الشاعر إسماعيل بن عبّاد المعروف بالصاحب ( رحمه الله )
( 326 هـ ـ 385 هـ )
اسمه وكنيته ونسبه :
أبو القاسم ، إسماعيل بن عبّاد بن العباس الطالقاني ، المعروف بالصاحب .
ولادته :
ولد ابن عبّاد في السادس من ذي القعدة 326 هـ ببلاد فارس .
وزارته :
اتصل في أوائل شبابه بأبي الفضل محمّد بن العميد وزير ركن الدولة بن بوية ، ثمّ تطوّرت بينهما الصلة فأصبح كاتباً لابن العميد ، وحينما هَمّ الأمير أبو منصور بويه بن ركن الدولة بزيارة بغداد في سنة 347 هـ اختار ابن عبّاد صاحباً ، ثمّ سمّاه بالصاحب ، وجعله وزيراً له .
شعره ونثره :
كان مجيداً في شعره ، كتب في الأدب والحكمة ، والرثاء والمديح ، والغزل والأخوانيات والنوادر .
وذكر أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وله في مدح أمير المؤمنين ( عليه السلام ) سبع وعشرون قصيدة ، ونقتطف هذين
البيتين كنموذج لمدائحه :
حُبُّ عليِّ بن أبي طالبِ ** أَحلى من الشَّهدِ إلى الشَّارِبِ
لا تُقبلُ التوبةُ من تائب ** إلا بِحـُبِّ ابن أبـي طالب
أمّا نثره فقد كان ابن عبّاد أحد الأركان الأربعة في النثر ، وهم : عبد الحميد الكاتب ، وابن العميد ، والصابئ ، والصاحب ، وهو رابعهم ، وكان له ولع بالسجع والجناس ، الذي امتلأت به توقيعاته وأجوبته وكلماته القصيرة .
وإليك نموذجاً ممّا قاله في وصف الإمام علي ( عليه السلام ) حيث قال :
( إسلامه سابق ، ومحلُّه سامق ، ومجده باسق ، وذكره نجم طارق ، وسيفه قدر بارق ، وعلمه بحر دافق ، وإمامته لواء خافق ) .
أقوال العلماء فيه : نذكر منهم ما يلي :
1ـ قال الثعالبي : ( ليست تحضرني عبارة أرضاها للإفصاح عن عُلوِّ مَحلِّه في العلم والأدب ، وجلالة شأنه في الجود والكرم ... ، هو صدر المشرق ، وتاريخ المجد ، وغُرَّة الزمان ، وينبوع العدل والإحسان ) .
2ـ قال السمعاني في الأنساب : ( الوزير المعروف بالصاحب ، أشتُهر ذكره وشعره ومجموعاته في النظم والنثر في الآفاق ، فاستغنينا عن شرح ذلك ) .
3ـ قال ابن خلكان في وفيات الأعيان : ( كان نادرة الدهر ، وأُعجوبة العصر في فضائله ومكارمه وكرمه ) .
4ـ قال الشيخ الحر العاملي في أمل الآمل : ( عالم فاضل ، ماهر شاعر ، أديب محقّق متكلّم ، عظيم الشأن ، جليل القدر في العلم والأدب والدين والدنيا ) .
مؤلفاته : نذكر منها ما يلي :
كان ابن عبّاد من أكبر الوزراء تصنيفاً ، ولا يخفى أن من يشتغل بالوزارة وقيادة الجيش يضيق وقته عن التأليف ، ولكنّه بالرغم من ذلك أَلَّف في الكلام واللغة ، والأدب والتأريخ ، والعَروض والأخبار ، والأخلاق والنثر والنظم .
1ـ الإقناع في العروض وتخريج القوافي .
2ـ الكشف عن مساوىء شعر المتنبّي .
3ـ الأمثال السائرة من شعر المتنبّي .
4ـ عنوان المعارف وذكر الخلائف .
5ـ الإبانة عن مذهب أهل العدل .
6ـ رسالة في أحوال عبد العظيم .
7ـ التذكرة في الأُصول الخمسة .
8ـ رسالة في الهداية والضلالة .
9ـ الفرق بين الضاد والظاء .
10ـ رسالة في الطب .
وفاته :
توفّي ابن عبّاد ( رحمه الله ) في الرابع والعشرين من صفر 385 هـ ، بالري على الأقوى ، ونقل جثمانه إلى أصفهان ، ودفن في محلّة باب الطوقجي ، وقبره معروف يزار .
الشاعر الصاحب بن عبّاد
ينظم في رثاء الإمام الحسين ( عليه السلام )
ذي صُدورهمُ لبغض المصطفى |
تَغلي على الأهلينَ غَليَ المِرجَلِ |
نَصَـبت حقودُهمُ حروباً أدرَجت |
آلَ النبيِّ على الخُطـوب النُّزَّلِ |
دَبَّت عقاربُـهم لصـنوِ نبيِّـهم |
فاغتالَـه أشـقى الورى بتَخَتُّلِ |
أجرَوا دمـاء أخـي النبيِّ محمدٍ |
فلتُجرِ غربُ دموعـها ولتهملِ |
ولْتصـدر اللعنات غير مُزالـةٍ |
لعِداهُ من ماضٍ ومن مسـتقبِلِ |
لم تَشـفهم من أحمـد أفعالُـهم |
بوصيِّهِ الطهر الزكيِّ المُفضَلِ |
فتجـرّدوا لبنيـهِ ثـمّ بناتــهِ |
بعظائـم فاسـمَعْ حديثَ المقتلِ |
مَنعوا حسينَ الماءَ وهْو مجاهـدٌ |
في كربلاءَ فنُح كنـَوحِ المُعوِلِ |
منَعـوه أعذبَ منهـلٍ وكذا غداً |
يُردَونَ في النيرانِ أوخمَ منهلِ |
يُسـقَون غِسليناً ويُحشَرُ جمعهُم |
حشراً متيـناً في العقابِ المُجمَلِ |
أيُجَـزُّ رأسُ ابن الرسـول وفي |
الورى حيٌّ أمامَ ركابـهِ لم يُقتَلِ |
تُسـبى بنـاتُ محمـدٍ حتّــى |
كأنّ محمداً وافـى بملّـةِ هِرقَلِ |
وبنـو السِّـفاحِ تحكّموا في أهلِ |
حَيَّ على الفلاحِ بفرصةٍ وتَعجُّلِ |
تُمضي بنو هندٍ سـيوفَ الهندِ في |
أوداجِ أولاد النبـيِّ وتعـتلـي |
فأرى البكاءَ مـدى الزمان مُحلَّلاً |
والضحكَ بعد السِّبط غيرَ مُحلَّلِ |
قد قلتُ للأحـزانِ دومي هكـذا |
وتَنَزَّلـي بالقلـب لا تَترحَّلـي |
يا شيعةَ الهادينَ لا تتأسّفي وثِقي |
بحبــل الله لا تتعـجّـلــي |
فغداً تَرَونَ الناصـبينَ ودارُهُـم |
قَعرُ الجحيمِ من الطِّباق الأسـفلِ |
وتُنعَّمـونَ مع النبيِّ وآلـهِ فـي |
جنّـةِ الفـردوسِ أكـرمِ مَوئلِ |
----------------------------------------------------------------------------
الهوامش:
1ـ أُنظر : ديوان الصاحب بن عبّاد : 6 .