• عدد المراجعات :
  • 1840
  • 5/20/2007
  • تاريخ :

الكتاب الإلكتروني.. بين النجاح والفشل

الكتاب الإلكتروني

ظلت الكتب الالكترونية موضع شد وجذب بين الخبراء، اذ بينما توقع لها العديد منهم الانتشار، ظل آخرون يعتقدون انها لن تستطيع هزم الكتاب الورقي بسهولة. والكتب الالكترونية ليست سوى «صفائح» الكترونية مسطحة مصممة لتنزيل مواد القراءة، ولأنها تعتمد على البرمجيات فهي مليئة بأساليب العرض المتطورة وأحدث انواع التقنيات الاخرى. وفي كل مرة، يظهر نوع جديد من الكتب الالكترونية تسري موجة من الاثارة في اوساط الجاليات المتحمسة لمثل هذه التقنيات. وتقوم مواقع الاخبار التقنية بتغطية مثل هذه المنتجات مع الاعلان عن الابحاث التي تصدر على شكل اخبار رئيسية مشابهة لتلك الاعلانات والاخبار الخاصة بظهور اجهزة «آي بود» جديدة، او هواتف ذكية. ولا تتوانى مدونات الانترنت مثل مواقع Engadget وGizmodo في نشر اخبارها فورا، بل ان كتاب الاعمدة العلمية في صحف «نيويورك تايمز» و«وول ستريت جورنال» ينفقون اوقاتهم لاختبار الكتب الالكترونية ومراجعتها.

* كتب الكترونية خصصت الشركات الكبرى مثل «سوني» و«باناسونيك» و«هيتاشي» و«فيوجيتسو»، الملايين من الدولارات خلال العقدين الماضيين لتطوير ما يأمل الخبراء فيها ان يصبح الجهاز الذي يحل محل الكتاب الورقي، والذي يكون اول تحول في اسلوب قراءة الكتب منذ الكتاب المقدس الذي طبعه غوتينبيرغ في القرن الخامس عشر.

وتضم لائحة الكتب الالكترونية الرئيسية الموجودة في الاسواق، او التي ستنزل قريبا اليها: «سوني ريدر»، :إي «ريد ستار إي بوك»، «آي ريكس آي لايد»، «باناسونيك ووردس غير»، «بوكيين سايبوك»، «هيتاشي الباري»، «فوجيتسو فليبيا».

لكن من سوء الحظ، فان جميع هذه المنتجات مصيرها الفشل. وبالتأكيد انه ستكون هناك اسواق صغيرة ملائمة للكتب الالكترونية حيثما تحدد الظروف البيئية، او المساحات المخصصة استخدام الكتب الورقية وفائدتها العملية، وحيثما تبرز الحاجة الى الكثير من المعلومات التي ينبغي توفيرها بشكل سريع. ومثال على ذلك، فانها مثالية للطيارين والعلماء العاملين في القطب الشمالي. ولكونها قادرة على تكبير احرف وكلمات النصوص، فانها رائعة ايضا للذين يعانون من اعاقة في النظر.

ويعتقد منتجو الكتب الالكترونية، شأنهم شأن الملايين من محبي الاجهزة الجديدة والعارفين بالتقنيات الجديدة والصحافيين، ان الكتب الالكترونية ستصبح يوما اداة شعبية بديلة للكتب الورقية لمطالعة الروايات، وقراءة اكثر الكتب مبيعا التي لا علاقة لها بالخيال العلمي، ومذكرات السياسيين. والفكرة التي يروجون لها هي انه حال انضاج تقنية العرض والوصول الى التوازن الصحيح في عمر البطارية، وامكانية القراءة في ضوء الشمس، والشكل الصحيح، فاننا جميعنا سنشرع في شراء مثل هذه الاشياء لتنزيل الكتب عليها.

* النجاح والفشل لكن هذا لن يحصل. ثم لماذا سيفشل الكتاب الالكتروني؟

هناك العديد من المآخذ الصغيرة على الكتب الالكترونية، فهي غالية الثمن مثلا، فالجهاز (العتاد) بحد ذاته يكلف مئات الدولارات. والاسوأ من ذلك ان محتويات مثل هذه الكتب لا تكون رخيصة في شكلها الالكتروني، فالنسخة الورقية من كتاب «قصة غوغل» وغيرها من الكتب تكلف نحو 11.20 دولار لدى شرائها في موقع «أمازون دوت كوم» الالكتروني. لكن محتويات الكتاب ذاته بنسخته الالكترونية يكلف 9.95 دولار لتنزيله، اي ان التوفير يكون بحدود 1.25 دولار فقط. والسبب ان قيمة الكتاب تكمن في قيمته الفكرية، وليس في لب الورق الذي صنع منه، والذي يؤلف الكتاب ذاته. من هنا فان الكتب الالكترونية ليست رخيصة.

والعائق الآخر الكبير لسوق الكتب الالكترونية هو ان هناك بدائل لجميع هذه الكتب، اذ يمكن قراءة محتويات أي كتاب مثلا على جهاز الكومبيوتر «بي سي»، وعلى اجهزة اللابتوب والهواتف الجوالة والمساعدات الرقمية الخاصة «بي دي أيه».

وهذه جميعها عقبات حقيقية، ولكنها صغيرة يتوجب على منتجي الكتب الالكترونية تذليلها قبل ان تسنح لهم الفرصة لتسويق مثل هذا الجهاز الرئيسي الجديد. لكنها في الواقع لا تعني شيئا لكون هناك حقيقة واحدة قاتلة لا يمكن تغاضيها، والتي من شأنها ان تقتل السوق الجديد للكتب الالكترونية في مهده، وهي ان الناس يعشقون الكتب الورقية. اي بعبارة اخرى ان الكتب الالكترونية ليست، ولا يمكنها ان تصبح متفوقة على الشيء الذي صممت لتحل محله.

والاشخاص الذين يهتمون بالكتب الى درجة انهم ينفقون على شرائها 25 مليار دولار سنويا، يعني انهم يعشقونها ويعشقون جميع الامور التي تتعلق بها، وهم يحبون حتى لمس ورقها والنظر الى احرفها وصورها في وضوح لا تضاهيه الكتب الالكترونية بتاتا. والكتاب يعتبر ايضا هروبا من الشاشات الالكترونية التي ينظر اليها الناس كل يوم بطوله. كذلك فهم يحبون ايضا حملها وتعليق الحواشي عليها وتقديمها هدايا ثمينة. وتعتبر هواية جمع الكتب واحدة من اكبر الهوايات في يومنا هذا.

لذلك اخفقت الكثير من التوقعات حول المستقبل نظرا الى ان اصحاب الرؤى المستقبلية يميلون الى زيادة التأكيد على الممكن بدلا من المفضل، وهم يعطون وزنا اكبر على التقنية، وليس على الطبيعة البشرية بما يكفي.

* توقعات وإخفاقات في يوم مضى وانقضى في عصر الخمسينات، توقع «المستقبليون» ان طعامنا في القرن الواحد والعشرين (الذي نحن فيه الآن) سيكون مؤلفا من نشارة الخشب، وسوف تسير السيارات بالطاقة النووية، وسيصبح كل شئ في المنزل مقاوما للماء، مما يعني ان تنظيفه لا يحتاج اكثر من رشه بخراطيم المياه.

لقد آمنوا بذلك وصدقوه، وكانوا على حق، لان التقنية قادرة على صنع كل هذه الاشياء. لكن ثلة من الناس توقفت لتفكر: هل يرغب الناس فعلا في جعل نشارة الخشب قوتا لهم؟ وهل يرغبون في الاصابة بالغبار النووي والتلوث الاشعاعي كلما حصلت حادثة للسيارات؟ وهل يرغب الناس فعلا في الجلوس على مقاعد من البلاستيك واستخدام اثاث مصنوع منه؟ وهل، اخرا وليس اخيرا، هم راغبون في النظر الى شاشات من البلاستيك تعمل بالبطاريات الكهربائية؟ الجواب قطعا لا! وهذا هو السبب البسيط الذي لا يجعل الكتب الالكترونية تقترب حتى من امكانية حلولها محل الكتب الورقية.

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)