• عدد المراجعات :
  • 2365
  • 4/26/2009
  • تاريخ :

العبودية السلبية من منظور الشرع والوضع

الحرية

 الحرية و العبودية من منظور الشرع و الوضع

 

و العبودية لشهوات النفس غير المحمودة و عبودية سلبية، بل أنها مندكة في السلبية، لان

شهوات النفس ، تقود الإنسان إلى ما لا يحمد عقباه، و لهذا اعتبر الإسلام ، أن جهاد النفس ، هو الجهاد الأعظم ، و فوق جهاد العدو الخارجي،

 فقد ورد عن الإمام علي (ع): "إن النبي صلى الله عليه واله وسلم بعث سرية ، فلما رجعوا قال: مرحبا بقوم قضوا الجهاد الأصغر ، و بقي عليهم الجهاد الأكبر. قيل: يا رسول الله ، ما الجهاد الأكبر؟ فقال: جهاد النفس. و قال صلى الله عليه واله و سلم: إن أفضل الجهاد من جاهد نفسه التي بين جنبيه" .

ومن الواضح أن جهاد العدو ، ينتهي بانتهاء المعركة ، حتى إذا حطت الحرب أوزارها ، عاد كل جيش إلى ثغوره، لكن

النفس البشرية كالهواء ، الذي يتنفسه الإنسان ، تصاحبه ما قدّر الله له أن يعيش، فجهادها عملية دائمة ما طلع الليل و النهار،

و كما يقول العيناثي (المتوفى بعد 1088هـ): "و الحازم من الناس ، من سدّ ثغور الهوى، و رابط جيوش الحِجى" ، و قد عبر بعض العارفين، عن النفس بقوله: " إن هذه النفس في نهاية الخساسة و الدنائة، و نهاية الجهل و الغباوة ، و ينبهك على ذلك أنها ، إذا همّت بمعصية أو انبعثت لشهوة ، لو تشفعت إليها بالله سبحانه ثم برسوله و بجميع أنبيائه، ثم بكتبه و السلف الصالح من عباده، و عرضت عليها الموت و القبر و القيامة و الجنة و النار، لا تكاد تعطي القياد، و لا تترك الشهوة، ثم إن منحتها رغيفا ، سكنت ، و ذلّت  ، و لانت بعد الصعوبة ، و الجماح ، و تركت الشهوة".

الحرية

من هنا

كان جهاد النفس أعظم الجهاد، و قد ورد عن النبي الأكرم ، محمد (ص) قوله: "المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله" ،

 و قال ابن الجوزي (ت 597هـ) في تفسير قوله تعالى: "و جاهدوا في الله حقّ جهاده" ، ( الحج:78 ) ،

 أن هناك: "ثلاثة أقوال:

_  احدها  انه:  «فعل جميع الطاعات »، هذا قول الأكثرين، 

_و الثاني انه: « جهاد الكفار » ، قاله الضحاك (ت 102هـ)،

_و الثالث انه: «جهاد النفس والهوى » ، قاله عبد الله بن المبارك (ت 181هـ) ، و جاء في وصية الإمام علي لنجله ، الإمام الحسن (ع): "من ترك الشهوات كان حرا" ،  و من وصايا الإمام علي (ع) إلى الناس: "ألا حر يدع هذه اللُماظة - بضم اللام  و تعني  الدنيا- لأهلها؟ ، أنه ليس لأنفسكم ثمن ، إلا الجنة فلا تبيعوها إلا بها".

و لقد وردت أحاديث كثيرة تعتبر السلوك المغلوط في حياة الإنسان عبودية بمعنى الرق، و أن الإنسان قادر على الفكاك من هذا الرق ، إن هو غيّر من سلوكه نحو مدارج الكمال الخلقي، فمثلا الطمع ، مظهر سلبي من مظاهر السلوك البشري، و لهذا: "قيل أغبط الناس من اقتصد فقنع، و من قنع فك رقبته من عبودية الدنيا ، و ذل المطامع"،

الحرية
و قد ورد عن الإمام علي (ع): "الحر عبد ما طمع ،  و العبد حر ما قنع"، و عنه (ع): "أزرى بنفسه من استشعر الطمـع"، و عنه (ع): "الطمع رق مؤبد .. و الطامع في وثاق الذل:"،

 بل إن الطمع مفتاح الذل ، كما في وصايا الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع)، لهشام بن الحكم الشيباني الكوفي (ت 199هـ)، فمما أوصاه: "يا هشام: إياك و الطمع، و عليك باليأس ، مما في أيدي الناس، و أمت الطمع من المخلوقين، فان الطمع مفتاح الذل، و اختلاس العقل، و اختلاف المروات، و تدنيس العرض، و بيّن بالعلم، و عليك بالاعتصام بربك ، و التوكل عليه".

ولعل من أهم الأمور ، التي يمكن استيحاؤها من هذا الحديث، أن الاستئثار و الطمع و الجشع (مال أو سلطة أو جاه، وغيرها) ، هو نقيض الحرية، فمن الحرية على سبيل المثال ، أن يستشير المرء ذوي الحِجى، و من الحرية أن لا يستأثر ذو سلطة بسلطته، فالطاغية على عكس ما يصوره الإعلام ، إنما هو عبد للسلطة، و على مذبح العبودية يهتك الحرمات، فيكون أسير الدم الذي أراقه و الحرمة التي انتهكها، في الدنيا و الآخرة، و هو في الوقت نفسه أسير شهوته و نزواته.

د. نضير الخزرجي


حرية الضمير والعقيدة الدينية

الديمقراطية والتحد يث الإسلامي

التعددية السياسية والحرية في الاسلام

الإسلام والنظرة الشمولية لحقوق الإنسان

المقاربة بين الأفكار

الإسلام بين غيوم التشويه وشمس الاصالة

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)