• عدد المراجعات :
  • 1242
  • 1/24/2009
  • تاريخ :

     

ما بعد الحرب على غزة.. مؤامرة جديدة

كونداليزا رايس وتسيبي ليفني

بدأت ملامح مرحلة ما بعد العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة تتضح، وبدت معالم الإقليم (الشرق الأوسط) الجديدة في الظهور، ولعل الإدارة الاميركية المنصرفة أبت إلا أن تنهي ولايتها بشيء يختتم ثماني سنوات عجاف من السياسة الشرق أوسطية، والتي هددت الأمن القومي العربي والإسلامي.

فقد أفادت الأنباء الواردة من العاصمة الاميركية واشنطن أن وزيرة الخارجية الاميركية في الإدارة الاميركية المنتهية ولايتها كونداليزا رايس، ونظيرتها الاسرائيلية تسيبي ليفني وقعتا اتفاقا بغرض منع وصول السلاح إلى حركة حماس والمقاومة الفلسطينية وقطاع غزة.

هذا الاتفاق- ووفق ما تسرب من تفاصيل حوله- لو جرى تطبيقه فسوف يعني انقلابا كبيرا في الوضع السياسي للمنطقة العربية على المستوى الإستراتيجي، وربما على مستوى العالم الإسلامي بأسره.

ليفني التي زارت واشنطن بشكل مفاجئ يوم الجمعة الماضي، أنجزت دبلوماسيا وإعلاميا مهمة غامضة قام بها سرا المدير العام لوزارة الخارجية الاسرائيلية أهارون أبراموفيتش؛ حيث وصل يوم الخميس إلى واشنطن لإعداد وثيقة حول "التسوية البعيدة المدى لمسألة تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة"، بحسب التوصيف الاميركي والاسرائيلي.

مهمة أبراموفيتش، والتي أقرتها كل من ليفني ورايس، تزامنت مع أخبار وردت من داخل الكيان الاسرائيلي تتحدث عن وجود نية كانت لدى حكومة رئيس الوزراء المستقيل إيهود أولمرت إعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد في قطاع غزة، دون قبول المبادرة التي طرحها الرئيس المصري حسني مبارك قبل نحو أسبوعين لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والتي رفضها الكيان الاسرائيلي بالرغم من أنها تلبي الكثير من المطالب التي قامت تل أبيب بشن عدوانها الإجرامي الواسع النطاق على قطاع غزة من أجلها.

والتفكير الاسرائيلي في هذا الأمر هو أن المبادرة المصرية تعني تفاوض الكيان المحتل مع حركة حماس، حتى ولو بشكل غير مباشر، وفي النهاية التوقيع على اتفاق هدنة طويلة الأمد مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وهو ما يعني على أبسط تقدير عدم وجود نية حقيقية لدى اسرائيل لوقف عدوانها على غزة طويلا، ولا يرغب في أية تهدئة من أي نوع مع الفلسطينيين، وهو ما يعني بدوره هدم كل أسس واتفاقات التسوية التي توصلت إليها منظمة التحرير الفلسطينية مع الكيان الاسرائيلي منذ العام 1993م وحتى الآن.

ومن خلال تفاصيل هذا وذاك، يمكن القول إن هناك محاولة جادة من جانب الولايات المتحدة وتل ابيب لتحييد خيار المقاومة دون مواجهة فصائل المقاومة في الميدان، بعد ثبوت فشل هذا الخيار في جنوب لبنان خلال حرب صيف عام 2006م مع حزب الله اللبناني، وخلال معركة كسر الإرادة الحالية في قطاع غزة.

ومع هذا الفشل العسكري توصل كلا الطرفين إلى حل مفاده استبعاد خيار المقاومة بالأدوات السياسية المباشرة والعسكرية غير المباشرة من خلال الحلفاء الإقليميين والدوليين، مثل مصر وحلف شمال الأطلنطي (الناتو).

وتم التعجيل بتلك الخطوة بسبب أن كلا من حكومة الاحتلال في تل أبيب والإدارة الاميركية في واشنطن راحلتان وهذا ماحصل بعد تولي الرئيس الاميركي المنتخب باراك أوباما وفريقه السلطة رسميا في البيت الأبيض.

ومع وضوح برنامجه الانتخابي- والذي لن يكون فيه على ذات سوء الإدارة الحالية فيما يخص الملف الفلسطيني والأوضاع العامة في الشرق الأوسط، ومع إمكانية خسارة الحليف الحالي في تل أبيب للسلطة في انتخابات فبراير المقبل العامة المبكرة- فإن الطرفين أرادا توريط خلفائهما في ترتيبات صارمة تمس الوضع في الشرق الأوسط برمته.

وما يؤكد ذلك طبيعة التسريبات التي وردت حول المذكرة التي وقعت عليها كل من واشنطن وتل أبيب هي الأخطر فيما تم التوقيع عليه في شأن ترتيب الأوضاع في العالم العربي والشرق الأوسط منذ اتفاقية سايكس- بيكو التي تم بمقتضاها تقسيم المشرق العربي إلى مناطق نفوذ للدول الاستعمارية الكبرى، وتحديدا فرنسا وبريطانيا بعد الحرب العالمية الأولى (1914- 1918م)، واتفاقية كامب ديفيد التي أخرجت مصر من معادلة القوة العربية.

وحتى من دون تسريبات، فيكفي ما ورد على لسان كل من ليفني ورايس خلال المؤتمر الصحفي الذي عقدتاه في العاصمة الاميركية واشنطن مساء الجمعة 16 يناير 2009م، وما نشرته الصحف الاميركية في هذا الشأن، وخصوصا (هيرالد تريبيون)، و(واشنطن بوست) السبت 17 يناير.

وأهم بنود المذكرة:

- التعاون بين كل من واشنطن وتل أبيب من جهة والدول المجاورة بالتوازي مع أطراف أخرى في المجتمع الدولي من جهة أخرى لمنع إمداد الأسلحة والمواد المتعلقة بها لما وصفته المذكرة بـ"المنظمات الإرهابية" التي تهدد أيا من الطرفين الاميركي أو الاسرائيلي، مع التركيز بشكل خاص على تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة.

والمقصود بطبيعة الحال حركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة، مع تعذر الوصول إلى اتفاق مع مصر لنشر قوات دولية على الحدود بين سيناء وقطاع غزة، والبالغ طولها حوالي 14.5 كيلو مترا.

- تعمل الولايات المتحدة مع شركائها في المنطقة، وفي حلف "الناتو" على مراقبة تهريب الأسلحة إلى غزة من خلال الممرات المائية الرئيسية في المنطقة، وخصوصا الخليج الفارسي وخليج عدن والساحل الشرقي من البحر الأحمر في إفريقيا والبحر المتوسط، و"تحسين الترتيبات القائمة أو إطلاق مبادرات جديدة لزيادة فعالية هذه الترتيبات"، بحسب ما ورد في (تريبيون).

وفي حقيقة الأمر، فإن هناك العديد من الشواهد التي تشير إلى أن هذه الترتيبات يجري الإعداد لها من وقت طويل، ولعل أبرز هذه المؤشرات تزايد الوجود العسكري في البحر الأحمر وخليج عدن باسم مكافحة القرصنة قبالة السواحل الصومالية؛ حيث أرسل حلف الناتو والاتحاد الأوربي والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، بالإضافة إلى إيران والصين وقوى آسيوية أخرى قوات إلى هذه المناطق.

ومما يثير الدهشة والاستغراب أن أنشطة القرصنة البحرية توقفت تقريبا قبالة سواحل اليمن والصومال بعد ترتيب أوضاع هذه القوات، وبعد اندلاع الحرب على قطاع غزة؛ مما يعضد التقديرات التي أشارت إلى أن ملف القرصنة تقف وراءه قوى دولية عظمى.

- من بين الأدوات التي ستستخدم لتنفيذ عملية مراقبة ومنع تهريب السلاح إلى قطاع غزة برا وبحرا، تعزيز التعاون بين وكالة المخابرات المركزية الاميركية (سي. آي. إيه) والحكومات الإقليمية، ومن بينها مصر، بحسب ليفني؛ لمنع تدفق الأسلحة إلى غزة.

ووفق ما جاءت به التسريبات الإعلامية الاميركية، وتصريحات ليفني ورايس، فإنه سوف يكون هناك تعاون بين المخابرات والقيادة العسكرية الاميركية في إفريقيا (أفريكوم) الجديدة، والقيادة العسكرية الاميركية في أوربا، وقيادة العمليات الخاصة الاميركية، بهدف تعزيز الجهود بين المخابرات والقوات البحرية الدولية، والقوات البحرية التابعة لحلف الناتو لمنع دخول الأسلحة قطاع غزة.

كما تعهدت كل من الولايات المتحدة والكيان الاسرائيلي في هذا الإطار الاستخباري بتبادل المعلومات لتحديد مصدر الأسلحة التي ترد إلى غزة، وتسريع جهود المساعدات اللوجستية والفنية لتدريب وتجهيز قوات الأمن في الكيان الصهيوني على تعزيز برامجها في هذا الإطار.

وبحسب مصادر بريطانية فإن الصفقة الاسرائيلية الاميركية تتضمن قيام الولايات المتحدة بتوفير بعض المعونة الفنية والاستخبارية لمصر؛ لدعم جهود "منع تهريب السلاح لحماس"، بحسب ما جاء في المذكرة، على لسان المصادر الاسرائيلية التي زادت بالقول إن الاتفاقية "تلزم الولايات المتحدة وحلف "الناتو" بملاحقة واعتراض شحنات الأسلحة القادمة إلى غزة .

وتستكمل صورة المؤامرة مع ما ذكرته رايس وليفني من أن هذه الجهود سوف يتم وضعها في إطار دولي؛ حيث من المنتظر التوصل إلى اتفاقات مشابهة مع دول أوربية في هذا الأمر، والمخيف أن رايس أكدت أن ذلك كله يدخل في إطار ترتيبات القرار الدولي الأخير الصادر عن مجلس الأمن الدولي برقم 1860، وأكدت رايس أن القرار يسمح بهذه الترتيبات ضمن ما دعا إليه في صدد وقف إطلاق الصواريخ الفلسطينية ووقف النار بشكل متبادل في قطاع غزة.

والمؤسف أن هذا القرار الذي يصفي بذلك مشروع المقاومة، وبالتالي ينهي أحلام الفلسطينيين في نيل حقوقهم المغتصبة، قد حظي بتأييد ما يسمى بمعسكر" دول الاعتدال" العربي، ممثلا في مصر والسعودية، بل وتم "الضحك" على الليبيين ممثلي المجموعة الإقليمية العربية في الدورة الحالية لمجلس الأمن الدولي؛ حيث صوتت ليبيا لصالحه!!، بل وجعل القرار المبادرة المصرية أساسا لوقف إطلاق النار في قطاع غزة!!.

ومن هنا فإن الاميركيين والاسرائيليين أبطلوا تنفيذ القرار فيما يخص الالتزامات الاسرائيلية ، بينما سيتم تفعيله فيما يخص الالتزامات الواجب على العرب تبنيها بموجب نص القرار الذي وافقوا عليه.

القاهرة التي كانت الطرف العربي الأكثر من حيث التخلي عنه اميركيا واسرائيليا، فوجئ بذلك؛ ولهذا لم يصدر عن الحكومة المصرية سوى تصريح هزيل لوزير الخارجية أحمد أبو الغيط؛ قال فيه: "إن مصر ليس لديها التزام بالاتفاق الاميركي "الإسرائيلي" المتعلق بوقف تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة".

وأضاف في تصريحات صحفية مبتسرة في العاصمة المصرية القاهرة: "ليس لدينا التزام بهذه المذكرة على الإطلاق"، وكان الواجب رفضها وانتقادها بصراحة.

ومن ما ودر اعلاه يتضح ان هناك مؤامرة اسرائيلية اميركية ستكشف خيوطها بعد فترة وجيزة من انتهاء العدوان الاسرائيلي الغاشم على قطاع غزة .

المصدر:موقع العالم الاخباري


الفشل العسكري الصهيوني ووقف إطلاق النار الأحادي

اقرار اسرائيلي بالهزيمة !

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)