• عدد المراجعات :
  • 1734
  • 3/13/2010
  • تاريخ :

نماذج من روايات التحريف في كتب أهل السنة 5

القرآن الکريم

التاسعة : عدد حروف القرآن

 أخرج الطبراني عن عمر بن الخطاب ، قال : «القرآن ألف ألف وسبعة وعشرون ألف حرف» ، (1). بينما القرآن الذي بين أيدينا لا يبلغ ثلث هذا المقدار ، قال الذهبي : «تفرّد محمّد بن عبيد بهذا الخبر الباطل»، (2)، هذا فضلاً عن الاختلاف في رواية عدد الحروف ، فقد روي ألف ألف وواحد وعشرون ألفاً ومئة وخمسون حرفاً ، وقيل : غير ذلك ، الاَمر الذي يضعف الثقة بصحة صدورها .

وإذا صحّ ذلك فلعلّه من الوحي الذي ليس بقرآن كالاَحاديث القدسية؛ وقد لاحظنا في أدلّة نفي التحريف أنّه بلغ من الدقّة والتحرّي في ثبت آيات القرآن أن يحمل بعض الصحابة السيف لحذف حرف واحد منه ، فكيف يحذف ثلثاه ولم نجد معارضاً منهم ، ولا مطالباً بتدوين ما بقي من ثلثيه ؟! هذا فضلاً عن وجود كثير من الصحابة ممّن جمع القرآن كلّه أو بعضه في عهد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ـ كما سيأتي بيانه ـ حفظاً في الصدور ، أو تدويناً في القراطيس ، فكانت القراطيس شاهدة على ما في الصدور ، والصدور شاهدة على ما في القراطيس ، فكيف يضيع ثلثاه في حال كهذه؟!

وأخيراً فأنّ الملاحظ على كثير ممّا أدّعي أنّه من القرآن مخالفته لقواعد اللغة وأُسلوب القرآن الكريم وبلاغته السامية ، ممّا يدل على أنّه ليس بكلام الخالق تعالى ، وليست له طلاوته ، ولا به حلاوته وعذوبته ، وليست عليه بهجته ، بل يتبّرأ من ركاكته وانحطاطه وتهافته المخلوقون ، فكيف برب العالمين ، وسمّو كتابه المبين ؟!

ومن أراد الاطلاع على ماذكرناه ، فليراجع مقدمة (تفسير آلاء الرحمن)، للشيخ البلاغي ففيه مزيد بيان .

والملاحظ أيضاً أنّ قسماً منه هو من الاَحاديث النبوية ، أو من السُنّة والاَحكام التي ظنّوها قرآناً ، كما روي أنّ قوله (صلى الله عليه واله وسلم) : « الولد للفراش ، وللعاهر الحجر » هو آية ، ولا يشكّ أحدٌ في أنّه حديث . و الملاحظ أيضاً أنّ أغلبه روي بألفاظ متعدّدة وتعابير مختلفة ، فلو كان قرآناً لتوحّدت ألفاظه .

نسخ التلاوة

 قسّموا النسخ في الكتاب العزيز إلى ثلاثة أقسام :

 1 ـ نسخ الحكم دون التلاوة ، وهذا هو القسم الذي نطق به محكم التنزيل ، وهو المشهور بين العلماء والمفسرين ، وهو أمر معقولٌ مقبولٌ ، حيثُ إنّ بعض الاَحكام لم ينزل دفعةً واحدةً ، بل نزل تدريجياً لتألفه النفوس وتستسيغه العقول ، فنسخت تلك الاَحكام وبقيت ألفاظها ، لاَسرارٍ تربويةٍ وتشريعيةٍ يعلمها الله تعالى .

 2 ـ نسخ التلاوة دون الحكم ، وقد مثّلوا له بآية الرجم ، فقالوا : إنّ هذه الآية كانت من القرآن ثمّ نسخت تلاوتها وبقي حكمها .

 3 ـ نسخ التلاوة والحكم معاً ، وقد مثّلوا له بآية الرضاع .

 وقد تقدّم في ثنايا البحث السابق أنّ البعض حمل قسماً من الروايات الدالة على النقصان على أنّها آيات نسخت تلاوتها وبقيت أحكامها ، أو نسخت تلاوةً وحكماً ، وذلك تحاشياً من التسليم بها الذي يفضي إلى القول بتحريف القرآن ، وفراراً من ردّها وتكذيبها الذي يؤول إلى الطعن في الكتب الصحاح والمسانيد المعتبرة ، أو الطعن في الاَعيان الذين نُقلت عنهم ، ولا شكّ أنّ القول بالضربين الاَخيرين من النسخ هو عين القول بالتحريف : وهو باطل لما يلي :

 1 ـ يستحيل عقلاً أن يرد النسخ على اللفظ دون الحكم ، لاَنّ الحكم لابدّ له من لفظ يدلّ عليه ، فإذا رفع اللفظ فما هو الدليل الذي يدلّ عليه ؟

فالحكم تابع للّفظ ، ولا يمكن أن يرفع الاَصل ويبقى التابع .

 2 ـ النسخ حكم ، والحكم لابدّ أن يكون بالنصّ ، ولا انفكاك بينهما ، ولا دليل على نسخ النصوص التي حكتها الآثار المتقدّمة وسواها ، إذ لم ينقل نسخها ولم يرد في حديث عن النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) في واحدٍ منها أنّها منسوخة ، والواجب يقتضي أن يُبلّغ الاَُمة بالنسخ كما بلّغ بالنزول ، وبما أنّ ذلك لم يحدث فالقول به باطل .

 3 ـ الاَخبار التي زعم نسخ تلاوتها أخبار آحاد ، ولا تقوى دليلاً وبرهاناً على حصوله ، إذ صرحوا باتّفاق العلماء أجمع على عدم جواز نسخ الكتاب بخبر الواحد (3)، ونسبه القطّان إلى الجمهور (4)، وعلّله رحمة الله الهندي «بأنّ خبر الواحد إذا اقتضى عملاً ولم يوجد في الاَدلّة القاطعة مايدلّ عليه وجب ردّه» (5)، بل إنّ الشافعي وأصحابه وأكثر أهل الظاهر ، قد قطعوا بامتناع نسخ القران بالسُنّة المتواترة ، وبهذا صرّح أحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه ، بل من قال بإمكان نسخ الكتاب بالسُنّة المتواترة منع وقوعه (6)، لذا لا تصحّ دعوى نسخ التلاوة مع بقاء الحكم أو بدونه ، حتّى لو ادّعي التواتر في أخبار النسخ ، فضلاً عن كونها أخبار آحاد ضعيفة الاسناد واهية المتن كما تقدّم .

 4 ـ أنكر بعض المعتزلة وعامة علماء الاِمامية وأعلامهم الضربين الاَخيرين من النسخ واعتبروهما نفس القول بالتحريف ، وكذا أنكرهما أغلب علماء ومحققي أهل السنة المتقدمين منهم والمتأخرين ، وحكى القاضي أبو بكر في (الانتصار) عن قومٍ انكار الضرب الثاني منه (7)، وأنكره أيضاً ابن ظفر في كتاب (الينبوع) (8)، ونُقِل عن أبي مسلم «أنّ نسخ التلاوة ممنوع شرعاً»

---------------------------------------------------------------------

الهوامش

(1) الاتقان 1 : 242 .

(2) ميزان الاعتدال 3 : 639 .

(3) الموافقات للشاطبي 3 : 106 .

(4) مباحث في علوم القرآن : 237 .

(5) إظهار الحق 2 : 90 .

(6) الاحكام للآمدي 3 : 139 ، أُصول السرخسي 2 : 67 .

(7) البرهان في علوم القرآن 2 : 47 .

(8) البرهان في علوم القرآن 2 : 43 .


نماذج من روايات التحريف في كتب أهل السنة 4

نماذج من روايات التحريف في كتب أهل السنة 3

نماذج من روايات التحريف في كتب أهل السنة 2

 

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)