• عدد المراجعات :
  • 13457
  • 4/24/2007
  • تاريخ :

كيف تتخفى الكائنات الحية ؟

كيف تتخفى الكائنات الحية ؟

          كلما حصل كائن حي على ميزة أفضل زادت فرصته في البقاء على قيد الحياة، وزادت فرصته بالتالي في التكاثر وتوريث صفاته. وبسبب هذه الحقيقة البسيطة طوّرت أنواع من الحيوانات طرق تكيّف خاصة لمساعدتها في الحصول على طعامها مع عدم التعرض لأن تكون هي نفسها طعاماً لحيوانات أخرى. وأحد أهم طرق التكيّف الطبيعي لدى الحيوانات هو التنكر أو التمويه الطبيعي، أي قدرة الحيوان على إخفاء نفسه من الكائنات المفترسة.

          فهناك نوع من الضفادع يسمى بارادوكسوفيلا بالماتا يعيش في مدغشقر. ولون الضفدع البني والأصفر وملمسه الخشن يساعدانه على التخفي في الطين وجذوع الأشجار في البيئة التي يعيش فيها، فلا يراه الأعداء. وهناك أنواع من الضفادع القادرة على التخفي تطورت لديها القدرة على تلوين مظهرها وشكلها بحيث تصبح مشابهة إلى درجة كبيرة لأوراق الأشجار الموجودة في البيئة المحيطة.

          ويمكن لبعض الحيوانات الخبيرة في التخفي أن تغير من طرق تنكرها حسب البيئة المحيطة بها. لكن هناك أيضاً حيوانات أخرى لا تتخفى وإنما  تطرد أعداءها بأن تموه نفسها كما لو أنها شيء خطير أو لا أهمية له.

          وتختلف طرق التخفي من حيوان إلى آخر، وهناك عدة عوامل يتوقف عليها نوع التمويه الذي يلجأ إليه نوع ما من الكائنات الحية. والعامل الأول يرتبط بفسيولوجيا وسلوك الحيوانات فلا يتخفى حيوان ذو فراء مثل تخفي حيوان ذي قشور، والحيوان الذي يسبح في بحيرات واسعة تحت الماء تتطور لديه طرق تخفٍ مختلفة عن حيوان يتأرجح بين الأشجار. والعامل الثاني هو البيئة التي يعيش فيها الكائن الحي ويكون في أغلب الأحوال هو العامل الحاسم في طبيعة التخفي. وأكثر تقنيات التمويه البسيط أن يتآلف شكل الحيوان ولونه مع «خلفية» ما يحيط به. وحيث إن الهدف النهائي للتمويه هو التخفي من الحيوانات الأخرى فإن طبيعة الأعداء تدخل أيضاً في الحسبان، فلا معنى مثلاً لأن يتخفى حيوان بتغيير لونه إذا كان عدوه لا يميّز الألوان.

          وتلجأ أغلب الحيوانات للتخفي اللوني، ويمكن أن نرى هذا النوع من التمويه في كل مكان، فالوعل والسنجاب والقنفذ وحيوانات أخرى كثيرة لها لون بني «قريب من لون الأرض» تتآلف مع اللون البني للأشجار والتربة في مستوى أرض الغابات. وسمك القرش والدلافين وكثير من الكائنات البحرية لها لون رمادي أزرق مما يساعدها على التخفي في الضوء الخافت تحت الماء.

          وهناك طريقتان لإنتاج ألوان مختلفة لدى الكائنات الحية، الأولى تتم على مستوى الخلايا التي تنتج صبغات طبيعية لتغيير لون الكائن كيميائياً، ويؤدي التركيب الكيميائي لهذه الصبغات إلى امتصاص ألوان معينة من الضوء مع انعكاس ألوان أخرى. ويكون اللون الظاهري للصبغة مركّبًا من كل أطوال موجات الضوء المرئي التي تعكسها هذه الصبغة. وقد تعمل بعض مكونات جسم الكائن الحي كما لو كانت منشوراً يعكس الضوء المرئي المنتشر بحيث يعكس تكوينات لونية محددة. فالدب القطبي مثلاً له في الواقع جلد أسود لكنه يظهر بلون أبيض لأن لديه شعرًا شبه شفاف، فعندما يسطع الضوء على الشعر تجعله كل شعرة ينحرف قليلاً، وعند انعكاس الضوء المنحرف ينتج اللون الأبيض. ولدى بعض أنواع الزواحف والحيوانات البرمائية والأسماك ذات اللون الأخضر طبقة من الجلد أو الأغشية ذات صبغة صفراء وطبقة لتشتيت الضوء لكي ينعكس اللون الأزرق. وعندما تعمل الطبقتان معاً فإنهما تنتجان اللون الأخضر.

          ويتم توارث هذه القدرة على تغيير الألوان، لأن الانتقاء الطبيعي أدى إلى بقاء الكائنات القادرة على التكيف مع البيئة، خاصة أن نفس هذه البيئة تتغير مع تغير الفصول. فالثعلب الذي يعيش في القطب الشمالي مثلاً يكون لونه أسود في الربيع والصيف ليناسب البيئة من حوله لكنه يتحول إلى اللون الأبيض في الخريف والشتاء لكي يتناسب مع الجليد الذي يحيط به من كل جانب.

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)