• عدد المراجعات :
  • 10249
  • 4/14/2013
  • تاريخ :

التخلف الحضاري وسبل مواجهته

الحضارةط

مشكلة التخلف الحضاري أساس كل المشكلات التي يعاني منها بلداننا وذلك لتأثيرها المباشر على عمليات التنمية بصفة عامة والتنمية الاجتماعية بصفة خاصة، والتخلف يعني الفشل أو القصور، في تبني الأنماط الجديدة من الفكر والسلوك التي من المفترض ان تقود المجتمع الى وضع أفضل، ويعني كذلك قصور في الإمكانيات المادية والمعنوية والسياسية او رأس المال المادي والبشري.

من مظاهر التخلف الكامنة في بعض قيمنا وواقعنا الاجتماعي المعاصر هي تأصل الفردية والعشائرية في نفوسنا.

تظهر معضلة التخلف الحضاري بصورة جلية عندما يتحول الجانب المادي للمجتمع بصورة أسرع من تحول الجانب القيمي، وعدم تكيّف الجانبين بعضهما مع بعض يسبب ظهور مشكلات اجتماعية معقدة تصدع وحدة البناء الاجتماعي وتعرضها لأخطار التمزق والتشتت، هذه الاخطار يجب ان تشخص وتعالج من خلال ضبط مسيرة التحولات المادية التي يشهدها المجتمع وجعلها متساوية ومنسجمة مع مسيرة تحول المجتمع بعد دراسة طبيعتها وأسبابها ونتائجها دراسة نظرية وتطبيقية.

من مظاهر التخلف الكامنة في بعض قيمنا وواقعنا الاجتماعي المعاصر هي تأصل الفردية والعشائرية في نفوسنا، هذه العصبيات والولاءات الضيقة يجب أن تنصهر في لواء الوطنية فضلاً عن ذلك هناك حالة سلبية انغرست في نفوس الكثير من مجتمعنا ألا وهي النفاق الاجتماعي التي ورثناها من عهود الركود والانحطاط والحرص على السلامة بأية وسيلة ولقاء أي ثمن، فلقد منيت مجتمعاتنا بقوافل متتابعة من الحكام الجائرين المستبدين، كانت الحياة في ظلهم رخيصة والجهالة والحقارة والمذلة مستحوذة على الكثير من الناس، فلم يكن هناك شيء لضمان عيش او لنيل خطوة من مداورة الحكام ومن بذل الصرامة نفاقاً ومخاذلة وهذا كله يتجلى في بعض أمثلتنا الشعبية المتوارثة كقولهم (اليد التي لا تستطيع ان تقطعها قبلها وأدع عليها بالكسر) لذا فأن النفاق الاجتماعي هو وليد الذل الاجتماعي.

فضلاُ عن ذلك هناك سمة الاستمتاع المادي، إذ أصبح التنافس والتكالب على اغتنام وسائل الاستزادة من المال وإلهاب النفوس بشهواتها شغل هذه الطبقات وهو ناتج عن ضعف الإيمان الذي ولدته ظروف الركود السابقة فضلاً عن ذلك أغراء المال الجديد المتدفق من منابع متعددة منها داخلية وأخرى خارجية. وهناك مسألة الوقت عندنا وكيفية استثماره هي الأخرى تعتبر سمه من سمات التخلف الحضاري فلا يوجد في مجتمعنا احتراماً للوقت فما زلنا نردد (كل تأخيرة وفيها مثيرة) و(طول البال تهد الجبال) فالوقت في مجتمعنا مخيفاً تشكو منه مر الشكوى ونلقي التبعية عليه في كل الأمور، ونعيبه ولا نعيب أنفسنا، ونعود ونۆكد أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية والتاريخية مسۆولة عن هذه الإهدار والضياع في الوقت والخوف منه.

تجاوز العقبات
الحضارة

لتجاوز هذه العقبات وضع المفكرون في مجالات دراسة المجتمع حلولا منها أن عبور فجوة التخلف الحضاري يتوقف على نجاح عملية التحديث، وهي عملية ذات خصائص مميزة وأن كانت تختلف في أسلوبها باختلاف المجتمعات نتيجة تباين العوامل الاجتماعية والثقافية والتاريخية التي تحدد إلى درجة بعيدة عمليات التغيير الاجتماعي. يمكن اعتبار المشاركة السياسية الإيجابية تساعد على التخفيف من آثار وطأة هذه المشكلة، هذه المشاركة التي يلعب من خلالها الأفراد أدواراً هامة في الحياة الاجتماعية، وتكون لديه الفرصة في أن يسهم في وضع الأهداف العامة للمجتمع وتحديد أفضل الوسائل لإنجازها، وقد تكون عملية المشاركة السياسية من خلال نشاطات سياسية مباشرة كأن يقلد الفرد منصباً سياسيا أو يحظى بعضوية حزب أو مۆسسة اجتماعية، ويأتي في مقدمة المشاركة السياسية المباشرة المشاركة الديمقراطية في الانتخابات وحرية الصحافة. يشير (كارل منهايم) أن مهمة المخططيين الهادفين إلى نقل المجتمع إلى حالة أفضل تقوم على تحطيم العادات الفكرية القديمة والكشف عن الوسائل الجديدة التي تۆدي إلى فهم هذا العالم المتغير، فالرغبة الشديدة في تحسين الأحوال المعيشية المادية والثقة في نجاح الجهود التي تبذل في تحقيق هذا الهدف شرطان أساسيان في هذه العملية، والذي يۆكد تأكيد أهمية هذين الشرطين أن القيم الثقافية المتوارثة في شكل تقاليد راسخة قد عوقت التنمية في بعض المجتمعات ولا تزال تعوقها في بعض المجتمعات وعلى الأخص تلك المجتمعات التي تعيش فيها جماعات محلية ذات ثقافات تقليدية صعبة التغير، لذا كان من الضرورة بمكان قيام المسۆولين والباحثين والمربين والمصلحين الاجتماعيين ورجال الدين التأكيد على أهمية تصنيف القيم الاجتماعية إلى قيم إيجابية وأخرى سلبية لكي يصار إلى بلورة ونشر القيم الإيجابية ومحاربة القيم السلبية الضارة حتى نقضي على معضلة التخلف الحضاري وتحقق الوحدة الوطنية والاتجاه بالمجتمع نحو التطور والتفاعل مع العالم المتحضر.


مستوى التعايش السلمي في الإسلام

دور الثقافة والأدب في بناء الحضارات

خصائص المجتمعات الفاعلة

أسرار السقوط الحضاري للعالم الإسلامي

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)