• عدد المراجعات :
  • 5902
  • 10/13/2008
  • تاريخ :

الناس ثلاثة أصناف
الطبيعة

 

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على محمد وآل محمد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

((... الناس ثلاثة أصناف ...))

 

لإِيضاح هذا المطلب الذي يتناول قابليات الناس المختلفة

نأتي بكلام لأمير المؤمنين (عليه السلام) مخاطباً فيه كميل بن زياد بعد ما دعاه إلى المقبرةوعند بلوغهما الصحراء ... قال الإمام علي (عليه السلام) لكميل بعد أن تأوّه:

«يا كميل بن زياد إنّ هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها».

 

وكمثال نقول:

إنَّ الناس يختلفون في إفادتهم من المطر

واحد منهم يفيد من المطر بمقدار بحيرة ماء ... وذلك لسعة ظرفيته

والآخر يفيد منه بمقدار كأس صغير ... وذلك لأنه لا يستوعب أكثر من ذلك وقد يكون هناك شخص لا يفيد من المطر أبداً ... لأنه قد قلب إناءه على ظهره

والمثال يوضح أنَّ الإشكال ليس من جانب الله تعالى بل من جانب الأوعية التي تُهيّئ للإفادة من ماء المطر

ثمّ يخاطب الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) كميل قائلاً:

 

فاحفظ عنّي ما أقول لك: ... النّاس ثلاثة:

 1-  فعالم ربّاني

 2-  ومتعلم على سبيل نجاة

 3- وهمجٌ رُعاعٌ

أي أنَّ الناس ثلاثة أصناف:

1 - الصنف الأول هو صنف العلماء الذين طووا طريق الحق والحقيقة ويسعون لإرشاد الناس وتربيتهم.

2 - والثاني هم الذين يفقدون العلم لكنهم يسعون في سبيل تحصيله العلم وكسب المعرفة.

3 - والثالث هم الحمقى من الناس الذين لا يعلمون ولا يسعون لأن يعلموا ولا يسألون أهل الطريق لإرشادهم إليه.

 

يوضح الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) خصال الصنف الثالث في أربع:

1.    أتباع كلّ ناعق، أي يتّبعون أصحاب الرايات المختلفة دون علم وبصيرة.

2.    يميلون مع كلّ ريح، فهم كالريح تهزّهم الدعوات المختلفة وتميلهم إلى جنبها، ومثلهم كمثل الذين قاتلوا تحت راية الرسول (صلى الله عليه وآله) في عصره، وقاتلوا بعد وفاته تحت راية معاوية، ولو كان الأجل يسمح لهم لقاتلوا تحت راية يزيد كذلك; وذلك كله لأجل أن الريح آنذاك كان بهذا الاتجاه.

3.    لم يستضيئوا بنور العلم، فهم المستضعفون المحرومون من العلم.

4.    لم يلجؤوا إلى رُكن وثيق، أي لا أنهم يفقدون العلم فحسب، بل لا يعتمدون على أعمدته المحكمة.(1)

 

إنَّ الصنف الثالث وهم ذووا الأوعية الصغيرة أشخاص خطرون

كما أنَّهم مصداق للآية الشريفة ( والَّذي خَبُثَ )

إلاّ أنَّ الصنف الأوّل والثاني مصاديق للآية الشريفة: ( البَلَدُ الطيَّبُ ) .

الفاعلية إكتسابية أم جبرية؟

قابلية القابل - التي هي شرط الكمال - إكتسابيه أم جبرية؟

وبعبارة أخرى:

هل أنّ الله خلق بعضاً بقابلية ضخمة وخلق آخرين مع قابلية ضعيفة؟

إنّ قابلية القابل إكتسابية لا جبريّة

وذلك لأنّ القول بجبريتها يعني:

عدم ترتب الذنب على الشخص الذي ينبت قلبه الرياء بدل الاخلاص وما عليه من عقاب ... كما أنّه لا فائدة في بعثة الأنبياء.

من هنا نقول:

إن الإنسان كلّما سعى لكسب التقوى والمعرفة الإلهية أكثر،كلّما استعدّ قلبه أكثر لقبول الوحي الإلهي والآيات القرآنية.

إنّ القرآن الكريم يُوكّد على كون الإنسان مخلوقاً بأفضل شكل وصورة  ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أحْسَن تَقْوِيم )،(2)

ووفقاً لهذه الآية الكريمة فانه لا فرق في خلق الناس، والهداية والضلالة يتوقفان على الإنسان ذاته.

وحتى الشيطان لم يُخلق خبيثاً، ولذلك كان في صفوف الملائكة وعبد الله ستة آلاف عاماً.(3)

نعم، انَّ الناس يختلفون عن بعضهم البعضليس بمعنى أنَّ بعضهم خلق حسناً وبعضهم الآخر خلق سيئاً

بل في أن بعضهم خلق حسناً وبعضهم الآخر أحسنلذلك قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «الناس معادن كمعان الذهب والفضة».(4)

في النتيجة لم يخلق إنسان شقياً أو خبيثاًوقابلية القابل إكتسابية لا جبريةإنَّ المطر يهطل شفافاً وزلالا لكنّه يتسخ عندما

يلتقي بالأرض الوسخةلكنه يبقى نظيفاً عندما يقع على الأرضي النظيفةفيبقى على فطرته وطهارته.

إنّ البيئة الموبوئة والكتب المنحرفة والمفاهيم الفاسدة و الأصدقاء السيئين و العائلة غير السليمة هذه كلها بمثابة الأرض الملوّثة، تلوّث قلب الإنسان الطاهر وفطرته النقية.

يا ايها الناس

إن الله تعالى خلقكم كقطرة المطر الشفافة الطاهرة ... إسعوا للحفاظ على هذه الطهارة ... واحذروا معاشرة صديق السوء ... لأن هذا الصديق قد يغيّر مستقبل الإنسان بالكامل.

من وجهة نظر الإسلام ... ليس أداء الذنب لوحده معصية بل الحضور في مجلس يرتكب فيه الذنب يُعدُّ محرماً ومعصيةأي إذا حضر الإنسان في مجلس يُعصى فيه الله تعالى فإنَّ حضوره في هذا المجلس يُعدُّ معصية كذلك رغم أنّه لم يفعل الذنب الذي إقترف في المجلس وذلك لأنَّ المحيط الملوّث يؤدي إلى التلوث تدريجياًويفقد الذنب آنذاك قبحه تدريجياً الأمر الذي قد يؤدي إلى اقتراف الذنب في المستقبل ا نَّ المتعاطين للمخدرات تعاطوها بهذا الشكل وبهذا الاسلوب.

وعلى هذا، ينبغي السعي لأجل:

الحفاظ على نقاء الباطن ... وتهيئة أرض القلب وإعدادها للافادة من وابل الرحمة اقصى إفادة.

الهوامش:

1. نهج البلاغة، الكلمات القصار، الكلمة 147.

1. سورة التين الآية 4.

2. ميزان الحكمة، الباب 2005، الحديث 9365.

3. بحار الأنوار 58: 65.

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)