علی و مناوئوه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

علی و مناوئوه - نسخه متنی

نوری جعفر؛ مقدمه نویس: عبدالهادی مسعود؛ تعلیق و تصحیح: سید مرتضی رضوی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ثم ربطوا سائر المصاحف، جميع ما كان معهم. واقبلوا في الغلس

[الغلس: بعد العشاء الآخرة وقبل الفجر 'الناشر'.] ونظر اهل العراق الى اهل الشام قد اقبلوا وامامهم شيبه بالرايات، فلم يدروا ما هو حتى اضاء الصبح، فنظروا فاذا هي المصاحف. واقبل ابو الاعور السلمي على برذون

[البرذون، صنف من الخيل الغير العربية 'الناشر'.] اشهب وعلى رأسه مصحف وهو ينادي:

يا أهل العراق هذا كتاب الله حكماً فيما بيننا وبينكم.

فتكلم على وقال:

عباد الله انا احرى من اجاب الى كتاب الله... ان القوم ليسوا يريدون بذلك الا المكر، وقد عضتهم الحرب، والله لقد رفعوها وما رأيهم العمل بها. وليس يسعني ـ مع ذلك ـ ان ادعى الى كتاب الله فلا اجيب. وكيف! وانما قاتلتهم ليدينوا بحكمه!'

[الدينوري: 'الاخبار الطوال' ص 191 و 192.]

وعندما وقف القتال، وانصاع القاسطون ـ في الظاهر ـ الى رأي الامام في تحكيم القرآن والسنة لحسم النزاع بين المعسكرين.

وافق الامام على قبول التحكيم ـ التحكيم الذي هو مبدؤه في تصرفاته كافة ـ استمع اليه يخاطب ابن ابي سفيان: ان البغي والزور يوقعان بالمرء في دينه ودنياه... ويبديان خلله عند من يعيبه. قد علمت انك غير مدرك ما قضى فواته.

وقد رام اقوام امراً بغير الحق فتأولوا على الله فأكذبهم... وقد دعوتنا الى حكم لقرآن ولست من اهله. ولسنا اياك اجبنا ولكننا اجبنا القرآن في حكمه'

[ابن ابي الحديد 'شرح نهج البلاغة' 4 / 113 و 114.]

وخاطبه ـ في موضع آخر ـ فقال: 'لقد ابتلاني الله بك وابتلاك بي. فجعل

أحدنا حجة على الآخر. فغدوت على طلب الدنيا بتأويل القرآن وطلبتني بما لم تجن يدي ولا لساني، وعصيته انت واهل الشام بي. والب عالمكم جاهلكم وقائمكم قاعدكم'

[ابن ابي الحديد 'شرح نهج البلاغة' 4 / 160 والاشارة هنا الى مقتل عثمان.] فالامام اذن لم يعترض على مبدأ التحكيم.

بل التحكيم بالشكل الذي دعاه اليه معاوية والظروف التي حصل فيها. وبعد ان زالت تلك الظروف ووضعت الحرب اوزارها اختفت عوامل ممانعة الامام بقوله.

غير ان الامام اعترض ـ بعد ذلك ـ على تعيين بعض اصحابه ابا موسى الاشعري ليمثله في ذلك.

وقد كان اعتراض الامام مبنياً ـ من حيث الاساس ـ على القول بأن الممثل يجب ان يتبنى فكرة من يمثله ـ بغض النظر عن سلامتها ـ ليتسنى له القيام بواجبه على وجهه الاتم. فعمرو بن العاص خير من يمثل معاوية في هذه الناحية.

فلما اصر اصحاب الخليفة على رأيهم في تعيين ابى موسى رجع الامام الى نفسه ـ على مايبدو ـ وقلب الامر على وجوهه فلم ير بأسا من الموافقة على ذلك لان موضوع التحكيم سوف يسير ـ حسبما اتفق الجانبان المتعاقدان ـ على نصوص القرآن وسنة النبي حيث ينكشف لابي موسى زيفه السابق في التخذيل عن الامام.

وما دام موضوع التحكيم ـ برأي الامام ـ منصبا على حسم الخلاف بينه وبين معاوية ـ وهو نزاع يتصل ـ على ما ادعى معاوية ـ بالمطالبة بدم الخليفة القتيل، فسوف ينظر الحكمان ـ في القرآن والسنة ـ فيما اذا كان عثمان قد قتل مظلوماً من جهة؟

وفيما اذا كان لمعاوية الحق في المطالبة بدم عثمان من الناحية الشرعية ـ اي انه ولى عثمان ـ من جهة ثانية؟

وفيما اذا كان الاسلوب الذي اتبعه معاوية للمطالبة المذكورة ـ في حالة شرعيتها ـ هو الاسلوب السليم من جهة ثالثة؟

وفيما ينبغي للخليفة ان يفعله من جهة رابعة؟

فاطمأن علي الى ذلك كل الاطمئنان.

غير أن اجتماع الحكمين قد جعل الموضوع يسير باتجاه آخر لا صلة له اطلاقاً بموضوع المطالبة بدم عثمان ابن عفان.

فأغفل عمرو صاحبه ابتداءً ـ كما رأينا.

والقى في روعه ان موضوع التحكيم ينحصر في تعيين خليفة جديد للمسلمين كأن خلع علي من الخلافة قد بات أمراً مفروغاً معه.

فاقترح عمرو اسم معاوية فرفضه ابو موسى كما رأينا. واقترح عمرو ـ بعد ذلك ـ اسم ابنه عبدالله فرفضه ابو موسى ايضا، الامر الذي حدا بأبي موسى ان يتقدم هو بمرشح جديد. وهو عبدالله بن عمر بن الخطاب.

ولما اطمأن عمرو الى ثبوت ذلك الرأي في ذهن زميله ـ اي فكرة خلع الخليفة وتعيين آخر بدله ـ جعل موضوع البحث ينحصر في الاتفاق على المرشح الجديد.

ولما ظهر انهما لم يتفقا على شخص معين بالذات، طلب من ابي موسى ان يقترح حلا للخروج من ذلك المأزق الحرج الذي يتوقف عليه مصير الحكم في البلاد والذي يرقبه المسلمون ـ بفارق الصبر ـ في كل مكان.

فتقدم ابو موسى باقتراح جديد ظنه كسبا له واندحار لعمرو بن العاص.

فقد خيل اليه انه سينتصر اذا ماوافق عمرو على 'خلع' معاوية بعد أن بات خلع الامام امرا متقفا عليه. فوافق عمرو ـ في الظاهر ـ على الفكرة واغراء باعلانها على الناس، ثم عاد فغدر به على الشكل الذي وصفناه.

وقد برز عمرو ـ في ذلك كله ـ بأبشع مايبرز فيه الرجل من الخداع، والدس، والتدني عن مستويات الاخلاق الرفيعة. فأغفل صاحبه وأغراه على خلع على ومعاوية على السواء ليترك الامر للمسلمين يختارون من يشاؤون.

فلما اعلن ابو موسى رأيه على الناس ـ كما مر بنا ـ نهض عمرو فأكد خلع علي

وتثبيت ابن ابي سفيان. ولاندري علاقة ذلك كله بالمطالبة بدم عثمان!! وهل تنازع علي ومعاوية على الخلافة؟

وهل كان معاوية خليفة حتى يخلعه ابو موسى ويثبته ابن العاص؟

ومهما يكن من شيء فقد حصل خلع الامام وتثبيت معاوية. فارتاع دعاة التحكيم في عسكر الامام.

فظهر المارقون من الخوارج.. وقالوا: لاحكم الا لله وهي كلمة حق يراد بها باطل على ما ذكر الخليفة. واراد اصحاب علي قتال الخوارج في بادىء الامر ولكنه ابى عليهم ذلك وانكره ـ كشأنه في مواقفه الاخرى ضد مناوئيه ـ وقال:

'ان سكتوا تركناهم وان تكلموا حاججناهم وان افسدوا قاتلناهم'

[الدكتور طه حسين 'الفتنة الكبرى، علي وبنوه' ص 113.]

بدأ المارقون نشر الفساد في المناطق التي كانوا يسكنون فيها، فنهبوا واغتالوا وتعاطوا كثيرا من الموبقات. 'فقتلوا عبدالله بن الخباب بن الارت ـ وخباب من خيرة الصحابة ـ وقتلوا نسوة كن مع عبدالله. وجعلوا يتعرضون الناس ويذيعون الذعر.

فأرسل اليهم علي رجلاً من اصحابه يسألهم عن هذا الفساد.

فلم يكد هذا الرسول يدنو منهم حتى قتلوه'

[المصدر نفسه ص 113.]

فلم يجد علي بداً من مقاتلتهم في النهروان.

وقد وجد الامام نفسه مع ذلك كله، وامام هذه الامور العظام، وفي قلب هذه الفتنة الغليظة المظلمة.. كأحسن ما يجد الرجل نفسه.

صدق ايمان، ونصحاً للدين، وقياماً بالحق، واستقامة على الطريق المستقيمة، لاينحرف ولا يميل ولا يداهن من أمر الاسلام في قليل ولاكثير.

وانما يرى الحق فيمضي اليه لا يلوى على شيء ولايحفل بالعاقبة، ولا يعنيه

ان يجد في آخر طريقه نجحا او اخفاقا، ولا ان يجد في آخر طريقه حياة او موتا.

وانما يعنيه كل العناية ان يجد اثناء طريقه ـ وفي آخرها ـ رضا ضميره ورضا الله'

[الدكتور طه حسين: 'الفتنة الكبرى، علي وبنوه' ص 122.]

فلا عجب ان رأينا حياته بعد النهروان خاصة، على ما يقول الدكتور طه حسين

[المصدر نفسه 122 ـ 126.]

'محنة شاقة الى اقصى حدود المشقة، كان يرى الحق واضحا صريحا.. وقد ظل الخوارج معه بعد ذلك يعايشونه في الكوفة؛ ويعايشون عامله في البصرة، وينبثون في اطراف السواد بين المصريين.. وكانوا يكيدون للامام.

يشهدون صلاته ويسمعون خطبه واحاديثه، وربما عارضه منهم المعارض فقطع عليه الخطبة والحديث، وهم على ذلك مطمئنون الى عدله.

ويأخذون تعيينهم من الفىء وحظوظهم من المال!!

فأطمعهم عدله واسماحه، واغراهم لينه وبره.

جاء احدهم ذات يوم وهو: الحريث بن راشد السامي فقال له: والله لا اطعت امرك ولا صليت خلفك.. فلم يغضب على ذلك ولم يبطش به، وانما دعاه الى ان يناظر ويبين له وجه الحق لعله ان يثوب اليه.

فقال له الحريث: اعود اليك غداً فقبل منه علي فانصرف الرجل الى قومه.

ثم خرج بهم في ظلمة الليل من الكوفة يريد الحرب. ولقى الحريث واصحابه في طريقهم رجلين سألوهما عن دينهما.

وكان احدهما يهوديا، فلما انبأهم بدينه خلوا سبيله.

وأما الآخر فكان مسلما من الموالي، فلما انبأهم بدينه سألوه عن رأيه في علي

فقال خيراً، فوثبوا عليه فقتلوه'

[الدكتور طه حسين 'الفتنة الكبرى. علي وبنوه' ص 133.]

واستمر الحريث واصحابه على عبثهم وفسادهم بأرواح الناس وممتلكاتهم مما اضطر الامام الى تجهيز حملة لتأديبهم وانقاذ الناس من اعتدائهم.

ولم يقف امتحان الامام عند الحد الذي وصفناه من خروج الناكثين فالقاسطين فالمارقين، وانما تعداه الى ابن عباس عامله على البصرة اقرب الناس اليه. 'وكان لابن عباس من العلم بأمور الدين والدنيا، ومن المكانة في بني هاشم وفي قريش عامة، وفي نفوس المسلمين جميعاً ما كان خليقا ان يعصمه من الانحراف'

[المصدر نفسه ص 130 و 138.]

ويلوح للباحث ان ابن عباس 'آثر نفسه بشيء من الخير وسار في بيت المال سيرة تخالف المألوف من امر على ومن امره هو.

وكأنه أنس من صاحب بيت المال ـ وهو ابو الاسود الدؤلي ـ شيئاً من النكير فأغلظ له في القول ذات يوم.

وضاق ابو الاسود بما رأى وسمع فكتب الى علي... فروعه...

ولكن علياً صبر نفسه على ما تكره، كما تعود ان يفعل دائما..

فكتب الى ابن عباس... بلغني عنك امر ان كنت فعلته فقد اسخطت ربك وخنت امانتك وعصيت امامك وخنت المسلمين.

فارفع الى حسابك، واعلم ان حساب الله اشد من حساب الناس..

وليس غريبا ان يكتب علي الى ابن عباس ما كتب، فهو لم يتعود الرفق في امر المال، ولا الادهان في امر من امور المسلمين..

ولكن ابن عباس اعرض عن هذا كله، فاعتزل عمله ولكنه مع ذلك لم يستعف

امامه ولم ينتظر ان يعفيه، وانما اعفى نفسه وترك البصرة، ولحق بمكة حيث لا يبلغه سلطان الامام'.

غير ان ابن عباس 'لم يكتف بما بلغ من هذه المغاضبة، ولا بما انتهى اليه من هذا التصرف الغريب بل اضاف اليه شراً عظيما لم يسوء به الامام وحده.

وانما اساء به الرعية كلها وعامة اهل البصرة خاصة.

فهو قد ازمع الخروج الى مكة ولكنه لم يخرج منها فارغ اليدين من المال كما دخلها حين ولى عليها.

وانما خرج منها وقد ملأ يديه بما كان في بيت المال مما ينقل.

وهو يعلم ان ليس له في هذا المال حق الإ مثل ما لأهل البصرة جميعا فيه'

[الفتنة الكبرى ـ علي وبنوه ص 129.]

فمضى امتحان على 'على هذا النحو المر: خيانة من الوالي، وكيدا من العدو. وهو بين ذلك كله مصمم على خطته الواضحة، لا يرضى الدنية من الامر، ولايداهن في دينه ولايتحول عن سياسته الصريحة قليلا ولا كثيراً.

والمحن تتابع عليه ويقفو بعضها اثر بعض، وهو ماض في طريقه لا ينحرف عنه الى يمين او شمال'

[المصدر نفسه ص 183.]

وفي غمرة النضال وزحمة الصراع مع الباطل تصدى له ابن ملجم فأصاب منه مقتلا 'ويروى المؤرخون: ان عليا امر من حوله ان يحسنوا اطعام ابن ملجم ويكرموا منواه. فان برىء من ضربته نظر، فاما عفا واما اقتص.

وامرهم: ان مات ان يلحقوه به ولا يعتدوا: ان الله لا يحب المعتدين'.

بين علي و معاوية


1 ـ الفصل السابع: مقتطفات من سيرة الامام

2 ـ الفصل الثامن: نماذج من تصرفات معاوية

مقتطفات من سيرة الامام


أشرنا في الفصول السابقة الى كثير من الحوادث التي دلت على تمسك الامام بكتاب الله وسنة رسوله فيما يتعلق بتصرفاته العامة والخاصة، في زمن الحرب وفي وقت السلم، مع أنصاره وخصومه على السواء. وها نحن ننقل الى القارىء بعض آثاره التي رواها كبار المؤرخين المسلمين.

فلسفة الحكم


تتلخص فلسفة الحكم ـ عند الامام ـ في عهده للأشتر الذي ولاه مصر فدس له السم ـ في الطريق ـ احد الاشخاص بتحريض من معاوية وعمرو بن العاص كما يحدثنا الرواة. والى القارىء ملخص العهد

[ابن ابي الحديد 'شرح نهج البلاغة' 4 / 119 و 152.]:

'هذا ما امر به عبدالله أمير المؤمنين مالك بن الحارث الاشتر في عهده اليه حين ولاه مصر.. أمره بتقوى الله وايثار طاعته واتباع ما امر به في كتابه..

ثم اعلم يا مالك اني قد وجهتك الى بلاد قد جرت عليها دول قبلك من عدل وجور، وان الناس ينظرون من امورك في مثل ما كنت تنظر فيه الى امور الولاة قبلك.

ويقولون فيك ما كنت تقوله فيهم..

فليكن أحب الذخائر اليك خيرة: العمل الصالح.

أشعر قلبك الرحمة للرعية.. فإنك فوقهم..

أنصف الله وأنصف الناس من نفسك ومن خاصة أهلك ومن لك فيه هوى من رعيتك.. وليكن أحب الامور إليك أوسطها في الحق، وأعمها في العدل، وأجمعها لرضى الرعية. فإن سخط العامة، يجحف برضاء الخاصة، وإن سخط الخاصة يغتفر مع رضى العامة..

وليكن أبعد رعيتك منك.. أطلبهم لمعايب الناس.. إن شر وزرائك من كان قبلك للأشرار وزيراً، ومن شركهم في الآثام فلا يكونن لك بطانة..

ثم ليكن آثرهم عندك أقولهم بالحق لك.. ألصق بأهل الورع والصدق، ثم حثهم على أن لا يطروك ولا يبجحوك بباطل لم تفعله..

/ 23