• عدد المراجعات :
  • 5298
  • 10/22/2007
  • تاريخ :

تاريخ أصفهان في العصور الإسلامية

أصفهان

في عام 642م انتصر المسلمون على الفرس في موقعة نهاوند وانتهى حكم الأسرة الساسانية بعد مدة بلغت 416 عاماً، وخلال الفتح الإسلامي شهدت المدينة العديد من المعارك، كما شهدت أيضا فترات زاهرة. وأعقب ضعف الخلافة العباسية في نهاية القرن العاشر الميلادي، نشوء سلالات حاكمة محلية داخل إيران من خلال التجمعات الأسرية، فكان غرب إيران يسيطر عليه الديلميون والذين انقسموا بدورهم إلى البويهيين والكاكويين. ومع قيام الخلافة الأموية (661-750م)، وخضعت جميع الأراضي المفتوحة خضوعاً تاماً، واستخدمت الحروف العربية في الكتابة الفارسية. وفي عام (750-1258م)، بدأ اعتماد الخلافة العباسية على الوزراء الفارس في كثير من وظائف الدولة، وتغلغلت التقاليد الفارسية في نظام الحكم العباسي، وأصبح لأسرة البرامكة الفارسية شأن كبير في النظام السياسي العباسي وتقلد كثير من أفرادها مناصب وزارية هامة في الدولة العباسية، حيث بلغت الدولة الإسلامية ذروتها إبان الحكم العباسي.

العصر الذهبي للحضارة الفارسية

بدأت قبضة الحكم العربي على فارس تضعف، حيث وصلت ممالك فارسية محلية متعددة إلى الحكم وأقامت دويلات مستقلة في بلادهم، مثل الطاهريين (821-873)، والصفاريين (867-903)، والسامانيين (873-999)، والزياريين (928-1007)، والبويهيين (945-1055). ثم تبعتهم الأسر التركية ذات الثقافة الفارسية مثل الغزنويين (962-1186)، والسلاجقة (1038-1153)، والدولة الخوارزمية (1153-1220). ومرة أخرى أصبحت فارس مركزاً للفن والأدب والعلوم. وكان للفرس أثر كبير في ازدهار الحضارة الإسلامية، وبرز في هذه الحقبة نخبة من علماء المسلمين الأفذاذ مثل سيبويه، مؤسس علم النحو، والخوارزمي، في الفلك والجبر، والرازي الطبيب، والفردوسي الشاعر الملحمي، وابن سينا الطبيب الفيلسوف، والغزالي الفقيه العالم الأصولي، وعمر الخيام الشاعر الفلكي، وسعدي الشاعر، وحافظ الشاعر، وغيرهموعندما وصل السلاجقة إلى الحكم بعد هزيمة حفيد السلطان محمود الغزنوي الذين كان راعيا للفردوسي، وطد قائدهم طغرل حكمه في نيسابور، ثم توسع في فتوحاته ليضم العراق. ثم اعتلى ابن أخيه ألب أرسلان العرش في عام 455هـ / 1063 م. وعزز السلاجقة دولتهم من خلال التغلب على الروم وبلاد ما وراء النهر. ثم تم اغتيال ألب أرسلان في عام464هـ / 1072 م وتولى بعده ابنه ملكشاه (1072-1092) الحكم بالرغم من أن الوزير  الداهية الخبير بشؤون الحكم نظام الملك كان هو المتصرف الفعلي لأمور الدولة. وعندما بلغ الوزير سن الثمانين، أمرت السلطانة تركان خاتون باغتياله بسبب مخاوفها من أن يحول دون وصول ابنها إلى العرش، إذ قتله أحد أتباع حسن صباح قائد فرقة الحشاشين. وبعد ذلك بقليل توفي ملكشاه. ثم تلا ذلك فترة من الحروب الأهلية تنازع خلالها أخوه وأبناؤه الأربعة العرش إلى أن حسم الصراع لصالح الابن الثالث ويدعى "سنجار". وقد عانى هذا الأخير فترة من التقلبات ووقع أسيرا للتركمان في الفترة من 547هـ / 1153 م إلى 550هـ / 1156 م حيث حكمت سلطانته الأثيرة الدولة من مدينة خراسان. وقد استطاع سنجار أن يفر من الأسر ليلقى حتفه في سن الثالثة والسبعين. أعقب وفاته أربعون عاما من الحروب الأهلية لقي بعدها طغرل الثالث- الذي استطاع أن يوحد الدولة من جديد- الهزيمة في أحد المعارك عام589هـ / 1193 م على يد حاكم خوارزم، ووقع ابنه أسيرا في قبضة جانكيز خان ومات عام626هـ / 1220 م.وبعد ذلك قسمت المملكة بين عدد من الإقطاعيين حتى كان غزو هولاكو خان حفيد جانكيز خان لبلاد فارس عام 616هـ / 1230 م. واستولى هولاكو خان المغولي في عام 656هـ على بغداد وقتل الآلاف من الناس وحرق قصور الخلفاء ومساجدهم ومقابرهم ومكتبة بغداد الشهيرة وأعدم آخر خلفاء العباسيين، ثم تقدم المغول إلى الشام، إلا إنهم هزموا على يد المصريين في موقعة عين جالوت الشهيرة فانسحبوا إلى مراغة في الشمال الغربي من إيران وأسسوا دويلتهم تحت اسم دولة الإيلخانيين.

أصفهان

تولى غازان خان، حفيد هولاكو، العرش وكانت فترة حكمه العهد الذهبي للمغول في إيران حيث كان أول قائد مغولي يعتنق الإسلام وصار طابع البلاط في مدينة تبريز العاصمة إسلامياً فارسياً تماماً، وكانت الإدارة الرشيدة والرخاء أهم مميزات عهده. وساعدت إمبراطورية المغول المترامية في تسهيل تبادل الأفكار والبضائع بين الصين والهند وفارس، وتوفي غازان وخلفه أخوه أولجيتو حتى توفي عام 1316م، وكان قد عُمد أثناء طفولته على أنه نصراني ولكنه اختار الإسلام بعد ذلك واتخذ لنفسه اسم محمد خدابنده وبنى مدينة السلطانية بالقرب من قزوين والتي صارت عاصمة الإيلخانيين بعد تبريز. وفي هذه الفترة ظهر عالم البصريات الشهير كمال الدين فارسي صاحب نظرية الانكسار والانعكاس. وكذلك الشاعر الغنائي الكبير شمس الدين حافظ الشيرازي ألمع شخصية أدبية ظهرت في ذلك العصر وأشهر أعماله "ديوان أغاني شيراز". وفي عام 1405م غزا تيمور لنك المغولي التركي إقليم فارس كله واستولى على حلب ودمشق وجعل سمرقند عاصمة له، واتسمت فتوحاته بالقسوة والتخريب والوحشية، ولكنه رغم ذلك اهتم بالفنون وجعل من سمرقند تحفة معمارية.

الدولة الصفوية ( 1501-1524م)

يعد العهد الصفوي هو البداية التي أخذت بالمدينة إلى عصرها الذهبي في أواخر القرن السابع عشر الميلادي. وقد أخذت المدينة زخرفها وأزينت تحت حكم الحكام الجدد خاصة في عهد الشاه عباس الكبير، وذاع صيتها في أرجاء العالم المتحضر. وقد حكم الملوك الصفويون زهاء قرن ونصف القرن من الزمان وكانت أصفهان طيلة هذا الزمان عاصمة لهم. وتنسب إلى صفي الدين الأردبيلي الذي كان من شيوخ الصوفية التقليديين وكان شافعي المذهب. أما مؤسسها فهو إسماعيل ميرزا أو الشاه إسماعيل الأول، حيث سار إلى تبريز وهزم القبائل الموجودة فيها وجعلها عاصمته. وأعلن المذهب الشيعي الاثنى عشري الجعفري مذهباً رسمياً للدولة. واستخدم كل ما أوتي من قوة لفرض مذهبه في جميع أنحاء إيران. ثم خلفه ابنه طهاسب الأول فأكمل ما بدأه أبوه، ولكنه اختار أسلوب الإقناع والتأثير في نشر المذهب بدلاً من العنف والقهر. واستمرت الحروب بين الصفويين الشيعة والعثمانيين السنة مدة طويلة، ويبدو أن الضغط الخارجي سواء من جانب العثمانيين في الغرب وقبائل الأوزبك القوية في الشرق ضد الصفويين، كان عاملاً مؤثراً في توحيد إيران والتفاف شعبها حول ملوك الصفويين والمذهب الشيعي. نقل الشاه عباس ( 1587-1629م)، عاصمة الدولة الصفوية إلى أصفهان، حيث صارت مركزاً حضارياً متميزاً في مختلف ميادين العلم والفن والعمارة والأدب، وازدهرت في عهده علاقات إيران بأوروبا وكثر السفراء في بلاطه. وفي عام 1722م، غزو محمود خان، شيخ قبيلة أفغاني لفارس والاستيلاء على أصفهان دون مقاومة فعلية وبذلك ينتهي حكم الصفويين. اعتلى نادر قلي في الفترة من 1729-1747م: ، الملقب بنادر شاه، عرش إيران وصار مؤسساً للدولة الأفشارية. وهزم الأفغان والعثمانيين والروس والهنود ووحد دولته. ثم ما لبث أن تمزق ملكه وانهارت آلته الحربية بعد قتله بيد أحد حراسه. ثم سيطر كريم خان زند 1747-1779م، على الأجزاء الوسطى والجنوبية لإيران ونجح في صد القاجاريين، واهتم بعاصمته شيراز.

الدولة القاجارية

كان القاجاريون إحدى القبائل السبع التي ساعدت أول ملوك الصفويين. نجح قائدهم آغا محمد خان في 1795م، في توحيد فروع القبيلة بالعنف والقتل، فقوي أمره واستطاع الاستيلاء على طهران وجعلها عاصمة لملكه. ونتج عن الاستعمار الأوروبي تغلغل الإنجليز والروس في الشؤون الإيرانية. فقد سلم القاجاريون القوقاز (جورجيا وأرمينيا وأذربيجان حالياً) إلى الروس في معاهدتين منفصلتين: معاهدة جلستان عام 1813، ومعاهدة تركمان جاي عام 1828. وأرغم القاجاريون على سن قانون الامتيازات الأجنبية، والتي بموجبه أعفى جميع الرعايا الأجانب من المثول أمام القضاء الإيراني. منذ ذلك الوقت وحتى مطلع القرن العشرين أصبحت إيران موزعة بين المصالح المتعارضة لروسيا وبريطانيا، فكانت روسيا تبني سياستها على أساس التوسع في آسيا وتطمع أن يكون لها ميناء في المياه الدافئة في الخليج، بينما سعت بريطانيا إلى السيطرة على الخليج وجميع الأراضي المجاورة للهند. وحكم محمد شاه حفيد فتح علي شاه في الفترة من 1834-1848م،  وحاولت روسيا في عهده خطب ود إيران حتى تتمكن من دعم نفوذها في ولايات القوقاز وتركستان. وحكم ناصر الدين شاه، ابن محمد شاه. وامتاز عهده الطويل بالعلاقات الودية مع روسيا، مما أثار بريطانيا وأعلنت الحرب على إيران وعجزت روسيا عن مساعدة إيران فاضطر ناصر الدين شاه إلى التسليم، وأبرمت معاهدة باريس عام 1858، والتي بمقتضاها اعترفت إيران باستقلال أفغانستان، ومنحت المعاهدة امتيازات وحقوقاً تجارية لبريطانيا في إيران. كما حصل البارون رويتر البريطاني على امتياز من ناصر شاه يعطي بريطانيا الحق في إنشاء السكك الحديدية وطرق المواصلات، واستغلال الثروة المعدنية والبترول سبعين سنة، كما أعطتها الحق في الإشراف على الأعمال الجمركية لمدة أربع وعشرين سنة. وقامت الثورة الدستورية في عام 1906م، بقيادة بعض علماء الدين والشباب، وتكون أول برلمان تعهد بمعالجة كثير من المشاكل.

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)