• عدد المراجعات :
  • 3162
  • 3/5/2008
  • تاريخ :

الديمقراطية والتحديث الإسلامي
الديمقراطية

 

الاسلام يواجه في العصر الراهن كثير من التحديات على المستوى العالمي المناهض او في المستوى الاسلامي المتطرف، وبين هاتين القوتين يجد الاسلام نفسه في مفترق الإختيار، فإما التخلي عن التواصل او الانضمام مع القوى التي تشد سلبا مع فحوى الرسالة الحقيقي وتشوه كينونتها الروحية كما هو مسرى الإرهاب والتطرف والتشدد، وكان هذا المكان الذي حاولت كثير من القوى ان تضع الاسلام في الحيرة الاختيارية فأي من الطريقين يعتبر مضيعة حقيقية للاسلام والمسلمين، لكن الدين يأبى ان يضيع وهو يحتفظ بالركائز التي تؤدي به الى الاستمرار والتجدد وخصوصا عند العودة لمضامينه الحقيقية والمرونة المختزنة فيه ويدل على هذا تفاعلات العمل الاسلامي في السيرة النبوية والراسخين بعلم الرسالة  الربانية.

وانسجاما مع تلك الروح فعلينا في العراق او في غيره من الدول الاسلامية قبول التحدي المطروح على الساحة العالمية والمحلية والتعامل مع الضغطين الهادفين الى استلاب الهوية والدين والحضارة والمصير بعقلانية بعيدا عن التشنج او التقوقع والنظرة الاحادية التي تلغي الآخر جملة وتفصيلا، والاخذ والعطاء من زاوية ان الآخر معني بنفس الدرجة بالدين والاخلاق اي خلق اجواء شفافة لتلاقح الافكار اي رسم او تجديد رسم الانطباع الاسلامي المعتدل ومحاولة مسح الانطباعات التي خلفها ويخلفها التطرف الاسلامي وطرح تصور فكري بديل للتعامل مع الآخر العلماني او المعلوم ـ اسلام ـ تحديث ـ ديمقراطيةـ.

فالاسلام يمتلك ما هو اكثر شفافية من الديمقراطية ويتفوق في مجالها بما يمتلك من مرونة وتسامح وقبول الآخر المختلف.

لذا فان الديمقراطية تجد لها مكانا متميزا وفاعلا في الفكر والممارسة الاسلامية ويمكن مقاربة الشورى والمشاركة المجتمعية على الصعيد السياسي ـ الدولة ـ وما يطرحه الاسلام من صيغ متطورة ومتقدمة لقبول المرأة وقبول الآخر والتعددية وتداول السلطة وعتبار كل هذه الصيغ درجات من القوة تؤآزر المجابهة وقوة اضافية في التبرير والدفاع وتقديمه خطوة مهمة ومؤثرة اضافة الى كونها لاتجعل الاسلام خارج النسق الحضاري العالمي.

وهذا القبول للديمقراطية يتيح الاسلام ان يتعامل مع التحديث بصورة مستقلة عن الطرح الاوربي الامريكي بل يتعامل مع العالم وفق الطرح الاسلامي مكرسا الهوية الكيانية للامة مصداقا لما اكده الإمام محمد الحسيني الشيرازي من ان الاصل في الاسلام السلم واللاعنف.

اذن فالمسلمين يقبلون التحدي في الوقت الذي يمكنهم ان يكونوا انداد للعولمة التي تبغي ذوبان الكيانات ومسخ هويتها الثقافية في الخطاب الواحد المهيمن.

ويطرح الإمام الشيرازي (قده) مع نظرية اللاعنف الصبر والمدارات باعتباره صمام امان يمنع دخول العنف في محل التفاهم والحوار مستندا على قول الامام علي بن ابي طالب عليه السلام: الزموا الصبر فإنه دعامة الايمان وملاك الامور.

ويضيف الإمام الشيرازي: بالصبر يتمكن الانسان من ان يكرر العمل ولا ييأس من النتيجة وهو يعطي مرونة مستمرة مع استمرار العمل الهادف ويحقق على الارض على الاقل الجو الملائم الذي يمكن للخطاب الاسلامي ان يسلكه ليتمدد في ساحات الفكر والممارسة.

والصبر في هذا المحل انما هو آلية متحركة وليست زاوية تراجع او هروب، إضافة الى انه يعطي انطباع مضاد للانطباع الذي يخلفه التطرف في الساحة الدولية وهو بالتالي يتغلغل في نفوس الشعوب الاخرى بكونه فعل واقعي يمكن لمسه باستمرار.

ومشروع قبول التحدي يستند اساسا على الاصالة الاسلامية المتمثلة بمفكريها من عام المنظرين واهل الفقه والمثقفين الاسلاميين الذين اخذوا من الاعتدال الاسلامي ومن هولاء محمد باقر الصدر الذي يتشابه مشروعه التجديدي مع فكر الفيلسوف الايطالي غرامشي المجدد الذي اكد على الثقافة الشعبية والكتلة التاريخية في انهاض الامم.

ولعل الفكر الشيرازي بما يطرحه لايختلف كثيرا عما طرحه العلامة الشهيد محمد باقر الصدر وان كانا مشروعين متميزين في الفكر الاسلامي الحديث، ويصلحان في ان يكونا فكرا شاملا لفكر الامة الاسلامية بصورة شاملة لكونها ذات احتواء اوسع لجميع الافكار الاسلامية مهما تنوعت وهي قابلة للاثراء والاضافة التجديدية مع الزمن وتعدد العناصر الاسلامية بالجسد الاسلامي بشكله العام.

كيف قضى الإسلام على الفقر والاستغلال؟

الإسلام بين غيوم التشويه وشمس الاصالة

.....................................................

المصادر: متعب مناف-الدين والسياسة والعلمانية

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)