1 / 284 برقم 289 .


5 . النجاشي: الرجال 1 / 289 برقم 294 .


6 . النجاشي: الرجال 1 / 292 برقم 296 .



أبي جعفر وأبي عبداللّه ـ عليهما السلام ـ ، له كتاب(1) .


5- محمّد بن قيس البجلي، له كتاب قضايا أميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ (2) .


6- حجر بن زائدة الحضرمي، روى عن الباقر والصادق ـ عليهما السلام ـ ، له كتاب(3) .


7- زكريا بن عبداللّه الفياض، له كتاب(4) .


8- ثوير بن أبي فاختة «أبو جهم الكوفي»، واسم أبي فاختة: سعيد بن علاقة(5) .


9- الحسين بن ثور بن أبي فاختة سعيد بن حمران، له كتاب نوادر(6) .


10- عبدالمؤمن بن القاسم بن قيس، الأنصاري، المتوفّى سنة 147، عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب السجّاد والصادقين ـ عليهم السلام ـ ، له كتاب(7) .


ولقد خصّص أبو عمرو الكشّي باباً للمحدّثين المتقدّمين من الشيعة وجعله في صدر رجاله، وتبعه النجاشي في رجاله فخصّ الطبقة الاُولى بباب ثمّ أورد أسماء الرواة على حسب الأحرف الهجائية .


ولقد أجاد الشيخ الطوسي في التعرّف على طبقات الشيعة بعد رسول اللّه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ إلى عصره فذكر الأئمّة الاثني عشر، وذكر أصحاب كل إمام


1 . النجاشي: الرجال 1 / 282 برقم 286 .


2 . الطوسي: الفهرست 131 .


3 . النجاشي: الرجال 1 / 347 برقم 382 .


4 . النجاشي: الرجال 1 / 391 برقم 452 .


5 . النجاشي: الرجال 1 / 295 برقم 301 .


6 . النجاشي: الرجال 1 / 166 برقم 124 .


7 . النجاشي: الرجال 2 / 168 برقم 653 .



وفق الترتيب الزمني، ثمّ ذكر باباً آخر باسم من لم يرهم ولكن روى عنهم بالواسطة.


وأحسن كتاب ألّف في هذا المجال هو ما ألّفه اُستاذنا الجليل السيد النحرير المحقق البروجردي الّذي أخرج رجال الشيعة في 34 طبقة، من عصر الصحابة إلى زمانه (1292 ـ 1380) فهذا الكتاب يكشف عن سبق الشيعة في نظم الحديث وتدوينه، وأنّهم لم يقيموا لمنع الخلفاء وزناً ولا قيمة. وبذلك حفظوا نصوص النبي الأكرم وأهل بيته وقدّموها إلى المجتمع الاسلامي، فعلى جميع علماء المسلمين أن يتمسّكوا بهذا الحبل الّذي هو أحد الثقلين .


هذا عرض موجز لمحدّثي الشيعة إلى عصر السجاد والباقر ـ عليهما السلام ـ وأمّا الطبقات الاُخرى فيأتي الكلام في فصل قدماء الشيعة والفقه لأنّهم تجاوزوا عن التحديث إلى درجة الاجتهاد .


8- قدماء الشيعة والفقه الاسلامي:



إنّ الفقه الشيعي هو الشجرة الطيّبة، الراسخة الجذور، المتّصلة الاُسس بالنبوّة، امتازت بالسعة والشمولية، والعمق، والدقّة، والقدرة على مسايرة العصور المختلفة، والمستجدّات من دون أن تتخطّى عن الحدود المرسومة في الكتاب والسنّة .


إنّ الفقه الامامي يعتمد في الدرجة الاُولى على القرآن الكريم ثمّ على السنّة المحمدية المنقولة عن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ عن طريق العترة الطاهرة ـ عليهم السلام ـ أو الثقات من أصحابه والتابعين لهم باحسان .


وكما يعتمد الفقه الشيعي على الكتاب والسنّة كذلك يتّخذ من العقل مصدراً في المجال الّذي له الحق في ابداء الرأي. كأبواب الملازمات العقلية أو قبح التكليف بلا بيان أو لزوم البراءة اليقينية عند الاشتغال اليقيني .



ولا يكتفي بذلك بل يستفيد من الاجماع في الاستنباط ولكن الاجماع المفيد هو الكاشف عن وجود النص في المسألة أو موافقة الامام المعصوم مع المجمعين في عصر الحضور .


إنّ الشيعة الامامية قدّمت في ظلّ هذه الاُسس الأربعة فقهاً يتناسب مع المستجدّات، جامعاً لما تحتاج إليه الاُمّة ولم يقفل باب الاجتهاد، منذ رحلة النبي إلى يومنا هذا. بل فتح بابه طيلة القرون فأنتج عبر العصور فقهاءً عظاماً، وموسوعات كبارا. لم يشهد التاريخ لها ولهم مثيلا وإليك عرضاً موجزاً لمشاهير فقهائهم والايعاز إلى بعض كتبهم في القرون الأولى .


فقهاء الشيعة في القرنين الأوّلين:



تخرّجت من مدرسة أهل البيت وعلى أيدي أئمة الهدى عدة من الفقهاء العظام لا يستهان بهم فبلغوا الذروة في الاجتهاد كزرارة بن أعين، ومحمّد بن مسلم الطائفي، وبريد بن معاوية، والفضيل بن يسار، وكلّهم من أفاضل خريجي مدرسة أبي جعفر الباقر وولده الصادق ـ عليهما السلام ـ . فأجمعت العصابة على تصديق هؤلاء وانقادت لهم في الفقه والفقاهة .


ويليهم في الفضل لفيف آخر، هم أحداث خريجي مدرسة أبي عبداللّه الصادق نظراء جميل بن دراج، وعبداللّه بن مسكان، وعبداللّه بن بكير، وحماد بن عثمان، وحماد بن عيسى، وأبان بن عثمان .


وهناك ثلة اُخرى يعدّون من تلاميذ مدرسة الامام موسى الكاظم وابنه أبي الحسن الرضا ـ عليهما السلام ـ نظراء يونس بن عبدالرحمان، ومحمّد بن أبي عمير، وعبداللّه بن المغيرة، والحسن بن محبوب، والحسين بن علي بن فضال، وفضالة



ابن أيوب(1) .


أكثر هؤلاء من فقهاء أواخر القرن الثاني وأوائل القرن الثالث .


هؤلاء أعلام الشيعة في الفقه والحديث في القرنين الأوّلين وكلّهم خريجو مدرسة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ ولقد خلّفوا آثاراً علمية باسم الأصل، والكتاب، والنوادر، والجامع، والمسائل وعناوين اُخرى.


أصحاب الجوامع الفقهية في القرن الثالث:



لم تزل تنجب مدرسة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ في القرن الثالث فقهاءاً كباراً ألّفوا جوامع فقهية. نشير إلى بعضهم:


1- يونس بن عبدالرحمان، ولقد وصفه ابن النديم في فهرسته بعلاّمة زمانه، له جوامع الآثار والجامع الكبير، وكتاب الشرائع.


2- صفوان بن يحيى البجلي، الّذي كان أوثق أهل زمانه وصنّف 30 كتابا.


3 و 4 ـ الحسن والحسين ابنا سعيد بن حماد الأهوازي، صنّفا الكتب الثلاثين.


5- أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، المتوفّى 274 صاحب كتاب المحاسن وغيره.


6- محمّد بن أحمد بن يحيى الأشعري القمّي، صاحب نوادر الحكمة المتوفّى حوالي 293. صاحب الجامع المعروف .


7- أحمد بن محمّد أبي نصر البزنطي، المتوفّى 221، صاحب الجامع


1 . أبو عمرو الكشي: الرجال 206 ـ 222 ـ 466، وراجع رجال النجاشي في ترجمتهم وذكر آثارهم ومنزلتهم في الفقه .



المعروف .


فقهاء الشيعة في القرن الرابع:



هؤلاء هم فقهاء الشيعة في القرن الثالث ويليهم عدة اُخرى في القرن الرابع نذكر أسماءهم على وجه الاجمال:


1- الحسن بن علي بن أبي عقيل شيخ الشيعة وفقيهها صاحب كتاب المتمسك بحبل آل الرسول .


2- علي بن الحسين بن بابويه، المتوفّى 329، صاحب كتاب الشرائع .


3- محمّد بن الحسن بن الوليد القمي، جليل القدر، شيخ القميين وفقيههم ومتقدّمهم مات سنة 343 ولقد بلغ في الوثاقة والدقة على حد يسكن إليها الشيخ الصدوق في تصحيحاته وتضعيفاته .


4- جعفر بن محمّد بن قولويه. اُستاذ الشيخ الصدوق مؤلّف كامل الزيارات، يقول النجاشي: إنّه من ثقات أصحابنا وأجلاّئهم في الفقه والحديث. توفّي عام 369.


5- محمّد بن علي بن الحسين الصدوق 306 ـ 381، مؤلّف من لا يحضره الفقيه والمقنع والهداية .


6- محمّد بن أحمد بن الجنيد المعروف بالاسكافي، المتوفّي سنة 385 .


قال النجاشي: وجه في أصحابنا ثقة جليل القدر صنّف فأكثر، ثمّ ذكر فهرس كتبه ومنها كتاب تهذيب الشيعة لأحكام الشريعة. وكتاب الأحمدي للفقه المحمّدي .


مشاهير الفقهاء في القرن الخامس:



وفي القرن الخامس نبغ فقهاء كبار، احتفل الفقه الشيعي بل الاسلامي



بأسمائهم وآرائهم كالشيخ المفيد 336 ـ 413 والسيد المرتضى 355 ـ 436 والشيخ الكراجكي 449 والشيخ الطوسي 385 ـ 460 وسلاّر الديلمي مؤلف المراسم، وابن البراج 401 ـ 489 مؤلف المهذب، وغيرهم الذين ملأت أسماؤهم كتب التراجم والرجال، ومن أراد الوقوف على حياتهم وكتبهم فعليه بالرجوع إلى الموسوعات الرجالية وأخص بالذكر كتاب الذريعة إلى تصانيف الشيعة .


هذا عرض موجز لمشاركة الشيعة في بناء الحضارة الإسلامية على المستوى الفقهي. وبعين اللّه انّ علماء الشيعة قاموا بهذه الجهود في ظروف قاسية ورهيبة، وكانت الحكومات ومرتزقة البلاط تطاردهم وتسجنهم وتقتلهم ومع ذلك نرى هذا الانتاج العلمي الهائل في مجال الفقه. ولو وقف عليها علماء الإسلام لا ندهشوا من سعة الفكر، وعمق النظر، وغزارة الانتاج .


هذا هو الشيخ الطوسي الّذي ألّف المبسوط في الفقه المقارن في 8 أجزاء في زمن كانت نار الحرب مشتعلة على الشيعة ولقد أحرقت داره، ومكتبته في كرخ بغداد فالتجأ سرّاً إلى النجف الأشرف تاركاً بلده الّذي عاش فيه قرابة نصف قرن، وأين هؤلاء من الفقهاء الذين تنعّموا بالهدوء والاستقرار، واستقبلتهم السلطات الحاكمة بصدر رحب، واُجيزوا بازاء شعر أو كتيب أو رسالة صغيرة بالهبات والعطايا .


9- قدماء الشيعة وعلم اُصول الفقه:



إنّ السنّة النبوية بعد القرآن الكريم هي المصدر للتشريع، وقد سبق أنّ الخلاقة ـ بعد رحلة الرسول ـ حالت دون تحديث ما تركه بين الاُمة، وكتابته وتدوينه. فلم تدوّن السنّة إلى عصر أبي جعفر المنصور إلاّ صحائف غير منظّمة ولا مرتّبة إلى أن



شرع علماء الإسلام في التدوين سنة 53(1) .


إنّ الحيلولة بين السنّة وتدوينها ونشرها أدّت إلى نتائج سلبية عظيمة منها قصور ما وصل إلى الفقهاء في ذلك العصر صحيحاً من الرسول، عن تلبية متطلّباتهم في مجال الأحكام. حتّى اشتهر عن امام الحنفية أنّه لم يثبت عنده من أحاديث الرسول في مجال التشريع إلاّ سبعة عشر حديثا .


نحن لا نوافق مع ما حكي عن النعمان ولكن نؤكّد على شيء آخر، وهو أنّ ما ورد في مجموع الصحاح والمسانيد والسنن الأعم من الصحيح والضعيف في مجال الأحكام الشرعية، لا يتجاوز 500 حديثاً، قال السيد محمّد رشيد رضا: إنّ أحاديث الأحكام الاُصول لا تتجاوز 500 حديثاً تمدّها أربعة آلاف فيما أذكر(2).


ويقول أيضاً في تفسيره: يقولون انّ مصدر القوانين، الاُمة، ونحن نقول بذلك، في غير المنصوص في الكتاب والسنّة. كما قرّره الامام الرازي والمنصوص قليل جدّاً(3) .


وما ذكره من قضية الامداد، يوحي إلى الموقوفات عن الصحابة من دون أن يثبت صدورها عن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فهذه الموقوفات تعرب عن اجتهادات الصحابة في المسألة. ومن المعلوم انّ قول الصحابي لا يكون حجّة إلاّ إذا نسبه إلى الرسول .


هذا وأنّ الحافظ ابن حجر العسقلاني المتوفّى 852 جمع كل ما ورد في


1 . جلال الدين السيوطي: تاريخ الخلفاء 261 .


2 . الوحي المحمّدي، الطبعة السادسة 212، نعم أنهاه ابن حجر في كتابه «بلوغ المرام» إلى 1596 لكن كثيراً منها لا يتضمّن حكماً شرعياً وانّما هي أحاديث أخلاقية وغيرها فلاحظ .


3 . المنار 5 / 189 .



مجال التشريع في كتاب أسماه بلوغ المرام من أدلّة الأحكام(1) وهو كتاب صغير جدّاً .


إنّ افتقاد النص في مجال التشريع الّذي واجه فقهاء أهل السنّة بعد رحلة الرسول، هو الّذي دعاهم إلى التفحّص عن حلول لهذه الأزمة حتّى تسد حاجاتهم الفقهية فعكفوا على المقاييس الظنية الّتي ما أنزل اللّه بها من سلطان كالقياس، والاستقراء، والاستحسان، وسد الذرائع، وسنّة الخلفاء، أو سنّة الصحابة، أو رأي أهل المدينة إلى غير ذلك من القواعد وأسّسوا عليها فقههم عبر قرون متمادية، وقد جاء ذلك نواة لتأسيس علم اُصول الفقه بصورة مختصرة نمت ونضجت في الأجيال .


وأمّا الشيعة حيث إنّهم لم يفتقدوا سنّة الرسول بعد وفاته لوجود باب علم النبي، علي ـ عليه السلام ـ والأئمة المعصومين بين ظهرانيهم فلم تكن هناك أية حاجة للعمل بتلك المقاييس وبالتالي لم يكن هناك أي دافع للاتّجاه نحو اُصول الفقه .


نعم لمّا كان الإسلام ديناً عالمياً والنبىّ ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ خاتم الأنبياء، والاُصول والسنن مهما كثرت لا يمكن أن تلبّي بحرفيتها حاجات المسلمين إلى يوم القيامة، انبرى أئمّة أهل البيت إلى املاء ضوابط وقواعد يرجع إليها الفقيه عند فقدان النص أو اجماله أو تعارضه إلى غير ذلك من الحالات الّتي يواجه بها الفقيه. وتلك الاُصول هي الّتي تشكّل أساساً لعلم اُصول الفقه ولقد جمعها عدّة من الأعلام في كتاب خاص أفضلها الفصول المهمّة في اُصول الأئمّة للشيخ المحدث الحر العاملي المتوفّي 1104 .


فلو تأخّرت الشيعة في تدوين مسائل اُصول الفقه فانّما لأجل ذاك الغنى الذي


1 . بلوغ المرام من أدلة الأحكام، طبع مصر تحقيق محمّد حامد الفقي .



عرفت، ومع ذلك نرى انّ لفيفاً من صحابة الأئمّة درسوا بعض مسائل اُصول الفقه نظير:


1- هشام بن الحكم المتوفّى سنة 199، صنّف كتاب الألفاظ(1) .


2- يونس بن عبدالرحمان، صنّف كتاب اختلاف الحديث ومسائله. وهو مبحث تعارض الحديثين(2) .


3- إسماعيل بن علي بن إسحاق بن أبي سهل بن نوبخت 237 ـ 311 .


قال النجاشي: كان شيخ المتكلّمين من أصحابنا وذكر مصنّفاته وعدّ منها كتاب الخصوص والعموم(3) وذكره ابن النديم في فهرسته وعدّ من مصنّفاته كتاب ابطال القياس. وكتاب نقض اجتهاد الرأي على ابن الراوندي(4) .


4- أبو محمّد الحسن بن موسى النوبختي من علماء القرن الثالث له كتاب الخصوص والعموم والخبر الواحد والعمل به(5) .


5- أبو منصور صرام النيشابوري من علماء القرن الثالث وأوائل الرابع له ابطال القياس(6) .


6- محمّد بن أحمد بن داود بن علي المتوفّى عام 368 قال النجاشي: شيخ


1 . النجاشي: الرجال 2 / 398 برقم 1165 وهو مردد بين كونه كتاب لغة أو أدب، أو كونه باحثاً عن الألفاظ الّتي يستخدمها الفقيه في استنباط الأحكام لكون الأمر للوجوب والمرّة والتكرار أو الفورية والتأخير إلى غير ذلك .


2 . الطوسي: الفهرست 211 برقم 810 والنجاشي 2 / 420 .


3 . النجاشي: الرجال 1 / 121 برقم 67 .


4 . ابن النديم: الفهرست 265 طبع مطبعة الاستقامة القاهرة .


5 . النجاشي: الرجال 1 / 180 ـ 181 برقم 146 .


6 . الطوسي: الفهرست قسم الكنى 381 برقم 588 .



هذه الطائفة وعالمها له كتاب الحديثين المختلفين(1) .


7- محمّد بن أحمد بن الجنيد المتوفّى سنة 381 له كتاب كشف التمويه والالتباس في ابطال القياس(2) .


والطابع السائد على هذه الكتب هو دراسة بعض المسائل الاُصولية كحجّية خبر الواحد، أو حل مشكلة اختلاف الحديثين أو نقد بعض الأساليب الرائجة في تلك الأجيال في استنباط الأحكام، كالقياس وغيره ولا يصحّ عدّها كتباً اُصوليّة بالمعنى المصطلح، نعم يمكن عدّها مرحلة اُولى، ونواة بالنسبة إلى المرحلة الثانية .


وأمّا المرحلة الثانية فقد امتازت، بالسعة والشمول، بادخال كثير من المسائل الأدبية والكلامية في علم اُصول الفقه وأوّل من فتح هذا الباب على وجه الشيعة بمصراعيه:


معلم الاُمّة الشيخ المفيد (336 ـ 413) فألّف رسالة في هذا المضمار وأدرجها تلميذه العلاّمة الكراجكي في كتابه كنز الفوائد(3) .


وألّف بعده تلميذه الجليل علم الهدى المعروف بالسيد المرتضى كتابه القيم الذريعة إلى اُصول الشريعة طبع في جزأين، وقد رأيت منهانسخة مخطوطة في مدينة قزوين جاء فيها تاريخ فراغ المؤلّف منه عام 400 .


الشيخ الطوسي: (385 ـ 460) ألّف عدّة اُصول وطبع مرات، وعن طريق هذه الكتب، انتشرت آراء الشيعة في علم الاُصول .


ثمّ دخلت المرحلة الثالثة فقد اُلّف فيها كتب منها:


1 . النجاشي: الرجال 2 / 305 برقم 1046 .


2 . النجاشي: الرجال 2 / 304 برقم 1048 .


3 . كنز الفوائد 2 / 15 ـ 30 طبع بيروت .



1- التقريب في اُصول الفقه للشيخ أبي ليلى المعروف بسلاّر بن عبدالعزيز الديلمي صاحب المراسم توفّي عام 448 .


2- غنية النزوع إلى علمي الاُصول والفروع تأليف أبي المكارم حمزة بن علي بن زهرة المعروف بابن زهرة المتوفّى عام 585 .


3- المصادر تاليف الشيخ سديد الدين الحمصي المتوفّى حدود سنة 600 .


هذه هي المراحل الثلاثة إلتي مرّ بها علم الاُصول، وقد تلتها مراحل اُخرى إلى أن بلغت في القرن الرابع عشر ذروتها وقمّتها وبلغ أعلى مراحل كمالها، ويتّضح ذلك من ملاحظة ما اُلّف من عصر الاُستاذ الأكبر المحقق البهبهاني (1118 ـ 1206) إلى يومنا، فقد راج التحقيق في المسائل الاُصولية من عصره إلى عصر الشيخ مرتضى الأنصاري (1212 ـ 1281) وعصر تلميذه الشيخ محمّد كاظم الخراساني (1255 ـ 1329) ففي هذه الفترة: أي القرون الثلاثة، اُلّف مئات الكتب والرسائل في ذاك المجال، ولا اُغالي إذا قلت: انّه لم تبلغ طائفة من الطوائف الإسلامية تلك الدرجة الّتي وصلت إليها الشيعة في علمي الفقه والاُصول من جانب كثرة الانتاج والاستيعاب ودقه النظر، شكر اللّه مساعيهم.


10- قدماء الشيعة وعلم المغازي والسير:



مغازي النبىّ الأكرم جزء من تاريخ حياته وسيرته، والرسول قدوة واُسوة وفعله كقوله حجّة بلا اشكال وقد وضع بعضهم كتباً في فقه السيرة(1) فكان على المسلمين ضبط دقيقها وجليلها، وقد قاموا بذلك لولا أنّ الخلافة حالت دون الاُمنية. ولكن قيض اللّه سبحانه، رجالا في الشيعة في ذلك المجال ضبطوا سيرة الرسول


1 . كزاد المعاد لابن القيم، وفقه السيرة للشيخ الغزالي المعاصر .



ومغازيه:


1- منهم محمّد بن إسحاق بن يسار (ت 151): عدّه الشيخ الطوسي في رجاله(1) من أصحاب الإمام الصادق. ولأجل ولائه لأهل بيت النبوّة وصفه ابن حجر في التقريب «بأنّه امام المغازي، صدوق،يدلس ورمي بالتشيّع والقدر»(2) وفي مختصر الذهبي: انّه كان صدوقاً من بحور العلم، وعن تاريخ اليافعي عن شعبة بن الحجاج انّه قال: محمّد بن إسحاق أميرالمؤمنين في الحديث، وعن الشافعي: من اراد أن يتبحّر في المغازي فهو عيال محمّد بن إسحاق(3) .


لمّا كان المترجم شيعياً مجاهراً في ولائه لأهل البيت عمد ابنهشام (ت 212) بتلخيص كتابه على أساس حذف ما لا يلائم نزعته فحذف أكثر ما له صلة بفضائل الامام علي وأهل بيته .


فعلى الشيعة الغيارى التفحّص في مكتبات العالم وفهارسها، حتّى يعثروا على نسخة الاُم، وينشروا هذا الكنز الدفين، وقد أذعن بعض المستشرقين انّه عثر على الأصل ونشره باسم سيرة ابن إسحاق، لكنّه جزء من السيرة لا كلّها .


ومن حسن الحظ انّ سيرة ابن إسحاق وإن لم تكن موجودة بصورتها لكنّها موجودة بمادتها فقد بثّها الطبرسي (470 ـ 548) في أجزاء مجمع البيان، وابن الجوزي (1595) في المنتظم، وابن كثير في تاريخه وغيرهم، فعلى المحققين العظام، استخراج مادة السيرة عن هذه الكتب، وملخّصها المعروف بالسيرة النبوية لابن هشام .


1 . الطوسي: الرجال 181 .


2 . ابن حجر: التقريب 2 / 144 برقم 40 .


3 . المامقاني: تنقيح المقال 3 / 79 برقم 1038 .



2- نعم سبق ابن إسحاق، عبيداللّه بن أبي رافع من أصحاب الامام أميرالمؤمنين، فقد عمل كتاباً أسماه تسمية من شهد مع أميرالمؤمنين، الجمل وصفين والنهروان من الصحابة، ذكره الشيخ في الفهرس(1) لكنّه في مغازي الوصيّ لا النبيّ .


3- كما ألّف جابر الجعفي (ت 128) كتباً في ذلك المجال: قال النجاشي: جابر عربي قديم. ثمّ ذكر نسبه وعدّ من كتبه: كتاب الجمل وكتاب صفّين، وكتاب نهروان، وكتاب مقتل أميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ وكتاب مقتل الحسين(2) .


4- وألّف في ذلك المجال: أبان بن عثمان الأحمر البجلي الكوفي الّذي ربّما يسكن البصرة وقد أخذ عنه أبو عبيدة معمر بن المثنّى (110 ـ 209) وأبو عبداللّه بن القاسم بن سلام (157 ـ 224) وأكثروا الحكاية عنه في أخبار الشعراء والنسب والأيام، له كتاب حسن يجمع المبتدأ والمغازي والوفاة والردة(3) .


وقد جمع فيه أخبار ابتداء أمر النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ من مبعثه ومغازيه ووفاته وأخبار يوم السقيفة وارتداد بعض القبائل .


5- ومن مشاهير هذا الفن من الشيعة أبو مخنف لوط بن يحيى الأزدي الغامدي شيخ أصحاب الأخبار بالكوفة، روى عن جعفر بن محمّد ـ عليهما السلام ـ . وصنّف كتباً: منها كتاب المغازي، كتاب السقيفة، كتاب الردة، كتاب فتوح الإسلام...(4) .


6- ومن أعلامه، نصر بن مزاحم (212) ألّف كتباً كثيرة في ذلك


1 . الطوسي: الفهرست 202 .


2 . النجاشي: الرجال 1 / 313 برقم 330 .


3 . النجاشي: الرجال 1 / 80 برقم 7 .


4 . النجاشي: الرجال 2 / 384 برقم 1149 .



المجال(1) .


7- هشام بن محمّد بن السائب الكلبي (206) أعلم علماء النسب والسير والآثار، ذكره النجاشي وقال: الناسب، العالم بالأيام، المشهور بالفضل والعلم وكان يختص بمذهبنا ثمّ ذكر كتبه(2) .


هذا عرض موجز لمن شارك المسلمين من قدماء الشيعة في بناء الحضارة الإسلامية عن طريق تدوين السيرة والمغازي والمقاتل والتاريخ، وأمّا المتأخرون فسل عنهم ولا حرج، وراجع المعاجم: كأعيان الشيعة للسيد الأمين العاملي، والذريعة لشيخنا المجيز الطهراني .


11- قدماء الشيعة وعلم الرجال:



اهتمّ علماء الشيعة بعد عصر التابعين بعلم الرجال، نذكر المؤلّفين الأوائل:


1- عبداللّه بن جبلة الكناني (219) قال النجاشي: وبيت جبلة مشهور بالكوفة وكان واقفاً، وكان فقيهاً ثقة مشهوراً. له كتب، منها كتاب الرجال...(3) .


2- علي بن الحسن بن فضال كان فقيه أصحابنا بالكوفة ووجههم وثقتهم وعارفهم بالحديث، من أصحاب الامام الهادي والعسكري له كتب منها كتاب الرجال(4) .


وهذا المعروف بابن فضال الصغير، وأبوه الحسن هو ابن فضال الكبير وكلاهما فطحيان .


1 . النجاشي: الرجال 2 / 191 ـ 192 برقم 873 .


2 . النجاشي: الرجال 2 / 399 برقم 1167 .


3 . النجاشي: الرجال 2 / 13 برقم 561 .


4 . النجاشي: الرجال 2 / 82 برقم 674 .



3- الحسن بن محبوب السراد (150 ـ 224) الراوي عن ستين رجلا، من أصحاب الصادق له كتاب «المشيخة» وكتاب «معرفة رواة الأخبار»(1) .


4- أبو عمرو الكشي البصير بالأخبار والرجال، تلميذ الشيخ العياشي، وكتابه المعروف بـ «معرفة الرجال» هو الّذي لخّصه الشيخ الطوسي وأسماه بـ «اختيار معرفة الرجال» وهو الموجود في الاعصار الأخيرة .


5- الشيخ أبو العباس أحمد بن علي النجاشي (372 ـ 450) من نقّاد هذا الفن ومن أجلاّئه وأعيانه حاز قصب السبق في ميدان علم الرجال، له كتاب فهرس مصنفي الشيعة المعروف برجال النجاشي وقد طبع أخيراً محقّقاً في مؤسستنا «الامام الصادق ـ عليه السلام ـ » .


6- والشيخ الطوسي (385 ـ 460) الغني عن التعريف عمل كتابين أحدهما الفهرست والآخر الرجال ويعدّان من اُمّهات الكتب الرجالية، وتوالى التأليف في علم الرجال وأخيه علم الدراية إلى عصرنا هذا، وقد أنهى الشيخ الطهراني المؤلّفين من الشيعة في علم الرجال فبلغ قرابة خمسمائة مؤلّف شكر اللّه مساعي الجميع .


هذا عرض موجز من مشاركة علماء الشيعة في بناء الحضارة الإسلامية عن طريق تأسيس العلوم واكمالها وتطويرها، وأنت إذا وقفت على جهودهم الجبّارة في القرون الاُولى وما بعدها إلى عصرنا الحاضر، تقف على طائفة كبيرة من عمالقة العلم وجهابذة الفضل، كرسوا حياتهم الثمينة في ارساء صرح الحضارة الإسلامية ورفع قواعدها فأخلدوا لأنفسهم صحائف بيضاء ولصالح اُمّتهم حضارة انسانية، كل ذلك في ظروف قاسية وسلطات شديدة الكلب، وأضغان محتدمة، إلاّ في فترات


1 . الطوسي: الفهرست 71، برقم 162، ابن شهرآشوب: معالم العلماء 333 برقم 182، الطهراني: مصفى المقال 128 .



يسيرة .


12- قدماء الشيعة والعلوم العقلية:



جاء الإسلام ليحرّر عقل الإنسان وتفكيره من الأغلال المتراكمة الموروثة الّتي خلقتها له الأجيال الماضية وهو يخاطب العقل ويدعوه إلى التأمّل والتفكير، ويخاطب القلب والضمير بما حوله من الأدلّة الناطقة، ويكفيك أنّ الذكر الحكيم استعمل مادة «العقل» بمختلف صورها 47 مرة، و «التفكّر» 18 مرة و«اللب» 16 مرّة، و «التدبّر» 4 مرات و «النهى» مرتين. فبذلك نهى عن التقليد وحثّ على التعقّل ببيانات مختلفة .


فتارة فتح عيون الإنسان إلى الكائنات لما فيها من دلائل ناطقة على وجوده سبحانه وصفاته .قال سبحانه: (أأنْتُمْ أشَدُّ خَلْقاً أمِ السَّماءُ بَناها * رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها * وأغْطَشَ لَيْلَها وَ أخْرَجَ ضُحاها * والأرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها * أخْرَجَ مِنْها ماءَها وَ مَرْعاها * وَ الجِبالَ أرْساها * متاعاً لَكُمْ و لأنْعامِكُمْ)(1) .


واُخرى دعاه إلى التفكير والاستدلال المنطقي، فقال سبحانه: (أمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيء أمْ هُمُ الخالِقُونَ * أمْ خَلَقُوا السَّمواتِ والأرْضَ بَلْ لا يوقِنُونَ)(2) .


فعالج المشاكل العلمية والفلسفية تارة بالدعوة إلى النظر في الكون نظرة فاحصة، واُخرى بالحثِّ عى التفكير في المعارف باسلوب منطقي وبرهاني، وبذلك أيقظ عقول المسلمين وبعثهم إلى اعمال الحس والتعقّل وأعطى لكلّ قدره


1 . النازعات / 27 ـ 33 .


2 . الطور / 35 ـ 36 .



وقيمته غير أنّ المسلمين سوى قليل منهم تنكّبوا عن هذا الطريق، خصوصاً في ما يرجع إلى المعارف العليا، فصاروا بين مشبّه ومعطّل، فالبسطاء منهم بنوا عقائدهم على الجمود بالمفردات الواردة في الكتاب والسنّة، وبذلك استغنوا عن أىّ تعقّل وتفكّر، إلى أن بلغت جرأتهم إلى حدّ قال بعضهم في الخالق: اعفوني عن الفرج واللحية واسألوني عمّا وراء ذلك(1)، فهؤلاء هم المجسّمة والمشبّهة ،وأمّا غيرهم فاختاروا تعطيل العقول عن التفكّر في اللّه سبحانه، فقالوا: اُعطينا العقل لاقامة العبودية لا لادراك الربوبيّة، فمن شغل ما اُعطي لاقامة العبودية بادراك الربوبية فاتته العبودية، ولم يدرك الربوبية(2) .


فالأكثرية الساحقة في القرون الاُولى كانوا بين مشبّه ومعطّل، غير أنّه سبحانه شملت عنايته اُمّة من المسلمين رفضوا التشبيه والتعطيل، وسلكوا طريقاً ثالثاً، وقالوا بأنه يمكن للانسان التعرّف على ما وراء الطبيعة بما فيها من الجمال والكمال عن طريقين:


1- النظرة الفاحصة إلى عالم الوجود وجمال الطبيعة كما وردت في القرآن الكريم.


2- ترتيب الأقيسة المنطقية للوصول إلى الحقائق العليا، وهذا هو الخط الّذي رسمه القرآن الكريم، ومشى على هذا الخط أئمّة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ من أوّلهم إلى آخرهم.ترى ذلك في كلام الامام علي ـ عليه السلام ـ بوضوح، في أحاديثه وخطبه، ورسائله وكلمه ولا يمكن لنا نقل معشار منه، ونكتفي بحديث واحد .


1 . الشهرستاني: الملل والنحل 1 / 105 ط دار المعرفة لبنان .


2 . علاقة الاثبات والتفويض نقلا عن الحجة في بيان المحجة 33 .



سأله سائل: هل يقدر ربّك أن يُدخل الدنيا في بيضة من غير أن يُصغّر الدنيا أو يُكبّر البيضة؟ فقال: إنّ اللّه تبارك وتعالى لا ينسب إلى العجز والّذي سألتني لا يكون(1).


إنّ خطب الامام ـ عليه السلام ـ ورسائله وقصار حكمه صار هو الحجر الأساس لكلام الشيعة وآرائهم في العقائد والمعارف، ولم يقف نشاط الشيعة في ذلك المجال، بل جاءت الأئمة بعد الامام، ففتحوا عقول شيعتهم بالدعوة إلى التدبّر والتفكّر في المعارف، حتّى تربّى في مدرستهم عمالقة الفكر من عصر سيد الساجدين إلى عصر الامام العسكري، تجد أسماءهم وتآليفهم وافكارهم في المعاجم وكتب الرجال، وقد نبغ في عصر أئمة أهل البيت مفكّرون بارزون افادوا الأجيال من بعدهم، نأتي بأسماء البارزين بعد استفحال علم الكلام في أوائل القرن الثاني .


متكلّموا الشيعة في القرن الثاني:



1- زرارة بن أعين بن سُنسُن: مولى (بني عبداللّه بن عمرو السمين بن اسعد بن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان)، أبوالحسن. شيخ أصحابنا في زمانه، ومتقدّمهم، وكان قارئاً، فقيهاً، متكلّماً، شاعراً، أديباً، قد اجتمعت فيه خصال الفضل والدين، صادقاً في ما يرويه.


قال أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه: رأيت له كتاباً في الاستطاعة والجبر(2) وقال ابن النديم: وزرارة أكبر رجال الشيعة فقهاً وحديثا


1 . الصدوق: التوحيد 130 باب «القدرة» برقم 9 .


2 . النجاشي: الرجال 1 / 397 برقم 461، الطوسي الفهرست برقم 314، الكشي: الرجال برقم 62، الذهبي: ميزان الاعتدال 2 برقم 2853 .



ومعرفة بالكلام والتشيّع(1) وهو من الشخصيات البارزة للشيعة الّتي اجتمعت العصابة على تصديقهم، وهو غنيّ عن التعريف والتوصيف .


2- محمّد بن علي بن النعمان بن أبي طريفة البجلي: مولى الأحول «أبو جعفر»، كوفي، صيرفي يلقب بـ «مؤمن الطاق» و «صاحب الطاق»، ويلقّبه المخالفون بـ «شيطان الطاق»... وكان دكانه في طاق المحامل، بالكوفة، فيرجع إليه في النقد فيردّ ردّاً فيخرج كما يقول، فيقال «شيطان الطاق». أمّا منزلته في العلم وحسن الخاطر، فاشهر وقد نسب إليه أشياء لم تثبت عندنا. وله كتاب «افعل لا تفعل» رأيته عند أحمد بن الحسين بن عبيداللّه رحمه اللّه، كتاب حسن كبير، وقد أدخل فيه بعض المتأخرين أحاديث تدل فيه على فساد، ويذكر تباين أقاويل الصحابة. وله كتاب «الاحتجاج في إمامة أميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ » وكتاب كلامه على الخوارج، وكتاب مجالسه مع أبي حنيفة والمرجئة...(2)فقد توفي الامام الصادق عام 148، وأبو حنيفة عام 150، فالرجل من متكلّمي القرن الثاني .


وقال ابن النديم وكان متكلّماً حاذقاً وله من الكتب كتاب الامامة، كتاب المعرفة، كتاب الرد على المعتزلة في إمامة المفضول، كتاب في أمر طلحة والزبير وعائشة(3) .


3- هشام بن الحكم: قال ابن النديم: هو من متكلّمي الشيعة الإمامية وبطانتهم، وممّن دعا له الصادق ـ عليه السلام ـ ، فقال: أقول لك ما قال رسول اللّه لحسان: لا تزال مؤيّداً بروح القدس ما نصرتنا بلسانك. وهو الّذي فتق الكلام في


1 . ابن النديم: الفهرست 323 .


2 . النجاشي: الرجال 2 / 203 برقم 887، الطوسي: الرجال أصحاب الكاظم برقم 18 والفهرست للطوسي برقم 594، الكشي: الرجال برقم 77 .


3 . ابن النديم: الفهرست 264 وأيضاً 258 .



الإمامة وهذّب المذهب وسهّل طريق الحجاج فيه، وكان حاذقاً بصناعة الكلام حاضر الجواب(1) .


يقول الشهرستاني: وهذا هشام بن الحكم، صاحب غور في الاُصول، لا ينبغي أن يغفل عن الزاماته على المعتزلة، فانّ الرجل وراء ما يلزم به على الخصم، ودون ما يظهره من التشبيه، وذلك أنّه ألزم الغلاة...(2) .


وقال النجاشي: هشام بن الحكم أبو محمّد مولى كندة، وكان ينزل بني شيبان بالكوفة، انتقل إلى بغداد سنة 199، ويقال انّ في هذه السنة مات. له كتاب يرويه جماعة. ثم ذكر أسماء كتبه على النحو التالي:


1- علل التحريم، 2- الفرائض، 3- الإمامة، 4- الدلالة على حدوث الأجسام، 5- الرد على الزنادقة، 6- الرد على أصحاب الاثنين، 7- التوحيد، 8- الرد على هشام الجواليقي، 9- الرد على أصحاب الطبائع، 10- الشيخ والغلام في التوحيد، 11- التدبير في الإمامة، 12- الميزان، 13- إمامة المفضول، 14- الوصية والرد على منكريها، 15- الميدان، 16- اختلاف الناس في الإمامة، 17- الجبر والقدر، 18- الحكمين، 19- الرد على المعتزلة وطلحة والزبير، 20- القدر، 21- الألفاظ، 22- الاستطاعة، 23- المعرفة، 24- الثمانية أبواب، 25- على شيطان الطاق، 26- الاخبار، 27- الرد على المعتزلة، 28- الرد على ارسطاطاليس في التوحيد، 29- المجالس في التوحيد، 30- المجالس في الإمامة(3) .


1 . ابن النديم: الفهرست 257 .


2 . الشهرستاني: الملل والنحل 1 / 185 .


3 . النجاشي: الرجال 2 / 397 برقم 1165 .



يقول أحمد أمين: أكبر شخصية شيعية في الكلام، وكان جداً قوىّ الحجة، ناظر المعتزلة وناظروه، ونقلت له في كتب الأدب مناظرات كثيرة متفرقة تدل على حضور بديهته وقوّة حججه .


إنّ الرجال كان في بداية أمره من تلاميذ أبي الشاكر الديصاني، صاحب النزعة الالحادية في الإسلام ثمّ تبع الجهم بن صفوان، الجبري المتطرّف المقتول بترمذ عام 128 هـ ، ثم لحق بالإمام الصادق ـ عليه السلام ـ ودان بمذهب الإمامية، وما تنقل منه من الآراء الّتي لا توافق اُصول الامامية، فانّما هي راجعة إلى العصرين اللذين كان فيهما على النزعة الالحادية أو الجهمية، وأمّا بعد ما لحق بالإمام الصادق ـ عليه السلام ـ فقد انطبعت عقليته بمعارف أهل البيت إلى حد كبير، حتّى صادر أحد المناضلين عن عقائد الشيعة الامامية(1) .


4- قيس الماصر: أحد أعلام المتكلمين، تعلّم الكلام من علي بن الحسين ـ عليه السلام ـ روى الكليني انّه أتى شامي إلى أبي عبداللّه الصادق ليناظر أصحابه، فقال ـ عليه السلام ـ ليونس بن يعقوب: اُنظر من ترى بالباب من المتكلمين...إلى أن قال يونس: فأدخلت زرارة بن أعين وكان يحسن الكلام، وأدخلت الأحول وكان يحسن الكلام، وأدخلت هشام بن الحكم وهو يحسن الكلام، وأدخلت قيس الماصر وكان عندي أحسنهم كلاماً وقد تعلم الكلام من علي بن الحسين ـ عليهما السلام ـ (2).


5- عيسى بن روضة، حاجب المنصور: كان متكلّماً، جيّد الكلام، وله


1 . إنّ للعلامة الحجة الشيخ عبداللّه نعمة كتاباً في حياة هشام بن الحكم، فقد أغرق نزعاً في التحقيق وأغنانا عن كل بحث وتنقيب .


2 . الكليني الكافي 1 / 171 .



كتاب في الإمامة. وقد وصفه أحمد بن أبي طاهر في كتاب بغداد، وذكر أنّه رأى الكتاب. وقال بعض أصحابنا رحمهم اللّه: انّه راى هذا الكتاب. وقرأت في بعض الكتب: انّ المنصور لمّا كان بالحيرة، تسمّع على عيسى بن روضة، وكان مولاه، وهو يتكلّم في الإمامة فاُعجب به واستجاد كلامه(1) وبما أنّ المنصور توفّي عام 158، فالرجل من متكلّمي القرن الثاني .


6- الضحاك، أبو مالك الحضرمي: كوفي، عربي، أدرك أبا عبداللّه ـ عليه السلام ـ وقال قوم من أصحابنا: روى عنه وقال آخرون: لم يرو عنه. وروى عن أبي الحسن، وكان متكلّماً ثقة ثقة في الحديث. وله كتاب: في التوحيد، رواية علي بن الحسن الطاطري(2) فالرجل من متكلّمي القرن الثاني. وقال ابن النديم: من متكلّمي الشيعة وله مع ابي علي الجبّائي مجلس في الإمامة وتثبيتها بحضرة أبي محمّد القاسم بن محمّد الكوفي وله من الكتب كتاب الإمامة، نقض الإمامة على أبي علي ولم يتمّه(3) .


7- علي بن الحسن بن محمّد الطائي: المعروف بـ «الطاطري» كان فقيهاً ثقة في حديثه له كتب منها: التوحيد، الامامة، الفطرة، المعرفة، الولاية(4) وغيرها وعدّه ابن النديم من متكلمي الامامية وقال: ومن القدماء: الطاطري وكان شيعياً واسمه... وتنقّل في التشيّع وله من الكتب كتاب الإمامة حسن(5)وبما أنّه من أصحاب الإمام الكاظم فهو من متكلّمي القرن الثاني .


1 . النجاشي: الرجال 2 / 145 برقم 794 .


2 . النجاشي: الرجال 1 / 451 برقم 544 .


3 . ابن النديم: الفهرست 266 .


4 . النجاشي: الرجال 2 / 77 برقم 665 .


5 . ابن النديم: الفهرست 266 .



8- الحسن بن علي بن يقطين بن موسى: مولى بني هاشم، وقيل مولى بني أسد، كان فقيهاً متكلّماً روى عن أبي الحسن والرضا ـ عليهما السلام ـ ،وله كتاب مسائل أبي الحسن موسى ـ عليه السلام ـ (1) وبما أنّ أبا الحسن الأول توفّي عام 183، والثاني توفّي عام 203، فالرجل من متكلّمي القرن الثاني وأوائل الثالث، وذكره الشيخ في رجاله في أصحاب الرضا(2) وهو الّذي سأل الإمام الرضا ـ عليه السلام ـ بأنّه لا يقدر على لقائه في كل وقت فعمّن يأخذ معالم دينه؟ فأجاب الامام ـ عليه السلام ـ خذ عن يونس بن عبدالرحمان(3) .


9- حديد بن حكيم: أبو علي الأزدي المدائني، ثقة، وجه، متكلّم، روى عن ابي عبد الله، وأبي الحسن ـ عليهما السلام ـ له كتاب يرويه محمّد بن خالد(4) وبما أنّه من تلاميذ الصادق والكاظم ـ عليهما السلام ـ فالرجل من متكلّمي الشيعة في القرن الثاني .


10- فضال بن الحسن بن فضال: وهو من متكلّمي عصر الصادق ـ عليه السلام ـ وذكره الطبرسي في احتجاجه ومناظرته مع أبي حنيفة فلاحظ(5) .


وما ذكرناه نماذج من مشاهير المتكلّمين في عصر الصادقين والكاظم، وهناك من لم نذكرهم ولهم مناظرات واحتجاجات احتفلت بهم الكتب التاريخية والكلامية كحمران بن أعين الشيباني، وهشام بن سالم الجواليقي، والسيد الحميري ،والكميت الاسدي(6) .


1 . النجاشي: الرجال 1 / 148 برقم 9 .


2 . الشيخ الطوسي: الرجال برقم 7 .


3 . النجاشي: الرجال 2 / 421 برقم 1209 .


4 . النجاشي: الرجال 1 / 377 برقم 383،وذكره الخطيب في تاريخه ج 8 برقم 4377.


5 . التستري: قاموس الرجال 4 / 313 .


6 . لاحظ أعيان الشيعة 1 / 134 ـ 135 .


/ 23