• عدد المراجعات :
  • 1193
  • 4/14/2008
  • تاريخ :

النموذج الحقيقي... النموذج المتخلّف
الطريق

 

 

كثير من الاشخاص المهمشين بحياتهم وممن يرزحون تحت وطـأة الفقر والعوز ومن لم تتوفر لهم فرص التعليم، وجدوا في الانفلات فرصة لإثبات ذاتهم بالصورة الخاطئة والخطيرة في آن واحد.

 وكونهم وجدوا كثير من الفرص التي اتاحها الانفلات نفسه متمثلة بالتيارات والاحزاب السياسية التي تمنطقت بالدين لتكتسب درجة ما من القداسة وتسويق نفسها على رعاع المجتمع ممن لهم الجاهزية للانخراط في خطابها الذي هو خطابا منتمي بدوره الى جهات قد تتعدى نطاق الوطن الذي تتواجد فيه، إضافة لما افرزه الواقع المتردي والفراغ السياسي والامني وغياب الخدمات وبقاء الحالة الاقتصادية للمجتمع بوضع الركود بل يمكن القول بوضع التراجع باتجاه ازمة مستمرة خانقة.

 وتتمثل تلك الافرازات بزيادة اعداد العصابات من الخاطفين للاشخاص والاطفال والنساء او ممن يمارسون القتل من اجل المال والسراق بالقوة المسلحة، فيما تكون بعض الجهات الدينية قد مهدت الطريق امام الفعل الاجرامي من خلال ممارساتها في التصدي للفساد الاخلاقي قبل اوان التصدي على طريقة حرق المراحل وتجاهل النضوج الطبيعي.

من هذا كله ظهر النموذج المتخلّف الذي يمتلك القوة وقهر الآخرين وتمتعه بكل وسائل الترفيه

وامتلاكه المال الذي هو القوة بلا منازع، وقد اقتدى بهذا النموذج كثير من الشباب سيما وان الوسائل معدة لايصالهم الى غاياتهم وتحقيق احلامهم على طريقة( شيلني وشيلك) ولذا فان الجهات المخربة لم تعدم الوسيلة لان تصل الى اغراضها مهما كانت تلك الاغراض.

 وقد راينا من خلال الفضائيات المقابلات المخجلة مع اشخاص كانوا قد مارسوا ابشع الجرائم وهم يعلنون انتمائهم الى احزاب او كيانات سياسية، وان هدفهم الوطني المزعوم كان لا بد من ان يدنَس بخطف النساء وممارسة الجنس وتناول الحبوب المخدرة وقتل الاطفال وتفجير الاسواق وتدمير البنية التحتية للبلد، والمحصلة النهائية لهؤلاء هي استلامهم حلمهم الكبير واملهم الأعظم المتمثل بالدولارات وهي مكافئتهم على كمية الدماء التي اراقوها على مذبح البراءة.

النموذج هذا قد عضده الصوت المرتفع الذي لا يؤمن بالاصوات الاخرى ولا يؤمن بالخطاب الآخر ولا يفهم بالاختلاف الا كونه الصوت المعادي الذي يجب التصدي له بكل الوسائل والطرق، والصوت المرتفع الممتلك للبندقية والقاذفة قد شل لسانه وتكلمت مكانه البندقية واقفل تفكيره وأنابت عنه القاذفة لانه راى بان هذه الجمادات المريعة هي المؤهلة لبناء العالم الافتراضي الذي ينبض في تلك العقول المعطلة.

النموذج السئ هذا يسير عكسيا مع الوعي العام للمجتمع وهو عكسيا ايضا مع تنامي قوة القانون، والقانون مرتبط بل يمكن توصيفه بالمكبل بقيود السياسة الى حد كبير، والسياسة تحت طائلة العجز في الاوقات الراهنة على الساحة العراقية وذلك لكون المسيرة القانونية ليست في صالح الخطاب التخريبي او السلطوي الغاشم التي تنهض له كثير من الكيانات، فان تعطيل الحالة التي تساعد على نمو القانون قد تكون هدفا محترما لدى بعض تلك الكيانات.

النموذج الحقيقي قد يكون غائما في الوسط الاجتماعي الى حد كبير إلا انه هو الاعم والاكثر وهو النسبة الوافرة بحيث ان النموذج الخطير والزائف لا يتعدى المئوية التي تطلق غالبا في الاحصاءات.

لكنها نسبة في كل الاحوال نسبة مرتفعة بشكل كبير جدا وهي مضاعفة لو اننا اضفنا اليها ممن يعملون في المقاولات والقوى المتصدية للبناء والتعمير التي تفتقد بمعظمها الى الضمير والاحساس بالوطنيةوالاخلاقية.

النموذج الحقيقي هو الانسان السوي في التعاملات والسلوك والذي يطمح الى حياة هادئة ينعم فيها الاخرون بالحب والامل والتواصل والنماء والتقارب والتراحم.

 الانسان الكدوح من اجل توفير الكرامة لمن هم في معيته، العامل الذي يكد يومه من اجل العيال، الطالب الذي يبذل الوسع لتحصيل العلوم، النساء العاملات، والسيدات المربيات، الاولاد الذين يمارسون العابهم البريئة وتمثيلياتهم الانعكاسية،الفلاح الذي يباشر ارضه تحت اشراقة الامل، كل هذا ينم ويؤكد بان النموذج الخيّر الصالح متوفر بدرجة كبيرة.

 إلا انه لايمتك الصوت المعبر، ولا يمتلك الحرية للدفاع عن الوجود المتفاعل والحقيقي الذي ينبغي ان يظهر، اي ان صوته قد اختطف قسرا، وان اول من اختطف هذا الصوت في رايي هو السمة القداسية التي تجلببت بها بعض الكيانات المتدرعة بالدين، هذا الجلباب منع الناس بل ارهبهم ان يناقشوا الاشياء في حين ان ابليس قد ناقش الذات العليا فقال: قد خلقتني من نار وهو قد خلقته من طين؟!!.

والنموذج الخير الصالح لا زال حيا ومتواجدا بقوة، يتنامى ويتعافى يوم بعد آخر ويسير هذا التنامي خطيا مع تقادم الزمن ولكن ببطئ شديد.

التوجه

فهل هناك ما يمكن فعله اتجاه الخلاص من تاثيرات النموذج الخطير والخلاص من ادرانه ومعدياته في المجتمع؟.

ان الحلول الممكنة في الوقت الراهن قد لا تتعدى الجذور المسببة والظروف المساعدة لظهور وتكاثر البكتيريا الضارة التي سببت السرطان في جسد المجتمع، ومهمة النهوض من هذه الكبوة في العلائق الاجتماعية والشرخ الكبير انما يكون وفق التالي من المهمات:

الحل السياسي في داخل المربع الوطني وفق صيغة المشتركات التي تجمع الاطراف دون محاباة او خوف من احتمال عدم الرضا لان الرضا غاية لا يمكن ادراكها.

التصدي للخارجون عن القانون بحزم وانزال العقوبات الرادعة بحقهم.

التثقيف بالمعيير الاخلاقية وجعل هذه المهمة من مهام اجتماعية والمجتمع المدني إضافة للمؤسسات التربوية.

ايجاد مشاريع زراعية او عمرانية لتشغيل الشبيبة العاطلين فيها.

ضبط وتسجيل السيارات والتحقق من ملكيتها بصورة جيدة.

الجرد السكاني الخاص اذ لم يكن ممكنا الجرد السكاني العام ، اي بامكان اي محافظة ان تجري جرد سكانها على حدة ليمكنها ضبط الامور بشكل مسيطر عليه.

هيكلة النظام الاجتماعي ابتداءا بالمختار ومرورا بالمجالس الشعبية ووصولا الى المحافظة، اي الوحدة الادارية المسؤولة عن هذا الهيكل وهي غالبا القائمقامية.

ضرورة ان تخضع المطبوعات الى المساءلة عن ترويجها للارهاب او اثارة الضغينة.

البحث الدائم عن السلاح في المخابئ المحتملة ومصادرته لصالح الدولة.

التحقق بشكل مؤكد عن بؤر الارهاب والجريمة والقبض عليهم ومعاقبتهم بشكل علني ليكون التعاون الاجتماعي مضمونا باقصى الدرجات.

واخيرا، براءة الكيانات، العلنية والواضحة من شاكلة هؤلاء المنحرفون واطلاق اليد المجتمعية للتصدي او الإخبار عنهم كفعل شرعي.

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)