• عدد المراجعات :
  • 477
  • 3/5/2011
  • تاريخ :

أشراط الساعة (3)

الورد

ويتحصّل من الإمعان في الآيات أنّه سبحانه يحكي في لفيف منها عن أُمور ثلاثة، الأوّلين راجعان إلى ماقبل القيامة، ويعدّان من أشراطها، والثالث إلى نفس القيامة.

فالأول: هو وقوع القول على الكافرين وخروج الدابة.

والثاني: هو حشر فوج من كلّ أُمة.

والثالث: هو نفخ الصّور، أعني قوله سبحانه: "يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ"(النمل:87).

وعلى ضوء ذلك يمكن عدّ الأوّل والثاني من أشراط الساعة1.

 

و- مجيء بعض آيات الربّ تعالى

يقول سبحانه: "هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلاَئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ"(الأنعام:158).

الاستفهام في الآية إنكاري، وقع في مقام يعرب عن عدم نفع العظة ونجاح الدعوة، وأنّ المخاطبين كانوا في عناد ولجاج إزاء دعوة النبي الأكرم، كما هو الظاهر من الآيات المتقدمة عليها، فإنّه يقول: (أن تقولوا إنّما أُنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا...). (أوتقولوا لو أنّا أنزل علينا الكتاب، لكنّا أهدى منهم...).

 

ففي هذا السياق ورد قوله سبحانه

(هل ينظرون)، أي هؤلاء لا ينتظرون إلا أموراً تترجح بين كونها موجبة لهلا كهم أو كونها أمراً محا لاً في نفسه، أوغيرناجعة في إيمانهم عند وقوعها.

فالأول: هو قوله تعالى: (ان تأتيهم الملائكة)، فإنّ نزول الملائكة عليهم يلازم هلاكهم. يقول سبحانه: "مَا نُنَزِّلُ الْمَلاَئِكَةَ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ"(الحجر:8).

والثاني: هو مجيء الربّ ومشاهدته بأُمّ أعينهم، وهو أمر محال. وإن أريد منه يوم اللقاء، الّذي ينكشف منه الغطاء، ويتجلى سبحانه بأسمائه و صفاته، تجلّياً لا يبقى معه ريب ولا شك، فلا ينجع إيمانهم عند ذاك.

والثالث: وهو مجيء بعض آياته، فهو مردد بين أن يكون المراد منه الموت الّذي تتبدل فيه نشأة الحياة إلى نشأة أُخرى، أويكون المراد هو خروج الدابة عند دنو الساعة الذي مضى البحث عنه، وعند ذلك تكون الآية ناظرة إلى بعض أشراط الساعة.

وعلى كلا المرادين، لاينفع بعدهما الإيمان والاستغفار...

قال الطبرسي: "المراد الآيات التي تضطرهم إلى المعرفة، ويزول التكليف عندها (لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل) لأنّه ينسد باب التوبة بظهور آيات القيامة"2.

روى العيّاشي عن أبي جعفرو أبي عبدالله عليهما السَّلام، في تفسير الآية، قولهما:"طلوع الشمس من المغرب، وخروج الدابة، والدخان، والّرجل يكون مصراً ولم يعمل على الإيمان ثم تجيء الآيات، فلا ينفعه إيمانه"3.

هذا بعض الكلام حول أشراط الساعة الواردة في آيات الذكر الحكيم.

 

وأما الروايات، فنقتبس منها ما يلي

1- روى مسلم في صحيحه عن حذيفة بن أسيد الغفاري: اطّلع رسول الله صلى الله عليه وآله علينا ونحن نتذاكر فقال: ما تذكرون؟ قلنا: نذكر الساعة، قال: إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات، فذكر: الدّخان، والدجّال، والدابّة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى بن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسفٌ بالمشرق، وخسفٌ بالمغرب، وخسفٌ بجزيرة العرب، وآخر ذلك نارٌ تطرد النّاس إلى محشرهم4.

2- روى القمي في تفسيره عن عبدالله بن عباس، قال: حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله حجة الوداع، فأخذ باب الكعبة، ثم أقبل علينا بوجهه، فقال: ألا أخبركم بأشراط الساعة، وكان أدنى الناس منه يومئذ سلمان رضي الله عنه، فقال: بلى يا رسول الله.

فقال: إنّ من أشراط القيامة، إضاعة الصلاة، واتباع الشهوات، والميل مع الأهواء، وتعظيم أصحاب المال، وبيع الدين بالدنيا، فعندها يذاب قلب المؤمن وجوفه كما يذوب الملح في الماء مما يرى من المنكر فلا يستطيع أن يغيّره.... لاحظ بقية الحديث5.

*الإلهيات،آية الله جعفر السبحاني

 --------------------------------------------------------------------------------

الهوامش:

1- ومن أراد التبسط في الآية، فعليه الرجوع إلى المصادر التا لية: تفسير الطبري، ج 20، ص 10-12. الدر المنثور، ج 5، ص 116. تفسير البرهان، ج3، ص 209-211.

2- مجمع البيان ،ج 2،ص388.

3- البحار،ج6،ص 312، الحديث 13.

4- جامع الأصول، ج11، ص 87، الحديث(7898). ورواه الصدوق في الأمالي، وقال في آخره: ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر تنزل معهم إذا نزلوا، وتقبل معهم إذا اقبلوا (البحار، ج،6،ص 303).

5- البحار،ج6، الحديث 6، ص 305-309. وقدروى المجلسي في الجزء السادس من بحاره، في باب أشراط الساعة ص 303-306، اثنين وثلا ثين حديثاً. وما نقلناه نموذج من تلك الأحاديث، كما روى الجزري، في الجزء الحادي عشر من جامع الأصول، في الباب المعقود لبيان أشراط الساعة، ص 74 - 94، مائة وستة أحاديث. 


عقيدتنا في البعث والمعاد

حقيقة الشفاعة وأقسامها

المعاد والإيمان وأحكامه (2)

محكمة الآخرة

في اعماقنا مثال لمحكمة القيامة

المعاد و التقية

من أدلة وجوب المعاد : صيانة الخلقة عن العبث

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)