الكليني في رأي علماء العامة
شخصية الكليني عظيمة في رأي علماء العامة و خاصة مؤرخيهم ، الذين جاؤوا بعده. فقد أجله الجميع ، و أشادوا بعظمته و فضله.
كتب ابن الأثير الجزري، [1] في كتابه الشهير جامع الأصول قائلاً:
«بأنه رحمه الله ، كان من المجددين لهذه الشريعة على رأس المائة الثالثة» .
ثم ينقل ابن الأثير رواية عن النبي(ص) يقول فيها:
«إن الله ، يبعث لهذه الأمة في رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها». [2]
ثم يعمد إلى البحث بشأن هذا الحديث فيقول:
«و المجددين لمذهب الشيعة ففي رأس المائة الأولى الهجرية ، محمد بن علي الباقر ، الإمام الخامس ، و في رأس المائة الثانية ، علي بن موسى الرضا ، و في رأس المائة الثالثة ، أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني الرازي » .[3]
و تتجلى مما ذكره ابن الأثير بوضوح مكانة الكليني و منزلته ، و ندرك من كلامه ، أنه كان في نهاية القرن الثالث ، و بداية القرن الرابع الهجري، أشهر علماء الشيعة، حيث اعتبروه مجدد المذهب بعد الإمامين.
و اعتبر الأخ الأصغر لابن الأثير (عز الدين علي بن الأثير الجزري) في بداية حوادث سنة 328هـ، في كتاب الكامل في التاريخ، الكليني أول عالم توفي في تلك السنة، و ذكر قائلاً:
«محمد بن يعقوب أبو جعفر الكليني ـ الذي كان من أئمة الشيعة وعلمائهم ـ توفي في هذه السنة» .[4]
و يجب الالتفات إلى ، أن العالم و الباحث المعاصر، الدكتور حسين علي محفوظ ، نقل في مقدمة الكافي، ص 21، عبارة جامع الأصول خطأ عن علي بن الأثير، في الكامل ، و تصور أن صاحب جامع الأصول و الكامل ، كان شخصاً واحداً.
و ذكر الفيروزآبادي ، العالم اللغوي الكبير في القاموس المحيط ، الكليني في ذيل كلمة «كلين» ، و اعتبره من فقهاء الشيعة .[5]
و ذكر ابن حجر العسقلاني ، (تـ 852هـ) ، في كتابه المعروف لسان الميزان ـ الذي ذكر بشكل مجمل ، و مفصل تراجم علماء العامة ، و أحياناً الخاصة حتى عصره ـ حول عالمنا الكبير فقال:
«محمد بن يعقوب بن إسحاق أبو جعفر الكليني الرازي، سكن بغداد ، وحّدث بها عن محمد بن أحمد الجبار و علي بن إبراهيم بن عاصم و غيرهما ، و كان من فقهاء الشيعة والمصنفين على مذهبهم» .[6]
كما قال ابن حجر في كتابه الآخر التبصير:
«أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني من رؤساء فضلاء الشيعة في أيام المقتدر» .[7]
و بالإضافة إلى أولئك العلماء ، فإن علماء العامة الآخرين ذكروا الكليني ، حيثما صادفوا اسمه، باعتباره عالماً كبيراً ، و فقيهاً معروفاً ، و أحد أئمة الشيعة المتقدمين.
--------------------------------------------------------------------
الهوامش:
[1] - ابن الأثير الجزري ، اسم لثلاثة علماء إخوة من علماء العامة. و قد كانوا من أهالي الجزيرة بالقرب من الموصل ، و لذلك لقبوا الجزري. و الأخ الأول ، هو المبارك بن أبي الكرم أثير الدين محمد الجزري (تـ 606هـ في الموصل)، مؤلف كتابي النهاية و جامع الاصول، و الأخ الثاني، عزالدين علي بن الأثير (تـ 630هـ)، مؤلف كتاب أسد الغابة في معرفة الصحابة، اللباب في تهذيب الأسماء، و الكامل في التاريخ ، الأخ الثالث ، هو نصر الله بن أبي الكرم (ت 637هـ)، منشئ و كاتب، صاحب كتاب المثل السائر في أدب الكاتب و الشاعر ، و غيره، مدفون في الكاظمية.
[2] - كما يذكر ، إن ابن الأثير شخصاً أو بضعة أشخاص من العلماء و العرفاء السنة ، كانوا مجددين ، و حفظة ، و محبين للإسلام على رأس كل مائة سنة. و هذا الحديث هو من أحاديث العامة، إلا أن الكثير من علماء الفريقين استندوا إليه، و ذكروا أشخاصاً كمجددين للدين. و ليس لكاتب هذه السطور رأي في هذا المجال.
[3] - الرجال، أبو علي الحائري، ص 298، نقلاً عن الوحيد البهبهاني، روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات، ص 525.
[4] - الكامل، ابن اثير، ج 6، ص 274.
[5] - قاموس الرجال، ج 4، ص 256.
[6] - لسان الميزان، ج 5، ص 433.
[7] - روضات الجنات في احوال العلماء والسادات، ص 525.
اصول الکافي
الروضة
تلامذة الكليني و مؤلفاته
مكانة الكليني في العالم الإسلامي