متعتان بین النص و الاجتهاد نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

متعتان بین النص و الاجتهاد - نسخه متنی

طاهر موسوی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



وبقدر ما يكون هذا العمل مدعاه لاثاره احاسيس الفخر والقوه
لدى هولاءالمغيرين وكل افراد القبيله التى ينتمون اليها فانه
كان سببا لاثاره الشعوربالعار والخزى لدى افراد القبيله
المنكوبه.


وقد دفع ضعف المراه وعدم قدرتها على الدفاع عن
نفسها وقبيلتها وما يترتب على هذا من امتهان لكرامه ذويها
وشرف القبيله التى تنتمى اليها، دفع بعض القبائل العربيه
الى النظر للمراه كعب ء لا يمكن تحمله ويفضل التخلص منه
حفاظا على مقام القبيله وسمعتها بين القبائل، فبرزت ظاهره
الواد التى اشار اليها القرآن الكريم وادانها، كحل عملى وسريع
لهذه المشكله((203)).


ان ظاهره واد البنات وان لم تكن شائعه على نطاق واسع، بل
كانت عاده مارستها فى بعض الاحيان قبيله او اثنتان من
القبائل العربيه فانها تشيربوضوح الى حساسيه العربى وضيقه
بكل ما يتصل بالمراه التى ينتسب اليهامن معان جنسيه،
وحرصه المبالغ فيه على صونها من ان تكون موضوعالشهوات
الاخرين ورغباتهم.


ومن الطبيعى فى مثل هذه البيئه
المشبعه بالحساسيه تجاه السلوك الجنسى للمراه ان لا ينظر
المجتمع بعين الارتياح لاى علاقه لها بالرجل خارج العلاقه
الرسميه الشائعه بينهما، ونعنى بهاعلاقه الزواج الدائم.


ويمكننا ان نعرف قوه تاثير هذه القيم فى المجتمع العربى التى
تجعل الرجل محورا تدور به ومن حوله ولاجله كل وجوه
النشاط الانسانى فى المجتمع اذا عرفنا التفاوت الكبير الذى
يصل الى حد المفارقه بين نظره المجتمع الى السلوك الجنسى
للرجل ونظرته للسلوك الجنسى للمراه.


فان هذا المجتمع، فى
الوقت الذى يقمع بشده كل بادره من المراه فى هذاالمجال
خارج الاطار الرسمى المعترف به فانه قد ينظر بعين
الاعجاب والاكبار لمغامرات الرجل الجنسيه ويعدها دليلا على
رجولته وفتوته،فظهرت نتيجه لهذا عاده غسل العار لدى
قطاعات غير قليله من هذاالمجتمع، والتى تعنى الحكم
بالاعدام على المراه التى تشتط فى سلوكهاالجنسى، ومن
البديهى ان هذا الحكم لا يطال الرجل لان سلوكه لايعد -بشكل
عام - عارا فيحتاج الى الغسل.


ولابد ان نشير هنا الى عامل آخر لحساسيه هذا المجتمع تجاه
السلوك الجنسى للمراه وضعف هذه الحساسيه بالنسبه للرجل،
وهو النظر للمراه كوعاء لانجاب الولد وحرص المجتمع على
طهاره هذا الوعاءوبقائه بعيدا عن الشبهات لكى لا يدخل على
الاسره من ليس منها.


وبالرغم من الجانب الايجابى الذى
تنطوى عليه هذه النظره والمتمثل فى الحفاظ على طهاره
المولد لابناء المجتمع فانه ينقصها جانب آخر ومهم تكتمل
به صوره العفه فى المجتمع وهو الاكتراث بما يقوم به الرجل
من تلويث لاعراض الاخرين.


والحقيقه ان مثل هذا التفاوت
يعود فى النتيجه الى مااشرنا اليه من اعتماد هذا المجتمع
لقاعده (المغالبه) كاساس للعلاقه بالاخرين وتكييف مفهوم
الحق مع هذه القاعده لكى يتحول من معناه المطلق والمجرد
الى ما يعادل سلوك القوى فيصبح الحق هو ما يريده القوى
ويقوم به، لا ما يملكه الانسان بالاصاله بصرف النظر عن
قوته وضعفه.


هذه هى الحاله الاجتماعيه للبيئه التى شرع بين ظهرانيها
تشريع نكاح المتعه، وشهدت ساحتها تجميد هذا التشريع
والغاءه.


فمن الواضح ان مثل هذا الالغاء لا يعد نتيجه مستبعده
فى ظل المفهوم الاجتماعى الذى اشرنااليه عن السلوك
الجنسى ورسوخ هذا المفهوم فى عمق التكوين النفسى لانسان
الجزيره العربيه.


اخرج الكافى باسناده عن زراره قال: جاء عبداللّه بن عمر الليثى
الى ابى جعفر7، فقال له: ما تقول فى متعه النساء؟ فقال: احلها
اللّه فى كتابه وعلى لسان نبيه فهى حلال الى يوم القيامه، فقال:
يا ابا جعفر مثلك يقول هذا وقدحرمها عمر ونهى عنها؟! فقال:
وان كان فعل؟! فقال: انى اعيذك باللّه من ذلك ان تحل شيئا
حرمه عمر! قال: فقال له: فانت على قول صاحبك، وانا على
قول رسول اللّه(ص) فهلم الاعنك ان القول ما قال
رسول اللّه(ص) وان الباطل ما قال صاحبك.


فاقبل عبداللّه بن
عمير فقال: ايسرك ان نساءك وبناتك واخواتك وبنات عمك
يفعلن؟
فالمعترض - بحسب هذا النص - لا يهمه ان يكون زواج المتعه
احله اللّهورسوله، بل يهمه فى هذا الامر شيئان: الاول: الا تكون
نساء الرجل وبناته يتمتعن.


وهذا تعبير صريح عما اثقل به هذا
النكاح من ايحاءات ممنوعه وما يستدعيه من معان راقمه فى
ذاكره التاريخ النفسى للمجتمع.


ومااعجب استدلال هذا
المعترض! فكان اللاتى رخص رسول اللّه فى التمتع بهن لم يكن
بنات رجال ولا اخوات آخرين!
الثانى: نهى عمر عن هذا الزواج.


ورغم دعوه الامام( ع)
للمعترض الى الملاعنه على ان الحق مع رسول اللّه لا مع عمر،
فان هذا المعترض لايبدوانه كان يعدل بسنه عمر شيئا.


وسنتعرض فيما يلى من البحث لدلالات هذاالموقف ودوافعه.


ولقد اقتضت حكمه المشرع سبحانه ان يكون هذا التشريع على
نحوتراعى فيه حساسيه الناس تجاه هذا الموضوع، بحيث يتلقى
المومنون هذاالنوع من الزواج بالقبول وينظرون اليه باعتباره
ضروره تذوب معهاالحساسيات وتزول عن طريقها الموانع.


فالظرف الذى شهد نزول هذاالتشريع جعل الناس ينظرون اليه
لا على انه حكم شرعى يجب طاعته والعمل به فحسب، بل على
انه استجابه لحاجه فطريه ملحه كانوا يحسون بها، الامر الذى
يعط ى هذا التشريع صفه الدوام والبقاء مااستجدت تلك
الظروف وبقيت هذه الحاجات فى تكوين الانسان وبدنه.


اخرج البخارى عن قيس قال: قال عبداللّه: كنا نغزو مع رسول
اللّه وليس لناشى ء فقلنا: الا نستخصى؟ فنهانا عن ذلك ثم
رخص لنا ان ننكح المراه بالثوب ثم قرا علينا (يا ايها الذين آمنوا
لا تحرموا طيبات ما احل اللّه لكم ولا تعتدوا ان اللّه لا يحب
المعتدين)((204)).


فهذا النص يبين ان ضغط الغريزه الجنسيه وصل الى حد جعل
الصحابه يفكرون فى الاستخصاء واماته هذه الغريزه كليا لديهم
لئلا يشغلهم التفكيربهذه الحاجه عن واجب الجهاد فى سبيل
اللّه.


الثانى: العامل المذهبى (الطائفى):
تقدمت منا الاشاره خلال البحث ولمرات عديده الى ما اعتاد
عليه المحدثون ومن اسميناهم بصناع التاريخ الرسميين من
النظر الى سنه الخلفاء وبشكل خاص سنه الخليفه عمر بن
الخطاب على انها تمثل حكم الاسلام القاطع فى جميع الامور
التى عالجتها هذه السنه.


بل راينا فى نظره هولاء لهذه السنه
اكثر من مجرد عدها رايا يمثل الاسلام وانما اعتبرهاهولاء -
عمليا - على انها وحدها الممثل ولموقف الاسلام من
القضاياالمعالجه، وما عداها من الاراء والمواقف والتشريعات
ينبغى اهماله وتنحيته جانبا، حتى ان كان هذا الراى او القول او
التشريع صادرا عن رسول اللّه(ص) نفسه!
ولا نريد بهذا القول التحامل على الاخرين او اتهامهم بما ليس
فيهم، فليس من طريقتنا ولا من منهجنا فى هذا البحث ان
نتجنى على الاخرين اونتسقط الهفوات منهم، فنحن لا نشك
انك لو سالت اى شخص من اتباع مدرسه الخلفاء سولا مجردا:
ايهما اولى بالاتباع، قول رسول اللّه ام قول عمر؟ لاجابك بكل
الايمان والصدق ودونما تردد: قول رسول اللّه اولى بالاتباع من
قول عمر.


غير ان هذا الجواب يبقى نظريا الى حد كبير لانه يعبر
فقط عن ايمان المجيب بما يجب عليه الايمان به كواحده
من ضروريات الدين، ولا يعنى - بالضروره - انه سيترجم هذا
الايمان الى عمل فى حياته وسلوكه.


وليس هذا بالامر
المستغرب او البعيد حصوله بل انه الحال الاكثر وقوعا بين
الناس، فما اكثر المومنين باللّه ونبوه محمد(ص)واليوم الاخر
ولكنك تجد فرقا كبيرا بين هذا الايمان وبين بضاعه المومنين
فى سوق العمل .


ومع هذا التشابه الظاهرى بين الحالين فان هناك فرقا جوهريا
بينهما، وهوان من ترى فرقا بين ايمانه وبين سلوكه العام كثيرا
ما يفطن الى تقصيره وتخلفه فى ميدان العمل مع احساسه
بصدق ايمانه ، ولعل هذا التفاوت بين الايمان والعمل ناشى ء فى
اغلب الاحوال عن ضعف الاراده وعدم القدره على الوفاء
بالتزامات الايمان.


واما الاخذون بسنه عمر او غيره من
الخلفاءبديلا عن سنه رسول اللّه فانهم لا يفطنون الى مثل هذا
التقصير، لان هذاالاستبدال لسنه الرسول لا يتخذ - فى اكثر
الاحيان ولمعظم الافراد - شكلا واعيا حتى يكون فى مواجهه
الحس الدينى للفردفيكون ذلك سببا لرفض الاستبدال وعدم
الاقدام عليه، بل انه على العكس من ذلك، فهو يتخذ صوره
التعبد والتدين والتقرب الى اللّه.


وقد يبدو هذاالكلام فى ظاهره
متناقضا، اذ كيف يكون رفض سنه رسول اللّه - الذى يساوى
عدم التدين - مظهرا من مظاهر التدين والتقرب؟
ان مسائل العقيده والفكر لايدخل فى تكوينها وصياغه شكلها
النهائى العقل وحده، بل تشترك معه فى هذه الصياغه مشاعر
الانسان وعواطفه.


وهذا الاشتراك يكون على درجه من التفاعل
والتشابك بحيث يصعب فى كثير من الاحيان التفكيك بينهما
او تشخيص ما اذا كان هذا مصدره العقل وذاك مصدره العاطفه
او القلب.


فالعاطفه كثيرا ما تتماهى فى ثوب العقل وتخدع
صاحبها - تخدعه قبل غيره - بان عقيدته اثر من آثار العقل
وليست مظهرا من مظاهر العاطفه او صوره من صور الميل.


ولا
شك ان سلطان الحب وطغيانه على العقول هو الذى يجمد
العقل عن النشاط ويكفه عن المعارضه، بحيث يصح بشكل عام
ان يقال: ان الانسان - فى كثير من الاحيان - يجب الفكره او
العقيده فيقتنع بها - اى ان القناعه تكون نتيجه للحب وليس
العكس، وهذا يستلزم ان يرفض الانسان - فى كثير من الاحيان
- مالايحب فيقتدح الحيل والسبل لتبرير عدم الاقتناع
تبريرا(عقليا) وتصوير ان الدليل وحده دون العاطفه هو الذى
قاده لهذا الرفض!ولهذا الامر بالذات نلاحظ شيوع ظاهره
التعصب الدينى والطائفى، حيث تاخذ العاطفه شكل القناعه
الراسخه بصواب العقيده المتبناه، وتضفى نوعامن البداهه
والقانونيه على هذه الصوابيه بحيث يتحول الاخر الى شرير
يرى الحق بعينه فيزيغ عنه ويرى الباطل مجسما فيقدم عليه.


وطبيعى ان حاله الخداع هذه واحتيال اللاوعى على الوعى
ليست حاله خاصه بامور العقيده وشوون الفكر بل هى حاله
شامله يواجهها الانسان -او بتعبير ادق تواجهه - فى كل شان
من شوونه الشخصيه او العامه، ويمكن اعتبارها نوعا من التدبير
(البرجماتى) الذى تلجا اليه القوى النفسيه لدى الفرد للدفاع
عن الذات والمحافظه على سلامتها.


غير ان هذه الحاله تعبر عن نفسها بشكل اوضح واقوى فى امور
الدين والعقيده عموما، وذلك لتوفر عنصرين اثنين يغذيان هذه
الحاله ويعززانهافى شخصيه الفرد:
الاول: عنصر القداسه والاحترام الذى يضفيه المتدين او
المعتقد على عقيدته.


والقداسه - بحد ذاتها((205)) - تعبير عن
حاله عاطفيه محضه يعيشهاالمعتقد تجاه الموضوع المقدس.


الثانى: التلقين المستمر الذى يتلقاه المعتقد للفكره وتقديسها
معا.


ولاينحصر هذا التلقين بالطريقه المباشره والمقصوده، بل
انه يحصل،بشكل متواز مع الشكل المباشر، بطريقه غير واعيه،
من خلال ما يمتصه الفرد من بيئته والمحيطين به من عناصر
الايمان بالفكره ومظاهر تقديسها.


ولا حاجه بنا الى التاكيد هنا على ان هذه الحاله تصيب
المومنين على اختلاف عقائدهم وتباين مستوياتهم العقليه،
وتجرى بمعزل عن صواب الفكره المعتقد بها او بطلانها، فهى
حاله تعبر عن القانون الداخلى للنفس البشريه فى تعاملها مع
العقائد والافكار وتكشف الطرق الخاصه التى تتبعهاهذه النفس
فى هذا المجال، والتى قد تلتقى فى نهايه المطاف مع
الواقع فتصيبه او تنحرف عنه فتخطئه.


ولا نرمى بهذا الكلام الى افتراض نوع من الجبريه فى سلوك
الانسان اوالى تضييق مجال الحريه الحقيقيه، ومن ثم تجريد
الانسان عن المسووليه تجاه خياراته واعماله فى الحياه، لا،
فالاراده الواعيه لدى الانسان والتى تتمتع بقدرات لا نهائيه
على تحرير العقل لو اعطيت فرصتها للفعل والتحقق، هذه
الاراده هى التى تملك القدره على الحسم، وهى التى
تضفى روحا انسانيا مليئا بمعانى الحريه والمسووليه على
صراعها المرير مع رغبات النفس واهوائها وحيلها الخفيه
والعلنيه.


ولهذا الكلام تتمه فى حديث ياتى ان شاء اللّه.


ولنعد الان بملاحظاتنا هذه الى مواقف وآراء نستهديها الدليل
وناخذ منهاالشاهد على ما ذكرنا لكى يسهل علينا بعدها تصور
دور هذا العامل واثره فى رفض نكاح المتعه :
لقد اجمعت معظم المصادر الحديثيه المعتبره لدى اهل السنه
على ان الطلاق كان على عهد رسول اللّه وابى بكر وسنتين من
خلافه عمر طلاق الثلاث واحده، غير ان عمر جعل طلاق
الثلاث ثلاثا، وقال: ان الناس قداستعجلوا فى امر كانت لهم فيه
اناه فلو امضيناه عليهم، فامضاه عليهم((206)).


والسوال الذى نوجهه هنا: كم من اهل السنه لديهم الاستعداد
والقدره على العمل وفق ما ورد فى هذه المصادر الموثقه
لديهم بحيث يستحلون الرجوع لزوجاتهم المطلقات ثلاثا فى
مجلس واحد دون الرجوع الى محلل؟
لا شك ان الذين لديهم مثل هذا الاستعداد قله قليله وعدد
ضئيل، لا لرغبه من الاكثريه فى مخالفه سنه رسول اللّه، بل لما
قدمناه من تحول سنه عمربسبب القداسه والتلقين المستمر
الى بديل عن سنه رسول اللّه، بحيث لايجرو المسلم السنى
على مخالفه هذه السنه بالرجوع الى زوجته المطلقه دون
محلل ظنا منه انه بهذا الرجوع يرتكب عملا محرما، فهو يعانى
هنانفس المشاعر التى يعانيها المتدين عاده تجاه العمل
المحرم، من الاحساس بالنفور من هذا العمل، والاحساس
بالذنب لدى الاقدام عليه،والشعور بالخوف من اللّه.


هذا هو جانب من صوره الخلفيه السيكولوجيه فى تعامل
الرافضين مع هذاالنوع من الزواج، ويكتمل جانبها الاخر بما
قدمناه من الكلام على العامل الاجتماعى.


وللمتمعن ان يحدد،
ضمن هذه الشروط، فرص الاخذ بهذه السنه والعمل بها من
قبل اتباعها!
ولكى نلقى مزيدا من الضوء على مسووليه العامل المذهبى عن
الموقف المتشنج ازاء زواج المتعه نشير الى مساله تداولتها
مصادر اهل السنه الفقهيه ونسبوا الافتاء بها الى ابى حنيفه،
وهى جواز استئجار المراه للنكاح، فللرجل ان يواقع المراه التى
يتفق معها، لقاء اجر معين.


واستند المجوزون لذلك على ما رووه من ان امراه جاءت الى
عمر بن الخطاب فقالت: يا امير المومنين اقبلت اسوق غنما لى
فلقينى رجل فحفن لى حفنه من تمر، ثم حفن لى حفنه من
تمر.


ثم حفن لى حفنه من تمر ثم اصابنى.


فقال عمر: ما قلت؟ فاعادت، فقال عمر بن الخطاب - ويشير
بيده -: مهرمهر مهر، ثم تركها.


قال ابن حزم: قد ذهب الى هذا ابوحنيفه، ولم يرالزنا الا ما كان
مطارفه، واما ما كان فيه عطاء واستئجارفليس زنا ولاحد
فيه((207)).


فهذا النص صريح غايه الصراحه فى تجويز نوع من العلاقه
بين الرجل والمراه لم ينظر اليها كثير من فقهاء اهل السنه -
وبعضهم من تلامذه ابى حنيفه نفسه((208)) - سوى انها نوع
من الزنا يوجب الحد لمرتكبه.


ورغم الخلاف على ابى حنيفه من جانب هولاء الفقهاء، ومع اننا
لم نسمع او نقرا - فى حدود اطلاعنا - ان هناك من عمل
بفتوى ابى حنيفه هذه، الااننا لم نسمع ايضا ولم نقرا ان
الخلاف فى هذه المساله تجاوز حدودالخلافات الفقهيه
والعلميه بين العلماء، او تخطاها الى تفسيق ابى حنيفه واتهامه
باباحه الفجور.


نعم قد يوجد من تناول هذه المساله على هذا
النحومن اهل السنه قديما، ولعلك تجد رائحه هذه القسوه فى
كلام ابن حزم نفسه، ولكن هولاء انما فعلوا ذلك لدوافع مذهبيه
ونكايه بابى حنيفه ومذهبه، اذ ان هذه القسوه عليه انحسرت
بارتفاع الخلافات المذهبيه الحاده بين مختلف مذاهب اهل
السنه والتى اتخذت فى كثير من مقاطع التاريخ طابعا دمويا
حادا، فلا تجد اليوم من اهل السنه من يشنع على ابى حنيفه او
يتهمه باباحه الفجور، او يعتبر فتواه هذه سببا مانعا من اتباع
مذهبه والعمل وفق فتاواه ورايه، وهذا بخلاف ما صدر عن
المنتقدين للزواج الموقت قديما وحديثا من غمز وتجريح واتهام
للقائلين به.


مع انه لا وجه للمقارنه بين هذا الزواج وبين الاستئجار الذى
افتى به ابوحنيفه، فزواج المتعه نكاح تتوفر فيه كل شروط
الزواج المعتبره شرعا، من صيغه الايجاب والقبول والعده
للمتمتع بها فضلا عن وجوب المهر لها.


واما الاستئجار فليس
فيه سوى ان الرجل يستاجر من المراه مافيه منفعه الاستمتاع
لقاء مال معين.


وهذا المال كاف فى نظر ابى حنيفه لسلب
عنوان الزنا عن هذه العلاقه، فما دام يقدم بصفته اجرا فقد
خرج بالامر عن عنوان المطارفه.


ولكن هذا الفرق لم يجده غيره من فقهاء اهل السنه كافيا
لاباحه هذا النوع من العلاقه وسلب عنوان الزنا عنها.


قال ابن
حزم فى نصه المنقول آنفا:وقال ابو يوسف ومحمد وابو ثور
واصحابنا وسائر الناس: هو زنا كله((209)) وفيه الحد.


ولا يهمنا فى هذا البحث ان كان ابو حنيفه اصاب فى رايه هذا
ام اخطا،انما يهمنا الاشاره الى دور العامل المذهبى وطغيان
تاثيره على الطريقه التى ينظر بها الناس لهذه القضايا.


فهذا
العامل هو الذى دفع العلماءوالمفكرين وذوى الفضل الى تحمل
راى ابى حنيفه هذا والتغاضى عمافيه من عوار، والنظر اليه
على انه راى شاذ فقط لا يمنع من اتباع مذهب قائله، بل لا
يمنع صاحب هذا الراى ان يكون مذهبه من اكبر
المذاهب الفقهيه السنيه ان لم يكن اكبرها على الاطلاق.


وهذا العامل ايضا هو الذى دفع هولاء انفسهم الى النظر الى
زواج المتعه على انه سواه يجب القاء الستار عليها، وانه طعن فى
شريعه محمد(ص) لا يمكن الصفح عنه او السكوت عليه.


مع انه لا خلاف بين المسلمين جميعا على تشريع هذا الزواج
فى فتره مامن حياه رسول اللّه(ص) ولكن الخلاف بينهم فى
نسخه وعدمه.


فلماذاالمفارقه فى النظر اذا؟
انها القوه النفسيه الهائله التى اشرنا اليها والتى سخرت اقوى
العقول للدفاع عن قضايا لو خليت والعقل وحده لاظهر بطلانها
وخسران صفقتها.


«3»
المتعه كحل مشروع لازمه الجنس التى
افرزتها ظروف الحياه العصريه وتعقيداتها الاجتماعيه
تحدثنا فيما تقدم عن نظره الاسلام للدوافع الغريزيه وذكرنا ان
معالجه الاسلام لهذه الدوافع تتصف بالواقعيه والاعتراف بحق
هذه الحاجات فى الاشباع والتحقق، وتطرقنا ايضا الى الحديث
عن سبب الواقعيه فى النظره الى هذه المسائل، وقلنا ان السبب
فى هذا يكمن فى اعتبار هذه الدوافع امورا حياديه لا توصف -
بذاتها - بخير او شر بل الذى يوصف بانه خير اوشر هو طريقه
التصرف بهذه الدوافع وكيفيه اشباعها.


وعلى هذا يمكننا ان نفترض عناصر موقف الاسلام من هذه
القضيه على النحو التالى:
ان هذه الدوافع فطريه، ولانها كذلك فهى تحتاج الى اشباع.


وكونها فطريه وموجوده فى اصل تكوين الخلقه يعنى انها
محايده، ولانها كذلك فهى تحتاج فى اشباعها الى العنصر
الاخلاقى الذى يبقى هذا السلوك خارج دائره الحيوانيه الهابطه
وينقله الى رحاب الانسانيه وآفاق تكاملها.


ان هذا الفهم المجرد هو الذى ينبغى ان يرجع اليه فى الحكم
على الزواج الموقت - وكل مظاهر السلوك الجنسى - وتقدير ما
اذا كان هذاالنوع من الزواج خارجا عن المقاييس التى وضعها
الاسلام فى هذه الامورام لا.


وواضح ان غرضنا من التجريد هو
لضمان الابتعاد براى الاسلام وموقفه فى هذه القضيه من تاثير
العوامل الاجتماعيه والنفسيه التى اشرنااليها لئلا يتحول الراى
الذى ننسبه للاسلام الى تعبير عن رغباتنا وصوره عن اسقاطتنا
وتداعياتنا النفسيه.


نعلم ان البعض قد ينظر الى هذا الكلام على انه اقرب الى لغه
الوعظ منه الى المعالجه العلميه الجاده لهذا الموضوع
الحساس، وقد يبدو ايضا انه على شى ء من التعارض مع كلامنا
السابق عن تاثير العاملين الاجتماعى والمذهبى وطغيان
تاثيرهما شعوريا ولا شعوريا على مواقف المرءوافكاره.


وحقا ان
تجسيد الكلام بعد تجريده ليس بالامر السهل، والا فاين هو
الذى يتهم نفسه بانه يشوه راى الاسلام على هذه الطريقه،
طريقه الانسياق مع الميراث الاجتماعى والخبرات النفسيه
شعوريه كانت او لاشعوريه؟
ولكننا نعتقد ان هذا هو المطلوب على كل حال!
لقد المحنا لدى الحديث عن العامل الطائفى الى انه بالرغم من
قوه هذاالعامل وتاثيره فى سلوك الفرد، فان خضوع الانسان
لهذه القوه ليس قضاءمبرما او قدرا محتوما بحيث لا يمكنه
تجاوزه او الافلات منه.


فمهما يكن عنفوان القوه الى اشرنا اليها
وطغيان تاثيرها فان الاراده الانسانيه، هذه الشراره الالهيه
المودعه فى قلب الانسان، قادره على فعل الاعاجيب واجتراح
المعجزات، فهى ليست قادره على الارتفاع على المشاعر
التى تحول دون ملامسه الحقيقه فحسب، بل هى قادره على
تطويع هذه المشاعر واعاده تشكيلها لتكون اطارا يحتضن هذه
الحقيقه.


ان ما تحتاجه الحقيقه لكى تعبر عن نفسها دونما
كوابح او موانع ليس عقلا خارقا فى قدراته، بل عقلا حرا وسيدا
بهذه الاراده.


ان التغير الذى طرا على شكل الحياه الاجتماعه نتيجه للتعقيد
الناشى ء عن استخدام وسائل الحضاره واساليبها طرح مشاكل
جديده فى معظم جوانب الحياه واثار اسئله لم تكن لتثار او
تطرح فى نمط الحياه المستقر الذى كان يعيشه اسلافنا.


فظروف الحياه العصريه المعقده اجلت امكانيه الزواج الى سن
متاخره نسبيا، فالشاب الذى يروم الزواج عليه ان يقطع عده
سنوات فى الدراسه والتاهل للعمل حتى يكون مستعدا لتكوين
عائله ومواجهه متطلباتها.


وفى هذه الحاله تطول الفتره الزمنيه
الفاصله بين سن البلوغ الجنسى والسن التى يكون عندها
الشاب مستعدا للزواج.


وهذا بخلاف ماكان عليه الوضع فى
السابق.


فان طبيعه الحياه يومذاك لم تكن لتحتاج هذه المده
الطويله لكى يكون للشاب مثل هذا الاستعداد للزواج، فالشاب
الذى كان يرث - فى الغالب - مهنه ابيه فى الرعى او الزراعه او
التجاره اوالحرف اليدويه يكون جاهزا للزواج - من جميع
النواحى - لدى بلوغه سن النضج الجنسى، اذ ان متطلبات
الحياه يومذاك لم تكن تفرض على الشاب المتقدم للزواج اكثر
مما بين يديه من الامكانيات، فضلا عن ان القيم الاجتماعيه
السائده، والمستنده الى راى الشريعه، تفرض على الشاب مثل
هذا التعجيل فى الزواج.


وهو تعجيل حل بشكل عام
المشكله الجنسيه لدى الرجل والمراه وحماهما الى حد كبير
من الانزلاق على هذاالطريق.


ان طول الفتره الفاصله بين سن البلوغ وسن الزواج فى هذا
العصر والتى قدتتجاوز فى كثير من الحالات العشر سنوات
يطرح مشكله الغريزه الجنسيه على بساط البحث ويحتم على
قاده المجتمع ورموزه ايجاد الحلول العمليه التى تضمن
تصريف هذه الطاقه فى اطار الضوابط التى حددتها
الشريعه وبعيدا عن مهاوى الانحراف والجريمه.


فهذه الفتره
تمثل اكثر سنوات الخصوبه الجنسيه حده، وتصل فيها الغريزه
الى قمه اندفاعها وذروه ضغوطها على الانسان.


ولا شك ان اهمال هذه الحاله ومحاوله التغاضى عنها لا يودى
الى حل لهذه المشكله.


كما ان هذه القضيه لا تحل دائما
بالمواعظ وتوجيه النصائح، فان ضغط الغريزه قد يصل فى كثير
من الاحيان الى درجه يشل معها اراده الانسان وقدرته على
التصرف السليم، وتتكسر امامه سدود القيم وموانع الاخلاق.


وازاء هذه الحاله يكون من المتعين التعامل مع الزواج الموقت
على نحوياخذ بنظر الاعتبار هذه الحقائق ويتجاوز ما اشرنا اليه
خلال البحث من الحواجز النفسيه والمواقف المسبقه.


ولا نعنى من هذا بطبيعه الحال ان الزواج الموقت يكتسب
شرعيته من مجرد الحاجه اليه.


فان الحاجه وحدها لا تسبغ
صفه الزواج على هذاالنوع من العلاقه.


ولكننا نعنى ان هذه
الظروف المستجده تستعيد فى الذهن ظروف تشريع هذا
الزواج، وان التشابه بين الظرفين، ظرف التشريع وظرف
الحاجه الراهن يقودنا الى افتراض بقاء مسوغات التشريع
ومقوماته ومن ثم استمراره وعدم نسخه((210)).


فلو عدنا الى ظرف تشريع هذا الزواج لوجدنا ان الحاجه الملحه
هى السبب فى هذا التشريع.


فمن خلال حديث البخارى السابق
عن عبداللّه بن مسعود: كنا نغزو مع رسول اللّه وليس لنا شى ء.


فقلنا: الا نستخصى؟ فنهاناعن ذلك ورخص لنا.


يتبين لنا ان
ضغط الغريزه الجنسيه والحاحها والذى دفع الصحابه الى
التفكير فى الاستخصاء كان هو السبب فى الترخيص.


وبديهى ان
الحاجه الملحه ليست حكرا على الصحابه وحدهم، كما
ان الاحساس بها ليس مختصا بزمان دون آخر، بل هى قضيه
غريزيه نابعه من تكوين الانسان الفطرى ويمكن تجددها
والاحساس بها فى كل زمان ومكان اذا توفرت شرائطها.


بل يمكننا الافتراض هنا ان الاحساس بالحاح هذه الحاجه فى
الوقت الحاضر هو اكثر بكثير مما كانت عليه زمن الصحابه.


فاذا
كان احساس الصحابه بهذه الحاجه لبضعه اسابيع او عده شهور،
وهى الفتره التى تستغرقها اطول حرب او غزوه غزاها المسلمون
مع رسول اللّه، اذاكانت سببا للترخيص فى النكاح الموقت، فان
طول الفتره التى يقضيهاالشاب بين بلوغه سن النضج الجنسى
وبين بلوغه معدل السن التى يكون مستعدا عندها للزواج، وهى
فى الغالب لا تقل عن سن الخامسه والعشرين، ان طول الفتره
هذه ادعى للافاده من هذا التشريع فى اشباع الحاجه الى
الشريك الجنسى وكسر حده الغريزه.


ولو رجعنا مره اخرى الى الحديث الذى ساقه البخارى عن
تشريع المتعه لوجدنا فيه، اضافه الى الاشاره الى احساس
الصحابه بضغط الغريزه الجنسيه والذى كان سببا مباشرا فى
الترخيص، وجدنا فيه ان رسول اللّه(ص) يتلو على الصحابه فى
مقام الترخيص قوله تعالى (يا ايها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات
ما احل اللّه لكم ولا تعتدوا ان اللّه لا يحب المعتدين)((211)) ولا
شك ان وصف الرسول لنكاح المتعه - او وصفه للنساءحال
الترخيص بهذا النكاح - بانه من الطيبات يعط ى هذا القسم من
النكاح صفه التشريع الثابت ويبعد عنه صفه التشريع
الاضطرارى كما حاول البعض وصفه بها فى مقام الدفاع عن
موقف الخليفه فى نهيه عن المتعه،فان الطيبات - بما هى - لا
تتوقف اباحتها على زمان بعينه او مكان دون آخر((212)).


ان استشهاد الرسول(ص) بهذه الايه الكريمه فى مقام
الترخيص بالمتعه يشجعنا على الاشاره مره اخرى الى ما قدمناه
من الحديث عن مفهوم الاسلام وموقفه من الدافع الجنسى
والى تاثير العوامل الاجتماعيه والمذهبيه فى الموقف السلبى
من هذا التشريع، ويجعلنا نفترض ان وصفه(ص) للمتعه بانها
من الطيبات ومن مصاديق عدم الاعتداء قد وفرالرصيد
الاخلاقى لهذا الفعل المحايد اصلا.


واخرجه من دائره
الخبائث الى عداد الطيبات.


ويمكننا بناء على ما تقدم ان ندرك اهميه هذا التشريع فى
معالجه قضيه تشكل عبئا كبيرا على جيل الشباب الملتزم
وتمثل تحديا موذيا للمجتمع وقيمه الدينيه والاخلاقيه.


فى
وقت تتوفر كل وسائل الاغراء بالانحراف وتتهيا فيه ارضيه
الفساد والافساد بشكل لم يعرف له تاريخنا فى مراحله مثيلا.


فالاختلاط بين الجنسين وصل الى اقصى مدياته فى كل زاويه
من زوايا المجتمع ونواحيه، فى الشارع والمدرسه والسوق
والدائره والمتنزه ووسائط النقل.


الخ.


ومظاهر الخلاعه والتبرج
شاعت بين اناث هذاالعصر الى الحد الذى صارت تستثير معه
كل مكامن الشهوه والغريزه لدى الشباب المستفز.


وقد ساعد فى اشاعه ما ذكرنا ومخاطره وسائل الحضاره
المرئيه والمسموعه والمقروءه، بحيث تحول الجنس من خلال
هذه الوسائل الى سلعه من اكثر السلع رواجا - وربحا كذلك -.


هذه هى البيئه التى يعيش فيها شباب هذا العصر، بيئه معباه
بابخره الجنس وايحاءاته القريبه والبعيده.


وذلك هو ظرفهم،
عوز فى المال والجاه يمنع الشاب من الزواج، ولا يتهيا له سده
قبل اكمال الدراسه والتاهل فى ميدان العمل.


فهل ما زلنا نصر
على الانرى، ونحن نشاهد بام اعيننا صلابه شبابنا - بل
رجولتهم - وهى تنماث فى هذا الجو الكاسر انمياث الملح فى
الماء؟
الجميع يرون.


كل المخلصين على اختلاف مذاهبهم
ومشاربهم يرون.


والجميع يطلقون صيحات الفزع من هذا الخطر الذى يتهدد
مستقبل اجيالناوجذور قيمنا، لا شك فى هذا.


ولكن ما يحتاج
الجميع الى رويته هو الحل الذى يخفف من وطاه هذا الواقع
ومخاطره ان لم يزلها.


فهل ما زلنا نعدعلاقه تقوم على العقد
والمهر والعده وتعترف بما يترتب على هذا من الولد والنسب
فجورا؟ وهل يصح لحر فى تفكيره ان يعتقد هذا وصدى نداء ابى
حفص (متعتان كانتا على عهد رسول اللّه وانا احرمهما
واعاقب عليهما) يتردد فى الاذان، وهل لحر فى تفكيره حقا ان
يرى هذا ونداء سيدالشريعه (يا ايها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات
ما احل اللّه لكم ولا تعتدواان اللّه لا يحب المعتدين) مل ء القلب.


او لم يئن الاوان بعد لان نشاطر عبداللّه بن عباس شعوره
بالاسى وهو يردد:ما كانت المتعه الا رحمه رحم اللّه بها امه
محمد ولولا نهيه (اى عمر) ما زناالا شفا((213)).


«4»
نهى عمر عن المتعه ودوافع هذا النهى
مربنا الاشاره الى ظروف تشريع زواج المتعه وبواعثه،
واستخلصنا من خلال تسليطنا الضوء على الحديث الذى يرويه
البخارى فى هذاالخصوص ان عامل الحاجه الملحه الذى كان
سببا مباشرا لتشريع هذاالنوع من الزواج فضلا عن وصف رسول
اللّه(ص) له بانه من الطيبات التى احلها اللّه ومن مصاديق عدم
الاعتداء يحملنا على الاعتقاد بان هذا التشريع لم يات لمعالجه
مشكله وقتيه مرتبطه بزمان او مكان معين، بل انه
اكتسب بهذين العنصرين - اشباع الحاجه الملحه وكونه من
الطيبات ومن مصاديق عدم الاعتداء - ضفه الدوام والبقاء.


وقد جاء نهى الخليفه عمر((214)) ليوكد هذه الحقيقه، وهى
ان هذا التشريع كان معمولا به زمن رسول اللّه(ص) وابى بكر
بعده، غير ان الخليفه ارتاى النهى عن هذا النكاح كما ارتاى
النهى عن امور اخرى كثيره لم يرد فيه كتاب ولا سنه، فقد
اشتهر عنه قوله: متعتان كانتا على عهد رسول اللّه وانا انهى
عنهماواعاقب عليهما، متعه الحج ومتعه النساء.


كما اشتملت
كتب الصحاح وغيرها من كتب الحديث على روايات كثيره
مسنده الى الصحابه، صرحوافيها بالعمل بنكاح المتعه زمن
رسول اللّه وابى بكر وشطر من خلافه عمر.


وقد اشتهر هذا النهى
عن عمر حتى عد نفيه وادعاء النسخ بالكتاب والسنه تعسفا
واضحا لوقائع التاريخ وثوابت الكتاب والسنه.


ولسنا نرى من الضرورى - هنا - ان نستعرض جميع الروايات
والاحاديث التى تشير الى هذا النهى وثبوت صدوره عن عمر،
فان القارى ء سيلتقى خلال الاتى من البحث مع عدد وافر من
هذه الاحاديث والروايات، كما انه سيطلع على رد مفصل على
دعوى نسخ المتعه بالكتاب والسنه.


سنحاول التركيز هنا على مساله النهى عن المتعه وظروف هذا
النهى ودوافعه وفقا للمنهج الذى اعتمدناه فى تتبع مفردات
هذا البحث منذبدايته.


ولعل القارى ء الكريم احاط من خلال تتبعه لما تقدم بملامح
هذا المنهج الذى يقوم اساسا على تناول الشخصيات التاريخيه
بعيدا عن الصوره(المثال) التى يرسمها التاريخ عاده لابطاله
وصانعيه، ويعتمد مقاربه هذه الشخصيات بتجريدهم عن هاله
القداسه وتهاويل العظمه التى اكتسبوهاحقا صرفا ببعدهم
الزمانى عن عصرنا ولعوامل اخرى اشرنا لبعضها، وينظرلهذه
الشخصيات كمخلوقات آدميه تعانى ما يعانيه الانسان العادى
من مشاعر الحب والكره، والوفاء والعقوق، والايثاروالانانيه،
والشجاعه والجبن.


الخ.


وتخضع لما يخضع له الانسان -العادى
وغيره - من موثرات الزمان والمكان والبيئه الاجتماعيه
وعوامل الوراثه فى صياغه الشخصيه وتحديد مواقفها وردود
افعالها.


ان تناول الشخصيات التاريخيه بوصفهم ابطالا اسطوريين لا
ترقى لساحه قدسهم الشبهات يجعل من العسير على الباحث
استنطاق وقائع التاريخ واحداثه والوصول الى نتائج محدده
ينتفع بها حاضرنا ومستقبلنا، اضافه لما فى هذا المنهج المغالى
من الاساءه لتاريخنا وديننا، فليس كل الابطال بقادرين على
تجاوز ظروفهم واوضاعهم الشخصيه ومقتضيات زمانهم.


ان
مثل هذا التخط ى لظروف الواقع والاستعلاء على معطياته غير
ممكن لبشر الا لمن اختاره اللّه وثبتت عصمته بالدليل.


لقد عودنا القارى ء الكريم على دراسه المواقف الاجتهاديه
للخليفه عمربتسليط الضوء على خلفيه هذه المواقف ومحاوله
البحث عن جذورها فى تربه الواقع الاجتماعى والظروف
الشخصيه التى عاشها الخليفه.


وسنسعى لان نقوم بنفس
المحاوله فى دراستنا لدوافع الخليفه للنهى عن المتعه وخلفيه
هذا النهى.


تحدثنا لدى الكلام على الموقف السلبى من المتعه عن دور
العامل الاجتماعى وتاثيره فى تكوين هذا الموقف وقلنا هناك ان
القيم الاجتماعيه السائده فى المجتمع العربى لم تكن
لتستسيغ اى علاقه للمراه بالرجل خارج اطار العلاقه التى
يعترف بها المجتمع وهى علاقه الزواج الدائم.


واحسب ان
بامكاننا الزعم هنا ان هذه النظره نفسها - وهى امتداد
لوضع اجتماعى وتاريخى سابق - حدت من ممارسه هذا
التشريع وحصرت تطبيقه وفعله من قبل الصحابه فى اضيق
نطاق ممكن، بحيث لم يتحول هذا الزواج الى علاقه رسميه
معترف بها من قبل المجتمع ولم يستطع ان يكسر - بشكل
كامل - كل الحواجز التى اقامتها ازمان متعاقبه فى
النفوس.


ويشجعنا على الاطمئنان لهذا الاستنتاج ان كثيرا من
الروايات الوارده - ان لم يكن اكثرها - فى النهى عن المتعه
كانت تتحدث عن استمتاع الصحابه بنساء مولدات مما يشير الى
ان الحرائر منهن - بشكل عام - كن يناين بانفسهن عن هذه
العلاقه اما لعدم رضاهن بها او بسبب التقاليد
الاجتماعيه الضاغطه التى تحول دون الاقدام عليها.


عن عروه بن الزبير ان خوله بنت حكيم دخلت على عمر بن
الخطاب وقالت: ان ربيعه بن اميه استمتع بامراه مولده حملت
منه، فخرج عمر يجر رداءه((215)).


وفى الاصابه: ان سلمه بن اميه الجمحى استمتع من سلمى
مولاه حكيم بن اميه بن الاوقص الاسلمى فولدت له، فجحد
ولدها، فبلغ ذلك عمر فنهى عن المتعه((216)).


غير ان القضيه الاشهر التى تذكرها كتب الحديث والتاريخ سببا
لنهى عمرعن المتعه هى قضيه عمرو بن حريث:
قدم عمرو بن حريث الكوفه فاستمتع بمولاه فاتى بها عمر وهى
حبلى فساله فاعترف.


قال: فذلك حين نهى عنها عمر((217)).


ولا يعنى هذا انه لم يقع استمتاع بغير المولدات من النساء، فان
هذا الحكم شرع فى وقت كان كل المسلمين - تقريبا - عربا،
وكان الصحابه قداستمتعوا زمن رسول اللّه وابى بكر.


غير اننا
اردنا - كما ذكرنا قريبا - الاشاره الى ان تشريع المتعه لم يقيض
له الانتشار بشكل رسمى وواسع بسبب مشاعر الريبه والضيق
التى كان ينظر بها الناس - وكلهم عرب يومذاك -لهذا النوع
من العلاقه، بحيث لم يتخذ العمل بهذا التشريع شكلا واسعا
الافى زمن عمر بن الخطاب.


ويبدو ان السبب فى هذا الانتشار
هو دخول امم اخرى فى الاسلام وانتقال عدد كبير من
المسلمين الجدد الى المدينه والامصار الاسلاميه الاخرى بعد
الفتوحات الاسلاميه التى حصلت ايام خلافه عمر.


وقد هيا هذا الاختلاط بين العرب وغيرهم الفرصه لرواج العمل
بهذاالتشريع وانتشاره فى اوساط القادمين الجدد الذين اطلق
عليهم اسم الموالى، والذين لم يكونوا يملكون حساسيه العرب
تجاه هذا التشريع،وهو ما يفسر لنا كثره حالات الاستمتاع بغير
العربيات فى هذه الفتره.


ورغم دخول هولاء الموالى فى الاسلام وصيرورتهم جزءا
من الامه المسلمه لهم ماللمسلمين وعليهم ما عليهم، الا ان
شعورا داخليا كان ما يزال يخامر الكثير من المسلمين العرب
فى تلك الفتره بانهم افضل من غيرهم، وان هولاء الذين دخلوا
الاسلام حديثا وان اطلق عليهم وصف المسلمين فعصمت
بذلك دماوهم واعراضهم واموالهم الا انهم لا يمكن ان يساووا
بالعرب من حيث المكانه الاجتماعيه وحق المشاركه
فى النشاطات العامه.


ومهما تكن درجه هذا الاحساس فى
النفوس وتفاوته قوه وضعفا بحسب ايمان الافراد وعمق
التزامهم الدينى، فان هناك احساساشبه عام فى تلك الفتره
بعدم كفاءه غير العربى للمصاهره.


وفى المقابل فان الرجل
العربى كان يطلب المراه العربيه التى يراها كفا
للاستيلادوالانجاب، لشعوره بعدم صلاحيه غيرها فى هذا
الخصوص.


وقد يبدو هذاالشعور مفهوما بالنسبه لجماعه عرقيه
عاشت معزوله - بشكل عام - فى صحرائها احقابا طويله، وكان
راس مال ثقافتها التفاخر بالانساب واصاله العرق وتمجيد
الفضائل التى تتحلى بها الوحده العرقيه التى ينتمى اليهاالفرد،
قبيلته وذووه الاقربون.


وقد بقى هذا التقليد ثابتا حتى اواخر العصر الاموى تقريبا، ثم
اخذ فى الانحسار بعد كثره اختلاط العرب بالموالى وتعاظم دور
هولاء فى الشوون العامه بدءا من العصر العباسى.


وبناء على ما تقدم واخذا بنظر الاعتبار ما اسلفناه من الحديث
عن دورالعامل الاجتماعى فى اضعاف هذا التشريع وكذا ما
قدمناه فى اول الكتاب عن قوه تاثير التقاليد العربيه الموروثه
فى مواقف الخليفه وآرائه الاجتهاديه، بناء على هذا كله
نستطيع ان نستخلص من روايات المنع عن المتعه عنصرين
اساسيين:
الاول: ان المتعه اخذت فى زمن عمر بن الخطاب مدى اوسع
فى الانتشاروالرواج عما كانت عليه زمن ابى بكر وحياه رسول
اللّه(ص).


وان السبب فى هذا الانتشار هو دخول العنصر غير
العربى فى الاسلامى والذى لم يكن يحمل خلفيه العربى
الاجتماعيه والنفسيه فى مواجهه هذا التشريع.


غير انه يمكن
القول ان هذا الانتشار كان من جانب واحد بسبب تاثير
التقاليدالموروثه، وان كثيرا من الرجال الذين مارسوا هذا النوع
من النكاح لم يكونوا مستعدين لمواجه آثاره وتحمل مسووليه
نتائجه، لهذا نرى بعضهم يسارع الى التنصل من هذه المسووليه
ويبادر الى انكار علاقته بالمراه المستمتع بها لئلا يضطر الى
الاعتراف بولد لم يكن مستعدا للاعتراف به،او قبوله بوصفه
ثمره لعلاقه موقته ومن امراه لم يكن يراها اهلا لان تكون اما
لولده.


وهذه الحوادث كانت من العوامل المباشره التى شجعت
الخليفه ودفعته لاعلان قراره بالنهى عن المتعه.


الثانى: يلاحظ على الخليفه وصفه لهذه العلاقه بانها سفاح
بقوله فى معرض النهى: بينوا حتى يعرف النكاح من السفاح،
كما يلاحظ عليه تهديده برجم فاعلها بقوله: فلا اوتى برجل نكح
امراه الى اجل الا غيبته بالحجاره.


ولا نجد فى هذا سوى ان الخليفه لم يكن يرى شرعيه هذا النوع
من الزواج وانه كان يرى فاعله زانيا مستحقا للرجم ان كان
محصنا، وانه لم يكن يرى فى ممارسه هذا التشريع زمن رسول
اللّه(ص) سببا كافيا للاستمرارفيه بل كان يرى لنفسه الحق فى
المنع كما كان لرسول اللّه الحق فى الترخيص.


وقد كان صريحا
غايه الصراحه فى ذلك بقوله: متعتان كانتا على عهد رسول اللّه
وانا انهى عنهما واعاقب عليهما: احداهما متعه النساء ولااقدر
على رجل تزوج امراه الى اجل الا غيبته بالحجاره والاخرى
متعه الحج((218)).


ورغم اعتذار الخليفه، كما فى نص الطبرى الاتى عن عمران
بن سواده، ان رسول اللّه احلها فى زمان ضروره ثم رجع الناس
الى السعه ثم لم اعلم احدا من المسلمين عمل بها ولا عاد اليها.


نقول رغم اعتذار الخليفه بهذاالقول فان ما قاله لا يقوم عذرا
للنهى الصادر عنه ولا يعطيه حق التحريم لفعل اباحه اللّه على
لسان رسوله، وذلك للاسباب التاليه.


1 - ان الضروره ليست مقدره بفتره زمنيه معينه وانما هى
تعبير عن حاله غريزيه يمكن حصولها وتجددها فى كل وقت.


بل
ان هذه الضروره قدتحققت فى زمن الخليفه نفسه بشكل اوسع
واكثر مما كانت عليه زمن رسول اللّه(ص).


ففى عهده اتسعت حركه الفتوحات وشقت طريقها فى كل
اتجاه وصقع.


وكان المجاهدون فى هذه الحركه الواسعه
يقطعون الفيافى والبلدان ويغيبون الشهور الطوال بل السنين
عن اهليهم وديارهم.


وفى مثل هذه الظروف لا يستطيع احد
الزعم ان هولاء المجاهدين لم يكونوايشعرون بذات الحاجه التى
الحت على الصحابه زمن الرسول وحدت ببعضهم الى التفكير
فى الاستخصاء والتى كانت السبب المباشر لتشريع هذا النكاح.


2 - ان عدم علم الخليفه بوقوع العمل بالمتعه بعد تصرم زمان
الضروره والرجوع الى السعه - كما يقول - ليس دليلا على عدم
الوقوع، فقد يكون العمل بها واقعا ولم يعلم به الخليفه، وحتى لو
كان عدم علمه بوقوع النكاح دليلا على عدم وقوعه فانه
لاينهض مبررا كافيا للمنع عنه مالم يرد نهى ممن له حق النهى
وهو رسول اللّه(ص) يحرم هذا النكاح.


ولا يسعنا ونحن نقرا راى الخليفه هنا وتبريره للمنع سوى
التذكير بمااسلفنا الحديث عنه من تاثر الخليفه عمر بمعطيات
بيئته الاجتماعيه والقيميه التى جاء الاسلام لتصحيحها، وعدم
القدره على الانسجام - فى كثير من الموارد - مع روح التغيير
التى حملتها تعاليم الرساله الاسلاميه وتشريعاتها لذلك الواقع.


فالضروره التى احتج الخليفه بعدمها لتسويغ النهى كانت تحت
نظره وفى مدى سمعه، واعراض المسلمين او عدم حماسهم -
لو وقع - لهذا النكاح لا يدل على اكثر من ارتفاع الحاجه
اليه والاكتفاء عنه بالزواج الدائم، او على الحساسيه التى يحملها
الناس يومذاك لاصل العلاقه الموقته بالمراه.


الحساسيه التى
نرى انها كانت الدافع من وراء تحريم الخليفه للمتعه.


واما
الحوادث المتعلقه بالمتعه والتى كانت وقعت ايام خلافته فلم
تكن سوى مناسبه للتعبير عن هذاالحساسيه والموقف الرافض
اصلا لهذا النوع من النكاح.


فمتعه النساءشانها شان شريكتها فى
سخط الخليفه وقرينتها فى التحريم، متعه الحج، لم يصادف
تشريعها هوى فى نفس الخليفه الذى اضمر لها ما وقع، واتخذ
من عدم حاجه الناس اليها - كما يقول - فى حال السعه ذريعه
للمنع، مع اعترافه بعدم صدور النهى عن رسول اللّه لهذا النكاح
بقوله: (متعتان كانتا على عهدرسول اللّه.


).


«5»
الموولون وتحريم المتعه name="link27">
لانعتقد ان قضيه شغلت بال الموولين لاجتهادات الخليفه عمر
واتعبت مسعى المعتذرين فى مضمار الاعتذار والتبرير اكثر من
هذه القضيه.


ذكرنا فى مطلع هذا البحث ان هذه المفرده من اجتهادات
الخليفه خضعت لنفس آليه التبرير والتاويل التى خضعت لها
اجتهاداته الاخرى، وان هناك اتجاها لدى هولاء لاحلال مواقف
عمر واجتهاداته محل سنه رسول اللّه(ص).


وهذا الاتجاه وان لم
يكن مقصودا ومباشرا فى منهج هولاء التبريرى الا انه من
الناحيه العمليه لا يودى الى غير هذه النتيجه، فان هولاء
الموولين لم يتعاملوا مع شخصيه عمر الواقعيه بحجمها البشرى
المحدود وغيرالمعصوم، وانما تعاملوا مع الصوره التى تظافر فى
رسمها التاريخ والسياسه والزمن والبيئه.


لهذا الرجل.


وشخصيه
هذه صورتها لابد ان تلتمس الاعذار عنها لما يتراءى للناظر انه
هفوات فى سلوكها ومواقفها.


وهذا ما حصل فعلا وسجله
التاريخ، ليس فى هذه القضيه فحسب بل فى جميع القضايا التى
انفرد فيها عمر وخالف فيها سنه رسول اللّه.


والملاحظ ان المعاصرين للخليفه ورغم تمسكهم بطاعته
واذعانهم لمواقفه - ودرته ايضا - لم يتعاملوا معه على هذا النحو
الذى جرى عليه الموولون.


بل انهم كثيرا ما ناقشوه الحساب
واحتجوا عليه بسنه رسول اللّه(ص) فى موارد خلافه عليها،
وبعضهم عاد لمخالفته بعد وفاته وغياب شبح درته.


اخرج الحافظ ابن شيبه عن نافع: ان ابن عمر سئل عن المتعه.


فقال: حرام.


فقيل له: ابن عباس يفتى بها.


قال: فهلا ترمرم بها
فى زمان عمر((219)).


والمفارقه القاسيه فى اجتهادات عمر وتاويل من جاء بعده لها
ان هولاءالموولين اعطوا هذا الرجل من الحصانه والتسليم بما
صدر عنه ماضن به هو نفسه على رسول اللّه(ص)! اذ لم ير
لسنته(ص) فى كثير من الموارد ما رآه الموولون بعده من
القداسه لاجتهاداته، فكانت نتيجه اجتهاداته ودفاع الموولين
عنها هى التضحيه بسنه رسول اللّه(ص) واحلال سنه عمر
مكانها فى هذه الموارد.


لو عدنا الى منهج الموولين لتحريم عمر
متعه النساء لوجدنا فى هذه القضيه- كما وجدنا فى متعه الحج
- عنصرين ثابتين هما ادوات هولاء الموولين وبضاعتهم فى
التبرير، وهذان العنصران هما: ادعاء النسخ، وتفسير
نهى الخليفه على نحو يبرئه من مخالفه الكتاب والسنه.


فالذين تصدوا لمعالجه هذه القضيه فريقان، ادعى احدهما نسخ
هذاالتشريع، ولهولاء فى هذا تصويب وتصعيد، وتشريق وتغريب،
فمنهم من قال بوقوع النسخ بالكتاب، واختلفوا فى تعيين الايه
الناسخه اختلافافاحشا، ومنهم من قال بوقوعه بالسنه، واختلف
هولاء ايضا فى تعيين الزمان والمناسبه.


ومع ان قول عمر:
(متعتان كانتا على عهد رسول اللّه واناانهى عنهما واعاقب
عليهما) صريح فى عدم ورود نهى من الكتاب والسنه عن
العمل بالمتعه، الا ان هولاء الموولين استقتلوا فى اثبات النسخ
وافتعال المناسبات والتواريخ لوقوعه، ومن هنا جاء اضطرابهم
واختلافهم فى تعيين الايه الناسخه او التاريخ والمناسبه التى
شهدت هذا النسخ، وسيطلع القارى ء الكريم فيما ياتى من
البحث على تفصيل الاقوال فى هذه المساله.


واما الفريق الثانى فحيث لم يثبت لديه النسخ وجه همه
للتعاط ى مع نهى الخليفه بشكل يبرئه ويظهر نهيه وكانه لا
يتقاطع مع الكتاب والسنه وان خالفهما ظاهرا، وفيما يلى
نموذجان لهذا التاويل:
ذكر القوشجى فى شرح التجريد ان عمر قال وهو على المنبر:
ايها الناس ثلاث كن على عهد رسول اللّه(ص) وانا انهى عنهن
واحرمهن واعاقب عليهن: متعه النساء، ومتعه الحج، وحى على
خير العمل.


ثم اعتذر عن هذابقوله: ان ذلك ليس مما يوجب
قدحا، فان مخالفه المجتهد لغيره فى المسائل الاجتهاديه ليس
ببدع((220)).


ولا نريد ان ننقاش القوشجى فى رايه العجيب، فان هذا سياتى
فى محله،ولكننا نوجه سوالا تعليقا على هذا الراى: هل يجرو
القوشجى بوصفه مجتهدا على مخالفه عمر فى اجتهاده فيفتى
بحليه نكاح المتعه؟
لسنا متاكدين انه سيفعل ذلك لان صوره المجتهد الحاكم
لدى هولاء هى اقوى بكثير من صوره المجتهد العالم!
والنموذج الثانى: ما اورده ابن القيم فى زاد المعاد، فانه بعد ان
ذكر انقسام الناس الى طائفتين، طائفه ترى ان عمر هو الذى
حرم المتعه، وطائفه ترى ان رسول اللّه هو الذى حرمها قال:
قيل: الناس فى هذا طائفتان: طائفه تقول:ان عمر هو الذى
حرمها ونهى عنها، وقد امر رسول اللّه باتباع ما سنه
الخلفاءالراشدون.


والطائفه الثانيه رات.


ان رسول اللّه حرم
متعه النساء ((221)).


ولا يخرج ما ذكره ابن القيم هنا عما اوردناه قريبا من وجود
عنصرين فى هذه القضيه وفريقين انقسما بحسب هذين
العنصرين.


وهو عين ما ذكرناه ايضا لدى الحديث عن متعه الحج
وانقسام الموولين الى فريقين بحسب هذين العنصرين نفسهما.


والحقيقه ان هذا التشابه فى الطرح ناجم عن التشابه فى
المنطلقات التى صدر عنها الموولون على اختلاف القضايا التى
عالجوها، فان هولاء جميعا كانوا ينطلقون من مسلمه واحده
وهى ان صوره الخليفه يجب ان تبقى بعيده عن شبهه المخالفه
لكتاب اللّه وسنه نبيه، ولا يهم الموول ان كان ثبت لديه نسخ
للتشريع او ثبت عنده ان عمر هو الذى حرمه.


فان الخليفه حتى فى حال مخالفته للسنه لا يكون مخالفا لها!
بل تبقى صورته نقيه من شائبه المخالفه ما دام رسول اللّه امر
باتباع سنه الخلفاءالراشدين، وعمر احدهم.


ولا يهم الموول ايضا
ان كان عمر هو الذى حرم المتعه ورسول اللّه احلها، ولا يهمه
كذلك ان كان رسول اللّه امر باتباع سنه الخلفاء الراشدين ام لم
يامر، فليكن هذا الحديث ضعيفا لدى الموول اوانه لم يطرق
سمعه اصلا، فالصوره هى الصوره يجب الاستماته دونها فى كل
حال.


فهى ارث الاباء للابناء ومحط القلوب، وهى وديعه
التاريخ وصنيعه الزمن.


ليكن هذا كله، فان عمر مجتهد ورسول
اللّه كذلك، ومخالفه المجتهد لغيره فى المسائل الاجتهاديه
ليس ببدع كما يقول القوشجى!!.


نصوص فى متعه النساء ونهى عمر عنها((222))
1 - عن جابر بن عبداللّه، قال: كنا نستمتع بالقبضه من التمر
والدقيق، الايام على عهد رسول اللّه(ص) وابى بكر، حتى نهى
عنها عمر فى شان عمرو بن حريث.


صحيح مسلم((223))، جامع الاصول لابن الاثير((224))،
تيسير الوصول لابن الديبع((225))، زاد المعاد لابن
القيم((226))، فتح البارى لابن حجر((227))، كنز
العمال((228)).


2 - عن عروه بن الزبير: ان خوله بنت حكيم دخلت على عمر
بن الخطاب(رضى اللّه) فقالت: ان ربيعه بن اميه استمتع بامراه
مولده فحملت منه، فخرج عمر(رضى اللّه) يجر رداءه فزعا
فقال: هذه المتعه، ولو كنت تقدمت فيه لرجمته.


اسناد صحيح رجاله كلهم ثقات، اخرجه مالك فى
الموطا((229))، والشافعى فى كتاب الام((230))، والبيهقى
فى السنن الكبرى((231)).


/ 6