الوسائل التشريعيه - فقر اسبابه و علاجه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

فقر اسبابه و علاجه - نسخه متنی

لبیب بیضون

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


الوسائل التشريعيه


اما من الناحيه التشريعيه، فقد جاءت، تشريعات الاسلام فى كثير من الحقول، تتفق مع مبدا تنميه الانتاج الذى يومن به الاقتصاد الاسلامى، و تساعد على تطبيقه.

و فيما يلى بعض تلك التشريعات و الاحكام:

منع الاسلام من كنز النقود و تجميدها

[جعل ضريبه الزكاه على المال لا تعنى حرمه كنزه.


]

و ذلك عن طريق فرض ضريبه على ما يكنز من القطع النقديه الذهبيه و الفضيه، التى كانت الدوله الاسلاميه تجرى على اساسها، و هى ضريبه الزكاه التى تستنفد المال المدخر على مر الزمن، لانها تتكرر كل عام، بنسبه 2/5 درصد تقريبا. و لاجل هذا تعتبر الزكاه مصادره تدريجيه للمال الذى يكنز و يوقف عن العمل.

[هذا خاص بالنقدين الذهب و الفضه و اما سائر ما تتعلق به الزكاه فلا ياتى فيه ذلك.

و على هذا... فقد كان ينبغى للمولف اعطاء الفرق بين النقدين و بين غيرهما من سائر- اصناف الزكاه.]

يقول تعالى: 'و الذين يكنزون الذهب و الفضه و لاينفقونها فى سبيل الله، فبشرهم بعذاب اليم' "التوبه 34"

[هذه الايه ناظره لاكتناز الاموال العامه و اموال بيت المال كما اشرنا اليه غير مره. راجع 'ابوذر، مسلمان يا سوسياليست'.]

و بالقضاء على الاكتناز تتدفق جميع الاموال الى حقول النشاط الاقتصادى، و تمارس دورا ايجابيا فى المسيره الاقتصاديه، و بذلك يزيد الانتاج و تزيد الارباح و يعيش الناس فى بحبوحه من العيش.

عن الامام الصادق "ع": 'ان الله انما اعطاكم هذه الفضول من الاموال، لتوجهوها حيث و جهها الله، و لم يعطكموها لتكنزوها'.

منع تركز الثروه فى يد افراد معدودين


و هو فحوى قوله تعالى:

'كى لايكون دوله بين الاغنياء منكم' "الحشر- 7"

لان الثروه حين تتركز فى ايد قليله، يعم البوس و تشتد الحاجه لدى الكثره الكاثره من الناس.

وضع الاسلام تشريعات الضمان الاجتماعى للفرد


و هذا الضمان الجماعى عدا عن اعطائه الفرد الحق فى حياه كريمه لائقه، فانه يعطى الفرد رصيدا نفسيا يدفعه الى مختلف ميادين الانتاج دون ان يخاف من الخساره و الاخفاق، و ينمى فيه عنصر الابداع و الابتكار.

[الثابت هو ان الاسلام قد جعل الضمان الاجتماعى لخصوص العجزه و القاصرين، اما من يتمكن من العمل و يعمل، يخسر او يربح، فان بلغ هذه الدرجه، شمله الضمان و الا فلا .]

لم يعط الاسلام الضمان السابق لمن لايعمل و هو قادر على العمل


و منع الناس من الاستجداء. و هذا يودى بطبيعته الى تجنيد كل طاقاتهم للانتاج و الاستثمار.

حرم الاسلام الاسراف


لما يرافقه من تبذير فى الحاجات الاستهلاكيه و هدر للاموال التى يلزم توظيفها للحركه الانتاجيه.

و يمكن ان نتكلم فى هذا الصدد حول عمل المراه فى الوظائف، و هو مما استهوته عقول النساء فى هذا الزمان، انجرافا وراء تقليد الاجانب. فقد خلق عمل المراه اليوم فى مجتمعاتنا معضله كبيره لم تكن قائمه من قبل. و ذلك ان كثيرا من النساء يذهبن الى الوظيفه للتسليه و الثرثره و ليس للعمل، ثم ياخذن المرتبات التى تصرف على آخر الازياء و الموضات فى اللباس و الزينه، فنشا عن ذلك ان العمل المنتج لم يزدد، فى حين انخفضت القيمه الشرائيه لمرتبات الرجال. فاصبحت المراه تقاسم الرجل نصف حقه، و تبذره فى شتى الاساليب. فكان من نتيجه ذلك ان افتقرت اغلب العائلات و لا سيما ذات العدد الكبير من الاولاد. و اصبح الرجل يضطر الى ممارسه عملين حتى يغطى نفقات اسرته.

و مما يزيد هذه المعضله وطاه ان تعمل فى هذه الظروف المراه المكتفيه التى لاتحتاج الى دخل، و هذه غالبا ما تنفق كامل معاشها على المظاهر الفارغه.

و مما يوكد هذا التبذير الذى ترتكبه نساونا فى الاهتمام الزائد بالالبسه و الكماليات، ان الاوروبيين بعد ان اجروا احصاء على استهلاك منتجاتهم فى كافه بلاد العالم، كتبوا على خارطه الشرق الاوسط: 'منطقه مبيعات الزينه و الكماليات'.

اوجب الاسلام فرض كفايه تعلم جميع العلوم و الفنون و الصناعات التى يحتاجها المجتمع الاسلامى


و شجع على اكتساب تلك العلوم التى غالبا

[ما هو الدليل على ذلك؟.] ما يبدع فيها الفقراء الذين يعتمدون على انفسهم فى بناء حياتهم.

اعطى الاسلام الحق لمن يستصلح ارضا للدوله ان تصبح ملكا له


فمن عمل فى ارض، و انفق عليها جهدا حتى احياها، فهو احق بها من غيره. و ذلك من مبدا تشجيع العمل و زياده الانتاج و تفضيل العامل الكادح على غيره. و ذلك من مبدا تشجيع العمل و زياده الانتاج و تفضيل العامل الكادح على غيره. و تكون الاولويه فى اعطاء تلك الاراضى للفقراء و المحتاجين، حتى لايستاثر الاغنياء بمساحات كبيره و يحرموا غيرهم من هذا الحق.

سمح الاسلام للدوله باستثمار اموال بيت المال لصالح المحتاجين


كما ان هذا الاستثمار يتيح فرص العمل لكل فقير قادر على العمل.

اعطى الاسلام الدوله الحق فى الاشراف على الانتاج


و تخطيطه مركزيا، حتى يسير على نهج منتظم تكاملى، بعيدا عن الفوضى و التخبط.

كفايه الموارد الطبيعيه لكل الناس:

ان الاسلام يرى ان الفقر و الجوع ليس منشوهما ندره موارد الانتاج و بخل الطبيعه، انما منشوهما الاناسن نفسه. يقول تعالى:

'الله الذى خلق السموات و الارض، و انزل من السماء ماء فاخرج به من الثمرات رزقا لكم، و سخر لكم الفلك لتجرى فى البحر بامره، و سخر لكم الانهار و سخرلكم الشمس و القمردائبين، و سخر لكم الليل و النهار، و آتاكم من كل ما سالتموه، و ان تعدوا نعمه الله لاتحصوها. ان الانسان لظلوم كفار' "ابراهيم- 32".

ان هذه الايات الكريمه بعد ان استعرضت مصادر الثروه التى انعم الله تعالى بها على الانسان، اكدت انها كافيه لاشباع الانسان و تحقيق كل حاجاته "و آتاكم من كل ما سالتموه". فالمشكله الواقعيه لم تنشا من بخل الطبيعه، او عجزها عن تلبيه حاجات الانسان، و انما نشات من الانسان نفسه عندما يكفر و يشذ عن النظام الالهى العادل "ان الانسان لظلوم كفار". فظلم الانسان فى توزيع الثروه و كفرانه للنعمه بعدم استغلال جميع المصادر التى تفضل الله بها عليه، هما السببان المزدوجان للمشكله التى يعيشها البائس منذ اقدم عصور التاريخ.

و هذا يعنى انه لايستطيع ان يحل مشكله الفقر غير مبادى الدين القائمه على الاخلاق و القيم و المبادى الروحيه.

مسئووليه الدوله فى الاقتصاد الاسلامى


و تتجلى هذه المسووليه فى مبداين اساسيين هما:

1- الضمان الاجتماعى. 2- التوازن الاجتماعى.

الضمان الاجتماعى


فرض الاسلام على الدوله ضمان معيشه افراد المجتمع الاسلامى ضمانا كاملا. و الدوله تقوم بهذه المهمه عاده وفق اتجاهين:

- تامين وسائل العمل للفرد، و فرصه المساهمه الكريمه فى النشاط الاقتصادى المثمر، ليعيش على اساس عمله و جهده.

- مبدا الضمان: فاذا كان الفرد عاجزا عن العمل و كسب معيشته بنفسه كسبا كاملا، فان الدوله تضمن له المال اللازم لسد حاجته و توفير حد كاف من المعيشه له.

و مبدا الضمان الاجتماعى هذا يرتكز على مبداين:

مبدا التكافل العام، و مبدا حق الجماعه فى موارد الدوله العامه.

فاما مبدا التكافل العام فيقتضى اشباع الحاجات الحياتيه و الملحه للفرد، بينما يزيد المبدا الثانى من ذلك، و يفرض اشباعا اوسع و مستوى ارفع فى الحياه.

مبدا حق الجماعه فى موارد الثروه


ينطلق هذا الحق لكل فرد فى المجتمع من حق الجماعه فى مصادر الثروه

[كان على المولف ان يقيم بعض الشواهد على ثبوت مثل هذا الحق، و اما الايه التى استدل بها و هى قوله تعالى 'كى لا تكون دوله بين الاغنياء' فلا تدل على ثبوت الحق فى الثروات الطبيعيه و انما تشير الى ان الاسلام يرغب فى ضمان التعادل و ان يصل الفقير الى حقوقه المشروعه و يمارس حريته فى الاستفاده من حقوقه...] و فى الاستفاده من ثروات الطبيعه. و على اساس هذا الحق تكون الدوله مسووله بصوره مباشره عن ضمان معيشه المعوزين و العاجزين.

و تغطى الدوله نفقات هذا الضمان مما يردها من الثروات و الانتاج "بيت المال"، فمن ذلك الزكاه و الخمس و الانفال و الفى ء و الخراج و الجزيه و الكفارات، اضافه الى تنميه موارد الدوله العامه و ملكيه الدوله.

يقول تعالى 'و ما افاء الله على رسوله من اهل القرى، فلله و للرسول و لذى القربى و اليتامى و المساكين و ابن السبيل، كى لايكون دوله بين الاغنياء منكم' "الحشر- 7".

و الفى ء هو ما ياخذه المسلمون من الكفار بدون قتال، فهو ليس من حق المقاتلين و انما يوزع على اليتامى و المساكين.

و فى هذا النص القرآنى نجد الاساس الذى تقوم عليه فكره الضمان، و هو حق الجماعه كلها فى الثروه، و ذلك حتى يصبح المال متداولا و موجودا لدى جميع افراد المجتمع، و لا يكون وله بين الاغنياء خاصه 'كى لايكون دوله بين الاغنياء منكم'

جاء فى عهد الامام على "ع" الى مالك الاشتر:

'ثم الله الله فى الطبقه السفلى من الذين لاحيله لهم من المساكين و المحتاجين، و اهل البوسى و الزمنى، فان فى هذه الطبقه قانعا "الفقير الذى يقنع" و معترا "الفقير الذى يسال و لايقنع". واحفظ لله ما استحفظك من حقه فيهم، و اجعل لهم قسما من بيت

مالك، و قسما من غلات صوافى الاسلام فى كل بلد. فان للاقصى منهم مثل الذى للادنى، و كل قد استرعيت حقه، فلا يشغلنك عنهم بطر، فانك لاتعذر بتضييعك التافه، لاحكامك الكثير المهم، فلا تشخص همك عنهم، و لا تصعر خدك لهم. و تفقد امور من لايصل اليك منهم، ممن لاتقتحمه العيون "اى تستصغر العيون شانه" و تحقره الرجال، ففرغ لاولئك ثقتك من اهل الخشيه و التواضع، فليرفع اليك امورهم، ثم اعمل فيهم بالاعذار الى الله يوم تلقاه، فان هولاء من بين الرعيه احوج الى الانصاف من غيرهم. و كل فاعذر الى الله فى تاديه حقه اليه. و تعهد اهل اليتم و ذوى الرقه فى السن ممن لاحيله له و لا ينصب للمساله نفسه'.

فهذا النص يقرر بكل وضوح مبدا الضمان الاجتماعى، و يشرح المسووليه المباشره للدوله فى اعانه الفرد و توفير حد الكفايه له.

و لا يقتصر هذا الضمان على الافراد المسلمين، بل يمتد الى الرعايا المسيحيين و اليهود من اهل الذمه الذين يعيشون فى كنف الدوله الاسلاميه، اذا اكبر احدهم و عجز عن الكسب، كانت نفقته على بيت المال.

فعن الامام على "ع" انه مر بشيخ مكفوف كبير يسال. فقال اميرالمومنين: من هذا؟ فقيل له: انه نصرانى. فقال "ع": 'استعملتموه، حتى اذا كبر و عجز منعتموه؟! انفقوا عليه من بيت المال'.

و اما حدود هذا الضمان الذى يجب على الدوله لكل فرد فى المجتمع، فهى عريضه و لا تقتصر على الحاجات الملحه، بل تمتد الى تامين كل حاجاته الاساسيه، بحيث يتمتع بمستوى الكفايه من العيش. و الكفايه من المفاهيم المرنه التى يتسع مضمونها كلما ازدادت الحايه العامه يسرا ورخاء. و تزداد حدود هذا الضمان حتى تشمل الطعام و الكساء و المسكن، و كذلك الزواج و الحج و كثيرا ما كنا نسمع فى التاريخ ان اشخاصا كانوا ياتون الامام فيومن لهم عملا او يشترى لهم دارا، او يسعى فى تزويجهم، كل ذلك من بيت المال.

[كان من المناسب ذكر بعض الشواهد و المصادر لذلك.]

و من اعظم الامثله على هذا الضمان ما حصل فى كشمير. فقد ذكر لنا الدكتور ابوالخير العرقسوسى الاستاذ فى كليه التربيه بجامعه دمشق اليوم، انه حين راز باكستان و كان فيها ملحقا ثقافيا لسوريه، اعجب بتمسك الشيعه بنظام الخمس، فقد اقاموا له الجمعيات المنظمه التى تكفل جمعه و صرفه، و تبلغ حصيلته عندهم ملايين الملايين كل عام.

فلما حصلت مشكله كشمير و هاجر اهلها و عددهم خمسه ملايين الى باكستان تحت وطاه الاضطهاد الهندى، و صلوا باكستان حفاه عراه بعد ان كان بعضهم يملك المصانع و المتاجر و المزارع و كانوا كلهم من الشيعه، فاستطاعت الجمعيات الاسلاميه ان تحل قضيتهم فى شهر من الزمن على الرغم من فقرهم المدقع و عددهم الوافر. فلقد اعطت منظمات الخمس كل لاجى كشميرى مشترك عندها مقدارا من المال يكافى تماما ما كان يملكه فى بلاده، حتى ان احدهم كان يملك متجرا للمجوهرات، فانشاوا له متجرا مماثلا. و هنا تظهر حقيقه التضامن فى الاسلام.

مبدا التكافل العام


و هو المبدا الثانى للضمان الاجتماعى فى الاسلام، الذى ينطلق من مبدا كفاله المسلمين بعضهم لبعض، باعتبارهم اخوه فى الدين. يقول سبحانه:

'و المومنون و المومنات بعضهم اولياء بعض، يامرون بالمعروف و ينهون عن المنكر' "التوبه- 72"

و يتوجب هذا النوع من التكافل عندما لاتكفى الزكاه حاجه الفقراء و العاجزين، كما حصل فى اول الاسلام حين كان اكثر الذين دخلوا الاسلام من الفقراء و المحرومين. و كما يحصل فى حالات المجاعات و الحروب و الكوارث. فيجوز للحاكم الشرعى ان يفرض على القادرين فريضه ماليه لاخوانهم المحرومين.

يقول تعالى 'خذ من اموالهم صدقه تظهرهم و تزكيهم بها' "التوبه- 103"

و فى الحديث الصريح 'ان فى المال حقا سوى الزكاه' "صحيح الترمذى"

و جاء فى الحديث: 'ايما مومن منع مومنا شيئا مما يحتاج اليه، و هو يقدر عليه من عنده او من عند غيره، اقامه الله يوم القيامه مسودا وجهه، مزرقه عيناه، مغلو له يداه الى عنقه. فيقال: هذا الخائن الذى خان الله و رسوله، ثم يومر به الى النار'.

كما يجب هذا النوع من الضمان عندما تفقد الدوله الاسلاميه و ينتفى معها ضمانها للفقير وفق المبدا الاول.

و لاستيضاح حدود هذا الضمان نورد بعض النصوص التشريعيه الداله عليه:

عن الامام الرضا "ع" عن النبى "ص" قيل: يا نبى الله! فى المال حق سوى الزكاه؟ قال: 'نعم، بر الرحم اذا ادبرت، وصله الجار المسلم، فما آمن بى من بات شبعان و جاره المسلم جائع'.

و يقول النبى "ص": 'يا اباذر، من كان له قميصان فليلبس احدهما و ليلبس الاخر اخاه'.

و سال سماعه الامام الصادق "ع" عن قوم عندهم فضل، و باخوانهم حاجه شديده، و ليس يسعهم الزكاه. ايسعهم ان يشبعوا و يجوع اخوانهم؟ فان الزمان شديد. فرد الامام عليه قائلا: 'ان المسلم اخو المسلم، لايظلمه و لايخذله و لايحرمه، فيحق على المسلمين الاجتهاد فيه و التواصل و التعاون عليه، و المواساه لاهل الحاجه'.

و عن ابى سعيد الخدرى قال سمعت رسول الله "ص" يقول: 'من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لاظهر له، و من كان له فضل زاد فليعد به على من لازاد له'.

و يمدح النبى "ص" الاشعريين فيقول: 'ان الاشعريين اذا ارملوا فى الغزو او قل طعام عيالهم بالمدينه، جمعوا ما كان عندهم فى ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم باناء واحد بالسويه، فهم منى و انا منهم'.

وقائع حيه على مبدا التكافل


و يزخر تاريخ الائمه "ع" بالامثله الحيه على تطبيق مبدا التكافل العام فى صدر الاسلام حيث كان الفقر طاغيا على الناس. فقد كان الامام على "ع " يعمل فى سقايه النخل ليومن قرصيه و طمريه، ثم ينفق ما فضل عن كسبه فى اطعام الفقراء و تحرير العبيد.

و من اروع الوقائع على ذلك قصه تصدقه بالطعام هو و زوجته فاطمه و ولديه الحسن و الحسين "ع" حين امسوا صياما فاتاهم المسكين ثم اليتيم ثم الاسير، فباتوا جياعا ثلاثه ايام لايجدون عند افطارهم غير شربه الماء. حتى نزلت فيهم الايه:

'و يطعمون الطعام على حبه مسكينا و يتيما و اسيرا انما نطعمكم لوجه الله لانريد منكم جزاء و لا شكورا' "الانسان- 9".

و صدق فيهم قول: الله تعالى:

'و يوثرون على انفسهم و لو كان بهم خصاصه' "الحشر- 9"

و من الوقائع الشهيره ما يروى عن تصدق الامام الحسين "ع" و الامام زين العابدين "ع"، حيث كان الواحد منهما يحمل الجراب على ظهره ليوصل الغذاء الى بيوت الفقراء و المحرومين، الذين منعتهم عفتهم عن الطلب و السوال.

يروى ان الامام زين العابدين "ع" كان يخرج فى الليله الظلماء فيحمل الجراب

على ظهره، و فيه الصرر من الدنانير و الدراهم، و ربما حمل على ظهره الطعام او الحطب، حتى ياتى بابا فيقرعه، ثم يناول من يخرج اليه. و كان يغطى وجهه اذا ناول فقيرا لئلا يعرفه.

فلما توفى "ع" فقدوا ذلك، فعلموا انه كان الامام على بن الحسين "ع". و لما وضع على المغتسل نظروا الى ظهره و عليه مثل ركب الابل، مما كان يحمل على ظهره الى منازل الفقراء المساكين

و لما ازدهرت الحياه الاجتماعيه فى عهد عمر بن عبدالعزيز، انعدم وجود الفقراء و المساكين، وضاق بيت المال بمايحويه، حتى اصبحت الزكاه تلقى على الطرقات و لايوجد من ياخذها.

فى هذا المجتمع الاسلامى الرافه، كان يرى الخليفه عمر بن عبدالعزيز قابما لمفرده فى كنف الليل فى احدى زوايا الطريق. فسئل مره عن سبب ذلك فقال:

انى ارابط هنا متحريا عن الذين يكتنفهم الجوع فى الليل، و لو كنت اعلم اين مكانهم لذبحت لهم ناقتى و حملتها اليهم اربا اربا حتى منازلهم. اجاركم الله هل بينكم من يدلنى على هولاء المرهقين؟.

فالخليفه العادل كان يبحث ليس عن المحتاجين و المساكين الذين نراهم عاده على ارصفه الطريق، و انما كان يبحث عن الفقراء المتعففين الذين يحسبهم الجاهل اغنياء من التعفف، ليوصل اليهم امانه الله فى عنقه، من حقهم فى بيت المال. فكان لايجد منهم احدا، فيستحلف الناس ان يدلوه على مكانهم.

و الحاجه المقصوده فى الاحاديث السابقه هى الحاجه الشديده و تتضمن الحاجات الحياتيه الملحه كالطعام و الكساء، و هى المفروضه فى مبدا التكافل العام.

و يامل النظام الاسلامى ان يصل المومن الى درجه من الايثار، لايعود يرى ان ما يملكه هو لنفسه خاصه، و انما هو مبذول لكل محتاج من اخوانه، فيسمح لاخوته فى الايمان ان ياخذوا ما يشاوون من صندوق ماله بدون اذنه و علمه.

يقول الامام الباقر "ع": 'ايجى احدكم الى اخيه، فيدخل يده فى كيسه، فياخذ حاجته فلايدفعه؟' فقلت: ما اعرف ذلك فينا.

فقال ابوجعفر "ع": 'فلا شى ء اذا.' قلت: فالهلاك؟ فقال "ع": 'ان القوم لم يعطوا احلامهم بعد'.

و فى هذا المعنى نورد القصه التاليه:

يحكى عن الشريف الرضى عليه الرحمه، ان احد الاغنياء احب ان يجود عليه و على تلاميذه بمال. فجاءه و هو يعطى درسا لاربعين من طلابه فى بيته. فعرض عليه العطاء. فقال: اما انا فلاحاجه لى بمال، و اما طلابى فلا مانع من اعطائهم. فدار الغنى عليهم فردا فردا يسالهم، و كلهم يجيب: حسبنا اننا نملك قوت يومنا، فما نصنع بالمال! و حين وصل الى الطالب الاربعين، تناول الطالب دينارا من الغنى و كسره قطعا، ثم اخذ قطعه واحده... و لما انصرف الغنى، التفت الشريف الى ذلك الطالب و قال له: ما دعاك الى فعلتك يا هذا؟ قال: جاءنى من اسبوع ضيوف، و ليس عندى زاد اطعمهم، فاستدنت شيئا من المال حتى اطعمتهم، و ما زال الدائنون يطالبوننى بحقهم، فذلك ما دعانى الى اخذ قطعه من الدينار اسد بها حاجتى، و ادفع عن نفسى مغبه الناس...

فلما سمع الشريف قوله، استدعى الحداد و قال له: هذا مفتاح خزانتى، فاصنع لى مثله اربعين مفتاحا. و وزع المفاتيح على طلابه، و قال لهم: من كانت له جاجه فلياخذها من خزانتى بدون علمى... و هذا منتهى البذل و الايثار.

التوازن الاجتماعى


و نعنى به تحقيق التوازن بين افراد المجتمع فى مستوى المعيشه، و ان اختلفوا فى مستوى الدخل. و التوازن فى مستوى المعيشه معناه ان يكون المال موجودا لدى افراد المجتمع و مداولا بينهم، الى درجه تتيح لكل فرد العيش فى المستوى العام.

قو قد قام الاسلام لتحقيق هذا الهدف بعملين، احدهما من الفوق و الاخر من التحت. فضغط مستوى المعيشه من اعلى بتحريم الاسراف على الغنى، و ضغط المستوى من الاسفل برفع مستوى المتدنين فى المعيشه الى مستوى ارفع. و بذلك تتقارب المستويات حتى تتقارب فى مستوى واحد، يضم درجات متفاوته تفاوتا جزئيا، و ليست متناقضه تناقضا كليا فى المستوى، كالتناقضات الصارخه بين مستويات المعيشه فى المجتمع الراسما لى.

يقول معاويه:

[ان كلمه معاويه هذه لاتدل على ما يريد المولف الاستدلال عليه، فان معاويه لم يدع الى رفع الطبقيه، بل هو يدعو الى ابقائها و تكريسها، حيث انه بالنسبه الى الفقير لم يطلب سوى الترفيه عنه و لعله لاسكاته. اما بالنسبه للغنى فانه طلب الحد من شراهته و جعلها شراهه معتدله و لم يطلب تقليص شرائه او تحديده و لا خفض مستوى المعيشه عنده... لتتقارب المستويات و يرتفع التناقض الطبقى.. و لا نتوقع من معاويه الذى كان حتى فى زمن عمر بن الخطاب يعيش حياه البذخ و الترف و النعيم... الا مثل هذه الكلمه المعبره عن نواياه و اهدافه... و هل مثل معاويه الجاهل بتعاليم الشريعه و احكام الدين فى مستوى من توخذ عنه نظريه و اطروحات الاسلام الاقتصاديه او غيرها؟!.] ان بالفقر تتواضع النفس، و يرق الطبع، و بالثراء يستفحل شر الخيلاء و العتو، فلنختر وسط الامرين، برفع مستوى الفقير الى ما يرفه عنه، و انزال

شراهه الثرى الى حدود الاعتدال، و بذلك تستقيم المساواه بين الناس.

و يهدف هذا المبدا ان يلحق كل محروم بمستوى الناس، اى يهدف الى اغناء كل فرد فى المجتمع الاسلامى.

جاء فى الخبر عن الامام الصادق "ع" قوله: 'تعطيه من الزكاه حتى تغنيه'.

و لحمايه هذا التوازن الاجتماعى شرع الاسلام جمله من التشريعات التى تحد من الفوارق بين الاغنياء و الفقراء، منها محاربه كنزالاموال

[قد تقدم بعض الكلام حول هذه العباره.] و تحريم الربا، و تشريع احكام الارث، و مطارده الاحتكار و الاستغلال و غلاء الاسعار، الى ما هنا لك من احكام.

جاء فى عهد الامام على "ع" الى مالك الاشتر حين ولاه مصر قوله:

'و اعلم ان فى كثير منهم ضيقا فاحشا و شحا قبيحا، و احتكارا للمنافع، و تحكما فى البياعات. و ذلك باب مضره للعامه، و عيب على الولاه. فامنع الاحتكار، فان رسول الله "ص" منع منه، وليكن البيع سمحا بموازين عدل، و اسعار لاتجحف بالفريقين من البائع و المبتاع فمن قارف حكره بعد نهيك اياه، فنكل به وعاقبه فى غير اسراف' "العهد 290 نهج".

و اختم موضوعى بالكلام عن ضروره وجود الدوله الاسلاميه، لمعالجه الفقر و ازالته.

ضروره قيام الدوله الاسلاميه


ان من اهم العوامل الضروريه لتطبيق مبادى الاسلام و رعايتها، وجود الدوله االحاكمه التى تستطيع تطبيق هذه المبادى. فالفقر الذى لايقره الاسلام لايمكن علاجه و استئصاله من المجتمع اذا لم توجد سلطه الدوله الاسلاميه. اذ ان دوله الطاغوت هى دائما حليفه الاستغلال، لانه فى ظلها تزدهر طبقه المتحكمين و المتسلطين و المتنفذين.

اذن لاتقام حدود الله الا بوجود الامام العادل، الذى هو قطب الرحى فى الدوله الاسلاميه. حيث يسعى المومنون من حوله كما تسعى الالكترونات الدائره فى الذره حول النواه، يستمدون منه القوه و الجاذبيه، فى وحده متوازنه متكامله.

و هذا الامام عدا عن كونه مركز الدوران و الارتباط، فانه يقوم بوظيفه التقليد، فهو القدوه التى يقلدها كل فرد فى المجتمع، و يسعى كل واحد ان يكون صوره مطابقه لها. و لا تخفى اهميه هذه القدوه فى تربيه المجتمع و اصلاحه، فاذا صلحت القدوه صلح

/ 8