• عدد المراجعات :
  • 718
  • 6/28/2009
  • تاريخ :

تَرى الفتيانَ كالنَّخْل ، و ما يُدْريكَ ما الدَّخْل  

النخل

الدَّخْل: العيبُ الباطِن ، يُضرَبُ في ذي المنظِر ، ولا خُبْرَ عِندَهُ . أوَّلُ مَنْ قالَهُ عَثْمَةُ بنتُ مَطْرودٍ البُجَلِيَّة على ما قال المُفضَّلُ.

و كانت ذات عقل و رأيٍ مُستَمَعٍ في قومها ، و كان لها أُختٌ يقال لها خَوْد ذاتُ جمالٍ و مِيْسَمٍ و عقل خطبها سبعة إخوَةٍ غِلمةٍ مِنْ بَطنِ الأزْد ، فأتوا أباها و عليهُم الحُلَلُ اليمانيَّة ، و تحتهم النجائبُ الفُرَّهُ ، فقالوا : نحن بنو مالك بن غُفَيلةَ ذي النِّحْيَيْنِ .

فقال لهم : انزلوا على الماء . فنزلوا لَيلَتَهم ، ثم أصبحوا غادِينَ في الحَلَلِ و الهيئةِ ، و مَعَهم ربيبة لهم تُدعى الشعثاءَ كاهِنة .

فَمَرُّوا بِوصِيد خَوْد يتعرَّضونَ لها و كلُّهم وسيمٌ جميلٌ . و خرج أبوها ، فجلسوا اليه ، فَرَحَّبَ بِهم .

فقالوا : بَلَغَنا أنَّ لك بِنتاً ، و نحن كما ترى شباب ، و كُلُّنا يَمنَعُ الجانِبَ ، و يمنحُ الراغبَ .

فقال: كُلُّكُم خِيار ، فأقيموا نرى رأيَنا . ثُمَّ دخلَ على ابنتِه ، و قال لها : ما تَرَينَ فقد أتاكِ هؤلاءِ القَوم؟

فقالت: أنْكِحْني على قَدْري ، ولا تُشْطِطْ في مَهْري . فإنْ تُخطِئنِي أحلامُهُم لا تُخطِئنِي أجسامُهُم، لَعَلِّي أُصيبَ وَلَداً، وأكثِرُ عَدَداً.

فخرج إليهم ، و قال : أخبروني عن أفْضَلِكُم.

قالت ربيبتُهم الشعثاءُ الكاهنة: إسمَعْ أخبِركَ عنهم . هم أخوَة ، و كُلُّهُم أسْوَة . أمّا الكبيرَ، فمالِك ، جرِيءٌ فاتِك ، يُتْعِبُ السنابِك ، و يَسْتَصْغِرُ المهالِك . فَذَهَبَتْ مثلاً.

و خرج إليهم بِسَيفِهِ ، و هو يقول:

 

لقد عَرَفْتُ الموتَ قَبلَ ذَوْقِه
إنَّ الجبانَ حَتْفُهُ مِن فَوقِه
كُلُّ امرِيءٍ مُقاتِلٌ عن طَوْقِه
والثَّورُ يَحمِي جِلدَهُ بِرَوْقِه

 

و في رواية: لقد حَسَوْتُ الموتَ قبل ذَوْقِه.

و الذوق: مُقدِّمَةُ الحَسْو ، فهو يقول : قد وَطَّنْتُ نفسي على الموتِ ، فَكأنِّي بِتَوْطِينِ القلبِ عليه كَمَنْ لَقِيَهُ صُراحا. أرادَ بالطَّوقِ العُنُقَ.

و الرَّوق : القَرْنُ مِنْ كُلِّ ذي قَرْنٍ ، و الجَمْعُ أرْوَاقٍ . 

و في روايةٍ : كالثور يَحمِي أنْفَهُ بِرَوْقِه

 وذَكَرَ ابنُ منظور في مادَّةِ ( روق) مِنْ لسانِ العَربِ أنَّه مِنْ شِعْرِ عامر بن فُهَيْرَة.

و في روايةٍ أخرى:  كُلُّ امرِيءٍ مُجاهِد بِطوْقِه ، و الثَّورُ يَحْمي أنْفَهُ بِرَوْقِه ، فَقاتَلَ حتى قُتِلَ ، و رثاهَ طَرفَةُ بِشِعرٍ حَرَّضَ فيه أخاهُ الملِكَ عَمْرو بنَ هِندٍ على الأخذِ بثأرِه :

 

أعَمْرو بنَ هندٍ ما ترى رأيَ مُعْشَرٍ
أماتُوا أبا حسَّانَ جاراً مُجاورا
فإنَّ مُراداً قد أصابُوا حَريمَهُ
جهاراً وأضْحى جَمْعُهُم لك واتِرا
ألا إنَّ خيرَ الناسِ حيّاً وهالِكا
بِبَطْنِ قَضيبٍ عارفاً ومُناكرا
تَقَسَّمَ فيهِم مالَهُ وقَطِينَهُ
قِياماً عليهِم بالمآلي حَواسِرا
ولا يَمْنَعْكَ بُعْدُهُم أنْ تنالَهُم
وكلِّفْ مَعَدّاً بَعدَهُم والأباعِرا
ولا تَشْرَبَنَّ الخَمْرَ إنْ لم تَزُرْهُمُ
جَماهِيرَ خَيلٍ يَتْبَعْنَ جَماهِرا

 

فقالت: فما جاءَني بكَ مِنْ بينِ إخوَتِك؟ ، فقال: لو خُيِّرْتُ لا خْتَرْتُ . فَذَهَبَتْ مثلاً. ثُمَّ إنَّ أّمَّه عطفتْ عليهِ، ورقَّتْ له، فقال الناس: لقد أحبَّتْ أُمُّ بَيْهسٍ بَيْهَساً .

فقال: ثُكلٌ أرْأمَها وَلَدا، أي: عَطَفَها على وَلَدٍ . فأرسَلَها مَثَلاً . ثُمَّ إنَّ أُمَّهُ جعلتْ تعُطِيهِ بعدَ ذلك ثِيابَ إخْوَتِهِ، فيلبَسُها ويقول: يا حَبَّذا التَّراثُ لولا الذِّلَّةُ . فأرْسَلَها مثلاً . ثُمَّ إنْهُ أتى على ذلك ما شاءَ الله مِنَ الزَّمانِ، فَمرَّ بِنِسْوَةٍ مِنْ قَومِه يُصْلِحْنَ امرأةً مِنْهُنَّ يُرِدْنَ إنْ يُهدِينَها لِِبَعضِ القَومِ الذين قَتَلوا إخوَتَهُ، فكشف ثَوبَهُ عنِ استِه، وغَطَّى بهِ رأسَهُ، فقلن له: وَيْحَك! ما تصنع يا بيهس؟

فقال:

ألْبَسُ لِكُلِّ حالةٍ لَبُوسَها
إمَّا نَعيِمَها وإمَّا بُوسَها

فإرْسَلَها مثلاً . ثُمَّ إمَرَ النساءَ مِنْ كنانةَ وغيرِها، فَصَنَعْنَ له طعاماً، فجعلَ يأكُلُ ، و يقول : حَبَّذا كَثْرَةُ الأيدِي في غيرِ طعام . فأرسَلَها مثلاً.

فقالت أُمُّه: لا يَطْلُبُ هذا بثأرٍ أبَداً.

فقالت امرأةٌ مِنْ كِنانة: لا تأمَنِي الأحمقَ وفي يَدِهِ سِكِّين . فأرْسَلَتْها مَثلاً. ثُمَّ إنَّهُ أُخْبِرَ إنَّ ناساً مِنْ أشْجَعَ في غارٍ يَشْرَبُونَ فيه, فانْطَلَقَ بِخالٍ له يُدعى أبا حَنَش، فقال له: هَلْ لَكَ في غارٍ فيهِ ظِباءٌ لعلَّنا نُصِيبُ مِنها؟

وَ يُرْوى : هَلْ لكَ في غنيمةٍ باردة ؟، فأرْسَلَها مثلاً. ثُمَّ انطلَقَ بيهسٌ بِخالِهِ، حتَّى أقامَهُ على فَمِ الغارِ، ثُمَّ دَفَعَهُ فيه، وقال: ضَرْباً أبا حَنَش.

فقال بَعْضُهُم : إنَّ أبا حَنَش لَبَطَلُ .

فقال أبو حَنَش: مُكْرَهٌ أخوكَ لا بَطَلٌ . فأرْسَلَها مثلاً فِيمَنْ يُحْمَلُ على ما ليسَ مِنْ شَأنِهِ . و في ذلك قال المُتلَمِّسُ:

 

ومِنْ طَلَبِ الأوتارِ ما حَزَّ أنْفَهُ
قَصيرٌ وخاضَ الموتَ بالسَّيْفِ بَيْهَسُ
نَعامَةُ لما صَرَّعَ القومُ رَهْطَهُ
تَبَيَّنَ في أثوابِهِ كيفَ يَلْبَسُ


بَخٍ بَخٍ ساقٌ بِخَلخالٍ 

صارتِ الفتيانُ حُمَماً

رجال و أدب

ليت شعري في جواب لست أدري

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)