• عدد المراجعات :
  • 1204
  • 5/24/2009
  • تاريخ :

اعتناء فاطمة الزهراء (ع) بتربية الامام الحسين (ع)

الامام الحسين

 

 التربية النبوية للامام الحسين (ع)

الوراثة في المکونات التربويه للامام الحسين(ع)

المربي الاول للامام الحسين (ع)

 

و عنت سيدة النساء (عليها السلام) بتربية وليدها الحسين ، فغمرته بالحنان و العطف ، لتكون له بذلك شخصيته الاستقلالية، و الشعور بذاتياته، كما غذته بالآداب الإسلامية، و عودته على الإستقامة، و الاتجاه المطلق نحو الخير يقول العلائلي، الذي انتهى إلينا من مجموعة أخبار الحسين ، أن أمه عنيت ببث المثل الإسلامية الاعتقادية لتشيع في نفسه فكرة الفضيلة على أتم معانيها ، وأصح أوضاعها، و لا بدع فأن النبي (صلى الله عليه وآله) أشرف على توجيهه أيضاً في هذا الدور الذي يشعر الطفل فيه بالإ ستقلال.

فالسيدة فاطمة ، أنمت في نفسه فكرة الخير، و الحب المطلق و الواجب و مدّدت في جوانحه و خوالجه أفكار الفضائل العليا ، بأن وجهت المبادئ الأدبية في طبيعته الوليدة ، من أن تكون هي نقطة دائرتها إلى الله الذي هو فكرة ، يشترك فيها الجميع.

و بذلك يكون الطفل قد رسم بنفسه دائرة محدودة قصيرة حين أدار هذه المبادئ الأدبية على شخص والدته، و قصرها عليها ، و ما تجاوز بها إلى سواها من الكوائ ن، و رسمت له والدته دائرة غير متناهية ، حين جعلت فكرة الله نقطة الإرتكا ز، ثم أدارت المبادئ الأدبية و الفضائل عليها ، فاتسعت نفسه لتشمل ، و تستغرق العالم بعواطفها المهذبة، و تأخذه بالمثل الأعلى للخير و الجمال...(1).

لقد نشأ الإمام الحسين (عليه السلام) في جو تلك الأسرة العظيمة التي ما عرف التاريخ الإنساني لها نظيراً في إيمانها و هديها، وق د صار (عليه السلام) بحكم نشأته فيها من أفذاذ الفكر الإنساني ، و من أبرز أئمة المسلمين.

البيئة

و أجمع المعنيون في البحوث التربوية و النفسية على أن البيئة من أهم العوامل، التي تعتمد عليها التربية في تشكيل شخصية الطفل ، و أكسابه الغرائز و العادات، و هي مسؤولة عن أي انحطاط أو تأخر للقيم التربوية،

كما أن استقرارها، و عدم اضطراب الأسرة لهما دخل كبير في استقامة سلوك النشئ و وداعته، و قد بحثت مؤسسة اليونسكو في هيئة الأمم المتحدة عن المؤثرات الخارجة عن الطبيعة في نفس الطفل، و بعد دراسة مستفيضة ، قام بها الإختصاصيون قدموا هذا التقرير: (مما لا شك فيه ، أن البيئة المستقرة سيكولوجياً ، و الأسرة الموحدة ألتي يعيش أعضاؤها في جو من العطف المتبادل ، هي أول أساس يرتكز عليه تكيف الطفل من الناحية العاطفية ، و على هذا الأساس يستند الطفل فيما بعد في تركيز علاقاته الإجتماعية بصورة مرضية، أما إذا شوهت شخصية الطفل بسوء معاملة الوالدين  ، فقد يعجز عن الاندماج في المجتمع...)، (2).

إن استقرار البيئة ، و عدم اضطرابها من أهم الأسباب الوثيقة في تماسك شخصية الطفل و ازدهار حياته، و مناعته من القلق

و قد ذهب علماء النفس إلى أن اضطراب البيئة ، و ما تحويه من تعقيدات، و ما تشتمل عليه من أنواع الحرمان كل هذا يجعل الطفل، يشعر بأنه يعيش في عالم متناقض مليء بالغش و الخداع و الخيانة و الحسد ، و أنه مخلوق ضعيف لا حول له، و لا قوة تجاه هذا العالم العنيف(3)... ، وقد عنى الإسلام بصورة ايجابية في شؤون البيئة ، فارصد لا صلاحها ، و تطورها جميع أجهزته و طاقاته، و كان يهدف قبل كل شيء ، أن تسود فيها القيم العليا من الحق و العدل و المساواة، و أن تتلاشى فيها عوامل الانحطاط و التأخر من الجور و الظلم و الغبن، و أن تكون آمنة مستقرة خالية من الفتن و الإضطراب ، حتى تمد الأمة بخيرة الرجال و أكثرهم كفاءة، و انطلاقاً في ميادين البر و الخير و الإصلاح.

و قد انتجت البيئة الإسلامية العظماء ، و الأفذاذ ، و العباقرة المصلحين ، الذين هم من خيرة ما أنتجته الإنسانية في جميع مراحل تاريخها،  كسيدنا الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) ، و عمار بن ياسر، و أبي ذر ، و أمثالهم من بناة العدل الإجتماعي في الإسلام.

لقد نشأ الإمام الحسين (عليه السلام) في جو تلك البيئة الإسلامية الواعية ، التي فجرت النور ، و صنعت حضارة الإنسان، و قادت شعوب الأرض لتحقيق قضاياها المصيرية ، و أبادت القوى التي تعمل على تأخير الإنسان، و انحطاطه تلك البيئة العظيمة ، التي هبت إلى ينابيع العدل تعب منها فتروي ،  و تروي الأجيال الظامئة.

و قد شاهد الإمام الحسين ، و هو في غضون الصبا ما حققته البيئة الإسلامية من الانتصارات الرائعة في إقامة دولة الإسلام، و تركيز أسسها، و أهدافها ، و بث مبادئها الهادفة إلى نشر المودة و الدعة و الأمن بين الناس.

---------------------------------------------------------------------------------------

الهوامش

1-الإمام الحسين ص 289.

2-أثر الأسرة والمجتمع في الأحداث الذين هم دون الثالثة عشرة مؤسسة اليونسكو ص 35.

3-التكيف النفسي ص 22.

 

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)