رسائل الفشارکیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

رسائل الفشارکیة - نسخه متنی

السید محمدباقر الفشارکی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



القول في
أقسام الخيار - الاول خيار المجلس

وهي كثير:

منها: خيار
المجلس، وهو حقيقة خيار الإجتماع؛ إذ هو المناط في
البقاء والسقوط، وجوداً وعدماً، فإضافة الى مكان
الإجتماع؛ لإختصاص ثبوته بذلك المكان ونحوه.

[ 455 ]

ويحتمل أن
تكون من قبيل إضافة المسبّب إلى السبب تنزيلاً لاسم
المكان منزلة ما يقع فيه من الإجتماع، وإختصاص
المجلس لغلبة وقوع الإجتماع فيه دون المقام ونحوه.

ويقرب هذا
الإحتمال مع مجازيّة الإضافة - بناء عليه - بعينه في
نظائره كخيار الغبن والعيب، وتخلّف الشرط، وإن كان
بينها وبين الاجتماع فرق من حيث أنّها علل محدثة،
وهو علّة مبقية. والأمر سهل.

ولا خلاف
في ثبوته في الجملة بين الإمامية، بل اعترف جماعة
من العامّة كالشافعيّ(1) وغيره، ودعوى استفاضة
النصوص من النبيّ - صلّى اللّه عليه وآله - والأئمة
عليهم السلام به مستفيضة، فمخالفة من هو شأنه لا
يعبأ به، كموافقته على الرواية الحاكية لقول علي
عليه السلام: (إذا صفق الرجل على البيع فقد وجب)(2)
مؤوّل، وحمله على التقيّة لا وجه له، إذ موجبها
حادث في عصر الصادقين عليهما السلام.

فالظاهر
أنّه لا فرق بين أقسام البيع في ذلك، لإطلاق
الأخبار المثبتة له. ثمّ إنّه لا إشكال في ثبوته
للمالكين إذا كانا هما بل هو المتيقّن من موارد
شمول الأخبار.

وأمّا
الوكيلان، فظاهر بعض العبائر كعبارة التذكرة(3)
ثبوته لهما مطلقاً، وهو في الوكيلين لإجراء العقد
خاصّة مشكل، بل الظاهر عدمه، لأن من الأخبار ما لا
يشملها، كقوله: (التاجران إن صدقا بورك لهما)(4) لعدم
صدق التاجر على مثلهما.

وقوله في
صحيحة محمد بن مسلم: (البيعان بالخيار ما لم يفترقا،
وصاحب

__________________

[ 456 ]

الحيوان
بالخيار ثلاثة أيام)(1) فأنّ الظاهر أنّ قوله: (وصاحب
الحيوان) بيان لأحد البيعين اللذين حكم بالخيار
والذي يشملهما بإطلاقه متفرّق الى غيرهما، مضافاً
الى أنّ الخبرين السابقين بعد القطع باتّحاد
المقصود من الأخبار قرينتان على اختصاص الحكم
بغيرهما، إلاّ أن يقال: إنّ التعدّي منهما لابدّ
منه، لأنّ ظاهرهما خصوص المالكين، ضرورة أنّ
الوكيل ليس صاحب للحيوان، ولا يكون البيع له فائدة
حتى يكون مباركاً له. وسيأتي أنّ المستقلّين منهما،
المعروف بثبوت الخيار لهما.

هذا كلّه
مع إمكان أن يقال: إنّ الغرض من الأخبار بيان أنّ من
مسقطات هذا الخيار الإفتراق، وهو في الجملة ممّا لا
إشكال فيه، ويدلّ عليه كل ما دلّ على ثبوت الخيار،
ولا يعتبر فيه كشفه عن رضا المتعاقدين بالعقد
فعلاً، وظاهر بعض الأخبار ذلك، ويدفعه إطلاق غيره
المؤيّد بالعمل، ولا يعتبر فيه زيادة على مسمّاه،
الذي يحصل بأدنى الإنتقال، ولا يعتبر فيه الخطوة
ولا أقلّ منها ولا أكثر، والمحكيّ عن الأكثر في
تحديد ما يحصل هو به بالخطوة لعلّه محمول على
التمثيل، فيما حكي عن بعض من اعتبارها في حصول
المسقط لعلّه لا وجه له.

كما أنّه
لا وجه أيضاً إشكال بعض في حصوله مع الخطوة أيضاً،
لدعوى انصراف الأخبار الى أكثر منها، المؤيّدة
لظاهر قوله عليه السلام: (فمشيت خطى ليجب البيع حين
افترقنا)(2) لإمكان منع الانصراف، وعدم دلالة
الرواية بعد جعل زمان الوجوب زمان حصول الإفتراق .

ولكنّ
الإنصاف، أنّ التبادر لا يخلو عن وجه، فإن ثبت
إجماع على كفاية مسمّى الافتراق في مسقط الخيار ولا
يبعد، وإلاّ فالمدار على الإفتراق عرفاً، والذي قد
يتحقّق بأقلّ من الخطوة كثيراً أو قد لا يتحقّق
بالخطوة.

نعم، إن
قلنا: إنّ موضوع الخيار هو الإجتماع، وذكر الاقران
في غايته لكونه

__________________

[ 457 ]

غايةً، لا
لأجل كونه موضوع الحكم ومؤثّراً في رفع الخيار - كما
لا يبعد دعوى ظهور الأخبار في ذلك - كان المدار على
انتفاء الاجتماع المتحقّق بأوّل ما يتصوّر من
الإنتقال، ودعوى التبادر - حينئذٍ - لا وجه له،
فالإطلاق محكم. ولكنّ الإشكال في مساعدة الفتوى
لهذا الاحتمال.

ثمّ اعلم،
أنّ الافتراق حقيقة في المجتمعين في مكانٍ واحدٍ،
ولمّا كان المتبايعان أبداً مفترقين كان المراد من
افتراقهما زوال الهيئة الاجتماعية الحاصلة عند
البيع، وهو كما يحصل بحركة كلّ منهما الى خلاف جانب
الآخر، كذلك يحصل بحركة واحدٍ منهما مع سكون الآخر،
وحقيقته.

إن قلنا:
إنّ دخل السكون في حصوله من قبيل رفع المانع، بمعنى
أنّ الحركة مع عدم حركة الآخر الى ذلك الجانب علّة
تامّة في حصول الفرقة، حاصلة من أحدهما وهو
المتحرك، وإن كان الفعل قائماً بكلّ منهما، وكان
نسبة الفاعلية بهذا المعنى الى كلّ منهما صحيحة.

وإن قلنا:
إنّ السكون والحركة مجموعهما مؤثّران في حصول
الفرقة، كانت حاصلة منهما، كما أنّها - أبداً -
قائمة بهما.

وعلى أي
تقدير، يكفي في اختياريّته بالنسبة إلى كل قدرته
على المنع عن حصول الجهة المنسوبة إليه، فالساكن
إذا كان مختاراً في السكون كان قيام الإفتراق به من
إختياره، وإن كان المؤثّر في حصوله هو المتحرك.

والحاصل:
أنّ نسبة الإفتراق الى شخص قد يكون بملاحظة نفس
قيامه به، وقد يكون بملاحظة ذلك مع مدخلية إخباره
في ذلك في الجملة بوجه، وعليهما تكون نسبة الإفتراق
الى الساكن والمتحرّك على حدّ سواء.

وقد يكون
بملاحظة ذلك مع كونه مؤثراً في حصوله، وعليه يمكن
منع صحّة النسبة الى الساكن؛ ضرورة أنّ السبب في
الحصول هو المتحرك، وهو إنّما كان قادراً على
اتّحاد ما يمنع المقتضي الصادر عن المتحرك عن
التأثير؛ وهذا القدر لا يكفي في صحّة النسبة بهذا
المعنى؛ وحيث كان الإفتراق المسقط للخيار هو بأحد

[ 458 ]

المعنيين
الأوّلين؛ لم تكن حركة كلّ منهما الى خلاف جانب
الآخر معتبراً في تحقّقه؛ ويدلّ عليه قوله عليه
السلام: (فمشيت خطى ليجب البيع حين افترقنا) حيث نسب
الافتراق الى أنفسهما، وجعله مسقطاً مع حصول
الحركة منه عليه السلام خاصّةً، كما هو ظاهر
الرواية.


فرع

قال في
التذكرة: لو مات أحد المتعاقدين في مجلس العقد
احتمل سقوط الخيار، لأنّه يسقط بمفارقة المكان،
فبمفارقة الدنيا أولى، وعدمه لإنتفاء مفارقة
الأبدان(1).

وفي
التحرير: لو مات أحدهما انتقل الخيار الى ورثته(2).

أقول: يمكن
أن يقال: مقتضى القاعدة الحكم بعدم الخيار، لا لأنّ
الموت من المسقطات، بل لأنّ عدم ثبوته للميّت
قطعيّ، ضرورة أنّ الإيجاب يستدعي الموضوع، والأصل
عدم ثبوته للوارث، ولا مخصّص له، وإطلاق أخبار
ثبوته الى زمان الإفتراق لا يفيد، بعد أن كان
موضوعها المتعاقدين.

لا يقال:
الافتراق غاية لبقاء أصل الخيار، لا لثبوته
للمتبايعين، فقوله عليه السلام: (البيعان بالخيار
ما لم يفترقا) بمنزلة أن يقول: الخيار ثابت للبيعين،
وهو باقٍ في صدق عدم افتراقهما. ومقتضاه - حينئذ -
بقاؤه بعد الموت لعدم ثبوت الغاية، لأنّا نقول:

ظاهر
القضيّة خلاف ذلك، فأنّ ظاهر ذكر الغاية بعد قضية
أنّها غاية للقضية بجميع ما اعتبر فيها، مع أنّ
قوله: (ما لم يفترقا) - وإن كان سلباً - ظاهر في عدم
الإفتراق حال وجود المتبايعين، لا العدم المطلق
المجامع لوجودهما وعدمهما.

وهذا لا
يصلح إلاّ لتحديد بقاء خيار المتعاقدين، فالمعنى
أنّ خيار المتعاقدين مدّة

__________________

[ 459 ]

تركهما
الافتراق باق، وبعد حدوثه لا خيار لهما، فلا تعرّض
في الخبر لمدّة الخيار من حيث هو، بل لو فرض كون
التحديد في الخبر تحديداً لمدّة الخيار - من حيث كان
هو - كان مقتضاه القطع بانتفاء الخيار بعد موت
المتعاقدين، لأنّ الزمان الذي يترك فيه الافتراق
مع قابليّته لوقوع الإفتراق لأجل فقدان من يقوم به
الإفتراق. والمفروض أنّ الزمان الذي جعل مدّةً
لبقاء الخيار هو الزمان المقيّد بعدم حدوث
الافتراق فيه، مع قابليّةٍ لوقوعه فيه.

ونحن إنّما
لم نحكم بذلك لأجل أنّ الزمان بهذه الخصوصيّة لا
يصلح لجعله مدّةً لبقاء الخيار من حيث هو، وهذا مع
قطع النظر عمّا ذكرنا أوّلاً من أنّ الظاهر من
القضيّة كون التحديد تحديداً لثبوت الخيار
للمتبايعين قرينة بنفسه، على أنّ التحديد لبقاء
الخيار للمتعاقدين، لا لبقائه في نفسه.

فتلخّص من
جميع ما ذكرنا، أنّ الأخبار لا دلالة فيها على بقاء
الخيار بعد الموت، ومعه لا مقتضى للعدول عن أصالة
عدم ثبوت الخيار للوارث، إلاّ أن يقال: استصحاب
بقاء الخيار بعد الموت حاكم على أصالة عدم ثبوت
للوارث.

فان قلت:
إنّ الثابت قبل الموت مقطوع الارتفاع، لانتفاء
موضوعه.

قلنا: لمّا
علم من الخارج أنّ الخيار من الحقوق الماليّة التى
اعتبر لها الحدوث والبقاء في نفسه - مع قطع النظر عن
ثبوته لمالكٍ - صحّ استصحابه، ولمّا كان من آثار
وجوده بعد الموت إنتقاله الى الورثة - لأنّ ما تركه
الميّت يكون لوارثه - كان معنى استصحابه بعد الموت
انتقاله الى الورثة.

وأمّا
الأولويّة المتمسّك بها لسقوط الخيار بالموت
فثبوتها موقوف على العلم بمناط كون الافتراق
بالأبدان مسقطاً، وكونه في الافتراق بالموت
ثابتاً، أشدّ من غيره. وتطرّق المنع الى كلتا
المقدّمتين واضح.

مسألة: لو
أكرها على التفرّق: فإن منعا من التخاير فالمعروف
عدم سقوط الخيار. وحكي عن الأردبيلي - رحمه اللّه -
سقوطه مطلقاً(1) وقيل بعدمه مطلقاً، ولو لم

__________________

[ 460 ]

يمنعا من
التخاير.

واستدلّ
الأوّل: بأنّ المتبادر من الافتراق هو ما كان عن
رضاً بالعقد.

وبقوله
عليه السلام في صحيحة فضيل: (فاذا افترقا فلا خيار
بعد الرضا)(1) دلّ على إناطة السقوط بالافتراق
والرضا، وليس المراد منه ما وقع عند الافتراق
للإجماع على عدم العبرة لغيره، ومع المنع من
التخاير لا يكون الإفتراق عن رضا بالعقد.

ويرد على
الأوّل: منع التبادر، وأنّ ترك التخاير إختياراً مع
الإكراه على الافتراق لا دلالة فيه على الرضا، ولا
يسقطه أيضاً.

اللّهمّ
إلاّ أن يقال: لمّا كان الافتراق عرفاً محقّقاً
لكمال البيع، وقاطعاً لسلطنة المتعاقدين على ردّ
ما نقل اليهما كان الإخبار في ترك التخاير دليلاً
على الإلزام، فإنّه لو لم يكن الرضا محقّقاً -
حينئذٍ - لظهر منهما ما يدلّ على عدم تحقّقه.

لا يقال
ذلك، إنّما يؤثّر اذا لم يعلما أنّ لهما السلطنة
على الردّ ما لم يتحقّق الافتراق والرضا. وأمّا مع
العلم بذلك فلعلّ ترك التخاير لأجل علمهم بأنّ هذا
الافتراق لا يؤثّر في السقوط، وعلمهم ببقاء تمكنهم
من الردّ.

لأنّا
نقول: إنّما نعني من الافتراق عن رضا هو ما كان عند
العرف التزاماً بالعقد، ومحكوماً بأنّه عن رضا
بالعقد، مع قطع النظر عن جعل الشارع سلطنة الردّ ما
لم يحصل الأمران.

ويرد عليه
أيضاً: أنّ مقتضى حديث الرفع بعد عمومه لرفع جميع
الآثار، ولكلّ شيء حتى جزء السبب أن يكون الافتراق
الواقع عن إكراه، أو اضطرار غير مؤثّرٍ في السقوط،
وأن يكون وجوده كعدمه، إلاّ أن نمنع شموله لجزء
المقتضي.

أو يقال:
إنّ المعلوم من تتبّع الموارد أنّ الامور التي انيط
تأثيرها بالرضا لا يؤثّر

__________________

[ 461 ]

الإكراه
فيها إذا كان الرضا متحقّقا. ألا ترى أنّ البيع عن
إكراهٍ لو ألحقه الرضا يؤثّر أثره، ولا يحكم بأنّه
خرج عن قابليّة التأثير.

ويرد على
الثاني: أنّ ظاهر الخبر لا يعمل به، للإجماع على
أنّه لا يعتبر في سقوط الخيار حصول الرضا فعلاً.

ودعوى أنّ
قوله عليه السلام: (بعد الرضا) قرينة على أنّ المراد
من الافتراق هو الكاشف عن الرضا نوعاً، وما وقع عن
إكراه إذا كان مع المنع من التخاير لا يكشف عنه
نوعاً، ومع عدم المنع كاشف عنه، ويلحق به الخارج عن
الاختيار مع القدرة على التخاير، لعدم القول
بالفصل مدفوعة بأنّه: كما يمكن ان يكون قوله عليه
السلام: (بعد الرضا) كناية عن الافتراق الخاص، وهو
الكاشف نوعاً عن الرضا، ويكون تكراره إشارةً الى
علّة الحكم لسقوط الخيار بالافتراق، فيعتبر قرينة
على أنّ المراد من الافتراق - حيث أطلق - هو خصوص ما
كان عن رضاً بالعقد.

كذلك يمكن
أن يكون المراد عدم الفسخ، وبقاء الرضا الحاصل عند
العقد. ومع ذلك لا يصلح لتقييد المطلقات، خصوصاً مع
كثرتها وخلوّها عمّا يشير الى ذلك، وخصوصاً مع
كونها في مقام إعطاء الضابط للخيار بقاءً
وارتفاعاً.

مع أنّ
الظاهر من الصحيحة بعد التأمّل أنّ المقصود به بيان
الحكم من حيث الثبوت والارتفاع. هو قوله عليه
السلام : (البيعان بالخيار ما لم يفترقا) وأنّ قوله
عليه السلام: (فاذا افترقا) ليس المقصود منه إلاّ
بيان مفهوم قوله: (ما لم يفترقا).

وهذا يشهد
بأنّ قوله: (بعد الرضا) المراد منه ما ينافي مفهوم
الأوّل حتى يصير قرينةً على عدم إرادة الإطلاق من
الغاية، مع أنّا لو بنينا على أنّ المسقط هو
الافتراق الكاشف عن الرضا لزم منّا أن نقول بأنّ
الافتراق الإختياري، وغير إكراه إذا كان في حال
الغفلة عن وقوع العقد لا يكون مسقطاً.

والظاهر
أنّ أحداً من الأصحاب لا يلتزم بذلك، إلاّ أن يقال:
إنّ الغفلة لا تكون إلاّ عن الإعراض عن حال
المعاملة، والاشتغال بغيرها، وهو غالباً لا يكون

[ 462 ]

بعد الرضا
بالعقد، واطمئنان الخاطر في مطابقة المنقول الى
كلّ منها لغرضه، واشتماله على ما دعاه الى الإقدام
على المعاوضة، فيكون الافتراق في تلك الحالة عن
الرضا بالعقد، وكاشفاً عن حصوله نوعاً.

وممّا يمكن
أن يقال: هو أنّ عدم الإفتراق المجعول في جملةٍ من
الأخبار مبيّناً لمدّة الخيار، كناية عن الاجتماع،
وأنّ الافتراق - حيث جعل غايةً - كما في قوله: (حتى
يفترقا) اعتبر لأجل كونه في نفسه، وفي حدّ ذاته
غايةً لمدّة الخيار، حيث إنّ مدّتها الاجتماع الذي
ينتهي عقلاً الى الافتراق، فليس في الافتراق على
هذا - من حيث إنّه افتراق - حكم شرعي، وليس المراد
منه - ايضاً - خصوص الاختياريّ منه؛ ضرورة أنّه لا
تفاوت في الغائيّة العقلية بين أصناف الافتراق
وأنواعه.

وملخّص
معنى الأخبار على ذلك: كون البيعين بالخيار عند
الاجتماع، فاذا ارتفع ذلك بأيّ سبب كان يرتفع
الخيار لارتفاع ما يقتضيه، وهو الاجتماع، ولعلّه
الى ذلك نظر من جعل الافتراق مطلقاً مسقطاً.

وهذا
الكلام، وإن لم يكن بعيداً في نفسه، ويساعده
الاستعمالات العرفيه فانه كثيراً ما يعبّرون لعدم
أحد الضدّين عن وجود الآخر، ويجعلونه كنايةً عنه.
ولكنّه مع عدم شاهد واضح عليه في الأخبار مخالف
لفتوى معظم الفقهاء، فالعدول عن ظاهر الأخبار -
الّذي هو إناطة سقوط الخيار بالافتراق الاختياري،
أعني ما يقابل الاضطرار الى ذلك - في غاية الإشكال.

كما أنّ
المعدول عنه الى ما يطابق فتوى المشهور - وهو إناطة
السقوط بالافتراق بأيّ وجهٍ اتفق - إذا كان كاشفاً
عن الرضا بالعقد، ولو كان عن إكراهٍ أو اضطرار -
ايضاً - مشكل؛ لماعرفت من عدم وجود ما يصلح الإتكال
اليه في إرادة خلاف هذا الظاهر في المقام.

فما ذهب
اليه بعض من قارب عصرنا، بأنّ الافتراق الاختياري
مسقط الاّ ما وقع عن إكراه، ولو مع عدم المنع من
التخاير، لاقتضاء حديث الرفع خروجه عن

[ 463 ]

الإطلاقات
ورفع حكمه - الّذي هو إسقاط الخيار - بناءً على عمومه
لرفع الآثار الوضعية، لا يخلو عن قوةٍ إن لم يكن
إجماع على خلافه.

ولكنّ
المصير اليه - بعد فتوى المشهور بالسقوط - بالافتراق
مطلقاً ما لم يمنع عن التخاير، والاجماع المحكي عن
السيّد عميد الدين(1) - كما ستأتي الإشارة في المسألة
الآتية - أيضاً في غاية الإشكال.

وممّا
ذكرنا، عرفت أنّ مقتضى تبادر الاختيار من الفعل
المسند الى الفاعل المختار، وحديث (رفع ما استكرهوا
عليه)(2) هو القول بسقوط الافتراق عن إكراهٍ عن
الاعتبار مطلقاً، وربّما يجعل الأمران دليلاً
لفتوى المشهور.

ولعلّ
المراد من تبادر الاختيار هو ما يقابل الإكراه، دون
ما يقابل الاضطرار، وهو بهذا المعنى ممنوع.

بل يمكن أن
يقال: إنّه بعد شمول الأخبار، الافتراق عن إكراه
دخل الاضطراري - أيضاً - بضميمة عدم القول بالفصل
بينهما، ومقتضاه القول: بأن الافتراق مطلقاً مسقط
للخيار، كما مرّ حكايته عن بعض.

والتمسك
بحديث الرفع - أيضاً - أن يقال: إنّ الاخذ بمفهوم
الغاية في الاضطراري بضميمة عدم القول بالفصل ليس
بأولى من الأخذ بالمنطوق في الإكراه بضميمة عدم
الفصل فتأمّل. لا ينفع للمشهور بعد إلتزامهم بأنّ
الافتراق عن إكراه أو اضطرار مسقط في الجملة في
الحكم، بأنّ المقرون بالمنع من التخاير لا يكون
مسقطاً للخيار.

والإنصاف،
أنّ المسألة من المشكلات، وليس غير التوقف عنها
والاحتياط طريقاً للنجاة.

__________________

[ 464 ]

مسألة: لو
أكره أحد المتعاقدين على الافتراق، وترك التخاير،
وبقي الآخر في مجلس العقد مختاراً ففي سقوط
خيارهما، أو المختار خاصةً، أو عدم السقوط مطلقاً،
أقوال(1).

واعلم، أنّ
الاختلاف في هذه المسألة مبنيّ على القول: بأنّ
الافتراق عن إكراههما لا يكون مسقطاً: إمّا مطلقاً،
كما هو خيرة بعض من قارب عصرنا، أو مع منعهما عن
التخاير كما هو المحكي عن المشهور(2).

وأمّا بناء
على القول: بأنّه مسقط مع إكراههما بالسقوط، مع
بقاء اختيار أحدهما أولى.

واعلم
أيضاً: أنّ اعتبار المنع من التخاير في عنوان
المسألة مبنيّ على مذهب المشهور، من اعتباره في
سقوطه عن الاعتبار بالاكراه.

وأمّا على
قول البعض، من كون الإكراه مطلقاً مانعاً عن
التأثير في السقوط فلا فرق - حينئذٍ - بين اقتران
الإكراه على التفرق بالمنع عن التخاير، وبين عدمه.

والظاهر
أنّ مبنى الخلاف هو أن افتراقهما المجعول غاية
للخيار المفيد بكونه عن الاختيار - بناءً على خيرة
البعض - والمطلق الشامل لقسمي الاختياري
والاضطراري، المفيد لعدم المنع والتخاير يتوقف
تأثيره مطلقاً، أي في سقوط خيار كلّ على حصوله مع
الشرط من كلّ منهما، فمع عدمه معه منهما، ولو حصل من
أحدهما معه يبقى الخياران، كما هو المحكيّ عن ظاهر
المبسوط(3)، والمحقّق(4) والشهيدين الثانيين(5) - قدس
سرهما - ومحتمل الإرشاد(6)، أو يكفي فيه مطلق حصوله
مع الشرط

__________________

[ 465 ]

من أحدهما،
فيسقط الخياران، كما هو المحكيّ عن ظاهر المحقق(1)
والعلاّمة(2) وفخر الإسلام(3) والسيّد عميد الدين(4)،
أو يتوقّف تأثيره بسقوط خيار كلّ على حصوله منه مع
الشرط، فيسقط خيار المختار خاصّةً، كما هو المحكيّ
عن الخلاف(5)، وجواهر القاضي(6).

واعلم؛ أنّ
مقتضى ما ذكرنا عدم الفرق بين هذه المسألة وعكسها،
وهو كون الباقي في المجلس مكرهاً، ومفارق المجلس
مختاراً.

وحكي عن
العلاّمة في التحرير(7): التفصيل بين المسألتين،
فحكم في محلّ البحث ببقاء الخيارين، وفي عكسها
بسقوطهما.

ولعلّه
مبنيّ على أنّ الافتراق الذي جعل غايةً للخيار هو
الذي يكون فعلاً لمن قام به، بمعنى كونه كون سببه
الذي هو الحركة الى خلاف جانب صاحبه قائماً به، ولو
كان قيامه به عن كره، أو اضطرار - مع حصول الشرط الذي
هو القدرة على التخاير؛ ضرورة أنّه على ذلك - لم
يحصّل الغاية، وهو الافتراق بهذا المعنى خاصّاً
للشرط الذي هو القدرة على التخاير في هذه المسألة،
لأنّ المختار في ترك التخاير لم يقسم به حركة يؤثر
في الافتراق، وهو في العكس حاصل.

وأقول:
الظاهر أنّه لا وجه لهذه الدعوى، بعد البناء على
أنّ الافتراق بأيّ وجهٍ اتّفق، حتى الاضطرار إذا
كان مع القدرة على التخاير مسقطاً للخيار؛ فأنّ من
ادّعى لا محيص له من القول بأنّ المراد من قوله:(حتى
يفترقا) حتى يقوم الافتراق

__________________

[ 466 ]

بهما. ولا
ريب أن قيامه بهما لا يتوقّف على صدور الحركة
منهما، بل يتوقّف على أحد أسبابه الذي منها ذلك،
ومنها حركة أحدهما، وبقاء الآخر في المجلس،
وحينئذ، فاذا بنينا على أنّ القيام بأحدهما - ولو
اضطراراً - اذا كان مع القدرة على التخاير مسقط
للخيارين بحسب القول بالسقوط في فرض المسألة.

نعم، من
بنى أنّ الاختياري خاصّة مسقط، له أن يقول: إنّ معنى
قوله: (حتى يفترقا) حتى يصدر الافتراق منهما، لا حتى
يقوم بهما اختياراً، فله في فرض المسألة أن يقول:
إنّ الغاية - وهو صدور الافتراق من أحدهما - لم يحصل
خاصّاً للشرط، وهو عدم كونه مكرهاً عليه.

واعلم -
أيضاً - أنّ ظاهر التذكرة(1)، أنّ الخيار في مفروض
المسألة، فيسقط ممّن حصل منه الافتراق، الجامع
للشرط، وخيار الآخر يسقط بالتبع. وعبارته المحكيّة
عن القواعد(2) - أيضاً - ظاهرها ذلك، وهو المفهوم من
المحكيّ عن الفخر في شرح عبارة القواعد(3)، بل ربّما
يستظهر منهما أنّ لا خلاف في عدم انفكاك الخيارين
في السقوط، وعليه: فالتفصيل بين المختار وغيره لا
وجه له، خصوصاً مع حكاية الاجماع عن السيّد عميد
الدين، على أنّ الخيارين يسقطان مع افتراق أحدهما.

وكيف كان،
فالذي يظهر من الأدلّة - مع قطع النظر عن الإجماع
المحكيّ - هو القول ببقاء الخيارين، وذلك: إمّا
بناءً على مذهب المشهور في أن المسقط للخيار أعمّ
من الاختياري، فلأنّ ما دلّ على تقييد الافتراق
بكونه عن رضاً بالعقد يقتضي اعتبار رضاهما في ذلك.
وأما بناءً على تبادر خصوص الافتراق عن رضاً من
قوله : (حتى يفترقا) فظاهر.

وكذلك
الأمر، إن كان التقييد بالرضا لقوله عليه السلام في
صحيحة فضيل

__________________

[ 467 ]

(بعد الرضا
منهما) وحمله على حصول الرضا من المجموع المتحقّق
برضا واحدٍ منهما خلاف الظاهر لا موجب له، عدا
إجماع السيد عميد الدين الذي قد عرفت سبقه بالخلاف،
ولحوقه به.

وقوله عليه
السلام في حكاية شرائه الأرض: (فلمّا استوجبتها
قمت، فمشيت خطوةً ليجب البيع حين افترقنا) بعد
تأييده بفتوى الجماعة بسقوط الخيار إذا مات
أحدهما، أو نام، أو غفل وفارق الآخر إختياراً، بناء
على ظهوره في حصول الافتراق منه عليه السلام في حال
غفلة البائع، وظهوره في ذلك ممنوع، بل الذي يظهر هو
أنّ التعجيل في المفارقه لأجل أن يسقط الخيار قبل
أن يلتفت البائع الى ما لعلّه يوجب تردّده في البيع
فيفسخ، وليس فيه ما يدلّ على غفلته عن أصل
الافتراق، بل التأمّل الصادق ربّما يوجب الحكم
بأنّه كان الافتراق في حال شعوره بحصوله.

ودعوى أن
جعله عليه السلام مجرّد مشيه سبباً لصدق الافتراق
المجعول غاية للخيار، وجعل وجوب البيع علّةً
غائيّةً له، من دون اعتبار رضا الآخر، أو شعوره
بمشي الإمام عليه السلام يقتضي عدم اعتبار رضا
الآخر في حصول غاية بخيار مندفعة بأنّه: إن أراد أنّ
جعل السبب لحصول الافتراق المسقط هو المشيء
مجرّداً عن قيد يقتضي أن يكون المسقط أمراً يترتب
على المشي، وهو ليس إلاّ الافتراق، لأنّه لا دخل
للمشي في حصول رضا الآخر، فلو كان معتبراً لم يكن
المشي سبباً لحصول الغاية، وكان هو بضميمة أمرٍ آخر
سبباً.

ففيه: أنّه
ليس ظاهر الخبر كون المشي سبباً تامّاً في حصول
المسقط، إذ ليس فيه إلاّ أنّ الغرض حصول المسقط،
ويكفي في كونه غرضاً ولو كان أمراً لا يترتّب على
مجرد المشي حصول سائر ما يتوقف عليه وجود المسقط.

نعم، لو
فرض أنّ رضا الآخر منتفٍ كان دخله في حصول الغاية
منافياً لكون غرض الإمام عليه السلام من المشي
المجرد حصول المسقط؛ للعلم بأنّه لا يترتب ذلك على
المشي - حينئذٍ - ولكنّ صدق هذا الفرض ممنوع، ودعوى
ظهور الخبر فيه قد عرفت منعها.

[ 468 ]

وإن أراد
أنّ جعل سقوط الخيار غاية للافتراق المجعول غاية
للمشي من غير اعتبار رضا الآخر، حتى في ترتّب
السقوط، يقتضي عدم اعتبار أمرٍ آخر غير الافتراق.

ففيه: إنّ
إطلاقه على ذلك يقتضي عدم اعتبار الرضا مطلقاً،
ومجرد حصول الرضا في الجملة، في مورد الرواية لا
يقتضي تقييد إطلاقه بعد عدم قيام ما يدلّ أنّ قيود
المورد معتبر في الحكم. وحينئذٍ: فإمّا أن يعمل
بالخبر فيجب الحكم بعدم اعتبار الرضا مطلقاً، أو
بالصحيحة، فيجب الحكم بكون الرضا منهما معتبراً،
والتبعيض في الرضا طرح لظاهر الخبرين.

هذا كلّه،
مع أنّ إطلاق الخبر لا حجّة فيه، فأنّ الكلام ليس
مسوقاً لبيان الحكم، وإنّما الغرض منه بيان علّة
التعجيل، الذي لم يكن في نظر السائل، من دون حدوث
غرض يختصّ به ممدوحاً.

هذا كله
على مذهب المشهور. وأمّا على ما اختاره البعض -
وقويناه في الجملة - فيمكن أن يقال: إنّ المتيقّن
خروجه عن إطلاق الافتراق الاختياري هو ما وقع من
كلّ منهما عن إكراه ولا دليل على خروج ما وقع من
أحدهما عن إكراه، فيسقط به الخياران.

ويدفعه،
أنّ ما وقع من أحدهما عن إكراهٍ بمنزلة العدم -
بناءً على شمول الحديث لجزء السبب فلا يكون
افتراقهما حاصلاً.

وينفي
الكلام - حينئذٍ - في أنّ غاية خيار كلّ منهما افتراق
كليهما، أو يكفي في سقوطه من أحدهما افتراقه.

والظاهر من
الأخبار، امتداد الخيارين إلى زمان حصول الافتراق
منهما، واحتمال التوزيع خلاف الظاهر، خصوصاً في
مثل المقام الذي تكون الغاية فيه فعلاً واحداً،
وتعدّد النسبة فيه ناشئاً من تعدّد الجهة.

وأضعف من
هذا الاحتمال، احتمال كون مسمّى الافتراق المتحقّق
بحصوله

[ 469 ]

من أحدهما
غاية للخيارين، وإرادة الاستغراق الإفرادي من
قوله: (حتى يفترقا) لا يقتضي ذلك، بل مقتضاه كون
الاستغراق غايةً، كما يظهر بأدنى تأمّل.

هذا غاية
ما يسع لنا من الكلام في هذه المسألة، وهي كسابقتها
في غاية الإشكال، والاحتياط حسن على كلّ حال.

وعلى اللّه
الإتّكال، وخير ختام. تمّ على يد أقلّ السادات،
السيّد محسن الخوانساريّ.

/ 24