• عدد المراجعات :
  • 3939
  • 3/12/2008
  • تاريخ :

النوروز في الادب العربي
النوروز

 

حُلوُ الشباب من الدنيا اوائله         بدء الربيع من الايام نوروز

اقترن اسم النوروز بالربيع في التاريخ عند الشعوب التي تحتفل بذاكرة في ادبيات الشعراء العرب ومنهم الشاعر الوليد البحتري فقد اعجب بالطبيعة الباسمة فقال:

اتاك الربيع الطلق يختاك ضاحكا   
          من الحُسن حتى كاد ان يتكلّما
وقد نبه النوروز في غسق الدجى       
    اوائل ورد كُن بالامس نوما
يُفتقها برد الندى فكأنه 
       يبُث حديثا كان قبلُ مُكتما
ومن شجر ردّ الربيع لباسه  
   عليه كما نشرت وشياً منمنما
أحلّ فأبدى للعيون بشاشة  
  وكان قذى في العين او كان مُجرما
ورق نسيم الريح حتى حسبته 
     يجيء بانفاس الاحبة نُعما
مما يحبسُ الراح التي انت خلّها 
      وما يمنع الاوتار ان تترنما

      

فالشاعر يقرن النوروز بالربيع وبالورد والجمال والفرح والأنس.

وقد عرف العرب النوروز لمجاورتهم الفرس منذ زمن بعيد وله في ادبياتهم طرائف واشعار ودعاء مثل الدعاء المأثور «يامقلب القلوب والابصار يا مُدبر الليل والنهار، يا محوّل الحول والاحوال، حولّ حالنا الى احسن حال، ومن طرائف ما يروى حول هذا الدعاء ما رواه لنا استاذنا الشيخ موسى السوداني رحمه الله: «ان احد تلاميذ الحوزة العلمية سمعه اصحابه يقول: اللهم غيرّ حالي الى حال. فتعجبوا من قوله فقال: انا اعيش في اتعس حال فأي تغيير هو خير لي من حالي الان:

ويروى انه قدم الى امير المؤمنين عليه السلام حلوى في يوم النوروز في الكوفة من قبل رجل فارسي فقال الامام علي«ع»: ما هذا؟ قال: هذه حلوى النوروز، فقال الامام«ع»: نوروزنا كل يوم. وقبل الهدية وعن اساس الاحتفال بالنوروز وجعله عيدا هنالك عدة اراء منها ما تذكره احدى الادبيات ان احد ملوك الفرس القدماء اراد ان يعمل لشعبه خيرات تنفعهم وتكون افراحا في سبعة ايام فاشار عليه مستشاره ان يشمل الفقراء بعطائه والمساجين بالعفو فكان يعمل في كل يوم من الايام السبعة عملا فيه فرح للرعية فصارت تلك الايام عادة، واذا تكررت العادة صارت عرفا من العسير تركه، وكما يقول المثل: العادات قاهرات، وقد سرت الاحتفالات بالنوروز في الاوطان القريبة من بلاد فارس وحيث امتد سلطان الفرس في التأريخ فاخذت الشعوب المجاورة كالترك والكرد والافغان، والطاجيك وبعض بلاد الهند والباكستان وبعض بلاد العرب كالعراق وغيرها حتى وصل الاحتفال بالنوروز الى الاندلس حيث يحتفل الاسبان في هذا العصر بيوم النوروز الذي يصادف الواحد والعشرين من شهر اذار الافرنجي اي الشهر الثالث بالحساب الافرنجي الميلادي. ولعل تلك العادة انتقلت مع الفاتحين المسلمين وبتأثير ادباء وفنانين ذوي اصل فارسي مثل ابن حزم وزرياب وغيرهم، او كما يقول المثل الاوروبي: تنتشر الحضارة كما ينتشر الدخان في الفضاء. وللدكتور بهار وهو من اليساريين الايرانيين رأي آخر هو ان ذلك الملك كان سلطانا صالحا اراد تقسيم الاراضي الزراعية بين الفلاحين لتكون مُلكا لهم، فلم ترض عنه طبقة الملاكين والاقطاعيين فقتلته.

النوروز

وفي العراق كان الاحتفال بيوم النوروز زمن حكم البويهيين - وهم من الديلم الايرانيين - في اوجه حيث كانت تشعل النيران ليلا ابتهاجاً بذلك اليوم وتصنع الحلوى وتضاء الاسواق، وللشاعر ابي الحسن محمد بن عبدالله السلامي قصيدة يذكر فيها تلك النار التي كانت تشعل في زمانه ويستأنس بها ويتمنى لو يلقى فيها بأنفس اعضائه ليكون حطبا حين خبا لهبها لتستعر من جديد ويستأنس بها مع الناس اذ قال:

لا زلت اشتاق نارا اوقدت لهباً   
     حتى ظننت عذاب النار قد عذُبا
يعلو الدخان بسود من ذوائبها     
    قد عط فيها قناعُ التبر واستُلبا
قد كلُلّت عنبراً بالمسك ممتزجاً   
    وطُوقت جُلُناراً واكتست ذهبا
فالنور يلعب في اطرافها مرحا         
        والجمرُ يرعد في اكنافها رهبا
وطار عنها شرارُ لو جرى معهُ 
   برق دنا او تلقى كوكباً لكبا
لو كان وقت نثار خلّته دُرراً  
        او كان وقت انتصار خلُته شُهبا
والليل عُريانُ فيه من ملابسه  
 نشوانُ قد شَقّ اثواب الدجى طربا
أقسمت بالطرف لو أشرفت حين خبث
جعلت أنفس اعضائي لها حطبا

                                                                  

يسمي العراقيون العرب في جنوب العراق يوم النوروز «الدخول» اي دخول سنة جديدة بدايتها الربيع - حسب التقويم الفارسي - ويحتفلون بالنوروز بتزيين البيوت وعمل الخبز المحلي والحلوى الصفراء «زرده» ولبس ملابس جديدة والخروج من المدن والقرى الى شواطيء الانهار ويزورون قبور الائمة والسادات ويقوم اهل الريف بسباقات الخيل وممارسة الاهازيج التي يسمونها «الهوسات» مفردها «هوسة» في الفضاء قرب قبور السادات في الريف.

وفي المجال الرسمي فالدول العربية مثل العراق والاردن يسمون النوروز «عيد الشجرة» حيث هو مناسبة لغرس الاشجار واذكر صورة للملك فيصل الثاني ملك العراق وهو يغرس شجرة بتلك المناسبة.

وفي مصر فللربيع عيد يسمونه «عيد شم النسيم» في الاسبوع الاول من شهر نيسان ولعله يصادف يوم الطبيعة في ايران اليوم الثالث عشر من ابتداء النوروز.

اما عند الاكراد في كردستان العراق فان النوروز عندهم هو ذكرى ثورة قادها «كاوه الحداد» الكردي على الملك «اجدهاك» الضحاك، ويقوم الاكراد باشعال النيران في رؤوس التلال والجبال وهي رمز لعمل قام به «كاوه الحداد» اشارة لاتباعه بانطلاق الثورة - حسب الادبيات الكردية ۰ الشعبية.

وللشاعر العراقي بدر شاكر السيّاب قصيدة بهذا المعنى اي ان النوروز هو ثورة الفقراء الكادحين على الظلم الذي كانوا يعانون منه ويذكر بالظلم الواقع على الفقراء العرب والكرد في العراق اذ قال:

يا شعب كاوه سل الحداد كيف هوى   
صرح على الساعد المفتول ينهارُ
وكيف اهوت على الطاغي يدُ نفضت  
    عنها الغبار وكيف انقض ثوار
والجاعل الكير يوم الهول مشعله  
  ينصب منه على الافاق انوارُ
«شيرين» يا جبلّ الاحرار ما غفلت    
    عن حقها الضائع المسلوب احرار
«كاوه» ك«يعرب» مظلوم يمد يداً 
                      الى اخيه فما ان يهدر الثار
والمستغلان في سهل وفي   
                  جبل يدميهما بالسياط الحمر غدار
سالت دماؤهما في الوسط وامتزجت
                فلن يفرقها بالدس اشرار
واغمد الغدر في الصدرين مخلبه 
                         فجمعت بالدم الجرجين اظفار
وقرّب القيد من شعبين شدّهما   
ووجهت من خطى الشعبين افكار
ووحّد الجوع عزم الجائعين على    
      ان يقودهما الاّ تخمد النارُ

          

                                                       

نوروز

                     

ولكاتب هذه السطور قصيدة نوروزية حيّا فيها طالباته من بنات العرب والكرد والترك وغيرهم متحدثاً عن الربيع وبهجته وطبيعته الجميلة راجيا الخير للجميع وواصفا جمال الطبيعة باورادها وازهارها وخضرتها ونسائمها العذبة واطيارها وداعيا الله سبحانه وتعالى ان ينعم على عباده بالخير والبركة طالبا منه سبحانه وتعالى الهداية وان يشمل بنعمه اهله وجيرانه.

حلوُ الشباب من الدنيا اوائله   
بدء الربيع من الايام نوروز
صباح الخير يا تاراً صباح الخير يا عبلة  
  عبير النرجس عطر وزي الخلق استبرق
هنيئاً يا ابنة كاوة هنيئا يا ابنة عنتر   
    فهذا العيد حيانا وذاك النور قد اشرق
وهبت من صبا نجد نسائم نحو اهلينا    
ولاقتها بأرض العز شمول غيمها ابرق
    وفاح النرجس البرّاق في الرّوض وفي الافق   
 وفي نشوة احساس قرير العين يستغرق
وفاضت من عيون الارض انهار بوادينا    
  وهامت في فضاء الجو طيور الحب تشوق
فاخضرت جبال العز وازدانت سهول  
 الخير بالخضرة والبهجة كمال الحسن يزوق
وصات البُلبل الصداح الحانا بالحان   
   وماج الرّوض بالاطيار نعم الصاحب الارفق
يعزم من ابي زينب وعون من ابي سوسنت  
خضر مروج الارض زهوا زهرها اشقق
هنيئا يابنة احمد هنيئاً يابنة حيدر  
    فقد طاب هوى الاوطان عذبا هو يستنشق
نعماك ابنة سعد نعماك ابنة صالح       
  فقد لاح طريق النصر نور الحق قد اشرق
مرحى حُب فرهاد مرحى منية قيس      
      عذب عطره الرّيحان فواح هو الزنبق
فزد يارب بالانعام خيراتك    
   على اهلي وخلاّني وجار الحق
ونوّر بالهدى النّوار قلبي  
 والايمان يا ربي فأنت الحق

                              

                                                 

                                                             

                            


من يحتفل بعيد النوروز؟

طقوس وعادات عيد النوروز

النوروز في الحضارات القديمة

تحية في عيد النوروز

 

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)