الشاعر طلائع بن رزيك ( رحمه الله )
( 495 هـ ـ 556 هـ )
اسمه ونسبه :
الشاعر طلائع بن رزيك بن الصالح الإرمني ، نسبة إلى أرمينية ، الملقّب بالملك الصالح .
ولادته :
ولد الشاعر ابن رزيك في التاسع عشر من ربيع الأوّل 495 هـ .
سيرته وفضائله :
قد جمع الله سبحانه له الدنيا والدين ، فحاز على شرف الدارين ، وحَبَاه بالعلم الناجع ، والإمرة العادلة ، وكان من الفقهاء البارعين في العصر الفاطمي ، وأديبٌ ، شاعرٌ ، مُجيدٌ ، كما طفحت به المعاجم .
فإذا به ذلك الوزير العادل تزدهي القاهرة بحسن سيرته ، وتعيش الأُمَّة المصرية بلطف شاكلته ، وتزدان الدولة الفاطمية بأخذه بالتدابير اللازمة في إقامة الدولة ، وسياسة الرعية ، ونشر الأمن ، وإدامة السلام .
ولُقِّب بـ( الملك الصالح ) ، وقد طابق هذا اللفظ معناه كما يُنبئك عنه تاريخه المجيد ، فلقد كان صالحاً بعلمه الغزير ، وأدبه الرائق .
صالحاً بعدله الشامل ، وورعه الموصوف ، صالحاً بسياسته المُرضِيَة ، وحسن مداراته مع الرعية ، صالحاً بسيبه الهامر ، ونداه الوافر ، صالحاً بكلِّ فضائله وفواضله ، دينية ودُنيوية ، وقبل هذه كلِّها تفانِيهِ في ولاء الأئمّة المعصومين ( عليهم السلام ) ، ونشر مآثرهم ، ودفاعه عنهم بفمه ، وقلمه ، ونظمه ، ونثره .
وكان يجمع الفقهاء ويناظرهم في الإمامة والقدَر ، وكان شديد المغالاة في التشيُّع ، وكان شجاعاً ، كريماً ، جواداً ، فاضلاً ، محبّاً لأهل الأدب ، جيِّد الشعر ، وكان محافظاً على الصلوات ، فرائضها ، ونوافلها .
وزارته للفاطميين في مصر :
لمّا قتل الظافر إسماعيل صاحب مصر سيّر أهل القصر إلى ابن رزيك الصالح فتوّجه الصالح إلى القاهرة ومعه جمع عظيم ودخل إلى القاهرة ، وتولّى الوزارة في أيّام الفائز ، واستقلّ بالأُمور ، وتدبّر أحوال الدولة حيث حكم الناس بالعدل وانصاف والمساوات ، وكان جواداً فاضلاً ، كثير الصدقات ، حسن الآثار ، ويعود الفضل في نشر مذهب الشيعة الإمامية بصعيد مصر وفي بقاع أُخرى من أنحاء البلاد إلى طلائع بن زريك ، وقد أظهر المذهب الإمامي حين وصل إلى الحكم ، وهناك محلّة تسمّى حارة الصالحين منسوبة إلى الصالح طلائع ، وقد خربت فيما بعد على أيدي الأيوبيين الذين سعوا إلى محو كل آثار الشيعة في مصر .
أقوال العلماء فيه : نذكر منهم ما يلي :
1ـ قال ابن خلكان في تاريخه : كان فاضلاً ، سمحاً في العطاء ، سهلاً في اللقاء ، محبّاً لأهل الفضائل ، جيّد الشعر ، وهو الذي بني الجامع الذي على باب زويلة بظاهر القاهرة ، وكان والياً بمنية بني الخصيب من أعمال صعيد مصر .
2ـ قال عماد الدين الكاتب : نفق في زمانه النظم والنثر ، واسترق باحسانه الحمد والشكر ، وقرّب الفضلاء واتخذهم لنفسه جلساء ، ورحل إليه ذوو الرجاء ، وأفاض على الداني والقاصي بالعطاء ، وله قصائد كثيرة مستحسنة ، وله ديوان كبير واحسان كثير .
3ـ قال يوسف بن تغري بردي في النجوم الزاهرة : وساس الأُمور ، ولقّب بالملك الصالح ، وسار في الناس أحسن سيرة ، وكان أديباً كاتباً مائلاً لمذهب الإمامية ، وقد تسلّم الأمر من بعده ولده فسار على سيرته .
4ـ قال جوهر الصقلي : فاتح مصر ، وباني القاهرة ، وكان يظهر الإحسان إلى الناس ، ويجلس بنفسه في كلّ يوم سبت للمظالم بحضرة الوزير والقاضي وجماعة من أكابر الفقهاء ، ولم يبق بمصر شاعر إلاّ رثاه ، وذكر مآثره حين موته .
5ـ قال المقريزي : كان شجاعاً كريماً جواداً فاضلاً ، محبّاً لأهل الأدب ، جيّد الشعر ، رجل وقته فضلاً وعلماً وسياسةً وعقلاً وتدبيراً .
كان مهاباً في شكله ، عظيماً في سطوته ، وكان محافظاً على الصلوات فرائضها ونوافلها .
مؤلفاته : نذكر منها ما يلي :
1ـ الاعتماد في الردِّ على أهل العناد .
2ـ ديوان شعر .
وفاته :
قُتل الشاعر ابن رزيك ( رحمه الله ) يوم الإثنين التاسع عشر من شهر رمضان 556 هـ ، ودُفن في القاهرة .
الشاعر طلائع بن رزيك
لا تبك للجيرة السارين في الظعن |
ولا تعرج على الأطلال والدمن |
فليس بعد مشيب الرأس من غزل |
ولا حنين إلى إلف ولا سكن |
وتب إلى الله واستشفع بخيرته |
من خلقه ذي الأيادي البيض والمنن |
محمّد خاتم الرسل الذي سبقت |
به بشارة قس وابن ذي يزن |
فاجعله ذخرك في الدارين معتصماً |
له وبالمرتضى الهادي أبي الحسن |
وصيه ومواسيه وناصره على |
أعاديه من قيس ومن يمن |
أوصى النبي إليه لا إلى أحد |
سواه في خمّ والأصحاب في علن |
فقال هذا وصيي والخليفة من |
بعدي وذو العلم بالمفروض والسنن |
قالوا سمعنا فلمّا أن قضى غدروا |
والطهر أحمد ما واروه في الجبن |