• عدد المراجعات :
  • 4145
  • 4/19/2007
  • تاريخ :

تقنية الورق الإلكتروني

تقنية الورق الإلكتروني

يتوقع الباحثون أن تختفي الصحف والمجلات المطبوعة في خلال ثلاثين سنة، بعد أن تحل محلها الصحافة الإلكترونية التي تحدِّث نفسها بالموضوعات والأخبار الجديدة لحظة وقوعها. وزادت التوقعات باختفاء الكتب التقليدية أيضاً وأن يقوم النشر الإلكتروني بدور الكتاب الورقي بل ويتفوق عليه في مزايا عديدة منها سهولة الانتشار وقلة التكلفة، فالورق العادي ترتفع أسعاره باستمرار. وعلى الرغم من ذلك لا يزال الورق محبباً لغالبية القرّاء. ربما لأن الكتب والدوريات الإلكترونية تحتاج إلى أجهزة لعرضها، كالحاسب الشخصي أو أجهزة قراءة الكتب الإلكترونية، والقراءة من هذه الأجهزة ليست مريحة للعين وأحياناً توجب على القارئ أن يجلس بطريقة معينة كما في حالة القراءة من شاشة الكمبيوتر، كما أنها طبعاً تحتاج إلى طاقة كهربائية وليست سهلة في الحمل كالمطبوعات الورقية العادية. من هنا جاءت فكرة تقنية جديدة أطلق عليها الورق الإلكتروني وأحياناً تسمى الحبر الإلكتروني. الغرض منها هو تطوير ورق خفيف ورقيق مثل الورق العادي ولكنه يتميز بامكانية تغيير البيانات المطبوعة عليه بطريقة إلكترونية. ويرجع تاريخ الورق الإلكتروني إلى منتصف السبعينيات من القرن الماضي، عندما بدأ أحد مراكز الأبحاث التابعة لشركة زيروكس في تطوير نوع من الورق الإلكتروني. لكن هذا المشروع لم يستمر وقررت الشركة إيقافه في نهاية العام 2005.

وفي اتجاه آخر كان أحد الخبراء وهو جوزيف جاكوبسون قد طور نوعاً آخر من الورق الإلكتروني يعتمد على كبسولات متناهية الصغر قطرها يصل إلى قطر شعر الانسان. هذه الكبسولات تسبح فيها جزيئات من مادتين ملونتين. واحدة بيضاء شحنتها الكهربائية موجبة والأخرى سوداء ولها شحنة سالبة. تسبح الجزيئات في سائل شفاف ويحيط بالكبسولات من أعلى (من جهة النظر للورقة) قطب كهربائي شفاف ومن أسفل قطب آخر، يتم التحكم في لون الكبسولة عن طريق وضع شحنة كهربائية على القطب الخاص بها. فتتحرك الجزيئات الصغيرة المشحونة في الاتجاه المطلوب. فعندما توضع شحنة سالبة أسفل الكبسولة فإن الجزيئات السوداء السالبة تتنافر معها وتتجه للأعلى بينما تنجذب إليها الجزيئات البيضاء وتنزل للأسفل فتبدو النقطة سوداء والعكس إن كانت الشحنة موجبة فإن الجزيئات البيضاء هي التي تكون في الأعلى فتبدو الورقة بيضاء في هذا المكان.

تتكون الورقة إذن من شبكة من هذه الكبسولات حيث تمثل النقطة على الورقة بكبسولة واحدة، إما أن تكون بيضاء أو سوداء. ويمكن أن تتطور فيما بعد لتكون ملونة. وكلما زادت كثافة الكبسولات في الشبكة يمكن الوصول إلى دقة عالية في الطباعة عليها.

ومن أبرز ما يميز تقنية الورق الإلكتروني أنه لا يحتاج إلى طاقة كهربائية كبيرة لتحديث الصورة أو النص المعروض، فبعد أن يتم ترتيب الجزيئات تظل الصورة ثابتة على الورقة وبهذا توفر طاقة كبيرة بالمقارنة مع الشاشات العادية التي تحتاج إلى طاقة باستمرار لانبعاث الضوء منها. وهذا الانبعثا مؤلم ومضر للعين بعكس الورقة الإلكترونية التي تعتمد على انعكاس الضوء مثلها مثل الورقة العادية. كما أن الصورة أو الكلام المكتوب عليها لا يتأثر باللمس أو الطي ولا يختلف باختلاف زاوية الرؤية ولا يتأثر بالإضاءة المحيطة به، ويمكن قراءته بسهولة في ضوء الشمس.

هذه التقنية كتب لها النجاح، وأسس جاكوبسون شركة (كي.ان.آي-إي) في منتصف التسعينيات لتقديم خدمات الورق الإلكتروني.

وتعتبر شركة سوني اليابانية هي أول مَن استخدم هذه التقنية تجارياً في أحد منتجاتها عام 2004. ويقوم حالياً عدد من الشركات الأخرى باستخدام تقنية الورق الإلكتروني في منتجات جديدة مثل الهاتف المحمول والساعات اليدوية والملصقات الدعائية وفي أجهزة قراءة الكتب الإلكترونية. كما تقوم إحدى الشركات بتطوير لافتات طرق في أوروبا باستخدام هذه التقنية حيث يمكن لسائق السيارة أن يقرأها من أي زاوية وفي أي إضاءة. وهناك أيضاً تطبيقات عسكرية، فقد قدّم الجيش الأمريكي منحة بـ43 مليون دولار لجامعة أريزونا لتطوير وحدات خاصة لأفراد الجيش باستخدام هذه التقنية.

ويمكن أيضاً أن يستخدم الورق الإلكتروني في شاشات الحاسب الشخصي أو المحمول. ومن المعروف أن الشاشات الحالية هي أكثر وحدة في جهاز الكمبيوتر تستهلك طاقة. ولذلك ففكرة أن نستبدل بها شاشة بلاستيكية رقيقة من الورق الإلكتروني ستوفر طاقة كبيرة وتكون أكثر مناسبة للبيئة، وأيضاً أكثر راحة لعين المستخدم. لكن لا تزال هناك عقبات أمام الاستخدام العملي للورق الإلكتروني في هذا المجال لأن سرعة تحديث البيانات على الورقة في التقنية الحالية لا تزال بطيئة نسبياً مما يجعلها غير مناسبة لعرض صور متحركة أو فيديو مثل الشاشات الموجودة الآن. وحتى يتغلب الباحثون على سرعة تحديث الورق الإلكتروني، فإن التقنية الحالية تفتح أبواباً لا محدودة من الاستخدامات، فالصحف والمجلات والكتب والموسوعات ستكون كلها قابلة للتحديث إلكترونياً، بل إنه يتم دراسة استخدام الموجات اللاسلكية مثل موجات الراديو في بث البيانات الجديدة، فتصلك آخر الأخبار أولاً فأولاً في جريدتك الورقية الإلكترونية.

معاذ رياض

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)