حق المخلوقين
من عهد الامام "ع" الى مالك الاشتر: و أشعر قلبك الرّحمة للرّعيّة، و المحبّة لهم و اللّطف بهم، و لا تكوننّ عليهم سبعا ضاريا، تغتنم أكلهم، فإنّهم صنفان: إمّا أخ لك في الدّين، أو نظير لك في الخلق. "الخطبة 292، 1، 518"
حق المستضعفين و أهل الذمة
من عهد الامام "ع" لمالك الاشتر:
و اعلم أنّ الرّعيّة طبقات لا يصلح بعضها إلاّ ببعض، و لا غنى ببعضها عن بعض:
فمنها جنود اللّه، و منها كتّاب العامّة و الخاصّة، و منها قضاة العدل، و منها عمّال الإنصاف و الرّفق، و منها أهل الجزية و الخراج من أهل الذّمّة و مسلمة النّاس، و منها التّجار و أهل الصّناعات، و منها الطّبقة السّفلى من ذوي الحاجة و المسكنة، و كلّ قد سمّى اللّه له سهمه "أي نصيبه من الحق". و وضع على حدّه فريضة في كتابه أو سنّة نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عهدا منه عندنا محفوظا. "الخطبة 292، 2، 522"
الى أن يقول "ع": ثمّ الطّبقة السّفلى من أهل الحاجة و المسكنة، الّذين يحقّ رفدهم و معونتهم، و في اللّه لكلّ سعة، و لكلّ على الوالي حقّ بقدر ما يصلحه. "الخطبة 292، 2، 523"
و يتابع الامام "ع" كتابه لمالك الأشتر قائلا: ثمّ اللّه اللّه في الطّبقة السّفلى من الّذين لا حيلة لهم من المساكين و المحتاجين و أهل البؤسى و الزّمنى "أي أصحاب العاهات المانعة من الكسب"، فإنّ في هذه الطّبقة قانعا "أي سائلا" و معترّا "أي يعطى بلا سؤال".
و احفظ للّه ما استحفظك من حقّه فيهم، و اجعل لهم قسما من بيت مالك، و قسما من
غلاّت صوافي الإسلام في كلّ بلد، فإنّ للأقصى منهم مثل الّذي للأدنى، و كلّ قد استرعيت حقّه، فلا يشغلنّك عنهم بطر، فإنّك لا تعذر بتضييعك التّافة، لإحكامك الكثير المهمّ. فلا تشخص "أي لا تصرف" همّك عنهم، و لا تصعّر خدّك لهم، و تفقّد أمور من لا يصل إليك منهم ممّن تقتحمه العيون، و تحقره الرّجال. ففرّغ لأولئك ثقتك من أهل الخشية و التّواضع، فليرفع إليك أمورهم، ثمّ اعمل فيهم بالإعذار إلى اللّه يوم تلقاه، فإنّ هؤلاء من بين الرّعيّة أحوج إلى الإنصاف من غيرهم، و كلّ فأعذر إلى اللّه في تأدية حقّه إليه. و تعهّد أهل اليتم و ذوي الرّقّة في السّن ممّن لا حيلة له، و لا ينصب للمسألة نفسه، و ذلك على الولاة ثقيل "و الحقّ كلّه ثقيل". و قد يخفّفه اللّه على أقوام طلبوا العاقبة فصبّروا أنفسهم، و وثقوا بصدق موعود اللّه لهم. "الخطبة 292، 3، 531"
حق المسلم
يراجع المبحث "229" حق الملكية.
و من كلام قاله "ع" للخوارج يبيّن فيه أن المسلم الفاسق لا يفقد حقوقه كمسلم رغم فسقه: و قد علمتم أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، رجم الزّاني المحصن ثمّ صلّى عليه، ثمّ ورّثه أهله. و قتل القاتل و ورّث ميراثه أهله. و قطع السّارق و جلد الزّاني غير المحصن، ثمّ قسم عليهما من الفي ء، و نكحا المسلمات. فاخذهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، بذنوبهم، و أقام حقّ اللّه فيهم، و لم يمنعهم سهمهم من الإسلام،
و لم يخرج أسماءهم من بين أهله. "الخطبة 125، 237"
و قال "ع" عن حرمة المسلم: الفرائض الفرائض. أدّوها إلى اللّه تؤدّكم إلى الجنّة. إنّ اللّه حرّم حراما غير مجهول، و أحلّ حلالا غير مدخول، و فضّل حرمة المسلم على الحرم كلّها. و شدّ بالإخلاص و التّوحيد حقوق المسلمين في معاقدها. فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه و يده إلاّ بالحقّ. و لا يحلّ أذى المسلم إلاّ بما يجب. "الخطبة 165، 301"
حق المرأة
و من وصية له "ع" لعسكره قبل لقاء العدو بصفين: و لا تهيجوا النّساء بأذى. و إن شتمن أعراضكم و سببن أمراءكم، فإنّهنّ ضعيفات القوى و الأنفس و العقول، إن كنّا لنؤمر بالكفّ عنهنّ و إنّهنّ لمشركات. و إن كان الرّجل ليتناول المرأة في الجاهليّة بالفهر "حجر يدق به الجوز" أو الهراوة "العصا" فيعيّر بها و عقبه من بعده. "الخطبة 253، 453"
حق الآباء و الابناء
و قال "ع" عن حق الوالد على الولد و حق الولد على أبيه: إنّ للولد على الوالد حقا، و إنّ للوالد على الولد حقّا. فحقّ الوالد على الولد أن يطيعه في كلّ شي ء، إلاّ في معصية اللّه سبحانه. و حقّ الولد على الوالد أن يحسّن اسمه، و يحسّن أدبه، و يعلّمه القرآن. "399 ح، 647"
حق القرابة و الرحم
يراجع المبحث "245" معاملة الاهل و ذوي القربى.
قال الامام علي "ع":
ألا لا يعدلنّ أحدكم عن القرابة يرى بها الخصاصة، أن يسدّها بالّذي لا يزيده إن أمسكه، و لا ينقصه إن أهلكه. "الخطبة 23، 69"
و صلة الرّحم فإنّها مثراة في المال، و منسأة في الأجل. "الخطبة 108، 213"
فمن آتاه اللّه مالا فليصل به القرابة، و ليحسن منه الضّيافة، و ليفكّ به الأسير و العاني،
و ليعط منه الفقير و الغارم. "الخطبة 140، 253"
حق الفقراء في أموال الاغنياء
'يراجع الفصل "28" نظام المال و الاقتصاد المبحث "236"'.
الانسان و شؤونه
و يتضمن:
الفصل 32: تكوين الانسان: الجسمي و النفسي
الفصل 33: الانفعالات و الحاجات الجسدية
الفصل 34: أحوال الانسان في الحياة
الفصل 35: المال و العمل
الفصل 36: الاخلاق و الآداب
الفصل 37: التأديب و التربية
الفصل 38: العلم و العلماء
الفصل 39: علوم الدين و اللغة
الفصل 40: علوم الطبيعة
الفصل 41: علوم الطب
التكوين الجسمي و النفسي للانسان
خلق الانسان
قال الامام علي "ع":
جعل لكم أسماعا لتعي ما عناها، و أبصارا لتجلو عن عشاها، و أشلاء جامعة لأعضائها، ملائمة لأحنائها، في تركيب صورها، و مدد عمرها. "الخطبة 81، 2، 142"
و قال "ع" في صفة خلق الانسان: أم هذا الّذي أنشأه في ظلمات الأرحام، و شغف الأستار، نطفة دهاقا، و علقة محاقا، و جنينا و راضعا، و وليدا و يافعا. ثمّ منحه قلبا حافظا، و لسانا لافظا، و بصرا لاحظا: ليفهم معتبرا... "الخطبة 81، 3، 146"
أيّها المخلوق السّويّ و المنشأ المرعيّ، في ظلمات الأرحام و مضاعفات الأستار.
بدئت من سلالة من طين، و وضعت في قرار مكين، إلى قدر معلوم و أجل مقسوم.
تمور في بطن أمّك جنينا، لا تحير دعاء و لا تسمع نداء. ثمّ أخرجت من مقرّك إلى دار لم تشهدها و لم تعرف سبل منافعها. فمن هداك لاجترار الغذاء من ثدي امّك؟ و عرّفك عند الحاجة مواضع طلبك و إرادتك؟ "الخطبة 161، 290"
اعجبوا لهذا الإنسان، ينظر بشحم، و يتكلّم بلحم، و يسمع بعظم، و يتنفّس من خرم.
"7 ح، 566"
فطرة الانسان
مدخل:
فطرة الانسان هي الارضية التي تحوي ميول الطفل الطيبة و تصوراته الحقة، قبل أن يؤثر عليها زيف المجتمع و أباطيله. فالطفل بفطرته يعتقد بالخالق سبحانه، و يحب الخير و الصدق و الخصال الحميدة، و هذا مؤدى قول النبي "ص": 'يولد الإنسان على الفطرة، فأبواه يهوّدانه أو يمجّسانه'.
و يؤكد الامام "ع" هذه الحقيقة في خطابه لأصحابه، فيبين لهم أنهم يظلون صلحاء وفق فطرتهم، ما لم يشردوا عن تلك الفطرة عامدين و يتبعوا أهواءهم، يقول "ع": 'و خلاكم ذمّ،
ما لم تشردوا'.
النصوص:
قال الامام علي "ع":
عن معرفة اللّه: و اجتالتهم الشّياطين عن معرفته، و اقتطعتهم عن عبادته. فبعث فيهم رسله، و واتر إليهم أنبياءه، ليستأدوهم ميثاق فطرته "يبين الامام عليه السلام في هذا الكلام أن الفطرة التي غرزها اللّه في الانسان و التي يشعر بها بوجود اللّه و وحدانيته و وجوب عبادته، هي ميثاق أخذه اللّه عليه منذ كان في عالم الذر، و انه ليظل على تلك الفطرة ما لم تصرفه الشياطين عنها بوساوس الشهوات". "الخطبة 1، 31"
و قال الامام "ع" عن نفسه: فإنّي ولدت على الفطرة، و سبقت إلى الإيمان و الهجرة. "الخطبة 57، 113"
اللّهمّ داحي المدحوّات "أي الارضين" و داعم المسموكات، و جابل القلوب على فطرتها: شقيّها و سعيدها. "الخطبة 70، 125"
إنّ أفضل ما توسّل به المتوسّلون إلى اللّه سبحانه و تعالى: الإيمان به و برسوله،
و الجهاد في سبيله فإنّه ذروة الإسلام، و كلمة الإخلاص فإنّها الفطرة... "الخطبة 108، 213"
و قال "ع" في وصيته لابنه الحسن "ع": و إنّما قلب الحدث كالأرض الخالية، ما ألقي فيها من شي ء قبلته. فبادرتك بالأدب، قبل أن يقسو قلبك، و يشتغل لبّك. "الخطبة 270، 1، 476"
و قال "ع" عن الولد الصغير: ذو نيّة سليمة، و نفس صافية. "الخطبة 270، 1، 477"
طباع الناس و اختلافها
قال الامام علي "ع":
عن خلق آدم "ع": معجونا بطينة الألوان المختلفة، و الأشباه المؤتلفة، و الأضداد المتعادية، و الأخلاط المتباينة، من الحرّ و البرد، و البلّة و الجمود. "الخطبة 1، 29"
و قال "ع" عن اختلاف الناس: إنّما فرّق بينهم مبادي ء طينهم "يريد تركيبهم". و ذلك أنّهم كانوا فلقة من سبخ أرض "أي قطعة مالحة من الارض" و عذبها، و حزن تربة و سهلها. فهم على حسب قرب أرضهم يتقاربون، و على قدر اختلافها يتفاوتون. فتامّ الرّواء "أي حسن المنظر" ناقص العقل. و مادّ القامة قصير الهمّة. و زاكي العمل قبيح المنظر. و قريب القعر "أي قصير الجسم" بعيد السّبر "أي داهية". و معروف الضّريبة "أي الطبيعة" منكر الجليبة "أي التصنع على خلاف الطبع". و تائه القلب متفرّق اللّبّ. و طليق اللّسان حديد الجنان. "الخطبة 232، 435"
عداوة الضّعفاء للأقوياء، و السّفهاء للحلماء، و الأشرار للأخيار، طبع لا يستطاع تغييره. "حديد 9"
ضعف الانسان: المادي و المعنوي
قال الامام علي "ع":
أفرأيتم جزع أحدكم من الشّوكة تصيبه، و العثرة تدميه، و الرّمضاء تحرقه؟ فكيف إذا كان بين طابقين من نار، ضجيع حجر، و قرين شيطان؟. "الخطبة 181، 332"
ثمّ أداء الأمانة، فقد خاب من ليس من أهلها. إنّها عرضت على السّموات المبنيّة، و الأرضين المدحوّة، و الجبال ذات الطّول المنصوبة، فلا أطول و لا أعرض، و لا أعلى و لا أعظم منها. و لو امتنع شي ء بطول أو عرض أو قوّة أو عزّ لامتنعن، و لكن أشفقن من العقوبة، و عقلن ما جهل من هو أضعف منهنّ، و هو الإنسان إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً. "الخطبة 197، 393"
و النّاس منقوصون مدخولون "أي مغشوشون" إلاّ من عصم اللّه: سائلهم متعنّت،
و مجيبهم متكلّف، يكاد أفضلهم رأيا يردّه عن فضل رأيه الرّضا و السّخط، و يكاد أصلبهم عودا تنكؤه اللّحظة "أي النظرة الى شي ء يشتهيه"، و تستحيله الكلمة الواحدة. "343 ح، 634" مسكين ابن آدم: مكتوم الأجل، مكنون العلل، محفوظ العمل. تؤلمه البقّة، و تقتله الشّرقة، و تنتنه العرقة. "419 ح، 651"
تاثير الصفات الجسمية على الصفات النفسية
قال الامام علي "ع":
الطّرش في الكرام، و الهوج في الطّوال، و الكيس في القصار، و النّبل في الرّبعة،
و حسن الخلق في الحول، و الكبر في العور، و البهت في العميان، و الذّكاء في