• عدد المراجعات :
  • 980
  • 3/14/2010
  • تاريخ :

رد شبهة هل الامامة جعل الهي؟(4)

الورود

أهمّيّة الإمامة واستمرارها :

إنّ الإمامة والهداية الإلهية استمرار وامتداد لمهام الرسالات السماوية ، المتمثّلة بذكر تفاصيلها وبيان مبهماتها ومحكمها ومتشابهها وتفعيلها في الأمة وغير ذلك ؛ وذلك لأنّ عمر الرسول عادة يكون أقصر من عمر الرسالة ، ومن هنا فقد تستمر الرسالة من خلال الأنبياء التابعين للرسل من أُولي العزم ، أو من خلال الأئمّة والأوصياء عندما تنقطع النبوّة ويرتفع الوحي ، كما في الرسالة الخاتمة ، فلابد من بقاء الهداية واستمرارها ، قال تعالى : ( وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلّهُمْ يَرْجِعُونَ )، (1) ؛ وذلك هو مفاد آيات البلاغ والولاية وحديث الثقلين وحديث الاثني عشر وحديث لا تخلو الأرض من حجّة وغيرها ، فيكون الإمام هو الهادي للأمة بعد الرسول (صلّى الله عليه وآله) ، ولا تقتصر إمامته على عصر دون آخر ، وإنّما هي دائمة مستمرّة ، وهذا ما يمليه عليه موقعه من الدين الإسلامي ، وكونه هادياً للأمة بجعل ربّاني دائم ، لا أنّه أمر مؤقّت يتعلّق بمقطع خاص من الزمان والمكان ، وإنّما هو سنّة إلهية ثابتة ، وحجّة لله في الأرض ، قال تعالى : ( وَلِكُلّ قَوْمٍ هَادٍ ) ، (2) .

قال الآلوسي في تفسيره : ( ولم تزل تلك الخلافة في الإنسان الكامل إلى قيام الساعة وساعة القيام ، بل متى فارق هذا الإنسان العالِم مات العالَم ؛ لأنّه الروح الذي به قوامه ، فهو العماد المعنوي للسماء ، والدار الدنيا جارحة من جوارح جسد العالم الذي الإنسان روحه ، ولمّا كان هذا الاسم الجامع قابل الحضرتين بذاته ؛ صحّت له الخلافة وتدبير العالم ، والله سبحانه الفعّال لما يريد ولا فاعل على الحقيقة سواه ) (3) ، ويلتقي هذا المعنى مع قوله تعالى : (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ) ، (4) ، وقوله تعالى : ( وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ )،(5) ، ويؤكّد ذلك أيضاً ما ذكره السيوطي في تفسيره ، قال : ( أخرج ابن مردويه عن برزة الأسلمي ، قال : سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول : ( إِنّمَا أَنتَ مُنذِرٌ ) ، ووضع يده على صدر نفسه ، ثم وضعها على صدر علي (عليه السلام) ويقول : ( وَلِكُلّ قَوْمٍ هَادٍ ) ، (6) ، وفي موضع آخر عن ابن جرير وابن مردويه و... أنّه قال : ( وضع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يده على صدره ، فقال : (أنا المنذر ، وأومأ بيده إلى منكب علي (رضي الله عنه) فقال : أنت الهادي يا علي ، بك يهتدي المهتدون من بعدي ) (7) ، وأخرج الحاكم في المستدرك : ( عن علي : (إِنّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلّ قَوْمٍ هَادٍ ) ، قال علي : رسول الله المنذر ، وأنا الهادي ، ثم قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ) (8) .

إذن تبيّن من جميع ما تقدّم ضرورة وجود الإمام الهادي في كل زمان ، وهذا ما أجمع عليه المسلمون كافة إلاّ أنّهم اختلفوا في أنّ الإمام  الذي يخلف الرسول (صلّى الله عليه وآله) ، هل هو بجعل ونص إلهي أم لا ؟ وقد صرّح بذلك ابن حجر المكّي في ( صواعقه ) ، حيث قال : ( اعلم أيضاً أنّ الصحابة (رضوان الله عليهم) اجمعوا على أنّ نصب الإمام بعد انقراض زمن النبوّة واجب ... واختلافهم في التعيين لا يقدح في الإجماع المذكور )، (9) .

----------------------------------------------------------

الهوامش

(1) الزخرف : 28 .

(2) الرعد : 7 .

(3) روح المعاني ، الآلوسي : ج 1 ص 220 ـ 221.

(4) السجدة : 24 .

(5) الأنبياء : 73 .

(6) الدر المنثور ، جلال الدين السيوطي : ج 4 ص 608 ؛ وكذا ما في شواهد التنزيل ، الحاكم الحسكاني : ج 1 ص 386 ؛ وجامع البيان ، محمد بن جرير الطبري : ج 13 ص 142 ؛ وقال الشوكاني في فتح القدير : ج 3 ص 70 ، ( وصحّحه ابن مردويه وابن عساكر عن علي بن أبي طالب ) .

(7) الدر المنثور ، جلال الدين السيوطي : ج 4 ص 608 .

(8) لاحظ : جامع البيان ، محمد بن جرير الطبري : ج 13 ص 142 ؛ الدر المنثور ، جلال الدين السيوطي : ج 4 ص 608 ؛ المستدرك على الصحيحين ، الحاكم النيسابوري : ج 3 ص 130 .

(9) الصواعق المحرقة ، ابن حجر الهيتمي : ص 15 .


رد شبهة هل الإمامة جعل إلهي ؟(1)

رد شبهة هل الإمامة جعل إلهي ؟(2)

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)