محاسن الأزهار فی مناقب امام الابرار علی بن ابی طالب (ع ) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

محاسن الأزهار فی مناقب امام الابرار علی بن ابی طالب (ع ) - نسخه متنی

ابو عبدالله حمید بن أحمد محلی؛ محقق: محمد باقر المحمودی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


و الاستدلال بحديث الطير على أفضلية علي وأحقيته بخلافة النبي من جميع الأمّة


رجعنا إلى |ذكر البيت 5 من| القصيدة |وشرحها| قال |الإمام المنصور باللَّه| عليه السلام:

ومن غداة الطير بيّن لنا++

خُصَّ بأكل الطائر المشتوي؟

|لفظة| 'من ' من أدوات الاستفهام والمراد بها التقرير لما يريد عليه السلام ذكره من فضل علىّ عليه السلام.

وترد |من| للشرط والمجازات كما تقول: من أكرمني أكرمته.

والطير معروف وسمّي طيراً لطيرانه، ويقع على الجمع ومنه قوله تعالى- حاكياً عن سليمان بن داود صلى اللَّه عليهما وسلم-: 'وتفقّد الطير فقال: ما لي لا أرى الهدهد' |20/النمل: 27|، وقال تعالى:'طيراً أبابيل ' |3/الفيل: 105|.

وتقع |الطير| على الواحد |أيضاً| قال تعالى: 'فتنفخ فيها فتكون طيراً

___________________________________

هذا هو الصحيح، وفي النسخة: 'فتنفخ فيه فيكون طائراً'. بإذنى' |110/المائدة: 5| وطائر الإنسان: عمله |كما| في قوله |تعالى|: 'وكلّ إنسان ألزمناه طائره في عنقه' |13/الإسراء/17|.

والسانح من الطير- عند العرب-: ما ولاّك ميامنه ومن الظباء أيضاً، والعرب تتيمّن بذلك، والبارح: ماولاّك مياسره، والعرب تتشأّم به

___________________________________

وذكره أيضاً ابن الأثير في مادة "برح" من النهاية قال: وفي الحديث: "برح ظبي" هو من البارح ضدّ السانح، فالسانح ما مرّ من الطير والوحش بين يديك من جهة يسارك إلى يمينك، والعرب تتيمّن به لأنّه أمكن للرمي والصيد؟ والبارح: ما مرّ من يمينك إلى يسارك، والعرب تتطيّر به لأنّه لا يمكنك أن ترميه حتى تنحرف؟. والناطح: ما استقبلك، والقعيد: ما استدبرك، والتطيّر: التشأّم في قوله تعالى: 'إنّا تطيّرنا بكم' |18/يس: 36| وفي قوله تعالى: 'يطّيروا بموسى ومن معه '|131/الأعراف: 7| أي يتشأّموا به، وقال صلّى اللَّه عليه وآله وسلم: ' لا عدوى ولا طيرة' ومن أعدى الاول المراد به التشّأم؟.

وقوله- |أي قول الإمام المنصور باللَّه في البيت الخامس هذا|-: "بيّن" من البيان وهو الإيضاح عن الشي ء بما يزول معه اللبس العارض فيه، وأصل البيان: القطع والانفصال، ومنه قوله صلّى اللَّه عليه وآله وسلم: ' ما أبين من الحّي فهو ميّت' يريد ما انفصل منه فهو ميتة يحرم الانتفاع به كما يحرم الانتفاع بالميتة

/37/ فكأنّ الشي ء عند وضوحه قد بان أي انفصل عن اللبس والخفاء وصار في جنبة الوضوح والجلاء؟.

وأمّا في أصول الفقه فإن البيان في مقابلة المجمل، والمجمل مالايمكن معرفة المراد به بلغطه نحو قوله تعالى: 'وآتوا حقّه يوم حصاده ' |141/الانعام: 6| فإنّ ذلك مجمل لأنه لا ينبئ عن مقدار الحقّ الّذي يجب أداؤه فهو مجمل بهذا الاعتبار وإن كان غير مجمل في إفادة الوجوب على الجملة.

وأمّا البيان فيستعمل في معنيين: عام وخاص، فأمّا العام فإنّه بمعنى الدلالة، ولهذا يقول القائل: بيّن لي فلان كذا وكذا أي دلّنى عليه، وبيّن فلان لفلان الطريق أى دلّه عليها وبيّن اللَّه تعالى للعباد الفرايض التي افترضها عليهم أي تصب لهم الادلة الدالّة عليها.

وأمّا المعنى الخاص فهو مادل على المراد بخطاب لايستقلّ بنفسه في الدلالة عليه، وقد يكون قولاً وقد يكون فعلاً فأمّا القول فنحو مانقل عن النبي عليه السلام من بيان القدر الذي تجب فيه الزكوة وهي الحق المجمل الذي ذكره تعالى بقوله: 'وآتوا حقه يوم حصاده ' |141/الأنعام: 6|، فقال صلّى اللَّه عليه وآله وسلم: 'ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة '

___________________________________

الحديث معروف.

وأمّا الفعل فنحو إحالته لنا على صلاته بقوله: 'صلّوا كما رأيتموني أصلّي ' ونحو قوله: 'خذوا عنّي مناسككم'

___________________________________

وهذا الحديث أيضاً معروف متداول. فصارت أفعاله في الحج كاشفة لنا عن المراد بقوله تعالى: 'وللَّه على الناس حجّ البيت' |97/آل عمران: 3| وأفعاله في الصلوة موضحة لناالمراد بقوله: 'وأقيموالصلاة' إذ هومجمل.

وقوله عليه السلام: 'خصّ' فالمراد به التميّز والانفراد يقول أهل اللغة: خصّ فلان بكذا أي انفرد به وتميّز عن غيره فهو نقيض قولنا: عمّ فإنّه يفيد الشمول.

والعام هو كل كلام مستغرق لجميع مايصلح له، والعموم في الأصل هو الشمول. فأمّا الخاص فهو ما وضع لشي ء واحد نحو قولنا: مكة وبغداد، وأما اذا

استعمل في الكلام فقيل في الخطاب انه مخصوص فالمراد بذلك أن المتكلم استعمله في بعض ما وضع له كما نقوله في قوله تعالى: ' وأوتيت من كل شى ء ' | 23/النمل: 27| فإنّه مخصوص، وقد يطلق على المخصوص من عمومه انه خاص، وقد يوصف الدليل المخرج لبعض عموم الخطاب بأنه خاص ويطلق ذلك على ما يفيد العموم أصلاً نحو قوله تعالى: 'قل هواللَّه أحد' فإنه خاص وكذلك ما أشبهه. والأكل معروف |وهو| بفتح الهمزة وبضمّها: المأكول نفسه قال تعالى: 'تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها' |25/إبراهيم: 14|.

والطائر معروف والألف واللام دخلا هاهنا لتعريف العهد لا لتعريف الجنس لأنّه أراد طيراً بعينه فلذلك كانا للعهد.

والمشتوي معروف وهو الحنيذ قال تعالى: 'فما لبث أن جاءبعجل حنيذ' |69/هود:11| أي محنوذ وهو المشتوي وفعيل بمعنى مفعول كقتيل بمعنى مقتول وسليب بمعنى مسلوب.

وقد تضمّن البيت منقبة من مناقب على أميرالمؤمنين عليه السلام /38/ واضحة، ومزيّة له على ذوي الفضائل راجحة، وذلك ثابت فيما:

أخبرنا به الفقيه العابد الزاهد العالم المجاهد بهاء الدين أبوالحسن علّي بن أحمد بن الحسين الأكوع رضى الله عنه، بإسناده المتقدم

___________________________________

تقدم سند على بن أحمد هذا إلى ابن المغازلى في أواخر مقدمة المصنف قبيل البيت الاول من قصيدة المنصور باللَّه متن محاسن الازهار هذا. إلى القاضي الخطيب علّي بن محمد الجلاّبي الشافعي المعروف بابن المغازلي

___________________________________

وهذا رواه ابن المغازلى في الحديث: "193" من منافب أمير المؤمنين عليه السلام ص 163 ط 2. قال: اخبرنا محمد بن أحمد بن عثمان قال: أخبرنا أبوعمر محمد بن العباس بن حيويه الخزاز وأبوبكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن شاذان البزار البغداديان إذناً أنّ الحسين بن إبراهيم حدثهم

___________________________________

كذا في أصلى، وفي المطبوع من مناقب ابن المغازلى: "انّ الحسين بن محمد حدّثهم؟". قال: حدثنا الحجاج بن يوسف بن قتيبة الاصفهاني قال اخبرنا بشر بن الحسين: قال حدثني الزبير بن عدي:

عن أنس قال: أهدي إلى رسول اللَّه صلى عليه واله وسلم طير مشوي فلمّا

وضع بين يد يه قال: 'أللهم ائتني بأحبّ خلقك اليك يأكل معي من هذا الطائر'. قال: فقلت في نفسي: اللهم اجعله رجلاً من الأنصار. قال: فجاء علّي عليه السلام فقرع الباب قرعاً خفيفاً فقلت: من هذا؟ فقال علّي فقلت: إن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه واله وسلم على حاجة، فانصرف قال: فرجعت إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه واله وسلم فسمعته يقول الثانية: 'اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر'. فقلت في نفسي: اللهم اجعله رجلاًً من الأنصار. قال: فجاء علّي عليه السلام فقرع الباب فقلت: ألم أخبرك أن الرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه واله وسلم على حاجه؟!! فانصرف ورجعت إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه واله وسلم فسمعته يقول الثالثة: 'اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر'. قال: فجاء علّي فضرب الياب ضرباً شديداً فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه واله وسلم: 'افتح افتح افتح'. قال |ففتحت الباب| فلما نظر اليه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم قال: 'أللهم وإليّ |أللهمّ| وإليّ |اللهمّ واليّ| قال: فجلس مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه واله وسلم فأكل معه الطير

___________________________________

وهذا الحديث رواه ابن المغازلي في عنوان: "حديث الطائر وطرقه" بمغائرة سندية ومتنية عن قريب من اثنين وعشرين طريقاً كما في الحديث: "189 تا 212" من مناقبه ص 156 تا 176 ط 2.

ولحديث أنس هذا مصادر، ورواه أيضاً البخاري- بنزعته التي أخذها من شيخه حريز الحمصي وأمثاله- في ترجمة اسماعيل بن سلمان الازرق برقم: "1132" من القسم الاول من التاريخ الكبير، ص 358 وقال:

وقال عبيداللَّه بن موسى: أخبرنا اسماعيل بن سلمان بن أبي المغيرة الأزرق، عن أنس |قال|: أهدي للنبىّ صلّى اللَّه عليه وسلم طائر فقال: اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك. فجاء علّي.

ثمّ قال البخارى: وروى |محمد| ابن الفضيل |بن غزوان| عن أنس في الطير. وقال عبيداللَّه بن موسى، أخبرنا سكين بن عبدالعزيز، عن ميمون أبي خلف حدّثه عن أنس عن النبي صلّى اللَّه عليه وسلم في الطير.

أقول: والحديث رواه الحافظ ابن عساكر كاملاً- بلا تمجمج ناصبية- في الحديث: "626" وتاليه من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 119 -118 2، ط2.

ورواه أيضاً البزاّر أحمد بن عمر البصري- المتوفى سنة: "292" كما رواه عنه ابن حجر فى زوائد مسند البزاّر: ج 1/الورق 269 /ب/- قال: حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيم، حدثنا عبيداللَّه بن موسى حدثنا اسماعيل بن سلمان الازرق:

عن أنس بن مالك قال: أهدى لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم أطيار فقسمها بين نسائه كلّ امرأة منهم ثلاثة، فأصبح عند بعض نسائه صفيّة أو غيرها فأتت بهنّ، فقال: اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك |كى يأكل| معي من هذا الطائر. |قال أنس:| فقلت: اللهم اجعله رجلاً من الأنصار، فجاء علىّ |فدقّ الباب| فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: انظر من على الباب؟ |فنظرت| فإذاً علّي فقلت: إن رسول اللَّه على حاجة؟! ثم جئت قمت بين يدى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم |فجاء علّي فدقّ الباب| فقال: انظر من على الباب؟ |فنظرت| فإذاً علىّ فعل ذلك ثلاثاً؟ |ثم فتحت له الباب| فدخل يمشي وأنا وراءه فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: من حبسك؟ قال: هذا آخر ثلاث مرّات |آتي و| يردّني أنس يزعم أنّك على حاجة!! فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: |يا أنس| ما حملك على ما صنعت؟ قلت: يا رسول اللَّه سمعت دعاءك فأحببت أن يكون من قومى! فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: إن الرجل قد يحبّ قومه الرجل قد يحبّ قومه- قال ثلاثاً-. قال البزّار: |والحديث| روي عن أنس من وجوه وكلّ من رواه عن أنس فليس بالقوّي واسماعيل كوفي حدّث عن أنس بحديث؟!

ورواه أيضاً أبويعلى أحمد بن المثنى الموصلي- المولود سنة:"210" المتوفي عام: "307" في الحديث: "1297" من مسند أنس بن مالك برقم: "4052" من مسنده: ج 7 ص 105، ط 1 قال:

ورواه أيضاً أبوالحسن على بن الحسين المسعودي- المتوفّى سنة: "346"- فإنّه ذكر بعض فضائل عليّ عليه السلام- في آخر سيرة أمير المؤمنين عليه السلام كما في كتاب مروج الذهب: ج 2 ص 425 ثمّ قال:

ثمّ دعاؤه عليه السلام |له|- وقد قدّم إليه أنس الطائر |المشوي|-: 'اللهمّ أدخل إليّ أحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر' فدخل عليّ إلى آخر الحديث.

وأيضاً رواه الطبراني في الحديث : "5882" من المعجم الأوسط: ج 6 ص 414 ط 1، قال: حدثنا محمد بن خليد العبدي الكوفي قال: حدثنا محمد بن طريف البجلي قال: حدثنا مفضل بن صالح، عن الحسن بن الحكم:

عن أنس بن مالك قال: أهدي للنبي صلّى اللَّه عليه وسلم طائر مشوي فقال: اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر.

فجاء علّي رضى الله عنه، فلما رآه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم قال: يا ربّ وإلّي؟.

وأيضاً رواه الطبراني- بسنده عن عطاء عن أنس- في الحديث: "7462" من المعجم الأوسط: ج 8 ص 225 ط1، قال:

حدثنا محمد بن شعيب قال: حدثنا حفص بن عمر المهرقاني قال: حدثنا النجم بن بشير، عن اسماعيل بن سليمان أخي اسحاق بن سليمان عن عبدالملك بن أبي سليمان:

عن عطاء عن أنس بن مالك قال: كنت مع النبي صلّى اللَّه عليه وسلم في حائط وقد أتي بطائر فقال: اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليّ يأكل معي من هذا الطائر.

فجاء عليّ فدقّ الباب فقلت: من هذا؟ فقال: أنا علّي. فقلت: إن النبي صلّى اللَّه عليه وسلم على حاجة! فذهب ثمّ جاء فدقّ الباب فقلت: من هذا؟ فلت: من ذا؟ فقال:أنا علّي. قلت: إن النبى صلّى اللَّه عليه وسلم على حاجة!! |فذهب| ثمّ جاء فدقّ الباب فقال النبي صلّى اللَّه عليه وسلم: اذهب فافتح |له الباب فذهبت ففتحت له الباب فدخل| فقال له النبي صلّى اللَّه عليه وسلم: ما حبسك رحمك اللَّه فقال: هذه ثلاث عودات كلّ ذلك يقول لي أنس: إنّك على حاجة! فقال |النبي|: يا أنس ما حملك على ذلك؟ قلت: سمعت بدعوتك فأردت أن يكون رجلاً من قومى.

|قال الطبراني: بحسب ما علمت| لم يرو هذا الحديث عن عبدالملك بن أبي سليمان عن عطاء الا اسماعيل بن سليمان، ولا رواه عن اسماعيل الا النجم بن بشير، تفرّد به حفص بن عمر المهرقاني.

أقول: ما وضع في هذا الحديث بين المعقوفات زيادات منّا اقتضاها سياق الكلام.

ورواه أيضاً الطبراني في الحديث: "9368" من المعجم الأوسط: ج 10، ص 171، ط 1،قال:

حدثنا هارون بن محمد بن المنحّل الحارثي الواسطي قال: حدثنا العباس بن أبي طالب، قال: حدثنا حفص بن عمر العدني قال: حدثنا موسى بن سعد البصري عن الحسن |البصري|: عن أنس بن مالك قال: أهدي إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم طائر فقال: اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إلى يأكل معي من هذا الطائر. فجاء علّي بن أبي طالب.

وممن روى الحديث عن أنس هو يحيى بن أبي كثير كما رواه بسنده عنه الطبراني في الحديث: "1765" من كتاب الأوسط: ج 2 ص 442 قال:

حدّثنا أحمد |بن الجعد أبوبكر الوشاء| قال: حدثنا سلمة بن شبيب، قال: حدثنا عبدالرزّاق، قال: أخبرنا الأوزاعى:

عن يحيى بن أبي كثير، عن أنس بن مالك، قال: أهدت أمّ أيمن إلى النبي صلّى اللَّه عليه وسلم طائراً بين رغيفين فجاء النبي صلّى اللَّه عليه وسلم؟ فقال: هل عندكم شي ء؟ فجاءته |أم أيمن| بالطائر فرفع |النبى صلّى اللَّه عليه وسلم| يده وقال: 'اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر' فجاء علّي فقلت: إن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم مشغول! وإنّما دخل النبي- صلّى اللَّه عليه وسلم- آنفاً!! |فتناول| النبي صلّى اللَّه عليه وسلم من الطائر شيئاً ثم رفع يده فقال: 'اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك اليك يأكل معي من هذا الطائر' فجاء علي فارتفع الصوت بيني وبينه فقال النبي صلّى اللَّه عليه وسلم له: خلّه من كان يدخل؟ |ففتحت الباب فدخل علي| فقال النبي صلّى اللَّه عليه وسلم: 'وإلّي يا ربّ'- ثلاث مرّات- فأكل |علّي| مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم حتىّ فرغا؟.

ثم قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن الأوزاعى |بحسب علمي| إّلا عبدالرزّاق، تفرّد به سلمة.

وأيضاً رواه يحيى بن سعيد عن أنس كما رواه بسنده عنه الطبراني في الحديث: "6557" من المعجم الأوسط: ج 7 ص 288 ط 1، قال:

حدّثنا محمد بن أبي غسّان الفرائضي قال: حدثني أبي أبوغسّان أحمد بن عياض بن أبي طيبة: قال: حدثنا يحيى بن حسّان عن سليمان بن بلال:

عن يحيى بن سعيد، عن أنس بن مالك قال: كنت أخدم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم فقدّم |إليه|فرخاً مشويّاً فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: 'اللهمّ ائتني بأحبّ الخلق إليك وإلّي يأكل معي من هذا الفرخ' فجاء عليّ فدقّ الباب، فقال أنس: من هذا؟ قال: علي. فقلت: النبي صلّى اللَّه عليه وسلم على حاجة!! فانصرف |علي| ثم تنحّى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم وأكل |شيئاً منه| ثم قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: 'اللهمّ ائتني بأحبّ الخلق إليك وإليّ يأكل معي من هذا الفرخ' |فجاء علي فدقّ الباب فقلت: من هذا؟ قال: علىّ. فقلت: النبي صلّى اللَّه عليه وسلم على حاجة!! فانصرف علّي فقال النبي صلّى اللَّه عليه وسلم: اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الفرخ| فجاء علي فدقّ الباب دقّاً شديداً فسمع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم |الدقّ| فقال: أنس من هذا؟ فقلت: علي. قال: أدخله. |ففتحت له الباب| فدخل فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: لقد سألت اللَّه ثلاثاً بأن يأتيني بأحبّ الخلق إليه وإليّ يأكل معي من هذا الفرخ |فما أخّرك؟| فقال علي: وأنا يا رسول اللَّه لقد جئت ثلاثاً كلّ ذلك يردّني أنس. فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: يا أنس ماحملك على ما صنعت؟ قلت: أحببت أن تدرك الدعوة رجلاً من قومى!! فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: لا يلام الرجل على حبّ قومه!.

أقول: ما وضع بين المعقوفات بعضها مما كان السياق في حاجة إليه، وبعضها زدناها للتوضيح.

وممن روى حديث الطير عن أنس هو مسلم بن كيسان الضبي كما رواه بسنده عنه الخطيب في عنوان: "ذكر مسلم بن كيسان الضبي" من كتاب موضح أوهام الجمع والتفريق: ج 2 ص 398 قال:

أخبرنا أبوالحسن محمد بن أحمد بن رزقويه، قال: حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق إملاءاً حدثنا أحمد بن القاسم بن مساور الجوهري حدثنا عبيداللَّه بن عمر بن ميسرة أبوسعيد الجشمي حدثنا يونس بن أرقم |قال|:

حدثنا مسلم بن كيسان الضبي عن أنس بن مالك "رض" قال: أهدي إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم أطياراً فقال: 'اللهمّ آتني بأحبّ خلقك إليك؟' قال أنس: فقلت: اللهمّ إن شئت جعلته رجلاً من الأنصار. فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: ما أنت بأوّل رجل أحبّ قومه؟ فجاء علي فلمّا رآه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم قال: اللهمّ وإلّي؟!

ورواه أيضاً أبوالشيخ عبداللَّه بن محمد بن جعفر الحياّني الثقة- المترجم في عنوان: 'الحيّاني' من اللباب: 1 ص 404- في كتابه طبقات المحدّثين الموجود في المكتبة الظاهرية بدمشق الورق 117/ وفي نسخة الورق 223/ قال:

حدّثنا إبراهيم قال: حدثنا أحمد بن الوليد، قال: حدثنا عبداللَّه بن ميمون عن جعفر بن محمد عن أبيه عن أنس بن مالك قال: أهدي لرسول اللَّه صلّى اللَّه عله وسلم طير فقال: 'اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي |من| هذا الطير' فجاء علي فأكل معه.

هكذا رواه عنه آية اللَّه المرعشي طاب ثراه في ملحقات اءحقاق الحق: ج 21 ص 223. وأخرجه البلوشي عنه وعن ابن الجوزي في كتاب العلل: ج 1، ص 232 كما في تعليقه على الخصائص ص 32 ط الكويت.

ورواه أيضاً عامر الشعبي عن أنس كما رواه بسنده عنه الدار قطني في عنوان: "زُمَيل ورَبيِل" من كتابه المؤتلف والمختلف: ج 2 ص 1125، قال:

حدثني أبوعبداللَّه حسين بن أحمد بن عتّاب، حدثنا أبوبدر أحمد بن خالد بن عبدالملك بن عبيداللَّه بن مسرح الحرّاني حدثني عمّي أبووهب الوليد بن عبدالملك حدثنا زميل بن المثنّى عن مخلد بن يزيد- قال أبووهب: ولا أظنّني إلا قد سمعته من مخلد- عن فطر بن خليفة:

عن |عامر| الشعبي عن أنس بن مالك قال: أهدي لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم حبارى فهيّئته له أمّ سلمة وقالت: يا أنس أمسك الباب حتى يصيب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم من هذا الطير. فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: 'اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يصيب معى من هذا الطير' فجاء علي عليه السلام وذكر الحديث بطوله؟.

والحديث رووه عن جمع أخر من الصحابة منهم الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.

ومنهم عبداللَّه بن العباس.

ومنهم سفينة مولى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم.

ومنهم جابرن عبداللَّه الأنصاري ومنهم أبوسعيد الخدري.

ومنهم حبشيّ بن جنادة.

ومنهم أبورافع مولى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه واله وسلم.

ومنهم سعد بن أبي وقّاص.

ومنهم عبداللَّه بن عبّاس كما ذكره عنهما القاضي عبدالجبّار المعتزلي المتوفىَّ سنة: "415"- في باب خلافة أمير المؤمنين عليه السلام في القسم الثاني من كتاب المغني: ج 20 ص122، ط 1، بمصر.

وذكرالحاكم في ذيل الحديث: "80" من مناقب أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب مناقب الصحابة من المستدرك: ج 3 ص 131، قال

و|الحديث| قد رواه عن أنس جماعة من أصحابه زيادة على ثلاثين نفساً...

وذكر الحافظ السروي في عنوان: 'إجابة دعوات أمير المؤمنين عليه السلام' من كتابه مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 282 قال:

إنّ الحديث رواه خمسة وثلاثون رجلاً عن أنس؟ وعشرة |من الصحابة| عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم.

وللحديث طرق كثيرة جدّاً، وقد رواه البغوي في الحسان من مناقب علىّ عليه السلام برقم: "4770" في كتاب المناقب من مصابيح السنّة: ج 4 ص 173.

ورواه ابن المغازلي عن "22" وعشرين طريقاً في عنوان: "حديث الطائر وطرقه" من مناقبه ص 175 -156.

ورواه الحافظ ابن عساكر عن ثلاثة وثلاثين طريقاً، ونحن أوردنا الحديث عن مصادر القوم في تعليقه عن أكثر ممن رواه ابن عساكر، فليلاحظ الحديث: "645-612" من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام بتحقيقنا: ج 2 ص 135 -105، ط2.

ورواه أيضاً ابن الجوزي عن سبعة عشر طريقاً في فضائل عليّ عليه السلام برقم: "377 -360" من كتاب العلل المتناهية: ج 1، ص 237 -228 ط دار الكتب العلمية.

ورواه ابن كثير- من موالي أعداء أهل البيت- بأكثر من عشرين طريقاً في عنوان: "حديث الطير" من باب فضائل عليّ عليه السلام من تاريخ البداية والنهاية: ج 4- أو 7- ص 353.

والحديث قد أفرده بالتأليف جماعة من الحفّاظ، كما ذكره جمع منهم ابن كثير في العنوان المتقدم الذكر آنفاً من تاريخ البداية والنهاية: ج 535 7 قال:

وقد جمع الناس في هذا الحديث مصنّفات مفردة منهم أبوبكر ابن مردويه، والحافظ أبوطاهر محمد بن أحمد بن حمدان- فيمارواه شيخنا أبوعبداللَّه الذهبي |كما في ترجمة أبي طاهر محمد بن احمد من تذكرة الحفاظ: ج 3 ص 1112 قال: رأيت له مسند بهز بن حكيم و طرق حديث الطير.| ثم قال ابن كثير: ورأيت فيه مجلّداً في جمع طرقه وألفاظه لأبي جعفر ابن جرير الطبري المفسر صاحب التاريخ.

الرابع ممن أفرد الحديث بالتأليف هو الحافظ الكبير أبوالعباس أحمد بن محمد بن سعيد المعروف بابن عقدة كسانقله عنه السروي في مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص282.

الخامس ممن أفرد الحديث بالتأليف هو الحافظ أبونعيم الاصبهاني كمانقله عنه ابن تيمية في منهاج السنة: ج 4 ص99 طالسنة 1333.

وذكره ايضاً الذهبي في ترجمة الحسن بن احمد بن الحسن بن محمد بن علي بن مهرة الاصبهاني الحداد- المولود سنة "419" المتوفي عام "515"- قال الذهبي:

قال السمعافي هو أجلّ شيخ أجاز لي... وكان خبيراً صالحاً ثقة وقد سمع من أبي نعيم تواليفه التوبة والاعتذار... |و| حديث الطير...

السادس ممن افرد الحديث بالتأليف الحاكم النيسابوري صاحب المستدرك وتاريخ نيشابور والأربعين ومعرفة علوم الحديث وغيرها.

قال السبكي في ترجمة الحاكم من كتاب الطبقات الشافعية: ج 4 ص 165، ط 2:

ذكر اين طاهر انه رآى بخط الحاكم حديث الطير في جزء ضنحم جمعه.

السابع أبوالحسن علي بن الحسن بن منه من أعلام القرن الخامس كما في ترجمته من كتاب النابس من طبقات أعلام الشيعة ص 119.

الثامن الحافظ الذهبي فإنّه ذكر في ترجمة الحاكم من كتابه تذكرة الحفّاظ: ج 3 ص 1042 ط دار الكتاب العربى ببيروت قال:

وأمّا حديث الطير فله طرق كثيرة جدّاً قد أفردتها بمصنف ومجموعها يوجب أن يكون الحديث له أصل، وأمّا حديث: 'من كنت مولاه' فله طرق جيّدة وقد أفردت ذلك أيضاً |بالتأليف|.

وأيضاً روى الذهبي حديث الطير في أواسط ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتابه: تاريخ الإسلام: ج 3 ص 633 ط دار الكتاب العربي وقال:

وله |أي لحديث الطير| طرق كثيرة عن أنس متكّلم فيها، وبعضها على شرط السنن |و|من أجودها حديث قَطن بن نُسَير شيخ مسلم |قال:| حدثنا جعفر بن سليمان حدثنا عبداللَّه بن المثنّى عن عبداللَّه بن أنس بن مالك، عن أنس قال: أهدي إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم حَجَل مشوي فقال: اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي.وذكر الحديث. أقول: والحديث رواه أيضاً الذهبي حرفياً في ترجمة جعفر بن سليمان الضبعي من كتابه ميزان الاعتدال: ج 1، ص 411.

وأيضاً ذكر الذهبي في ترجمة الحاكم من سير أعلام النبلاء: ج 17، ص 169، ما لفظه: وقد جمعت طرق حديث الطير في جزء و|كذلك| طرق حديث: ' من كنت مولاه' وهو أصحّ، وأصحّ منهما ما أخرجه مسلم- |في "باب الدليل على أنّ حبّ الأنصار وعليّ من الإيمان" من مقدمة صحيحه: ج 1 ص 60|- عن عليّ قال: إنّه لعهد النبي الأميّ صلّى اللَّه عليه وسلم إلّي أنّه لا يحبّك الا مؤمن ولا يبغضك الاّ منافق!!

ثم قال الذهبى: وهذا أشكل الثلاثة، فقد أحبّه قوم لا خلاق لهم وأبغضه بجهل قوم من النواصب |وفي رأسهم معاوية وجلّ بني أميّة وبني مروان|.

أقول: أمّا الحديث الأخير الذي عدّه الذهبي أشكل الأحاديث الثلاثة فالقسم الذى منه راجع إلى محبى عليّ ومبغضيه فهو من المتواترات لفظاً لا يختصّ مسلم بروايته بل له مصادر وأسانيد كثيرة جدّاً، قد أفردناه بالتأليف فليراجعه من أراد التحقيق.

وأمّا حديث 'من كنت مولاه فعليّ مولاه' فقد كتب في تواتره رسائل قيّمة منها كتاب الغدير للعلامة الأمينى قدس اللَّه نفسه وهو مبذول كثير الوجود.

ومنها كتاب عبقات الأنوار في إمامة أئمّة الاطهار للسيّد الأجل السيّد مير حامد الهندي قدّس اللَّه نفسه، وهو أيضاً كثير الوجود بحمد اللَّه تعالى.

وأمّا حديث الطير فقد رواه الذهبي بنفسه في رسالته فيه عن بضعة وتسعين نفساً عن أنس بن مالك، كما روى ابن كثير تلميذ الذهبي عن رسالته- في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ البداية والنهاية: ج 7 ص 352- فالمشترك من رواياتهم عن أنس متواتر وفي المتواترات لا يلاحظ عدالة الراوي ولا وثاقته، بل المتواتر بنفسه يفيد العلم ولو ثبت عدم عدالة رواته أجمع فكيف إذا ثبت عدالة بعضهم كما هو الحال في حديث أنس كما صرّح به الذهبى في كلامه المتقدم آنفاً، فبتواتر الحديث عن أنس يثبت الحديث عنه، وهو صحابيّ وعندهم كلّ صحابيّ عادل وقوله حجّة، فكيف إذا تعاضدت رواية أنس بروايات بقية الصحابة الستة أوالعشرة التي ذكرناها قريباً، فتبيّن أنّ استشكال القوم في حديث الطير ليس من جهة قصور أسانيده لإثباته، بل من جهة أخرى تلاحظها في الروايات التالية المروية عن ابن عدي وأبي يعلى والحافظ النسائى وغيرهم، وإليك ذكر بعضها:

روى أبوأحمد عبداللَّه بن عديّ الجرجاني-المولود سنة: "277" المتوفى عام: "365"- في ترجمة مسهر بن عبدالملك بن سلع الهمداني- المترجم في تهذيب التهذيب وتقريبه- من كتاب الكامل: ج 7 ص 457 ط 3 قال:

حدثنا الحسن بن الطيّب بن الشجاع، حدثنا الحسن بن حمّاد الضبي حدثنا مسهر بن عبدالملك بن سلع، عن عيسى بن عمر القارئ عن اسماعيل بن عبدالرحمان السدّي:

عن أنس بن مالك |قال:| إن النبي صلّى اللَّه عليه وسلم كان عنده طائر فقال: اللهمّ آتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي |من| هذا الطائر' فجاء رجل فردّه ثمّ جاء رجل |آخر|فردّه ثمّ جاء عليّ بن أبي طالب فأذن له فأكل معه!!

ورواه أيضاً أبويعلى أحمد بن المثنّى الموصلي- المولود سنة: "210" المتوفى عام: "307"- فى أواخر مسند أنس برقم: "4051" من مسنده: ج 7 ص 105-وفي مخطوطة منه الورق 187- قال:

حدّثنا الحسن بن حمّاد الورّاق، حدثنا مسهر بن عبدالملك بن سلع- وهو ثقة- حدثنا عيسى بن عمر، عن إسماعيل السدي:

عن أنس بن مالك أنّ النبي صلّى اللَّه عليه وسلم كان عنده طائر فقال: 'اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك يأكل معي من هذا الطير' فجاء أبوبكر فردّه ثمّ جاء عمر فردّه ثمّ جاء عثمان فردّه!! ثمّ جاء عليّ فأذن له.

ورواه عنه الحافظ ابن عساكر في الحديث: "634" من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 126، ط 2.

ورواه أيضاً عن أبى يعلى ابن الأثير في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من أسد الغابة: ج 4 ص 21 ط 1.

ورواه أيضاً عن أبي يعلى ابن كثير في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ البداية والنهاية: ج 7 ص 350.

ورواه أيضاً الهيثمي نقلاً عن أبي يعلى في باب مناقب أمير المؤمنين عليه السلام وقال:

"ورجال أبي يعلى ثقات وفي بعضهم ضعف" كما في مجمع الزوائد: ج 9 ص 125. ورواه أيضاً الحافظ النسائي في الحديث: "12" من كتاب خصائص الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ص 50 ط بيروت بتحقيقنا، قال:

أخبرنا زكريّا بن يحيى قال: حدثنا الحسن بن حمّاد، قال: أخبرنا مسهر بن عبدالملك، عن عيسى بن عمر، عن السدّي |اسماعيل بن عبدالرحمان|:

عن أنس بن مالك أنّ النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم كان عنده طائر فقال: 'اللهمّ ائتنى بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير' فجاء أبوبكر فردّه، ثم جاء عمر فردّه!! ثمّ جاء عليّ فأذن له.

ومن أراد المزيد فعليه بما رواه ابن المغازلي في الحديث: "205" وتاليه من مناقب أمير المؤمنين عليه السلام ص 171 ط 2، وبما رواه ابن عساكر في الحديث: "636" وما حوله- وما علقناه عليه- من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 126 وما حولها.

قال |المؤلف| أيده اللَّه: وهذا الخبر أحد الوجوه المعتمدة في تفضيل أميرالمؤمنين عليه السلام على سائر الصحابة لا سيّما وقد أورده أميرالمؤمنين عليه السلام يوم الشورى وناشدهم صحته فاعترفوا بصحته، ومن نقل قصّة الشورى نقل حديث المناشدة

___________________________________

ومن جملتهم الدارقطني. وهذا من جملته.

وإنّماكان |حديث الطير| دالة على فضيلة علىّ عليه السلام لأنّ الأحبّ عند اللَّه تعالى هو الاكثر ثواباً لأنه إذا قيل في اللَّه تعالى إنّه يحبّ المؤمنين فإن المراد بذلك أنّه يريد تعظيمهم والثناء عليهم وإيصال الثواب إليهم فالأحبّ على هذا هو الأكثر ثواباً، فإذا ثبت أنّه عليه السلام أكثر الصحابة ثواباً ثبت أنّه أفضلهم، وإذا صحّ أنّه أفضلهم كان أولى بالإمامة ممن تقدّم عليه، لأنّه لا يجوز أن يتقدّم المفضول على الفاضل كما أشرنا إليه وكما هو مفصّل في مواضعه من كتب الأصول.

و الاستدلال بحديث المنزلة على أفضلية علي على جميع المسلمين وأحقيّته بالخلافة عن النبي


و |ل| نرجع إلى |ذكر بقية| القصيدة |وشرحها| قال |الإمام المنصور باللَّه| عليه السلام:

ومن غدى /39/ هارون بالنصّ++

ما استثنى سوى أن ليس بعدي نبّي

'هارون' هاهنا هو هارون بن عمران أخو موسى بن عمران صلّى اللَّه عليهما و سلم وكانت ولادته عليه السلام في السنة التي تستحيى فيها النساء، وولادة أخيه موسى عليه السلام في السنة التي تذبح فيها الأبناء فحاطه اللَّه تعالى من كيد أعدائه ليري عباده قد رته ويبلغ من تدبيرهم مشيئته.

وقيل: انه ولد قبل ولادة موسى بسنة وتنبّأ اللَّه موسى وأشرك هارون في أمره بدعائه حيث يقول تعالى حاكياً عنه:'واجعل لي وزيراً من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري كي نسبحك كثيراً ونذكرك كثيراً إنّك كنت بنا بصيراً' |35 -29/طه: 20| فاستجاب اللَّه تعالى دعاءه فقال: 'قد أوتيت سؤلك يا موسى' |36/طه: 20|.

وأقاما في النبوة وقد بعثهما اللَّه إلى فرعون وقومه وبني إسرائيل مدة حتى توفي هارون صلّى اللَّه عليهما في زمن التيه.

و'النص' قد تقدم الكلام في معناه لغة وغيرها. و'ما' هاهنا نافية استثناء جاء بالا ستثناء ومعناه إخراج بعض من كلّ ب 'إلاّ' أو بما في معناها من الكلام، وهو أحد الوجوه المعتمدة في اثبات العموم في اللغة، لأنه لولا صحة الاستثناء في الكلام لم يكن مستغرقاً، ألا ترى أنك تقول: من دخل داري أكرمته إلّا اللصوص فيكون إخراج اللصوص بالاستثناء قاضياً بعموم أول الكلام لأن ما ليس بعام لايصح الاستثناء منه، لأنّه لاكلّ له فيخرج بعضه.

وفي قوله: 'ومن غدى هارون' حذف تقديره ومن غدى شبه هارون أو كهارون، ومثل هذا شائع في اللغة العربية، وقد نزل بها القرآن قال اللَّه تعالى: 'وجنّة عرضها السماوات والارض' |133/آل عمران: 3| أي كعرض فحذف ذلك لدلالة الكلام عليه.

والمقصود بالنصّ الذي ذكره الإمام المنصور باللَّه عليه السلام خبر المنزلة الّذي قضى لعلى عليه السلام بالفضل الأكبر والشرف الأظهر وذلك ثابت فيما:

اخبرنابه الشيح العالم الصالح العابد الزاهد محيى الدين قدس اللَّه روحه بقراءتي عليه يرفعه بالإسناد المتقدم إلى السيد ابي طالب عليه السلام

___________________________________

هذاهو الظاهر، وفي أصلي: "بقرأته عليه يرفعه بالإسناد المتقدم إلى السيّد أبي طالب". والحديث رواه أبوطالب في أماليه كما في الحديث: "39" من الباب الثالث من تيسير المطالب ص 67 ط 1. قال: اخبرنا ابوعبداللَّه أحمد بن محمد البغدادي قال: اخبرنا أبوالقاسم عبدالعزيز بن إسحاق بن جعفر الزيدي قال: حدثنا محمد بن عيسى النحوي عن محمد بن زكريّا، عن الصباح بن راشد، عن أبان بن أبي عيّاش:

عن أنس بن مالك قال: لمّا خرج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم إلى غزوة تبوك استخلف عليّاً عليه السلام على المدينة وما هناك، فقال المنافقون عند ذلك: إن محمداً قد شنى ء ابن عمّه وملّه. فبلغ ذلك عليّاً عليه السلام فشدّ رحله وخرج من ساعته فهبط جبريل عليه السلام على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم يخبره بقول المنافقين في عليّ عليه السلام وخروج عليّ عليه السلام للّحاق به، فأمر رسول اللَّه /40/ صلّى اللَّه عليه وآله وسلم منادياً فنادى بالتعريس في مكانهم قال: ففعلوا ثمّ جاءُوا إليه يسألونه عن نزوله في غير وقت التعريس فأخبرهم بما أتاه جبريل عليه السلام عن اللَّه عزّ وجلّ وأخبرهم بأنّ اللَّه عزّ وجلّ أمره بأن يستخلف عليّاً بالمدينة. قال: فركب قوم من أصحاب النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله ليتلقّوه فما راموا مواضعهم الا وقد طلع علّي عليه السلام مقبلاً قال: فتلقّاه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم ماشياً وتبعه الناس فعانقه رجل رجل ثمّ جلس رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم وحوله الناس، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم لعلّي: ما أقبل بك إلينا يا ابن أبي طالب؟ قال: فقصّ عليه القصة من قول المنافقين فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم: 'يا عليّ ما خلّفتك إلاّ بأمر اللَّه، وما كان يصلح لما هناك غيري وغيرك، أما ترضى يا ابن أبي طالب أن أكون استخلفتك كما استخلف موسى هارون؟ أما واللَّه إنّك مني بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبّي بعدي'

___________________________________

وهذا الحديث هو حديث المنزلة المتواتر بين المسلمين، وقد رواه الحافظ أبوحازم العبدوي بخمسة آلاف اسناد كما رواه عنه تلميذه الحافظ الحسكاني في تفسير الاية: "59" من سورة النساء في شواهد التنزيل: ج 1، ص 152.

وقد أورده محمد مرتضى الحسيني الزبيدي مؤلف كتاب تاج العروس في الحديث "5" من لقط اللآلى المتناثرة في الأحاديث المتواترة ص 31، ط 1، وقال: رواه من الصحابة عشرة...

وجاء في تعليقه: أنّه أورده السيوطي في كتابه الأزهار المتناثرة عن عشرة أنفس |من الصحابة|.

وأورده الكتاني في كتاب المناقب |من كتاب| النظم المتناصر وقال: وورد أيضاً من حديث مالك بن الحويرث وسعد بن أبى وقّاص و|عمر| بن الخطّاب.

وفي شرح الرسالة للشيخ جسّوس؟ قال: هذا حديث متواتر جاء عن نيّف وعشرين صحابيّاً واستوعبها ابن عساكر في نحو عشرين ورقة.

أقول: الحديث رواه ابن عساكر بأسانيد كثيرة تحت الرقم: "336 تا 457" من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 1، ص 206 تا 395 ط 2 ببيروت بتحقيقنا.

ولقد علقنا على ما رواه ابن عساكر في الأحاديث المشار إليها بمثل ما رواه أو يزيد عليها أخذاً من مصادر حفّاظ آل أمية فمن أراد أن يبصر تواترها رأي العين فليرجع اليها.

ويعجبني أن أذكر هاهنا ما رواه ابن عبدربّه وغيره عن المأمون العبّاسي- الذي كان بعقيدة مخالفي أهل البيت واجب الإطاعة- كما في عنوان: 'باب في فضائل علي بن أبي طالب... |و| احتجاج المأمون على الفقهاء في فضل علّي' من كتاب اليتيمة الثانية- في أخبار زياد والحجّاج والطالبيين- من العقد الفريد: ج 3 ص 279 من الطبعة الثانية بالمطبعة الأزهرية بمصر، سنة "1346" وفي ط دار الكتاب العربي ببيروت: ج 5 ص 90- قال:

قال اسحاق بن إبراهيم بن اسماعيل بن حمّاد بن زيد: بعث إلّي يحيى بن أكثم وإلى عدّة من أصحابي- وهو يومئذ قاضي القضاة- فقال: إن أمير المؤمنين أمرني أن أحضر معي غداً مع الفجر أربعين رجلاً كلهم فقيه يفقه ما يقال له ويحسن الجواب، فسمّوا |لي| من تظنّونه يصلح لما يطلب أمير المؤمنين. فسمّينا له عدّةً وذكر هو عدّة حتّى تمّ العدد الذي أراد وكتب تسمية القوم وأمر بالبكور في السحر، وبعث إلى من لم يحضر فأمره بذلك.

فغدونا عليه قبل طلوع الفجر فوجدناه قد لبس ثيابه وهو جالس ينتظرنا، فركب وركبنا معه حتى صرنا إلى الباب فإذاًبخادم واقف، فلمّانظر الينا قال: يا أبامحمد أمير المؤمنين ينتظرك. فأدخلنا فأمر بالصلاة فأخذنا فيها فلم نستتمّها حتى خرج الرسول فقال: ادخلوا فدخلنا فاذاً أمير المؤمنين جالس على فراشه وعليه سواده وطيلسانه والطويلة وعمامته؟

فوقفنا وسلمّنا فردّالسلام وأمر نا بالجلوس |فجلسنا|.

فلمّا استقرّ بنا المجلس تحدّر عن فراشه ونزع عمامته وطيلسانه ووضع قلنسوته ثمّ أقبل علينا فقال: إنّما فعلت ما رأيتم لتفعلوا مثل ذلك، وأمّا الخفّ فمنع من خلعه علّة من عرفها منكم فقد عرفها ومن لم يعرفها فسأعرّفها بها ومدّ رجله وقال: انزعوا قلانسكم وخفافكم وطيالستكم. قال: فأمسكنا فقال لنا يحيى: انتهوا إلى ما أمركم به أمير المؤمنين. فتنحّينا فنزعنا أخفافنا وطيالستنا وقلانسنا ورجعنا.

فلمّا استقرّ بنا المجلس قال |المأمون|: انّما بعثت اليكم معشر القوم في المناظرة فمن كان به شي ء من الخبثين لم ينتفع بنفسه؟ ولم يفقه ما يقول، فمن أراد منكم الخلاء فهناك- وأشار بيده |إلى مكان|، فدعونا له.

ثم ألقى مسألةً من الفقه فقال: يا أبامحمد قل وليقل القوم من بعدك. فأجابه يحيى ثم الذي يلي يحيى ثمّ الذي يليه حتّى أجاب آخرنا في العلّة وعلة العلّة وهو مطرق لايتكلم حتى اذا انقطع الكلام التفت إلى يحيى فقال: يا أبامحمد أصبت الجواب وتركت الصواب في العلّة. ثم لم يزل يردّ على كل واحد منّا مقالته ويخطئ بعضنا ويصوّب بعضنا حتى أتى على آخرنا. ثم قال: إيّي لم أبعث فيكم لهذا ولكنّني أحببت أن أبسطكم، إن أمير المؤمنين أراد مناظرتكم في مذهبه الذي هو عليه والذي يدين اللَّه به؟! قلنا: فليفعل أميرالمؤمنين وفّقه اللَّه.

فقال: إن أمير المؤمنين يدين اللَّه على أنّ علّي بن أبي طالب خير خلفاء اللَّه بعد رسوله صلى اللَّه عليه وسلم وأولى الناس بالخلافة له.

قال إسحاق: فقلت: يا أمير المؤمنين إن فينا من لا يعرف ما ذكر |ه| أميرالمؤمنين في علّي؟ وقد دعانا أميرالمؤمنين للمناظرة.

فقال: يا إسحاق اختر إن شئت سألتك أسألك؟ وإن شئت أن تسأل فقل؟ قال إسحاق: فاغتنمتها منه، فقلت: بل أسألك يا أمير المؤمنين. قال: سل: قلت: من أين قال أمير المؤمنين إن على بن أبي طالب أفضل الناس بعد رسول اللَّه وأحقّهم بالخلافة بعده؟

قال |المأمون|: يا إسحاق خبّرني عن الناس بم يتفاضلون حتى يقال: فلان أفضل من فلان؟ قلت: بالأعمال الصالحة. قال: صدقت، فأخبرني عمن أفضل صاحبه؟ على عهد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم ثمّ إن المفضول عمل بعد وفات رسول اللَّه بأفضل من عمل الفاضل على عهد رسول اللَّه أيلحق به؟ قال |اسحاق|: فأطرقت، فقال لي: ياإسحاق لا تقل نعم فإنّك إن قلت نعم أوجدتك في دهرنا هذا من هو أكثر منه جهاداً وحجّاً وصياماً وصلاةً وصدقةً!! فقلت: أجل يا أمير المؤمنين لا يلحق المفضول على عهد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم الفاضل أبداً.

|ثمّ| قال: يا إسحاق فانظر ما رواه لك أصحابك- ومن أخذت عنهم دينك وجعلتهم قدوتك- من فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فقس عليها ما أتوك به من فضائل أبي بكر، فإن رأيت فضائل أبي بكر تشاكل فضائل على فقل إنّه أفضل منه، لا واللَّه ولكن فقس إلى فضائله ما روي لك من فضائل أبي بكر وعمر فإن وجدت لهما من الفضائل مالعلي وحده فقل: إنّهما أفضل منه، لا واللَّه ولكن قس إلى فضائله فضائل أبي بكر وعمر وعثمان فإن وجدتها مثل فضائل علي فقل إنّهم أفضل منه، لا واللَّه.

ولكن قس |فضائل عليّ| بفضائل العشرة الذين شهد لهم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم بالجنّة |على مايروونه| فإن وجدتها تشاكل فضائله فقل إنّهم أفضل منه!!

|ثمّ| قال: يا إسحاق أيّ الأعمال كانت أفضل يوم بعث اللَّه رسوله؟ |قال إسحاق| قلت: الإخلاص بالشهادة. قال: أليس السبق إلى الإسلام؟ قلت: نعم. قال: اقرأ ذلك في كتاب اللَّه تعالى |حيث| يقول: 'والسابقون السابقون أولئك المقرّبون' |10/الواقعة:56| إنّما عنى من سبق إلى الإسلام فهل علمت أحداً سبق عليّاً إلى الإسلام؟ قلت: يا أمير المؤمنين إن عليّاً أسلم وهو حديث السنّ لا يجوز عليه الحكم، وأبوبكر أسلم وهو مستكمل يجوز عليه الحكم!!

قال |المأمون|: أخبرني أيّهما أسلم قبل ثمّ أناظرك من بعده في الحداثة والكمال؟ قلت: علّي أسلم قبل أبي بكر على هذه الشريطة؟ فقال: نعم فأخبرني عن إسلام علي حين أسلم لايخلوا من أن يكون رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم دعاه إلى الإسلام أو يكون إلهاماً من اللَّه؟ قال |اسحاق| فأطرقت، فقال لي: يا اسحاق لا تقل |كان اسلامه| إلهاماً فتقدّمه على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم لأنّ رسول اللَّه لم يعرف الاسلام حتى أتاه |به| جبريل عن اللَّه تعالى قلت: أجل بل دعاه رسول اللَّه إلى الإسلام.

قال: يا اسحاق فهل يخلو رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم حين دعاه إلى الإسلام من أن يكون دعاه بأمر اللَّه؟ أو تكلّف ذلك من نفسه؟ قال |اسحاق|: فأطرقت، فقال: يا اسحاق لا تنسب رسول اللَّه إلى التكلّف فإنّ اللَّه يقول: 'وما أنا من المتكلّفين' |86/ص: 38|.

|قال اسحاق:| قلت: أجل يا أمير المؤمنين بل دعاه بأمر اللَّه.

قال: فهل من صفة الجبّار جلّ ذكره أن يكلّف رسله دعاء من لا يجوز عليه حكم؟ |قال اسحاق:| قلت: أعوذ باللَّه.

فقال: أفتراه في قياس قولك يا اسحاق أنّ عليّاً أسلم صبيّاً لا يجوز عليه الحكم قد تكلّف رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم من دعاء الصبيان مالا يطيقون؟فهل يدعوهم الساعة

ويرتدون بعد ساعة فلا يجب عليهم في ارتدادهم شي ء ولا يجوز عليهم حكم الرسول عليه السلام؟ أترى هذا جائزاً عندك أن تنسبه إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم؟ قلت: أعوذ باللَّه.

قال: يا اسحاق فأراك انّما قصدت لفضيلة فضّل بها رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم عليّاً على هذا الخلق إبانةً بها منهم ليعرفوا فضله |تنكرها؟| ولو كان اللَّه أمره بدعاء الصبيان لدعاهم كما دعا عليّاً. |قال اسحاق| قلت: بلى.

قال:فهل بلغك أنّ الرسول صلّى اللَّه عليه وسلم دعا أحداً من الصبيان من أهله وقرابته لئلاّ تقول إن عليّاً ابن عمه؟ قلت: لا أعلم ولا أدري فعل أو لم يفعل؟

قال: يا اسحاق أرأيت مالم تدره ولم تعلمه هل تُسأل عنه؟ قلت: لا. قال: فدع ما قد وضعه اللَّه عنّا وعنك.

قال: ثمّ أىّ الأعمال كانت أفضل بعد السبق إلى الإسلام؟ قلت: الجهاد في سبيل اللَّه. قال: صدقت فهل تجد لأحد من أصحاب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم ما تجد |ه| لعليّ في الجهاد؟ |قال اسحاق:| قلت: في أي وقت؟ قال: في أيّ الأوقات شئت. قلت: بدر. قال: لا أريد غيرها فهل تجد لأحد إلاّ دون ما تجد لعليّ يوم بدر، أخبرني كم قتلى بدر؟ قلت: نيّف وستّون رجلاً من المشركين. قال: فكم قتل علي وحده؟ قلت: لا أدري؟ قال: ثلاثة وعشرين أو اثنين وعشرين والأربعون لسائر الناس.

|قال اسحاق:| قلت: يا أمير المؤمنين كان أبوبكر مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم في عريشه. قال: يصنع ماذا؟ قلت: يدبّر! قال: ويحك يدبّر دون رسول اللَّه أو معه شريكاً؟ أم افتقاراً من رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم إلى رأيه؟ أىّ الثلاث أحبّ اليك؟ قلت: أعوذ باللَّه أن يدبّر أبوبكر دون رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم أو يكون معه شريكاً أو أن يكون برسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم افتقاراً إلى رأيه؟.

قال |المأمون:|:فما الفضيلة بالعريش؟ اذا كان الأمر كذلك؟ أليس من ضرب بسيفه بين يدي رسول اللَّه أفضل ممن هو جالس؟ |قال اسحاق:| قلت: يا أمير المؤمنين كلّ الجيش كان مجاهداً. قال: صدقت كلّ مجاهد ولكنّ الضارب بالسيف المحامي عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم وعن الجالس أفضل من الجالس، أما قرأت كتاب اللَّه |يقول:| 'لا يستوي القاعدون من المؤمنين- غير أولي الضرر- والمجاهدون في سبيل اللَّه بأموالهم وأنفسهم، فضّل اللَّه المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجةً،وكّلاً وعد اللَّه الحسنى وفضّل اللَّه المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً' |95/النساء: 4|.

|قال اسحاق:| قلت: وكان أبوبكر وعمر مجاهدين. قال: فهل كان لأبي بكر وعمر فضل على من لم يشهد ذلك المشهد؟ قلت: نعم قال: فكذلك سبق الباذل نفسه فضل أبي بكر وعمر. قلت: أجل.

قال: يا اسحاق هل تقرأ القرآن؟ قلت: نعم. قال: اقرأ عليّ 'هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً' |الدهر: 76|.

|قال اسحاق:| فقرأت منها حتى بلغت 'يشربون من كأس كان مزاجها كافوراً' إلى قوله: 'ويطعمون الطعام على حبّه مسكيناً ويتيماً وأسيراً'.

قال: على رسلك فيمن أنزلت هذه الآيات؟ قلت: في عليّ قال: فهل بلغك أن عليّاً حين أطعم المسكين واليتيم والأسير قال: 'انّما نطعمكم لوجه اللَّه'؟ وهل سمعت اللَّه وصف في كتابه أحداًبمثل ما وصف به عليّاً؟ قلت: لا. قال: صدقت لأنّ اللَّه جلّ ثناؤه عرف سيرته؟ يا إسحاق ألست تشهد أنّ العشرة في الجنّة؟ قلت: بلى يا أميرالمؤمنين. قال: أرأيت لو أنّ رجلاً قال: "واللَّه ما أدري هذا الحديث صحيح أم لا؟ ولا أدري ان كان رسول اللَّه قاله أم لم يقله؟" أكان عندك كافراً؟ قلت: أعوذ باللَّه. قال: أرأيت لو أنّه قال: "ما أدري هذه السورة من كتاب |اللَّه| أم لا" كان كافراً؟ قلت: نعم. قال: يا اسحاق أرى بينهما فرقاً؟.

|ثمّ قال:| يا اسحاق أتروي الحديث؟ قلت: نعم. قال: فهل تعرف حديث الطير؟ قلت: نعم. قال: فحدّثني به. قال: فحدّثته الحديث. فقال: يا اسحاق إنّي كنت أكلّمك وأنا أظنّك غير معاند للحق، فأمّا الآن فقد بان لي عنادك!! إنّك توقن أنّ هذا الحديث صحيح؟ قلت: نعم رواه من لا يمكنني ردّه. قال: أفرأيت أنّ من أيقن أنّ هذاالحديث صحيح ثمّ زعم أنّ أحداً أفضل من علي لا يخلو من احدى ثلاث:

من أن يكون دعوة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم عنده مردودةً عليه!

أو أن يقول: عرف |اللَّه| الفاضل من خلقه وكان المفضول أحبّ اليه!!

أو أن يقول: إنّ اللَّه عزّ وجلّ لم يعرف الفاضل من المفضول؟ فأيّ الثلاثة أحبّ اليك أن تقول؟ |قال ابن إسحاق:| فأطرقت.

ثم قال: يا اسحاق لا تقل منها شيئاً فإنّك ان قلت منها شيئاً استبتك، وان كان للحديث عندك تأويل غير هذه الثلاثة الأوجه فقله؟

|قال اسحاق:| قلت: لا أعلم و|لكن| إنّ لأبي بكر فضلاً. قال: أجل- لولا أنّ له فضلاً لما قيل إنّ عليّاً أفضل منه- فما فضله الذي قصدت له الساعة؟ قلت: قول اللَّه عزّوجلّ: 'ثاني اثنين إذ هما في الغار اذ يقول لصاحبه: لا تحزن إنّ اللَّه معنا' |40/التوبة: 9| فنسبه إلى صحبته.

قال: يا اسحاق أما إنّي لا أحملك على الوعر من طريقك، إنّي وجدت اللَّه تعالى نسب إلى صحبة من رضيه ورضيي عنه كافراً وهو قوله: 'قال له صاحبه وهو يحاوره: أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثمّ سوّاك رجلاً لكنّا هو اللَّه ربّي ولا أشرك بربّي أحداً' |34/الكهف: 18|.

|قال اسحاق:| قلت: انّ ذلك صاحباً كان كافراً وأبوبكر مؤمن. قال |المأمون:| فإذا جاز أن ينسب إلى صحبة من رضيه كافراً جاز أن ينسب إلى صحبة نبيّه مؤمناً وليس بأفضل المؤمنين ولا الثاني ولا الثالث؟

|قال اسحاق:| قلت: يا أمير المؤمنين إنّ قدر الآية عظيم، إنّ اللَّه يقول: 'ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه: لا تحزن إنّ اللَّه معنا' |40/التوبة: 9|.

قال: يا اسحاق تأبى الآن إلاّ أن أخرجك إلى الإستقصاء عليك، أخبرني عن حزن أبي بكر أكان رضاً أم سخطاً؟ قلت: إنّ أبابكر إنّما حزن من أجل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم خوفاً عليه وغمّاً أن يصل إلى رسول اللَّه شي ء من المكروه.

قال |المأمون|: ليس هذا جوابي إنّما گان جوابي أن تقول: "رضاً أم سخط". قلت: بل كان رضىً للَّه. قال: فكأنّ اللَّه جلّ ذكره بعث الينا رسولاً ينهى عن رضاء اللَّه عزّ وجلّ وعن طاعته. قلت: أعوذ باللَّه.

قال: أوليس قد زعمت أنّ حزن أبي بكر |كان| رضىً للَّه؟ قلت: بلى. قال: أولم تجد أنّ القرآن يشهد أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم قال ' لا تحزن' |أليس هذا| نهياً له عن الحزن؟ قلت: أعوذ باللَّه. قال: يا اسحاق إنّ مذهبي الرفق بك لعلّ اللَّه يردّك إلى الحقّ ويعدل بك عن الباطل لكثرة ما تستعيذ به، فحدّثني عن قول اللَّه: 'فأنزل اللَّه سكينته عليه' |40/التوبة: 9| من عنى بذلك؟ رسول اللَّه أم أبوبكر؟ قلت: بل رسول اللَّه. قال: صدقت، فحدّثني عن قول اللَّه عزّ وجلّ: 'ويوم حُنَين إذ أعجبتكم كثرتكم' إلى قوله: 'ثمّ أنزل اللَّه سكينته سكينته على رسوله وعلى المؤمنين' |25/التوبة: 9| أتعلم من المؤمنين الذين أراد اللَّه في هذا الموضع؟ قلت: لا أدري؟ يا أمير المومنين.

قال: الناس جميعاً انهزموا يوم حنين فلم يبق مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم إلاّ سبعة نفر من بني هاشم عليّ يضرب بسيفه بين يدي رسول اللَّه والعبّاس آخذ بلجام بغلة رسول اللَّه و |بقيّة| الخمسة محدقون به خوفاً من أن يناله من جراح القوم شي ء حتّى أعطى اللَّه لرسوله الظفر، فالمؤمنون في هذا الموضع عليّ خاصةً ثم من حضره من بني هاشم. |ثمّ| قال |المأمون|: فمن أفضل؟ من كان مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم في ذلك الوقت أم من انهزم عنه ولم يره اللَّه موضعاً لينزلها عليه؟ |قال اسحاق:| قلت: بل من أنزلت عليه السكينة.

قال: يا اسحاق من أفضل؟ من كان معه في الغار أم من نام على فراشه ووقاه بنفسه حتى تمّ لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم ما أراد من الهجرة؟ إنّ اللَّه تبارك وتعالى أمر رسوله أن يأمر عليّاً بالنوم على فراشه وأن يقي رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم بنفسه، فأمره رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم بذلك، فبكى عليّ رضى الله عنه، فقال له رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: ما يبكيك يا عليّ أجزعاً من الموت؟ قال: لا والذي بعثك بالحقّ يارسول اللَّه ولكن خوفاً عليك أفتسلم يا رسول اللَّه؟ قال: نعم. قال: سمعاً وطاعةً وطيّبة نفسي بالفداء لك يارسول اللَّه.

ثمّ أتى |عليّ| مضجعه واضطجع وتسجّى بثوبه وجاء المشركون من قريش فحفّوا به لا يشكّون أنه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم وقد أجمعوا أن يضربه من كلّ بطن من بطون قريش رجل ضربةً بالسيف لئلاّ يطلب الهاشميون من البطون بطناًبدمه!! و |كان| علي يسمع ما القوم فيه من |إرادة| إتلاف نفسه ولم يدعه ذلك إلى الجزع كما جزع صاحبه في الغار، ولم يزل عليّ صابراً محتسباً، فبعث اللَّه ملائكته فمنعته من مشركي قريش حتى أصبح، فلمّا أصبح قام فنظر القوم اليه فقالوا: أين محمد؟ قال: وما علمي بمحمد أين هو؟ قالوا: فلا نراك إلاّ مغروراً بنفسك منذ ليلتنا. فلم يزل عليّ أفضل |ل|-ما بدأ به، يزيد ولا ينقص حتى قبضه اللَّه اليه.

|ثم قال المأمون:| يا اسحاق هل تروي حديث الولاية؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين. قال: اروه. ففعلت. قال: يا اسحاق أرأيت هذا الحديث هل أوجب على أبي بكر وعمر مالم يوجب لهما عليه؟ قلت: إنّ الناس ذكروا أن الحديث انّما كان بسبب زيد بن حارثة لشي ء جرى بينه وبين عليّ وأنكر ولاء عليّ فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: 'من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه' قال: في أيّ موضع قال |النبيّ| هذا؟ أليس بعد منصرفه من حجّة الوداع؟ قلت: أجل. قال: فإنّ قتل زيد بن حارثة |كآن| قبل الغدير، كيف رضيت لنفسك بهذا؟ أخبرني لو رأيت ابناً لك قد أتت عليه خمس عشرة سنة |وهو| يقول: مولاي مولى ابن عمّي أيّها الناس فاعلموا ذلك" أكنت منكراً ذلك عليه؟ تعريفه الناس ما لا ينكرون ولا يجهلون؟ فقلت: اللهمّ نعم. قال: يا اسحاق أفتنزّه ابنك عمّا لا تنزّه عنه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم؟ ويحكم لا تجعلوا فقهاءكم أربابكم، إنّ اللَّه جلّ ذكره قال في كتابه: 'اتّخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون اللَّه' و |هم| لم يصلّوا لهم ولا صاموا ولا زعموا أنّهم أرباب، ولكن أمروهم فأطاعوا أمرهم!!

يا اسحاق أتروي خديث: 'أنت منّي بمنزلة هارون من موسى'؟ قلت:نعم يا أمير المؤمنين قد سمعته وسمعت من صحّحه وجحده؟!. قال: فمن أوثق عندك؟ من سمعت منه فصحّحه، أو من جحده؟ قلت: من صحّحه. قال: فهل يمكن أن يكون الرسول صلّى اللَّه عليه وسلم مزح بهذا القول؟ قلت: أعوذ باللَّه. قال: فقال قولاً لا معنى له فلا يوقف عليه؟ قلت: أعوذ باللَّه. قال: أفما تعلم أنّ هارون كان أخا موسى لأبيه وأمّه؟ قلت: بلى. قال: فعليّ أخو رسول اللَّه لأبيه وأمّه؟ قلت:لا. قال: أوليس هارون |كان| نبيّاً وعليّ غير نبيغ؟ قلت: بلى. قال: فهذان الحالان معدومان في عليّ وقد كانا في هارون فما معنى قوله: 'أنت منّي بمنزلة هارون من موسى'؟ قلت له: إنّما أراد أن يطيّب بذلك نفس عليّ لما قال المنافقون: إنّه خلّفه استثقالاً له. قال: فأراد أن يطيّب نفسه بقول لا معنى له؟ قال |اسحاق|: فأطرقت! قال: يا اسحاق له معنىً في كتاب اللَّه بيّن. قلت: وما هو يا أمير المؤمنين؟ قال: قوله عزّ وجلّ حكايةً عن موسى أنّه قال لأخيه هارون: 'اخلفني في قومي وأصلح ولا تتّبع سبيل المفسدين' |142/الأعراف: 7| قلت: يا أمير المؤمنين إنّ موسى خلّف هارون في قومه وهو حيّ ومضى إلى ربّه، وانّ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم خلّف عليّاً كذلك حين خرج إلى غزاته. قال: كلاّ ليس كما قلت، أخبرني عن موسى حين خلّف هارون هل كان معه حين ذهب إلى ربّه أحد من أصحابه أو أحد من بني اسرائيل؟ قلت: لا. قال: أوليس استخلفه على جماعتهم؟ قلت: نعم. قال: فأخبرني عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم حين خرج إلى غزاته هل خلّف إلاّ الضعفاء والنساء والصبيان فأنّى يكون مثل ذلك؟ وله عندي تأويل آخر من كتاب اللَّه يدلّ على استخلافه ايّاه ولا يقدر أحد أن يحتجّ فيه، ولا أعلم أحداً احتجّ به وأرجو أن يكون توفيقاً من اللَّه. قلت: وما هو يا أميرالمؤمنين؟ قال: قوله عزّ وجلّ- حين حكى عن موسى قوله-: 'واجعل لي وزيراً من أهلي هارون أخي اشددبه أزري وأشركه في أمري كي نسبّحك كثيراً ونذكرك كثيراً إنّك كنت بنا بصيراً' |35 -29/طه: 20| فأنت منّي يا عليّ بمنزلة هارون من موسى وزيري من أهلي وأخي شدّ اللَّه به أزري؟ وأشركه في أمري كي نسبّح اللَّه كثيراً ونذكره كثيراً، فهل يقدر أحد أن يدخل في هذا شيئاً غير هذا ولم يكن ليبطل قول النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم وأن يكون لا معنى له؟ قال: فطال المجلس وارتفع النهار فقال يحيي بن أكثم القاضي: يا أمير المؤمنين قد أوضحت الحقّ لمن أراد اللَّه به الخير، وأثبتّ ما لا يقدر أحد أن يدفعه.

قال اسحاق: فأقبل علينا وقال: ما تقولون؟ فقلنا: كلّنا نقول بقول أمير المؤمنين أعزّه اللَّه. فقال |المأمون:| واللَّه لولا أنّ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم قال: 'اقبلوا القول من الناس'. ما كنت لأقبل منكم القول، اللهمّ قد نصحت لهم القول، اللهمّ إنّي قد أخرجت الأمر من عنقي اللهمّ إنّي أدينك بالتقرّب إليك بحبّ عليّ وولايته.

فلمّا قفل

___________________________________

قفل- على زنة نصر وضرب وبابهما-: رجع، أى فلمّا رجع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله من سفرة تبوك. رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم قسم للناس فدفع إلى علىّ

سهمين، فأنكر ذلك قوم فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم:

___________________________________

وهاهنا- وكذا فيما تقدم- في أصلي هوامش غير مقروءة. 'أيّها الناس هل أحد أصدق منّي؟'. قالوا: لا يا رسول اللَّه. قال: 'أيّها الناس أما رأيتم صاحب الفرس الابلق أمام عسكرنا في الميمنة مرّة و الميسرة مرّة؟'. قالوا: رأيناه يا رسول اللَّه فماذا؟ قال: 'ذاك جبريل عليه السلام قال لي: يا محمد إن لي سهماً بما فتح اللَّه عليك وقد جعلته لابن عمّك علي بن أبي طالب عليه السلام فسلّمه إليه'.

قال أنس: فكنت فيمن بشّر عليّاً عليه السلام بقول رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم

___________________________________

والحديث رواه أيضاً الشيخ الصدوق رفع اللَّه مقامه في الحديث: "136" من كتاب علل الشرائع: ج 1، ص 172، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال:

حدثنا عبدالرحمان بن محمد الحسني قال: حدثنى فرات بن إبراهيم الكوفي قال ذ حدثنا علي بن الحسن...

وأيضاً رواه الشيخ الصدوق رحمه اللَّه في الحديث الثامن من المجلس: "58" من أماليه ص 326 قال:

حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي الكوفي قال: حدثنا فرات بن ابراهم بن الفرات الكوفى قال: حدثنا علي بن محمد بن الحسن اللؤلئي قال: حدثنا علي بن نوح الحنّائي قال: حدثنا أبى عن محمد بن مروان، عن أبي داود، عن معاذ بن سالم، عن بشير بن إبراهيم الأنصاري عن خليفة بن سليمان الجهنى عن أبى سلمة بن عبدالرحمان، عن أبي هريرة قال: غزا النبي صلّى اللَّه عليه غزاةً...

ورواه أيضاً الحلوانى في الباب الثالث من كتاب المقصد الراغب...

ورواه أيضاً الحافظ السروي في عنوان: 'محبة الملائكة إيّاه' من مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 238 ط بيروت.

ورواه أيضاً الباعوني في الباب: "12" من كتاب جواهر المطالب: ج 1، ص 48 ط 1.

ورواه أيضاً الخفاجي في الخصيصة الثالث عشر من خصائص أمير المؤمنين عليه السلام في خاتمة تفسير آية المودّة ص 216 ط 1.

قال |المؤلف| أيّده اللَّه: وقد تضمّمن |هذا| الخبر فوائد يجلّ قدرها ويعظم خطرها تقضي لعليّ عليه السلام بالسبق في ميدان الفضل والإحراز لقصبات الخضل

___________________________________

الخضل- على زنة الفلس والفرس-: اللؤلؤ والدرّ الصافي. والقصبات: جمع قصبة وهى نبات يكون ساقه أنابيب.

وأصل هذا المثل أنّ الناس كانوا في ميدان المسابقة ينصبون قصباً كي يأخذه أوّل من ينتهى إليه ويحرز جائزة المسابقة.

فمنها استقبال الرسول صلّى اللَّه عليه وآله له ماشياً، وهذا يشهد بأنّ هذه طاعة شريفة حيث أوقعها صلّى اللَّه عليه وآله وسلم على هذا الحدّ إذ قد علم العقلاء أنّ ذاالرياسة العظيمة لا يترجّل من مركوبه لمن يتلقّاه، ويمشي على قدميه له الا وقد بلغ الغاية في إعظامه ورفعه وإكرامه.

ومنها تصريحه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم بأنّه ما خلّفه إّلا بأمر اللَّه، واذا كان اللَّه تعالى قد اختاره لذلك فهو لا يختار إلّا الخيار فلا يكون لأحد حينئذ أن يقدّم على مختار اللَّه تعالى غيره |كما| قال اللَّه: 'وربّك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة ' | 68/القصص: 28| فإذا اختار اللَّه تعالى ما هو الخيرة فلا يعارض ذلك عند لبيب اختيار خمسة من الناس وإن كانوا ذوي فضل، فإن اختيار الربّ رضىً صادر عن اختيار من علم الغيوب، واختيار غيره يستند إلى وهم وظنون قد يدخلها الخطأ.

ومنها قوله عليه السلام: ' وما كان يصلح لما هناك غيري وغيرك ' وهذا يقتضي ظهور الفائدة المتقدّمة من اختيار اللَّه تعالى والتصريح بأنّه لا يصلح أن يقف في المدينة لحفظها وحفظ أهلها اّلا النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم أو /41/أميرالمؤمنين عليه السلام وأنّ سائر الصحابة لايصلحون لهذا الشأن وفيه إشارة عند المنصف المتأمّل إلى أنّهم لا يصلحون للإمامة، وذلك إنهم اذا لم يصلحوا للإستخلاف على المدينة |في مدة قصيرة| فأحقّ وأولى أن لايصلحوا للإستخلاف على الأمة.

وفيه أنّه جعله كنفسه في صلاح الاستخلاف، واذا كان بمنزلته في ذلك كان قائماً مقامه في أمته فيكون أجدر بالأمر من الصحابة.

ومنها قوله صلّى اللَّه عليه وآله وسلم: 'أما ترضى أن أكون استخلفتك كما استخلف موسى بن عمران هارون ؟' واستخلاف موسى لهارون قد نطق به القرآن الكريم قال اللَّه تعالى: 'اخلفني في قومي وأصلح ولا تتّبع سبيل المفسدين' |142/الأعراف: 7|.

/ 65