• عدد المراجعات :
  • 1903
  • 11/19/2008
  • تاريخ :

التمثيل السابع والثلاثون :لقمان الحکيم

ظلمات

( أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجّيّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاها وَمَنْ لَمْ يَجعلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ). (1)

تفسير الآية

"اللجيّ": منسوب إلى اللجّة، وهي في اللغة البحر الواسع العميق، ولكنّه استخدم في لازم معناه وهو تردد أمواجه، فانّ البحر كلما كان عميقاً وواسعاً تزداد أمواجه، وعلى ذلك فيكون المراد من قوله ( بحرٍ لجيّ ) أي بحر متلاطم.

و "السحاب": عبارة عن الغيوم الممطرة، بخلاف الغيم فهو أعم، وانّمااستخدم كلمة السحاب ليكون سبباً لازدياد الظلم.

هذا ما يرجع إلى تفسير مفردات الآية، وأمّا المقصود فهو كالتالي.

انّه سبحانه شبه في الآية السابقة أعمال الكافرين، لاَجل عدم الانتفاع بها بالسراب الذي يحسبه الظمآن ماء، ولكنّه تعالى شبّه أعمالهم في هذه الآية بالظلمة وخلوّها من نور الحق ببحر لجيّ فوقه سحابة سوداء ممطرةويعلو ماءه موج فوق موج،

فراكب هذا البحر تغمره ظلمة دامسة لا يرى أمامه شيئاً حتى لو أخرج يده فانّه لا يراها مع قربها منه.

هذا هو المشبه به، و أمّا المشبه فالاَعمال التي يقوم بها الكافر باطلة محضة ليس فيها من الحقّ شيء مثل هذا البحر اللجي المحيط به عتمة الظلام الذي ليس فيه نور.

ثمّ إنّ الآية تشير إلى ظـلمات ثلاث.

الاَُولى: ظلمة البحر المحجوب من النور.

الثانية: ظلمة الاَمواج المتلاطمة.

الثالثة: السحاب الاَسود الممطر.

فتراكم هذه الظلمات يحجب كلّ نور من الوصول، وهكذا الحال في الكافر ففي أعماله ظلمات ثلاث يمكن بيانها بأنحاء مختلفة:

النحو الاَوّل: ظلمة الاعتقاد، ظلمة القول، ظلمة العمل.

النحو الثاني: ظلمة القلب، ظلمة البصر، ظـلمة السمع.

النحو الثالث: ظلمة الجهل، ظلمة الجهل بالجهل، ظلمة تصوّر الجهل علماً. (2).

ويمكن أن تكون هذه الظلمات المتراكمة إشارة إلى أمر آخر وهو إصرار الكافر المتزايد على كفره وقبائح أعماله.

ولذلك يصفه سبحانه بقوله: ( ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور ).

إيقاظ

ثمّ إنّ بعض الموَلفين في أمثال القرآن ذكروا الآية التالية واعتبروها من الاَمثال، قال سبحانه: ( وَقَالُوا ما لِهذا الرَّسُول يَأْكُلُ الطَّعام وَيَمْشي فِي الاََسْواقِ لَوْلاَ أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً * أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها وَقالَ الظّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاّ رَجُلاً مَسْحُوراً * انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الاََمْثال فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً ). (3)

ولكن الآية رغم ما جاء فيها من لفظ الاَمثال ليست من قبيل التمثيل، وإنّما هي بصدد نقل ما وصف به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في لسان الكفّار ، حيث وصفوه بأنّه يأكل الطعام، ويمشي في الاَسواق، فلا يصلح للرسالة.

ثمّ نقموا منه بأنّا سلمنا انّه رسول، ولكنّه لماذا لا ينزل إليه ملك فيكون معه نذيراً ليتصل إنذاره بالغيب بتوسط الملك؟

ثمّ نقموا منه أيضاً بأنّه لماذا لم يُلقَ إليه كنز من السماء حتى يصرفه في حوائجه المادية، أو لماذا لا تكون له جنّة يأكل منها، ثمّ في الختام وصفوه بأنّه مسحور.

فقال سبحانه اعتراضاً وتنديداً بوصفهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إيجاباً وسلباً بقوله ( انظر كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الاََمْثال ) أي انظر كيف وصفوك تارة بأنّك تأكل وتمشي في الاَسواق، وأُخرى بعدم اقترانك بملك، وثالثة بالفقر ، ورابعة بكونك مسحوراً بتخيّل انّه رسول يأتيه ملك الوحي بالرسالة والكتاب.

وليس هاهنا مشبه ولا مشبه به ولا تمثيل ليبين موقف الرسول، ولاَجل ذلك صرّحنا في المقدمة انّه ليس من الاَمثال القرآنية.

الهوامش:

1 ـ النور:40.

2ـ انظر تفسير الفخر الرازى: 24|8 ـ 9.

3ـ الفرقان:7 ـ 9.


التمثيل السادس والثلاثون :لقمان الحکيم

التمثيل الخامس والثلاثون :لقمان الحکيم

التمثيل الرابع و الثلاثون :لقمان الحکيم

التمثيل الثالث والثلاثون :لقمان الحکيم

التمثيل الثاني والثلاثون :لقمان الحکيم

التمثيل الواحد والثلاثون :لقمان الحکيم

التمثيل الثلاثون :لقمان الحکيم

التمثيل التاسع والعشرون :لقمان الحکيم

التمثيل الثامن والعشرون :لقمان الحکيم

التمثيل السابع و العشرون :لقمان الحکيم

التمثيل السادس والعشرون :لقمان الحکيم

التمثيل الخامس والعشرون :لقمان الحکيم

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)