• عدد المراجعات :
  • 1977
  • 4/22/2009
  • تاريخ :

أقسام معرفة القرآن في کلام الشهيد مطهري 

القرآن

القسم الثاني المعرفة التحليلية

القسم الثالث المعرفة الجذرية

أصالة ثلاثيات المعرفة في القرآن

هل يمكن معرفة القرآن

التعرف على القرآن  شروط

فرق، جعلوا القرآن  وسيلة للوصول الي اغراضهم

القرآن كتاب مثل الطبيعة

 

الآن، و بعد أن علمنا ضرورة معرفة القرآن، لا بد أن نرى ما هي طريقة معرفة هذا الكتاب؟

لمطالعة و فهم أي كتاب بصورة عامة، هناك ثلاثة أقسام للمعرفة لا بد منها:

القسم الاول المعرفة الإسنادية أو الانتسابية:

في هذه المرحلة، نريد أن نعرف مدى ضرورة انتساب الكتاب إلى كاتبه، لنفرض مثلا: أننا نريد ، أن نعرف ديوان"حافظ" أو "خيام"، في المقدمة ، لا بد من معرفة ، آن ما اشتهر من ديوان حافظ ، له كله أم أن بعض الكتاب له و الباقي ينسب إليه، و هكذا بالنسبة إلى خيام أو غيرهما. هنا لا بد من الاستعانة بنسخ الكتاب أقدمها و أكثرها اعتباراً . و نلاحظ أن جميع الكتب ، لا تستغني عن هذا النوع من المعرفة. ديوان "حافظ" ، الذي طبعه المرحوم القزويني و استفاد فيه من أكثر النسخ اعتباراً ، يختلف اختلافاً كبيراً مع النسخة الموجودة في كثير من البيوت و المطبوعة في "بمبي".

وعندما ما تلقي نظرة إلى "رباعيات الخيام"، ربما ترى 200 (رباعية) في منزلة واحدة و مستوى واحد تقريباً ، وإذا كان فيها أي اختلاف ، فإنه كاختلاف أشعار كل شاعر. مع العلم بأننا لو رجعنا تاريخياً إلى الوراء و اقتربنا من عصر الخيام، لرأينا ، أن المنسوب إليه قطعا يقل عن 20 رباعية، و الباقي يشك في صحة انتسابه إليه، أو أنه من نظم شعراء آخرين دون ترديد.

و على هذا فإن أولى مراحل معرفة الكتاب هي ، أن نرى مدى اعتبار إسناد الكتاب الذي بين يدينا إلى مؤلفة.

و هل يصح إسناد كل الكتاب أم بعضه إليه؟ و في هذه الحالة كم في المائة من الكتاب ، نستطيع تأييد إسناده إلى المؤلف؟ و علاوة على ذلك، بأي دليل نستطيع ، أن ننفي بعضاً ، و نؤيد بعضاً ، و نشك في البعض الآخر؟

القرآن مستغن عن هذا النوع من المعرفة، ولهذا فإنه يعتبر الكتاب الوحيد (الذي يصح إسناده) منذ القدم، و لا يمكننا الحصول على أي كتاب قديم قد مضى عليه قروناً من الزمان ، و بقي إلى هذا الحد صحيحاً معتبراً دون شبهة. و أما الموضوعات التي تطرح أحياناً ، ومن قبيل المناقشة في بعض السور أو بعض الآيات، فإنها موضوعات خاطئة ، و لا داعي لعرضها في الدراسات القرآنية، القرآن تقدم على علم معرفة النسخ، و

لا يوجد أدنى ترديد في أن الذي جاء بهذه الآيات من الله عز وجل، هو محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم.

جاء بها عنواناً للإعجاز، لأنها كلام الله، و لا يقدر أحد ، أن يدعي أو يحتمل وجود نسخة أخرى غير هذا القرآن، و لا يوجد في العالم مستشرق واحد، يبدأ - في بحثه عن القرآن - بالتحقيق حول نسخ القرآن القديمة، (فلا توجد هناك نسخ متعددة من القرآن)، و بالرغم من أن هذه الحاجة ( حاجة ملاحظة النسخ القديمة) موجودة لدى التحقيق في التوراة و الإنجيل و الشاهنامهلفردوسي) و ديوان سعدي و أي كتاب آخر، فإن القرآن لا يقال بحقه مثل ذلك.

و السر في هذا الأمر - كما تقدم - هو تقدم القرآن على علم معرفة النسخ . و

القرآن علاوة على أنه كتاب سماوي مقدس ، و أتباعه ينظرون إليه بهذه العين، فإنه أصدق دليل على صدق ادعاء الرسول ، و يعتبر أكبر معجزاته.

و إضافة إلى ذلك، فإن القرآن ليس مثل التوراة ، التي نزلت مرة واحدة، حتى يصح هذا الإشكال: ما هي النسخة الأصلية؟ بل، و إن آيات القرآن نزلت بالتدرج و طوال ثلاثة و عشرين سنة.

و من اليوم الأول لنزول القرآن، تنافس المسلمون على تعلمه ، و حفظه ، و فهمه، كما يتهالك الظمآن على شرب الماء، و خصوصاً ، فإن المجتمع الإسلامي و قتئذ ، كان مجتمعاً بسيطاً، و لم يكن هناك كتاب لا بد للمسلمين من حفظه ، و فهمه إلى جنب القرآن.

خلو الذهن، فراغ الفكر، قوة الذاكرة و عدم الإلمام بالقراءة و  الكتابة كلها ، كانت الدافع إلى ،أن تركز المعلومات السمعية و البصرية - لدى الإنسان المسلم و في ذاكرته تركيزاً قوياً، و لأجل ذلك، فإن موافقة بيان القرآن مع عواطفهم و أحاسيسهم، أدى إلى تركيزه في قلوبهم ، كما يرتكز الرسم المحفور في الصخر.

كانوا يقدسونه باعتباره كلام الله لا كلام البشر، و لا يسمحون لأنفسهم أن يغيروا كلمة واحدة، بل حرفاً واحداً  فيه ، أو أن يقدموا أو يؤخروا حرفاً، و كان كل همهم ، أن يقتربوا من الله بتلاوة هذه الآيات (تلاوة صحيحة).

علاوة على كل هذا، فإن ذكر هذه النقطة ضرورية، و هي أن الرسول الأكرم (ص) منذ الأيام الأولى، انتخب عدداً من خواص الكتاب، و يعرفون باسم "كتاب الوحي"، و تحسب هذه ميزة للقرآن، إذ أن الكتب القديمة لم تكن كذلك، كتابة كلام الله منذ البداية ، تعتبر عاملاً قطعياً لحفظ القرآن و صونه من التحريف.

القرآن

و هناك سبب آخر لحسن تقبل القرآن لدى الناس، و هو الناحية الأدبية و الفنية للقرآن، و التي يعبر عنها بالفصاحة و البلاغة،

الجاذبية الأدبية الشديدة للقرآن، كانت تدعو الناس بالتوجه إليه، و الاستفادة منه بسرعة، و ذلك خلافاً للكتب الأدبية الأخرى، التي يتصرف فيها رواد الأدب كيفما يشاؤون، ليكملوها حسبت تصورهم.

و أما القرآن ، فلا يجيز أحد لنفسه التصرف فيه، لأن هذه الآية: ( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ ، لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ) ، (1) ، و آيات آخرى ، توضح مدى عقوبة الكذب على الله، و عندما تتمركز هذه الآيات في مخيلته ينصرف عن هذا الأمر.

و بهذا الترتيب، قبل أن يرى التحريف له طريقاً إلى هذا الكتاب السماوي، تواترت آياته ، و وصلت إلى مرحلة ، لا يمكن إنكار أو تحريف حرف واحد منه. و لذا، لا يلزمنا البحث في هذه الناحية من القرآن، كما أن كل عارف للقرآن في العالم ، لا يرى لنفسه ضرورة البحث في هذا المجال.

هنا لا بد ، أن نتذكر نقطة واحدة، و هي أنه بسبب سعة نطاق الحكومة الإسلامية ، و اهتمام الناس الشديد بالقرآن، وب واسطة بعد عامة المسلمين عن المدينة (المنورة) ، التي كانت مركز الصحابة و حفاظ القرآن، فإن احتمال خطر بروز تغييرات متعمدة أو غير مقصودة في نسخ القرآن ، كان أمراً وارداً ، خاصة بالنسبة إلى المناطق النائية على الأقل.

إلا أن فطانة و دقة مراقبة المسلمين ، منعتا حدوث هذا الأمر. فالمسلمون منذ أواسط القرن الأول للهجرة ، احتملوا هذا الخطر، و لذلك استفادوا من وجود الصحابة و حفاظ القرآن، و لتجنب أي خطأ أو اشتباه، عمداً  كان أو سهواً  في المناطق البعيدة، فإنهم استنسخوا نسخاً مصدقة (من قبل الصحابة الكبار و حفاظ القرآن) من القرآن، و وزعت هذه النسخ من المدينة إلى الأطراف، و لذلك قطعوا الطريق إلى الأبد من ظهور مثل هذه الإشتباهات أو الانحرافات، و خصوصاً  من قبل اليهود، الذين يعتبرون أبطالاً في فن التحريف.

---------------------------------

الهوامش

1- الحاقة، الآية 44-46.

 

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)