ابن تیمیة، حیاته و عقائده نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

ابن تیمیة، حیاته و عقائده - نسخه متنی

صائب عبد الحمید

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



ومع هذا الفارق البين فما زال الجميع ينسب الى التشيع على
حد سواء، ويقع الخلط كثيرا، ولكنه خلط مصدره التجاهل لا
الجهل، والدافع فيه اراده طعن الجميع بعيوب البعض،
والمستهدف فى هذا دائما هم الشيعه الحقيقيون، الشيعه
الاماميه الاثنا عشريه.


وقديما، ولاسباب مختلف فى تعيينها اطلقت عليهم الجهه
المتنفذه فى الحكم اسم (الرافضه).


فجعل هذا اللقب المولد علما لجميع الفرق التى تنسب الى
التشيع، اماميه وغيرها، باستثناء الزيديه.


ولكن مع مضى الوقت،
وشياع الاسم الجديد، غلب هذا الاسم حتى على الزيديه، فصار
لفظ (الرافضه) بديلا عن لفظ (الشيعه) ! وممن استخدم هذا
التعريف ابن تيميه اثناء حديثه عن الشيعه.


لقد عرف ابن تيميه الباطنيه الاسماعيليه، وكان هو صاحب
الفتوى فى وجوب قتالهم، كما عرف الغلاه النصيريه وكتب فى
ابطال عقائدهم.


فهل عرف التشيع بمعناه الصحيح، ليعرف من هم الشيعه ؟ .


وان كان قد عرف ذلك، فهل كانت له مساهمه هامه فى التعرف
على عقائدهم؟ .


وكيف كان منهجه فى ذلك ؟ .


وحين راى الشيعه يقدمون اهل البيت على سواهم، كيف كانت
عقيدته فى اهل البيت ؟ وكيف راى سادتهم الاول: عليا
والحسن والحسين(ع) ؟ وكيف كان موقفه مع خصومهم
وشانئيهم واعدائهم ؟ .


ذلك كله تجده مبسوطا ومفصلا فى كتابه الكبير (منهاج
السنه)، وتجد ايضا عقيدته فى واحده من تلك القضايا فى
رسالته الصغيره حول راس الحسين(ع).


واجابات اخرى نثرها
فى كتب ورسائل متعدده عامتها موجود فى هذين الكتابين.


فاما كتابه (راس الحسين) فقد وضعه - جوابا على سوال ورده -
فى بيان الموضع الذى دفن فيه راس الحسين (ع)، وحقيقه
الاراء المختلفه فيه، اذ ذهب بعضهم الى انه فى الشام، وقال
بعضهم انه فى القاهره، وعده آخرون فى عسقلان، واقيم له فى
الموضعين الاخيرين مقامان يزاران.


فرد على ذلك كله مضيفا
رايه القاضى بان الراس بعث الى المدينه ودفن فى البقيع.


وفى اثناء ذلك يتعرض لمقتل الامام الحسين (ع)، فيرسم لنا
عقيدته فى هذه القضيه، كما يحدد بوضوح عقيدته فى كل من
الرجلين: الامام الحسين، ويزيد.


عقيدتان لابد لكل مسلم وكل حر ان يقف عليهما ليتعرف على
هذا الرجل بصوره اتم.


عقيدتان اخفاهما كل من كتب عن ابن تيميه، وفاء له، لا للدين
ولا للحق، ولا للتاريخ ! سياتى ذكرهما فى محله.


واما (منهاج السنه) فهو كتابه الذى سخره للرد على الشيعه
الاماميه الاثنى عشريه فى عقائدهم، اذ كان لهم فى عصره
انتصار كبير فى العراق وايران تحقق على يد عالمهم ابن
المطهر الحلى، الذى افلح فى نشر المذهب فى هذين البلدين،
ولا سيما فى ايران التى كان فيها الشيعه اقليه، فتزايد عددهم
بجهوده تزايدا مذهلا، فصار يتردد فى الاوساط العلميه
والمجالس الشعبيه اسم علامه الشيعه ابن المطهر، ذلك الاسم
الذى ازعج ابن تيميه كثيرا، فنال منه فى مجالسه وخطبه على
ما بينهما من بعد المسافه.


فذلك اسم حظ ى بنجاح كبير وسمعه فائقه طالما طمح لهما
ابن تيميه، فقد اثنى عليه الكبار وشهدوا بفضله وساروا بكتبه
فى الافاق.


ومن بين كتبه الواسعه الانتشار كان كتابه (منهاج الكرامه فى
اثبات الامامه) قد احدث هزه عنيفه فى الاوساط العلميه
والشعبيه، خصوصا وانه منذ سنين طويله لم يظهر للشيعه
كتاب فى هذا الموضوع.


فهو كتاب مشحون بعديد من البحوث
فى الكلام، والعقائد، والقرآن، والتفسير، والحديث المعروف
عند الفريقين، والسير والتاريخ، والاستدلال بذلك كله على
امامه الائمه الاثنى عشر، ورجحان عقائد الاماميه.


فاثار هذا غيض ابن تيميه وجماعه من اصحابه وغيرهم ممن لا
يريد النظر الى الحقائق الا بعين واحده، فانشغل ابن تيميه فى
الرد عليه حتى اخرج كتابه (منهاج السنه) الذى هو كتابنا الاهم
فى هذا الباب.


وقبل الدخول فى تفاصيل هذا الكتاب، بل قبل مزيد من
التعرف عليه، لا بد من تعريف واف بذلك الخصم الكبير، ابن
المطهر، ابن العراق، البلد الذى له مع الشام - بلد ابن تيميه -
قصه حوت نقائض عجيبه:
فحيث الفت الجغرافيه بينهما جارين حليفين فى ارض الهلال
الخصيب، باعد التاريخ بينهما قبل الاسلام وبعده.


وحيث جمعتهما وحده المجتمع عرقا ودينا، فرقت (رووس
المجتمع) بينهما على الدوام.


فلا غرابه اذن ان يكون هذا الفصل واحدا من فصول الصراع
العراقى الشامى، وسنرى عند الختام انه كان كذلك ! .


سنرى ابن المطهر علوى المولد والمنشا والممات والمعتقد،
وابن تيميه امويا فيها جميعا، اموى المولد والمنشا والممات
والمعتقد.


سنرى علويا ينطق بالحجه التى يعرفها خصمه ويتدين بها كما
يعرفها هو، وامويا يرد عليه بما التقطه من عقائد المنحرفين
فيذكرك بقميص عثمان المعلق على باب المسجد الاموى
بدمشق وما يشيعه معاويه وعمرو بن العاص من ان عليا (ع)
كان شريكا فى دم عثمان ومناصرا لقاتليه ! .


سنرى علويا ينطق بحجه القرآن والسنه، وامويا يقابله بفنون
التاويل التى تذكرك بدهاء بنى اميه فى اغراء الشاميين بما
اظهروه من تاويل باطل لاى القرآن واحكام الدين.


سنرى علويا يجدد احاديث النبى (ص) فى فضائل اهل بيته
ووجوب اتباعهم، وامويا يجحد ذلك كله، فبعضا يكذب فيه،
وبعضا يصرفه عن معانيه.


سنرى علويا ينتصر لدماء اهل البيت(ع)، وامويا يهدر تلك الدماء
الطاهره على طريقه فى التاويل تذكرك بجواب معاويه بن ابى
سفيان حين قال له جنده: قتلتم عمار بن ياسر وقد قال فيه
النبى (ص): ( تقتله الفئه الباغيه )! فاجابهم معاويه بقوله: ما
نحن قتلناه، ولكن قتله الذى اخرجه معه الى حربنا فوضعه امام
سيوفنا ! .


سنرى اللغه العلويه تمضى على طريقتها فى التذكير بالحق
المهدور والسنه المهجوره، تقابلها لغه امويه تعيش عصرها
الذهبى فى ريشه ابن تيميه.


تجد ذلك مبسوطا فى هذا الباب والباب الذى يليه.


الفصل الاول-علامه الشيعه ابن المطهر
ابن المطهر
العلم :
هو الحسن بن يوسف بن على بن محمد بن مطهر.


جمال الدين، ابو منصور.


الاسدى، الحلى، الشهير ب (العلامه) و
(آيه اللّه).


المولود فى الثلث الاخير من ليل 27 رمضان 648 ه.


الاسره:
ابوه عربى اسدى، وامه عربيه هذليه.


ابوه سديد الدين يوسف، من اعلم اهل زمانه فى الفقه والاصول.


وجده لابيه زين الدين على بن المطهر، وجده لامه الحسن بن
يحيى بن الحسن بن سعيد الهذلى، من اكابر اهل عصرهما علما
وفضلا، وكذا جد امه ابو زكريا يحيى بن الحسن.


وخاله، كبير علماء عصره، وزعيم المذهب، المحقق الحلى نجم
الدين جعفر ابن الحسن بن يحيى الهذلى ( ت 676 ه ).


الموطن:
الحله السيفيه، من نواحى بابل، من العراق، وبابل اول ارض
سكنها انسان بعد الطوفان.


واما الحله السيفيه، فقد بناها الاسديون من اسره ابن المطهر،
ايام قائدهم سيف الدوله صدقه بن منصور بن مزيد الاسدى،
امير العرب، دامت امارته احدى وعشرين سنه (479 - 501 ه)
واتسع جاهه، واستجار به الكبار، وله صنف ابو يعلى بن الهباريه
العباسى كتاب (الصادح والباغم) فى الفى بيت على اسلوب
(كليله ودمنه) وهى من مفاخر الادب العربى.


ومن قوله فيها:
وضعته مخترعا معناه
لملك ما خاب من رجاه
بحر الندى رب الايادى والمنن
شمس العلى صدرالهدى ابى الحسن
الاسدى المزيدى صدقه
ومن اذا كذب مدح صدقه
ولم تزل حلتهم معاذا
لكل من يهرب من بغداذا
وقد سلمت الحله ايام الغزو التترى بفضل ما تحلى به والد
العلامه ابن المطهر من شجاعه وحنكه، وشهد العلامه ذلك فى
فولته.


شهد فى السابعه من عمره اهل بلدته يفرون الى البطائح
جماعات جماعات، ذعرا من جيوش المغول التى لم تكن تعرف
رحمه، ولايردعها رادع عن سفك الدماء.


وينظر الصبى الى ابيه، فيراه ثابتا كالطود، يحاول اقناع الناس
بالبقاء فى بلدتهم، وحين لا يمكنهم صد جحافل التتار المغول
فانه قادر بالحكمه والتعقل على ان ياخذ لهم الامان من
هولاكو.


ولكن من يصدق فى مثل تلك الساعه ان رجلا من العرب
المسلمين يستطيع ان يتحدث بعزم ثابت امام هولاكو ! .


فكيف اذن بمن يحاول انتزاع الامان من قلب هولاكو الذى لم
تهزه رحمه قط؟!.


ففروا الا قليلا.


ثم شهد الصبى جنودا بعثهم هولاكو لاستحضار وجهاء البلده
بين يديه، فخافوا لعدم معرفتهم بما ينتهى اليه الحال، الاوالده،
تقدم اليهم وقال: ان جئت وحدى كفى ؟ .


قالوا: نعم.


فرحل معهم، والقوم ينظرون بعيون جامده، انتزع الخوف
افئدتهم، وارتعدت فرائصهم، وجفت حلوقهم، فهم واجمون لا
يحسنون حتى كلمه الوداع.


والصبى يشهد ذلك، فيلجا الى امه
يتقوى بها ويقويها، وهو لا يشك - ككل صبى برى ء - فى ان اباه
سيعود غدا.


وبعد ايام عاد الاب يحمل كتاب الامان لاهل الحله، والمراقد
الشريفه فى النجف وكربلاء.


التلميذ:
نشا ابن المطهر فى بيت الزعامه الدينيه والعلميه، وحظ ى من
ابيه وخاله المحقق الحلى بكل عنايه، فخصصا له منذ صغره
معلما يعلمه الكتابه والعربيه والقرآن، ثم صحبهما صبيا فدرس
عليهما الفقه والاصول وجميع علوم الشريعه، فتقدم وبرع
وافتى وسبق الفحول ولما يزل صبيا.


وفى ريعان شبابه صحب العلا مه الموسوعى نصير الدين
الطوسى، فقرا عليه كتبه فى الالهيات والفلك والرياضيات،
وشيئا من كتب ابن سينا، ولازمه حتى توفى نصير الدين سنه
672 ه، وابن المطهر حينئذ فى الرابعه والعشرين.


الامام المصنف: name="link71">
نبغ ابن المطهر، وبرزت فيه سيماء الزعامه والامامه الدينيه
منذ صباه، وتقدم فى ريعان شبابه على العلماء الكبار، والفقهاء
والفحول.


واما فى التصنيف ، فكان اعجوبه فى القدره على التاليف
واستحضار المحفوظ من العلوم، اعجوبه فى كثره التاليف.


وصفه مترجموه فقالوا: كان فى اسفاره يولف وهو راكب.


والف كتبا عديده فى الكلام والحكمه والطبيعيات وفرغ من
تصنيفه فى هذه الميادين قبل السادسه والعشرين من عمره.


وفاقت كتبه تلك مباحث الحكماء السابقين، واورد عليهم،
وحاكم بين شراح الاشارات لابن سينا، وباحث ابن سينا فى
كتبه وخطاه، وناقش نصير الدين الطوسى وشرح كتبه شرحا لا
نظير له، حتى قيل: لولا ابن المطهر لم يفهم احد كلام نصير
الدين.


غير انه لم يكن متابعا له فى كل شى ء، بل كان حرا فى
تفكيره، مجتهدا لا مقلدا، فرد على استاذه نصير الدين اشياء
كثيره، وكتب فى معارضته وبيان اخطائه كتابا اسماه
(المباحث السنيه فى المعارضات النصيريه).


ثم اخذ فى تحرير الفقه والاصول، ففاق فى تصنيفه فحول
عصره، وبرع فى الاجتهاد فى ابواب لم يسبق اليها.


وبعد اقل من سنتين، وهو فى السابعه والعشرين من عمره،
توفى رئيس المذهب، خاله المحقق الحلى، فصارت رئاسه
المذهب اليه، فى المعقول والمنقول.


واشتغل فى التصنيف فى علوم الشريعه:
فى الفقه: صنف ما لم يسبق الى مثله، ومن ذلك:
1 - المختلف: فى اقوال علماء الشيعه، واختلافاتهم، وحججهم
كما يذكر فيه مختاره ودليله.


2 - التذكره: فى اقوال علماء غير الشيعه، واختلافاتهم،
وحججهم.


3 - منتهى المطلب: ذكر فيه جميع مذاهب المسلمين
واحتجاجاتهم، وبين الصحيح من غيره.


4 - التحرير: جمع 40 الف مساله.


5 - القواعد: وكان شغل العلماء شرحا وتدريسا منذ عصره الى
اليوم.


وكتب غير هذا كثيرا من الكتب المختصره وشرحت بعده
شروحا عديده، وبلغ المذكور من كتبه فى الفقه عشرين كتابا.


وفى الاصول: مهر مهاره لم تعرف عند غيره، وصنف فيه
مصنفات غايه فى الدقه والاحكام، منها:
1 - النهايه: فى مجلدين كبيرين.


2 - التهذيب: وكان عليه مدار التدريس فى الاصول.


3 - شرح مختصر ابن الحاجب: اعجب فيه جميع ائمه العلم،
فقال فيه ابن حجرالعسقلانى: انه فى غايه الحسن فى حل
الفاظه وتقريب معانيه.


مع خمسه كتب اخرى فى الاصول.


وفى التفسير: له كتابان، هما:
1 - نهج الايمان فى تفسير القرآن.


2 - القول الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز.


وسمى ايضا ( السر
الوجيز ).


وفى الحديث: كان اماما بلا منازع، وصنف فيه تصانيف لم
يسبق اليها ولا نظير لها، وبلغت خمسه كتب، هى:
1 - استقصاء الاعتبار فى تحرير معانى الاخبار: قال عنه فى
كتابه (خلاصه الاقوال فى معرفه الرجال): ذكرنا فيه كل حديث
وصل الينا، وبحثنا فى كل حديث على صحه السند او ابطاله،
وكون متنه محكما او متشابها، وما اشتمل عليه من المباحث
الاصوليه والادبيه.


وما يستنبط منه من الاحكام الشرعيه
وغيرها.


2 - مصابيح الانوار: قسم فيه الاحاديث على الابواب.


3 - الدر والمرجان فى الاحاديث الصحاح والحسان.


4 - النهج الوضاح فى الاحاديث الصحاح.


5 - جامع الاخبار، او : مجامع الاخبار.


ولهذه الكتب الخمسه اعداء - سياتى ذكرهم - كانوا على
الاظهر وراء اختفاء معظمها وضياعه ، ولعل الموجود منها الان
هو الاول فقط.


وفى علم الرجال : له اربعه كتب، ومثلها فى علم النحو، وفى
المعقول والحكمه: اربعه وعشرون كتابا، وفى الكلام
والاحتجاج: ثمانيه وعشرون كتابا، وكتب عديده اخرى متنوعه
لم يضبط عددها.


علما ان قسما كبيرا منها مفقود ولم يوجد له
اثر ! .


قالوا فيه : name="link72">
هو عند الاماميه شيخ الطائفه فى عصره، العلامه على الاطلاق،
ولم يتفق هذا لغيره، واطلق عليه فى عصره ايضا آيه اللّه، وكان
هذا نادرا ما يطلق على احد.


قال فيه معاصره ابن داود صاحب (الرجال): هو شيخ الطائفه،
علامه وقته، صاحب التحقيق والتدقيق، كثير التصانيف، انتهت
رئاسه الاماميه اليه فى المعقول والمنقول.


وقال الامير مصطفى التفريشى فى (نقد الرجال): يخطر ببالى
ان لا اصفه، اذ لا يسع كتابى هذا ذكر علومه وتصانيفه وفضائله
ومحامده، وان كل ما يوصف به الناس من جميل وفضل فهو
فوقه.


وعلى هذا النحو سار الاخرون فى ذكره فاطروه احسن الاطراء
واتمه.


ومن غير الاماميه اثنى عليه الكبار احسن الثناء:
قال الصفدى، وقد عاصره: هو الامام العلامه ذو الفنون، صاحب
التصانيف التى اشتهرت فى حياته.


وكان اماما فى الكلام
والمعقولات كان يصنف وهو راكب، وكان ريض الاخلاق،
مشتهر الذكر، تخرج به اقوام كثيره.


وقال الذهبى: شيخ الحله، العلامه المتفنن، صاحب التصانيف.


وقال ابن حجر: هو عالم الشيعه وامامهم ومصنفهم، وكان آيه
فى الذكاء، واشتهرت تصانيفه فى حياته، وكان مشتهر الذكر
وحسن الاخلاق.


صلته بعلماء المذاهب الاخرى:
كانت له صلات حسنه وثيقه بعلماء المذاهب الاخرى، معرفه
بقدر العلم وحق اهله، لا تحجزه عن ذلك عصبيه ولا يصده
هوى كما هو شان الكثير ممن غرق فى ظلمات الهوى
والعصبيه ! .


لقد تلمذ العلامه على عدد من علماء المذاهب الاخرى وحفظ
لهم حقهم واثنى عليهم كثيرا، ومن هولاء العلماء:
الشيخ على بن عمر الكاتبى القزوينى، الشافعى، ت 675 ه،
المعروف بدبيران، صاحب المنطق، وصفه العلامه فقال فيه:
كان من افضل علماء الشافعيه، واعلم اهل عصره بالمنطق
والهندسه وآلات الرصد، عارفا بالحكمه.


والشيخ محمد بن محمد بن احمد الكيشى، الشافعى، ت 695
ه، المتكلم الفقيه، قال فيه العلامه: هذا الشيخ كان من افضل
علماء الشافعيه، وكان من انصف الناس فى البحث، وكنت اقرا
عليه واورد عليه اعتراضات فى بعض الاوقات، فيفتكر تاره ،
وفى بعض الاوقات يقول: حتى نفكر فى هذا، عاودنى فى هذا
السوال.


فاعاوده يوما ويومين وثلاثه، فتاره يجيب، وتاره يقول:
هذا قد عجزت عن جوابه.


والشيخ برهان الدين محمد بن محمد بن محمد النسفى،
الحنفى، ت 687 ه، صاحب التصانيف فى التفسير والاصول
والجدل.


والشيخ صالح بن عبداللّه بن جعفر، ابن الصباغ، الحنفى،
المولود سنه 639 ه، الفقيه الاديب المتصوف، وغيرهم.


وكانت له مع القاضى البيضاوى الشيرازى، صاحب التفسير،
المتوفى 685 ه مكاتبات تفصح عن الخلق الاسلامى والعلمى
النبيل، ومن تلك المكاتبات، كتاب بعثه البيضاوى فصدره
بقوله: مولانا جمال الدين، ادام اللّه فواضلك، انت امام
المجتهدين فى علم الاصول..


فاجابه ابن المطهر بكتاب استهله بقوله: وقفت على افاده
مولانا الامام ادام اللّه فضائله، واسبغ عليه فواضله..


وله مع اكثر معاصريه من علماء المذاهب الاربعه صلات علميه
واجلال متبادل.


مناظرته علماء المذاهب وتشيع السلطان اثرها :
كان السلطان المغولى محمد - المعروف بخدابنده - قد اعتنق
الاسلام، وتدين بالمذهب الحنفى، ثم حدث ان عرضت له
مساله فجمع لها فقهاء المذاهب الاربعه، فاختلفوا واطالوا
البحث، فلم يرضه ما سمع منهم، فذكر له احد وزرائه عالم
الشيعه ابن المطهر، فقالوا له: ان له مذهبا باطلا.


فقال: حتى يحضر، فبعث اليه، وجمع السلطان علماء المذاهب،
فلما دخل ابن المطهر اخذ نعليه بيده ودخل المجلس، وقال:
السلام عليكم، وجلس عند السلطان ولم يكن السلطان قد رآه
قبلها.


فقالوا للسلطان: الم نقل لك انهم ضعفاء العقول ؟! .


فقال: سلوه عن كل ما فعل.


فقالوا: لم لم تخضع للسلطان وتركت الاداب ؟! .


وكان من مراسم السلطان ان الداخل عليه ينحنى له او يقبل
الارض بين يديه.


فقال: ان رسول اللّه (ص) كان سلطانا وكان يسلم عليه، وقال
اللّه تعالى: (فاذا دخلتم بيوتا فسلموا على انفسكم تحيه من عند
اللّه مباركه طيبه ).


ولا خلاف بيننا وبينكم انه لا يجوز السجود لغير اللّه.


قالوا: لم جلست عند الملك ؟! .


قال: لم يكن مكان غيره.


ثم ساله الملك عن مسالته، فاجابه فيها بجوابه فالزمهم جميعا،
واتسع البحث فتناول مساله الامامه، وكان بين المناظرين
نظام الدين عبدالملك المراغى الشافعى، فافحمهم ابن المطهر
واثبت عقيدته بالادله والبراهين القاطعه، فشهد نظام الدين
بفضله، واعجب السلطان بما سمع منه، فاعلن تشيعه فى ذلك
المجلس، واقام مذهب اهل البيت(ع)، وخطب باسمائهم،
وضربت باسمائهم السكه.


ثم عزز مكانه ابن المطهر، واجرى بخدمته (المدرسه السياره)
تتنقل معه فى انحاء البلاد فيخطب ويعلم ويدرس ويولف،
فكان رائد الاصلاح الدينى فى عصره.


ومع ذلك لم ينس
السلطان علماء المذاهب الاخرى ولم يبخسهم حقهم احتراما
للعلم والدين، وقد شهد المورخون له بالعدل وحسن السيره
واستقرار بلاد الاسلام مده حكمه، فلما توفى عاد طيش
المغول وسفكهم للدماء.


ابن المطهر والسيد الموصلى فى مجلس السلطان :
بعد الفراغ من المناظره الاولى وتشيع السلطان محمد، خطب
ابن المطهر فى ذلك المجلس خطبه، فحمد اللّه واثنى عليه
وصلى على النبى وآله، وكان فى المجلس سيد موصلى علوى
النسب كان قد افحمه ابن المطهر فى المناظره، فاعترض هنا
عليه وقطع عليه خطبته فقال: ما الدليل على جواز الصلاه
على غير الانبياء ؟ .


قال ابن المطهر: قال تعالى: ( الذين اذا اصابتهم مصيبه قالوا انا
للّه وانا اليه راجعون اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمه ).


قال الموصلى: اى مصيبه اصابت عليا واولاده ليستوجبوا بها
الصلاه ؟ .


فقال ابن المطهر: واى مصيبه اعظم عليهم من كونك وانت
من ابنائهم تفضل عليهم من لا يستحق التفضيل ؟! .


فضحك الحاضرون وخجل الموصلى.


هكذا بكل حكمه ووقار، فلا طعن، ولا فحش، ولا شتائم، ولا
سباب ! .


خصوم ابن المطهر : name="link76">
يعد ابن المطهر - من بين علماء الاماميه - اول من استخدم
الاصطلاحات الخاصه بتقسيم الحديث الى: الصحيح، والحسن،
والموثق، والضعيف، والمرسل، والمقطوع، وغير ذلك، فتبعه
من بعده الى اليوم.


ثم صنف فى الحديث كتبا كثيره بين فيها درجه كل حديث،
وكتابا جمع فيه الصحاح والحسان فقط، فاشتهر عنه ذلك.


فكان هذا العمل الجديد شديدا على الاخباريين الذين يزعمون
ان جميع ما فى كتب الاخبار صحيح لا يجوز رده ! زعموا هذا
واتخذوه عقيده مع انه لم يقل به احد من علماء الاماميه على
الاطلاق.


من اجل هذا حنقوا عليه حنقا شديدا، وبالغ بعضهم فقال: هدم
الدين مرتين، ثانيهما يوم احدث الاصطلاح الجديد فى الاخبار.


وبالغ بعضهم فقال: بل هو يوم ولد ابن المطهر ! .


ونسجوا تدعيما لقولهم هذا اسطوره من اضغاث الاحلام نسبوها
الى ولده الفقيه الفاضل فخر الدين محمد، وتناقل هذه
الاسطوره بعض من ترجم له من غير ان يدرك ابعادها ! .


فقالوا: ان ولده رآه فى المنام بعد موته فساله عن حاله، فقال:
لولا كتاب الالفين وزياره الحسين لقصمت الفتوى ظهر ابيك
نصفين ! .


قال السيد محسن الامين: فيما حكاه محمد امين الاسترآبادى
- الاخبارى - فى كتابه (الفوائد المدنيه): ان بعض مخالفى
الاماميه تشبث بهذا المنام، فقال: ان العلامه الذى هو افضل
علمائكم يقول هكذا، فعلم ان مذهبكم باطل ! .


فاجابه بعض الافاضل بان هذا المنام لنا، لا علينا، فان كتاب
الالفين يشتمل على الف دليل لاثبات مذهبنا، والف دليل
لابطال مذهب غيرنا.


واضاف السيد محسن الامين قائلا: كما تشبث بهذا المنام الملا
محمد امين الاسترآبادى الاخبارى المذكور بحمل ذلك المنام
على تاليف العلامه فى اصول الفقه الذى لا يرتضيه الاخباريه.


واضاف السيد محسن الامين: ونحن نقول: ان هذا المنام
مختلق مكذوب على العلامه، ولا يستند الى المنامات الا ضعفاء
العقول، او من يروجون بها نحلهم واهواءهم.


ومن هنا لا يستبعد ان يكون هولاء الخصوم وراء ضياع مولفات
ابن المطهر الرائعه فى الحديث.


وفاته :
توفى العلامه ابن المطهر ليله السبت، الحادى والعشرين من
محرم الحرام سنه 726 ه فى بلدته (الحله السيفيه) ونقل
جثمانه الى النجف الاشرف، فدفن فى حجره عن يمين الداخل
الى الحضره العلويه الشريفه، وقبره معروف مزور الى اليوم.


خلاصه:
هذا هو علامه الشيعه ابن المطهر الحلى، الطرف العراقى
العلوى لذاك الصراع، وقد ظهرت له من خلال تعريفه عده
مزايا، منها: شهرته بحسن الاخلاق ورياضتها، وذكاوه المفرط،
وعلمه الموسوعى، وغزاره تصنيفه وتنوعه وسرعته، وتصنيفه
المنهجى لسائر المراحل الدراسيه فى شتى ابواب العلوم
الاسلاميه.


وقد مثل ابن المطهر ايضا مرحله هامه وبارزه فى تاريخ الفكر
الشيعى على ثلاثه ميادين:
الاول : الحديث وعلومه.


الثانى : علم الاصول.


الثالث : الاصلاح الدينى ونشر مذهب اهل البيت(ع)، وكان ابن
المطهر بعد ذلك اول عالم شيعى يتبعه السلطان فيجد امامه
الابواب مفتحه للمناظرات الحره، والحوار الحر، والتاليف الحر،
والعمل الحر، حتى توفى السلطان محمد وعاد المغول الى
حالهم الاول فى الظلم والفساد، فانحسر نشاطه وعاد الى بلدته
الحله وقصر عمله على التدريس والتاليف، ولم يخرج من بلدته
الا حاجا حتى وافاه الاجل.


وفى تاريخ الفكر الاسلامى عامه كان ابن المطهر صاحب اوسع
موسوعه اسلاميه فى الفقه المقارن، اسماها ( منتهى المطلب
فى تحقيق المذهب ) التى زخرت بالفقه الاستدلالى ايضا
اضافه الى ضمها اقوال مشاهير الفقهاء من الصحابه والتابعين
وائمه المذاهب فى كل مساله من المسائل.


الفصل الثانى- منهاج السنه
الكتاب وردود الفعل
نظره عامه فى بطون الكتاب
الكتاب وردود الفعل
لهذا الكتاب قصه واصداء كما اسلفنا.


فبدء تاليفه كان رده فعل عنيفه احدثتها اصداء كتاب الف فى
العراق فى حياه ابن تيميه، فذاع صيته فى الافاق ونقلت نسخه
من بلد الى بلد ! .


والكتاب هو (منهاج الكرامه فى اثبات الامامه) كتبه عالم
الشيعه الاماميه الحسن بن يوسف بن المطهر الحلى.


فعكف الشيخ ابن تيميه على التاليف فى الرد عليه، فكتب كتابه
هذا الذى اسهب فيه واطال، واسماه (منهاج السنه النبويه فى
نقض كلام الشيعه والقدريه)، وعرف فى ذلك الوقت باسم (الرد
على الرافضى).


ووقع هذا الكتاب فى ايدى الكبار من اهل العلم والمعرفه، فماذا
قالوا فيه ؟ .


لا شك ان منهم من يوافق ابن تيميه فى الرد على الشيعه،
ولكن حتى هولاء لم يخفوا دهشتهم لما انزلق فيه ابن تيميه
من كلام خطير.


واهم من تكلم فيه من هذا الفريق رجلان، هما: امام الشافعيه
على بن عبدالكافى السبكى، وابن حجر العسقلانى.


فماذا قال السبكى ؟ .


قرا السبكى هذا الكتاب بعد وفاه مولفه ابن تيميه، فوصفه فى
ابيات من الشعر ابتداها فى الطعن على ابن المطهر والثناء على
ابن تيميه لرده عليه، فقال:
وابن المطهر لم تطهر خلائقه
داع الى الرفض غال فى تعصبه
ولابن تيميه رد عليه به
اجاد فى الرد واستيفاء اضربه
ثم بعد هذا يصف طرفا من عقيده ابن تيميه التى بثها فى
فصول هذا الكتاب، فيقول:
لكنه خلط الحق المبين بما
يشوبه كدرا فى صفو مشربه
يحاول الحشو انى كان فهو له
حثيث سير بشرق او بمغربه
يرى حوادث لا مبدا لاولها
فى اللّه ! سبحانه عما يظن به
لو كان حيا يرى قولى ويفهمه
رددت ما قال اقفو اثر سبسبه
فهو اذن مزج الحق بالباطل، فتحول صفاء الحق كدرا بما
خالطه من باطل ! .


ثم يذكر صنفين من هذا الباطل:
اولهما : الحشو، فى اتباع اخبار الحشويه الذين ينقلون الاحاديث
من غير فقه، فهو يتتبعها ويجهد فى جمعها من اجل ان يعزز
رايه وعقيدته.


والثانى : شذوذ عقيدته فى الصفات، وما ينسبه الى اللّه تعالى
منها، وقد تنزه عنها البارى جل جلاله، سبحانه عما يظن به.


وقبل ان نغادر السبكى نقف على ابيات رائعه لا بد من وقفه
عليها.


ابيات رائعه بما حملته من بعد علمى كبير، وادب اسلامى
رفيع، فى دعوه الى اتباع الحق والدليل، بعيدا عن التعصب
والطعن والشتم والسباب.


ابيات نظمها السيد محسن الامين ردا على السبكى فى بيتيه
الاولين الذين يذكر فيهما ابن المطهر فينال منه ويسمه
بالرفض ويمتدح ابن تيميه فى الرد عليه رغم ما يجده عنده
من اخطاء عقائديه خطيره، فيقول السيد محسن الامين:
لا تتبع كل من ابدى تعصبه
لرايه نصره منه لمذهبه
بالرفض يرمى ولى الطهر حيدره!
وذاك يعرب عن اقصى تنصبه
كن دائما لدليل الحق متبعا
لا للذى قاله الاباء، وانتبه
وابن المطهر وافى بالدليل فان
اردت ادراك عين الحق فائت به
ان السباب سلاح العاجزين، وبا
برهان - ان كان - يبدو كل مشتبه
والشتم لا يلحق المشتوم تبعته
لكنه عائد فى وجه صاحبه
وابن المطهر قد طابت خلائقه
داع الى الحق، خال من تعصبه
حسب ابن تيميه ما كان قبل جرى
له وعاينه من اهل مذهبه!
وماذا قال ابن حجر العسقلانى ؟ .


نقد ابن حجر هذا الكتاب من الزاويه التى كان اكثر تاثرا بها،
فلما كان تخصصه الغالب عليه هو الرجال والحديث، قال:
طالعت الرد المذكور - رد ابن تيميه على ابن المطهر -
فوجدته كما قال السبكى فى الاستيفاء، لكن وجدته كثير
التحامل الى الغايه فى رد الاحاديث التى يوردها ابن المطهر !
وان كان معظم ذلك من الموضوعات والواهيات، لكنه رد فى
رده كثيرا من الاحاديث الجياد، التى لم يستحضر حاله
التصنيف مظانها لانه كان لاتساعه فى الحفظ يتكل على ما فى
صدره والانسان عامد للنسيان ! .


قال: وكم من مبالغه لتوهين كلام (الرافضى) ادته احيانا الى
تنقيص على(رضى اللّه) !! .


فاضافه الى الافتين اللتين ذكرهما السبكى، وكانتا:
1 - الحشو.


2 - التشبيه والتجسيم.


يكشف لنا ابن حجر عن آفات اخر، هى:
1 - كثره التحامل الى الغايه.


2 - رده الكثير من الاحاديث الجياد.


3 - تنقيصه عليا (ع) ! .


تلك نبذه من خفايا هذا الكتاب نقلناها عن ابرز من تكلم فيه
من علماء اهل السنه.


فماذا عن علماء الشيعه ؟ .


كتب غير واحد من اعلام الشيعه كتابا مستقلا مفصلا فى الرد
على كتاب ابن تيميه، والمعروف منها كتابان:
الاول: (منهاج الشريعه) - فى الرد على منهاج السنه - للسيد
مهدى بن صالح القزوينى، الفه فى سنه 1318 ه.


والثانى: (اكمال المنه فى نقض منهاج السنه) - للسيد سراج
الدين الحسن بن عيسى اليمانى اللكهنوى.


وهناك ايضا ردود متفرقه، منها ردود الامينى فى كتابه
(الغدير)، وردود الشيخ المظفر فى كتابه (دلائل الصدق).


والاهم فى الموضوع: ماذا كان جواب ابن المطهر نفسه ؟ .


لقد عرض الكتاب على ابن المطهر، فرآه مفتتحا بالشتائم
والسباب، مشحونا بالحشو والمغالطات، فماذا كان جوابه ؟ .


قال ابن حجر العسقلانى: كان ابن المطهر مشتهر الذكر حسن
الاخلاق، ولما بلغه كتاب ابن تيميه قال: لو كان يفهم ما اقول
اجبته.


هذا كل ما قاله ابن المطهر ردا على ابن تيميه ! .


ونقل ابن حجر العسقلانى فى (الدرر الكامنه) كلاما آخر، قال
فيه:
لما وصل اليه - اى ابن المطهر - كتاب ابن تيميه فى الرد
عليه، كتب ابياتا اولها:
لو كنت تعلم كل ما علم الورى
طرا لصرت صديق كل العالم
لكن جهلت فقلت ان جميع من
يهوى خلاف هواك ليس بعالم
والاصح ان هذين البيتين ليسا فى الرد على الكتاب، وانما بعث
بهما اليه لما كان يبلغه ان ابن تيميه ينال منه ويشتمه فى
المجالس.


ويويد هذا الترجيح قرينتان:
اولاهما : المعنى الظاهر فى البيتين، فليس فيهما اكثر من
الاشاره الى تحامل وتهجم صدرا من الرجل لشده اعجابه
بنفسه ومعلوماته، اعجابا مصدره النقص فى العلم والمعرفه.


والثانيه : ما ذكره ابن عراق المصرى فى قصه البيتين، قال: ان
الشيخ تقى الدين ابن تيميه كان معاصرا للشيخ جمال الدين
ابن المطهر ويتكلم على الشيخ فى غيابه، فكتب اليه الشيخ
جمال الدين: (لو كنت تعلم..


) وذكر البيتين.


ومن هنا يظهر ان كل الذى قاله ابن المطهر فى رده على ابن
تيميه هى تلك الكلمه الوجيزه، كلمه الحكيم الم-تئد: (لو كان
يفهم ما اقول اجبته)! .


نظره عامه فى بطون الكتاب
فى هذا الكتاب منعطفات كثيره، وشطحات خطيره ممتده مع
امتداد سيله الهائج، منتشره على انحاء مسيله المتعرج:
فيه جراه على الكتاب والسنه لا نظير لها.


فيه صدود عن اهل البيت(ع) وجحد لفضلهم واستنقاص
جرى ء لمنزلتهم.


وفيه قدره غريبه على قلب الحقائق الثابته او التنكر لها.


وفيه مشاهد تدهش لبعضها، وتضحك من بعضها، وترتعد
فرائصك من بعضها الاخر.


واذا طويت الجزء الاول منه وبعضا من الجزء الثانى، تجد اسهابا
فى كلام لا يصلح ردا على ابن المطهر، وانما هو استعراض
طويل لما جمعه من كلام فى عقائد الفرق وآراء الفلاسفه، وبعد
ان يمضى فى ذلك عشرات الصفحات يصل الى نتيجه هى من
اوليات العقيده عند جميع من يذكرهم من فرق وفلاسفه،
فيقول فى صفحه 110: (فتبين حدوث كل ما سوى اللّه تعالى
على كل تقدير، وهو المطلوب)!.


وهو فى اثناء ذلك كله ينتصر لخصمه، وينتهى فى كل فقره الى
تصويب ما قاله ابن المطهر حين ابطل عقائد القدريه والجهميه
والاشعريه والجبريه واقوال ابن سينا وابن رشد، فوافق ابن
المطهر فى ذلك كله، ثم صرح بموافقته فى اوائل الجزء الثانى،
فقال: (والذين اثبتوا قدرته (تعالى) ومشيئته وخلقه، وعارضوا
امره ونهيه ووعده ووعيده، شر من اليهود والنصارى كما قال
هذا المصنف: فان قولهم يقتضى افحام الرسل).


وهو لا ينسى ابدا الخوض فى الكلام فى الصفات، وتكرار القول
فى اثبات الجهه، وينقل فى ذلك تصورا ساذجا للعالم وكانه
محاط بجهات اربع ثابته، واحده منها فوق، وان العرش فيها،
واللّه تعالى على العرش.


ويطيل الكلام فى هذه العقيده، ويستدل عليها بتجسيم اليهود
ووصفهم اللّه تعالى بالاعضاء والاطراف، ثم يجعل قوله تعالى: (
وما قدروا اللّه حق قدره ) تثبيتا لعقيدتهم تلك لا ردا عليها.


ذلك التصور الساذج للكون لم يخف على من هو اقدم منه، فقد
عرف المسلمون كرويه الكون قبل ابن تيميه بزمن ليس
بالقليل، ومهما خفى فلا يخفى عليه قول الرازى فى تفسيره:
ان العالم كره، فالجهه التى هى فوق بالنسبه الينا، هى تحت
بالنسبه الى ساكنى ذلك الجانب الاخر من الارض، وبالعكس،
فلو كان المعبود مختصا بجهه، فتلك الجهه وان كانت فوقا
لبعض الناس لكنها تحت لبعض آخرين.


ويمضى ابن تيميه قدما فى وصف العرش والاستواء، مدافعا عن
روايه عبداللّه بن خليفه (ما يفضل من العرش اربع اصابع)
فقال: يروى بالنفى وبالاثبات، ولفظ النفى لا يرد عليه شى ء.


وتمام حديث عبداللّه بن خليفه هذا نصه: (ان كرسيه وسع
السماوات والارض، وانه ليقعد عليه فما يفضل منه مقدار اربع
اصابع، وان له اطيطا كاطيط الرحل الجديد اذا ركب، من
ثقله).


علما ان هذا الحديث ليس فى الصحاح ولا غيرها من السنن
المعتبره، وعبداللّه بن خليفه تفرد به، فرفعه مره واسنده الى
عمر مره، ولم يروه عن عمر غيره، ولا رواه عنه الا ابو اسحاق،
ولا عن ابى اسحاق الا اسرائيل، فهو غريب فى جميع مراتبه.


وعبداللّه بن خليفه، الراوى الوحيد لهذا الحديث، هو الهمدانى
الكوفى وقد اختلفوا فيه، فحين ذكره ابن حبان فى الثقات، قال
فيه ابن حجر: مقبول، اما الذهبى فقال: لا يكاد يعرف.


واما الذى وجهه الى الشيعه الاماميه فى هذا الكلام الطويل،
فهو وصفه قدماءهم بالقول بالتجسيم ومتاخريهم بتقليد
المعتزله.


وهى دعوى باطله لم يستطع ان يدعمها باى دليل
صحيح، بل سرعان ما هدمها بكل يسر وفى كلمه واحده.


فقد ذكر من قدمائهم القائلين بالجسم هشام بن الحكم لا غير،
ولكنه سرعان ما عاد فنزهه من القول بالتجسيم والتشبيه حين
احتاج الى ذلك، فقال: لفظ الجسم فى اصطلاح اهل الكلام اعم
من المعروف عند العرب، وبينهم نزاع فى ما يسمى جسما، هل
هو مركب من الجواهر المنفرده، او هو مركب من الماده
والصوره، او ليس مركب لا من هذا ولا من هذا، كما يقوله اكثر
الناس، وهو قول الهشاميه والكراميه.


وقال: ومن قال انه جسم كهشام بن الحكم وابن كرام، يقولون:
ان حقيقه اللّه تعالى ليست كشى ء من الحقائق، فهم ايضا
ينكرون التشبيه.


وهو فى غير موضع يقول : ان اول من خالف التجسيم من
الشيعه وتكلم فى التوحيد: الشيخ المفيد (413 ه) ثم المرتضى
(436 ه) والطوسى (460 ه).


ففى هذا خطا فاحش.


فقبل هذا
بكثير كان كلام ائمه اهل البيت (ع) فى التوحيد هو المحفوظ
عندهم.


وقد جمع الكثير منه الشيخ الصدوق (381 ه) فى
كتاب اسماه (كتاب التوحيد)، كما جمع كثيرا من كلام الامام
الرضا (ع) فى التوحيد والصفات فى كتابه (عيون اخبار الرضا)،
وقبله صنف الكلينى (328 ه) كتاب التوحيد، ثانى ابواب
(الكافى)، وقبلهم كان ابو اسحاق النوبختى من اعلام القرن
الثالث، الذى كتب (الياقوت فى علم الكلام)، وللعلامه ابن
المطهر شرح لهذا الكتاب مطبوع واسمه (انوار الملكوت فى
شرح الياقوت)، وغير هذا من الكتب المفقوده والمذكوره
اسماوها فى فهرس ابن النديم ورجال النجاشى، كلها غابت عن
الشيخ ابن تيميه.


ويزيد فى الامر غرابه ان المستشرق هنرى كوربن يقول: ان ابا
اسحاق النوبختى هو اول من نظم الفلسفه الاسلاميه فى كتابه
(الياقوت).


ومما يصدمك فى هذا الكتاب الكم الهائل من كلمات السباب
والشتائم، والتكذيب، والمغالطات الكبيره فى الجدل فى
الحديث النبوى الشريف، الذى هو اشبه شى ء بجدل الجاحظ،
فاسلوب الجاحظ وطريقته فى الالتفاف على النصوص، وتزوير
الحقائق، تجده هنا مجسدا مع زياده عليه فى التطويل واللف
والدوران.


مواخذه على ابن المطهر :
يوخذ على ابن المطهر اعتماده بعض مصادر الحديث عند اهل
السنه والاحتجاج بمروياتها دون التحقيق فى صحتها
وموجبات قبولها او ردها.


وانما صنع ذلك - على غير منهجه فى روايات الشيعه - اعتمادا
على ان روايتهم لها هو نوع اقرار ان لم يكن كافيا فى الدلاله
على صحتها، فهو مفيد فى الاحتجاج على الخصم من مصادر
اصحابه ومروياتهم، وذلك ادعى للقبول، وابلغ فى الحجه.


وعلى هذا اسند ابن المطهر احاديث الى تفسير الثعلبى ومناقب
ابن المغازلى والخوارزمى، مع ان مجرد روايه هولاء لها لا تعنى
صحتها ما لم تتوفر فيها شروط الصحه.


ولكن هذا لا يعنى ان كل ما ضعفه الاخرون من احاديث هذه
المصادر هو ضعيف حقا، فاكثر حجه القائلين بالتضعيف ان هذه
الاحاديث لم ترد فى (الصحيحين) ولا فى (السنن المعتبره)،
وهذه بذاتها ليست حجه اصلا، فاصحاب هذه الكتب لم يجمعوا
كل الاحاديث الصحيحه، وقد استدرك الحاكم النيسابورى
على البخارى ومسلم وحدهما فى ما صح عنده على شروطهما
كتابا كبيرا ضم 8803 حديثا.


كما انه لا نزاع بين علماء اهل
السنه على ان فى سنن البيهقى والدارقطنى والحميدى
وعبدالرزاق وابن ابى شيبه الكثير من الاحاديث الصحاح التى
لم يخرجها اصحاب (السنن المعتبره).


واكثر من هذا يقال فى مسند ابن حبان و (المختاره) للضياء
المقدسى، وقد عدهما صاحب كنز العمال مع البخارى ومسلم،
وقال: جميع ما فى هذه الكتب صحيح فالرد اليها معلم
بالصحه.


ومع هذا نعود فنقول : ان فى تلك الكتب من الاحاديث ما هو
بين الضعف، ومنها ما هو موضوع تلوح عليه علامات الوضع،
ومنها ما هو باطل مردود بلا ريب، وان الاحتجاج او الاستشهاد
بشى ء من هذا القبيل ليس له وجه حسن.


ومثال ذلك ما اورده العلامه فى استشهاده، نقلا عن تفسير
الثعلبى الذى اسنده الى سفيان الثورى فى قوله تعالى: ( مرج
البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان فباى آلاء ربكما
تكذبان يخرج منهما اللولو والمرجان )، قال: (البحران: على
وفاطمه، والبرزخ: النبى (ص)، واللولو والمرجان: الحسن
والحسين).


فمثل هذا التاويل لم يعتمده علماء الشيعه اطلاقا، ولا هو فى
حديث صحيح ثابت عندهم، وان رواه بعضهم فهو على طريقه
بعض اصحاب الحديث الذين يجمعون ما يبلغهم بدون تمييز
بين الصحيح والسقيم.


قال الشيخ محمد جواد مغنيه فى تفسيره (الكاشف) ما نصه:
نسب الى الشيعه الاماميه انهم يعتقدون بان المراد بالبحرين
على وفاطمه، وبالبرزخ محمد (ص)، وباللولو والمرجان
الحسن والحسين.


وانا بوصفى الشيعى الامامى انفى هذه
العقيده عن الشيعه الاماميه على وجه الجزم والاطلاق، وانهم
يحرمون تفسير كتاب اللّه تفسيرا باطنيا.


واذا وجد فيهم من
يقول بذلك فانه لا يعبر الا عن رايه الخاص.


وفى موضع آخر وبعد ان اشار الى ما يذهب اليه بعض المفسرين
بلا حجه او دليل بين، قال: اما نحن فنقتصر على ما يدل عليه
ظاهر اللفظ، ولا ياباه العقل، غير ملتزمين بقول راو او مفسر الا
على هذا الاساس.


وهذا هو قول علماء الاماميه، وهو الثابت عن اهل البيت(ع)، واما
مثل هذه الروايات الباطنيه فليس فى الصحيح عنهم شى ء
منها، ومهما وجد القارى من امثالها فليس عليه اكثر من ان
يتناول كتب الرجال المعتمده عند الشيعه الاماميه لينظر فى
حال رواتها، فسوف يرى بكل يسر انها من اخبار الموصوفين
بالضعف، او الكذب، او الغلو.


فلو ان ابن تيميه وقف فى طعونه على تضعيف هذا وامثاله لما
كان ملوما، الا انه طعن باحاديث لا يجادل فى صحتها الاهو،
وربما ابن حزم والجاحظ.


وسوف نقف على نماذج من ذلك فى فقرات لاحقه.


وبعد هذه النظره السريعه فى بعض مزايا الكتاب نقف على اهم
ما جاء فيه من مباحث تكشف عن حقيقه عقائد ابن تيميه، مما
ينبغى لكل حر عاقل ان يلم به، كما تكشف عن منهاجه
وطريقته فى البحث عن (الحقيقه) التى لا تعنى عنده الا رايه
الخاص وان كان قد عدم الدليل.


واهم هذه المباحث ثلاثه، ينطوى تحتها جميع ما فى هذا
الكتاب (منهاج السنه)، وهى:
1 - البحث فى الكلام والصفات، وقد ذكرنا منه فى هذه اللمحه
ما فيه الكفايه، فلانعود اليه.


2 - فى تعريف الشيعه، وقد اخفق فيه اخفاقات هائله، نتناول
اهمها فى الفصل الاتى.


3 - فى منزله اهل البيت، وقد جحدها جحودا تحكمت فيه اهواء
امويه لم يستطع اخفاءها مره واحده.


وقدافردنالهاالباب الاخيرمن هذاالكتاب، مقتصرين على الاهم
منهافقط.


الفصل الثالث -اخفاقات ابن تيميه فى تعريف الشيعه كيف عرف name="link83">
الشيعه ؟
الشيعه والطوائف الاسلاميه الاخرى
الشيعه والصحابه
كيف عرف الشيعه؟
تبا لها وتعسا، تلك العصبيه الرعناء.


تعسا لها من داء وخيم
يجعل الفحول الكبار اقزاما صغارا يتعثرون على حافات الطريق،
تدمى اقدامهم، وتتهرا ثيابهم، وتتكدح ركبهم واكفهم، بل
جباههم وآنافهم ! .


وفى لجه هذه الظلمات يرى المسكين ان هذه الحال احب اليه
من موافقه الخصم على الحق المبين.


فكيف سترى الشيخ ابن تيميه، ذاك الذى ما خالطه ملل او
كلل، وما فتى يعنف على التمسك بالحديث الضعيف، ويشهر
بمن اورده فى شى ء من الكلام، كيف ستراه هنا وهو يواجه
الشيعه ؟ .


انك سترى رجلا آخر، سترى ابن تيميه وهو يتحصن بالواهيات،
ويحشو اس حصنه بما يشهد عليه بنفسه انه لا حظ له من
الصحه، ولا سبيل الى دفع شبهه الوضع عنه، ثم يقيم عليه
كلاما اشد تهافتا، ينقض بعضه بعضا، من حيث يدرى او لا
يدرى، لكنها وسيلته الوحيده فى مواجهه خصمه.


فاقرا فى اول تعريفه للشيعه فى ديباجه كتابه، وفى صفحاته
الاولى، هذين القولين:
الاول : جعله المذهب الشيعى من تاسيس عبداللّه بن سبا، وقد
ذكر ذلك فى غير موضع، فقال فى ثانى صفحات ديباجته: اذا
كان اصل المذهب من احداث الزنادقه المنافقين الذين عاقبهم
فى حياته على امير المومنين (رضى اللّه)، فحرق منهم طائفه
بالنار، وطلب قتل بعضهم ففروا من سيفه البتار.


ولكنه ذكر فيما بعد ما ينافى هذا الكلام، فقال فى اواخر الجزء
الثالث: اما الفتنه فانما ظهرت فى الاسلام من الشيعه..


فاول
فتنه كانت فى الاسلام قتل عثمان.


وقال: وسعوا - اى الشيعه - فى قتل عثمان، وهو اول الفتن.


فالشيعه اذن موجودون فى عهد عثمان، ولهم من العدد والقوه
ما مكنهم من قتل الخليفه بناء على هذا الكلام، وهذا لا يتيسر
فى اعوام قليله وخصوصا فى ذلك الزمن، فلا بد ان يكون
وجودهم اقدم من هذا بكثير.


ومن المعلوم الثابت ان دعوه ابن سبا انما ظهرت ايام امير
المومنين على (ع) كما ذكره اولا، وهذا اول التناقض.


واذا كان ابن سبا قد دعا دعوته الباطله ايام عثمان (رضى اللّه)
فكان الواجب على الخليفه ان يعجل اقامه الحد عليه كما فعل
الامام على (ع).


اما كون مقتل عثمان اول الفتن فلا يقوله من له علم بتاريخ
الاسلام، الا لهوى او عصبيه، وانما هى فتنه سبقتها فتن.


واما اسباب هذه الفتنه فانما كانت احداث اثارت عليه غضب
الصحابه وابنائهم، وعلى هذا اتفقت كلمه اصحاب التاريخ، ومن
تلك الاحداث:
1 - تقديمه بنى اميه، واستئثار هولاء باموال المسلمين
وحقوقهم استئثارا فاحشا.


2 - خلافه مع عبداللّه بن مسعود (رضى اللّه) الذى جر الى
ضرب عبداللّه بن مسعود فى مجلسه، وتسبب ذلك فى وفاته،
فانحرفت هذيل عن عثمان لاجله.


3 - ما حدث له مع عمار بن ياسر (رضى اللّه)، وضرب عمار فى
مجلسه، وانحراف بنى مخزوم عن عثمان لاجله.


4 - نفيه ابا ذر (رضى اللّه) الى الشام، ثم رده الى المدينه، ثم
نفيه الى الربذه ليعيش وحيدافى ارض لم يسكنها بشر حتى
توفى.


5 - استعمال الوليد بن عقبه بن ابى معيط على الكوفه، وهو
مشهور بالسكروالفسوق، وقد سجن الصحابى جندب بن كعب
ليقتله، ففر من السجن الى بلاد الروم.


6 - ايواء الحكم بن ابى العاص وابنه مروان، طريدى رسول
اللّه(ص)، واتخاذه مروان امينا له فى مجلسه.


7 - الكتاب الذى بعثه مروان الى اهل مصر ليقتلوا محمد بن
ابى بكر ومن معه ممن بعثهم عثمان الى هناك ، فكتب مروان
كتابا ختمه بخاتم الخليفه وارسله مع غلام الخليفه، يامر اهل
مصر بقتلهم والتمثيل بهم، فادركوه واستخرجوا منه
الكتاب فلما راوا ما فيه، عادوا من هناك ناقمين على عثمان
حتى اتموا حصاره.


ولا يستطيع احد ان ينكر ما اثبته التاريخ من تحريض ام
المومنين عائشه على عثمان، وقولها: (اقتلوا نعثلا فقد كفر)،
وتحريض طلحه والزبير وبثهما الكتب الى الامصار يحرضان
على عثمان، وقد اخرج لهما اهل البصره هذه الكتب يوم
الجمل، وقالوا لطلحه: اتعرف هذا الكتاب ؟ قال: نعم.


قالوا: فما ردك على ما كنت عليه، وكنت بالامس تكتب الينا
تولبنا على قتل عثمان، وانت اليوم تدعونا الى الطلب بدمه ؟!.


فاما عثمان فقد راى ان طلحه هو راس هذه الفتنه، فدعا عليه
وهو محصور فى بيته، فقال: (هذا ما امر به طلحه، اللهم اكفنى
طلحه فانه حمل على هولاء والبهم على، واللّه انى لارجو ان
يكون منها صفرا، وان يسفك دمه).


تلك هى فتنه مقتل عثمان، وتلك اسبابها.


اما ذاك اليهودى ابن اليهودى عبداللّه بن سبا فهو احقر بكثير
من ان يستدرج كبار الصحابه الى ما هو ادنى من ذلك بكثير.


ولعمر الحق لقد افنى ابن تيميه كل ما يذكره من فضائل
الصحابه حين يجعل هذا اليهودى واتباعه سببا فى هذا النزاع
وقاده له.


فهل يكون ابن سبا هو الذى حرض عائشه وطلحه والزبير وابا
ذر وعمار وعبداللّه بن مسعود ومئات الصحابه الذين نقموا على
عثمان تلك الاحداث ؟! .


انها من المهازل التى لا تنطلى على احد.


اثر اليهود فى هذه الفتنه :
نعم، ان لليهود اثرا فى هذه الفتنه، ولكن ليس كما ذكر ابن
تيميه.


فالسبب الاول فى محنه ابى ذر كان رجلا من اليهود.


والسبب المهم فى غليان الكوفه على الوليد بن عقبه، كان
رجلا من اليهود !
فوراء محنه ابى ذر كان اليهودى الذى اسلم حديثا، كعب
الاحبار، وفى مجلس الخليفه عثمان بن عفان، حيث كان
عثمان يستشير الصحابه فى اشياء، فيسبقهم كعب الاحبار برايه
دون ان ياذن لاحد بجواب، فثار ابو ذر ودفع فى صدره، وقال
له: كذبت يا ابن اليهودى.


فلم ينته كعب، فجدد عثمان مساله،
فقال: اترون باسا ان ناخذ مالا من بيت مال المسلمين فننفقه
فى ما ينوبنا من امورنا ونعطيكموه ؟
فقال كعب الاحبار: لا باس بذلك.


فرفع ابو ذر عصاه فدفع بها صدره، وقال: يا ابن اليهودى، ما
اجراك على القول فى ديننا !! .


فقال عثمان لابى ذر: ما اكثر اذاك لى ! غيب وجهك عنى فقد
آذيتنى.


فخرج ابو ذر الى الشام، وبقى ابن اليهودى فى العاصمه !
ومحنه الصحابى الاخر جندب بن كعب الازدى مع الوليد بن
عقبه والى عثمان على الكوفه واخيه لامه، كان مفتاحها
اليهودى الساحر، الذى استدعاه الوليد بن عقبه الى المسجد
يلعب بالاعيبه السحريه، فقام اليه جندب فضربه ضربه فقتله،
ثم قال له : احى نفسك ! ثم قرا: ( اتاتون السحر وانتم تبصرون
).


ثم قال للوليد: سمعت رسول اللّه (ص) يقول: (حد الساحر
ضربه بالسيف).


فاراد الوليد قتل جندب ثارا للساحر اليهودى، فقامت عليه
الازد، فحبسه ليقتله غيله، فعلم السجان بذلك فاتاه ليلا فقال
له: انج بنفسك.


قال جندب: تقتل بى ! فقال: ليس ذلك بكثير فى مرضاه اللّه
والدفع عن ولى من اولياء اللّه.


فلما اصبح الوليد دعا به فلم
يجده فضرب عنق السجان وصلبه بالكناسه.


واما جندب فهرب
الى ارض الروم.


وفى قصه جندب انشد اخوه:
افى مضرب السحار يحبس جندب
ويقتل اصحاب النبى الاوائل
ولليهود يد اخرى فى هذه الفتنه ! .


فالوليد بن عقبه هذا الوالى نفسه هو من سلاله اليهود ايضا،
وهذا مما قد لا يعرفه الان الا القليل، لكن الاولين يعرفونه،
فجده ذكوان كان عبدا لاميه فاستلحقه فصار يقال: ذكوان بن
اميه.


فمن اين جاء هذا العبد ؟ .


عقيل بن ابى طالب العارف بقريش وانسابها يجيب عن هذا
السوال امام الوليد وفى مجلس الخليفه اخيه لامه، يوم اتى
بالوليد ليقام عليه الحد لشربه الخمر وهو يجادل، فقال له
عقيل: انك لتتكلم يا ابن ابى معيط كانك لا تدرى من انت !
وانت علج من اهل صفوريه ؟ وصفوريه من مدن اليهود فى بلاد
الاردن، فكانوا يذكرون ان آباء الوليد من يهود صفوريه.


/ 12