کلمة الغراء فی تفضیل الزهراء (س) نسخه متنی

This is a Digital Library

With over 100,000 free electronic resource in Persian, Arabic and English

کلمة الغراء فی تفضیل الزهراء (س) - نسخه متنی

سید عبدالحسین شرف الدین الموسوی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




أخرجه من حفاظ الحديث و أئمه التفسير بعد تواتره عن أئمه الابرار و كونه مما لا ريب فيه، و انما نشير الى بعض ما تضمنته تلك الآيات البينات من أسرار البلاغه لينتبه أولوا الالباب (و تعيها اذن واعيه).


ان علماء البيان و سائر أهل اللسان لا يرتابون فى أن الجمع المحلى بلام التعريف حقيقه فى العموم، و هذا مما لا يختلف فيه اثنان من أهل العربيه، و أنت تعلم ان لفظ الابرار فى الآيه جمع بر أوبار محلى باللام كما ترى، فظهوره فى الشمول و الاستغراق مما لا ريب فيه، و انما أطلق على علي و فاطمه و الحسن و الحسين تبينانا لكونهم أكمل الابرار و أذانا بأنهم الاخيار و برهانا على أنهم صفوه الصفوه و حجه على أنهم خيره الخيره، فما عسى ان يقول القائلون فى عظيم برهم، أو يصف الواصفون سمو قدرهم؟ و أى مدحه توازن مدحه الفرقان؟ و أى ثناء يكايل ثناء الذكر الحكيم؟ و أى عباره فاضله شريفه مقدسه تكافى ء قول اللَّه تعالى فيهم «ان الابرار» عليا و فاطمه و الحسن و الحسين «يشربون» الشراب الطيب الطاهر يوم العطش الاكبر «من كأس» هى الزجاجه اذا كان فيها الشراب و يسمى الشراب نفسه كأسا أيضا، و قد وصفها بقوله عز من قائل: «كان مزاجها» الذى تمزج به ماء من عين فى الجنه تسمى «كافورا» لان ماءها فى بياض الكافور و رائحته و برودته، و الدليل على أن كافورا أسم عين فى الجنه قوله تعالى «عينا» بالنصب على أنها عطف بيان أو بدل من كافور


[و قيل تمزج لهم بالكافور و تختم بالمسك، و قيل بل فيها بياض الكافور و رائحته و برده و كأنها مزجت به، و على هذين القولين تكون عينا منصوبه على الاختصاص أو على البدل من محل كأس بقتدير حذف مضاف، و يكون المراد من الكأس على هذا نفس الشراب لا الزجاجه، و التقدير حينئذ ان الابرار يشربون من شراب كان مزاجها كافورا شراب عين يشرب بها عباد اللَّه.]


«يشرب بها عباد اللَّه» على و فاطمه و الحسنان، و أمثالهم من الكاملين فى العبوديه للَّه سبحانه الذين يمشون على الارض هونا و اذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما و الذين يبيتون لربهم سجدا و قياما، الى آخر ما اشتملت عليه آيات الفرقان من صفاتهم الكامله. و انما وصل فعل الشرب فى الآيه الاولى بمن الابتدائيه، و وصله فى الآيه الثانيه بباء الالصاق لان الكأس مبتدأ شربهم، و العين يمزجون بها شرابهم، فيكون المعنى يشربون الشراب بماء تلك العين، كما تقول شربت الماء بالعسل، و هذه العين «يفجرونها» أى يجرونها حيث شاءوا من كل مكان أرادوا «تفجيرا» سهلا يسيرا لا تلحقهم فيه كافه، و لا يجدون فيه من مشقه، و قد بين اللَّه سبحانه و تعالى السبب فى استحقاقهم لهذه الكرامه، فقال: «يوفون بالنذر» جوابا لسؤال مضمر، تقديره ما الذى فعلوه فأستحقوا به هذا الجزاء؟


و أنت تعلم أن ليس المراد من وصفهم بالوفاء بالنذر الا المبالغه فى وصفهم بالتوفر على أداء الواجبات، لان من وفى بما أوجبه هو على نفسه كان بما أوجبه اللَّه عليه أوفى، و تلك شهاده لهم من اللَّه تعالى، و من أصدق من اللَّه قليلا، لم يقتصر سبحانه فى تزكيتهم بهذه الشهاده على المبالغه فى وصفهم بالتوفر على اداء الواجبات حتى بالغ فى بعدهم عن المحرمات و الشبهات بما وصفهم فيه من خشيه اللَّه و الخوف من يوم القيامه، حيث قال و هو أصدق القائلين: «و يخافون يوما كان شره مستطيرا» يريد بذلك ان هذا الخوف العظيم يستوجب كونهم نصب أمره و نهيه، و تلك منزله المعصومين.


و من تدبر القرآن الحكيم و غاص على أسراره البالغه، وجد في هذه الآيات البينات من عنايه اللَّه تعالى فى هؤلاء الابرار أمرا عظيما، لا يوصف بكيف و لا يقدر بكم، ألا ترى كيف رتب هذه الشبهات فى تزكيتهم فكانت كل شهاده أكبر من سابقتها، اذ شهد أولا بأنهم يوفون بالنذر، ثم شهد ثانيا بأنهم


يخافون يوما كان شره مستطيرا، فكانت أعظم من الاولى لدلالتها بصريح العباره على رسوخ الايمان بالله و اليوم الآخر، ثم شهد لهم ثالثا بما هو أعظم من ذلك فقال: «و يطعمون الطعام على حبه مسكينا و يتيما و أسيرا» الضمير فى حبه للطعام على الاظهر، و المعنى انهم يطعمون الطعام مع حبه لشده جوعهم بسبب صومهم ثلاثه أيام لا يذوقون فى لياليها غير الماء، و هذا على حد قواله تعالى «و آتى المال على حبه» و قوله سبحانه: «لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون» و قوله «و يؤثرون على أنفسهم و لو كان بهم خصاصه».


و انما كانت هذه الشهاده أعظم لكشفها عن كمال نفوسهم، و بلوغهم أقصى الغايات فى حب الخير و الايثار على أنفسهم، اشفاقا على المسكين و رأفه باليتيم و عطفه على الاسير. و أنت تعلم أنهم لو لم يؤثروهم لما كان عليهم فى ذلك من جناح، لكنهم مثلوا الحنان و المرحمه بأجلى مظاهرهما حين لم يكونوا مكلفين بذلك و لا مسؤولين عنه، و تلك من أفضل صفات المقربين.


بقى اعظم الشهادات و أجلها و أقوى الادله على تزكيتهم و أدلها، ألا و هو الذى أشار اليه سبحانه و تعالى حيث قال بلسان حالهم عن مكنون سرائرهم: «انما نطعمكم لوجه اللَّه لا نريد منكم جزاء» بفعل تفعلونه «ولا شكورا» بقول تقولونه «انا نخاف


[فعن مجاهد «كما فى الكشاف و غيره» انهم لم يقولوا حين أطعموا الطعام شيئا و انما علمه اللَّه منهم فأثنى به عليهم، و هذا من عظيم عنايته بهم.] من ربنا يوما» موصوفا على سبيل المجاز بكونه «عبوسا قمطيرا» شديد العبوس، تشبيها له فى شدته و ضرره و تخويفه بالاسد العبوس، أو بالحاكم المتنمر العبوس، و يجوز وصفه بصفه أهله لعبوسهم يومئذ من شده أهواله كقولهم «نهارك صائم».


و أنت اذا تدبرت بشائره لهم بالامن من أهوال ذلك اليوم، تعرف مزيد


عنايته بهم (ع) حيث لم يكتف منها ببشاره واحده، بل جعل البشائر مترادفه متواليه، و كل واحده منها أعظم من سابقتها. قال أولا: «فوقاهم اللَّه شر ذلك اليوم» تأمينا لهم من شره و ضره، ثم أربى على ذلك فقال: «و لقاهم نضره» فى وجوههم «و سرورا» فى قلوبهم بدل عبوس أعدائهم و حزنهم، ثم ترقى فى البشاره فقال: «و جزاهم بما صبروا» على الايثار مع شده الجوع ابتغاء لمرضاه اللَّه «جنه و حريرا»، ثم لم يكتف فى البشاره بالجنه على سبيل الاجمال حتى فضل فيها أكثر الاحوال، فقال تعالى: «متكئين فيها على الارائك» فهم فى منتهى الراحه و الرفاهه و الغبطه و الحبور مستبشرين فكهين «لا يرون فيها شمسا» حرها يحمى «و لا زمهريرا» برده يؤذى، فالشمس و الزمهرير هنا كنايه عن الحر و البرد


[و قيل ان الزمهرير هنا انما هو القمر بقرينه مقابلته الشمس، و أنشدوا مما يدل على كونه من أسماء القمر:




  • و ليله ظلامها قد اعتكر
    قطعتها و الزمهرير مازهر



  • قطعتها و الزمهرير مازهر
    قطعتها و الزمهرير مازهر




و على هذا فالمعنى ان الجنه ضياء لا حاجه فيها الى الشمس و القمر.

، و قد جمعوا بين البعد عنها و دنو الظلام عليهم، كما أشار اليه سبحانه بقوله: «ودانيه عليهم ظلالها» بنصب دانيه، عطفا على محل الجمله التى قبلها


[و يجوز عطفها على «جنه» فيكون المعنى و جزاهم جنه و حريرا و جنه اخرى دانيه عليهم ضلالها، اذ أنهم وصفوا بالخوف من ربهم فى قوله تعالى: «انا نخاف من ربنا» و قد وعد اللَّه الخائفين من ربهم بجنتين فقال: «و لمن خاف مقام ربه جنتان» و قد وعد اللَّه الخائفين من ربهم بجنتين فقال: «و لمن خاف مقام ربه جنتان» و يجوز أن نجعل متكئين و لا يرون ودانيه كلها صفات الجنه. و قرى ء ودانيه بالرفع على أن تكون خبرا مقدما و المبتدأ المؤخر ظلالها و الجمله فى محل الحال، و التقدير لا يرون شمسا و لا زمهريرا و الحال أن ظلالها دانيه عليهم.]] لانها فى محل النصب على الحاليه من الممدوحين (ع)، و التقدير متكئين على الارائك غير رائين شمسا و لا زمهريرا، ودانيه عليهم ظلالها.


ثم لم يكتف سبحانه بهذا القدر من بيان كرامتهم حتى قال: «و ذللت قطوفها تذليلا» و المعنى تدنو ظلالها عليهم فى حال تذليل قطوفها لهم، اذ الجمله هنا حاليه من الضمير فى دانيه


[و يجوز عطفها على دانيه، أى ودانيه عليهم ظلالها و مذلله لهم قطوفها، و اذا جعلت متكئين و لا يرون ودانيه صفات للجنه فلتكن هذه الجمله صفه لها أيضا. هذا كله مع نصب دانيه، أما مع رفعها على الاخبار بها عن ظلالها فتكون هى و ظلالها جمله ابتدائيه و الجمله من و ذللت معطوفه عليها.]، و المراد من تذليل قطوفها جعلها ذللا لا تمتنع على قاطفها متى أراد و كيف شاء، و يجوز ان تكون مأخوذه من الذل بمعنى الخضوع لسهوله قطفها كيف شاء قطافها.


و لو اكتفى جل وعلا بهذا القدر من بيان فوزهم فى دار كرامته لكفاهم شرفا و فضلا، لكنه سبحانه آثر الاطناب فيما تحدى به من معجزات الكتاب، ليمثل بذلك عنايته التامه فيهم تمثيلا، و ليفضلهم على من سواهم تفضيلا فقال: «و يطاف عليهم بآنيه من فضه و أكواب» خلقها اللَّه تعالى بباهر قدرته و اتقان صنعه، فقال كونى من جنس الفضه فى صفاء القوارير و شفيفها و لذا «كانت قواريرا


[الالف هنا للاطلاق، و هى فاصله بين قوارير الاولى والثانيه، و هما لا ينصرفان لكونهما فى صيغه منتهى الجموع.] قوارير من فضه» فتبارك اللَّه أحسن الخالقين، كيف جمع فيها بين صفتى المعدنين المتباينين ثم لم يكتف سبحانه ببيان جنس تلك القوارير و باهر وصفها حتى وصفها أيضا بقوله: «قدروها» فى أنفسهم «تقديرا» خاصا على كيفيات مخصوصه تشتهيها نفوسهم و تلذ بها أعينهم، فجاءت كما قدروا على حسب ما يتمنون.


ثم شرح تبارك و تعالى ما يقع استعماله منهم فى تلك الاكواب فقال: «ويسقون فيها كأسا» أى خمره موصوفه بقوله: «كان مزاجها» الذى


تمزج به ماء من عين فى الجنه تسمى «زنجبيلا»، و يدلك على أن زنجبيلا اسم لعين فى الجنه قوله تعالى: «عينا فيها» بالنصب على أنها عطف بيان أو بدل من زنجبيلا، و يجوز نصبها على الاختصاص أو على كونها بدلا من كأسا بتقدير حذف مضاف، و يكون المعنى و يسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا. كأس عين «تسمى سلسبيلا» لكونها فى منتهى السلاسه يقال «شراب سلسل و سلسال» اذا كان سلسا سائغا سهل الانحدار، و يقال سلسبيل اذا كان فى غايه السلاسه.


لم يكتف عز و جل بقوله: «و يطاف عليهم» حتى ذكر الطائفين عليهم القائمين بخدمتهم بأحسن الذكر و أجمله و وصفهم بألطف الوصف و أفضله فقال: «و يطوف عليهم ولدان مخلدون اذا رأيتهم حسبتهم» لجمال منظرهم و كمال هيئتهم وصفاء ألوانهم و بهاء أشكالهم و ما يروق العالمين من حسنهم و لطفهم و أنبثاثهم فى أنديتهم «لؤلؤا منثورا» و قيل شبهوا باللؤلؤ الرطب اذا نثر من صدفه لحسنه و كثره مائه.


لم يكتف جل و علا بهذه التفاصيل كلها حتى أفاد سبحانه أن الاجمال فيما أعده اللَّه لهم مما لا بد منه و لا مندوحه عنه لامتناع تفصيله بسبب قصور العبائر و عجز افهام الناس و قصر أدراكهم، و لذا قال و هو أصدق القائلين: «و اذا رأيت ثم» فلم يجعل مفعلا لرأيت لا ظاهرا و لا مقدرا لتكون الرؤيه عامه لجميع ماثمه، و المعنى أنك اذا أوقعت رؤيتك هناك على أى شى ء من الاشياء تجدك قد «رأيت نعيما» عظيما تضيق عنه الاوهام «و ملكا كبيرا» تنقطع دونه الامانى و لا يمكن وصفه الا بهذا المقدار.


و هذه الآيه أبلغ فى كرامتهم من كل ما تقدم، و قد تدبرها من تدبرها فعلم أن فهيا من فضلهم ما لا يحيط به الا اللَّه تعالى، و مع ذلك لم ينته ذكره سبحانه


لهم و وعده اياهم بما هم أهله بل قال: «عاليهم


[بنصب عاليهم لكونه حالا من ضمير عليهم فى قوله «و يطوف ولدان». و قد يقال انها حال من ولدان، و قرى ء عاليهم بالسكون على انه مبتدأ و خبره ثياب سندس خضر و استبرق.] ثياب سندس خضر و استبرق و حلوا أساور من فضه» فهم مزدانون بحلى الكرامه رافلون فى حلل دار المقامه «و» قد «سقاهم ربهم» جل و علا هذا الساقى و تبارك ما أعظم عنايه فيهم و أجل اهتمامه ببيان كرامتهم، اذ نسب الساقى على سبيل المجاز الى جلالته تعالى، فما يقول الواصف بعدها و ان أطنب، و ما عسى أن يصف القائل فيهم و ان أسهب، و ما ظنك بمن يسقيهم ربهم بكأسه الاوفى «شرابا طهورا» يرشح بعد ذلك من أبدانهم عرقا أطيب من ريح المسلك، لا كخمر الدنيا رجسا نجسا خبيثا منتنا سالبا للعقل متلفا للجسم مسقطا للمروءه معصورا بالايدى الوضره، مدوسا بالارجل القذره موضوعا فى دنان قد لا تسلم من الجراثيم السامه و أباريق قد لا يعنى بتنظيفها مداره بكؤوس تداولتها الايدى الاثيمه و ولغت فيها الافواه البخره.


و أنت هداك اللَّه اذا أمعنت النظر فيما ألقاه عز و جل اليهم فى ختام البشائر العظيمه و المواهب الجسيمه تتمثل لك عنايه اللَّه بهم قالبا حسيا، و ترى كرامتهم عليه و سمو منزلتهم لديه شخصا مرئيا، و ذلك أنه ختم كلامه فى شؤونهم بقوله مخاطبا لهم (ع): «ان هذا» الاكرام العظيم الذى فصلناه فى محكم الذكر تفصيلا و فضلناكم على العالمين تفضيلا «كان لكم جزاء» على أعمالكم المقدسه التى أستوجبت هذا الاكرام الجسيم لم تنالوه بشفاعه أو بمجرد فضل، و انما أخذتموه بالاستحقاق و العدل «و كان سعيكم» مع ذلك كله «شكورا» ذلك فضل اللَّه يؤتيه من يشاء و اللَّه ذو الفضل العظيم.


بقيت نكته شريفه و حكمه من حكم الفرقان منيفه حاصلها: ان هذه


السوره المباركه كما بشرت هؤلاء الابرار


[يجب أن يعلم ان آيات الثناء و البشائر فى سوره الدهر كلها لعلى و فاطمه و الحسن و الحسين، و آيات الوعيد و الذم و التهديد فيها لاعدائهم، بقرينه أن السبب فى نزول تلك السوره بتمامها انما هم عليهم السلام، لكن الالفاظ فى كل من المقامين عامه شامله لكل من اتصف بتلك الاوصاف. و على هذا فالبشائر و المدائح فى تلك السوره تتناول عليا و فاطمه و الحسن و الحسين أولا و بالذات ثم تتناول من انصف بصفاتهم ثانيا و بواسطه دخولهم فى تلك العمومات، و كذلك القول فى آيات الذم و الوعيد فانها تتناول أولا و بالذات أعداء أولئك الابرار الذين كانوا سببا فى نزول السوره بأجمعها ثم تتناول غيرهم لدخوله فى العموم حيث ان المورد لا يخصص الوارد، فاحفظ هذا فانه ينفعك فى كثير من الآيات ان شاءاللَّه تعالى.] فقد أنذرت أعداءهم الظالمين الكفار بما أعد اللَّه لهم من السلاسل و الاغلال و العذاب الاليم و سعير النار، فأمعن النظر اليها تجد التصريح بذلك فى كل من طرفيها، كما لا يخفى على الخواضين لعباب الذكر الحكيم، الغواصين على كل سر من أسراره عظيم، المتدبرين لمواقع كلمه، و المستقصين فى البحث و التنقيب عن حكمه الذين اذا قرأوا القرآن أو استمعوا له أصغوا اليه بمجامع قلوبهم و خشعت لهيبته جميع جوارحهم، فبخعوا لمعانيه و مراميه و خضعوا لاومره و نواهيه، جعلنا اللَّه فى جمله من منَّ عليهم بذلك انه أرحم الراحمين.


المطلب الثانى




فى دلاله السنه المقدسه، و فيها من الاحاديث الصحيحه و النصوص الصريحه ما تضيق عنه هذه الرساله و لا تحتمله هذه العجاله، و انما نذكر منها اثنى عشر حديثا تبركا بهذا العدد الميمون:


(1)- قول رسول للَّه صلى اللَّه عليه و آله و سلم: أفضل نساء أهل الجنه خديجه بنت خويلد، و فاطمه بنت محمد، و آسيا بنت مزاحم امرأه فرعون، و مريم بنت عمران. أخرجه جماعه من المحدثين كثيرون كالامام احمد من حديث رواه


عن ابن عباس فى صفحه 293 من الجزء الاول من مسنده، و أبى داود كما فى ترجمه خديجه من الاستيعاب، و قاسم بن محمد كما فى ترجمه الزهراء من الاستيعاب و جماعه من حمله الآثار و حفظه الاخبار لا يسع المقام استيفاءهم.


(2)- قول رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله و سلم: خير نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران، و آسيا بنت مزاحم، و خديجه بنت خويلد، و فاطمه بنت محمد. أخرجه أبوداود كما فى ترجمه خديجه من الاستيعاب بالاسناد الى أنس، و رواه عبد الوارث بن سفيان كما فى ترجمتى الزهراء و خديجه من الاستيعاب بالاسناد الى أبى هريره، و نقله غير واحد من ثقاه المحدثين بطرقهم الى أنس و ابى هريره.


(3)- قول رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله و سلم: حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران، و خديجه بنت خويلد، و فاطمه بنت محمد، و آسيا امرأه فرعون. أخرجه الترمذى كما فى الاربعين النبهانى


[راجع صفحه 220 من كتاب الاربعين. أربعين من أحاديث سيد المرسلين.] عن أنس، و رواه عنه أيضا السراج كما فى ترجمه الزهراء من الاستيعاب، و أخرجه أبوداود كما فى ترجمه خديجه من الاستيعاب، و نقله الشعبى كما فى ترجمه الزهراء من الاصابه عن جابر، و لا يسعنا استقصاء من أخرج هذا الحديث بطرقهم المختلفه الى أنس و جابر.


و أنت تعلم ان هذه الاحاديث الثلاثه و نحوها نصوص جليه فى تفضيل الاربع على سائر نساء البريه، و لا تعرض فيها لبيان الافضل من تلك الاربع لكن صحاحنا المتواتره عن أئمه العتره الطاهره نصوص فى تفضيل الزهراء صريحه لا تقبل التأويل، كما يشهد به كل من أنعم اللَّه عليه بالاستسلام لحكمها


و حسبك فى تفضيل الزهراء أنها بضعه من سيد الانبياء و لا نعدل به و لا ببضعته أحدا من العالمين. و قد وافقنا فى تفضيلها جمهور من المسلمين و صرح به كثير من المحققين نقل ذلك عنهم غير واحد من العلماء الباحثين المتتبعين، كالمعاصر النبهانى حيث قال فى أحوال الزهراء من كتابه «الشرف المؤبد» ما هذا لفظه: و صرح بأفضليتها على سائر النساء حتى على السيده مريم كثير من العلماء المحققين، منهم التقى السبكى و الجلال السيوطى و البدر الزركشى و التقى المقريزى. «قال» و عباره السبكى حين سئل عن ذلك: الذى نختاره و ندين به أن فاطمه بنت محمد الفضل. «قال» و سئل عن مثل ذلك ابن أبى داود فقال: ان رسول اللَّه (ص) قال «فاطمه بضعه منى» و لا أعدل ببضعه رسول اللَّه أحدا، و نقل المناوى هذا عن جمع من الخلف و السلف فراجع.


(4)- ما استخرجه أبوداود كما فى ترجمه خديجه من الاستيعاب بسنده الى ابن عباس قال: قال رسول اللَّه (ص) سيده نساء أهل الجنه بعد مريم بنت عمران فاطمه بنت محمد و خديجه و آسيا.... و هذا كالاحاديث السابقه فى الدلاله على تفضيل الاربع على من سواهن من نساء العالمين، الا أنه ربما يستشعر منه تفضيل العذراء على الزهراء، لكن الادله الاخر التى هى أكثر عددا و أصح سندا و أصرح دلاله من هذا الحديث و نحوه توجب الاعراض عما يستشعر منه على انه لا يروى من طريق أصحابنا كما لا يخفى.


(5)- ما أخرجه البخارى


[راجع آخر صفحه 64 من الجزء الرابع من صحيحه المطبوع بالمطبعه المليحيه سنه 1332.] و مسلم


[راجع باب فضائل فاطمه من الجزء الثانى من صحيحه تجد طرقه فى هذا الحديث الى عائشه متعدده.] و الترمذى فى صحاحهم و صاحب الجمع بين الصحيحين و صاحب الجمع بين الصحاح السته و الامام


/ 6