• عدد المراجعات :
  • 1464
  • 1/29/2009
  • تاريخ :

الامام الخميني و فصل الدين عن السياسة
الإمام الخميني(قده)

إنّ إشاعة فصل الدين عن السياسة والحكم بحجة الحفاظ على قداسة الدين، والتشكيك في أصالة النظام السياسي المنبثق عن الدين ومشروعيته، والتشكيك في دائرة الاختيارات التي حددها الإمام الخميني للولي الفقيه الحاكم في المجتمع الإسلامي على ضوء آيات القرآن وسنة النبي والأحكام الفقهية والتي جاءت في نصّ الدستور، ومعاهدة الشعب للثورة الإسلامية، وإشاعة ضرورة عزل علماء الدين عن الخوض في الأمور السياسية والتنفيذية بذريعة الحفاظ على قدسيتهم ما هي إلا همهمات يمكن مشاهدة آثارها البارزة في طيات مواضيع وحوارات بعض الصحف والمنشورات والاجتماعات.

وبالنسبة إلى الذين جعلوا من العلمانية الغربية كعبة آمالهم الفلسفية والسياسية ولم يهضموا أبداً مباني و أهداف الإمام والثورة ولم يؤمنوا بها، وفي السابق ختموا أفواههم بالسكوت تحيّناً للفرصة وأخذوا حالياً ببث مكنوناتهم الذهنية بمختلف العناوين لا نترقّب منهم سوى بث بذور الشك واليأس من الثورة. ولكن العجيب من الذين كانوا يدّعون الثورية ونصرة الإمام والذين هم مدينون في شخصهم ووجودهم الاجتماعي لهذه الدعوى وهذه النصرة، كيف يدعمون تيار إعادة النظر في أسس وأركان ومنجزات الثورة من خلال سكوتهم بل وحتى مجارات هذا التيار من خلال تسليمه ما بأيديهم من إمكانات بحجة حرية الكلمة ومطارحة الأفكار؟!.

وكأنّ هؤلاء لا تهمهم تبعات هذا التيار والحقائق المرة التي سمعناها وقرأناها مراراً في تاريخنا الماضي. فلو شُكك اليوم بأهلية الدين ونطاق دخالته ففي الغد سينكر أصل الدين، وإذا قيل حالياً بأنّ الدين مقولة تنحصر بحدود الآخرة والأمور الفردية والعبادية والروحية ففي المستقبل سيتم إنكار أصل وجود هذه الحدود والحاجة إليها، وإذا اُشيع اليوم أمر استقلال الإنسان في مجال الطبيعة وحقه ومقدرته على اتخاذ القرار في جميع شؤونه الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغناه عن الوحي والأحكام الإلهية في هذا الخصوص، ففي المستقبل سوف لا يبقى أثر للدين والإيمان به في جميع المجالات، ولو شكك اليوم في ضرورة تواجد الدين والأفكار الدينية على صعيد الحكومة فغداً ستنكر أحقية النظام المنبثق عن الدين، ولو خضعت اليوم آراء مؤسس الثورة والنظام الإسلامي ومواد الدستور بشأن سلطات وحدود سيطرة الولي الفقيه إلى التساؤل والتشكيك، ففي المستقبل سينكر أصلها وأساسها. ولابدّ من القول ـ ومع الأسف الشديد ـ إنّ همسات هذه التساؤلات تقرع الأسماع حالياً.

نشاهد حالياً أنّ العلمانيين ـ المتلونين بصبغة دينية ـ الذين وجدوا أنفسهم محجّمين في الساحة السياسية قد وظّفوا أقلام التشكيك في المباحث الفلسفية والفكرية والثقافية. وإذا كان تشكيكهم وخلافهم في الأمس يقتصر على إنجازات الثورة الثانية ومواجهة النظام الإسلامي لأمريكا ومشروعية ثمان سنوات من الدفاع المقدّس، وضرورة إصدار الحكم على سلمان رشدي بالارتداد والمواقف السياسية الأخرى للنظام الإسلامي، فإنّ هذا التشكيك قد طال اليوم الأسس والمباني.

إنّ الفوضى الفكرية والثقافية التي تعم مثل هذا الجو تضع فرصة ذهبية بيد الثقافة المعادية، وعندما تُنتهك حرمة التشكيك بالأسس تبدأ الثقافة التي انهزمت سابقاً أمام انتعاش وحيوية واستحكام القيم وأسس الثورة والتي اندحرت في أغلب المواطن والتي اتخذت لنفسها وضعاً دفاعياً بالانتعاش فتنبري، وسيظهر ذلك الجو من الفوضى الفكرية المفعمة بالتشكيك والميل إلى إعادة النظر والاعتقاد بنسبية القيم والأسس التي هي النقطة التي تجمع الحاقدين على الثورة، فيشرع كل من لم يجد مدوحة في هذه السنوات الستة عشرة بعد الانتصار لبث ما في ضميره أمام صلابة القيم التي تحكم المجتمع الثوري، ببث عقده وسيشكل ويتفلسف ليثبت أنّ مواقفه المعارضة كانت على حق وأنّ الثورة قد أنحرفت في تلك القضية وذلك الموقف.

وبذلك يسعى ـ وفي مثل هذا الجوّ ـ إلى التشكيك بجميع إنجازات وقيم الثورة من جهة، ومن جهة أخرى يغتنم الفرصة جميع الذين لم يقرّوا الأسس الاعتقادية والسياسية للثورة أو الذين انحرفوا عنها في منتصف الطريق، فيشيعون العقائد والأسس المناهضة لأسس الثورة الفكرية، والذي يُضحّى به هو أحقية الثورة والقيم المنبثقة عنها، ولا يجني ثمار ذلك غير العدو.

ونحن وإن كنا لا نقول بأنّ مثل هذا الجو موجود فعلاً إلا أنّنا لو افتقدنا الحنكة الثورية وتأثّرنا بالضغوط النفسية التي يقوم بها الذين يتمنون حدوث مثل هذا الجو، أو أننا إذا مهّدنا الطريق أمام بث سموم الأفكار الأخرى من خلال نظريات خاطئة من قبيل (حرية الكلمة والكتابة) و (سعة الصدر) و (مطارحة الأفكار والآراء)، فلا يمكننا أن نضمن عدم حدوث مثل هذا الجو المسموم وتلك الظروف التي يتمناها الأعداء المترصدون.

فعندما حذّر قائد الثورة الإسلامية العظيم بعد وفاة الإمام من إقامة أعداء الثورة تياراً ثقافياً شاملاً، لو كنا قد أخذنا هذا التحذير بجدّية وكنا قد لمسنا قرب الخطر ـ كما لو أنّ شخصاً أخبرنا بهجوم العدو عسكرياً فنهب للدفاع عن أنفسنا بشكل مناسب ونستطلع مواطن ضعفنا وقوتنا ونقاط ضعف العدو وقوته، فكذلك بالنسبة إلى الجبهة الثقافية لو أنّنا أعددنا أنفسنا ـ لما تجرأ اليوم شخص على الاستهزاء بقيم وإنجازات الثورة بحرية، بل ويشككون حتى بأسس الثورة ويقومون بنشر أفكار العدو وفلسفته الدخيلة. والعجيب إنّهم يتظلمون وتعلوا أصواتهم على عدم إعطائهم جميع الإمكانات والأبواق وأنّ الظروف ليست آمنة بالنسبة لهم بشكل تام ليكتبوا ويقولوا ما شاءوا!!.

 

إنّ المفكّر الحقيقي والمخلص لثقافة اُمته وثورتها ليس الذي يسلك طريق المعارضة غير آبهٍ بالتبعات، إذا رأى فراغاً ووجد فرصة فيعرض على اُمته بضاعة التحول الفكري، باحثاً عن القيم الفلسفية والفكرية من خلال ضربه لقيمه وثقافته الوطنية ومدحه عناصر الثقافة المستوردة ويغدو بوقاً لعقيدة وفكر يتربع صاحبه في الغرب منتظراً انحراف المجتمع الثوري عن أسسه.

المفكر الحقيقي هو الذي يعتبر من التاريخ الماضي والذي يتعرّف على عدوه بشكل كامل ويتعرّف على مقاصده وأساليبه الهجومية والثغرات التي يمكنه التغلغل منها ثانية، والذي يعتز بالقيم والأسس التي مكّنت مواطنيه من الاستمرار في حياتهم أمام هجوم العدو الشامل، والذي يكون سبّاقاً إلى سدّ طريق زحف العدو، لا أن ينسجم مع العدو ويمهّد له طريق العودة، ومن هنا يمتاز المفكّر المخلص عن المفكر الخائن.


توجيهات مؤسس الثورة الإسلامية في بيان أسس الثورة الثابتة

ردود الفعل العالمية تجاه الثورة الإسلامية

وثيقة عمرها 53 عاماً

الإمام الخميني الشخصية والمنهج

حول فكرة الإمام الخميني: خطوط وملاحظات

الإمام الخميني رجل القرن العشرين، ورجل القرن الحادي والعشرين

البعد الحضاري في ثورة الإمام الخميني

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)