• عدد المراجعات :
  • 1898
  • 2/17/2009
  • تاريخ :

غزوة ذات السلاسل
محمد رسول الله

  

إنّ الاطّلاع المبكر على أسرار العدو العسكرية، ومعرفة حجم طاقاته ومبلغ استعداداته واكتشاف خططه، يعد من العوامل الجوهرية الموَثرة في الانتصار عليه و النبي(صلى الله عليه وآله) هو أوّل من ابتكر في تاريخ الاِسلام جهازاً خاصاً بهذا العمل في صورة منظمة، وتبعه الخلفاء من بعده، حين استعانوا بعناصر استطلاع وعيون للعمل في المجالات العسكرية والاِدارية، وفي غزوة ذات السلاسل استطاع الرسول(صلى الله عليه وآله) أن يطفىَ نار فتنة باستخدام معلومات دقيقة علمها عن العدو، قبل أن يخسر الكثير بغير ذلك. فقد علم من عناصر المخابرات الخاصة به(صلى الله عليه وآله) أنّ أعداداً كبيرة متحالفة تجمعوا في منطقة وادي اليابس هدفوا إلى التوجّه نحو المدينة للقضاء على قوّة الاِسلام والمسلمين، وقتل النبي(صلى الله عليه وآله) والاِمام علي(عليه السلام) خاصة. فأمر الرسول بنداء(الصلاة جامعة) أي دعوة الناس إلى الاجتماع به(صلى الله عليه وآله) فقال(صلى الله عليه وآله وسلم) :(يا أيّها الناس، إنّ هذا هو عدو اللّه وعدوكم قد عمل على أن يبيِّتكم فمن لهم؟).

فخرجت جماعة بقيادة أبي بكر ساروا مسافة حتى واجهوا قبيلة بني سليم الذين قاوموا القوّة الاِسلامية، فقرر أبو بكر الانسحاب والرجوع من حيث أتى.

إلاّ أنّ النبي(صلى الله عليه وآله) لم يقبل بهذا الوضع، فتألم لعودة الجيش بهذه الصورة المهينة، فأمر عمر بن الخطاب بتولّي القيادة، ولكنّه لم يحارب أيضاً لقوة العدو فانسحب أيضاً إلى المدينة.

 وطلب عمرو بن العاص من النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أن يبعثه إلى هوَلاء الاَعداء على أساس أنّه من دهاة العرب، إلاّ أنّ بني سليم قاتلوه فهزموه وقتلوا عدداً من جماعته، فلم ييأس النبي(صلى الله عليه وآله) ونظم جماعة جديدة واختار الاِمام علياً(عليه السلام) قائدها، فاستعد الاِمام(عليه السلام) وتعصب بعصابة كان يشدها على جبينه في اللحظات الصعبة، ولبس بردين يمانيين، وحمل رمحاً هندياً، ثمّ توجه نحو الهدف سالكاً طريقاً غير معروفة ولا مطروقة حتى يعمّي بذلك على العدو، فتمكن من الانتصار عليهم وذلك للاَسباب التالية:

1. لم يشعر العدو بتحركاته، وذلك لتغييره مسيره، واستخدامه أُسلوب الكتمان في ذلك ، إذ سار ليلاً وكمن نهاراً واستراح خلاله.

2. فاجأ الإمام علي(عليه السلام) العدو حين صعد بجنوده إلى قمة الجبال ثمّ انحدر بهم بسرعة فائقة إلى الوادي مركز إقامة بني سليم، فأحاطوا بهم وهم نيام، وحاصروهم وأسروا منهم، وفرّ آخرون.

3. أنّ شجاعة الاِمام علي(عليه السلام) وبسالته النادرة أرعبت العدو، وأفقدته القدرة على المواجهة والمقاومة، حيث فرّوا من أمامه تاركين الغنائم وراءهم.

وبذا فإنّ النبي(صلى الله عليه وآله) استقبله بحفاوة وقال له عندما نزل من فرسه: (إركب فإنّ اللّه ورسوله راضيان عنك).

وكانت تضحية الاِمام(عليه السلام) وشجاعته من الاَهمية بحيث نزلت فيها سورة العاديات كاملة: ( وَالعادِياتِ ضَبْحاً    فَالمُورياتِ قَدحاً     فَالمُغِيراتِ صُبْحاً       فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً      فَوسَطْنَ بهِِ جَمْعاً ).

وهناك عدد من الموَرّخين كالطبري، نقلوا هذه الواقعة بنحو آخر مختلف عمّا ذكرناه، فلا يبعد أن تكون ذات السلاسل اسماً لغزوتين، وقد نقل كلٌّ من الفريقين ـ السنّة والشيعة ـ واحدة منها وأعرض عن الاَُخرى لاَسباب خاصّة.


دعوة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى الله تعالى

معركة أحد

فتح مكة المكرمة

غزوة بني النَّضِير

غزوة بدر العظمى

غزوة حمراء الأسد

معركة مؤتة

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)