• عدد المراجعات :
  • 1178
  • 2/28/2006
  • تاريخ :

کيف يحمينا الاسلام من الإضرار بحياتنا الاجتماعية؟

اذا نظرنا الي ديننا الاسلامي الحنيف، نجده قدّر حق الانسان في الکلمة والحرية والاستقلال وينطلق بهذه الحرية الي حدود حرية الاخرين.

وهکذا يجعل الاسلام من هذه الحرية ارضية لنمو المسؤولية ورعاية مصلحة الفرد لذاته ولمجتمعه ومحيطه. والاسلام ينطلق من الحقوق الفردية ويبني من الحرية قواعد المسؤولية، مسؤولية الفرد تجاه ذاته وتجاه محيطه وعالمه.. والاسلام دين يحضّ علي العقل والتعقل وإعمال العقل في کل نواحي الحياة، والعقل ومفهومه في القرآن الکريم واضح کل الوضوح فهو يرفض الخرافة والاوهام.

والاسلام يردّ الانسان الي العقل الفطري السليم، ويدعو القران الکريم الانسان للتدبر في آيات الله عز وجل في الافاق والانفس، وفي إعمال العقل واستخلاص النتائج من المقدمات.

وما اکثر الايات جاءت في القرآن الکريم التي ترکز علي العقل والفکر والتأمل والتدبر، وعندما يقول الرسول الکريم (ص): لا ضرر ولا ضرار، فانما يحث الفرد المؤمن علي ضرورة استخدام العقل في التفکير بعدم الاضرار بأي شخص، بل انه قد أخذت منه قاعدة دفع المفاسد وحفظ المصالح مع مداعاة ما هو معلوم من نصوص الشارع المقدس ومقاصده، انها حرية تعطي للفرد المسلم ولکن في حدود الشرع الاسلامي وفي الحدود التي رسمها لنا المولي تعالي.

وقد جاء تحريم الضرر في کتاب الله عز وجل في قوله تعالي: (قل انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم)(الاعراف/33).

واذا أمعنا النظر الي الدين الاسلامي القويم، نجد انه حرم الاضرار بالنفس ايضا لقول الخالق عز وجل: (ولا تقتلوا انفسکم)(النساء/29).، وقوله سبحانه: (ولا تلقوا بأيديکم الي التهلکة)(البقرة/195).

والانسان ينبغي عليه ان يحرص علي ما ينفعه من سبل الحياة الحقيقية کالتغذية بالغذاء الحسن والاعتدال فيه وفي المشرب، وضرورة ممارسة بعض انواع الرياضة التي تحفظ له سلامة اعضائه، وان يقدم لجسده حقه من الرعاية والراحة والعناية، وهذا حق من الحقوق التي يجب ان يعطيها الانسان لکل عضو في جسده.

ومن حق الانسان ان يتخذ کل اسباب الوقاية من الامراض لان التوقي يکفل الوقاية، فقال (ص): (ومن يتوق الشريوقة)، ويدخل في ذلک، البعد عن مصادر المرض کاجتناب مقاربة الزني والفساد وسائر الفواحش والرذائل والموبقات، لقوله تعالي: (ولا تقربوا الزني انه کان فاحشة وساء سبيلا)(الاسراء/32).

وقوله جل شأنه: (ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن)(الانعام/151).

ويدخل ايضا في الوقاية، ضرورة عدم التعرض للمصابين بالامراض المعدية، وعلي المسلم ان يتخذ کل اسباب الوقاية من الاصابات، وهناک الکثير من الاحاديث النبوية الشريفة التي تحث الفرد المسلم علي ذلک.

ومن حق الانسان ايضا ان يتداوي اذا اصيب بالمرض، لقوله (ص): (تداووا فإن الله عز وجل لم يضع داء الا وضع له شفاء).

ولقد أمر الاسلام بعدم الاضرار بأفراد الاسرة بل ووضع حقوقا للاسرة، فقد اوصي الانسان بوالديه، فقال المولي سبحانه وتعالي: (ووصينا الانسان بوالديه حسنا)(العنکبوت/8).

وقال عز من قائل (وبالوالدين احسانا)(النساء/36).

واوصي الرسول (ص) کلا من الزوجين بالاخر، وعلي الاخص الزوج بزوجته، فقال (ص): (استوصوا بالنساء خيرا).

وقال (ص): (وان لزوجک عليک حقا.. وان لولدک عليک حقا فآت کل ذي حق حقه).

واستطرد قائلا: (وان لاهلک عليک حقا).

وهکذا فإن حق کل فرد مکفول ووضح کل الوضوح في الاسلام، بل ان الاسلام يعطي لرب الاسرة، الطريق السليم والجلي في حفظ اولاده وعائلته لان هذا حق من حقوقهم، وسيسأل عليه امام المولي عز وجل، قفال جل وعلا: (ولا تقتلوا أولادکم)(الانعام/151).

وقوله تعالي: (ولا تقتلوا النفس التط حرم الله الا بالحق)(الانعام/151).

ومن اهم سبل حفظ صحة الطفل، الحرص علي ارضاعه من الثدي في العامين الاولين من عمره، وقد قال عز وجل: (والوالدات يرضعن اولادهن حولين کاملين لمن اراد ان يتم الرضاعة)(البقرة/223).

ان الاسلام قد وضع الطريق الصحيح للانسان المسلم وأمره بأن يعطي کل ذي حق حقه لانها حقوق واجبة من اجل مصلحة الفرد والمجتمع ومن اجل مصلحة الاسرة.

ولقد نهي الاسلام عن الاضرار بالناس ولاسيما الجار العزيز: (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اکتسبوا فقد احملوا بهتانا واثما مبينا)(الاحزاب/58).

ويدخل في باب الضرر والاضرار، موضوع العدوي فلا يجوز للمسلم ان يعدي أخاه، لقوله (ص): (لا يورد الممرض علي المصح)، وقال ايضا: (فر من المجذوم فرارک من الاسد). وقد جاء في الحديث الشريف:(الا آخبرکم بالمؤمن؟ من آمنه الناس علي أموالهم وأنفسهم والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده).

واذا کان الاسلام قد اعطي للمسلم الحقوق الکاملة بناء علي أسس وقوانين فإنه قد استند الي دور العقل واهميته وضرورة تحکيمه في الامور حتي لا تختلط الامور والاشياء وحتي يعي الانسان حقوقه وواجباته، فالقرآن الکريم يدعو الانسان للتدبر في ايات الله في الافاق والانفس وفي إعمال العقل واستخلاص النتائج من المقدمات، وهو يربي الانسان علي استعمال هذا المفتاح السري ليفتح أعماق النفس الانسانية والتحرر من الاغلال والقيود التي تفرضها البيئة والمحيط الطبيعي والتأريخي والبشري وما اعتاده الانسان. والعقل هو تعقل الاشياء وفهمها، وقد اصطلح علي امور هي:

اولا: قوة إدراک الخير والشر والتفريق بينهما والعقل هنا مناط التکليف والثواب والعقاب.

ثانيا: العقل هو القوة التي يستخدمها الناس في تنظيم امور الحياة اذا وافقت قانون الشرع وانسجمت مع تعاليمه الصالحة لکل زمان ومکان. والعقل هو النفس الانسانية الناطقة التي يتميز بها الانسان عن سائر المخلوقات، والعقل يستخلص النتائج من المقدمات ويحلل النتائج وهو يستنبط الاحکام الشرعية. وهکذا يأمر الاسلام، المرء المسلم بأن يستخدم عقله في کل شيء، وان يعرف حقوقه وواجباته، ومن اولي هذه الواجبات ان يحافظ علي نعمة الصحة لانها مسؤولية کبري امام الله تعالي.

من کل هذا، نستنتج ان الهداية الربانية التة انزلها الله تعالي علي عباده تنعکس في جميع جنبات الحياة المختلفة، سواء المعنوية او المادية او التنظيمية، وقد جاء الاسلام العظيم لکي ينظم حياة الانسان وينقله من الضلام الي النور، ومن التبعية المادية الضيقة الي المجتمع الاسلامي الواسع الرحب، وجاءت التعاليم الاسلامية علي يد اشرف الخلق اجمعين، لتضع الموازين وتعطي للفرد حقه وقيمته وتربطه بمجتمعه من خلال انظمة وعلاقات محدودة تبني شخصيته وتسمو به وبمجتمعه، وکانت المباديء التي وضعها الاسلام الحنيف مباديء واضحة تحمي الانسان وتصون المجتمع، وتذوذ عن حقوقه التي اذا أهملت فانها تؤثر علي صحة الانسان وعلي المجتمع ککل.

فائزة النوري

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)