• عدد المراجعات :
  • 4088
  • 6/30/2007
  • تاريخ :

كيف تكافح الخمول؟

الساعه

إن الخمول بحد ذاته وخيم العواقب، فكيف إذا اتفق وجوده في كائن ذي مزاج شديد الحساسية؟

لسنا هنا نعني السلبية العارضة التي لا تسلم منها – لوقت محدود – أوفر الأمزجة نشاطاً، ولكنا نعني ذا المزاج الخامل الذي يكره العمل ويتهرب منه، وإذا عمل فعل بدافع من حاجة أو مكرهاً.

والخمول الأساسي – تميزاً له من الخمول العارض – يجر إلى البطالة بمختلف أشكالها أي أنه يشل الجسم والعقل والإرادة، فينبغي للخامل إذن أن يناضل ضد طبيعته السلبية نضالاً لا هوادة فيه، نضالاً تكون فيه حساسيته الشديدة خير عون له.

يغلب خضوع ذي المزاج الشديد لسيطرة الكسل، وخضوعه هذا يسبب له إيلاماً شديداً لأنه وهو السريع التأثر يدرك دون عناء عواقب خموله، عقم حياته وتفاهة مركزه وضعف إرادته، بيد أن وعيه لضؤولة شأنه بسبب خموله يشكل النقطة التي يمكنه الانطلاق منها نحو التحرر من سيطرة الخمول.

فليفكر ملياً وباستمرار بالأضرار التي لحقت به من جراء سلبيته وبالتالي لابد أنها لاحقة به إن هو لم يكافح خموله بانتفاضة قوية.

نحن نعيش أياماً صعبة، فقيمة المال آخذة بالتدني والرساميل تذوب بفعل ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمواد الأولية، ووصلنا إلى نقطة لا مفر معها لأي انسان من الإنتاج ليؤمن كفافه، والإنتاج هو ثمرة العمل الجدي المتواصل ومن يتهرب منه يتدهور اجتماعياً ويمسي عالة على المجتمع.

وذو المزاج الشديد الحساسية يجد في هذه الظروف الصعبة مهمازاً يدفعه إلى العمل إذا كان نشيطاً بطبعه، وأما ذو المزاج الخامل فإن ما يدفعه إلى العمل على خموله الأصيل هو خوفه عواقب الكسل والسلبية فالذعر يحمله على الجري بالرغم من خموله الجسدي، والخوف يحمله على العمل ليتقي شر العوز الذي يقف بباب كل كسول متقاعس، وذو المزاج السلبي يجد في ممارسة الإيحاء الذاتي علاجاً ناجحاً، فليبدأ باستعراض عواقب الخمول وتغذية الخوف منها قبل أن يصمم على العمل، ومتى شرع في العمل ليجتهد في إقناع نفسه بفوائد النشاط ومتعه الكثيرة، ولا يخفى أن الإيماء الذاتي يستمد قوته لا من الأفكار التي يتعهدها، بل من الصور التي توجهها هذه الأفكار، فعلى ممارس الإيماء الذاتي إذن أن يضع نفسه في الإطار الذي يود لو يكون فيه أو أن يتصور نفسه دائماً في خضم العمل الذي يود أن يقوم به.

ومن مظاهر الخمول عند ذي المزاج السلبي تهربه من كل عمل عقلي يتطلب مجهوداً، وكما أن دماغ الانسان يعمل باستمرار كذلك عقله لا يفتأ يبحث عن مسألة يحلها أو قضية يعالجها لأنه دائم الحركة، فإذا لم نوجه حركته يخضع خضوعاً أعمى لمخيلة لا ضابط لها.

والخامل ذو مزاج سلبي يعيش بدافع من مخيلته في عالم الأحلام، هادراً وقته الثمين دون إنجاز شيء يذكر في حياته. وفي إجماع علماء النفس أن أحلام اليقظة – وهي غير ما يراه النائم – هي في حال الاستسلام إليها والاسترسال فيها أشد خطراً على العقل والذكاء من المخدرات على أنواعها، فهي تبتعد بالحالم عن واقعه، وتتدرج به في عالم الخيال فتتعاقب في رأسه الأفكار، والصور التي لا رابط بينها ولا لحمة، ويغلب أن يؤدي هذا التشويش بل هذه الفوضى على جعل الحالم عرضة لإغرافات خطرة.

والأحلام في حالة اليقظة تغري الخامل بالبقاء في جوها، فإذا ابتعد عنها طوعاً أو كرهاً يبدو في المجتمع وكأنه عنصر غريب، فلا هو يستطيع التفاهم مع الناس، ولا هم يأنسون إليه أو يطمئنون إلى التعامل معه.

ان الأحلام تفقد المرء السيطرة على نشاطه العقلي وتجعل منه عدواً للمنطق الذي يوجه النشاط، وفي وسع الحالم أن يكافح هذه النزعة الخطيرة بأن يجتهد في تركيز انتباهه على كل عمل يأتيه وأن يلجأ إلى الإيماء الذاتي مراراً في اليوم، قارناً إلى هذه الطريقة وتلك الرياضة البدنية التي تساعد كثيراً على التحرر من الأحلام.

فينبغي للسلبي الخامل أن يجتهد في التحرر من عيبين لاحقين بمزاجه: السأم الذي يجعله يشد السلوى خارج دائرة نشاطه، وشدة الحساسية التي تحمله على الإنكماش والتكبير للمجتمع.

والسأم من عيوب الخامل البارزة فهو ما أن يشرع في عمل ما حتى يمله ويبحث عن ملهاة يكافح بها ضجره، وما أن يدخل منزله حتى ينفر إلى الخارج، بدافع نزعته المتأصلة إلى السأم من كل شيء.


الكسل

قيمة التجربة

کيف تستثمر وقتک

إربحي حياتك باغتنام الفرص

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)