الشهيد بهشتي .. فكراً و منهجاً
الأحقية و المظلومية ، مصطلحان متقارنان بينهما معرفة عريقة ، فالمظلومية حثيما كانت تنم عن وجود أحقية ، و الأحقية أينما توجد تنبئ ــ شئنا أم أبينا ــ عن وجود مظلومية. و التاريخ على امتداده زاخر بهذين القرينين ، و طافح بأوجه الصراع بين أنصارهما و أعدائهما القدامى.
ولكن لماذا يا ترى؟ ، لأنه حيثما كان هناك حق يتخندق في مقابله أعداء الحق و الحقيقة و خصوم الشرف و الفضيلة ، لأجل ان يضيّقوا عليه الخناق حسب زعمهم ، و لكي لا يدعوا الشمس تشع بدفئها على الأفئدة الميّتة ، و على النفوس المُتعبة.
ولكن أما علموا ان القافلة تسير ، و لايهمها نباح الكلاب.
و العكس صحيح أيضاً ، فأينما يكون ظلم و أيدٍ أثيمة ملطخة بالدماء ، فثمة ــ بلاريب ــ أحقيّة انبرى أتباع الشيطان بكل وجودهم لطمس معالمها.
أجل ، هذا هو دأب الدنيا القاسية ، منذ أن وجدت ، و حتى اليوم و الدهر يحتفظ في ذاكرته بصور من المساعي الحثيثة لانصار هابيل في عصرنا الحالي ، و كيف تحكّم بها القهر المخزي لأتباع قابيل ، و وضعها مقهورة مغلوبة على مسلخ التضحية ، و أراق دماءها على الأرض مخصّبة إياها لنماء جديد.
في تاريخ ثورتنا الإسلامية الدامي أيضاً ، كانت مظلومية بهشتي الذي لم يُقتل لمجرد كونه رجل علم و شجاعة ، أو انه كان رجل التقوى و الحقيقة ، و لم يعرفوا قدره. و مظلوميته لم تكن لمجرّد انهم جعلوه غرضاً لسهام هجماتهم الغادرة ، أو لأنهم لم يبيحوا له الكلام ، أو انهم توهّموه عاجزاً عن المناقشة و الاستدلال المنطقي ، بل ان جلَّ مظلوميته ، انما كانت ــ و رغم كل التهم ، و مع توفر كل انماط القدرة للذود عن نفسه و لفضح أعدائه و خصومه ــ في صمته الذي تمسّك به لأجل الإسلام لاغيره ، و لأجل رعاية مصالح عامة المسلمين و للحفاظ على الوحدة ، و امتثالاً لأمر امامه و قائده ، فختم على شفاهه ــ كعلي ــ ختم الصمت ، و قال ما دام امام الامة ، قد أمرنا بالصمت فسأصمت ، و لا أردُّ حتى على التهم.
هذا الرجل الرزين ، و هذا الجبل من الوقار، و هذه السفينة من الصبر ، ظلَّت تشق طريقها بسكينة ولكن بقوة ، على مسار الإمام. و بقي اذناً صاغية لأمر امامه يستلهم منه رسم معالم طريقه لأجل ان يغدو امّة ، و كان له ما أراد، إذ قال عنه امامه: “ كان بهشتي امة ”.
أجل ، كان بهشتي مساراً ، و هو مسار الإسلام ، ومسار الأحقية ، و المظلومية ، و صرخة استغاثة كل المحرومين و المستضعفين ، الذين يجب ان يرثوا الأرض ، و يكون لهم زمام قيادتها.
نشاطات الدکتر بهشتي و مؤلفاته أبعاد شخصية الشهيد بهشْتي في كلام قائد الثورة الصفات القيادية للشهيد بهشتي