• عدد المراجعات :
  • 2003
  • 6/27/2009
  • تاريخ :

الغدير كما قاله الرسول (ص)

الغدير

بقي حديث واقعة الغدير ، و ذكرياته في صدور المؤمنين من أتباع أهل البيت مكبوتة ، و في خواطرهم ثائرة ، و انقضى القرن الأول و الأمور تزداد سوءا ، و تعقيدا ، بكم الأفواه و التشديد على منع و حضر كتابة الحديث بصورة عامة ، و حديث الغدير بصورة خاصة.

و من جهة اخرى أطلقت الأفواه المنتنة ، و الأصوات المبحوحة ، و الأقلام المأجورة ، في بث الإعلام الكاذب و تزييف الحقائق ، و تحوير الواقع ، و قد خرجت بعض الاقلام المأجورة حديث الغدير بتخريجات واهية أوهى من خيوط العنكبوت ، و خنقوا صوت الرسول العظيم صلى الله عليه و آله و سلم ، و النداء الذي أطلقه في يوم العهد المعهود في الموقع المشهود المسمى ب « غدير خم » ق، رب الجحفة بعد رجوعه من حجة الوداع ، على مفترق طرق الحجيح ، و ذلك في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة الحرام في السنة العاشرة من الهجرة النبوية المباركة ، رافعا عقيرته بين تلك الجموع المتداككة،  و التي تربو على المائة ألف من المسلمين ، و في رواية مائة و عشرين ألفا ، مبلغا ما أمر الله سبحانه أن يبلغ ، و مهددا بعدم تبليغ رسالته إن لم يفعل بقوله سبحانه: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك و إن لم تفعل فما بلغت رسالته‏ إلى آخر الآية.

وقف صلى الله عليه و آله و سلم خطيبا بين تلكم الجموع المحتشدة المتراصة ، و بعد خطبة بليغة قائلا: « من أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ » ، قالوا : « الله ، و رسوله » ، قال : « اللهم اشهد » ، عندها رفع أخاه و ابن عمه علي بن أبي طالب ، حتى بان بياض ابطيه ، ثم قال: « من كنت مولاه فعلي مولاه » ، ثم أردف قائلا : « اللهم وال من والاه ، و عاد من عاداه ، و انصر من نصره ، و اخذل من خذله ، و أدر الحق معه حيثما دار ».

ثم أمر صلى الله عليه و آله و سلم ، أن تفرد له خيمة يجلس فيها علي بن أبي طالب عليه السلام لمبايعته بالخلافة ، و إمرة المؤمنين ، و ترادف عليه المسلمون يبايعونه ، و كان في مقدمتهم الشيخان أبو بكر و عمر قائلين: ( بخ ، بخ  لك يابن أبي طالب ، أصبحت مولاي و مولى كل مؤمن و مؤمنة) . 

كان هدف الرسول صلى الله عليه و آله و سلم في اتخاذ كل تلكم الإجراءات السريعة و التدابير الصارمة ، هو تبليغ أمر السماء بالولاية لعلي و الإمرة و الخلافة ، تثبيتا لدعائم الدين و استمرارا في حكم الإسلام و دوامه ،

 و على رغم كل تلكم الإجراءات ، لم ينقض على هذه البيعة سوى سبعون يوما فقط ، حتى التحق الرسول صلى الله عليه و آله و سلم بالرفيع الأعلى ، و انقلبت الأمة ، و تحقق منطوق الآية الشريفة : و ما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم‏ الى آخر الآية.

فنقول : ( خلال قرن كامل من الزمان لم يستطع أي مسلم أن يدون الحديث ، و لم يتمكن أي أحد ان يسجل الوقائع التأريخية ، و لا يجرؤ أن يتحدث الناس حتى فيما بينهم بحديث واحد ، و حتى يستشهد بحديث في حكم شرعي ، إلا أن التابعي الجليل سليم بن قيس الهلالي ( المتوفى سنة 67 ه ) ، استطاع ان يخترق جدار الحضر ، و أن يتحدى السلطان حينذاك ، و يتجاوز المحاذير المفروضة و سجل الوقائع المهمة التأريخية ، و دونها بصورة سرية و حذرة في كتابه المعروف باسمه « سليم بن قيس الهلالي »، الذي أيده الإمام السجاد عليه السلام و أقره ، و الذي لا يزال منتشرا بين ظهرانينا خاصة ، و بين المسلمين عامة في معظم المكتبات العامة و الخاصة بعد ما دون الحديث خواص امير المؤمنين عليه السلام امثال ابي رافع و ابنه.

و ما ان حل القرن الثاني من الهجرة حتى دب الضعف في الحكم الأموي الجائر و خف الضغط،و انحسر الإرهاب الفكري و الإرعاب التسلطي بعض الشي‏ء عن المؤمنين و العلماء و أصحاب السير و التاريخ ، و ذلك بانشغال الحكم الأموي فيما بينهم ، و بصراعهم المرير مع القوى الثائرة المناهضة لهم من بني العباس ، الذين رفعوا شعار« الرضا من أهل البيت » زورا و بهتانا.


الغدير في التراث الإسلامي

الغدير بين نثر العلماء ، و نظم الشعراء

الشيخ عبد الحسين الأميني ( قدس سره )

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)