• عدد المراجعات :
  • 753
  • 11/24/2007
  • تاريخ :

الحجّ في الأدب العربي 3

الحجّ

 

قصيدة الحجرة النبويّة الشريفة

أنشأ هذه اليتيمة العصماء السلطان عبدالحميد خان بن السلطان أحمد خان عام 1191هـ ، واستحقت بإخلاص ناظمها وحبّه الصادق لسيدنا رسول الله(صلى الله عليه وآله) أن تنقش على الحجرة النبوية الشريفة ، وقد استخرجت من كتاب تركي قديم هو : آ«مرآة الحرمينآ» لأيوب صبري باشا .

 

يا سيّدي يا رسولَ اللهِ خُذ بيدي
مالي سواكَ ولا ألوِي على أحدِ
فأنتَ نورُ الهدى في كلّ كائنة
 وأنتَ سرُّ الندى يا خيرَ مُعتَمد
وأنت حقّاً غياثُ الخلق أجمعهم
وأنت هادِي الورى لله ذي المدد
يا من يقوم مقامَ الحمدِ منفرداً
للواحدِ الفردِ لم يُولد ولم يلدِ
يا من تفجّرتِ الأنهارُ نابِعةً
من أصبعيه فروّى الجيش ذا العدد
إنّي إذا سامني ضيمٌ يُرَوِّعُني
أقول : يا سيّدَ السادات يا سَنَدي
كُن لي شفيعاً إلى الرحمن من زلَلي
وامنُن عليَّ بما لا كان في خَلَدي
وانظر بعين الرضا لي دائماً أبداً
واستُر بفضلِك تقصيري مدى الأمد
واعطف عليَّ بعفو منك يشملني
 فإنّني عنك يا مولاي لم أحدِ
إنّي توسّلتُ بالمختار أشرفِ من
رقى السموات سرّ الواحدِ الأحدِ
رَبُ الجمالِ تعالى الله خالقُه
فمثلَه في جميع الخلقِ لم أجِد
خيرُ الخلائق أعلى المرسلين ذُرًى
ذخر الأنام وهاديهم إلى الرشدِ
به التجأتُ لعلّ الله يغفر لي
هذا الذي هو في ظنّي ومعتقدي
فمدحه لم يزل دأبي مدى عُمري
وحُبّه عند ربّ العرش مستندي
عليه أزكى صلاة لم تزل أبداً
مع السلام بلا حصر ولا عدد
والآل والصحب أهل المجدِ قاطبة
بحر السماح وأهل الجودِ والمدد

 

رسالة و قصيدة

تمتلك مكتبة البرلمان الإيراني (كتابخانه مجلس شوراى اسلامى) مخطوطات نفيسة و نادرة، منها مجموعة برقم 14448 (جاء وصفها في الجزء 38 ص589 من فهرس المكتبة) فيها عدّة رسائل و كتب، منها الرسالة المسمّـاة بـ (تذكرة ابن عِراق) ، و هو أبو الحسن عليّ بن محمّد بن عِراق الحِجازيّ المدنيّ الكنانيّ ، المتوفّى سنة 963هـ ، وهو معدود في أعلام الشافعية .

أمّا أصل التذكرة فيبدو أنّها فُقِدت وبقي لنا منتخبٌ منها ، وأدرج جامع المجموعة الجزء الثاني من هذا المنتخب فيها، وهذا المنتخب من التذكرة يحتوي على قصائد ومقطوعات شعريّة ونثريّة ، وبعض الرسائل الصغيرة، وقد اخترنا منه رسالة وقصيدة.

أمّا الرسالة : فهي تحتوي على وصف للسّفرة التي قام بها العلاّمة الأديب شهاب الدين أبو الثناء محمود بن سليمان إلى الديار المقدّسة ، وقد نعت في صدر الرسالة بأنّه (كاتب سرّ الشريف بدمشق سنة 689هـ) . والرسالة تتضمّن أحاسيس أبي الثناء ومشاعره الجيّاشة في تلك المواقف الشريفة، وخاصّة حين زيارته لمثوى النبيّ(صلى الله عليه وآله) ورؤيته للمليحة الملفوفة في الخمار الأسود أي الكعبة المشرّفة، وقد مزج أبوالثناء بين النثر الرائق والشعر العاطفي، وأبرز من خلال اسلوبه الأخّاذ المتردّد بين الشعر والنثر عواطفه وأحاسيسه ، وهو في الواقع ترجمان لمشاعر كلّ مسلم تطأ قدماه تلك الرحاب الطاهرة. والرسالة من ورق 152 پ إلى ورق 155 ر من المجموعة.

أمّا القصيدة : فهي لأحمد بن محمد الزعفرانيّ، ولا نعرف شيئاً عن تفاصيل حياته ، سوى ما يستفاد من مطاوي شعره أنّه كان عارفاً صوفيّاً ، أو لعلّه يتظاهر بهما في هذه القصيدة، والقصيدة تحتوي على 17 بيتاً ، أوردها الجامع في الورق 127 من المنتخب. (152پ )العلاّمة الأديب شهابُ الدّين أبو الثَّناء محمود بن سليمان ، كاتب السرّ الشريف بدمشق المحروسة، كتب إلى بعض أصدقائه لمّا حجَّ سنة 689 ، يَصفُ فيها ما جرى له:

أمّا بعدُ: الله المـُسيّرُ في البحر، المُيسِّرُ أداء نُسكِ الحجّ; مع السَّلامة من النَّحر . والصّلاة على نَبيّه الذي تُشَدُّ الرِّحالُ إلى حَرَمه ، (2) ، وتحذّى الآمال إلى روضة كرمه .

فإنّا سِرْنا لأداء حَجّة الإسلام، وزيارة قبر النبيّ عليه أفضل الصّلاة والسلام، نستوطئ للشَّوق الوهاد، ونُؤثِرُ النُّومَ على الفتاد الوثير مِنَ المَهاد، لا يستقرُّ بنا دارة منزل، ولا نَبِيتُ بحمًى إلاّ والكرى عنّا بمَعْزل.

 

ونسألُ والدارُ تَدْنُو بنا
عن القُرب في كُلّ يوم مراراً
وَما ذاك إنّا سَئِمْنا الثّرى
وَلكِنْ دَنونا; فزدنا انتظاراً

 

وما منّا إلاّ مَنْ لَبِس الدُّجى ، وأدْرعَ النّهار، وأرخى ركائب دُمُوعه حتّى

 

جعلها في أوّل القطار، وكلّما خشيتُ على النُّوقِ الكلال، وعلى الحِداة المَلال، أنشدتُ بلسان الحال:

 

لا تَسْأمي يا نُوقُ طُولَ السّرى
فقد بَدَتْ أعلامُ وادي القُرى
ولا تَملَّي قَطْعَ عَرْضِ الفَلا
وشِدَّة السّير وجَذْبَ البُرى
فَقَدْ عَرَضْنا الرُّوح في حُبّ مَنْ
سِرْنا إليه والحبيبُ اشْتَرى
غداً ترين الدّار مأهولةً
وحُسن مَنْ تهوينَ قد أسفرا
قَصَدتُ مَنْ عَمَّ جُودُه
فاسْتَبْشِري منه بِحُسْنِ القِرى

 

كلّما قيل : غَداً تدنو الدار ، ويقرب المَـزار، طربتُ على السّماف وتقرّبتُ المُلتقى مِنْ ثَنيّات الوِداعِ، وكفكفتُ العَبَرات، وأضَفْتُ إلى ما سلف من الأبيات:

 

قالوا : غداً ندنُو; فواحَسْرتا
لو كانَ بالعُمر غداً يُشترى
ياليلةٌ قد بقيَتْ هل تُرى
أحمدَ في صُبْحِ دُجاك السُّرى؟
أحسدُ ريحاً خَطَرتْ بالحِمى
وَبَارقاً في ساحتيه سَرى

 

وحين وصلنا إلى ثَنِيَّة المدينة النبويّة، عَلِمْنا أنّ لمشاركة اسمها استَحَقَّت الثَّنايا التقّبيل، ولمّا انجلت عنه بارقة اللّقاء ، اتّصفَ بها الاشراق واتّصل، فشاهدنا نوراً خالف العادة إشراقه، وعزَّ على ضوء النّهار لِحاقُه، وخَرْقُ العادة دَليلُ الإعجاز، والنُّور الذي يَشرقُ به القلوب، هو المستحقّ لاسم الحقيقة ، وما سواه مجازٌ; ففسحتُ لِطرف طَرْفي في ذلك الاُفُق مجالاً، وأرسلتُ دمعي سِجالاً، وأنشدتُ إرتجالاً:

 

اللهُ أكبر أيُّ بَرْق لاحَا
لي مِنْ ثَنِيّاتِ الوداعِ صَباحا
مَلأَ الوجودَ فَخِلْتُ أنّ الشّمسَ قَدْ
طَلَعتْ وما نَشَرَ النّهارُ جناحا
ياليلةً بالنُّجْحِ أسْفر صُبْحُها
نفسي فداك وإنْ غَرمَتْ أرواحاً
وصبيحةٌ قد بَشّرتْ بمُحمّد
هاك القُلوب ، ودونَكَ الأرواحا
هذي النّخيل ، وهذه الدّارُ التي
جِبْرِيلُ كان بها مَسا وصَبَاحا
فَعَلامَ لا تطؤُ الجُفُون تُرابها
ويقلُّ ذلك لو يكونُ مباحاً

 

ولمّا تحدّرنا مِنَ النّصاب، وقَذَفتنا بُطُونُ الأودية مِنْ أفواه الشِّعاب، ولاحَتْ لنا الأنوار النبويّة مِنْ تلك القِباب، وابتدرنا إلى الحرم الشريف ، والكريمُ قَد فَتَح الباب، ورَفَع الحِجاب، ومَلأ بالبرّ الرِحاب، فاسْتَعظمنا الإقدام على المُقام، وعَجَزنا عن أداء ما يجبُ من السَّلام، فعبرتُ العبرات عن الكلام، واقتدينا بقاضي قضاة الإسلام، في الوقوف بين يدي ساكنه عليه أفضَلُ الصَّلاة والسَّلام، وانتظمنا في زمرته; لِنُساهم في قِراهُ، إذْ مِنْ سُنّة الرسول(صلى الله عليه وآله) إكرام الكرام.

وحينَ فزتُ بكون مع تلك الزُّمرة فوزاً عظيماً، وإنّي دخلتُ مع تلك الفوجة مُدْخَلاً كريماً، وثقتُ بعد الاستغفار بالتوبة والرّحمة لقوله تعالى: } ولو أنّهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسولُ لوجدوا الله توّاباً رحيماًوأخذنا في تلاوة القرآن المُنزل عليه في حضرته، وشكَّ كلٌّ منّا نفسه جالساً بين يديه ، يَعْرِضُ درسه في سورته، ولمّا خَتَمنا التلاوة بالدُّعاء، وأطفأنا; بل أضرمنا نيران الشَّوق بماء البُكاء، هنّأنا النفوسَ ببلوغِ المُنى، وزوالِ العَنا، وأنشدتُ مُعْلناً:

 

بلغتُ مرادي ونِلْتُ المُنى
وزاد السُّرور وزالَ العَنا
فماذا الذي تَرْتَجي بَعْدَها
وَهذا الرَّسولُ وهَذا أنا
فَبُشراك بُشْراك يا ناظري
تَملّ وإيّاك أنْ تُغْبنا
فحيثُ الْتَفْتُ رأيتُ الرسول
وآثاره مِنْ هُنا أو هنا
تمل فهذا مكان الحبيب
وهذا التواصل قد أسكنا
وَخَلّ الدُّموع إلى وقتها
فإنّ حُسن الدُّموعِ عند الهنا

 

فَهَبّتْ علينا نَفَحات القبول من ذلك الخباب، ونفحتنا أرواحُ الرَّحمة فاجتلينا المحبوب مِن وراء الحجاب، وأقمنا كذلك ثلاثة أيّام ، وهي العادة في ضيافة العرب الكِرام، وفي كلّ ليلة يتجدّدُ لنا مِنَ اللّطائف والظُّرف، والطرائف والزُّلف، ما تَقْصُرُ الألسنة عن نَعْتها، وما ترى مِنْ آية  إلاّ هِي أكبر من اُختها{سورة الزخرف: آية 48.

، ولمّا نَشبت قلبي بأهداب تلك الخيام، ووطّن نفسه دون بقيّة الجسد على الـمُقام، خادعتُ مَرامه، وأنشدتُ أمامه:

 

لله أيُّ هوًى يُرامُهُ
حَيثُ القلوبُ المُسْتهامةُ
لم يبقَ قلبٌ في الحِمى
إلاّ وقد أعطى زِمامَهُ

 

ولمّا استلفتُ نجائب الرِفاق، وتهادينا تُحف الأسواق، وتَشاركنا روعة الفِراق، أعدى المطايا تشاكبة الغِرام، فلو أمّن مِن زَجْرة الحادي رجعن بنا، وحين حَمِدْنا السَّرى، ووصلنا إلى اُمّ القرى، وعَلِمْنا أنّا أضياف الله، فوَثِقْنا منه بحُسن القِرى، وتبدّت لنا الكعبة الغرّاء في أستارها، وتجلّلتْ علينا المليحةُ في أنوارها:

 

وضعنا جُباهاً في الّذي قَدْ تهلّلتْ
أسارِيرُها منها وزاد سُرورها
وطفْنا بها سَبْعاً ورقّت ظِلالُها
على خائف مثلي أتى يَسْتجيرها

 

وحين وقع نظري عليها، ومَثلتُ لديها، أنشدتُ بلسان الخُضُوف وكتبتُ بماء الدُّموع:

 

ياربَّ ذا البيت قد وافيتُ ساحته
خَجْلانَ أحمِلُ بين الناس أوزاري
فَاجعل قِراي وإن لم استَّحقّ قِرًى
بما تحمّلتُه عِتْقي مِنَ النّارِ

 

وحين أخذنا في طواف القدوم، عَجّل لنا الحقُّ الكرامة بموجوده على المعدوم، فجادت السَّماءُ بمائها، وسُحب الرَّحمة من أرجائها، وقضينا المناسك مهتدين بقاضي

القُضاة في قضائها، مقتدين بعلمه في مشروع آدابها، وعُدنا إلى البيت الحرام نطوفُ به ونستلم، ونُقبِّل أركانه ونلتزم، ونصير عند استلام الحَجَر على اصطلاء الاصطرام، ونغتفر الزحام عند الورود على منهله، والمنهل العذب كثيرُ الزحام، فكمْ بِتُّ في صُحبته ليالي أيّام الكعبة، نستنزلُ الألطاف بالمطاف، ونلذُّ المُقام بين الرُّكن والمَقام، وعرضتُ على سمعه الكريم قصيدة في الكعبة، من جملتها:

 

تبدَّتْ وقد مَدّت عليها سُتُورها
ولو سفرتْ، أعني عن الحُجب نورها
ممتعةٌ لا عِزَّ إلاّ لجارها
وليس الغنيُّ المحض إلاّ فقيرُها
تَجلّتْ فأخْفى ما عليها مِنَ الحلي
سناها كما تُخْفي الليالي بدورها
يطوفُ بها الأملاكُ في كلّ ساعة
وإن لم يكن بين الأنام مُرُورها
ويسجدُ مِنْ كلّ الجهاتِ لوجهها
سواءٌ تراءت أو توارت قُصُورها
قطعنا إليها البَيْد ليس يَرُوعنا
سُهولُ الفيافي دونها وَوُعُورها
وهل تَرْهبُ الأخطاءَ نفسٌ مشوقةٌ
تبيتُ وليلٌ بالحمى تستزيرُها
وكيف يَخافُ النفس مِنْ دونها الرَّدى
وقَدْ قصدتها والنبيُّ خَفِيرُها

 

وحين طفنا طواف الوداف وتعيّن العزْمُ على الأزماع، وَدّعنا البيتَ الحرام، والدُّموع تستوقف القَطار، وتستوكف الأمطار، ولمّا وصلنا إلى رأس وادي العقيق، وتراءت لنا بعد البعاد أعلام ذلك الفريق، أعجلني فَرَق الفراق عن استكمال الخطّ مِنْ فَرَح التّلاق، فأنشدتُ قصيدة من جُملتها:

 

ذاك الفراقُ وإنْ أصمّ مَسامِعي
لم يَخْلُ مِنْ هذا اللّقاء مَطامعي
فَلِذاك لمْ يبلُغْ بي الظّمأ المدى
حتّى أعاد إلى العذيب مشارعي
لم يَبْقَ بعد البُعد إلاّ أنّني
فارقتُ أحبابي بنيّة راجعِ
ما الشأنُ في بين توقّعتُ اللّقاء
في منتهاهُ ، فكانَ أقرب واقعِ
الشأنُ في هذا الذي أخْشَى به
إنّ الحمام يكونُ عنهم قاطعي
لو لم اُعلّل مُهْجتي بلقائكم
 لم يستَقرّ القلبُ بين أضلاعي
خلّوا فؤادي في الحِمى وُحشاشتي
كَرَماً لأذكر عندكم بودائِعي

 

وتشارعنا إلى الرُّوضة الشريفة، وكنّا ظننا أنّ الدموعِ نَفَدت، وأنّ نيرانَ القلوبِ خمدت، فتراكمتْ مِنَ العُيُون سجّيها، وتزايدَ مِنَ القُلوب لهيبها، وأخذنا بعد السلام في شرح الأشواق، وإنْ كانت الإحاطة بوصفها ما لايُطاق، وبتنا نُطفئ نيران الأشواق بماء العبرات، وننادي رسول الله(صلى الله عليه وآله) مِنْ أمام الحُجرة; لا من وراء الحُجُرات، وخَرَجنا بنيّة العود قبل الرحيل، وعزمنا على الرجعة والقدر يتلو، ونحنُ على ذلك الحال وحيل، ومنعنا دخول الحرم لتوقّع السَّفر، وزعموا أنّ من خطر له الدخول كان على خَطَر، فانقطع بي الرَّجاء، وضاقتْ بي الأرجاء، وأنشأتُ من الأبيات المقدّم ذكرها:

 

قالوا : الرحيل ، وما تَمَلّت باللّقا
عيني ، ولا امتلأت بغير مدامعي
فَتَيقَنتْ روحي بأنّ مقالهم
أن يَصْدُق الحادي أشد مصارعي
فوقفتُ بين تأمّل وتَململ
يبدو السُّرور على فؤادي الجازع
حَيْرانَ لا أدْري لقُرب رائق
أذْري المَدامِعَ ، أم لبُعد راجع

 

تمّت الرسالة.

وإليكم القصيدة :

 

لأحمد بن محمّد الزعفراني ، قال وقد حجَّ:

 

إليك حَجّي لا لِلْبيتِ ذي المَدَر
وأنتَ قَصْدي لمحو الوَهْمِ والأثر
وأنتَ رُكْني لا أبْغِي به بَدَلاً
ولا أحجُّ إلى حِجْر ولا حَجَر
وَصَفْوَتي فِيكَ أنْ أصفُو مِنَ الكَدَر
ومَروْتَي أن يمرَّ الكُلُّ عن نَظَر
وزمزمي زَمّ قَلْبي عن هواي وما
أخافُ منه على خَدّي من بَصَر
والسَّعي سَعيان : سعيُ القَلْبِ أشرفُ من
سعي عَلى قدم مَذْمُومة الخَطَر
والحَجُّ حَجّان : حَجٌّ مفرد نُسُكاً
وقارنٌ عُمْرةً بالورد والصّدر
وكونه مُفرداً أعلى لرُتْبته
لفظاً ومعنىً وعند البحث والنظر
وزُلفتي غير ما سَمّوه مُزْدَلِفاً
بالقُرْبِ منك وهَدْيُ الرّوح للحَزر
وفي مِنًى لي أمانٌ لستُ أنكرها
عند المعرّف أقضي فيهما وَطَري
وما جِمارِي أحْجَارٌ بلا شَرَر
مِنْ حرّ جَمْرِ فؤاد دائم الشَّرر
ومسجدُ الخَيفِ خوفُ الفوت مَنْ أملي
وآه آه على قلبي مِنَ الحَذَر
وأينَ لا أينَ لي زادٌ يُبلّغُني
غير الرَّجاء الذي أحْدُو به سَفَري
لَقَد حَجَجتُ وَمَا قرّبتُ راحلةً
غَير اليقين ، وفيه أيُّ مُعتبرِ
زادي اليقين ، ومائي عَبْرتي أسفاً
 خوفاً مِنَ الرَّد ، والإشفاقُ مِنْ غَرري
يا زعفرانيُّ صَحّح ما نَطَقْتَ به
وامْهِد لِنَفْسِك قَبْل المكث في الحُفر
وَحاسِب النَّفْسَ في الأوهام ، وابكِ على
ما كانَ مِنْكَ ، وإلاّ فَابْكِ لِلْعُمر
اسْتَغفرِ اللهَ مِنْ قول بلا عَمَل
ومِنْ مقامي على الإنكار مع كِبرى

 


أسواق مكّة و المدينة

أسماء مكّة

الحجّ الإبراهيمي والحجّ الجاهلي

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)