• عدد المراجعات :
  • 1220
  • 2/18/2009
  • تاريخ :

ظواهر كانت ذات تأثير على نشاط ومواقف الإمام الرضا (عليه السلام) أثناء تصدّيه للإمامة
الامام الرضا(ع)

1 ـ الانحراف الفكري والديني :

لقد تعدّدت التيارات المنحرفة في تلك الفترة مثل تيّار المشبّهة والمجسّمة والمجبّرة والمفوّضة، وتيّار القياس والاستحسان والرأي، وحابى بعض الفقهاء الحكام الطغاة فكانت هذه الفترة خطيرة جدّاً إذ كانت الأجواء مليئة بالاختلافات الفقهيّة والتوتر السياسي الخانق.

2 ـ الفساد الاخلاقي والمالي :

وعاصر الإمام الرضا (عليه السلام) وهو في ظلّ أبيه حكّاماً يتلاعبون بأموال المسلمين ويرونها ملكاً لهم، لا يردعهم أيّ تشريع أو نقد وإنما كان الإنفاق قائماً على أساس هوى الحاكم العبّاسي ورغباته الشخصية أو رغبات زوجاته وإمائه [1] . وقد خلّف المنصور عند وفاته ستمائة ألف ألف درهم وأربعة عشر ألف ألف دينار [2] . ودخل مروان بن أبي حفصة على المهدي العبّاسي فأنشده شعراً مدح فيه بني العبّاس وذمّ أهل البيت (عليهم السلام) فأجازه سبعين ألف درهم [3] . وأرسل عبدالله بن مالك الى المهدي جارية مغنّية فأرسل إليه أربعين ألفاً [4] . وكان الرشيد مولعاً بالشراب مع جعفر البرمكي ومع اُخته العبّاسة بنت المهدي، وكان يحضرها إذا جلس للشرب، ثمّ يقوم من مجلسه ويتركهما يثملان من الشراب [5] .

3 ـ الفساد السياسي :

وشاهد الإمام كيفية تعامل العباسيين مع الخلافة حيث كانوا يفهمونها على أنها موروثة لهم من قبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن طريق عمّه العباس، واتّبعوا اُسلوب الاستخلاف دون النظر الى آراء المسلمين ولم يرجعوها الى أهلها الشرعيين الذين نصبهم الرسول (صلى الله عليه وآله) بأمر من الله تعالى. وأخضع العباسيّون القضاء لسياستهم فاستخدموا الدين ستاراً يموّهون به على الناس إذ أشاعوا أنّهم الولاة من قبل الله تعالى فلا يجوز للناس نقدهم أو محاسبتهم.

4 ـ تعاطف المسلمين مع أهل البيت (عليهم السلام) :

وعاش الإمام الرضا(عليه السلام) روح المودّة والتآلف والموالاة مع أهل البيت (عليهم السلام) وهي ثمرة جهود آبائه السابقين (عليهم السلام) [6] . واعترف بهذا هارون الرشيد نفسه حيث قال للإمام الكاظم (عليه السلام) : أنت الذي تبايعك الناس سرّاً [7] . كما عاش الإمام الرضا(عليه السلام) أساليب الرشيد الماكرة واستدعاءاته المتكررة لأبيه الكاظم (عليه السلام) وسجنه الطويل الذي أدّى الى اغتياله .

5 ـ الحركات المسلّحة :

ومن الظواهر المهمّة البارزة في حياة الإمام الرضا مع أبيه كثرة الثورات المسلّحة التي استمرت طول الفترة التي نشأ فيها في كنف أبيه(عليه السلام) ، فمن الثورات المهمة ثورة الحسين بن علي بن الحسن بن الإمام الحسن (عليه السلام) المعروف بصاحب فخ الذي قاد ثورة مسلّحة ضد الوالي العبّاسي في المدينة والتي انتهت بمقتل الحسين وأهل بيته رضوان الله تعالى عليهم. واستمرت المعارضة المسلّحة ضد الحكم العبّاسي ففي سنة (176 هـ ) خرج يحيى بن عبدالله بن الحسن، فبعث هارون آلاف الجنود لقتاله ثم أعطاه الأمان وحبسه فمات في الحبس [8] . لقد كانت هذه الثورات انعكاساً طبيعياً للسياسة العباسية الظالمة. هذا ملخّص لأهمّ الأحداث التي برزت في حياة الإمام الرضا(عليه السلام) وهو في ظلّ أبيه الكاظم(عليه السلام) لنرى كيف واجهها الإمام (عليه السلام) فيما بعد وكيف مارس مسؤولياته وقت تصدّيه للإمامة في بحوث قادمة إن شاء الله تعالى.

الإمام الكاظم والتمهيد لإمامة الرضا (عليهما السلام)

حدّد رسول الله (صلى الله عليه وآله) إحدى مسؤوليات الإمام بقوله : في كل خلف من اُمّتي عدول من أهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين ... [9] . والإمام الرضا (عليه السلام) باعتباره أحد ائمة أهل البيت المعصومين (عليه السلام) مكلّف بهذه المسؤولية، وتتأكد هذه المسؤولية حينما يتصدّى بالفعل لإمامة المسلمين، أمّا في ظل إمامة والده الإمام الكاظم (عليه السلام) فان مسؤوليته تكون تبعاً لمسؤولية الإمام المتصدّي، والمتصدّي هو الاولى بتحمّل الأعباء والتكاليف، ويبقى غيره صامتاً الاّ في حدود خاصة، وفي هذا الصدد أجاب الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) عن سؤال حول تعدد الائمة في وقت واحد، فقال : لا، الاّ وأحدهما صامت [10] . ففي عهد الإمام الكاظم (عليه السلام) كان الإمام الرضا (عليه السلام) صامتاً بمعنى عدم تصدّيه للامامة، وعدم اتخاذ المواقف بشكل مستقل واتباع مواقف الإمام المتصدّي بالفعل لمنصب الامامة، والصمت لا يعني التوقف عن العمل الاصلاحي والتغييري داخل الامة، فقد كان (عليه السلام) يعمل ويتحرك داخل الامة تبعاً لمسؤوليته المحددّة له، فكان (عليه السلام) ينشر المفاهيم والقيم الاسلامية، ويردّ على الاسئلة العقائدية والفقهية وكان يفتي في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو ابن نيف وعشرين سنة [11] . وقال الذهبي : أفتى وهو شاب في أيّام مالك [12] . وكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر في عهد إمامة والده (عليه السلام)، كما كان يروي عن والده وعن أجداده، وينشر أحاديث أهل البيت (عليه السلام) وسنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله). وروى عنه جماعة من الرواة منهم : أبو بكر أحمد بن الحباب الحميري، وداود بن سليمان بن يوسف الغازي، وسليمان بن جعفر وآخرون [13] . وكان الإمام الكاظم (عليه السلام) يوجّه الأنظار اليه ويُرجع أصحابه إليه، ومما قاله بحقّه : هذا ابني كتابه كتابي، وكلامه كلامي، وقوله قولي، ورسوله رسولي، وما قال فالقول قوله [14] . وكان يقول لبنيه : هذا أخوكم علي بن موسى عالم آل محمد فسلوه عن أديانكم واحفظوا ما يقول لكم [15] . وكان (عليه السلام) يهيّء الأجواء للامام الرضا (عليه السلام) ليقوم بالأمر من بعده، وممّا قاله لعلي بن يقطين : يا علي بن يقطين هذا عليّ سيّد ولدي أما إنّه قد نحلته كنيتي [16] .

 

الهوامش:

[1] مروج الذهب : 3 / 308.

[2] مروج الذهب : 3 / 308 .

[3] تاريخ الطبري : 8 / 182.

[4] تاريخ الطبري : 8 / 185 .

[5] تاريخ الطبري : 8/294.

[6] تاريخ العلويين، محمد أمين غالب الطويل : 200.

[7] الصواعق المحرقة : 309.

[8] الصواعق المحرقة : 309.

[9] الصواعق المحرقة : 231 .

[10] الكافي : 1 / 178 .

[11] تهذيب التهذيب : 7 / 339 .

[12] سير أعلام النبلاء : 9 / 388 .

[13] تهذيب الكمال : 21 / 148 .

[14] اُصول الكافي: 1/312، وعيون أخبار الرضا: 1/31، والارشاد : 2/250 والغيبة للطوسي: 37. وروضة الواعظين : 1 / 222، الفصول المهمة: 244

[15] اعلام الورى : 2/64 وعنه في كشف الغمة : 3/107 وعنهما في بحار الأنوار: 49/100 .

[16] الارشاد: 2/249 وعنه في اعلام الورى : 2/43 وعن الارشاد في كشف الغمة: 3/60 وعن العيون في بحار الأنوار: 49/13 .


رسالة الإمام الرضا ( عليه السلام ) المُذهبة في الطب

صحيفة الإمام الرضا ( عليه السلام )

كلام الإمام الرضا ( عليه السلام ) في التوحيد

عناصر الإمام الرضا ( عليه السلام ) النفسية

بيعة الإمام الرضا (ع) بولاية العهد

 مناظرة الإمام الرضا ( عليه السلام ) مع علي بن الجهم

مناظرة الإمام الرضا ( عليه السلام ) مع سليمان المروزي

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)