فقر اسبابه و علاجه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

فقر اسبابه و علاجه - نسخه متنی

لبیب بیضون

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




و لذلك قال الامام موسى الكاظم "ع" لهشام بن الحكم قوله الرائع: 'يا هشام، من اراد الغنى بلامال، وراحه القلب من الحسد، و السلامه فى الدين، فليتضرع الى الله فى مسالته بان يكمل عقله، فمن عقل قنع بما يكفيه، و من قنع بما يكفيه استغنى، و من لم يقنع بما يكفيه لم يدرك الغنى ابدا'.


فمن العبث ان يقوم مجتمع متوازن يشعر فيه كل فرد بوحدته مع غيره فى الحقوق و الواجبات، اذا كان كل واحد يسعى الى الجشع و الحرص و التكالب على الدنيا، كالبهيمه المربوطه همها علفها. لذلك روض الاسلام الذات الانسانيه على الزهد بمتع الحساه و ماديات الدنيا، و على السعى الى المعارف الروحيه و المرضاه الالهيه. فبقدر ما يرتفع المرء عن الحاجات البهيميه يصبح انسانا.


الحض على الزهد فى المال و التحرر من سيطرته



من هنا حض الشارع على الزهد يقول النبى "ص": 'ليكن بلاغ احدكم من الدنيا كزاد الراكب'.


لان الماده و الشهوات غالبا ما تصد عن المعانى الروحيه الالهيه. يقول تعالى 'قد افلح من زكاها و قد خاب من دساها' "الشمس 10".


و الزاهد الذى تحرر من علائق الماده و التراب هو اقرب ما يكون من الله، و بذلك تصبح قيمته عند الله اعظم من غيره، و ان كانت ملابسه الخارجيه رثه خلقه، فان الله ينظر الى القلب النظيف و ليس الى الرداء النظيف.


يقول النبى "ص": 'يا اباذر، الا اخبرك باهل الجنه؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: كل اشعث اغبر ذى طمرين لايوبه به، لو اقسم على الله لابره'.


و لو تفحصنا نهج البلاغه لوجدنا نسبه كبيره منه "نحو 10 درصد" تتكلم فى الزهد و ذم الدنيا. و قد كان الامام على "ع" اول الزاهدين و المطلقين للدنيا. حتى انه رضى من الدنيا باليسير، فكان طعمه قرصين من الشعير، و لبسه طمرين باليين. حتى اثر عنه انه قال: 'لقد رقعت مدرعتى هذه حتى استحييت من راقعها'. و اذا كانت قيمه الانسان بمقدار تحرره من الدنيا و قربه من الله، فلقد كان الامام "ع" من اقرب الناس الى الله و احقهم بالقدسيه و الشان.


و فى ذلك يقول الشاعر اقبال:





  • فقير على طمريه نفحه حيدر
    اعزلنا من الف كسرى و قيصر



  • اعزلنا من الف كسرى و قيصر
    اعزلنا من الف كسرى و قيصر



و من هذا المنطلق قال تعالى فى سوره الواقعه:


'اذا وقعت الواقعه ليس لوقعتها كاذبه خافضه رافعه'


فوصف القيامه بانها تضع الموازين القسط لحقائق الناس، فترفع من كان فى نظر الناس حقيرا لايوبه به، و تخفض من كان فى نظر الناس عظيما كالملوك و الجبابره.


قيمه الانسان بالعطاء و ليس بالتملك



و بما ان التحرر من الماده يدفع الانسان الى الجود و العطاء، فان قيمه الانسان فى نظر الاسلام


[اى فى هذا المجال.]


تاتى من مقدار عطائه و بذله و مساعدته للاخرين، لا من مقدار ما يملك من مال او علم او قوه. فاذا هو لم يبذل للناس ما فى وسعه فلا قيمه له، و لا قيمه لا مكانياته. كالغنى الذى يضمن بماله، و العالم الذى لاينشر علمه، و القوى الذى لايستعمل عضلاته.


فاذا شبهنا الانسان بالشجره، فان عطاءه لغيره هو ثمره تلك الشجره، فاذا كانت الشجره لاتثمر فليس مالها غير القلع و الكسر و الحرق.


و فى هذا المعنى قال امير الفصاحه و البيان "ع" كلمته الماثوره: 'قيمه كل امرى ء ما يحسنه'.


[الظاهر ان هذه العباره لا تستطيع تحمل المعنى الذى اريد استنباطه فيها.]


من هذا المنطلق حرم الشارع كنزالاموال،


[قلنا فيماسبق ان هذا الكلام على اطلاقه محل اشكال و الايه القرآنيه المشيره الى هذا المعنى ناظره الى الاموال العامه و لااطلاق فيها. راجع: 'ابوذر، مسلمان يا سوسياليست'.] لان صاحبها لايقدم ايه خدمه لمجتمعه. كما حرم الربا لان صاحبه ياخذ و لا يعطى.


تسخير قدرات الفرد للجماعه "اثبات الذات و نفى الذات"



يوكد الفيلسوف الكبير الدكتور محمد اقبال على فكره 'اثبات الذات "خودى"'، و ذلك بفسح المجال امام الفرد لتنميه كافه مواهبه و قدراته تنميه تجعله قويا معطاء. و بعد هذه المرحله تاتى فكره 'نفى الذات "بى خودى"' و هى تعنى ان تذوب اراده الفرد فى خدمه المجتمع. فالمسلم لايقول "انا" بقدر ما يقول "نحن". و ما تنميه ذاته الا لخدمه المجتمع. فنكون بذلك قد حفظنا حريه الفرد و حق المجتمع فى آن واحد.


و ان التداخل بين مصلحه الفرد و مصلحه المجتمع قائم بشكل مطرد، فكلما انتج الفرد اغتنى المجتمع، و كلما اغتنى المجتمع غنى الفرد.


التاثير المتبادل بين الفرد و المجتمع "وحده المجتمع"



و من ابرز سمات المجتمع هى وحدته التامه، فهو كالكون المتماسك اذا اختل منه جزء انتقض كامل نظامه، او كالجسد الواحد اذا تعطل منه عضو ظهره تاثيره فى بقيه اجزائه.


يقول النبى "ص": 'مثل المومنين فى توادهم و تعاطفهم و تراحمهم، كمثل الجسد الواحد، اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى و السهر'.


و من هذا المنطلق التكاملى نجد ان القرآن يعتبر اساءه الانسان لغيره اساءه لنسه، و قتل المرء لاخيه هو قتلا لذاته.


يقول تعالى: 'يا ايها الذين آمنوا لاتاكلوا اموالم بينكم بالباطل الا ان تكون تجاره عن تراض منكم. و لا تقتلوا انفسكم. ان الله كان بكم رحيما' "النساء 29". اى لايقتل بعضكم بعضا. و لو كان المقصود بذلك ان لايقتل المرء نفسه لجاءت الايه بصيغه المفرد و ليس الجمع.


[الظاهر: ان الايه مطلقه، تشتمل قتل الانسان نفسه ايضا.] و من منطلق وحده المجتمع اعتبر القرآن ان من يقتل شخصا فكانما قتل المجتمع كله. يقول تعالى:


'من اجل ذلك كتبنا على بنى اسرائيل انه من قتل نفسا بغير نفس او فساد فى الارض، فكانما قتل الناس جميعا، و من احياها فكانما احيا الناس جميعا' "المائده 32"


لذلك اعتبر ضروره القصاص للجانى لانه يقتل المجتمع بفعله، و اعتبر زواله حياه للمجتمع. يقول جل من قائل:


'ولكم فى القصاص حياه يا اولى الالباب، لعلكم تتقون' "سوره البقره 179 "


مبدا حريه الفرد فى الكسب و التملك


الاسلام يساير الفطره و يحاول تشجيعها و الاستفاده منها، و كل نظام يعاكس الفطره فاشل لا محاله، مهما اقام على الافراد ستارا حديديا. و الاسلام بعد ان عالج الفقر و امن الحياه العزيزه الكريمه لكل انسان فى مجتمعه، لم يجد ضيرا من ان يعمل كل انسان بحريه تامه، باذلا كل امكانياته للكسب و الانتاج، لابل انه يرى ان ذلك من


انجع الامور، لانه يعود بالفائده على الفقير و المحروم و يدعم رفاه المجتع. فكلما عمل القادرون زادت نسبه تامين الضعفاء و المحتاجين... و مادام الحد الضرورى من الحياه مومنا لكل فرد، فايه فائده نجنيها اذا حرمنا الافراد من طموحهم و كبتنا من حرياتهم، سوى حرمان المجتمع من طاقات ابنائه؟!.


ان الاسلام لايمنع تقدم الافراد فوق المستوى الانسانى الذى وفره لهم، لابل يريد من الجميع العمل و الطموح و الارتقاء، لان من هدفه اغناء و تمليك كل فرد، بينما تسعى المبادى الشيوعيه الى افقار كل فرد و سلبه حقوقه. و شتان بين نظام يرفع الجميع الى الغنى، و نظام يدنى الجميع من الفقر.


و بعد ان زود الاسلام جميع افراده بالمبادى الاخلاقيه و شحنهم بالمثل الاعتقاديه التى تجعل الانسان اخا الانسان، يكفله و يواسيه و لايخذله، وضع التشريعات الضروريه لمن ينحرف عن اهدافه و معانيه، فحرم الاستغلال و الاحتكار و تبديد المال و اساءه استخدامه.


تحديد سلطه المالك على الانتفاع بماله



فى الاسلام تحديدات متعدده لسيطره المالك على التصرف فى ماله، كمنعه من الاكتساب بالربا، و منعه من الاضرار بالجماعه عن طريق استخدام ماله بشكل يضر بالاخرين، انطلاقا من القاعده. الشرعيه: 'لا ضرر و لا ضرار' لان الانسان فى النظره الاسلاميه موكل بالمال ليستخدمه لخدمه الجماعه و اقامه المجتمع العادل. و ان تصرف المالك فى ماله بشكل يودى الى الاضرار بالاخرين يمكن ان يكون احد نوعين:


الاول: اضرار مباشر، كان يسرق او يغتصب او يتلف مال غيره.


الثانى: اضرار غير مباشر، و هو ما يحصل فى المجتمعات الراسماليه التى لاتضع حدا لجشع الانسان، بل تسمح له ان يستغل امواله كيف يشاء ما لم يسلب الاخرين حريتهم الشكليه.


فاذا قام احدهم بمشروع راسما لى كبير، فانه يستطيع بواسطته ان يدمر المشاريع الصغيره. و ذلك دون ان يسلب اصحاب المشاريع الصغيره شيئا من بضاعتهم التى يملكونها فعلا، و انما بان يضطرهم الى تصريفها بارخص الاثمان، فينسحبون من الميدان و يعجزون عن مواصله العمل.


و فى كل حاله يسى ء المرء استخدم امواله، يفرض الاسلام عليه الحجر،


[هذا خاص بالتصرفات السفيهه التى لايرضى بها العقلاء و اما سائر انحاء التصرفات غير المقبوله شرعا فقد وضع لها علاجات اخرى من قبيل حرمه الاحتكار و الربا و غير ذلك....]


اى ينزع منه حق التصرف بماله: و يعين له وكيلا قادرا على استخدام المال بالطرق الشرعيه، لينمى له المال لصالحه.


العلاج الاجتماعى للفقر



و هو يتناول دور المجتمع و الدوله فى علاج الفقر، و ذلك طبقا للاسس التى رسمها الاسلام فى العلاقات بين الافراد، و منها التعامل بين العامل و صاحب المال. و قد ابتنيت هذه الاسس على مبدا جليل هو ان 'لا كسب بلا عمل'.


[هذا على اطلاقه فيه اشكال فليراجع كتاب اقتصادنا و غيره... و الا فان معنى ذلك هو ان لايصح نظام المضاربه و لا نظام الارث فى الاسلام و الامثله على ذلك كثيره جدا.]


و سنجد ان الاسلام حاول استخدام كل الوسائل لرفع سويه المجتمع الماديه "تنميه الانتاج"، ثم حاول النهوض بمستوى المحرومين و العاجزين بما شرع لهم من حقوق فى العمل و الحياه الكريمه "الضمان الاجتماعى". ثم حاول ازاله الفوارق الكبيره بين طبقات الشعب "التوازن الاجتماعى". و كل هذه الوسائل من شانها ازاله الفقر و النهوض بالمحرومين ليلحقوا بسويه الناس.


طريقه المعامله بين العامل و صاحب المال



سمح التشريع الاسلامى للعامل باسلوبين لتحديد المكافاه التى يستحقها، و ترك للعامل الحق فى اختيار ايهما شاء، وفق مصلحته و تقديره... و هما: اسلوب الاجره، و اسلوب المشاركه فى الارباح او الناتج. فمن حق العامل ان يطلب مالا محددا مكافاه له على عمله، كما يحق له ان يطالب باشراكه فى الربح او الناتج.


و سنشرح ذلك فيما يلى:


اسلوب الاجره



يمتاز هذا الاسلوب بعنصر الضمان، فالعامل اذا قنع بان يكافا بقدر محدد من المال لقاء عمله، و هو ما نسميه الاجره، كان على صاحب العمل دفع هذا القدر المحدد له، بقطع النظر عن نتائج العمل و ما قد يسفر عنه الانتاج من مكاسب او خسائر.


اسلوب المشاركه



و هو ان يقترح العامل على صاحب العمل ان يشاركه فى


الناتج و الارباح بنسبه مئويه، بامل الحصول على مكافاه اكبر، و بذلك يربط العامل مصيره بالعمليه التى يمارسها، و يفقد عنصر الضمان، اذ من المحتمل ان لايحصل على شى ء اذا لم يوجد ربح.


و لكل من الاسلوبين ميزته الخاصه



و قد نظم الاسلام الاسلوب الاول "الاجره" بتشريع احكام الاجاره. كما نظم الاسلوب الثانى "المشاركه فى الربح او الناتج" بتشريع احكام مختلفه، منها:


1- عقد المزارعه: وفيه يتفق العامل مع صاحب الارض و البذر على استخدام الارض فى زراعه ذلك البذر، و مقاسمه الناتج بينهما.


2- عقد المساقاه: و فيه يتعهد العامل بسقى الارض فى مقابل منحه نسبه مئويه فى الثمره.


3- عقد المضاربه: و فيه يتجر العامل لصاحب المال بما له على ان يقاسمه ارباح تلك التجاره.


4- عقد الجعاله: و فيه يعلن تاجر الاخشاب مثلا استعداده لمنح اى شخص يصنع له سريرا من تلك الاخشاب، نصف قيمه السرير


و فى كلا الاسلوبين السابقين لتحديد مكافاه العامل لايجوز لصاحب المال ان يضع على العامل شيئا من الخساره، بل يتحمل صاحب المال الخساره كلها ان حصلت، و حصب العامل من الخساره ان تضيع جهوده سدى.


و القاعده الاساسيه لمكافاه العامل ان يكون قد بذل جهدا ما فى عمليه الانتاج، و الا لاتجوز له ايه مكافاه.


و القاعده العامه فى نظريه الاقتصاد الاسلامى انه لايسمح لاى فرد بان يضمن لنفسه كسبا بدون عمل، لان العمل هو المبرر الاساسى للكسب فى النظريه.


[راجع التعليقه السابقه.]


و من امثله المدلول السلبى لهذه القاعده منع المستاجر للدار او الارض او ايه اداه انتاج عن ايجارها باجره اكبر مما كلفه استئجارها ما لم ينفق عليها عملا يستحق الزياده.


و من امثله ذلك ايضا منع الاجير عن استئجار غيره للقيام بالمهمه التى استوجر عليها باجره اقل مما حصل عليه.


[راجع: كتب الفقه الاسلامى بالنسبه لهذا الغرض.] فحصوله على الفرق بين الاجرتين يكون حراما لانه لايقابل عملا.


و احد تلك الامثله هو: الربا.


الربا و سبب تحريمه:


الربا فى القرض حرام فى الاسلام، و هو ان تقرض غيرك مالا الى موعد بفائده يدفعها المدين عند تسليم المال فى الموعد المتفق عليه. فلا يجوز القرض الا مجردا عن الفائده، و ليس للدائن الا استرجاع ماله الاصلى دون زياده، مهما كانت الزياده ضئيله.


و هذا الحكم يعتبر فى درجه وضوحه اسلاميا، فى مصاف الضروريات من التشريع الاسلامى.


و الفائده تعتبر فى العرف الراسما لى الذى يسمح بها، اجره راس المال النقدى الذى يسلفه الراسماليون للمشاريع التجاريه و غيرها، لقاء اجر سنوى يحدد بنسبه مئويه من المال المسلف، و يطلق على هذا الاجر اسم الفائده. و هم لايرون اى فرق بين تلك الاجره على المال و بين الاجره التى تحصل نتيجه ايجار العقارات و ادوات الانتاج.


لكن الاسلام يجد فرقا اساسيا بين الحالين وفق نظريته التى سبق شرحها. فوسيله الانتاج "الاله مثلا" التى يوجرها صاحبها هى عمل مختزن، يشترك فى الانتاج، و هى كالعامل الذى يبذل طاقته، و يكون ذلك بتاكلها و خضوعها للكسر و العطب، فتخرج بعد الانتاج غيرها قبل الانتاج، و هو ما نسميه "الاستهلاك"، و لذلك وجب لها الاجر. اما المال الذى يدخل فى الانتاج على اساس الفائده، فهو يبقى نفسه بعد الانتاج و قبله، فعلام يستحق الفائده؟ و القاعده ان لااجر بلا عمل!.


[راجع التعليقه السابقه العدد 30. فقد قلنا ان لو كان هذا صحيحا لما صحت المضاربه و كذلك غيرها من النظم الاقتصاديه الاسلاميه و سواها من الاحكام الشرعيه الفرعيه. اضفنا الى ذلك: ان المال الذى يدخل فى الانتاج لايبقى على حاله و ان بقى هو نفسه بعدها... و ذلك لوجود تقلبات و تحولات فى قيمته الشرائيه قوه و ضعفا... و اذن فاللازم- تبرير تحريم الربا بامر آخر اكثر واقعيه وانسجاما مع مجمل النظم و الاحكام الاقتصاديه فى الاسلام....]


و بما ان اموال المرابين غير معرضه للنقص بحال من الاحوال، نجد ان اموالهم تتضخم باستمرار بدون ان يقوموا باى عمل، و ذلك على حساب جهد الاخرين.


و هذا من اكبر عوامل الفقر، لانه ينمى طبقه المتمولين العاطلين عن العمل، فى حين يفقر طبقه العاملين الكادحين الذين اغلبهم من الفقراء. فهو من اكبر عوامل زياده التباين فى المجتع.


و قد سمح الشارع باسلوب المشاركه فى الناتج على اساس الارض فى عقد المزارعه


و المساقاه، و على اساس المال التجارى فى عقد المضاربه، و على اساس الماده الاوليه فى عقد الجعاله، ولكنه لم يسمح بالمشاركه فى الناتج فى ادوات الانتاج.


فاذا قدم صاحب راس المال الاله ليعمل بها العامل، لم يجز لصاحب الاله ان يشارك العامل فى نسبه الربح و الانتاج، بل ياخذ اجره على الاله تناسب ما يستهلك منها.


و عليه فان بعض الاشياء اجاز الشارع لها الاجره فقط، مثل البيت و الارض و الاله. فى حين جل لبعضها الاخر حقا فى نسبه الانتاج، مثل المال التجارى، و الارض مع البذر، و الماده الاوليه كالصوف و الخشب و خلافه. فما الفرق بين الحالين؟


ان البيت و الارض و ادوات الانتاج هى عمل مخزون ولكنه لايتضمن مشاركه فعليه من صاحبه فى عمليه الانتاج، فهو واسطه فقط للانتاج، و يستحق الاجره فقط. اما المال التجارى و البذر مع الارض و الماده الاوليه، فهى ممارسه مباشره لمالكها فى عمليه الانتاج.


[هذا خلاف قواعد الاسلام... بل هو ماخذو فى فلسفات الماركسيه و الا... فانه اذا كانت الارض مع البذر و الماده الاوليه عملا مخزونا و ممارسه مباشره لمالكها، فلماذا لا تكون الارض وحدها و ادوات الانتاج كذلك و هل البذر بدون الارض يعتبر عملا مخزونا او هما معا، اذا كانا معا كذلك فلتكن الارض وحدها كذلك: اليست الارض قد بذل فيها عمل لاحيائها استصلاحها؟ اضف الى ذلك انه لماذا كانت الارض مع البذر ممارسه فعليه و لا تكون الاله ممارسه فعليه ايضا بل لماذا لايكون العكس هو الصحيح؟ و هل صحيح: ان الارض مع البذر ممارسه فعليه؟ و كيف؟!.]


ففى المفهوم الاسلامى يكو الفرق فى القيمه بين الماده الاوليه قبل تصنيعها و بعد تصنيعها هو من حق مالك الماده الاوليه و من حق العامل،و ليس م حق الاله التى حولته.


[لماذا كذلك... هذا ليس من الاسلام فى شى ء... هذا كلام الشيوعيين كما قلنا.]


ففى عقد الجعاله يكون الناتج من حق صاحب الماده و الاجير الصانع.


[فى عقد الجعاله ليس للصانع فى الناتج حق كما هو ظاهر، بل له فقط ما يجلعه له صاحب المال.] اما الاله فلها حق الاجره


[هذا فى خصوص استئجار الاله و ليس فى عقد الجعاله.] فقط و ليست لها نسبه من الربح.


و كذا الامر فى عقد المزارعه، فالارض التى بذلها صاحبها مع البذر، يكون له حق فى الناتج فتكون له نسبه من الثمر، لان عمليه الزارعه ما هى الا انماء للبذره التى هى ملك لصاحب الارض.


و اما فى عقد المضاربه، فان صاحب المال يبذل ما له للعامل، فيشترى العامل البضاعه من ذلك المال، فتكون ملكا لصاحب المال،


[لوصح هذا لكان العامل يستحق الاجره فقط و لا يستحق فى نسبه الربح شيئا و يخرج بذلك عن كونه مضاربه.] و ما عمل العامل الا الاتجار بتلك البضاعه، فلصاحب المال حق فى الربح.


و فى كل هذه الاحوال نجد ان الاسلام يعطى الافضليه للعامل على وسائل الانتاج، اذ يحق له ان ياخذ نسبه مفتوحه من الانتاج، بخلاف الاله التى تاخذ فقط اجره محدوده.


و بناء على القاعده الاساسيه فى ان الاجر و الربح هو مقابل الجهد و العمل،


[هذه القاعده ليست اسلاميه و انما هى متصيده من افكار الماركسيين على ما يظهر.] حرم الاسلام انواعا حرم الاسلام انواعا كثيره من الموارد التى لاتخضع لهذا القانون، فحرم الربا و القمار واليا نصيب و غيرها.


تنميه الانتاج



و ننتقل الان الى الحديث عن: تنميه الانتاج، و هى من اهم عوامل مكافحه الفقر فى المجتمع الاسلامى.


الحض على العمل و الانتاج



خلق الله سبحانه الانسان و كرمه على كثير من المخلوات، اذ وهبه القدره و الاراده و التمييز، ليكون خليفته فى الارض،


[قد تقدم بعض الكلام فى ذلك فى تعليقه سابقه.] و خلق كل ما فى الكون من اجل خدمته و سعادته.


من هذا المنطلق العظيم يشعر المومن بقيمته و عظمته و سر وجوده و غايته، و ان كل ما هو موجود فى الطبيعه خلق من اجله، فمن واجبه ان ينهض للقيام بمسووليته، فيغور فى بحار العلم، و يخضع جميع الطاقات لمشيئته، و يكافح لتحقيق رسالته.


من هنا نجد ان الاسلام قد حرص على العمل و تنميه الانتاج، و فرض على المجتمع الاسلامى السير وفقا له، و جعل تنميه الثروه و الاستمتاع بالطبيعه الى اقصى حد، هدفا للمجتمع.


[هذا ينافى ما تقدم من المولف من ان الاسلام قد دعى للزهد و حارب فكره عبوديه الانسان للماده... و لعله يريد ان يقول انه اراد من المجتمع ان يعيش حياه كريمه و شريفه و ان يستمتع بثروات الطبيعه و يستفيد منها فى دفع مستواه الاقتصادى العام... مادام ان ذلك يساعد على سمو الانسان فى انسانيته و يضمن له كرامته و حريته.]


يقول النبى "ص": 'ما اكل احد طعاما قط خيرا من عمل يده'.


وسائل الاسلام فى تنميه الانتاج



و الاسلام حين تبنى مبدا تنميه الثروه و الانتاج، جند كل امكاناته لتحقيق هذا الهدف، و ايجاد الوسائل التى يتوقف عليها.


و وسائل تحقيق هذا الهدف على نوعين: وسائل يجب على المجتمع ايجادها و ضمانها. و وسائل تطبيقيه تجب على الدوله، برسم سياسه تخطيطيه متكامله، توجه نشاط المجتمع و تكمله.


و سنتكلم عن هذه الوسائل من الناحيه الفكريه و الناحيه التشريعيه.


الوسائل الفكريه



فمن الناحيه الفكريه حث الاسلام على العمل و الانتاج، و قيمه بقيمه كبيره، و ربط به كرامه الانسان و شانه عند الله. و بذلك خلق الارضيه الفكريه الصالحه لدفع الانتاج و تنميه الثروه. و قد اعطى مقاييس خلقيه عن العمل و البطاله، الصبح العمل بمقتضاها عباده يثاب عليها المرء، و اصبح العامل فى سبيل قوته افضل عند الله من المتعبد الذى لايعمل.


ففى الحديث ان الامام الصادق "ع" سال عن رجل، فقيل له: 'اصابته الحاجه، و هو فى البيت يعبد ربه، و اخوانه يقومون بمعيشته.'


فقال "ع": 'الذى يقوته اشد عباده منه'.


و عن الرسول "ص" انه رفع يوما يد عامل مكدود، فقبلها و قال: 'طلب الحلال فريضه على كل مسلم و مسلمه. و من اكل من كد يده مر على الصراط كالبرق الخاطف. و من اكل من كد يده نظر الله اليه بالرحمه ثم لايعذبه ابدا. و من اكل من كد يده حلالا فتح له ابواب الجنه يدخل من ايها شاء'.


و فى روايه اخرى ان شخصا مر بالامام الباقر "ع" و هو يمارس العمل فى ارض له: و يجهد فى ذلك حتى يتصاب عرقا، فقال له: اصلحك الله ارايت لوجاء اجلك و انت على هذه الحاله! فاجابه الامام "ع" و هو يعبر عن مفهوم العمل فى الاسلام: 'لوجاءنى الموت و انا على هذه الحال، جاءنى و انا فى طاعه الله عزوجل'.


و كان رسول الله "ص" كما جاء فى سيرته الشريفه يسال عن الرجل اذا اعجبه مظهره، فان قيل له ليست له حرفه و لا عمل يمارسه، سقط من عينه، و يقول: 'ان المومن اذا لم تكن له حرفه يعيش بدينه'.


و عن النبى "ص" قال: 'ما من مسلم يزرع زرعا او يغرس غرسا، فياكل منه الانسان او دابته الا و كتب له به صدقه'.


و قد اهاب سبحانه بالانسان الى استثمار مختلف المجالات فقال: 'هو الذى جعل لكم الارض ذلولا، فامشوا فى مناكبها و كلوا من رزقه، و اليه النشور" "الملك 15"


و كما قاوم الاسلام فكره البطاله و حث على العمل، كذلك قاوم فكره تعطيل بعض الثروات الطبيعيه و فكره تمجيد الاموال و كنزها.


/ 8