• عدد المراجعات :
  • 1130
  • 10/12/2009
  • تاريخ :

التكاملية بين الواقع الامني و الجنائي

الواقع الامني و الجنائي

والمفهوم الشامل للامن العام يقوم علي الصلة التكاملية بين الواقع الامني و الجنائي و بين الواقع الخدمي و البلدي . فكل تحسن في الاوضاع الخدمية التي تتصل بتأمين الخدمات الخاصة بالنقل و المرور ، و الماء و الكهرباء و تصريف مجاري المياه الثقيلة ، و تحسين الخدمات الترويحية كالمتنزهات و الحدائق العامة و مدن الالعاب ، و كذلك تطوير الخدمات الصحية في المستشفيات و دوائر الاسعاف الفوري ، و الخدمات التعليمية بتوفير رياض الاطفال و المدارس ، انما ينعكس ايجابياً لصالح توطيد النظام العام و تخفيض معدلات الاجرام .. و بذات الوقت فان الانضباط الامني و سيادة القانون من العوامل المساعدة و الضرورية لتأمين و ازدهار الخدمات العامة في المدن و الارياف.

ان العلامة بين ظاهرة التحضر و الجريمة قوية و متشعبة . و هذه الحقيقة هي التي ساعدت علي ظهور فرع جديد من فروع علم الاجتماع باسم (علم الاجتماع الحضري)،

ولم يعد هناك خلاف بين علماء التخطيط الحضري و الاقليمي من ان الجريمة في المدن ، اوسع و اخطر ، كماً و نوعاً ، من الجريمة في الريف. و ان العلامة بين ظاهرة التحضر و الجريمة قوية و متشعبة . و هذه الحقيقة هي التي ساعدت علي ظهور فرع جديد من فروع علم الاجتماع باسم (علم الاجتماع الحضري)، بل اصبح معروفاً و متداولاً في دراسات اساتذة التخطيط الحضري و الاقليمي مصطلح ( الجريمة الحضرية ) ، (للمزيد من التفاصيل انظر مؤلف الاستاذ الدكتور حيدر عبد الرزاق كمونة - العلاقة بين ظاهرة التحضر و الجريمة - الموسوعة الصغيرة - تسلسل 405 - اصدار دار الشؤون الثقافية العامة - وزارة الثقافة و الاعلام - بغداد- 1997 ، الاستاذ الدكتور خالص حسني الاشعب - الجريمة الحضرية بين الامن المتحقق و الوقاية المطلوبة - مجلة دراسات اجتماعية - بيت الحكمة - بغداد- العدد الاول/ 1999- صفحة 46 - 63).

و علي المستوي العالمي انشغل الفكر الانساني بنتائج الدراسات الاممية التي توصلت الي انه من سنة 1970 حتي سنة 2025 ستتضاعف تقريباً نسبة قاطني المدن الكبري ، و ذلك نظراً للنمو الذي سوف تحققه هذه المدن في البلاد النامية. و في سنة 2025 سيعيش قرابة 30% من سكان الحضر في تلك البلاد في مدن ، يربو عدد سكانها علي اربعة ملايين نسمة . و يثير النمو السريع لسكان الحضر اكثر مما يتجلي في نشوء التجمعات السكنية العشوائية علي جوانب كل مدينة من مدن العالم النامي . و تشكل هذه التجمعات عموماً اقل احياء المدينة حظاً من الخدمات الصحية و في وسائل الانتقال ، فأهلها يفتقرون الي الخدمات الاساسية بقدر ما يفتقرون الي الشعور بالامن و الاستقرار في الحيز الذي يحتلونه. كما ان كثير من المدن الكبري بلغت ازمة المساكن فيها حداً مروعاً . فحسب تقدير البنك الدولي سنة 1975 ، لا يجد ربع السكان الاشد فقراً بمعظم المدن الافريقية و الاسيوية مسكناً يأوون اليه. و تشير الدراسات الاممية الي تدني الاحوال الصحية لفقراء المدن . و ان مشكلة التعليم هي اخطر مشكلات المناطق الحضرية. وان الفقر و سوء التغذية يعاني منه سكان المدن اشد من معاناة سكان الريف ، ( رافائيل م. سالاس - مدن بلاد حدود - مجلة رسالة اليونسكو - العدد 308/ كانون الثاني/ 1987 الصفحات 10- 17).

تشير الدراسات الاممية الي تدني الاحوال الصحية لفقراء المدن . و ان مشكلة التعليم هي اخطر مشكلات المناطق الحضرية. وان الفقر و سوء التغذية يعاني منه سكان المدن اشد من معاناة سكان الريف.

و قد ثبت لدي هيئة الامم المتحدة ، ان ما يزيد علي الف مليون نسمة - اي ربع سكان الارض تقريباً - بلا مأوي بمعني الكلمة او يعيشون في مساكن سيئة غاية السوء ، و في بيئات غير صحية. و هناك ما يقرب من مائة مليون انسان ليس لهم مأوي علي الاطلاق ، فهم ينامون في الشوارع و تحت الجسور وفي الاراضي الخراب و الازقة و مداخل المباني . كذلك اعلنت الجمعية العامة للامم المتحدة عام 1987 سنة دولية لايواء المشردين ، (مجلة رسالة اليونسكو - ملايين المشردين في العالم - العدد 308/ كانون الثاني/ 1987- الصفحات 18- 19).

لذلك بذلت هيئة الامم المتحدة خلال الربع الاخير من القرن الماضي استعداداً لمواجهة المشاكل المتوقعة الناجمة عن ظاهرة النمو الحضري المذهل، وتوقعاتها بأن القرن الحادي والعشرين سيشهد في بداياته مشكلات حادة تعلق بالاسكان والنقل والغذاء وامدادات المياة والتعليم والمرافق الصحية والامن. (مجلة رسالة اليونسكو- العدد 286/ اذار/ 1985- افتتاحية العدد بقلم رئيس التحرير ادوار جليسيان- صفحة 3).

وتضافرت جهود العديد من المنظمات الدولية التابعة لهيئة الامم المتحدة و منظمات اخري حكومية و غير حكومية متعاونة مع المجلس الاقتصادي و الاجتماعي في الهيئة المذكورة لمعالجة عدد من مشكلات المدن في العالم من نواحي التنمية البشرية ، و تحسين البيئة و الارتقاء بوسائل التربية و التعليم ، و نشر الثقافة ، و تشجيع السياحة ، والتقدم العلمي و التكنولوجي ، و الارتقاء بضمانات حقوق الشعوب في حريتها باختيار نظامها السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي ، و الاستثمار الحر لثرواتها الوطنية ، و بضمانات حقوق الانسان المدنية و السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية.

و مازالت الجهود الاممية لمعالجة مشكلات التحضر في المدن مستعصية ، و تحتاج الي جهود اكبر ،فقد وصل التمايز بين المدن المعاصرة و الانظمة الحضارية الي حد دفع الممارسين و علماء الاجتماع الي ابتكار و تطوير مفاهيم و اساليب نظرية جديدة ..

فمع ما تشهده المدن من تغييرات هائلة ، يؤدي التحضر السريع الي نمو مدن ضخمة و الي اختلالها الوظيفي المعروف ، و الذي يؤدي الي تراجع الجانب الانساني ، و يشي بالتناقضات الاجتماعية - الاقتصادية ، تلك الهوة التي تزداد اتساعاً بين الطبقة الوسطي و العليا في المجتمع .. و بين طبقات الفقراء و المهمشين من السكان. و تلك المدن التي تخسر في السباق الاقتصادي الكوكبي ، يتم تهميشها ايضاً ، و يتزايد احساس مواطنيها بعدم الرضا عن النظام الديمقراطي الذي يبدو انه لم يستطع ان يحقق احلامهم ، (المجلة الدولية للعلوم الاجتماعية - العدد 172/ حزيران/ 2002 - اليونسكو - مركز مطبوعات اليونسكو - القاهرة - كلمة التحرير - صفحة 11).

فمع ما تشهده المدن من تغييرات هائلة ، يؤدي التحضر السريع الي نمو مدن ضخمة و الي اختلالها الوظيفي المعروف ، و الذي يؤدي الي تراجع الجانب الانساني ، و يشي بالتناقضات الاجتماعية - الاقتصادية ، تلك الهوة التي تزداد اتساعاً بين الطبقة الوسطي و العليا في المجتمع .. و بين طبقات الفقراء و المهمشين من السكان.

و نالت مشكلة الجريمة عناية متقدمة علي غيرها من المشاكل الاجتماعية العالمية ، لان فقدان الامن يعرقل المساعي التقدمية لتحسين الاحوال العامة ، سواء اكانت متصلة بالجوانب السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية او الثقافية. لذلك اعتنت (عصبة الامم) بعد الحرب العالمية الاولي (1914- 1918) و (هيئة الامم المتحدة ) بعد الحرب العالمية الثانية (1939- 1945) بوضع دعائم قوية للتعاون الدولي في مكافحة الاجرام ، تأطرت بمعاهدات دولية ، جرت عليها تعديلات و تبديلات علي وفق تطور مشكلة الاجرام في العالم.


الجريمه – حدث نادر

علم الإجرام

جغرافية الجريمة الحضرية

الظاهرة الاجرامية

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)