حیاة امیرالمؤمنین علی(علیه السلام) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حیاة امیرالمؤمنین علی(علیه السلام) - نسخه متنی

سید اصغر ناظم زاده قمی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


ظهوراً بيّنا أنّك أنت الإله، لأنّ ابن عمك الّذي أرسلته قال: ''لا يُعذِّب بالنار إلّا ربُّ العالمين''. [ شرح ابن أبي الحديد، ج 5، ص 5. ]

و عن عليّ بن محمّد النوفلي، عن أبيه، عن مشيخته: أنّ علياً عليه السلام مَرَّ بهم و هم يأكلون في شهر رمضان نهاراً، فقال: ''أسفر أم مرضى؟'' قالوا: و لا واحدة منهما، قال: ''أفمن أهل الكتاب أنتم؟''، قالوا: لا، قال: ''فما بال الأكل في شهر رمضان نهاراً؟''

فقالوا: أنتَ، أنتَ! لم يزيدوه على ذلك، ففهم مرادهم، فنزل عليه السلام عن فرسه فألصق خدّه بالتراب، ثمّ قال: ''ويلكم! إنّما أنا عبدٌ من عبيد اللَّه فاتقوا اللَّه و ارجعوا إلى الإسلام'' فأبوا، فدعاهم مراراً، فأقاموا على أمرهم، فنهض عنهم ثمّ قال: ''شدّوهم وثاقاً، و عليَّ بالفعلة و النّار و الحطب''، ثمّ أمر بحفر بئرين فحفرتا فجعل أحدهما سَرَباً [ السرب، بفتحتين: الحفير تحت الأرض. ] و الآخر مكشوفة، و ألقى الحَطب في المشكوفة، و فتح بينهما فتحاً، وألقى النّار في الحطب، فدخّن عليهم، و جعل يهتف بهم، و يناشدهم:''إرجعوا إلى الإسلام''، فأبوا، فأمر بالحطب و النّار، و ألقى عليهم، فاحترقوا، فقال الشاعر:




  • لِترَم بي المنيةُ حيثُ شاءت
    إذا ما جُشّتا حطباً بنارٍ
    فذاك الموتُ نقداً غيرَ دَين



  • إذا لَمْ تَرمِ بي الحُفرتَين
    فذاك الموتُ نقداً غيرَ دَين
    فذاك الموتُ نقداً غيرَ دَين



قال: فلم يبرح واقفاً عليهم حتى صاروا حُمَماً. [ شرح ابن أبي الحديد، ج 5، ص 6. ]

روى العلاّمة محبّ الدين الطبري بسنده عن عبداللَّه بن شريك العامري، عن أبيه، قال: أُتي عليّ بن أبي طالب عليه السلام فقيل له: إنّ ها هنا قوماً على باب المسجد يزعمون أنّك ربّهم. فدعاهم، فقال لهم: ''ويلكم، ما تقولون''؟
قالوا: أنتَ ربّنا و خالقنا و رازقنا.

قال: ''ويلكم، إنّما أنا عبد مثلكم، آكل الطعام كما تأكلون، و أشرب كما تشربون، إن أطعته أثابني إن شاء اللَّه تعالى، و إن عصيت خشيت أن يعذّبني، فاتقوا اللَّه و ارجعوا'' فأبوا فطردهم، فلمّا كان من الغد غدوا عليه، فجاء قنبر، فقال: و اللَّه رجعوا يقولون ذاك الكلام، قال: ''أدخلهم عليَّ''، فقالوا له مثل ما قالوا، و قال لهم مثل ما قال، و قال لهم: ''إنّكم ضالّون مفتونون'' فأبوا.

فلمّا أن كان اليوم الثالث أتوه، فقالوا مثل ذلك القول، فقال: ''و اللَّه لئن قلتم ذلك لأقتلَنّكم أخبث قتله'' فأبوا إلّا أن يموتوا على قولهم فخدّ لهم أخدوداً بين باب المسجد و القصر، و أوقد فيه ناراً، و قال: ''إنّي طارحكم فيها أو ترجعون'' فأبوا، فقذف بهم فيها. [ ذخائر العقبى لمحب الدين الطبري، ص 93. ]

و في فرائد السمطين، بسنده عن عثمان بن المغيرة، قال: كنت عند عليّ ابن أبي طالب عليه السلام جالساً فجاءه قوم فقالوا: أنتَ هو،! قال: ''من أنا''؟ فقالوا: أنت هو، قال: ''من أنا؟''، قالوا: أنت ربّنا! فاستتابهم فأبوا و لم يتوبوا، فضرب أعناقهم و دعا بحطب و نار فأحرقهم و جعل يرتجز و يقول:




  • ''إنّي إذا رأيت أمراً منكرا
    أوقدتُ ناري و دعوت قنبرا''



  • أوقدتُ ناري و دعوت قنبرا''
    أوقدتُ ناري و دعوت قنبرا''



[ فرائد السمطين، ج 1، ص 174، رقم 136. ]

سيرته مع عمّاله


كان عليّ عليه السلام حاكماً بالحقّ عادلاً، و ما الحكومة لديه إلّا أمانة و ليست مسرحاً للاستغلال و آلة لتحقيق المآرب، فهو يخاطب الأشعث بن قيس عامله على أذربايجان و يقول: ''و إنّ عملك ليس لك بطعمة، و لكنّه في عنقك أمانة''. [ نهج البلاغة، الكتاب 5. ]

و من المتيقّن أنّ عليّاً عليه السلام كان ينصب الولاة من أجل خدمة المجتمع و إدارة النظام الإسلامي على أحسن وجه، و الرأفة بالرعيّة و تأمين الرفاه لهم، و لم يكن عليّ عليه السلام ليأخذ القرابة بنظر الاعتبار، أو ينصب فلاناً بدافع العلاقات العائليّة و الرحميّة أبداً... .

لم يكن يتّبع الألا عيب السياسية وسيلة لبقائه في الحكم أطول مدّة ممكنة، و لم يكن يتأثّر بالشائعات و الأوضاع المفتعلة، و لم يستسلم أمام الضغوط، و إنّما كان يجعل اللَّه نصب عينيه، و لا يفكّر إلّا في مصلحة الرعيّة، فعندما يرى أنّ المصلحة تقتضي عزل معاوية فإنّه يصدر الأمر بعزله بالرغم من ممانعة من حوله و طلبهم منه إبقاءه في منصبه، فهو لم يرضخ لمطالبهم حتّى و إن أدّى الأمر إلى
اشتعال نار الحرب و أدّى ذلك إلى مقتله.

عليّ مع الحقّ و الحقّ مع عليّ، فحيثما كان الحقّ كان عليّ، بل حيثما كان عليّ كان الحق، فلم يكن يرضى أن يظلم حاكم الرعيّة، و ما أن يعلم أنّ حاكماً قد ظلم في حكمه حتّى يعزله عن الولاية و الحكومة، و ربما وبّخه على فعله، و قد يحبسه و يعزّره ليعلم جميع الحكّام في البلاد الإسلامية أنّ عليّاً لا يرضى إلّا برضى اللَّه و بما يؤمّن مصلحة المجتمع و لا يحبّ غير ذلك.

و ترى حاله يتغير في بعض الأحياء إذا ما سمع بأنّ أحد عمّاله قد ظلم، فيتوجّه إلى اللَّه تعالى طالباً منه العفو و المغفرة، و أنّه لم يرسله ليظلم النّاس إنّما بعثه ليعدل بينهم.

كان عليّ عليه السلام عادلاً، و كان يتّخذ قراره بما يناسب حجم مخالفة عمّاله، فإذا رأى أنّ هذه المخالفة بسيطة قد يكفيها التذكير والموعظة فعل ذلك، كما فعل ذلك مع عثمان بن حنيف حيث اكتفى بإرسال كتاب له، و إن كان البعض يرى أنّه عزله عن منصبه.

و إذا ما اتّبعت الحكومات الإسلامية- الّتي تدّعي التزامها بالإسلام- سيرة عليّ عليه السلام مع المخالفين من عمّاله، فيثيبوا العامل المخلص الأمين، و يعاقبوا المخالف المؤذي للنّاس، فإنّ المسلمين لا يبقون اُسارى رتابة الدوائر، حيارى لا يعرفون ماذا عليهم أن يفعلوا، و ما هو الطريق الواجب اتِّباعه لتتمّ معاملاتهم، و لما سارت اُمورهم بهذا البطء.

يامر عمّاله على البلاد بالرأفة و يحذّرهم من التعديّ


قال ابن عبدالبرّ في "الاستيعاب": و لا يخصّ عليه السلام بالولايات إلا أهل الديانات و الأمانات، و إذا بلغه عن أحدهم خيانة كتب إليه: '''' قَدْ جاءَتَكْمُ مَوعِظَةٌ
مِن رَّبِّكُمْ فَأوفُوا الكَيلَ و الميزانَ بِالْقِسْط وَ لا تَبْخُسوا النَّاس أشْياءهُم وَ لا تَعثُوا في الأرضِ مُفسِدينِ، بَقِيَّةُ اللَّه خَيرٌ لَكُمْ إنْ كُنْتُمْ مُؤمِنين وَ ما أنا عَلَيكُم بِحفيظ'' [ الآيات من يونس، 57، الأعراف، 85، الشعراء، 183، هود، 86. ]، إذا أتاك كتابي هذا فاحتفظ بما في يديك من أعمالنا حتّى نبعث إليك من يتسلّمه منك''، ثمّ يرفع طرفه إلى السّماء فيقول: ''أللّهمّ إنّك تعلم أنّي لم آمرهم بظلم خلقك و لا بترك حقّك''. [ الاستيعاب بهامش الاصابة، ج 3، ص 47 دار إحياء التراث العربي. ]

روى العلامة الزمخشري في "ربيع الأبرار" قال: و قال عليّ عليه السلام لعامله:''انطلق على تقوى اللَّه وحده لا شريك له، و لا تروّعنّ مسلماً، و لا تجتازنّ عليه كارهاً، و لا تأخذنّ أكثر من حقّ اللَّه في ماله، فإذا قدمتَ على الحيّ فانْزل بمائهم من غير أن تخالط أبياتهم، ثمّ امض إليهم بالسكينة و الوقار حتّى تقوم بينهم فتسلّم عليهم، و لا تخدج التحيّة لهم، ثمّ تقول: عباد اللَّه أرسلني إليكم وليّ اللَّه و خليفته لآخذ منكم حقّ اللَّه في أموالكم، فهل للَّه في أموالكم من حق فتؤدّوه إلى وليّه؟ فإن قال قائل: لا، فلا تراجعه، و إن أنعم لكم منعم، فانطلق معه من غير أن تخيفه أو تعسفه أو ترهقه، فخذ ما أعطاك من ذهب أو فضة، فإن كانت له ماشية أو إبل فلا تدخلها إلّا بإذنه، فإنّ أكثرها له، فإذا أتيتها فلا تدخلها دخول تسلّط عليه و لا عنيف به، و لا تنفّرن بهيمة و لا تفزعنّها و لا تَسُوأنَّ صاحبها فيه''. [ ربيع الأبرار ج 3، ص 77 و قوله: ''لا تخدج التحية لهم'' أي أتمّها و لا تنقصها. ]

و فيه أيضاً: و قال عليه السلام للأشتر حين ولّاه مصر:''و اجْعَل لِذَوي الحاجات مِنْك قسماً تفرغ لهم فيه شخصك، و تجلس لَهم مَجلِساً عاماً فتتواضع فيه للَّه الّذي خلقك و تقعد عنهم جُندَك و أعوانك من أحراسك و شرطك حتّى يكلّمك مُتكلّم
غَيرمتَعْتع [ التعتعة في الكلام: التردد فيه من حصر أو عي، و المراد غير خائف. ]، فإِنّي سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول في غير موطن: لَن تقدّس اُمّة لا يؤخذ لضعيف فيها حقّه من القوي غير متعتع، ثمّ احتمل الخرق منهم و العيّ [ التعتعة في الكلام: التردد فيه من حصرأو عي، و المراد غير خائف. ]، و نحّ عنك الضيق [ العي بالكسر: العجز عن النطق. ] و الأنفة [ الضيق: ضيق الصدر لسوء الخلق. ]، يبسط اللَّه عليك أكناف رحمته [ الأَنَفَة: الاستنكاف و الاستكبار. ]، و يوجب لك ثواب طاعته''. [ أكناف الرحمة: أطرافها. ]

نبذة يسيرة من سيرته مع عمّاله


منها: توبيخ عثمان بن حنيف

في "نهج البلاغة": من كتاب له عليه السلام إلى عثمان بن حنيف الأنصاري، و هو عامله على البصرة، و قد بلغه أنّه دُعي إلى وليمة قومٍ من أهلها فمضى إليها: ''أمّا بعد: يابن حنيف، فقد بلغني أنّ رجلاً من فِتية أهل البَصرة دَعَاك إلى مأدبَةٍ، فأسرعت إليها تستطاب لك الألوان، و تُنقل إليك الجفان، و ما ظننتُ أنّك تجيب إلى طعام قومٍ عَائِلُهم مَجفوّ، و غَنيُّهم مَدْعوُّ، فانْظرإلى ما تَقضِمه مِن هذا المقضم، فما اشتبه عليك علمهُ فالفِظه، و ما أيقنتَ بطيب وَجِهه فنَل منه.

ألا و إنَّ لكلّ مأموم إماماً يقتدي به، و يستضي ء بنور علمه، ألا و إنّ إمامكم قد اكتفى مِن دنياه بِطمريه، و من طُعمِه بقُرصَيه، ألا و إنّكم لا تقدرون على ذلك،و لَكن أعينُوني بِورعٍ و اجتهادٍ، وَ عِفّةٍ و سَداد، فَو اللَّه ما كنزتُ من دنياكُم تِبراً،
و لا ادّخرتُ من غَنائِمها وفراً، و لا أعددتُ لبالي ثَوبي طمراً''.

إلى أن قال: ''و لو شِئتُ لاهتديتُ الطّريقَ إلى مُصفّى هذا العسَل، و لُبابِ هذا القمح، و نَسَائِج هذا القزّ، و لكن هيهات أن يَغلبني هوايَ و يقودني جشَعي إلى تَخَيُّر الأطعمة، و لعلّ بالحجاز أو اليمامة من لا طَمع لهَ في القُرص و لا عَهْدَ له بالشِبع! أو أبيتَ مِبطاناً و حَولي بُطون غَرثى و أكبادٌ حَرّى! أو أكون كما قال القائل:




  • وَ حَسبُك داءً أن تبيت ببطنة
    وَ حَولَك أكبادٌ تحِنّ إلى القِدّ



  • وَ حَولَك أكبادٌ تحِنّ إلى القِدّ
    وَ حَولَك أكبادٌ تحِنّ إلى القِدّ



أأقنعُ من نفسي بأن يقال: أميرالمؤمنين، و لا اُشارِكهُم في مكاره الدَّهر، أو أكون اُسوة لهم في جشُوبَة العيش؟'' الحديث. [ نهج البلاغة، الكتاب 45. ]

و في تعليقة "إحقاق الحقّ" روي عن الهمداني في "ذخيرة الملوك": أنّ عليّاً عليه السلام عزله عن الحكومة. [ الإِحقاق، ج 8، ص 549. ]

فتأمّل في هذا الكتاب الشريف، و انظر إلى سيرة أميرالمؤمنين عليه السلام في مطعمه و ملبسه حينما كان متصدّياً للولاية العامة، و كانت في قبضته الأموال العامّة و بيت مال المسلمين، و انظر إلى أنّه مع كون المسافة بين الكوفة و البصرة مسافة بعيدة، و لم تكن توجد في تلك الأعصار ما يوجد اليوم من أجهزة الاتصالات، كيف كان أميرالمؤمنين عليه السلام يتطلع على أحوال اُمرائه و عمّاله، و كيف كان يناقشهم في اُمور جزئيّة تبلغه عنهم.

و منها: قصة سودة بنت عمارة


في "الفصول المهمّة" لابن الصباغ المالكي: بسنده عن سودة بنت عمارة الهمدانية "رحمة اللَّه عليها": أنّها قدمت على معاوية بعد موت عليّ عليه السلام فجعل
معاوية يؤنّبها على تعريضها [ كذا في المصدر و الظاهر أنّه: تحريضها. ]عليه في أيّام قتال صفّين، ثمّ أنّه قال لها: ما حاجتك؟ فقالت: إنّ اللَّه تعال مسائلك عن أمرنا، و ما فرض عليك من حقّنا، و ما فوّض إليك من أمرنا، و لا يزال يقدم علينا من قبلك من يسمو بمقامك، و يبطش بسلطانك، فيحصدنا حصد السنبل، و يدوسنا دوس الحرمل، يسومنا الخسف، و يذيقنا الحتف، هذا بُسر بن أرطأه قد قدم علينا فقتل رجالنا، و أخذ أموالنا، و لولا الطاعة لكان فينا عزّ و منعة، فإن عزلته عنّا شكرناك، و إلّا فإلى اللَّه شكوانا.

فقال معاوية: إيّاي تعنين، و لي تهددين بقومك! لقد هممت يا سودة أن أحملك على قتب أشوس فأردّك إليه، فينفّذ حكمه فيك، فأطرقت سودة، ثمّ أنشأت تقول:




  • صلّى الإِله على جسم تضمّنه
    قد حالف الحقّ لا يبغي به بدلاً
    فصار بالحق و الإِيمان مقرونا



  • قبر فأصبح فيه العدل مدفونا
    فصار بالحق و الإِيمان مقرونا
    فصار بالحق و الإِيمان مقرونا



فقال معاوية: من هذا، يا سودة؟.

فقالت: هذا و اللَّه أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام، لقد جئته في رجل كان قد ولّاه صدقاتنا، فجار علينا، فصادفته قائماً يريد صلاة، فلمّا رآني انفتل من صلاته، ثمّ أقبل عليَّ بوجه طلق، و رحمة و رفق، و قال: ''لك حاجة'' فقلت: نعم، و أخبرته بالأمر، فبكى، ثمّ قال: ''أللّهمّ أنت الشاهد عليَّ و عليهم أنيّ آمرهم بظلم خلقك و لا بترك حقّك'' ثمّ أخرج من جيبه قطعة جلد و كتب فيها:

بسم اللَّه الرَّحمن الرّحيم ''قد جاءتكم بَيّنةٌ مِن ربِّكم فأوفوا الكَيل و الميزان و لا تَبْخسُوا النّاس أشياءهم و لا تُفسدُوا في الأرضِ بعد إصلاحها ذلكم خيرٌ
لَكُم إن كُنْتُم مؤمنين'' [ الأعراف، 85. ]، و إذا قرأت كتابي هذا فاحتفظ بما في يدك من عملك حتّى نقدم عليك من يقبضه و السلام'' ثمّ دفع إليَّ الرقعة، فجئت بالرقعة إلى صاحبه، فانصرف عنّا معزولاً.

فقال معاوية: اكتبوا لها بما تريد، و اصرفوها إلى بلدها غير شاكية.

[ الفصول المهمّة لابن الصباغ المالكي، ص 129. ]

و منها: جعله هدايا أحد العمال في بيت المال


روى العلاّمة ابن وكيع في "أخبار القضاة" بسنده عن عليّ بن ربيعة: أنّ عليّاً عليه السلام استعمل رجلاً من أسد، يقال له: ضبيعة بن زهير، فلمّا قضى عمله أتى عليّاً عليه السلام بجراب فيه مال، فقال: يا أميرالمؤمنين، إنّ قوماً يهدون لي حتّى اجتمع منه مال، فها هوذا؟ قال: فإن كان لي حلال أكلته، و إن كان غير ذاك فقد أتيتك به؟ فقال عليّ عليه السلام: ''لو أمسكته لكان غلولاً'' فقبضه منه و جعله في بيت المال. [ أخبار القضاة، ج 1، ص 59؛ نقلاً عن الاحقاق، ج 8، ص 549. ]

و منها: عزله أبا الأسود عن القضاء


قال العّلامة ابن الأخوة: يحكى أنّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام ولّى أبا الأسود الدؤلي القضاء ساعةً من نهار ثمّ عزله، فقال له: لِمَ عزلتني، فو اللَّه ما خنت و لا خوّنت؟.

قال عليه السلام: ''بلغني أنّ كلامك يعلو كلام الخصمين إذا تحاكما إليك''.

[ معالم القربة في أحكام الحسبة، ص 203؛ نقلاً عن الاحقاق، ج 8، ص 548. ]

سيرته مع التجار و أصحاب الحرف


اعلم أنّ التجارة شغل شريف لكونها وسيلة لتبادل الموادّ الأوّلية و المنتجات الصناعية و المحاصيل الزراعية و الحيوانية، و هذا التبادل ركن الحياة الاجتماعية و نظام الحيويّة المدنيّة، و لذا وردت في مدحه أخبار كثيرة وحُثّ على مزاولتها في الشرع الإسلامي.

ففي "الخصال" بسنده عن عبدالمؤمن الأنصاري، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: ''قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: البركة عشرة أجزاء، تسعة أعشارها في التجارة''.@ [ الخصال، ج 2، ص 445، باب العشرة، ح 44؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 3. ]

و كفى في فضل التجارة أنّها كانت شغل النبيّ صلى الله عليه و آله قبل أن يبعث نبيّاً عليه السلام، فقد سافر إلى الشام في التجارة مع عمّه أبي طالب، ثمَّ صار يُتاجِرُ لخديجة بنت خويلد، و سافر إلى الشام للتجارة مرّة اُخرى، و قد أعجبت بتجارته و أمانته، فطلبت منه أن يتزوّجها.

/ 74