امامة و اهل البیت جلد 3

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

امامة و اهل البیت - جلد 3

محمد بیومی مهران

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




والأعرج- وهو أسن منه- وابن جريج، وعطاء، وعمرو بن دينار، والزهري.


وروى سفيان بن عيينة عن جعفر الصادق قال: حدثني أبي- وكان خير محمدي على وجه الأرض- قال العجلي: هو مدني تابعي ثقة


[البداية والنهاية 9 / 347- 351.]


ويقول ابن سعد في الطبقات الكبرى: وكان ثقة، كثير العلم والحديث، وليس يروى عنه من يحتج به


[طبقات ابن سعد 5 / 238.]


ويقول الحافظ أبو نعيم الأصفهاني في حليته: هو الحاضر الذاكر، الخاشع الصابر، أبو جعفر محمد بن علي الباقر، كان من سلالة النبوة، وممن جمع حسب الدين والأبوة، تكلم في العوارض والخطرات، وسفح الدموع والعبرات، ونهى عن المراء والخصومات


[حلية الأولياء 3 / 180]


ويقول الشبلنجي في نور الأبصار: قال صاحب الإرشادات: لم يظهر أحد من ولد الحسن والحسين من علم الدين والسنن، وعلم القرآن والسير، وفنون الأدب، ما ظهر من أبي جعفر الباقر، روى عن معالم الدين بقايا الصحابة ووجوه التابعين والسير، وسارت بذكر علومه الأخبار، وأنشد في مدائحه الأشعار، فمن ذلك ما قاله " مالك بن أعين الجهني " من قصيدة يمدحه فيها:




  • إذا طلب الناس علم القرآن
    وإن فاه ابن بنية النبي
    تلقت يداك فروعا طوالا



  • كانت قريش عليه عيالا
    تلقت يداك فروعا طوالا
    تلقت يداك فروعا طوالا



وفيه يقول الشريف الرضي:





  • باقر العلم لأهل التقى
    وخير من لبى على الأجل



  • وخير من لبى على الأجل
    وخير من لبى على الأجل



[نور الأبصار ص 143.]


ويقول المحدث الفقيه ابن حجر الهيثمي في صواعقه: أبو جعفر محمد الباقر، سمي بذلك: من بقر الأرض، أي شقها وأثار مخبآتها ومكامنها، فلذلك هو أظهر من مخبآت كنوز المعارف، وحقائق الأحكام والحكم واللطائف، ما لا يخفى إلا على منطمس البصيرة، أو فاسد الطوية والسريرة، ومن ثم قيل فيه:


هو باقر العلم وجامعه، وشاهر علمه ورافعه، صفا قلبه: وزكا علمه وعمله، وطهرت نفسه، وشرف خلقه، وعمرت أوقاته بطاعة الله، وله من الرسوم في مقامات العارفين، ما تكل عنه ألسنة الواصفين، وله كلمات كثيرة في السلوك والمعارف لا تحتملها هذه العجالة.


وكفاه شرفا، أن ابن المديني روى عن جابر، أنه قال له- وهو صغير- " رسول الله "صلى الله عليه وسلم" يسلم عليك، فقيل له: وكيف ذاك؟ قال: كنت جالسا عنده- والحسين في حجره، وهو يداعبه- فقال: يا جابر، يولد له مولود اسمه علي، إذا كان يوم القيامة نادى مناد: ليقم سيد العابدين، فيقوم ولده، ثم يولد له ولد اسمه محمد، فإن أدركته يا جابر، فأقرئه مني السلام


[الصواعق المحرقة ص 304- 305.]


ويقول أبو زهرة


[محمد أبو زهرة: الإمام الصادق ص 22.]: ورث الباقر إمامة العلم، ونبل الهداية، عن أبيه زين العابدين، ولذا كان مقصد العلماء من كل البلاد الإسلامية، وما زار أحد المدينة، إلا عرج على بيت محمد الباقر يأخذ عنه، وكان ممن يزوره علماء من الذين يتشيعون لآل البيت، وعلماء من أهل السنة، وكان يقصده بعض المنحرفين الغلاة في تشيعهم الذين أفرطوا، فكان يبين لهم الحق، فإن اهتدوا أخذ بيدهم إلى الحق الكامل، وإن استمروا على غيهم صدهم، وأخرجهم من مجلسه.


وكان يقصده من أئمة الفقه والحديث كثيرون، منهم " سفيان الثوري " "96- 161 هـ / 713- 778 م" و " سفيان بن عيينة " "107- 96 هـ / 725- 811 م" محدث مكة، ومنهم الإمام أبو حنيفة "80- 159 م / 699- 767 م" فقيه العراق، وكان يرشد كل من يجئ إليه، ويبين له الحق، الذي لا عوج فيه.


وقال الصبان في إسعاف الراغبين: هو صاحب المعارف، وأخو الدقائق واللطائف، ظهرت كراماته، وكثرت في السوالك إشاراته، ولقب بالباقر، لأنه بقر العلم، أي شقه، فعرف أصله وخفيه


[إسعاف الراغبين ص 229.]


وقال أبو زهرة: كان رضي الله عنه مفسرا للقرآن، ومفسرا للفقه الإسلامي، مدركا حكمة الأوامر والنواهي، فاهما- كل الفهم- لمراميها، وكان راوية للأحاديث، يروي أحاديث آل البيت، ويروي أحاديث الصحابة من غير تفرقة، ولكمال نفسه، ونور قلبه، وقوة مداركه، أنطقه الله تعالى بالحكم الرائعة، ورويت عنه عبارات في الأخلاق الشخصية والاجتماعية، ما لو نظم في سلك لتكون فيه مذهب خلقي سام، يعلو بمن يأخذ به إلى مدارج السمو الإنساني


[أبو زهرة: الإمام الصادق ص 24.]


الامام الباقر و الشيعة



تتجلى في الإمام الباقر- رضوان الله عليه- الصفة الأساسية في الشيعة الأوائل، من الحفاظ على الإسلام، ومنع من يفعل ذلك بالعدل والروية والحسنة


[كامل مصطفى الشيبي: الصلة بين التصرف والتشيع 1 / 170 "بغداد 1963".]، قال الإمام الباقر: " والله ما شيعتنا، إلا من اتقى الله وأطاعه، وما كانوا يعرفون إلا بالتواضع، والتخشع، وأداء الأمانة، وذكر الله، والصوم والصلاة والبر بالوالدين، وتعهد الجيران من الفقراء، وذوي المسكنة، وصدق


الحديث، وتلاوة القرآن، وكف الألسن عن الناس


[محمد جواد مغنية: فضائل الإمام علي ص 225 "بيروت 1981".]


وروى الحافظ أبو نعيم بسنده عن جابر عن أبي جعفر الباقر قال: إن الله تعالى يلقي في قلوب شيعتنا الرعب، فإذا قام قائمنا، وظهر مهدينا، كان الرجل أجرأ من ليث، وأمضى من سنان "


[حلية الأولياء 3 / 184.]


وعن يونس بن أبي يعقوب عن أخيه عن أبي جعفر قال: " شيعتنا ثلاثة أصناف، صنف يأكلون الناس بنا، وصنف كالزجاج ينهشم، وصنف كالذهب، كلما دخل النار ازداد جودة "


[حلية الأولياء 3 / 183.]


وروي أنه في ذات يوم كان الإمام الباقر في بيته، وعنده جماعة من أصحابه، وإذا بشيخ وقف على الباب، وقال: السلام عليك يا ابن رسول الله ورحمة الله وبركاته، وبعد أن رد الإمام عليه السلام، قال الشيخ: جعلني الله فداك يا ابن رسول الله، والله إني لأحبكم، وأحب من يحبكم لله- لا للدنيا- وإني لأبغض عدوكم، وأبرأ منه، لا لشئ بيني وبينه، وإني لأحلل حلالكم، وأحرم حرامكم، وأنتظر أمركم، فهل ترجو لي الخير، جعلني الله فداك؟.


قال الإمام: أتى أبي رجل، وسأل مثل الذي سألت، فقال له: إن تمت ترد على رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، وعلي، والحسن والحسين، ويثلج قلبك، وتقر عينك، وتستقبل بالروح والريحان، وأنت معنا في السنام الأعلى.


فقال الشيخ: الله أكبر، أنا معكم في السنام الأعلى، وبكى فرحا، وأخذ يد الإمام وقبلها، ثم وضعها على عينيه، ومسح بها وجهه وصدره، ثم قام وودع وخرج، فقال الإمام: من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة، فلينظر إلى هذا.


ويقول الأستاذ مغنية: هذا هو التحديد الصحيح لشيعة أهل البيت، عليهم السلام، يحللون حلالهم، ويحرمون حرامهم، ويحبون من يحبهم، ويبغضون عدوهم في الله، ولله، أما من يحلل اليوم ما حرمه بالأمس، تبعا لشهواته وميوله، أما من يزعم أنه من الشيعة الموالين، وفي الوقت نفسه ينصب العداء للمحبين ويكيد لهم، فليس من الإسلام، ولا التشيع في شئ، بل هو عدو الله ورسوله وأهل بيته.


وقال الإمام الرضا: " من عادى شيعتنا، فقد عادانا، ومن والاهم فقد والانا، لأنهم خلقوا من طينتنا، من أحبهم فهو منا، ومن أبغضهم فليس منا "


[محمد جواد مغنية: الشيعة في الميزان ص 230- 231.]


وقال الإمام الباقر لشيعته: " إنا لا نغني عنكم من الله شيئا، إلا بالورع، وإن ولايتنا لا تدرك إلا بالعمل، وإن أشد الناس يوم القيامة حسرة، من وصف عدلا، وأتى جورا.


وقال: لا تذوقن بقلة- أي نبتة- ولا تشمها، حتى تعلم ما هي؟ ولا تشرب من سقاء حتى تعلم ما فيه ولا تسير إلا مع من تعرف


[محمد جواد مغنية: فضائل الإمام علي ص 226- 227.]


الامام الباقر و المعتزلة



كان الإمام الباقر- رضوان الله عليه- محدثا، وكان أهل الحديث في المدينة قد كرهوا الكلام في الدين، واعتبروه مراء، وأتى " واصل بن عطاء "


[هو أبو حذيفة واصل بن عطاء الغزال، ولد بالمدينة عام 80 هـ "699 م" وعاش في البصرة، وحضر دروس الحسن البصري، ويعد واصل مؤسس مدرسة الاعتزال- في رأي أكثر الباحثين- وقد اعتزل الحسن البصري- لاختلافه معه حول مرتكب الكبيرة، فجعله واصل " منزلة بين المنزلتين "، ثم انضم إليه " عمرو بن عبيد "80- 144 هـ / 699- 761 م"، كما أنكر واصل القول بقدم الصفات الإلهية، وكان يقول برأي " القدرية " في القدر، وبإثم من شاركوا في مقتل عثمان وفي وقعة الجمل وصفين، وتوفي واصل عام 131 هـ / 748 م، وأهم مصادر ترجمته "الجاحظ:


البيان والتبيين 1 / 16 و 21- 29، إرشاد الأريب لياقوت 7 / 223- 225، ميزان الاعتدال للذهبي 3 / 267، فوات الوفيات للكتبي 2 / 317، مرآة الجنان لليافعي "1 / 274، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 1 / 313- 314، المعتزلة لابن المرتضى ص 28- 35، وفيات الأعيان 6 / 7- 11".]


إلى المدينة، وتتلمذ عليه أخوه " زيد بن علي "، فكره الإمام الباقر هذا كل الكراهية


[علي سامي النشار: المرجع السابق ص 141.]، وروى ابن سعد في طبقاته بسنده عن جابر قال: قال لي محمد بن علي الباقر: " يا جابر، لا تخاصم، فإن الخصومة تكذب القرآن "


[طبقات ابن سعد 5 / 236.]، وعن ليث عن أبي جعفر قال: لا تجالسوا أصحاب الخصومات، فإنهم الذين يخوضون في آيات الله "


[حلية الأولياء 3 / 184، طبقات ابن سعد 5 / 236.]، وقال: إياكم والخصومة فإنها تفسد القلب، وتورث النفاق


[حلية الأولياء 3 / 184.]


هذا وقد أورد الشهرستاني مناظرة جرت بين الإمام الباقر وأخيه زيد- من حيث كان زيد يتتلمذ لواصل بن عطاء، ويقتبس العلم ممن يجوز الخطأ على جده الإمام علي بن أبي طالب في قتال الناكثين والقاسطين والمارقين، ومن حيث كان يتكلم في القدر، على غير ما ذهب إليه أهل البيت، ومن حيث أنه كان يشترط الخروج شرطا في كون الإمام إماما، حتى قال له يوما: على مقتضى مذهبك والدك ليس بإمام، فإنه لم يخرج قط، ولا تعرض للخروج


[الشهرستاني: الملل والنحل 1 / 156.]


ولعل من الأهمية بمكان الإشارة هنا إلى أن قتال الإمام علي بن أبي طالب للناكثين والقاسطين والمارقين، إنما كان- كما أشرنا بالتفصيل إلى ذلك عند الحديث على أدلة إمامة الإمام علي من قبل- بأمر سيدنا ومولانا رسول الله "صلى الله عليه وسلم"


[أنظر: المستدرك للحاكم 3 / 139، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 8 / 340 و 13 / 186 الخصائص للنسائي ص 59- 105، فضائل الصحابة لابن حنبل 2 / 637، كنز العمال للمتقي الهندي 6 / 72 و 82 و 88 و 319 و 392 و 8 / 215، مجمع الزوائد للهيثمي 7 / 138 و 238 و 9 / 235.]


وروى ابن كثير أن الباقر قال: " القرآن كلام الله عز وجل، غير مخلوق "، وهذا نص- فيما يقول الدكتور النشار- خطير، يثبت أن الإمام الباقر قد أزعجه تماما الأصل المعتزلي: أن كلام الله مخلوق


[علي سامي النشار: المرجع السابق ص 142.]


الامام الباقر و الصوفية



صب مؤلفو كتب التصوف جوانب الإمام الباقر في قالب صوفي زهدي، بحيث بدا واحدا منهم


[الشيبي: المرجع السابق ص 173- 175.]، وأول ما يجب أن نلتفت إليه البكاء الذي يضاف للإمام الباقر- وهو معاصر للحسن البصري


[من أهم مصادر ترجمة الحسن البصري "ابن قتيبة: المعارف ص 225، ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل 1 / 40- 42، الفهرست لابن النديم ص 37- 38 و 183، طبقات ابن سعد 7 / 156- 178، حلية الأولياء 2 / 131- 161، طبقات الفقهاء للشيرازي ص 68- 69، التذكرة للذهبي ص 71- 72، ميزان الاعتدال للذهبي 1 / 254، المعتزلة لابن المرتضى 18- 24، الأعلام للزركلي 2 / 242، وفيات الأعيان 2 / 69- 73، شذرات الذهب 1 / 136- 138".] "21- 110 هـ / 642- 728 م"- البكاء المشهور، كما عاصر الحسن الإمام علي زين العابدين، وكان الإمام زين العابدين يعلل بكاءه على شهداء كربلاء من آل بيت النبوة، الذين قتلوا على مذبح أطماع الأمويين- فقد رآهم يقتلون رأي العين


[حلية الأولياء 3 / 138.]


وعن أبي حمزة الثمالي عن الإمام جعفر الصادق عن الإمام محمد الباقر قال: سئل علي بن الحسين عن كثرة بكائه، فقال: " لا تلوموني، فإن يعقوب- عليه السلام- فقد سبطا من ولده، فبكى حتى ابيضت عيناه، ولم يعلم أنه


مات، وقد نظرت إلى أربعة عشر رجلا من أهل بيتي في غزاة واحدة، أفترون حزنهم يذهب من قلبي "


[ابن كثير: البداية والنهاية 9 / 119، حلية الأولياء 3 / 138.]


ثم تطورت فكرة البكاء تطورا زهديا، عبر عنه الإمام علي زين العابدين بقوله: " فقد الأحبة غربة "


[صفة الصفوة 2 / 53.]، ويقول ولده الإمام الباقر: " ما اغرورقت عين بمائها، إلا حرم الله وجه صاحبها على النار "، بل إن الإمام الباقر، إنما يقسم البكاء- كما قسم المعرفة "وكذلك فعل أبوه من قبل"


[تفسير علي بن إبراهيم ص 416.]- فقال: " فإن سالت على الخدين لم يرهق وجهه قتر ولا ذلة، وما من شئ إلا له جزءا إلا الدمعة، فإن الله يكفر بها بحور الخطايا، ولو أن باكيا بكى في أمة، لحرم الله تلك الأمة على النار "


[صفة الصفوة 2 / 61.]


وهكذا نرى جذور البكاء في الزهد والتصوف، حتى تحولت إلى الذكر الذي يصفي القلوب، كما يصفيها بكاء الشيعي على الإمام الشهيد- مولانا الإمام الحسين- الذي كانت مجالس البكاء عليه تعقد جهارا أيام " المأمون " "189- 218 هـ- 813- 833 م"، وقد ربط الإمام الباقر البكاء بالذكر صراحة فقال:


" الصواعق تصيب المؤمن وغير المؤمن، ولا تصيب الذاكر "، وقد رأينا البكاء ومنزلته، فلا بد أن يقترن بالذكر لتنمحي الذنوب، وهكذا أسس الشيعة جذور البكاء في الذكر، ببكائهم على الشهيد- الإمام الحسين


[الشيبي: المرجع السابق ص 174.]


هذا وقد زكى المحدث الفقيه ابن حجر الهيثمي في صواعقه، الإمام الباقر صوفيا بقوله فيه: وله من الرسوم في مقامات العارفين، ما تكل عنه ألسنة


الواصفين، وله كلمات كثيرة في السلوك والمعارف لا تحتملها هذه العجالة


[ابن حجر الهيثمي: الصواعق المحرقة ص 304 "دار الكتب العلمية- بيروت 1983".]، ومن تلك الكلمات ما يدخل في سلسلة السند في روايته " أبو علي الروذباردي "، وسفيان الثوري، وذلك في نقل قول الباقر في التوكل " الغنى والعز يجولان في قلب المؤمن، فإذا وصلا إلى مكان فيه التوكل أوطناه "


[حلية الأولياء 3 / 181.]


هذا إلى أننا نجد الحب عند الإمام الباقر- كما وجد عن أبيه- من قوله:


" إعلم يا جابر، أن أهل التقوى أيسر أهل الدنيا مؤونة... قطعوا محبتهم لمحبة ربهم، ووحشوا الدنيا لطاعة مليكهم "


[محمد بن يعقوب الكليني: أصول الكافي ص 185 "طهران 1278 هـ".]


ولعل من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن الزهاد والمتصوفة إنما قد عجبهم الأئمة الأوائل من آل بيت النبوة، فأرادوا أن يجعلوا منهم قدوة يقتدون بها، وجعلوا مبادئهم الخلقية والسياسية، الموازية لمبادئ الزهاد شيئا يهتدون به، وكانت أسس التصوف في بداية وضعها، فاستفاد الزهاد من أئمة أهل البيت إفادة ظاهرة، حتى رأيناهم في النهاية ينسبون التصوف إلى الإمام علي- رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة- عن طريق أولاده الأئمة هؤلاء، وقد صرح " العطار " بذلك، فقال في الإمام محمد الباقر، الذي أنهى بسيرته كتابه " تذكرة الأولياء ": " ذلك حجة أهل المعاملات، ذلك برهان أرباب المشاهدات، ذلك إمام أولاد النبي "صلى الله عليه وسلم"، ذلك كريم أحفاد الإمام علي، ذلك صاحب الظاهر والباطن، أبو جعفر محمد الباقر، رضي الله عنه "


[الشيبي: المرجع السابق ص 176- 177، تذكرة الأولياء 2 / 266.]


الامام الباقر و الصديق و الفاروق



كان الإمام الباقر يحب الصديق والفاروق، رضي الله عنهما، ويعرف لهما


فضلهما، وجهادهما في الإسلام، والمعروف أن زوج الإمام الباقر، وأم ولده- الإمام جعفر الصادق، رائد السنة والشيعة، وشيخ علماء الأمة- إنما هي السيدة " أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق".


وأخرج ابن عساكر والدارقطني عن أبي جعفر الباقر قال: من لم يعرف فضل أبي بكر وعمر، فقد جهل السنة


[حلية الأولياء 3 / 158، الصواعق المحرقة ص 84.]


وروى ابن سعد في طبقاته عن جابر قال: قلت: أكان منكم أهل البيت أحد يسب أبا بكر وعمر؟ قال: لا، فأحبهما وتولاهما، واستغفر لهما


[ابن سعد: الطبقات الكبرى 5 / 236.]، وعن أبي عبد الله الجعفي عن عروة عن عبد الله قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي عن حلية السيوف؟ قال: لا بأس به، قد حلى أبو بكر الصديق، رضي الله عنه، سيفه، قال: قلت: وتقول الصديق؟ قال: فوثب وثبة، واستقبل القبلة، ثم قال: نعم الصديق، فمن لم يقل له الصديق، فلا صدق الله له قولا في الدنيا والآخرة


[ابن كثير: البداية والنهاية 9 / 349، حلية الأولياء 3 / 185.]


وعن عمرو بن شمر عن جابر قال: قال لي محمد بن علي الباقر: يا جابر، بلغني أن قوما بالعراق يزعمون أنهم يحبوننا ويتناولون أبا بكر وعمر، رضي الله عنهما، ويزعمون أني أمرتهم بذلك، فأبلغهم أني إلى الله منهم برئ، والذي نفس محمد بيده، لو وليت لتقربت إلى الله تعالى بدمائهم، لا نالتني شفاعة محمد "صلى الله عليه وسلم"، إن لم أكن أستغفر لهما، وأترحم عليهما، إن أعداء الله لغافلون عنهما


[حلية الأولياء 3 / 185.]


وعن شعبة الخياط مولى جابر الجعفي قال: قال لي أبو جعفر محمد بن


/ 23