• عدد المراجعات :
  • 921
  • 8/29/2010
  • تاريخ :

الفكر الأصيل- التبليغ والإعلام في الإسلام (9)

الورد

فالمسيحية نفسها، لم تكن تصرح - علناً - بحقيقتها، وهي التي أشعلت نيران الحروب الصليبية، لمدة مئتي عام ضد الدول الإسلامية، وكم ارتكبت من الجرائم والمجازر في العالم الإسلامي ذاته.

هكذا إذاً هي الدعاية المسيحية، فالتبشير والإعلام الكنسي - وكما ذكرت قبل قليل - مبني على تلك المفاهيم والمزاعم، وهم لا يريدون أن يجهزوا بالحقائق ويصرحوا بها كما هي فعلاً.. إنهم يصورون النبي (ص) شخصية قاسية وعنيفة ومتعطشة للدماء!

وحين واجه المثقفون المسلمون الإعلام الأوروبي لأول مرة - وكان ذلك في بدايات القرن العشرين ونهاية القرن التاسع عشر - بعد عدة قرون من بدء ذلك الإعلام، فإنهم قد أصيبوا بالدهشة إذ أنهم حينما طالعوا الكتب الأوروبية، وتسنى لهم الإتصال بأوروبا، وحصل العديد من الزيارات، وبمجرد أن شاهدوا في مصر والهند وفي البلدان الإسلامية المتقدمة أن العدو قد شن هجومه ضد الإسلام عن هذا الطريق، وركز على موضوع القسوة والغلظة والشدة في الإسلام والسيوف الإسلامية، بادروا الى اتخاذ ردود فعلإنفعالية ودفاعية. وهكذا فإنهم - حسب اعتقادي - أنكروا مبدأ الجهاد في الإسلام من الأساس، ونفَوا أن يكون هناك تحرك مسلح في الإسلام، ووصل الأمر بهمالى مرحلة أن بعضهم قال إن جميع الحروب التي خاضها رسول الله (ص) كانت حروباً دفاعية؛ إنني أُنكر ذلك.

لقد كان الرسول يخوض الحروب "ليُخرج الناس من الظلمات الى النور" وهو الهدف الذي حدده الإسلام للجهاد

لقد كان الرسول يخوض الحروب "ليُخرج الناس من الظلمات الى النور" وهو الهدف الذي حدده الإسلام للجهادالإسلام يريد بواسطة الجهاد أن يخرج الناس من ظلم الأديان الأخرى (المحرَّفة طبعاً) الى عدل الإسلام، وليحطم القيود والسلاسل التي تكبل أرجل الناس، وهذا أمر لا يمكن تحقيقه بغير الجهاد ومواجهة ذوي القوة والهيمنة في العالم، وإزالة نفوذ مستكبري العالم وسيطرتهم. فهل يمكن تحقيق هذه الغاية بدون قوة السيف؟!

لقد كان الرسول الأكرم (ص) مضطراً لأن يخوض الحروب لأن طبيعة الدعوة تتطلب ذلك. مَن الذي يقول إن معركة بدر كانت دفاعية؟! ومَن الذي يقول إن الهجوم لفتح مكة كان دفاعياً؟! ومَن الذي يقول إن معركة خيبر كانت دفاعية؟! ومَن الذي يقول إن معركة حنين كانت دفاعية؟! لقد خطط الرسول الأكرم ونفذ - بمبادرة منه - أكثر من سبعين معركة وغزوة وسَرية وقادها بنفسه، فماذا يعني القول إنها دفاعية؟!

لقد أنكر المثقفون المسلمون الذي عاشوا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين - وهم معروفون في العالم الإسلامي - الجهاد بشكل كامل، من موضع الإنفعال في مقابل الهجمة الغربية، بدلاً من أن يقوموا بإيضاح معنى الجهاد في الإسلام، وبدلاً من أن يبيّنوا للناس أن الجهاد في الإسلام يستهدف خدمة الجماهير المحرومة، وأنه لصالح الشعوب المظلومة، وهو حرب على الحكومات الظالمة والسلاطين الجائرين وليس ضد الشعوب، وأن الحرب في الإسلام ليست من أجل احتلال الأراضي، وإنما هي حرب من أجل إنقاذ الناس وتحرير البلدان من هيمنة الأعداء.

لقد أنكر المثقفون المسلمون الذي عاشوا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين الجهاد من موضع الإنفعال في مقابل الهجمة الغربية، بدلاً من أن يقوموا بإيضاح معنى الجهاد في الإسلام، وبدلاً من أن يبيّنوا للناس أن الجهاد في الإسلام يستهدف خدمة الجماهير المحرومة،

إنهم، بدلاً من أن يقوموا بإيضاح هذه الحقائق، قد أنكروا - من الأساس - مبدأ كون الجهاد الإسلامي إبتدائياً وهجومياً، وكان موقفهم هذا إنفعالياً، ونحن لا نقر هذا الموقف ولا نوافق عليه، ولا ينبغي أن يكون الدفاع هكذا في مقابل الأعداء.

وكمثال آخر في هذا السياق، فإن الغرب يهاجم مبدأ تعدد الزوجات في الإسلام، وهذا أمر موجود في الإسلام، وهو وارد في آيات القرآن الكريم بصراحة ولا يمكن المساس بهذا المبدأ.. لكن المثقفين المسلمين، وفي سبيل أن يكونوا بمنأى من هجمات الأعداء وليصونوا أنفسهم منها فإنهم أنكروا مبدأ تعدد الزوجات، في الوقت الذي كان بإمكانهم أن يوضحوا حقيقة هذا المبدأ وأبعاده، ويبيّنوا للناس ماذا يعني تعدد الزوجات؟ وأن الغرب الذي يعارض - في الظاهر - تعدد الزوجات فإنه هو الآخر يشهد تعدد الزوجات، وكل ما في الأمر أن الرجال الغربيين ينفذون ذلك على شكل علاقات غير مشروعة مع عدة نساء، من شتى الأشكال والأنواع، وقلما يوجد رجل في الغرب يبقى مصوناً من الوقوع في مثل هذه الخطايا والمزالق.

آية الله العظمى السيد علي الخامنئي


الفكر الأصيل- التبليغ والإعلام في الإسلام (8)

الفكر الأصيل- التبليغ والإعلام في الإسلام (7)

الفكر الأصيل- التبليغ والإعلام في الإسلام (6)

الفكر الأصيل- التبليغ والإعلام في الإسلام (5)

الفكر الأصيل- التبليغ والإعلام في الإسلام (4)

 

 

 

 

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)