• عدد المراجعات :
  • 818
  • 6/10/2009
  • تاريخ :

صارتِ الفتيانُ حُمَماً

الفراش

الحُمَم جمع الحُمَّة ، و هي ... ؟ ، يضرب ... ؟ ، أوَّلُ مَنْ قاله الحمراء بنت ضمرة بن جابر. و مِنْ خبره ، أنَّ سويد بن ربيعة قتل سعداً ، أخا الملك عمرو بن هند ، فآلى لِيقتلنَّ بأخيه مِئة من بني تميم . فجمع أهل مملكته ، و سار إليهم ، فبلغهم ذلك ، فتفرقوا في نواحي بلادهم . فأتى دارهم ، فلم يجد إلّا عجوزاً كبيرة ، و هي الحمراء بنت ضمرة بن جابر ، فلمّا نظر إليها و إلى حمرتها ، قال لها: إنّي لأحْسبُكِ أعجميَّة . فقالت : لا و الذي أسأله ، أنْ يَخفض جناحك ، و يَهُدَّ عمادك ، و يضع وسادك ، و يسلبك بلادك ، ما أنا بأعجمية . قال : فمن أنتِ ؟ ، قالت : أنا بنت ضمرة بن جابر ، ساد مَعدّاً كابراً عن كابر . و أنا أخت ضمرة بن ضمرة ، السريع الكرّة ، البطيء الفرة . قال : فَمَنْ زوجكِ ؟ ، قالت: هوذة بن جَرْوَل . قال : و أين هو الآن؟ ، قالت: هذه كلمة أحمق . لو كنت أعلم مكانه لحال بينك و بيني . قال : و أي رجل هو ؟ ، قالت: هذه أحمق مِنَ الأولى . أعَنْ هوذة يُسألُ ؟ ، هو و اللهِ طيب العرق ، سمين العرق ، لا ينام ليلة يخاف ، و لا يشبع ليلة يضاف ، يأكل ما وجد ، و لا يسأل عمّا فقد .

فقال عمرو: ألا و اللهِ لولا أنِّي أخاف ، أنْ تلدي مثل أبيك و أخيك و زوجك لاستبقيتك. فقالت: و أنت و اللهِ لا تقتل إلّا نساء أعاليها ثدي و أسافلها دمي . و واللهِ ما أدركتَ ثارا ، و لا محوتَ عاراً . و ما مَنْ فعلتَ هذه به بغافلٍ عنك ، و مع اليوم غد . فأمر بإحراقها ، فلما نظرت إلى النار قالت: ألا فتىً مكان عجوز ؟ ، فذهبت مثلاً . ثم أُلقيت في النار .

و لبث عمرو عامة يومه لا يقدر على أحدٍ ، حتى إذا كان في آخر النهار أقبل راكب يسمى عماراً توضع به راحلته ، حتى أناخ إليه، فقال له عمرو: مَنْ أنتَ؟ ، قال : أنا رجل مِنَ البراجم . قال : فما جاء بك إلينا ؟ ، قال : سطع الدخان ، و كنت قد طويت منذ أيام ، فظننته طعاماً . فقال عمرو : إن الشقي وافِد البراجم . فذهبت مثلاً . و أمر به فأُلقي في النار . و قال بعضهم : ما بلغنا أنَّه أصاب مِنْ بني تميم غيره ، و إنما أحرق النساء و الصبيان . و مِنْ طريف الأمثال العربية قولهم : إنَّ البلاءَ مُوَكَّلٌ بالمنطِق ، و قد سألنا زميلنا الاستاذ الجزائري عن أوّلِ مَنْ قاله و قصته ، فقال: هذا المثل يضرب ، و أوَّلُ مَنْ قاله أبوبكر  .

قال المفضل : إنَّ أوّلَ مَنْ قال ذلك أبوبكر  فيما ذكره ابن عباس قال: حدثني علي بن أبي طالب - عليه السلام - لمّا أمر رسول الله – صلى الله عليه و آله - أن يَعرضَ نفسه على قبائل العرب خرج و أنا معه و أبوبكر ، فدفعنا إلى مجلس من مجالس العرب.

فتقدم أبوبكر - و كان نسابة - فسلّم، فردّوا عليه السلام . فقال : مِمَّن القوم ؟ ، قالو ا: مِنْ ربيعة . فقال : أمِنْ هامتها أم مِنْ لهازمها ؟ ، قالوا : مِنْ هامتها العظمى . قال : فأيُّ هامتها العظمى أنتم؟ ، قالوا : ذُهلٌ الأكبر. قال : أفمِنكم عوف الذي يقول لا حُرَّ بوادي عوف ؟ ، قالوا : لا. قال : أفمِنكم بسطام ذو اللواء ، و منتهى الأحياء ؟ ، قالوا : لا . قال : أفمِنكم جَسّاس بن مُرَّة حامي الذِّمار و مانع الجار ؟ ، قالوا : لا. قال : أفمِنكم الحَوفزان قاتل الملوك و سالبها انفسها ؟ ، قالوا : لا . قال : أفمِنكم المزدلف صاحب العمامة الفردة ؟، قالوا : لا . قال : أفأنتم أخوال الملوك مِنْ كندة ؟، قالوا: لا . قال فلستم ذُهلاً الأكبر أنتم ذُهل الأصغر.

فقام إليه غلام قد بقل وجهه يقال له دَغْفَل فقال: إنَّ على سائلنا أن نسألَهُ ، و لعِبءُ لا تعرِفُه أو تحمله ، ياهذا إنّك قد سألتنا فلم نكتمك شيئا. فمَن الرجل أنت؟ ، قال أبوبكر مِنْ قريش . قال بخ بخ أهل الشرف والرياسة. فمِن أي قريش أنت ؟ ، قال مِن تيم بن مُرَّة. قال: أمكنتَ و للهِ الرامي مِن صفاء الثغرة أفمِنكم قصي بن كلاب الذي جمع القبائل مِن فهر و ان يُدعى مُجَمِّعا؟ ، قال لا . قال: أفمِنكم هاشم الذي هشم الثَّريد لقومه و جالُ مكة مُسنتون عجاف ؟ ، قال: لا . قال: أفمِنكم شيبةُ الحَمد مطعِمُ طيرِ السماء الذي كان في وجهه قمراً يضيء ليل الظلام الداجي ؟ ، قال: لا . قال: أفمِنَ المفيضين بالناس أنت؟، قال: لا. قال: أفمِنَ اهل الندوة أنت؟، قال: لا. قال: أفمِنَ أهل الرِّفادة أنت؟، قال: لا. قال: أفمِن أهل الحجابة أنت؟، قال: لا. قال: أفمِن أهل السقاية أنت؟ ، قال: لا.

و اجتذب أبوبكر زمام ناقته ، فرجع الى رسول الله – صلى الله عليه وآله- فقال: صادف درأُ السيل درأً يصدعه.

أما و اللهِ لو ثبت لأخبرتك أنّك مِن زَمَعات قريش، أو ما أنا بِدَغفل.

فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وآله - قال علي: قلت لأبي بكر: لقد وقعت مِن الأعرابي على باقعة.

قال: أجل، أنَّ لكل طامةٍ طامةً، وإن البلاء مُوكَّلٌ بالمَنْطقِ.


لتطوير مهاراتك الكتابية

أقوال عظيمة

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)