• عدد المراجعات :
  • 5748
  • 8/1/2007
  • تاريخ :

حليب الأم.. مزايا لا تُعَدُّ

حليب الأم

عندما نركز جُل اهتمامنا على حليب الأم ، و عندما نستحث الأمهات على إرضاع أطفالهن حليبهن ، فإننا ندعوهن إلى الفطرة ؛ فـهـذا الـحليب الذي أجراه الله في صدر المرأة ما خلقه الله عـبـثـاً - تـعـالـى الله - ولكن كما يقول - جل شـأنـه - ( إنـَّا كـُلَّ شـَيْءٍ خَـلَـقـْـنـَاهُ بِقَدَر ) ، [ القمر: 49] ، و يقول كذلك : ( فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ القَادِرُونَ ) ، [ المرسلات: 23] .

إن الصيحات التي بدأت تتعالى في الغرب ، تزداد يوماً بعد يوم تهيب بالأمهات أن يعُدن إلى الرضاعة الطبيعية ، و أهمية حليب الأم بعد دراسات علمية كثيرة أكدت هذه الميزات ، فعلينا أن نعتبر بهم ، و منهم و ألا نبدأ من حيث بدأوا ، بل من حيث انتهوا.

قبل أن نعرج على مزايا حليب الأم ، لابد أن ننوه أن جميع أنواع الحليب المتوفرة في السوق - إلا ما ندر - هي حليب حيواني المصدر ، يؤخذ عادة من الأبقار ، و تُجرى علـيـه بـعـض التعديلات ، التي يحاول بها العلماء جاهدين مضاهاة حليب الأم . و مع هذا تظل هناك فروق قائمة بين الحليب المعدل ( الحليب الصناعي ) و حليب الأم . يطلق على الحليب المعدل اسم الحليب " المُؤَنْسَن " ، ( Humanized ) ، و هي تعني الحليب الذي يشابه حليب الإنسان .

إن مزايا حليب الأم كثيرة نوجز بعضها في النقاط التالية :

 

1- مزايا في التركيب (النوعية) :

ليس همنا أن نجهد ذهن القارئ بتفاصيل دقيقة عن الفرق بين حليب الأم و الحليب المعدل ، ولكن الأمثلة التالية توضح الهدف من قصدنا ، إن حليب الأم يختلف عن الحليب المعدل ، حتى بعد إجراء التعديلات كافة عليه ؛ فكمية البروتينات و الأملاح في الحليب المعدل ، لاتـزال أعـلـى بكـثـيـر مـنهـا في حليب الأم ، و هذه الزيادة ليست هي الزيادة المحمودة ، فارتفاع كمية الأملاح يـزيـد مـن الجهد الواقع على كُلى الرضيع و الوليد لطرح هذه الأملاح خارج الجسم.

إن بعض الدراسات الطبية بدأت تحاول ربط ارتـفـاع ضـغـط الـدم المجهول السبب - عند بعض الكبار - بزيادة كمية الأملاح المتناولة في الصغر ، الا أن هذا الربط ليس قطعي الثبوت لحد الآن .

مثال آخر : إن البروتينات الموجودة في الحليب الـمـعدل هي أكبر كمية ، و تختلف نوعية عن تلك التي في حليب الأم . فهي أعسر هضماً لما تكوّنـه من خثارة كبيرة الحجم نسبياً في معدة الطفل الرضيع بعد تناوله الحليب المعدل ، و هذا الحليب المتخثر أعسر هضماً ، و بالتالي فإن الطفل الرضيع " يُرْجِع " جزءاً كـبـيـراً مـن الحلـيـب المتـنـاول ، هذا كثيراً ما تشكو منه الأمهات اللاتي يرضعن أطفالهن حليباً معدلاً .

أضف إلى ما سبق ، أن تناسب بعض الأملاح في حليب الأم - كـالـكـلـس و الـفـسـفـور  -  هـو تناسب مثالي ، فعلى الرغم من أن كميتي الكلس و الفسفور أقل في حليب الأم عـنـهـمـا فـي الحليب المعدل ، إلا أن نسبة الأول إلى الثاني هي نسبة مثلى تجعل امـتصاص كـل منهما عالياً جداً ، فلا يعيق أحدهما امتصاص الآخر كما هو الحال في الـحلـيـب المعدل لاختلال النسبة بينهما.

أما المثال الثالث : فإن حليب الأم يحتوي على مواد تساعد على امـتـصـاص بعض المعادن الموجودة في الحليب - كالحديد مثلاً - بشكل كبير على الرغم من قلة كميته فيه ، إذا ما قورن بالحليب المعدل الذي يحوي كمية أكبر ولكن الامتصاص أقل بكثير .

. 2- النظافة و التعقيم :

حليب الأم السليمة يخلو من أي جرثومة ، و ذلك أنه يـتدفـق من جـسـم الأم إلى فم الطفل فلا مجال لتلوثه. بعكس الحليب الذي يحضّر في عدة أوانٍ ، و بمـر بـعـدة خـطـوات من غلي الماء ، و تبريده ، و مزج الحليب بالماء... ، الخ ، و كل خطوة من هذه الخطوات ، قد تكون مصدراً من مصادر تلوث الحليب ؛ لذا فإن معدل إصابة الأطفال الذين يتناولون مـثل هذا الحليب - الذي يحتاج إلى عدة خطوات في التحـضير و الإعداد - عـالٍ نـسـبـيـاً ، كـمـا أن مجال الخطأ في كمية الحليب المضافـة إلى المـاء من زيادة أو نقص ، أمر وارد الحدوث عند تحضير الوجبة مما يضر بالرضيع في كلتا الحالتين.

مهم جداً ، أن نتذكر ، أن حليـب الأم يحوي مواد تمنع بشكل غير مباشر الإصابة بالالتهاب المعوي الحاد ؛ لذا تندر إصابة الأطفال الذين يرضعون حليب أمهاتهم ، أن يصابوا بمثل هذه النزلات المعوية .

3- مقاومة الأمراض :

يحتوي حليب الأم المتدفق في الأيام الأولى بعد الولادة - حليب اللبأ - على كميات كبيرة من الأجسام المضادة و الخلايـا البـيـضاء و الأنزيمات و الخمائر و بعض البروتينات ، التي تقي الطفل كثيراً من الأمراض ، و هذه الميزة مقتصرة على حليب الأم فقط .

4- اليسر و سهولة التحضير :

حليب الأم يسهل الحصول عليه ، و لايحتاج من الأم جهداً في التحضير - سواء في الليل أو النهار ، داخل أو خارج الـبـيـت - يـقـارن هذا بالوقت و الجهد اللازم لتحضير وجبة حليب مع ما يلزم من " معدَّات " التحضير ، خصوصا خارج الـبـيـت ، أو تحـضـيـر وجـبـة حليب لطفل جائع بعد منتصف الليل! ، إن حليب الأم يتدفق من جسم الأم إلى فم الطفل بدرجة حرارة مناسـبة فـلا يـحـتـاج إلـى تسخين.

5- التكلفة الاقتصادية :

إن التكلفة الاقتصادية الشهرية لعائلة ترضع طفلها حليباً حيوانياً معدلاً لاتقارَن بما تكلفه الرضاعة الطبيعية ، التي لاتكلف شيئاً إضافياً البتة.

6- حليب الأم معقَّم ومعقِّم :

حليب الأم يحتوي على مواد تعقم أمعاء الرضـيـع و الـولـيـد مـن الجراثـيـم الضارة ، كما أن حليب الأم يحمي الرضيع من الإمساك ، الذي يـنـتـشـر بـيـن الأطفال الذين يتناولون حليباً معدلاً.

7- حليب الأم يساعد الرضيع على الشبع بطريقة مضبوطة :

إذ تزداد كمية الدهون في الجزء الأخير من حليب الأم المتدفق أثناء وجبة الرضاعة ، و هذه الدهون التي تختلف نوعاً و كماً عنها في الحليب المعدل - تمنح الرضيع الشعور بالشبع .

8- الراحة النفسية و الإشباع العاطفي :

إن الرضاعة الطبيعية تعطي الطفل شعوراً بالأمان أثناء حمل أمه له ، و إرضاعها إياه ، و هذا الترابط العاطفي يزداد بين الأم و الطفل يوماً بعد يوم ، و هو مهم جداً في تكويـن الـطـفـل مـن الناحية العاطفية و السلوكية.

9- التحسُّس :

الأطـفـال الذيـن يـتـنـاولون حليباً معدلاً - حيواني المصدر - معرضون للإصـابـة بـأمـراض مقتصرة عليهم فقط مثل عدم احتمال حليب البقر أو الإصابة بالتحسس لحليب البقر . كما أن أمراضاً أخرى - كالأكزيما و مغص الرضع - أكثر شيوعاً عند مثل هؤلاء الأطفال.

10- حليب الأم أكثر أماناً و سلامة من الحليب المعدل :

و ذلك لتدني نـسـبـة الأمـراض ، التـي قـد تـصيب الرضيع في الحالة الأولى عنها في الحالة الثانية. و الأمراض التي قد تشيع بين الأطفال الذين يرضعون حليباً معدلاً هي :

1- الالتهابات المعوية الحادة و المتكررة.

2- أمراض سوء التغذية.

3- توقف النمو و الهزال.

4- لين العظام (الكساح).

5- بعض أنواع الجفاف (Hyperosmolar Dehyration) 6- أمراض نقص الكلس مثل : (Neonatal Tetatny) 7- سوء الامتصاص (Malabsorption)

هذه مزايا الحليب الطبيعي و مردوده على الـطـفـل الـرضـيـع . أمـا الـرضـاعـة الطبـيـعية - بالإضافة لهذا - فإنها تعود بالنفع على الأم ، و ذلك :

1- يمنح الإرضاع الطبيعي الأم راحة نفسية و طمأنينة تغمرانها ، و يسبغ عليها ثقة بنفسها تملأ عليها إحساسها باكتمال أنوثتها و أمومتها.

2- أن الإرضاع كفيل - عند معظم النساء - بالعمل كإحدى وسائل منع الحمل طيلة فترة الرضاعة ، و هذا يقي الأم من الإجهاد الناجم عن تكرار الحمل في فترة قصيرة . و هو أيضاً يعين الأسرة على تنظيم الإنجاب ، كما أنه يعطي الطفل فرصة كافية من التغذية الجيدة من حليب الأم ، و الغذاء العادي ، مما يقيه أمراض سوء التغذية. و مهم جداً أن نعلم أن المصادر الطبية تنصح بالرضاعة لمدة سنتين !!

3- لقد أظهرت بعض الدراسات الطبية أن معدل إصابة النساء بسرطان الثدي أعلى عند النساء اللواتي ، لم يرضعن أطفالهن إذا ما قورنت بالمرضعات ، و هذه النسبة تقل كلما ازدادت معدلات الإرضاع .

4- أن الإرضاع في الأيام الأولى - التي تلي المـخاض - يـسـاعـد الأم على وقف نزيف دم الولادة ، و ذلك أن الـرضـاعـة تـحـث الـغـدة الـنـخـامـية على إفراز مواد ، تزيد من انقباض عضلات الرحم مما يمنع النزف .

إننا لم نقصد بذكر هذه المميزات ، أن نحصرها بل على سـبـيـل الـتذكير ، و إن كنا قد ألقينا الضوء على بعض التفصيلات التي اقتضاها المقام لإعطاء فكرة أكثر وضوحاً .


ما الذي يحدث داخل الثدي ؟

الرضاعة الطبيعية و العمل

التمسّك بالثدي: كيف يتمّ؟

احتياجاتك أنت ، و طفلك أثناء الرضاعة الطبيعية

 

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)